الحسين وأهل بيته وأنصاره  (الجزء الثالث)

اسم الکتاب : الحسين وأهل بيته وأنصاره (الجزء الثالث)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

 

 

لصد هجوم الوهابية وغيرهم(1).

  • في سنة 1220هـ، نصب البابان القبليان للروضة(2)، كما سبق، وقد ذكرت بعض المصادر بأنهما كانا مكسيان بالفضة الخالصة ومطعمان بالزخارف والنقوش الفنية البديعة، وقد كتب على الاسطوانة التي تتوسطهما أسماء الأئمة الاثني عشر بالتسلسل، وكذلك بعض الاشعار المناسبة(3).

 

  • في 14/12/1229هـ، جهز داود باشا(4) جيشاً نحو الحلة ليفك الحصار الذي فرضته العشائر على زائري المرقد الحسيني الشريف على أهالي كربلاء، ففرت على أثرها العشائر وتنفس الناس الصعداء، ثم قامت قواته لتأمين جلب الزوار من هناك ومرافقتهم الى النجف الأشرف وإعادتهم الى الحلة مع تأمين وصولهم الى بغداد في طريق عودتهم الى ديارهم سالمين آمنين(5).
  • وقيل في سنة 1230هـ، زار الوزير العثماني سعيد باشا(6) الروضة

ـــــــــــــــــــــ

(1) مدينة الحسين:3/161.

(2) راجع تاريخ المراقد:2/123، ولعله أراد بذلك البابين القبليين للرواق.

(3) الروضة الحسينية والعباسية كتاباتها وزخارفتها لسعيد الصفار(مخطوط).

(4) داود باشا: كان قائداً للجيش العثماني في العراق ثم تولى الوزارة سنة 1232هـ، حيث تولى ولاية بغداد والبصرة وشهرزور، وذلك في غرة محرم من السنة ذاتها، وقد لاحق سعيد باشا لمدة أربع سنوات بعد عزله من قبل السلطان العثمانية الى أن قتله في 10/4/1323هـ.

(5) دوحة الوزراء:264، راجع أيضاً العراق بين احتلالين:6/223.

(6) سعيد باشا: هو ابن سليمان باشا الكبير(1205ـ1232هـ) نشأ يتيماً حيث توفي والده وله من العمر 12سنة وربي على الباشوية، فلما انهزم عبدالله باشا في المنتفق بالعراق التحقت الجيوش بسعيد باشا وذلك عام 1228هـ، ومن ذلك الحين تقلد الوزارة، ولكنه عزل في سنة 1231هـ لعدم حنكة وتولى الباشوية من بعده داود باشا سنة 1232هـ، ولم يلتفت سعيد باشا الى عزله وظل يصول ويجول في العراق، ولما لم يذعن لأمر السلطان، بعث اليه محمد آغا محمد فقتله في يوم الأربعاء العاشر من ربيع الآخر.

(52)

 

الحسينية المباركة وذلك في شهر ذي الحجة(1)، وعلى يده رفع الحصار القبائلي(2) عن كربلاء في موسم الزايارات(3).

  • في صيف سنة 1231هـ، قام الرحالة بكنغهام(4) بزيارة كربلاء فوصف الخانات التي وجدها في الطريق ما بين بغداد وكربلاء، وذكر بأنها بنيت لراحة الزوار القادمني الى الروضتين العلوية والحسينة، وقال عنهما:« هما من أشهر المحلات التي تزار، وفي هذين المسجدين توجد أغنى الأضرحة في العالم تقريباً، ولكن جردها الاصلاحيون الوهابيون من ذخائرها مؤخراً»(5).
  • قبل سنة 1247هـ عين الحاج مهدي كمونة(6) معاوناً للسادن السيد

ـــــــــــــــــــ

(1) تاريخ العراق بين احتلالين:6/226.

(2) إن اختلاف المصادر على إزالة الحصار القبائلي عن مدينة كربلاء وإنقاذ الزائرين من سطوة القبائل المعادية، ربما نشأ من إقدام كل من الواليين سعيد باشا المعزول من قبل السلطات العثمانية وداود باشا المخول من قبل السلطات لملاحقة الوالي المعزول، قد يكون من باب كسب مواقع على أرض الواقع وللتقرب للناس.

(3) أربعة قرون من تاريخ الحديث:282.

(4) بكنغهام: هو جميس سلط بكنغهام(James silk Backingham) المولود في قرية بالقرب من مدينة فالموث البريطانية من أب مزارع وذلك سنة1200هـ(1786م)، انتقل الى الهند وعمل في أحدى دوائر شركة الهند الشرقية الانكليزية سنوات عديدة، ثم انفصل عنها وأنشأ صحيفة كلكتا، وقد قام بعدد من الرحلات، الأولى كانت الى مصر سنة 1227هـ(1816م) والثانية الى فلسطين سنة 1229هـ (1814م) والثالثة الى العراق سنة 1231هـ(1816م) وأخيراً استقر في بريطانيا وأصدر جريدة باسم صوت المشرق(Oriental Herald) سنة 1240هـ(1824م) ثم أعقبها بصحيفة(Athenacum) سنة 1244هـ(1828م)، طالب بإصلاح البرلمان البريطاني، توفي سنة 1271هـ(1855م)، له كتاب اشرور الأهلية والعلاجات العميلة لها، ورحلتي الى العراق.

(5) رحلتي الى العراق:2/238.

(6) مهدي كمونة: هو ابن محمد بن ابراهيم الحائري الأسدي(ن 1200ـ 1272هـ) سبقت ترجمته في الجزء السابق:145.

(53)

 

حسين الدراج(1) الحائري وذلك قبل وفاته(2).

  • قبل سنة 1247هـ أيضاً، زار القبر الحسيني الرحالة العارف زين العابدين الشيرواني(3) وسجل ذكرياته ولقاءاته - وبالأخص مع العرفاء- عن هذه المدينة، غيرها(4).
  • في سنة 1253هـ، زار الوالي العثماني علي رضا اللاز(5) المرقد الحسيني(6).
  • وفي سنة 1258هـ قام جيش الوالي العثماني بقيادة نجيب باشا(7) بحرق جثث الذين قتلوهم في كربلاء بكتب الأدعية الموقوفة على الروضتين الحسينية والعباسية، ومن ثم نهبوا ما في الروضتين الشريفتين(8).

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) الدراج: هو ابن مرتضى الموسوي، تولى حكومة كربلاء والنقابة، راجع الجزء السابق:136.

(2) مدينة الحسين:4/314، وفيه أنه جرت العادة منذ قرنين تقريباً أن يكون للسادن معاون ينوب عنه في الكثير من المهمات.

(3) زين العابدين الشيرواني: هو ابن اسكندر تمكين الملقب بـ«مستعلي شاه»، ولد في قرية شماخي بايران في 15/8/1194هـ وتوفي في أواخر القرن الثالث عشر، كان من المعمرين ومن متصوفة الشاه نعمة اللهي، جاب معظم البلاد الاسلامية، سجل ذكرياته في كتابه بستان السياحة، وقد التقى في سفره بأهل التصوف والعرفان، وألف كتابه في (1247ـ1248هـ) وله حديقة السياحة، ورياض السياحة أيضاً.

(4) بستان السياحة:492.

(5) علي رضا اللاز: ولد في طريزون بتركيا في نهايات القرن الثاني عشر وتوفي في شهر مضان سنة 1362هـ بتركيا، ينتمي الى أحمد باشا اللاز، أصبح مساعدا لوالي حلب سنة 1244هـ، تولى ولاية عدد من الاقاليم، دخل بغداد والياً لية الخميس الثامن من ربيع الاول سنة 1258هـ ثم تولى ولاية الشام ثم عزل عنها سنة 1261هـ، أي قبل سنة من موته.

(6) تاريخ العراق بين احتلالين:7/39.

 (7) نجيب باشا: هو محمد نجيب باشا، ولد في اواخر القرن الثاني عشر وتوفي في تركيا سنة1267هـ، ودفن في مقبرة أبي أيوب الأنصاري- سبقت ترجمته في الجزء السابق:144.

(8) راجع دليل تاريخ العتبات المقدسة:65.

 

(54)

  • وفي سنة 1258هـ، سبق وقلنا بأن السيدة تاج داربهو(1) حين زارت المرقد الحسيني أهدت له تاجاً مرصعاً بالاحجار الكريمة(2) وقد جاء وصفه على الشكل التالي:«تاج من قطيفة خضراء منقوشة بقصب في ستة زاويا وعلى كل زاوية شريط من قصب، ربط فيه94لؤلؤة متوسطة الحجم، ولهذا التاج طوق من ذهب، له 16شرفة كل شرفة مزينة بلؤلؤة واحدة وحجرين كريمين ذات لون احمر- نحتمل أنهما ياقوتتان- ومجموع اللآلىء التي نصبت في الشرفات 383لؤلؤة، وتحت الشرفات يدور عقد يحتوي على 125 لؤلؤة كبييرة وفي ذيل الاطار الذهبي يوجد عقد آخر يحتوي على 137لؤلؤة كبيرة، وفي أطاره توجد 31قطعة حجر من اللعل الأحمر، ثمان منها كبيرة والباقي وسط وصغار، وهذا التاج محفوظ في صندوق مصنوع من الفضة على شكل فانوس مثمن»(3).
  • وفي سنة 1259هـ، أمر ملك الهند محمد علي أوده(4) بإكساء الباب القبلي الكبير الذي يقع في وسط الإيوان بالفضة، وقد سبق ونقلنا ما كتب على هذا الباب(5)، ولكن وجدنا نصاً قريباً منه يختلف بعض الشيء عن ذلك فوجدنا من الضرورة ثبته هنا، حيث كتبت على المصراع الشرقي منه العبارة التالية:«هو الله الموفق المستعان، قد امر بصنع هذا الباب المفتوح لرحمة الملك المنان، وباتمام تذهيب هذا الإيوان، الذي هو مختلف ملائكة الرحمان، وبحفر الحسينية وبناء قناطرها التي هي معبر أهل الجنان». فيما كتب على المصراع الغربي تتمة العبارة السابقة كالتالي:

ـــــــــــــــــــــــ

(1) تاج داربهو: هي عقيلة السلطان محمد منير الدولة أوده الذي حكم ما بين (1253ـ1258هـ)، مضت ترجمتها في الجزء السابق:147.

(2) راجع تاريخ المراقد:2/148.

(3) هدايا الملوك والأمراء للصفار(مخطوط) عن مجلة المجمع العلمي العراقي العدد: 6، السنة:156، الصفحة:32، التاريخ:1378هـ.

(4) محمد علي اوده: هو منير الدولة بن محمد ماجد، الذي توفي في سنة 1258هـ، وقد سبق وقلنا إنه قام ببعض الانجازات، وقد حالت دونه المنية لإتمامها، فقام خلفة منور الدولة أمجد علي،- عاشر ملوك أوده- باتمام ما أنجزه سلفه، وقد حكم منور الدولة حتى عام 1263هـ.

(5) تاريخ المراقد:2/150.

(55)

 

        « تعمير بقعة قدوة الناس، مولانا وسيدنا أبو الفضل العباس، السلطان ابن السلطان، والخاقان ابن الخاقان، السلطان الأعظم، والخاقان الأكرم، سلطان الهند محمد علي شاه تغمده الله بغفرانه، وأسكنه فسيح جناته، وكان ذلك في سنة 1259هـ ألف ومائتين وتسع وخميسن»(1).

  • في سنة 1264هـ، زار التاجر التركي(الباشا) أحمد شكري(2) المرقد الحسيني لافتتاح السقاية التي شيدها في الصحن الحسيني، وأنشا مرتجلاً من بحر الكامل:

زرت الحسين سليل ساقي الكوثر            ولزائره سقيت ماء السكر

وصدرت مغتنماً زيارة حيــــــــــدر           بشفاعة المختار احمد فابشر

        وكان قبل ذلك يزور المرقد الحسيني بين حين وآخر(3).

  • في سنة 1265هـ، زار المرقد الحسيني رئيس وزراء الدولة القاجارية الميرزا آقاسي(4) وأطال مكثه، ثم استهوته الإقامة بجواره(5).
  • في سنة 1267هـ، أعد السيد نولدكه(6) مخططاً للمرقد الحسيني بعد أن زار كربلاء(7) وأهم ما يظهر من المخطط الهندسي ما يلي: إن القبة مبنية من طابقين يختلف ارتفاع الخارجية منها عن الداخلية بنسبة5،62% من القطرين.

ـــــــــــــــــــــــ

(1) بغية النبلاء: 77.

(2) أحمد الشكري بن محمد نجيب باشا: أحد أعيان وباشاوات تركيا، سبقت ترجمته في الجزء السابق:151.

(3) مدينة الحسين:4/327.

(4) الميرزا آقاسي: هو الصدر الأعظم(رئيس الوزراء) على عهد السلطان محمد القاجاري، بقي على سدة الرئاسة ألى أوال عهد ناصر الدين القاجاري، توفي في كربلاء أوائل القرن الرابع عشر الهجري، من مؤلفاته سهام عباسية- راجع الذريعة: 12/260.

(5) راجع كتاب تحت قبة الحسين(مخطوط)، عن تحفة العالم لبحر العلوم:309.

(6) نولدكه: مستشرف ألماني عاش ما بين 1252ـ 1348هـ، مضت ترجمته في الجزء السابق:157.

(7) راجع تايخ المراقد:2/158.

(56)

 

  • في سنة 1273هـ، قام الرحالة السيد عبد العلي خان أديب الملك(1) بزيارة الامام الحسين ع وأنشد قصيدته التائية(2)، ويذكر في رحلته عن المرقد الحسيني بأن للصحن الحسيني ستة أبواب: باب القبلة، باب قاضي الحاجات، باب الصحن الصغير، باب الصدر، باب السلطان، وباب الزينيبية، وأن طول الصحن تسعون ذراعأ وعرضه سبعون ذراعاً.

وفي الجهة القبلية توجد أربع عشرة غرفة في الطابقين، وفي الممرات باب القبلة سقاية أسسها السيد أبرايهم القزويني(3) من تبرعات الهنود، يدخل الزائر الى الرواق القبلي من ايوان الذهب، فالايوان والقبة والمئذنتين مكسوة بالذهب الذي هو من إنشاء السلطان محمد خان(4) وقد تواصل بناء هذا المرقد المطهر من قبل آل بويه(5) ثم الصفويين(6)، وينفذ من الرواق الى الروضة من خلال ثلاثة أبواب متلاصقة(7).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) عبد العلي خان: هو ابن علي خان الملقب بـ«أديب الملك» المراغي حاجب الدولة، ولد في مراغة- شمال ايران- في 5/8/1243هـ، وتوفي بمدينة قم في 28/12/1302هـ.

(2) راجع ديوان القرن الثالث عشر الفارسي من هذه الموسوعة(مخطوط)، وسفر نامة أديب الملك:145.

(3) ابراهيم القزويني: هو ابن باقر الموسوي الحائري(1204ـ 1262هـ) من أعلام كربلاء، مضت ترجمته في الجزء السابق:132.

(4) محمد خان: هو ابن محمد حسين بن فتح علي القاجاري، مؤسس الدولة القاجارية وأول سلاطينها، ولد سنة 1176هـ وحكم ما بين(1200ـ1212هـ) وخلفه ابن أخيه فتح علي بن حسين قلي بن محمد حسين القاجاري، حيث لم يرزق ولداً بسب تعرضه للأخصاء في السجن، وحينما أطلق سراحه سنة 1197هـ، اعلن أنه السلطان، وذلك يوم وفاة كريم خان زند.

(5) الدولة البويهية: أسسها أبو شجاع بويه الديليمي، حكمت ما بين(320ـ447هـ) وعدد سلاطينها بلغ سبعة عشر سلطاناً، كان آخرهم معز الدولة البويهي.

(6) الدولة الصفوية: أسسها إسماعيل الأول ابن حيدر الأردبيلي الصفوي، حكمت ما بين(908ـ 1149هـ) وعدد سلاطينها بلغ ثلاثة عشر سلطاناً آخرهم عباس الثالث ابن طهماسب الثاني.

(7) من الجدير ذكره أن الروضة الحسينية من الجهة القبلية كان لها ثلاثة أبواب متلاصقة قبل أن تبدل الى بابين، وهذا ما ذكره أديب الملك في رحلته، وبقيت على هذا

(57)

 

        ويفد الى هذا الصرح العظيم في كل ساعة، الف من أصحاب الحاجات بعيون مغروقة بالدموع فتقضى حاجاتهم.

        وللإمام الحسين ع ضريحان، أحدهما من الفولاذ والآخر من الفضة، وفي داخلهما الصندوق المطهر والمنور، وتحته قبره الشريف، وتنتهي روضة المباركة من جهة الرأس الى مسجد فيه أماكن خاصة بالقرآن.

        وفي كل أوقات الفرائض تقام فيه الصلاة جماعة، وفي الرواق الذي من جهة الرأس يوجد الشباك مصنوع من الفولاذ، يمكن  من خلاله رؤية القبة من الداخل، وفي جانب رجل الامام يقع ضريح نجله علي الأكبر المتصل بضريح الامام، وأما من جهة خلف الرأس فهناك مسجد متصل بالروضة تقام فيه الصلوات.

        وعندما تدخل الصحن الصغير تقع على اليمين منارة العبد، ومن جهة شرق الصحن- الكبير- يوجد ثلاث مخالع، ومن جهة القبلة يوجد مخلعان(1).

        ويواصل أديب الملك الحديث عن مكان مصرع الامام الحسين ع ثم

ـــــــــــــــــــــــــ

= الحال حتى منتصف القرن الرابع عشر، حيث يمكن ملاحظتها من خلال التخطيط الذي سنورده لاحقاً إن اشاء الله تعالى.

(1) سفر نامة أديب الملك: 159، وفيه انك إذا دخلت من باب القبلة تجد في الجانب الشرقي رواقاً يطوف بك حول الروضة، وفي ها الرواق يمكن ملاحظة قبر السلطان فتح علي القاجاري، والى جانب الروضة يمكن ملاحظة قبر السيد كاظم الرشتي، وعلى جانبه الآخر يوجد صندوق على قبر السيد علي الطباطبائي والشيخ باقر البهبهاني، وهناك قبر أمين الدولة الهندي، وقبر الميرزا تقي خان، والميرزا آقاسي، وقبر الجهانكير الميرزا ابن نائب السلطنة، وقبر ظل السلطان، وقبر الشيخ صالح القزويني(البرغاني)، والسيد مهدي الشهرستاني، والحاج مهدي الكليدار(كمونة)، كما يمكن ملاحضة قبر السيد ابراهيم القزويني على مدخل باب الصحن الصغير، وفي قباله من الجهة الاخرى قبر السيد مهدي الطباطبائي شقيق السيد محمد(المجاهد)، وقبر الشيخ محمد حسين صاحب الفصول، كما يمكن ملاحظة قبور: شيخ الاسلام القزويني، والسيد مهدي والد الميرزا صادق الداماد(صهر السيد محمد) في ممر الصحن الصغير ويقع قبر السيد حسين والد حاجب الدولة بجنب السقاية التي أنشأتها الدولة.

(58)

 

 

        عن الروضة العباسية، سنورده في محله إن شاء الله تعالى.

        ويتحدث عن بعض منشئآت الصحن الحسيني فيقول: إن في الصحن خمس سقايات:

        1- سقاية والدة سلطان الروم(2) العثماني.

        2- سقاية السيد ابراهيم القزويني.

        3- سقاية السيد مصطفى الاسترابادي(2).

        4- سقاية الهندي(3).

        5- سقاية أم السلطان(العثماني) ايضاً.

        وأما برك الماء والأحواض التي أنشئت لأجل الوضوء فهي اثنتان:

        1- حوض الميرزا محمد علي(4).

ـــــــــــــــــــ

(1) الروم: بلاد الروم كانت تطلق على تركيا وما وراءها، وأراد بسلطان الروم السلطان العثماني الذي اتخذ من القسطنطينية (استامبول) عاصمة للدولة، والظاهر أنه اراد بها السقاية التي أنشاتها والدة السلطان عبد المجيد الأول العثماني(1256ـ1277هـ) التي كانت تقع في الركن الجنوبي الشرقي والتي تحدثنا عنها في الجزء السابق:169، وقد سبق وقلنا إن إنشاءها تم سنة 1282هـ، وهو أمر غريب إذ أن رحلة أديب الملك الى العراق كانت سنة 1272هـ، ولو لم يكن قد أرخت السقاية شعراً لكنا نقول بأنة هناك تصحيف، ومن المعلوم أن والدة السلطان عبدالمجيد أنشات سقايتين، كما صرح بذلك، وقد سبق وذكرنا بأنها أنشات بركتين لهذه الغاية، فلربما كانتا موجودتين لدى رحلة أديب الملك، ولكن بعد ذلك جرى تجديدهما ووصلت إحداهما بالاخرى سنة 1282هـ، والله العالم.

(2) مصطفى الاسترابادي: ينتهي نسبه الى زيد بن علي بن الحسين ع، كان من الفضلاء الأجلاء، وهو جد السادة الاستراباديون في كربلاء، كان حفيده حسن بن علي من مواليد سنة 1300هـ، وأما هو فقد كان من أعلام القرن الثاني عشر الهجري.

(3) الهندي: لعله أحد ملوك الهند الذين كان السيد علي الطباطبائي على اتصال بهم كأصف الدولة الذي مؤله لبناء دور لطلبة العلوم الدينية ومنازل للزائرين، وله أياد بيضاء في كل من النجف وكربلاء، واليه ينسب الحوض أيضاً، والتاريخ يتطابق مع فترة حكمة- راجع الجزء السابق:111.

(4) نحتمل والله العالم أن المراد به هو الأمير محمد علي ميرزا ابن السطان فتح علي القاجاري والي كرمنشاه ما بين عام 1220ـ 1237هـ، له أياد بيضاء في تعمير المرقد الحسيني- راجع الجزء السابق:123.

(59)

 

        2- حوض الهندي(1).

  • وفي هذه الفترة وضع السيد عز الدين صندوق(2) مخططاً عن منشئات المرقد الحسيني، وتظهر فيه الأبواب الثلاثة القبلية للروضة التي أشار إليها الرحالة أديب الملك، وقد أبدلت بعدها الى بابين.

ش295

(1)1

مخطط مديرية الآثار القديمةـ بغدادـ العراق وضعه السيد عز الدين صندوق

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع سفر نامة أديب الملك به عتبات: 145ـ165.

(2) عز الدين صندوق: هو ابن جعفر(ن1342ـ ب 1403هـ)، عمل مهندساً في وزارة النفط، ودائرة الآثار في الثمانينيات، ولد وتوفي في بغداد، وكان رساماً ماهراً.

(60)

 2

من الجدير ذكره أن المخطط كان باللونين الأبيض والأسود، وقد قمنا بتلوينه للتمييز بين منشئات المرقد

 

(61)

 

 

  • ربما في سنة 1276هـ(1) كانت كتيبة باب السلطانية(2) تحتوي على آية الفتح(3) وآية بيوت النبي ص(4) وآية خلع النعل(5) ثم تحتولت الى كتائب أخرى كما أوردنا في محلها(6) ولايخفى أن هذه الآيات وردت في أماكن اخرى من المرقد الشريف(7).
  • في سنة 1279هـ قام الرسام روبرت كلايف(8) برسم المرقد الحسيني(9) عن قرب في وقت عز أو انعدم فيه التصوير، ويبدو أنه رسم الموقع بدقة، والظاهر أنه استقر على الزاوية الجنوبية الشرقية، وأخذ يرسم لوحة المعبرة عن الواقع الماثل أمامه وظهر فيها مايلي:

        1- مئذنة العبد: وقد أحاطتها مقصور غير مسقفة ومزينة بالقاشاني، ذات النقوش البارزة، وهي دائرية الشكل، الا أن قاعدتها والتي تحتل ربعها الظاهر منها، جاءت سداسية الأضلاع، وفيها بعض الأقواس.

        2- المئذنتان: لكل منهما مقصورة مسقفة، وكانتا مذهبتان، ولا تختلفان في شكلهما الهندسي عن المئذنتين الماثلتين في الوقت الحاضر إلا

ــــــــــــــــــــــ

(1) حيث في هذه السنة أوكل السلطان ناصرر الدين شيخ العراقين لتجديد بناء المرقد.

(2) الروضة الحسينية والعباسية كتاباتها وزخارفها(مخطوط): 86، ولكن لم يرد أي تحديد لها.

(3)آية الفتح: هي قوله تعالى:(إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً) [الفتح:1]، وفي المصدر أنها كتبت بخط كوفي.

(4) آية البيوت النبي ص: هي قوله تعالى:(يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم) [الأحزاب: 53].

(5) آية خلع النعل: هي قوله تعالى:( فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى) [طه:12]

(6) راجع الجزء الثاني من تايخ المراقد لدى حديثنا عن الأبواب في أكثر من موقع.

(7) راجع الجزء السابق: 71، 373، 447.

(8) روبرك كلايف البريطاني(Robert Clive) إنه ليس القائد البريطاني(1138ـ 1188هـ) الذي ذهب الى الهند لاخضاعها للحكم البريطاني، ولا هو روبرت براوننغ، الرسام البريطاني(1227ـ 1306هـ)، بل هو صاحب كتاب نينوى والأرض المقدسة.

(9) راجع الرسم المثبت في تاريخ المراقد:2/165، وقد جاءت اللوحة تحت رقم 24 من كتابة نينوى والأرض المقدسة، ورسمت اللوحة في غاية الدقة.

(62)

 

في أمرين: إن جدار المقصورة مقوس بحيث أصبح بطنياً، بينما القسم العلوي للمئذنة أي ما فوق المقصورة جاء على شكل شبه مخروطي كما هو الحال في مئذنة مرقد الامام الرضا ع في مشهد بايران، مما يمكننا القول بأن المئذنة آنذاك كانت على هذه الشاكلة ثم تغيرت بعد أن أجريت عليها بعض الاصلاحات فيما بعد.

        3- القبة: ذهبية وعنقها محزم بكتيبة الميناء، كما أن رقتبها تحتوي على عدد من الشبابيك، كما هو اليوم، ويظهر منها أنها كانت إثني عشر شباكاً، وربما لم تكن لم تكن شبابيك، بل مجرد أقواس وتزيينات قاشانية أكسيت الجدران بها، حيث يذكر بأن المنافذ قد فتحت سنة 1297هـ(1) وللجميع بين ما نص على ذلك، وما نشاهده في الرسم، يتبين لنا أن الفتحات جاءت في هذه المواقع باعتبار أنها لا تمثل أعمدة للقبة، بل هي مجرد جدار، كما هو ظاهر من الرسم.

        4- الإيوان القبلي: مسقف، وتظهر أعمدته العشرة بوضوح، ولا تختلف تفاصيله عما نشاهده في الصور التي وصلتنا عنه بعد ذلك التاريخ، من حيث الأبواب الثلاثة والأقواس القاشانية وغيرها، ولكن قوس البابين من حيث الابواب الثلاثة والأقواس القاشانية وغيرها، ولكن قوس البابين الغربي والشرقي جاءا قوساً شكليناً مرتفعاً.

        5- المخلعان الرئيسينان في الايوان: لا يختلف شكلهما كثيراً عما بعده حسب الصور التي بحوزتنا.

        6- المخالع الأخرى: ظهر اثنان منها في الجانب الشرقي، أحدهما ما يقابل ضريح الشهداء، والآخر ما يقع في الزاوية الجنوبية الشرقية، ويبدو أن سقف المدخلين كانا مرتفعين بارتفاع بناء الروضة، بينما كان سقف المخلعين أقصر ارتفاعاً بنسبة النصف، بحيث يمكن ملاحظة الفراغ الحاصل في الجهة العلوية من المدخلين، بالاضافة الى خروج بناء المخلعين قليلا من موازاة جدار الروضة، مما يحتمل أن بناء المخلعين جاءا منفصلين عن بناء الروضة نفسها، وكأنهما متأخرين عنها.

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع تاريخ المراقد:2/187.

(63)

 

        7- الصحن: يظهر فيه أن بناء الجانب الشمالي كان ملاصقاً لبناء الروضة، بمعنى أن لا وجود للصحن في الجهة الشمالية(1) وبعبارة  أوضح: إن جدار الصحن الشمالي كان بموازاة جدار الروضة، أي متقدم الى جهة الصحن الفعلي، وأما الجدار نفسه فيبدو انه مكسي بالقاشاني ومقوس على شكل أواوين صغيرة كما هو الحال فيما بعد، ويمكن للناظر مشاهدة الايوان الشمالي الكبير المعروف بصافي صفا أيضاً، كما توجد نخلتان قصيرتان في الجانب القبلي من الصحن عند ايوان الذهب في مقابل نخلتان قصيرتان في الجانب القبلي من الصحن عند ايوان الذهب في مقابل البابين الغربي والشرقي الواقعان في ايوان الذهب أيضا، وهناك شمعدان ثابت أمام باب القبلة في وسط الصحن من الجانب القبلي.

        8- سطح الروضة: يظهر في الرسم على سطح الروضة القبب الصغيرة التي شكلتها أسقف الرواق الشرقي، وهي مجرد قبب صغيرة ليست فيها فتحات للتهوية أو الإنارة، كما هو الحال فيما بعد ذلك.

  • وفي سنة 1280هـ، أنشاء الشيخ جابر الكاظمي(2) قصيدة من بحر الطويل في إنجازاته السلطان ناصر الدين القاجاري(3) التي تمت باشراف شيخ العراقين(4) وذلك ما بين سنة 1270ـ1280هـ وجاء مطلعها:

سماء سمت أركانها والقواعد         وقد زينتها شمسها والفراقد(5)

  • في سنة 1281هـ، وبعد وفاة الوزير القاجاري ميرزا موسى(6)

ـــــــــــــــــــــــ

(1) وهو لا يتنافى مع ما ورد في أحداث الصحن في الجزء السابق:362 وما قبله.

(2) جابر الكاظمي: هو ابن عبدالحسين الربيعي(1222ـ1312هـ) مضت ترجمته في الجزء السابق:161.

(3) ناصر الدين القاجاري: هو ابن محمد(1247ـ1313هـ) رابع سلاطين الدولة القاجارية، سبقت ترجمته في الجزء السابق:160.

(4) شيخ العراقين: هو عبدالحسين بن علي الطهراني(ن1215ـ1286هـ) من أعلام الفقه، مضت ترجمته في الجزء السابق:161.

(5) ديوان جابر الكاظمي: 102، والقصيدة تحتوي على 35بيتاً، وقد أوردناها في ديوان القرن الثالث عشر من هذه الموسوعة(مخطوط).

(6) ميرزا موسى: هو ابن ميرزا عيسى قائم مقام الأول الفراهاني، كان وزيراً بطهران من قبل السلطان ناصر الدين القاجاري(1264ـ1312هـ)، كانت ولادته بعيد سنة=

(64)

 

ودفنه في الايوان الشمالي الذي أنشاء في الصحن الحسيني، كتب قوله تعالى:( الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم(1))(2).

  • في سنة 1287هـ، زار مشير الدولة حسين خان القزويني(3) سفير ايران في استامبول وذلك أيام وجود السطان ناصر الدين القاجاري في العراق، والذي مكث في العتبات المقدسة مدة ثلاثة أشهر وقد وردها في 28شعبان 1287هـ، وبرفقته جمع كبير من الرجال والنساء من مدنيين وعسكريين، وأحصي عدد دوابهم فكان خمسة عشر ألف دابة، وقد بلغت مصاريف الدولة العثمانية لهذه الزيارة نحو ثلاثين ألف ليرة، إذ إنها جاءت بدعوة رسمية منها(4).
  • بعد سنة 1290هـ، جرى تبليط الصحن الحسيني الشريف، ولدى البناء شاهد سادن الروضة السيد عبد الحسين طعمة(5) أجزاء من بناء سابق، حيث يقول:« شوهد في القسم الجنوبي قطعة حصن قائم لأحد أدوار تطور البناء تقارب شرفاته مستوى التبليط تقريباً، وشاهدت بنفسي، عند أخذ اساس الضلع الغربي من الصحن بأمر المغفور له عبد الحميد الثاني العثماني(6) لتجديد البهو الكبير وغرفة الشمالية في مستهل القرن

 

ـــــــــــــــــــــــــــ

=1193هـ، وهو شقيق ميرزا أبو القاسم قائم مقام الثاني الذي قتل سنة 1251هـ، وأما وفاته فالظاهر أنا كانت في 1281هـ أو قبله بقليل، وهو غير  ميرزا موسى خان قائم مقام الرابع صاحب كتاب مفتاح المحبة في ترجمته يبابيع المودة، حيث إنه ابن علي قائم مقام الثالث ابن ميرزا أبوا لقاسم قائم المقام الثاني.

(1) سورة آل عمران، الآية: 191.

(2) بغية النبلاء:75.

(3) مشير الدولة: هو غير حسين خان القزويني شقيق حسن خان السابق الذكر، نعم كان من المعاصرين له، إلا أنه كان من الطبقة التالية عنه، ولا يخفى أن السابق كان مبغوضاً لدى السلطات الروسية، بينما هذا كان مقرباً لديها.

(4) تحت قبة الحسين (مخطوط) عن مدينة الحسين:5/93 (الدفتر الأول مخطوط) وفيه أنه نزل بتكية البكتاشية، وقد تداول أمر السدانة مع أعيان ووجهاء كربلاء.

(5) عبدالحسين طعمة: هو ابن علي آل طعمة الفائزي (1299ـ1380هـ)، تقدمت ترجمته في الجزء السابق:184.

(6) عبدالحميد الثاني: هو ابن عبدالمجيد الأول بن محمود العثماني، ولد سنة 1257=

(65)

 

 الرابع عشر، تنوراً، كما شاهدت الطابق الأول من دور ما، لا يقل انخفاضه عن مستوى التبليط بأقل خمسة أمتار تقريباً»(1).

  • في أوائل سنة 1292هـ، زار الوالي العثماني على بغداد رديف باشا(2) الروضة الحسينية المباركة بغية تعيين السيد جواد آل طعمة(3) بعد وفاة خلفه(4).
  • في شهر ذي الحجة 1298هـ، قام المشير هدايت باشا(5) برفقة والي بغداد تقي الدين باشا(6) بزيارة المرقد الحسيني(7).
  • يظهر من لوحة سنة 1299هـ والتي رسمها السيد باركلاي(8) لمدينة كربلاء(9):

أولاً: إن هناك ساعة كانت منصوبة في وسط الجهة الشرقية.

ثانياً: إن قبة صغيرة توجد خلف القبة الحسينية الى جهة الشمال،

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

= ولي الحكم ما بين(1293ـ1327هـ) بعد أخيه مراد الخامس، وولي الأمر بعد أخوه محمد الخامس الملقب بـ«رشاد».

(1) بغية النبلاء:105.

(2) رديف باشا: ولي بغداد في 23/3/1290هـ ووصلها في 22/5/1290هـ، وعزل في 9/5/1292هـ، تولى قبل بغداد ولاية يانية، وبعدها ولي ولاية مناستر، ويظهر أن زيارته كانت قبيل تركه العراق في شهر جمادى الأولى.

(3) جواد آل طعمة: هو ابن حسين الفائزي الموسوي، توفي سنة 1309هـ، مضت ترجمته في الجزء السابق:187.

(4) راجع العراق بين احتلالين:7/242.

(5) المشير هدايت باشا: كان قائداً فيلق في الجيش العثماني في لواء كربلاء والحلة، وصل بغداد في 7/5/1299هـ، ولي البصرة ثم عزل فتركها في 7/12/1309هـ، توفي بعدها في ماردين.

(6) تقي الدين باشا آل المدرس الحلبي (1285ـ1310هـ)، مضت ترجمته في الجزء السابق:188.

(7) العراق بين احتلايين:8/72.

(8) باركلان: كان رساما بارعاً، قصد العراق للاستطلاع، وربما كان فرنسياً أو بريطانيا.

(9) راجع تايخ المراقد:2/189.

(66)

 

هذا يؤيد ما ذهبنا إليه سابقاً بأن الساعة كانت منصوبة على باب الشهداء قبل أن توضع على باب الحر وأن مسجد شاهين كانت له قبة مرتفعة نوعاً ما، ومن الملاحظ أن الرسام صور المرقد الحسيني وكأنه جالس الى جهة الشمال ليكون المرقد أمامه الى جهة الجنوب.

  • في سنة 1300هـ، قلنا أن قد تم بناء سرداب للصحن الحسيني(1)،

        ولابد هنا أن نشير بشيء من التفصيل، وهو أن الشيخ العراقين منذ أن تولى إعمار المرقد الحسيني سنة 1283هـ قام ببناء أقبية تحت أرض الصحن الشريف وذلك لدفن الموتى، وفي هذه السنة أي 1300هـ كما يبدو تم بناء هذه الأقبية كاملة، ويعود السبب في مثل هذا التأخير الى كثرة الوافدين الى زيارة المرقد الحسيني، بحيث لا يمكن غلق أبواب الصحن لغرض الانتهاء من العمل، فلذلك كانوا يقومون باتمام قسم منه ثم يشرعون بالقسم الآخر، كما أن مثل هذه العمل يتطلب تزامناً مع بقية أعمال الصيانة والتجديد والتوسعة في الصحن الحسيني والذي كان قائماً طوال السنوات الماضية، فكانوا يقومون بتلك في آن واحد.

        ومن جهة أخرى فان الصحن الحسيني على ما تقدم مؤلف من طابقين، الطابق الذي تحت الارض، الطابق الأرضي. أما الأول(تحت الأرض) فقد شيد كله على شكل أقبية بارتفاع المتر ونصف المتر تقريباُ ومن الطابوق والجص، وعلى شكل عقادة (أقواس وأعمدة) تماماً كما في الأبنية الأخرى، وكان هذا الطابق يستخدم لدفن الموتى، ويعد دفن الأموات مصدر تمويل جيد للمرقد، وكانت لهذه الأقبية مداخل أرضية موزعة على مساحة الصحن الحسيني الشريف، ولكل قبو من هذه الاقبية مدخل خاص به، إذ يتم رفع الحجر من على الأرض الصحن وينزل الميت في القبو ويسجى ويلحد في جانب من جوانبه، وهكذا. ثم إنهم وفي نهاية القرن الرابع عشر قاموا بطم هذه الأقبية ومنع الفن فيها. يمكن القول بأن عمر هذه الأقبية بالشكل الذي ذكرناه لم يتجاوز القرن الواحد، إذ إنها

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع تاريخ المراقد:2/190.

(67)

 

أنشئت في نهاية القرن الثالث عشر الهجري وقضي عليها في نهاية القرن الرابع عشر الهجري، وأما قبل هذا التاريخ فان ارض الصحن ترابية فكانوا يحفرون الأرض ليدفن فيها الميت.

  • أيضا في سنة 1300هـ، حين شيد الايوان الشمالي الملاصق للرواق، كتب على جداره المكسو بالقاشاني العبارة التالية:«وقد تشرف ببناء هذا الرواق السيد محمد كريم بن محمد(1)، وجاء أيضاً بعدها: (ولسوف(2) يعطيك ربك فترضى...) ....(والليل(3) إذا سجى)(4).

ـــــــــــــــــــــ

(1) محمد كريم بن محمد: يظهر من تلقبه بالسيد آنذاك أنه هاشمي، ولايد أن تكون له مكانة اجتماعية، إلا أننا لم نتمكن من التعرف على شخصيته.

(2) سورة الضحى، الآية:5.

(3) سورة الضحى، الآية:2، ونحتمل والله العالم إما أن الكتابة جاءت من أول سورة الضحى الى ألآية الخامسة، أي( بسم الله الرحمن الرحيم، والضحى، والليل إذا سجى، ما ودعك ربك وما قلى، وللآخرة خير لك من الأولى، ولسوف يعطيك ربك فترضى) وهو مطابق مع ما ورد في المصدر، ولكن لايساعده التقديم والتأخير، الا اللهم إذا قيل بأن في النقل بعض التصحيف، فيكون الصحيح الآية الأخيرة من سورة الليل والآيتين الأولتين من سورة الضحى، فتكون على الشكل التالي:« ولسوف يرضى، والضحى والليل إذا سجى». ولدى النقل تصور بأن المراد بـ«ولسوف يرضى، والضحى والليل إذا سجى». ولدى النقل تصور بأن المراد بـ «ولسوف يرضى» أنه: (ولسوف يعطيك ربك فترضى).

(4) الروضة الحسينية والعباسية كتاباتها وزخارفها (مخطوط).

(68)

 

القرن الرابع عشر

(2/11/1883ـ8/11/1980م)

 

  • في سنة 1301هـ، قام الوالي العثماني تقي الدين باشا للمرة الثانية بزيارة الروضة الحسينية الشريفة(1).
  • في سنة 1310هـ، ذكرنا بأن الوالي حسن رفيق باشا(2) قام بحمل شعرات الرسول ص الى كربلاء ليودعها في روضة الامام الحسين ع، فنظم الشعراء في ذلك قصائد(3)، وبعد أن أودعها ذهب الى النجف لزيارة الإمام أمير المؤمنين ع، عندها مدحه السيد جعفر الحلي(4) بقصيدة هائية طولية من بحر الكامل، واستنكر فيها إيداع شعرات الرسول في كربلاء بدلا عن النجف، قال فيما قاله:

وسياسة الإسلام أنت خبيرها                  وعليهما وسميعها وبصيرها

قد جئت من شعر النبي بطاقة                 نفح الخلائق نشرها وعبيرها

فنشم نشر المسك حين نشمها                  ونزور دار الخلد حين نزورها

هي طاقة الريحان شرف قدرها                 هادي الأنــام بشيرها ونذيرها

إن لم تصل بلد الوصي فإنها                 حكم بدا للعــــارفين ظهورها

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) العراق بين احتلالين:8/73.

(2) حسن رفيق باشا: وصل الى بغداد يوم الاثنين 19/1/1309هـ ليتسلم ولايته عليها ـ سبقت ترجمته في الجزء السابق:90.

(3) تاريخ المراقد:2/203.

(4) جعفر الحلي: هو ابن محمد بن محمد حسن بن محمد عيسى الزيدي الحسيني(1277ـ1315هـ) ولد في الحلة وتوفي في النجف، من أشهر شعراء عصره ومن أركان النهضة في النجف، له ديوان باسم سحر بابل وسجع البلابل.

(69)

 

أن الوصي من النبي كنفسه           وكأنما الشعرات منه صدورها(1)

  • في سنة 1312هـ، زار السلطان محمد شاه ابن علي(2) زعيم الطائفة الأغاخانية الإسماعيلية الروضة المباركة، وقد زار بعدها النجف الأشرف، فأرخ السيد جعفر الحلي زيارته في قصيدة من الرجز يقول في آخرها:

مهاجر لله فد أرخته:          محمد أفضل من يهاجر(3)

  • في سنة 1314هـ، زار الملك الأفغاني السيد أيوب خان بن يعقوب خان(4) المرقد الحسيني وكان برفقته أكثر من أربعمائة من عساكره(5).
  • في سنة 1331هـ، زار المرقد الحسيني الشريف حاكم لورستان(6)

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) سحر بابل وسجع البلابل: 275.

(2) محمد شاه ابن علي: هو الآغا خان الثالث ابن علي شاه الآغا خان الثاني ابن حسن علي خان شاه الآغا خان الأول، وينتهي نسبه الى قاسم شاه ابن شمس الدين محمد ابن ركن الدين خورشاه، آخر أئمة النزارية في الموت، وهو إمام الإسماعيلية النزارية، له اتباع في كل من الهند وسوريا والعراق، ولد في كراجي سنة 1294هـ، تولى الامامة بعد وفاة أبيه سنة 1302هـ، توفي في مدينة أسوان بمصر سنة 1376هـ ودفن بها، وخلفه شاه كريم الآغا خان الرابع- راجع أردو دائرة معارف إسلامية:1/130.

(3) سحر بابل وسجع البلابل:278، راجع أيضاً بشأن زيارته تاريخ العراق بين احتلالين:8/123، ولا يخفى أن العجز يعادل 1312هـ.

(4) أيوب خان بن محمد يعقوب خان: هو حفيد شير علي خان، خلع البريطانيون أباه عن السلطة سنة 1296هـ، ونفي الى الهند وعينوا عبد الرحمان بدلاً عنه، وكان أيوب خان آنذاك قائداً عسكرياً، فر مع عسكره الى أيران وعاد الى أفغانستان ليحكمها في 14/2/1297هـ، فحصلت مواجهة بينه وبين القائد البريطاني مورسو في قندهار فانسحب الى هرات واستولى عليها، فاعلن عبدالرحمان الجهاد ضده وذلك سنة 1298هـ، وبعد مواجهة دامية انتصر فيها عبدالرحمان عليه، وذلك بدعم من البريطانيون، فالتجا الى مشهد، عاش آخر أيام حياته في لاهور حتى توفي بها بتاريخ 20/3/1332هـ- راجع أردو دائرة المعارف إسلامية: 3/750.

(5) ماضي النجف وحاضرها:1/227 وفيه قصة لطيفة حول حب علي ع، راجع أيضاً تحت قبة الحسين (مخطوط).

(6) لورستان: وتنطق بدون الواو(لرستان)، وهي من الأقاليم الغربية في إيران القريبة من الحدود العراقية والتي تضم خرم آباد وبروجرد وگلبايگان وغيرها.

(70)

 

 الايرانية الأمري غلام رضا خان(1) ومعه ثلاثة من أنجاله و220شخصاً من مرافقيه واستقبل استقبالا رسمياً(2).

  • في 23/3/1322هـ، زارت السيدة بي بي شمس الملوك(3) والدة الزعيم الأغاخاني الحرم الحسيني(4).
  • في سنة 1332هـ، زار الوالي العثماني لبغداد(5) المرقد الحسيني واجتمع مع العلماء(6).
  • وفي هذه السنة أيضاً زار حاكم سليم پور الهندية(7) السيد راجه مهر جاء(8) المرقد الحسيني(9).

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) غلام رضا خان: كان حاكم لورستان على عهد الملك أحمد شاه القاجاري(1327ـ1344هـ).

(2) تحت قبة الحسين (مخطوط) عن مجلة لغة العرب، السنة:2، الصفحة:10، التاريخ: جمادى الأولى 1331هـ وكذلك العدد: 12، الصادرفي شهر رجب.

(3) بي بي شمس الملوك: هي الدة السلطان محمد شاه- زعيم الأغاخانية الذي سنأتي على ذكره في سلسلة زعماء الأغاخانية الذين زاروا العتبة المقدسة-، وكريمة نظام الدولة، وشقيقة نظام العلماء بنت السلطان فتح علي القاجاري.

(4) تحت قبة الحسين(مخطوط) عن مجلة الكتاب لاتحاد المؤلفين العراقيين العدد: 9، السنة: 8، الصفحة:65.

(5) والي بغداد: كان آنذاك جاويد باشا والذي قدم اليها في 21/2/1332هـ وتولى إدارتها.

(6) تحت قبة الحسين(مخطوط) عن مجلة لغة العرب البغدادية العدد:10،السنة:3، التاريخ: 1332هـ(1914م).

(7) سليم پور: جاء في المصدر سليم پول، والظاهر أنه من التصحيف، يذكر أن سليم ومحمود كان أخوين وهما من راجات الهند، وقد سميت القريتان التي أنشاها بـ «سليم پور»و«محمود آباد»، والظاهر أنهما تقعان في مقاطعة أترا برادش، والتي قاعدتها لكهنو.

(8) راجه مهر جاء: يبدو أنه كان من راجات الهند التي تعني الاقطاعيين، وقد اشتهرت منذ عهد قديم، استخدمها السلاطين البهمنيون المعروفون بـ«سلالة الفاروقيين» بتسمية سلاطينهم بالراجة، والتي تعني الحاكم والسيد والاقطاعي. من الجدير بيانه أن الراجه مهر جاء كان من أتباع مدرسة أهل البيت ع، ونستبعد أن يكون من أبناء الراجه سليم بور حيث لم يرزق ذكراً.

(9) تحت قبة الحسين(مخطوط) عن مجلة لغة العرب البغدادية العدد:8، السنة:3، التاريخ: شباط 1332هـ(1914م).

(71)

 

  • في سنة 1338هـ، زار أطول رجل عراقي المرقد الحسيني، مما جلب انتباه الزائرين ولم يرتد طرفهم عنه طيلة تواجده في كربلاء، بينما هو لم يعبأ بنظراتهم وتجمهرهم عليه، بل كان توجهه منصباً نحو الثاوي بأرض الطف(1).
  • في الثالث والعشرين من شهر صفر 1340هـ، زار الملك فيصل الأول(2) المرقد الحسيني وذلك بعد أن نودي ملكاً(3) للعراق(4).
  • في 27/2/1341هـ زار الأمير زيد بن الحسين الهاشمي(5) العتبة

 

ــــــــــــــــــــــــ

(1) بالنسبة الى هذه الزيارة لابد من الاشارة الى امور:

الأول: إن ثبت مثل هذا يعد حدثا تجدر الاشارة أليه من زاوية ربما تكون بعيدة عن الاتجاه الذي تبنيناه، ولكنه حدث فرض نفسه كما نظن.

الثاني: إن طول الرجل كان أكثر من مترين حيث ورد في المصدر ما نصه:«إن أطول رجل في العراق لو وقف بجانبه وهو جالس لتساوى معه في الطول»، ومن المعلوم أن طول الانسان قد يكون في القسم العلوي من جسمه، أي في العمود الفقري، وقد يكون في القسم السفلي أي الرجلين، وفيهما قد يكون في الساقين أو في الفخذين، وربما كان صاحبنا هذا قد زاده الله طولا في الثلاثة ليكون عملاق زمانه، وبذلك تجاوز المترين ونصف المتر، ويضيف المصدر:« إنه عندما توفي لم تستوعبه التوابيت المتداولة، فحمل نعشه على سلم خشبي لينقل الى مثواه الأخير».

الثالث: إن الذي نقل لنا هذه العلومات هو الأخ الفاضل السيد سعيد الصفار في رسالة بعثها بتاريخ 19/10/1425هـ، عن مجلة المرشد البغدادية، والتي غاب عنه رقمها وصفحتها.

الرابع: إن الرجل هو أحمود اللامي، ويبدو أنه كان يسكن في الكاظمية المشرفة، حيث توفي بعد هذه الزيارة بسنوات ودفن في مقابرها، وعشيرة بني لام من العشائر العربية التي يتمركز تواجدها في لواء العمارة (ميسان)، وكان يرتدي الكوفية والعقال.

(2) الملك فيصل الأول: هو ابن حسين الحسني الهاشمي(1301ـ 1352هـ) أول ملك حكم العراق بعد الاحتلال البريطاني وجلاء العثمانيين، وقد مضت ترجمته في الجزء السابق: 234.

(3) تمخضت ثورة العشرين عن اختيارملك عربي هاشمي يتولى شؤون العراق، فأوفد الى الحجاز ثلة من العلماء والأعيان العراقيين لاستقدام الأميرفيصل الأول لهذا المنصب، واصطحب معهم الى العراق، فاختاورا مناسبة الغدير لذلك.

(4) كتاب تحت قبة الحسين(مخطوط) عن سيرة آل أسد خان: 87.

(5) زيد بن الحسين الهاشمي: هو حفيد الشريف علي بن محمد، رابع أبناء الشريف=

(72)