معجم  أنصار الحسين  (الهاشميون)(الجزء الثاني)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين (الهاشميون)(الجزء الثاني)

المؤلف : (محمد صادق محمد (الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن – المملكة المتحدة

 

 

 

 

عبد الله الأصغر ابن عقيل الهاشمي

27- 61هـ = 648- 680م

     هو: عبد الله الأصغر ابن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

     أمه: أم ولد، يقال إن اسمها خليلة(1)، إلا أنه لم يتبين لنا هويتها وخصوصيتها.

     جاء في نسخة من نسخ مقاتل الطالبيين قبل ذكر(2) عبد الله الأكبر ابن عقيل ما نصه: «وعبد الله بن عقيل بن أبي طالب، وأمه أم ولد، قتله عثمان بن خالد بن أسيد وبشير بن حوط القايضي، فيما ذكر سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم»(3).

     ولكن في النسخة التي لدينا ذكرت في موقعه عبد الرحمن بن عقيل بدل عبد الله بن عقيل وأوردت بقية العبارة كما هي دون أي تغيير، والظاهر أن صاحب ناسخ التواريخ نقل عنه(4) وكذلك صاحب سفير الحسين، ويؤكد لسان الملك مؤلف الناسخ بأن الأصغر برز أولاً ثم برز الأكبر.

     وسنأتي إلى بيان بعض التفاصيل في أخيه عبد الله الأكبر ابن عقيل

___________

(1) الطبقات الكبرى: 4/42.

(2) وجاء في سفير الحسين: 27 هكذا «بعد ذكر عبد الله الأكبر» وفي آخره علق بقوله: «ولم يقيده بالأصغر لأنه سبق تقييده لأخيه بالأكبر».

(3) راجع هامش مقاتل الطالبيين: 96.

(4) ناسخ التواريخ (حياة الإمام الحسين): 2/319، ومنه نقل الأميني في ياران بايدار إمام حسين: 104 وعنه شهيد كربلاء: 191.

(181)

فلا حاجة للتكرار، ولكن الغريب هذه المرة أن الأكبر قيد بالأكبر والأصغر لم يقيد بالأصغر، كما هو ديدنهم، والظاهر أن السبب هو أن الأصغر قدم على الأكبر فالذي يذكر أولاً لا يقيد بينما يقيد الذي تأخر.

     كما لا يمكن الاستظهار من كلام أبي الفرج الأصبهاني من أنه برز وقتل أو قتل دون أن يقاتل، إذ أنه عامل الجميع –المبارزين وغيرهم- بنسق واحد في الغالب، وبما أن المصادر حول عبد الله الأصغر شحيحة فلا يمكن البت بأكثر من أنه قتل في معركة الكرامة في كربلاء.

     ومن الجدير بالذكر أن ابن فندق ذكر بأن عقيلاً كان له من الأبناء ثلاثة باسم عبد الله ذكر الأول دون توصيف أو تقييد، وذكر الثاني موصوفاً بالأكبر والثالث مقيداً بالأصغر(1) ويؤيد هذا ما ورد في أصحاب الإمام السجاد «عليه السلام» من رجال الطوسي: «عبد الله بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي المدني تابعي سمع جابراً»(2) إذ يكون ثالث اثنين قتلا في معركة الطف في كربلاء، ومن هنا قال المامقاني في رجاله: «عبد الله بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي المدني عده الشيخ بهذا العنوان من أصحاب السجاد «عليه السلام»، ثم لا يخفى عليك أن لعقيل ابنين مسميين بعبد الله يلقب أحداهما بالأكبر والآخر بالأصغر قتلا بالطف مع الحسين «عليه السلام» كما نص على ذلك أرباب المقاتل والسير، ولازم ما ذكره الشيخ رحمه الله كون ابن ثالث له مسمى بعبد الله»(3).

     فعلى فرض أنهم ثلاثة فالأول لم يوصف بشيء على ديدنهم، والثاني وصف بالأكبر والثالث وصف بالأصغر، ومن هنا نحتمل أن الذي قتل في كربلاء على هذا المقياس هو الأول (أي الأكبر في الواقع) والثاني وهو الذي وصفه أبو الفرج بالأكبر (والذي لا بد من وصفه بالأوسط)، ليكون الثالث (والذي هو الأصغر) لم يستشهد وبقي إلى عهد الإمام السجاد «عليه السلام» وكان من أصحابه، وعليه فإن أبا الفرج راعى هذا الأمر لدى تقديمه عبد الله غير موصوف أو مقيد بشيء، ثم ذكر عبد الله الموصوف بالاكبر. وهذا ما

_____________
(1) لباب الأنساب: 375.

(2) رجال الطوسي: 95.

(3) تنقيح المقال: 2/199.

(182)

فعله ابن فندق حيث ذكر الأول دون وصف، وذكر الثاني موصوفاً بالأكبر والثالث موصوفاً بالأصغر.

     هذا وقد ورد في جدول المستشهدين من أبناء أبي طالب وأحفاده اسم عبد الله بن عقيل دون أن يوصف بشيء وقال: قتله سنان النخعي وقيل رجل من همدان، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة(1).

     وقد ذكره ابن قتيبة باسم عبيد الله حيث  قال: «وولد عقيل مسلماً وعبد الله ومحمداً ورملة وعبيد الله لأم ولد...»(2).

     وهناك خلاف في عدد من حضر من أبناء عقيل وأحفاده بين مقل ومكثر ولعل الخلاف في العدد هو الذي تسبب بالخلاف في نسخ ما نسب من الشعر إلى مسلم بن قتيبة أو سليمان بن قتة(3) وكذلك ابنة عقيل أو سراقة البارقي(4) حيث نظموا على الخفيف فقال بعضهم:

سبعة كلهم لصلب علـــي          قد أصيبوا وتسعة لعقـيل(5)

وقال آخرون:

ستة كلهم لصلب علــــي           قد اصيبوا وخمسة لعقيل(6)

وقال البعض الآخر:

واندبي سبعة لظهر علي           قد تولوا وستة لعـــــقيل(7)

__________

(1) لباب الأنساب: 1/399.

(2) المعارف لابن قتيبة: 2040، ثم ذكر بقية أولاده.

(3) سليمان بن قتة: هو سليمان بن حبيب بن محارب القرشي العدوي الخزاعي المتوفى عام 126هـ في مدينة دمشق، كان من الموالين لأهل البيت «عليه السلام»، ومن الشعراء المجاهرين بالولاء لهم.

(4) سراقة البارقي: هو ابن مرادس بن أسماء بن خالد الأزدي المتوفى عام 79هـ، توفي في دمشق، كان شاعراً فحلاً، قيل إنه أدرك عصر النبوة، له ديوان شعر نشر باسمه.

(5) ناسخ التواريخ: 3/320.

(6) العقد الفريد: 5/132.

(7) المجدي في الأنساب: 308 وفي مثير الأحزان: 111 «واندبي تسعة».

(183)

     وقال آخرون:

خمسة منهم لصلب علي            قد أبيدوا وسبعة لعقيل(1)

     أو قول المغيرة بن نوفل، أو أم كلثوم من السريع:

وستة ما إن أرى مثلهـم            بني عقيل خير فرسان(2)

     أو قول الكميت(3) من السريع:

وستة لا يتمارى بـــهم             بنو عقيل خير فرسان(4)

     حيث ذكروا في هذه الأشعار «خمسة» و«ستة» و«سبعة» و«تسعة» على اختلاف النسخ والنظم(5) ومن هنا يمكن فصل الأبناء عن الأحفاد، أو تخصيص من اشتهر منهم دون غيره أو من بارز منهم دون من قتل دون مبارزة، أو تخصيص الذكر بمن قتل في كربلاء دون من قتل في الكوفة كمسلم بن عقيل، أو من استشهد من الرجال دون النساء وكل هذا وارد، كما أن الاختلاف ربما يكون من رسم الخط أو النساخ أيضاً وارد، والله العالم.

     وعلى أي حال فلا مراء بأن عبد الله الأصغر ابن عقيل حضر كربلاء واستشهد، وإن كان هناك خلاف فهو في الأكبر والأوسط بمعنى عبد الله وعبد الله الأكبر فيما إذا لم يوصف الأول بشيء ووصف بعده بالأكبر في قبال الثالث وهو الأصغر،  وهذا الخلاف يجرنا إلى أنه شقيق للأكبر أو للأوسط لأن ابن سعد ذكر في طبقاته: بأن عبد الله وعبد الرحمن وعبد الله

_________
(1) أنساب الأشراف: 223 في تذكرة الخواص «سبعة منهم لصلب علي».
(2) حياة الإمام الحسين للقرشي: 3/310، المنتخب للطريحي: 469، معجم الشعراء للمرزباني: 243 وفي المنتخب جاء الصدر: «وفتية ليس يجارى بهم».

(3) الكميت: هو ابن زيد بن خنيس الأسدي (60- 126هـ) يكنى بأبي المستهل، ويعرف بشاعر الهاشميين كان من العلماء الإمامية والعارفين باللغة وآداب العرب، ومن فحول الشعراء ونشر له الهاشميات، وغيره.

(4) مقتل الحسين للخوارزمي: 2/152، وجاء في كفاية الأثر: 248 «لا يتجازى».

(5) راجع بشأن هذا ديوان القرن الأول: 1/127 و226، وديوان القرن الثاني: 150 و211.

(184)

الأصغر أمهم خليلة، والكلام موكول إلى مكانه وهو في ترجمتها.

     والحاصل أن أكثر ما قيل في أولاد عقيل هم 38 شخصاً، 29 منهم ذكور، وتسعة إناث(1)، وكل من ثبت أو احتمل مقتله بمعركة الطف يبلغ عددهم 16 شخصاً مع المقتولين في الكوفة؛ ولا حاجة إلى ذكرهم بعدما ذكرناهم في المقدمة وسنبحث عنهم في هذا المعجم.

     وأما الحديث عن زواجه ونسله، فلا شك أن الإخوة الثلاثة المسمون بعبد الله جميعهم تزوجوا من بنات علي أمير المؤمنين «عليه السلام» وقد قال النمازي(2) بهذا الشأن  لدى عده أولاد عقيل: «وثالثهم ورابعهم وخامسهم: عبد الله، أحد الثلاثة تزوج أم هاني بنت أمير المؤمنين «عليه السلام» فولدت له محمداً قتل بالطف، وكذا عبد الرحمن، وثانيهم تزوج ميمونة بنت أمير المؤمنين «عليه السلام»، فولدت له عقيلاً، وثالثهم تزوج نفيسة بنت أمير المؤمنين «عليه السلام»، فولدت له أم عقيل»(3).

     يقول ابن قتيبة: «وأما عبد الله بن عقيل فولد محمداً ورقية وأم كلثوم، أمهم ميمونة بنت علي بن أبي طالب»(4) ولا يخفى أنه عبر عن عبد الله الأصغر بعبيد الله فالمراد بعبد الله الذي تزوج من ميمونة هو غير عبد الله الأصغر.

     ويقول العمري: «وأعقب عبد الله الأكبر: محمداً وعلياً وعقيلاً ومسلماً وعبد الرحمن»(5).

     ويقول العمري أيضاً في مكان آخر من كتابه لدى الحديث عن بنات أمير المؤمنين «عليه السلام»: «وخرجت ميمونة بنت علي إلى عبد الله الأكبر ابن

___________

(1) راجع ترجمة عقيل في الجزء الأول من هذا المعجم.

(2) النمازي: هو علي بن محمد بن إسماعيل الشاهرودي (1333 – 1384هـ) ولد في شاهرود (إيران) وتوفي في مشهد المقدسة، ودفن فيها، من علماء الإمامية، من آثاره: رسالة التفويض، تاريخ الفلسفة والتصوف، ومستدرك سفينة البحار.

(3) مستدركات علم رجال الحديث: 5/254.

(4) المعارف: 205.

(5) المجدي: 307.

(185)

عقيل.. وخرجت نفسية وهي أم كلثوم الصغرى إلى عبد الله بن عقيل الأصغر»(1).

     والغريب ما أورده الطبرسي(2) في أعلام الورى: «وأما أم هانىء فكانت عند عبد الله الأكبر ابن عقيل بن أبي طالب فولدت له محمداً قتل في الطف، وعبد الرحمن، وأما ميمونة بنت علي «عليه السلام» فكانت عند عبد الله الأكبر ابن عقيل فولدت له عقيلاً، وأما نفيسة فكانت عند عبد الله الأكبر ابن عقيل فولدت له أم عقيل»(3) وكلامه هذا محتمل لأمرين:

     الأول: إن عبد الله الأكبر تزوج الثلاثة ولكن من غير جمع بل بمفارقة اللأولى ثم الثانية بالطلاق أو الموت.

     الثاني: إنه أراد بالأول الأكبر وبالثاني الأوسط وبالثالث الأصغر فتكون نفيسة زوجة عبد الله الأصغر، وقد سبق وذكر بأن أم كلثوم الصغرى هي نفيسة بمعنى أن كنيتها أم كلثوم.

     ولكن حسب المعطيات السابقة التي تحدثنا عنها لدى ترجمة زوجات الإمام علي «عليه السلام» فإن عبد الله الأكبر تزوج من ميمونة(4)، وإن عبد الله الأوسط تزوج من نفيسة(5)، وإن عبدا الله الأصغر تزوج فاختة(6) «أم هاني».

__________
(1) المجدي: 18.

(2) الطبرسي: هو الفضل بن الحسن بن الفضل، ولد في طبرستان –إيران- وتوفي في مدينة سبزوار عام 548هـ ودفن في مشهد المقدسة، من أعلام الإمامية، من آثاره: مجمع البيان، الآداب الدينية، وتاج المواليد.

(3) إعلام الورى: 1/397.

(4) ميمونة: أمها أم ولد (أم ميمونة)، التي ولدت نحو عام 6هـ، ونكحها علي «عليه السلام» نحو عام 20هـ، وتوفيت بعد عام 40هـ.

(5) نفيسة: أمها أم ولد (أم شعيب المخزومية) التي ولدت من نحو عام 2ق.هـ، وقد نكحها علي «عليه السلام» حدود عام 20هـ، وتوفيت بعد عام 40هـ.

(6) فاختة: أمها أم ولد (أم فاختة)، التي ولدت قبل عام 16هـ، ونكحها علي «عليه السلام» نحو عام 33هـ، وتوفيت بعد عام 40هـ.

(186)

 

محمداً أيضاً(1) وأنجبت الثانية للأوسط أم عقيل، وأنجبت الثالثة للأصغر، محمداً وعبد الرحمن وسلمى وأم كلثوم(2) وكلهم انقرضوا(3).

     أما المستشهدين في الطف فهم عبد الله الأكبر وعبد الله الأصغر، وأما الأوسط فعاش حتى كان من أصحاب الإمام السجاد «عليه السلام»(4).

     وأما بالنسبة إلى عمره فقد سبق وحددناه بنحو 33 عاماً لدى استشهاده في كربلاء(5)، بمعنى أن ولادته كانت في حدود عام 27هـ، كما وحددنا ولادة زوجته فاختة «أم هاني» بعام 34هـ، ويذكر أن محمداً ابنهما قتل في كربلاء(6)، ولعل عمره كان في حدود إحدى عشرة سنة حيث إن زواج أمه إذا كان في حدود عام 48هـ كما هو الغالب في الإنجاب، وإن محمداً كما يذكر في مقدمة أبنائه. بل بعضهم ذكره لوحده دون غيره من الأشقاء والشقيقات.

     وأما بالنسبة إلى قاتله، فإن ابن فندق ذكر: بأن سنان النخعي هو الذي قتله، وأضاف: وقيل رجل من همدان(7)، وربما اشتركا في قتله بل

_________
(1) جاء في المعارف لابن قتيبة: 205، «وأما عبد الله بن عقيل فولد محمداً ورقية وأم كلثوم، أمهم ميمونة بنت علي بن ابي طالب»، ومن الغريب ما ورد في وسيلة الدارين: 423 «وأم هاني أمها أم ولد وكانت عند عبد الله الأكبر ابن عقيل بن أبي طالب فولدت له محمداً الأوسط».

(2) تاريخ قم: 193.

(3) يقول البخاري في سر السلسلة العلوية: 4 فكل عقيلي في الدنيا ليس من ولد محمد ابن عقيل بن أبي طالب فهو مدع، إذ لم يبق لعقيل نسل إلا من ولده محمد ابن عقيل.

(4) جاء في لباب الأنساب: 1/334 «إن أم كلثوم الصغرى اسمها نفيسة كانت عند عبد الله بن عقيل، فولدت له أم عقيل، ثم تزوجها كثير بن العباس فولدت له نفيسة، وتزوجها –الضمير يعود إلى نفيسة الثانية- عبد الله بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

(5) راجع لباب الأنساب: 1/399.

(6) راجع إعلام الورى: 1/397 بغض النظر عن وصفه العبادلة ثلاثتهم بالأكبر ولكن أنظر إلى كلامه بمنظار الزوجات.

(7) لباب الأنساب: 1/399.

(187)

اشترك آخر وهو عثمان بن خالد بن أسير  الجهني كما ورد في مقاتل الطالبيين(1)، ولكنه وصفه بالأكبر في النسخة التي لدينا، وفي نسخة أخرى فقد ذكر: عبد الله دون وصفه بالأكبر وقال: إن قاتله عثمان بن خالد بن أسير (أسيد) الجهني، وبشير بن حوط القايضي(2)، ولكن في النسخ الحديثة: جاء «عبد الرحمن بن عقيل» بدل «عبد الله بن عقيل»، وقد سبق وأشرنا إلى ذلك، وربما ما جاء في لباب الأنساب هو الأنسب، وما ورد في مقاتل الطالبيين في النسخ الحديثة من أن قاتل عبد الله الأكبر هو عثمان ابن خالد الجهني هو الأقرب(3)، وعليه يكون عثمان قد اشترك مع بشير بن حوط القايضي في قتل عبد الرحمن بن عقيل، وربما اشترك رجل من همدان في قتل عبد الله الأكبر وعبد الله الأصغر ابني عقيل والله العالم.

     وأما بالنسبة إلى وقت شهادته فيصرح لسان الملك بأن عبد الله الاصغر خرج للمبارزة قبل أخيه عبد الله الأكبر(4)، ويبدو أنه ليس له رجز كما لأخيه عبد الله الأكبر(5).

     وبهذا القدر نكتفي لنتحدث عن بعض الملابسات في ترجمة أخويه عبد الله الأكبر وعبد الله الأوسط إن شاء الله تعالى.

______
(1) مقاتل الطالبيين: 97.

(2) راجع سفير الحسين: 27.

(3) ويؤيده ما ورد في مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/106.

(4) ناسخ التواريخ (حياة الإمام الحسين): 2/319.

(5) راجع ديوان القرن الأول: 2/105، وهامش مقتل الحسين لبحر العلوم: 353، وترجمة عبد الله الأكبر من هذا المعجم.

(188)

40

عبد الله الأصغر ابن علي الهاشمي

37- 61هـ = 657-680م

     هو: عبد الله الأصغر ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

     أمه: هي ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي بن سلم النهشلية الدارمية.

     لقد سبق الحديث في «أبي بكر بن علي» عن تفاصيل شخصيته حيث ذكر البعض بأنه متحد مع أبي بكر، ولكن بعد المناقشة الطويلة توصلنا إلى أن أبا بكر مغاير مع عبد الله الأصغر ومع محمد الأصغر ومع عبيد الله أبناء علي «عليه السلام» ونرجع بالكلام إلى هناك.

     وأم ليلى هي: عميرة بنت قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر المقاعسية.

     وأم عميرة هي: عناق بنت عاصم بن سنان بن خالد بن منقر بن عبيد المقاعسية.

     وأم عناق هي: ابنة أعبد بن أسعد بن منقر بن عبيد الحارث المقاعسية.

     وأمها هي: ابنة سفيان بن خالد بن عبيد بن مقاعس بن عمرو بن كعب التميمية.

     واعتماداً على ما سبق ترجمة أبي بكر فلا نعيد الحديث هنا إلا عن النتائج وهو أن عبد الله الأصغر شقيق لأبي بكر وعبيد الله أبناء علي بن أبي طالب «عليه السلام» وليلى النهشلية، ومن الجدير ذكره أن علياً «عليه السلام» تزوجها

(189)

بعد 12/7/36هـ بالكوفة وأنجبت عبد الله الأصغر في عام 37هـ كما أنجبت أبي بكر في عام 38، وعبيد الله في عام 39هـ، واستشهد عبد الله الأصغر وأبو بكر في كربلاء مع أخيهما الحسين «عليه السلام» بينما قتل عبيد الله عام 67هـ في المذار (البصرة).

     وأما قاتله فهو رجل من همدان كما ورد في ناسخ التواريخ(1)، ولا شك بأنه قتل في كربلاء وما الشبهات التي أثيرت حوله إلا احتمالات واهية سبق تفنيدها.

     وسنأتي في ترجمة شقيقه عبيد الله الذي حضر كربلاء، وقاتل مع ابن الزبير ضد الأمويين، ومناقشته وصية أمير المؤمنين «عليه السلام» فبيل وفاته واعتراض عبد الله، وأنه ليس بعبد الله وأنه عبيد الله أولاً، وأن الرواية لا أساس لها ثانياً، فإلى هناك نحيل التفاصيل.

_____________

(1) ناسخ التواريخ (حياة الإمام الحسين): 2/333.

(190)

 

41

عبد الله الأكبر ابن الحسن الهاشمي

25- 61هـ = 646- 680م

     هو: عبد الله الأكبر ابن الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن هاشم القرشي.

     وأمه هي: أم ولد يقال لها: نفيلة(1)، لقد سبق الحديث عنه في ترجمة أخيه أبي بكر، وتوصلنا إلى للإمام الحسن ثلاثة أبناء باسم عبد الله فوصفنا الأول بالأكبر، والثاني بالأوسط، والثالث بالأصغر، ولما تحدثنا عن الأصغر ذكرنا أن المختار أن عبد الله أياً منهم مغاير مع أبي  بكر، وقد فصلنا الحديث عن عبد الله الأكبر في ترجمة كل من أبي بكر وعبد الله الأصغر ابني الإمام الحسن «عليه السلام» فليراجع، وملخص القول ما يلي:

     1- أبو بكر: ابن ملكية بنت الأحنف التميمية (44- 61هـ) قتله عبد الله بن عقبة الغنوي(2).

     2- عبد الله الأكبر: ابن نفيلة (25- 61هـ)، قتله هاني بن ثبيت الحضرمي(3).

     3- عبد الله الأوسط: ابن حبيبة الحبشية (46- 61هـ) قتله نبهان بن زهير(4).

_____________
(1) تذكرة الخواص: 215.

(2) لباب الأنساب: 1/342.

(3) تذكرة الخواص: 215.

(4) راجع لباب الأنساب: 1/342، وروضة الشهداء: 399.

(191)

     4- عبد الله الأصغر: ابن زينب بنت سبيع البجلية (49- 61هـ) قتله حرملة بن كاهل الأسدي(1).

     وبالنسبة إلى أم عبد الله الأكبر فالظاهر أن لا مناص من القول: بأنها أم ولد لذهاب أكثر من ذكره إلى ذلك، وأما عن تحديد اسمها فالذي باليد هو ما نقله سبط ابن الجوزي في التذكرة عن ابن سعد في الطبقات: أن أمه نفيلة، ولعل هذا أقرب الاحتمالات، حيث إن رملة هي ام القاسم كما صرح الكثير بذلك، وأما أم أبي بكر فقد صرح: بأن اسمها مليكة، أو ملكة بنت الأحنف بن قيس، فتبقى أم عبد الله الأوسط هي حبيبة الحبشية كما ورد في لباب الأنساب(2) والله العالم بحقائق الأمور.

     وأما عن عمره فقد سبق بيانه في ترجمة أخيه عبد الله الأصغر وأبي بكر حيث توصلنا إلى أنه ولد عام 25هـ ليكون عمره يوم استشهاده 35 عاماً كما أورد ذلك ابن فندق في لباب الأنساب(3) بتقريب أنه يرى بأن كنيته أبو بكر.

     وأما عن موقع مقتله فقد ذهب ابن شهرآشوب إلى أنه برز قبل القاسم وبعد القاسم برز أبو بكر(4).

     وأما الخوارزمي فقد خلط بين القاسم وبينه، ويبدو أنه انتبه إلى هذا الخلط فقال: ثم خرج عبد الله بن الحسن الذي ذكرناه أولاً – في رواية-، والأصح أنه برز بعد القاسم في الرواية الثانية، وقاتل حتى قتل، وهاتان الروايتان وقع فيهما الشك بالسابق منهما(5)، وكلاهما متفقتان بأنه برز بعد عون بن عبد  الله بن جعفر وقبل أبي بكر، ولكن الخوارزمي نقل أولاً: بأنه خرد قبل القاسم ثم بعد القاسم أبو بكر، ثم عدل عن ذلك وذكر: أنه خرج بعد القاسم، ولكن ما ذهب إليه ابن شهرآشوب هو الأشهر.

__________
(1) راجع تذكرة الخواص: 215، وشارك في تله أبجر بن كعب – راجع الإرشاد: 2/110.

(2) لباب الأنساب: 1/432.

(3) لباب الأنساب: 1/400.

(4) مناقب آل أبي طالب: 4/106.

(5) مقتل الحسين للخوارزمي: 2/28.

(192)

     وأما قاتله فلا يكاد يختلف عليه بأنه هاني بن ثبيت الحضرمي، وقد سبق وتحدثنا عن ذلك في ترجمة أبي بكر وعبد الأصغر ابني الحسن الزكي «عليه السلام».

     وأخيراً لا بأس بالإشارة إلى أن عبد الله الأكبر ابن الحسن يعد من أصحاب الإمام الحسين «عليه السلام» بالمصطلح الرجالي حسب ما أورد ذكره الطوسي(1) والقهبائي(2) والعلامة والأردبيلي(3) في مؤلفاتهم، ولكن لم يرووا عنه ولا عن غيره حسب ما حققناه.

     والغريب في نقل الطوسي لدى ذكره لأصحاب الإمام الحسين «عليه السلام» ما نصه: وعبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب «عليه السلام» قتل معه(4)، أمه: الرباب بنت امرىء القيس بن عدي بن أوس بن جابر من بني كلب بن وبرة»(5).

     أولاً: إن الضمير في قتل معه، يعود إلى الإمام الحسين «عليه السلام» وليس للإمام الحسن «عليه السلام» للسياق، حيث ذكر قبله علي الأصغر ابن الحسين والذي قتل معه.

     ثانياً: إن الرباب الكلبية كانت زوجة الإمام الحسين «عليه السلام» ولم تكن زوجة الإمام الحسن «عليه السلام» والكلام يحتمل وجوهاً:

     1- إن التصحيف وقع في كلمة «الحسن» حيث أراد «الحسين» وقصد ابنه، إلا أنه لا يناسب لأن أرباب الرجال لا يطلقون على مثل الرضيع أنه من أصحاب المعصوم، والغالب بل المتعارف أن يقال: الصاحب على من تجاوز الطفولة بالتكليف، وعبد الله بن الحسين «عليه السلام» المقتول معه كان رضيعاً ولا خلاف في ذلك.

__________
(1) رجال الطوسي: 76.

(2) مجمع الرجال: 3/278.

(3) جامع الرواة: 1/481.

(4) رجال العلامة الحلي: 104، وجاء فيه: «عبد الله بن الحسن بن أبي طالب «عليه السلام» قتل معه» الضمير في «معه» يعود إلى الأمام الحسين «عليه السلام» المذكور في عبد الله بن علي الذي قال عنه «أخو الحسين «عليه السلام» قتل بكربلاء».

(5) راجع معجم رجال الحديث: 10/165.

(193)

     2- إن الرباب زوجة الحسين «عليه السلام» كانت لأخيه الحسن «عليه السلام» فأولدت منه عبد الله الأكبر ابن الحسن «عليه السلام» ثم لما مات الحسن «عليه السلام» وانقضت عدتها تزوجها الحسين «عليه السلام» فأنجبت له سكينة وعبد الله الرضيع، كما هو الحال في أم إسحاق التي كانت زوجة الإمام الحسن «عليه السلام» ثم من بعده تزوجت الإمام الحسين «عليه السلام».

     ولكن هذا يتناقض مع عمر سكينة التي ولدت عام 42هـ والإمام الحسن «عليه السلام» كان لا يزال على قيد الحياة، والقول بأنه «عليه السلام» طلقها فتزوجها الحسين «عليه السلام» غير وارد ولا مؤيد بنص، مضافاً إلى أن عبد الله الأكبر ابن الحسن «عليه السلام» تزوج من سكينة بنت الحسين «عليه السلام» وهذا طبعاً لا يمكن للأخوة التي بينهما من ناحية الأم.

     3- القول بأن هناك سقطاً من القلم، حيث أراد أم الرباب ليكون النص كالتالي: «وأمه أم الرباب» ويؤيد هذا ما جاء في بعض النسخ الأخرى لرجال الطوسي كما يظهر من نقل المامقاني عنه حيث ذكر: «عده الشيخ رحمه الله من أصحاب الحسين «عليه السلام» مضيفاً إلى ما في العنوان قوله قتل معه، أمه أم الرباب بنت امرىء القيس...»(1).

     وفي قوله: «أم الرباب» أيضاً احتمالان:

     الأول: إن المراد به أن ولادة عبد الله بن الحسن هي والدة الرباب التي كانت زوجة الإمام الحسين «عليه السلام» والتي كان اسمها: هند الهنود بنت الربيع بن مسعود الكلبية(2) وهذا لا يصح من عدة جهات:

     أولاً: عدم وجود قائل به، ولا له ذكر في التاريخ والسيرة والأنساب والرجال.

     ثانياً: إن عمر عبد الله بن الحسن «عليه السلام» لا يتناسب وعمر والدة الرباب بنت امرىء القيس حيث إن عبد الله الأكبر ابن الحسن «عليه السلام» ولد عام 25هـ، وأما والدة الرباب فلا بد أنها ولدت قبل الهجرة النبوية بفترة، لأن

_________
(1) تنقيح المقال: 2/178.

(2) مقاتل الطالبيين: 84.

(194)

الرباب عاشت خمسين سنة وتوفيت عام 62هـ، ومعنى ذلك أنها ولدت عام 12هـ، ومتى تركها امرؤ القيس أو تخلى عنها أو مات عنها حتى تمكن عبد الله الأكبر ابن الحسن «عليه السلام» من الزواج منها، كلها أمور تحتاج إلى دليل رغم عدم إمكانيته عادة، هذا إن قلنا: إن المراد هو عبد الله الأكبر، وعلى من أراد به الأصغر فالأمر أعقد من ذلك.

     وثالثاً: إن عبد الله الأكبر ابن الحسن «عليه السلام» يكون على هذا الاحتمال خالاً لسكينة بنت الحسين «عليه السلام» ولا يجوز زواج الخال من ابن أخته.

     رابعاً: إن أحداً لم يذكر بأن الإمام الحسن «عليه السلام» تزوج والدة الرباب، بل هناك من قال إنه تزوج أخت الرباب في قصه طويلة سنذكر منها محل الحاجة وقد ذكرناها بطولها في زوجات الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» في مقدمة هذا المعجم فليراجع(1).

     الثاني: إن المراد بأم الرباب، الكنية، بمعنى أن المرأة التي كانت والدة لعبد الله الأكبر ابن الحسن «عليه السلام» هي ابنة امرىء القيس وكنيتها أم الرباب، وهي حينئذ أخت الرباب بنت امرىء القيس زوجة الحسين «عليه السلام» فيكون عبد الله الأكبر ابن الإمام الحسن «عليه السلام» وعمه الإمام الحسين «عليه السلام» عديلين.

     وأخت الرباب هذه تسمى سلمى كما أن أختاً ثالثة لهما كانت تسمى المحياة تزوجها الإمام علي «عليه السلام» وأنجبت له أم يلعى.

     4- ربما كان السقط كلمة: «أخت» لتكون العبارة أمه أخت الرباب الكلبية، ولهذا وجه وجيه حيث إن المراد بها يكون سلمى بنت امرىء القيس الكلبية، ولكن أكثر أصحاب التاريخ والسير وأرباب النسب والرجال لم يذكروا ذلك، ولعله ليس أول قارورة كسرت في الإسلام.

     وبما أننا لم نتأكد من هذا الاحتمال ولدينا من صرح بأن اسم أمه نفيلة، لذلك وقع اختيارنا على أن أمه: نفيلة.

     وأما بالنسبة إلى مورياته فليس لدينا شيء يثبت ذلك سوى ما ورد في

__________
(1) راجع ترجمة زوجة الإمام علي «عليه السلام» والمسماة محياة بنت امرىء القيس الكلبية.

(195)

التهذيب حيث روى عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد عن هارون بن مسلم، عن الحسين بن علوان، عن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب «عليه السلام»، عن آبائه «عليه السلام» قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كل شي يجتر فسؤره حلال ولعابه حلال»(1).

     وبعد مراجعة الراوي عنه أعني «الحسين بن علوان» تبين أنه الكوفي الكلبي وهو من أصحاب الإمام الصادق «عليه السلام»، وله معه أخبار وقد كان حياً حتى عام 200هـ(2)، وبعد الفحص والتدقيق تبين أنه يوري عن عبد الله بن الحسن المثنى المتوفى عام 90هـ(3) ومن هنا جاء تعليق السيد الخوئي(4) على سند هذا الحديث قائلاً: «كذا في هذه الطبعة القديمة والوافي والوسائل عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي «عليه السلام» وهو الصحيح فوقع السقط في هذه الطبعة»(5) وعبد الله هذا ملقب بالمحض وأمه فاطمة بنت الحسين «عليه السلام».

     وأما بقية الروايات التي وردت دون ذكر الجد (علي بن أبي طالب) فهي أيضاً ليست من مروياته بل من مرويات عبد الله المحض ابن أخيه الحسن المثنى، كما اتضح لنا من الذين رووا عنه.

     وأما بالنسبة إلى زواجه فقد تزوج من ابنة عمه سكينة بنت الحسين «عليه السلام»: المولودة عام 42هـ ت على ما قيل- كما تذكرالمصادر التي في المتداول كإعلام الورى حيث قال لدى عده لأولاد الإمام الحسن «عليه السلام»: «وكان عبد الله بن الحسن قد زوجه الحسين ابنته سكينة فقتل قبل أن يبني بها»(6)، والمجدي حيث يقول: «وعبد الله بن الحسن – هو أبو بكر- قتل

___________
(1) تهذيب التهذيب: 1/228.

(2) راجع مستدركات علم رجال الحديث: 3/155.

(3) راجع ترجمته في هذا المعجم.

(4) الخوئي: هو أبو القاسم بن علي أكبر بن هاشم الموسوي (1317- 1413هـ) ولد في خوي (إيران) وتوفي في النجف، من أعلام الإمامية ومراجعها، من مؤلفاته: البيان في تفسير القرآن، مباني تكلمة منهاج الصالحين، فقه القرآن على المذاهب الخمسة.

(5) معجم رجال الحديث: 10/165.

(6) إعلام الورى: 1/418.

(196)

بالطف، وكان الحسين «عليه السلام» زوجة ابنته سكينة، دمه- أبو بكر- في بني غني»(1) والأغاني إذ قال: «تزوجت سكينة بنت الحسين «عليه السلام» عدة أزواج، أولهم عبد الله بن الحسن بن علي وهو ابن عمها وأبو عذرتها»(2)، وقريب  منه في المحبر(3) وفي المترادفات(4) وممن ذكر زواجها من عبد الله بن الحسن «عليه السلام» محمد الصبان(5) في إسعاف الراغبين(6).

     وأمام هذه التصريحات فلا مجال لأمرين: 1- عدم زواجه، 2- إنه كان صغيراً بحيث لم يكن حتى من المراهقين.

     وأما أن يكون المراد به أبا بكر كما أشار الطبرسي في إعلام الورى فقد بحثناه في ترجمة أبي بكر وترجمة عبد الله الأصغر.

     وأما عن إنجابهما له فلقد صرخ بعضهم بأنها لم تلد منه(7) ولا شك أن عبد الله الأكبر ابن الحسن «عليه السلام» ليس له عقب لا منها ولا من غيرها، وسنأتي على بعض التفاصيل عن زواجه عند ترجمة زوجته السيدة سكينة بنت الحسين «عليه السلام».

     ولكن سبق ولنا إن للإمام الحسن «عليه السلام» ثلاثة من العبادلة، والأكبر والذي يمكن أن يكون هو المقصود فيما أورده الطوسي مات ولم يعقب كما سبق وأشرنا إلى ذلك في ترجمة عبد الله بن الحسن «عليه السلام»، واتجهنا نحو أبناء الحسن المثنى لاحتمال أن يكون هناك تصحيف بين الحسن والحسين

________
(1) المجدي: 19.

(2) الأغاني: 16/158 وفي الهامش «أبو عذرتها: أي كان أول من تزوجها ودخل بها».

(3) المحبر لابن حبيب: 438 كما في كتاب سكينة بنت الحسين للمقرم: 110.

(4) المترادفات للمدائني: 64 كما في كتاب سكينة بنت الحسين للمقرم: 110.

(5) محمد الصبان: هو ابن علي المصري المتوفى صنة 1206هـ، ولد وتوفي في القاهرة، أديب شارك في اللغة والنحو والبلاغة  والعروض وعلم المنطق والتاريخ والسيرة، من مؤلفاته: شرح الكافية الشافية، الرسالة البيانية، وحاشية شرح الأشموني.

(6) إسعاف الراغبين: 202 كما في كتاب سكينة بنت الحسين للمقرم: 110.

(7) كتاب سكينة بنت الحسين للمقرم: 110.

(197)

أولاً، وسقط بين الحسن وعلي ثانيا ليكون مثلاً: «الحسن بن الحسن بن علي»، ولكن دون جدوى فلم نجد في هذه السلسلة أحداً من الطالبيين بكل أوجه التصحيف أو السقط،واتجهنا نحو غير الطالبيين إذ احتملنا أن الناسخ وضع كلمة «عليه السلام»، فلم نجد في كتب الرجال من يمكن أن يصحح ما ورد في رجال الطوسي، ومن المؤسف، أن الذين تأخروا عن الطوسي لم يشيروا إلى هذا فإما أنهم أسقطوه أو أنهم سكتوا عنه، قال الخوئي معلقاً: «كذا في الرجال ولكن الكتب الرجالية لم تحكه عنه»(1).

     وعلى أي حال فهو سهو من الطوسي بلا شك أو ريب، أو إضافة من الناسخ.

__________
(1) معجم رجال الحديث: 10/336، ربما أراد القول بأنه من إضافة النساخ أو السهو الذي أشرنا إليه.

(198)

 

42

عبد الله الأكبر ابن عقيل الهاشمي

نحو 20- 61هـ = 641- 680م

     هو: عبد الله الأكبر ابن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

     أمه: هي خليلة (أم ولد)، إذاً فهو شقيق لعبد الرحمن وعبد الله الأصغر المستشهدين بين يدي الإمام الحسين «عليه السلام» كما صرح بذلك ابن سعد في طبقاته حيث قال: «عبد الله وعبد الرحمن وعبد الله الأصغر أمهم خليلة»(1).

     تزوج من ميمونة بنت الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» فأنجبت له علياً وعبد الرحمن وعقيلاً(2)، وقيل محمداً أيضاً(3).

     وهو أحد العبادلة الثلاثة من ابناء عقيل الذي سبق الحديث عنهم في ترجمة عبد الله الأصغر ابن عقيل، وجاء في معجم رجال الحديث ثلاثة عناوين باسم عبد الله بن عقيل بن أبي طالب، ولكنه احتمل اتحاد الأول مع الثاني بينما جزم بتغايرهما مع الثالث حيث قال:

     1- عبد الله بن عقيل بن أبي طالب: روى عن أمير المؤمنين «عليه السلام»، وروى عن عمرو بن ثابت(4) أقول: الظاهر أنه متحد مع ما بعده.

____________
(1) راجع الطبقات الكبرى: 4/42.

(2) راجع ترجمة ميمونة بنت علي «عليه السلام» في المقدمة من هذا المعجم.

(3) راجع ترجمة عبد الله الأصغر بن عقيل من هذا المعجم.

(4) راجع تهذيب الأحكام: 8/34، والاستبصار: 3/275.

(199)

     2- عبد الله بن عقيل بن أبي طالب: عده الشيخ المفيد في الإرشاد(1) في مقتل مع الحسين «عليه السلام» من أهل بيته في طف كربلاء في الفصل المختص بذكر أسمائهم، أقول: هذا مغاير لمن يذكر بعد ذلك جزماً.

     3- عبد الله بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي المدني: تابعي سمع جابراً، من أصحاب السجاد «عليه السلام»، رجال(2) الشيخ(3).

     وحاصل كلامه أن هناك شخصيتين بهذا الاسم من أبناء عقيل بن أبي طالب، استشهد أحدهما في معركة الطف وبقي الآخر حياً بعد معركة الطف، وعليه يمكن وصف أحدهما بالأكبر والآخر بالأصغر، ومع هذا لم يجزم بعدم وجود شخصية ثالثة، حيث احتمل أن الأول والثاني  متحدان، والغريب منه أنه لم يقدم لاحتماله دليلاً.

     وأما المامقاني(4) فقد اختار أن لعقيل ثلاثة أبناء باسم عبد الله(5)، وقد سبق ونقلنا كلامه في ترجمة عبد الله الأصغر.

     وعلى أي حال فإن عبد الله الأكبر خرج إلى المعركة بعد أخيه عبد الله الأصغر، وارتجز قائلاً:

خلوا عن المصحر دون الغيل

خلوا عن الواضح من عقيــــل

يمنع عن صريخة الرســـــول

___________
(1) الإرشاد: 2/125، حيث أورد في عداد من قتلوا مع الحسين «عليه السلام»: عبد الله وجعفر وعبد الرحمن بنو عقيل.

(2) رجال الطوسي: 95، حيث ذكر في أصحاب السجاد «عليه السلام»: عبد الله بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي المدني تابعي سمع جابراً.

(3) معجم رجال الحديث: 10/259.

(4) المامقاني: هو عبد الله بن محمد بن حسن بن عبد الله الغروي (1290- 1351هـ) ولد في النجف وتوفي فيها، من أعلام الإمامية، ومن آثاره: مقباس الهداية، مطارح الأفهام، ومنتهى مقاصد الأنام.

(5) راجع تنقيح المقال: 2/199.

(200)

بسيفه المهند المصقول(1)

     فقتل من القوم رجالاً وفرساناً حتى أثخن بالجراح فأجهز عليه عثمان ابن خالد الجهني(2) كما تقدم الحديث عن ذلك.

     وأما الأصغر فلم يذكر أن له رجزاً في كتب المقاتل والتاريخ.

     ومما تجدر الإشارة إليه أن اسمه لم يرد في زيارة الناحية، وما قول شمس الدين في تحوير مقطع من الزيارة ليصدق عليه إلا تكلف لا دليل له، فقد ورد في الزيارة «السلا على أبي عبد الله بن مسلم بن عقيل ولعن الله قاتله وراميه عمرو بن صبيح الصيداوي»(3) وعلق شمس الدين عليه قائلاً: «ورجحنا أن الاسم ورد في الزيارة بهذه الصورة خطأ، لانفراد الزيارة بهذا الاسم من بين المصادر، ولاتفاق الزيارة مع الطبري في أن القاتل هو عمرو بن صبيح الصيداوي»(4).

     ومن الواضح أن تعليله عليل، إذ الاحتمال بأن المراد به محمد الأكبر ابن مسلم والذي كنيته أبو عبد الله وارد فتأمل، أو أنه أراد السلام على مسلم بن عقيل، وأبو عبدالله هي كنية مسلم وإنما جاءت كلمة «بن» بين عبد الله ومسلم تصحيفاً.

     وما مسألة القاتل إلا أمر ثانوي إذ قد يشترك مجرم في قتل أكثر من واحد، كما هو الحال في العديد من قتلة أصحاب الإمام الحسين «عليه السلام».

     وأما عُمر عبد الله الأكبر ابن عقيل فلربما نستهدي من عُمر أخيه عبد الله الأصغر فقد سبق وذكرنا أنه ولد عام 27هـ فلا بد أن يكون قبله وقبل أخيه عبد الله الأوسط بمعنى ضرورة أن تكون ولادته عام 25هـ وما قبله، وبما أن ولادة زوجته ميمونة بنت علي «عليه السلام» كانت في حدود عام 21هـ فيمكن أن يكون هو أكبر منها، وبالأخص إذا كان زواجه منها قبل رحيل علي «عليه السلام» إلى الكوفة عام 36هـ فلا بد أن تكون ولادته قبل سنة عشرين

________
(1) راجع ديوان القرن الأول: 2/105 عن هامش مقتل الحسين لحبر العلوم.

(2) راجع مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/106.

(3) بحار الانوار: 98/271.

(4) أنصار الحسين: 134.

(201)

للهجرة، وقد أنجبت له: رقية وعقيل وأم كلثوم(1).

     وكان عبد الله الأكبر بن عقيل بكنى بأبي عقيل لمكان ابنه عقيل، ومن هنا وقع التصحيف في كلام ابن شهرآشوب لدى عده بنات علي «عليه السلام» واللاتي تزوجن في حياته قال: «وميمونة من عقيل بن عبد الله بن عقيل»(2) والصحيح: وميمونة من أبي عقيل عبد الله بن عقيل».

__________
(1) راجع سفير  الحسين: 26، وترجمة أم ميمونة في المقدمة.

(2) مناقب آل أبي طالب: 3/305.

(202)

 

43

عبد الله الأكبر ابن علي الهاشمي

35- 61هـ = 656- 780م

     هو: عبد الله الأكبر ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

     أمه هي: فاطمة (أم البنين) بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الرحيل الكلابية.

     مضت سلسلة نسبه في شقيقه العباس الأكبر أبو الفضل ابن أمير المؤمنين «عليه السلام» وشقيقه جعفر.

     ولد في المدينة سنة 35هـ، واستشهد في معركة الطف في كربلاء في العاشر من محرم سنة 61هـ، وله من العمر خمس وعشرون سنة(1)، وكان ثالث الأشقاء الأربعة، أولهم العباس الأكبر وثانيهم جعفر الأكبر، ورابعهم عثمان الأكبر، ولا خلاف بتاتاً في وجوده ومقتله في الطف، وكذلك عمره.

     ومن الغريب ما ورد في لباب الأنساب ضمن جدول المستشهدين: «عبد الله بن علي، قتله رجل من بني أبان بن دارم، وقيل قتلة غزاة يوم المذار قتله أصحاب المختار وهو الأصح وهو ابن خمس وخمسين سنة وقيل ابن خمس وعشرين سنة، قبره بين الكوفة وواسط، وقيل بكربلاء»(2).

     يبدو أنه خلط بن عبد الله الأكبر وبين عبيد الله فالأول أمه أم البنين

_____________
(1) تاريخ قم: 192، الحسن والحسين سبطا رسول الله/ 133، مقاتل الطالبيين: 88، والمجدي: 15.

(2) لباب الأنساب: 1/398.

(203)

فاطمة بنت حزام الكلبية. والثاني: أمه ليلى النهشلية، وقد ولد الأول عام 35هـ والثاني عام 39هـ، والأول قتل في كربلاء عام 61 والثاني قتل في المذار عام 67هـ، ولكن الغرابة لا ترتفع، فمهما كان فإنه لم يكن له من العمر 55 سنة، ومعنى ذلك أن صحت وفاته عام 67هـ فإن ولادته تكون عام  12هـ، وإن صحت ولادته فوفاته لا بد أن تكون عام 94هـ، وكلاهما لا يصحان لأن ليلى النهشلية تزوجت علياً «عليه السلام» متأخراً إلا إذا قيل غير ذلك.

     ولا شك أنه لم يعقب حيث يقول له شقيقه العباس الأكبر: تقدم يا أخي حتى أراك قتيلاً واحتسبك فإنه لا ولد له(1)، ولكن المصادر لم تذكر أنه تزوج ولم ينجب أو أنه لم يتزوج، نعم ورد في كتب المتأخرين: أنه لم يتزوج(2) ولكننا نشك في ذلك حيث إن عمره كان 25 سنة وليس من المعقول في تلك الأجواء الدينية بل والبيئة العربية آنذاك أن لا يكون متزوجاً.

     إتفق الجميع أن الأشقاء الثلاثة جعفر الأكبر وعبد الله الأكبر وعثمان الأكبر برزوا وقتلوا قبل شقيقهم الأكبر: العباس الأكبر، ولكن اختلفوا فيما بين الثلاثة، من هو الذي برز أولاً؟ فالسماوي ذكر بأن العباس دعا إخوته الأكبر فالأكبر، رغم أنه اختار عبد الله هو الأكبر ليأتي بعده عثمان وأخيراً جعفر(3)، حيث ذكرهم بهذا الترتيب، إلا أنه لم يتمكن من إثبات أن جعفراً هذا أصغر من عبد الله، بل المصرح به في المجدي أن عبد الله أكبر من جعفر، وسبق وقلنا: إن هناك خلطاً وقع بين جعفر الأكبر وجعفر الأصغر.

     وأما المجلسي، فقد ذكر: بأن عثمان برز وقتل أولاً ثم خرج جعفر وقتل، وبعده برز عبد الله وقتل(4)

____________

(1) إبصار العين: 34، مقاتل الطالبيين: 89.

(2) ياران بايدار إمام حسين: 105، لمحمد هادي الأميني.

(3) إبصار العين: 34.

(4) بحار الأنوار: 45/38.

(204)

     ولكن كلام السماوي بحد ذاته أنه دعا «الأكبر فالأكبر» معقول، ولكن لا نعلم أنه نص، أو استحسان منه، واستظهار من طبيعة الحالة البيئوية، فعلى المختار أن جعفراً هو الأكبر فالمفروض أن يكون جعفر برز وقتل ثم خرج من بعده عبد الله ثم عثمان- والله العالم.

     وأما الكاشفي، فذكرهم على الشكل التالي: عثمان ثم عون ثم جعفر ثم عبد الله ثم العباس، ولكن الذي يظهر منه أنه لم يرد الترتيب الفعلي الذي تم على أرض الواقع وإن استخدم الأدوات التي توحي إلى ذلك، بل سرد الأسماء حسب معيار آخر فمثلاً ذكر أن أبا بكر قتل ثم عمر ثم عثمان، مما يدلنا على أنه لم يتخذ من العمر معياراً ولا من الواقع منهاجاً(1).

     وهناك نص نُسِبَ إلى أبي الفضل العباس وأنهخاطب به أشقاء الثلاثة وفيه من التجني وعدم الواقعية وقد ناقشناه في باب الشبهات، وملخصه أنه بين سبب تقديمه أشقاءه إلى القتال هو أن يرثهم حيث لا ولد لهم، ولكن يتناقض مع بقية كلامه أولاً، ومع بقية النصوص، مما توصلنا أنه من التصحيف بين «حتى أرثيك» أو «حتى أرثك»، ومن المعلوم أن الأول هو الصحيح لأنه المناسب مع احستبكم عند الله.

     وعلى أي حال فإن عبد الله تقدم إلى المعركة وارتجز(2) وقاتل حتى قتله هاني بن ثبيت المخزومي، كما ورد في زيارة الناحية: «السلام على عبد الله بن أمير المؤمنين مبلي البلاء والمنادي بالولاء في عرصة كربلاء، المضروب مقبلاً مدبراً، لعن الله قاتله هاني بن ثبيت الحضرمي»(3) وقال البلاذري: «وَشَدَّ هاني بن ثبيت الحضرمي على عبد الله ابن علي فقتله وجاء برأسه»(4)، وقال المفيد: «فتقدم عبد الله فقاتل قتالاً شديداً فاختلف هو وهاني بن ثبيت الحضرمي ضربتين فقتله هاني لعنه الله

____________
(1) وربما لأنهم سميوا من حكموا بعد الرسول «عليه السلام» فذكرهم حسب ترتيب حكمهم.

(2) راجع ديوان القرن الأول: 2/102.

(3) بحار الأنوار: 98/270، راجع أيضاً مقاتل الطالبيين: 88 وبحار الأنوار: 45/38.

(4) أنساب الأشراف: 3/201.

(205)