معجم  أنصار الحسين  (الهاشميون)(الجزء الثاني)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين (الهاشميون)(الجزء الثاني)

المؤلف : (محمد صادق محمد (الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن – المملكة المتحدة

 

 

 

 

 

 

دائرة المعارف الحسينية

معجم

أنصار الحسين

(الهاشميون)

 

(الجزء الثاني)

 

محمد صادق محمد

(الكرباسي)

 

المركز الحسيني للدراسات

لندن – المملكة المتحدة

 

(3)

الحقوق كافة محفوظة ومسجلة

للمركز الحسيني للدراسات

لندن – المملكة المتحدة

 

الطبعة الأولى

1429هـ – 2008م

 

(4)

بسم الله الرحمن الرحيم(1)

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى(2) ادم ونوحاً وال أبراهيم وال عمران على العالمين، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم(2)، إنه لقول رسول كريم(4) إني لكم رسول أمين(5)، أبلغكم رسالات ربي(6) لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى(7) وآت ذا القربى حقه(8) ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون(9).

صدق الله(10) العلي العظيم(11)

________________

(1) سورة النمل، آية 30.

(2) سورة النمل، آية 59.

(3) سورة ال عمران، آية 33-34.

(4) سورة الحاقة، آية 40.

(5) سورة الشعراء، آية 107.

(6) سورة الأعراف، آية 62.

(7) سورة الشورى، آية 23.

(8) سورة الإسراء، آية 26.

(9) سورة الروم، آية 38.

(10) سورة ال عمران، آية 59.

(11) سورة البقرة، آية 255.

(5)

       قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم):

            

            «أن الحسين مصباح الهدى

                  وسفينة نجاة

                        وإمام خيرٍ ويمنٍ

                                    وعزٍ وفخرٍ

                                    وبحر علم وذخر»(1).

                                          وصدق رسوله الكريم

______________

(1) عيون أخبار الرضا: 1/62، وقريب منه في فرائد السمطين: 1/155 ح: 477.

(6)

مقدمة الناشر

     قف على هضبات كربلاء.. واسرح بنظرك نحو يثرب.. وحاول أن ترسم مخيلتك صورة لركب الحسين «عليه السلام».. فماذا سوف ترى؟  سوف ترى قوماً يسيرون والمنايا تسير معهم.. ألا إن موقفهم هو: ألسنا على الحق، إذن لا نبالي أوقعنا على الموت أم وقع الموت علينا.. ثم عد بنظرك إلى كربلاء.. وحاول أن ترسم في مخيلتك صورة لواقعة الطف الأليمة.. أو حاول أن تنتج فيلماً لتلك الواقعة.. فماذا سوف ترى؟ سوف ترى قوماً يقومون الليل عباداً لهم دوي كدوي النحل.. وسوف تجد رجالاً شيباً وشباناً، لهم شجاعة الليوث، وعزيمة الأبطال، لم يثنهم منظر الجيش الأعداء، والمصير الذي سوف يلاقونه من الثبات على الموقف، والإصرار على الجهاد في سبيل الله حتى ترضى..

     سوف تجد رجالاً شيباً وشباناً، ونساءً وأطفالاً برعوا في مقارعة الأعداء، منطلقين من عزيمة نابعة من إيمان ثابت وراسخ بالله عز وجل، وعقيدة نابعة من قلب مفعم بالاطمئنان لصوابية النهج، وحتمية انتصار الحق، بالرغم من أنهم يخوضون معركة غير متكافئة، وخاسرة بالمقاييس العسكرية.. لكنهم انتصروا بالثبات والمضي على الحق أولاً، ومقارعة الظلم والظالمين ثانياً، وبالشهادة ثالثاً، وبالخلود على مر الزمان في قلوب الموالين والمحبين رابعاً، وبخطهم لنهج الاستشهاد في سبيل الدين خامساً، وهذا هو النهج الذي أرادته كربلاء.

     أولئك الأنصار، أنصار أبي عبد الله «عليه السلام» صنفان صنف هم أهل بيته من أبناءه وإخوانه وأبناء إخوته وعمومته، وهم الهاشميون، وصنف هم الأنصار غير الهاشميين، وفي هذا الجزء الثاني من معجم أنصار الحسين من دائرة المعارف الحسينية الكبرى يواصل المؤلف سماحة آية الله الشيخ محمد

(7)

صادق محمد الكرباسي حفظه المولى عرضه لهؤلاء الأنصار، بادئاً بحرف الباء بعد أن أستعرض في الجزء الأول الأنصار في حرف الألف خاتماً هذا الجزء بحرف العين، وللعلم فقد خصص سماحته جزأين للنساء اللاتي حضرن كربلاء وشاركن الإمام الحسين «عليه السلام» في نهضته المباركة وتعرضن بعد استشهاده للسبي إلى الشام الشام.

     وما يجدر بنا قوله أن سماحته في هذا الجزء كما  في الجزء الأول  يترجم للأنصار فرداً فرداً مدوناً السيرة الذاتية والاجتماعية والعلمية لكل منهم، تاركاً بالطبع سيرهم في كربلاء وافتداءهم للإمام الحسين لباب السيرة، وقام  بعرض الاختلافات الواردة في كتب السيرة والتاريخ للبعض من تلك الأسماء مبرزاً لبعض الشبهات التي وقع فيها بعض من دون تلك السيرة، لافتاً إلى التصحيف الذي حصل لبعض الأسماء، ليصل في الختام إلى تثبيت الأسماء وتحديد من حضر كربلاء منهم ومن لم يحضر ومن استشهد ومن أصيب بالجراح ولم يستشهد، وهو أمر لم يكن بالهين، إذ يبدو للمطالع لهذا الكتاب كم هي مهمة عسيؤرة تلك التي تولاها سماحته، وكم كان موفقاً في بحثه والخلاصات التي خلص إليها.

     ولابد في الختام من الإشارة إلى أن هذا الجزء الذي بين يديك هو الجزء الرابع والأربعون من أجزاء دائرة المعارف الحسينية الذي وفقنا الله سبحانه وتعالى لطباعته، وكلنا أمل بالله وهو خير مؤمل ومرتجى أن يوفقنا لمتابعة إصدار أجزاء هذه الموسوعة المباركة في سيد الشهداء ذلكم الإمام العظيم شهيد كربلاء وسبط النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم).

16/جمادى الآخرة/1429هـ

20/حزيران/2008م

(8)

قسم

تراجم الأنصار

 

(9)

(10)

 

حرف الباء

13- بشر بن الحسن الهاشمي:                      ن49- 61هـ (شهيد) كربلاء.

(11)

(12)

13

بشر بن الحسن الهاشمي

نحو 49- 61هـ = 669 – 680م

     هو: بِشْر بن الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

     ضبط المفردة: «بشر» بكسر الباء وسكون الشين مصدر بَشَر يبشر، وبَشِر يبشَر أي بفتح عين الماضي وكسره في المضارع أو بالعكس، وهو بمعنى بشاشة الوجه، أصل التسمية بهذه المفردات جاءت للتفاؤل بالخير، ومن حسن اختيار الأسماء للمولود الذي أمرنا الإسلام به، وإنما يطلق المصدر على الشخص من باب زيد عدل لإرادة أن يكون مصدراً للبشارة والمسرة، ومن أقدم من سمي بشر في الجاهلية هو: بشر بن عمرو بن الحارث الجرهمي آخر ملوك جرهم في الحجاز وتهامة(1)، كان في عصر بلقيس(2) ملكة سبأ الحميرية وكان تابعاً لها، ولما تغلب العمالقة على بلاده

____________

(1) تهامة: في الواقع أن تهامة الكبرى تطلق على الأراضي الساحلية التي تقع على غرب البحر الأحمر والممتدة من شبه جزيرة سيناء إلى أطراف اليمن يعني الخط المستقيم من شمال البحر الأحمر إلى جنوبها وهي الأراضي السهلة منها، ومن أهم مدنها مكة وجدة وصنعاء ونجران، ومن مقابلتها للحجاز يفهم أن المراد بها هنا القسم الجنوبي من الأراضي الساحلية هذه.

(2) بلقيس: وهي التي ورد ذكرها في القرآن في سورة النمل، وكانت معاصرة للنبي سليمان بن داود (عليه السلام)، وهي ابنة الهدهاد بن شرحبيل من بني يعفر بن سكسك الحميرية، كانت من أهل مأرب، تولت العرش بعهد من أبيها، وطمع بها ذو الإذعار عمرو بن أبرهة حاكم غمدان فزحف عليها فانهزمت إلى الأحقاف فأدركها رجال ذي الأذعار فاستسلمت إلا أنها اغتالته وهو سكران فتولت أمر اليمن كله، واتخذت من سبأ عاصمة لملكها، وكانت وقومها يعبدون الشمس، وكان النبي سليمان في تدمر، =

(13)

بقيت له سدانة البيت الحرام والسقاية، وكذلك بشر بن عمرو بن عون الأسدي النجدي الشاعر الجاهلي المشهور بشجاعته وشعره والمتوفى نحو 22هـ(1).

     لقد ذكر المؤرخون مجمل الذكور من أولاد الإمام الحسن «عليه السلام» ولكنهم اختلفوا في عددهم بين ثمانية، وأحد عشر، وثلاثة عشر، وخمسة عشر، وستة عشر(2)، ولكن سبق وأنهيناهم إلى أربعة وعشرين أو خمسة وعشرين في أكثر التقادير، وذلك في ترجمة أبي بكر بن الحسن «عليه السلام»، هذا بغض النظر عن صحة هذا النسب وعدم صحتها، وإن أصحاب النسب كالداودي(3) ذكروهم ستة عشر ذكراً، بينما عددهم أبو نصر البخاري(4) ثلاثة عشر ابناً، ولم يذكروا من بينهم بشراً، نعم عده ابن شهرآشوب(5) في مناقبه في عداد من قتل مع أبي عبد الله الحسين «عليه السلام» في كربلاء، فقال ما نصه: «وأربعة من بني الحسن: أبو بكر وعبد الله، وقيل بشر، وقيل عمر

________________

= فكاتبها فأسلمت لله سبحانه ولما أقبل عليها سليمان طلب منها الزواج فوافقت فعاشت معه سبع سنين وأشهراً وتوفيت بعد أن ملك سليمان بعد أبيه وذلك عام 851ق.هـ، ودفنت في تدمر عاصمة ملك سليمان، وكانت بلقيس الرقم الأربعين ممن ملكوا من أجدادها. تدمر في هذه الأيام تابعة لمحافظة حمص في سوريا، وسبأ تقع في اليمن.

(1) راجع الأعلام للزركلي: 2/54.
(2) راجع حياة الإمام الحسن للقرشي: 2/460، كشف الغمة: 2/152.

(3) الداودي: هو أحمد بن علي بن مهنا بم عنبة الأصغر بن عنبة الأكبر الداودي الحسني، ويعرف بابن عنبة، (748- 828هـ) من أعلام النسب عند الأمامية، ومن آثاره: بحر الأنساب، بالإضافة إلى عمدة الطالب.

(4) أبو نصر البخاري: هو سهل بن عبد الله بن داود بن سليمان بن إبان بن عبد الله، كان حياً حتى سنة 431هـ، والظاهر أنه توفي في أواخر القرن الرابع الهجري كما أن ولادته كانت في نهاية القرن الثالث الهجري، إشتهر بكتابه سر السلسلة العلوية، وهو من علماء الأنساب.

(5) ابن شهرآشوب: هو محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني (488- 588هـ) من أعلام الإمامية، ولد في مازندران (إيران) وتوفي في حلب عند مشهد النقطة، ومن آثاره: معالم العلماء بالإضافة إلى مناقب آل أبي طالب.

(14)

وكان صغيراً»(1)، ومن الواضح انه أورده بتردد، ولكن الأمين في أعيانه(2) عد المستشهدين في كربلاء من أبناء الحسن «عليه السلام» أربعة، وذكر بشراً منهم دون تردد، بمعنى أنه لم يذكر عمر، إلا أنه لدى عده أولاد الحسن «عليه السلام» حين ترجمته ذكر عمر، ولم يذكر بشراً(3) واحتمال التصحيف بين بشر وعمر غير وارد، وإن كان هذا الترديد من أبن شهرآشوب، والتبديل من الأمين يوحي باتحادهما حيث لم يرد له ذكر في أمات المصادر، بل المذكور عند أهل النسب عمر دون بشر، منهم أبن فندق في لبابه والذي ذكر عمر، وقال: أمه أم ولد من سبي العجم(4)، وسيأتي الحديث عنه في ترجمته وأنه عمر- بضم ففتح- أم عمرو- بفتح ثم سكون- ونترك التفاصيل عنه إلى محله، ولكن لا بأس بذكر أنه شقيق لعبد الله والقاسم سواء أكان عُمر أو عَمراً.

     وما يهمنا هنا هل أن بشراً لو وجود أم لا؟ والجواب عن هذا ليس بالسهل حيث لا يوجد أمامنا إلا الرفض أو القبول ، القبول لأنه ناقله هو ابن شهرآشوب الذي لم يكن بعيداً عن البحث والتنقيب، والرفض لأننا لم نجد لحد الآن من ذكره لا في المشاركين في وقعة الطف، ولا في أبناء الإمام الحسن «عليه السلام»، وما ذكر الأمين له إلا اعتماداً على ابن شهرآشوب على ما يظهر، واحتمال أن تكون مفردة «بشر» تصحيفاً «بشير» وارد ليكون هو ابن أم بشير زرجة الإمام الحسن ع والتي اسمها فاطمة بنت أبي مسعود عقبة بن عمر بن ثعلبة الخزرجية، والتي أولدت للحسن زيداً وأحمد من الأبناء، وأم الحسن الكبرى وأم الحسين وأم الخير «رملة» من البنات، وكانت أماً لابنها البكر زيد والابن الأول لزوجها الإمام الحسن «عليه السلام» .

     وعلى هذا الاحتمال فيكون بشيراً لا بشراً أولاً، وهنا افتراضان: أم يكون ابناً لغير الإمام الحسن «عليه السلام» ، أو يكون له ليكون شقيقاً لزيد، ثانياً.

___________

(1) مناقب آل أبي طالب: 4/112، وأما المفيد في الأرشاد: 2/124 فذكرهم ثلاثة أي أسقط بشر وعمر.
(2) أعيان الشيعة: 1/610.
(3) أعيان الشيعة: 1/563.

(4) لباب الأنساب: 1/342.

(15)

     وعلى فرض كونه إبنا لغير الأمام الحسن «عليه السلام»، فلا بد من القول بأن أم بشير فاطمة كانت قبل زواجها من الإمام الحسن «عليه السلام» قد تزوجت بآخر فكنيت بأم بشير، وهذا ما لم نعثر على دليل يؤيده، وعلى فرضه لم يثبت في المقتولين من أنصار الحسين «عليه السلام» من اسمه بشر أو بشير غير بشر «بشير» بن عمرو بن أحدوث الحضرمي الكندي(1) والذي لا تناسب خصوصياته لأن يكون ربيباً للإمام الحسن «عليه السلام» من زوجته أم بشير، ومن جهة أخرى فإن أم بشير فاطمة بنت ابي مسعود الخزرجية لن تتزوج بعد الأمام الحسن «عليه السلام» أبداً، وإمكانية فهم أن الكنية «أم بشير» إنما جاءت مجرد تكنية وليست لكونها أماً لمن أسمه بشير وارد، وكذا احتمال أن بشير كان بكر أبنائها فكنيت به ثم درج صغيراً ولم يعد له ذكر إلا التكنية به قم أولدت زيداً وارد أيضاً، إلا أم الاحتمالين بعيدان.

     والحاصل أن النصوص لا تساعد ابن شهرآشوب في كون أن للإمام الحسن «عليه السلام» إبناً باسم بشر  «بشير» وحضر كربلاء وقتل، بل ربما كان ترجيح عمر هو الأنسب بالقواعد.

     ومن هنا فإن ابن شهرآشوب ذكرهما بالقيل، والظاهر أن القيل إنما أريد بها الترديد بينهما ولا يشمل كليهما معاً، بمعنى أنه يرى بأن احدهما قتل في كربلاء، ولكن لا على التعيين، أما أن كليهما لم يقتلا فهذا ما لا يريده ابن شهرآشوب على الظاهر.

     وعلى فرض وجوده وحضوره كربلاء فلم يقتل مبارزة على الظاهر، وإلا لكان له ظهور، ولكن الذي استوقفنا هو قول ابن شهرآشوب أنه كان صغيراً والذي ظاهره لا يختص بعمر «عمرو» بل بكل من ثبت حضوره كربلاء من عمر «عمرو» أو بشر «بشير»، فإن ذلك يوحي بأنه لم يكن قد بلغ الحلم، بل ربما يفهم منه أنه ممن ولد في آخر حياة الإمام الحسن «عليه السلام» المتوفى في شهر صفر من عام خمسين للهجرة على المشهور، وعليه فإن عمره لا يقل عن عشر سنوات.

     وسيأتي في ترجمة عمر «عمرو» أن المرجح بأنه نجا من معركة الطف

__________

(1) سنأتي على ترجمة في فصل الأنصار غير الهاشميين من هذا المعجم.

(16)

وسلم من القتل إلا أنه لم يعقب، وإذا ما أريد رفع التناقض بين من قال بأنه مقتول، وبين من يقول بأنه نجا من القتل، ربما كان الأنسب الأخذ بقول أبن شهرآشوب: من أن المقتول هو بشر، ويقال: بأن الذي نجا هو عمر «عمرو» ولعل ذلك هو السبب من وراء تردد ابن شهرآشوب في ذكرهما.

     وعلى فرضية وجود مثل بشر فإن أمه أم ولد، لم تحدد هويتها هل هي من سبي العراق أم من سبي العجم، وبما أم المؤرخين وأهل النسب يهملون صغار الأولاد من جهة، وأن السلطات الحاكمة كانت تلاحق آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وتراثهم وأخبارهم فلا يستبعد وجود مثل بشر وأمثاله والله العالم بحقائق الأمور، وربما كان مصيره السحق كما في أخته أم الحسين وغيرها حين داهم العدو منازلهم وأبادها بالحرق والنهب.

(17)

 (18)

حرف الجيم

 14- جعفر الأصغر ابن علي الهاشمي:        41- 61هـ (شهيد) كربلاء.

15- جعفر الأكبر ابن عقيل الهاشمي:         37- 61هـ (شهيد) كربلاء.

16- جعفر الأكبر ابن علي الهاشمي:         31- 61هـ (شهيد) كربلاء.

17- جعفر بن الحسن الهاشمي:              ن49- 61هـ (شهيد) كربلاء.

18- جعفر بن الحسين الهاشمي:             ب20- 50هـ (مات) المدينة.

19- جعفر بن محمد الهاشمي:                  39- 61هـ (شهيد) كربلاء.

20- جعفر بن مسلم الهاشمي:                ن39- 61هـ (شهيد) كربلاء.

(19)

(20)

14

جعفر الأصغر ابن علي الهاشمي

41- 61هـ = 661- 680م

     هو: جعفر الأصغر ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

     ضبط مفردة «جعفر» والذي زنته فعلل بفتح الفاء وسكون العين وفتح اللام وهي من الأسماء الرباعية المجردة بالوضع(1).

     وتعني الكلمة: النهر عامة، وهي من معاني الضد إذ قد يراد به النهر الكبير وقد يراد به النهر الصغير، وربما أراد البعض أن يجمع بين الاتجاهين ويرى بأن خير الأمور فقال هو ما فوق الجدول وما دون الشط.

     ومن المجاز قولهم للناقة الغزيرة اللبن جعفراً، وذلك لأن من معاني الجعفر النهر الملآن، وسحب على البقرة الغزيرة اللبن لأن ثديها ملآن باللبن أي الحليب(2) ومن قول شاعر البسيط:

__________

(1) لا يخفى أن صيغ الاسم الرباعي المجرد ستة:

1- فَعلل بفتحتين بينهما سكون، مثل: جعفر.

2- فِعلل: بكسرتين بينهما سكون، مثل: زبرج.

3- فُعلل: بضمتين بينهما سكون، مثل: بُرثن.

4- فِعْلَل: بكسر وسكون ثم فتح، مثل: دِرْهَم.

5- فِعَلْل: بكسر وفتح ثم سكون، مثل: مِمَطْر.

6- فُعْلَل: بضم ثم سكون بعدها فتح، مثل: خُجدَبْ.

راجع الأوزان للمؤلف: 198.

(2) راجع تاج العروس: 10/446.

(21)

من للجعافر يا قومي فقد صُرِيَتْ         وَقَد يُساق لِذاتِ الصَّريَةِ الحلبُ

     ومن هنا يسمى الرجل بجعفر إذا كان غزيراً بالمادة وبالخير، والجميع يأتي على جعافر(1) ولعل أول من سمي بذلك هو جعفر بن قريع بن عوف من تميم من العدانية وهو جد جاهلي عرف أبناؤه بأنف الناقة(2)، وأما أول من سمي من المخضرمين هو جعفر بن أبي طالب الطيار (33ق.هـ - 8هـ) عم المترجم له، وربما سمى علياً «عليه السلام» ابنه بهذا الأسم تخليداً لأسم أخيه جعفر كما فعل عقيل ذلك، وهناك العديد من القبائل سميت بالجعافرة نسبة إلى أب القبيلة(3).

     أمه: هي أم ولد(4)، ولكن لا نعرف اسمها وخصوصياتها وقد ترجمناها بما لدينا من المعطيات فراجع.

     وإنما لقب بالأصغر في قبال أخيه جعفر ابن أم البنين فاطمة بن حزام، ولا شك في شخصيته حيث ذكره علماء الأنساب والتاريخ، ومنهم ابن أبي الثلج البغدادي(5) لدى ترجمته الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» في فصل الأصاغر من ولد علي «عليه السلام»(6) ويظهر من سياق كلامه أنه قتل في كربلاء وإن لم يصرح بذلك.

     وممن ذكره العمري(7) في كتابه المجدي، حيث أورد جعفراً الأكبر

________________

(1) لسان العرب: 2/300.

(2) الأعلام للزركلي: 2/126.

(3) راجع معجم قبائل العرب/ 1/191 – 192، وفي لسان العرب: 2/300 «جعفر أبو قبيلة من عامر وهم الجعافرة».

(4) بطل العلقمي: 3/477.

(5) ابن أبي الثلج البغدادي: هو محمد بن محمود بن الحسن بن النجار البغدادي المتوفى عام 325هـ. يكنى بأبي بكر وأبي عبد الله ويوصف بمحب الدين، كان من أعلام الإمامية، ومن المحدثين بالمدرسة المستنصرية في بغداد.

(6) راجع تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج: 35.

(7) العمري: هو علي بن محمد بن علي بن محمد العمري نسبة إلى عمر الأطرف ابن الإمام علي «عليه السلام»، (348- 490هـ) ولد في البصرة وتوفي في الموصل، من أعلام النسابة الإمامية، وكان عدد من أجداده من علماء النسب، من آثاره: المبسوط، المشجر، والشافي، كلها في النسب وله كتب أخرى أيضاً في النسب.

(22)

دون أن يصفه بالأكبر، وجعفراً الأصغر موصوفاً بالأصغر(1) وكذلك فعل المقريزي(2) في كتابه إتعاظ الحنفاء حيث ذكرهما وصرح أم الأصغر أم ولد(3).

     وربما نفهم من تحديد ابن فندق(4) لعمر جعفر بالتسع عشرة سنة أنه أراد جعفراً الأصغر لأنه ثبت بأن جعفراً الأكبر كان عمره تسعاً وعشرين سنة كما سيأتي ترجمته، هذا من جهة، ومن جهة الأختلاف في قاتله حيث ذكر ابن فندق بأن الذي قتل جعفراً هو شمر بن ذي الجوشن الضبابي(5)، بينما ذكر أبو الفرج الأصبهاني(6) في جعفر الأكبر أن الذي قتله هو خولي بن يزيد الأصبحي(7)، وربما كان اتحاد اسمهما من وراء الخلط بين خصوصياتهما والله العالم.

     وعلى أي حال فإنه ولد عام 40هـ أو 41هـ أي كان حملاً عند وفاة

_______________

(1) المجدي: 12.

(2) المقريزي: هو أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد الحسيني العبيدي (766- 845هـ) أصله من القاهرة، والمقريزي نسبة إلى حارة المقارزة في بعلبك، نشأ في القاهرة وتفقه على المذهب الحنفي، ثم عدل إلى المذهب الشافعي، كانت ولادته ووفاته في مصر، تولى القضاة في عدد من المدن اللبنانية والسورية، كما تولى بعض المناصب الدينية في القاهرة، ومن آثاره: الأوزان والمكاييل، تاريخ الأقباط، والبيان والأعراب.

(3) بطل العلقمي: 3/514 عن اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة والخلفاء: 7.

(4) ابن فندق: علي بن أبي القاسم بن زيد البيهقي (493- 565هـ) كان من علماء الإمامية، تخصص بعلم الأنساب، ولد في ششتمد من قرى سبزوار، تولى القضاء في بيهق وفيها توفي، وكان شاعراً أديباً وكاتباً أريباً، بلغت مؤلفاته 76 مصنفاً منها: أمثلة الأعمال النجومية، تاريخ بيهق، ونهج الرشاد في الأصول.

(5) لباب الأنساب: 1/398 ومقاتل الطالبيين: 88.

(6) أبو الفرج الأصفهاني: هو علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الهيم المرواني الأموي (284- 356هـ) ينتهي نسبه إلى مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، كان من الأدباء المؤرخين الذي ذاع صيتهم، وله مؤلفات كثيرة تجاوزت الثلاثين: منها أدب الغرباء، المماليك الشعراء، والأغاني.

(7) مقاتل الطالبين: 8. وسيأتي في جعفر الأكبر والتسليم عليه في زيارة الناحية أن اللعن ورد بحق قاتله: هاني بن ثبيت الحضرمي.

(23)

أبيه وولد بعد استشهاده في 21 رمضان عام 40هـ وأقل الاحتمالات أنه ولد في محرم عام 41هـ.

     وقال المظفر(1) بهذه المناسبة: «لم أجد من نص على شهادته، والظن يقوى بأنه من الشهداء لأن أهل العلم نصوا على من لم يحضر كربلاء من ولد «عليه السلام» كالحسن السبط والمحسن السقط وابن الحنفية وابن النهشلية والأطرف ويحيى وتنصيصهم على هؤلاء بالموت لا بالقتل دليل على قتل من سواهم يوم كربلاء. وذكره صاحب الحدائق الوردية(2)، وقال: أمه أم ولد، ولم يذكر شهادته، ويرجح عندي أنه من الشهداء- في كربلاء – لكن لم أجزم به»(3).

     ومثل هذه الاحتمالات والإشارات جعلنا نورده هنا والعلم عنده سبحانه.

     وأما عن زواجه فليس لدينا ما يثبت ذلك، ولكن المتيقن أنه ليس من المعقبين وإلا لذكره أرباب النسب بل صرحوا بتحديدهم المعقبين أنه ليس منهم، وربما فهم من عدم سيرته أنه مات أو أستشهد قبل أوانه، وربما كان في الطف مصرعه.

______________

(1) المظفر: هو عبد الواحد بن أحمد بن حسن بن جواد بن حسين بن باقر بن المظفر الأصغر (1310- 1395هـ) كان من علماء النجف وأدبائها، ولد وتوفي فيها، من آثاره: نزهة الأبصار، معراج النبي، والميزان الراجح.

(2) الحدائق الوردية: 1/104.

(3) بطل العلقمي: 3/514.

(24)

15

جعفر الأكبر ابن عقيل الهاشمي

37- 61هـ = 657- 680م

     هو: جعفر الأكبر ابن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

     وإنما سماه أبوه بذلك إحياء لذكرى أخيه وحباً له(1).

     سبق وقلنا إن عقيلاً سمى ثلاثة من أبنائه باسم جعفر(2)، ولذلك يصفونهم حسب تدرجهم في العمر بالأكبر والأوسط والأصغر، فالأخيران درجا وهما صغيران وأمهما أم ولد، وعاش الأكبر حتى عام 61هـ، وهو الذي نحن بصدد ترجمته هنا لحضوره كربلاء واستشهاده بلا خوف.

     أمه: هي أم البنين الخوصاء(3) الثغرية ابنة عمرو الثغر

_________________

(1) كما ذكره معظم من ترجم عقيلاً وأبناءه، وقد تقدم الحديث عن ذلك.

(2)راجع ترجمة عقيل بن أبي طالب في مقدمة هذا المعجم.

 (3) الخوصاء: بفتح الأول وسكون الثاني، لها معانٍ متعددة وجذرها واحد، تعني البئر البعيدة القعر، والقارة المرتفعة، ويقال نعجة خوصاء، وهي التي اسودت إحدى عينيها وابيضت الأخرى، ويسمى بها الفرس ربما لأنه يحمل بعض هذه الصفات، كما يقال: الظهيرة الخوصاء، أي أشد الظهائر حراً، كما أن الخوصاء موضع في ناحية البحرين الكبرى، وتسمى المرأة بالخوصاء، ومن تلك القاسم بن أبي الخوصاء- راجه تاج العروس: 17/573 – وكذلك الخوصاء ابنة حفصة بنت ثقيف – راجع تاريخ الطبري: 3/343 – فعلى هذا فإن المفردة استخذمت كعلم للإناث، وربما سميت بتلك فيما إذا كانت شخصيتها صعبة المنال، وفي حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «مثل المرأة الصالحة مثل التاج المخوص بالذهب، ومثل المرأة السوء كالحمل الثقيل على الشيخ الكبير» والتاج المخوص هو المزين=

(25)

(الشقر)(1) بنت عامر بن الهصان (الهضاب)(2) بن كعب بن عبد بن أبي بكر عبيد بن كلاب(3)، الهصائية الكلابية العامرية العدنانية(4) وقد حضرت كربلاء حيث يذكر بأنها عند استشهاده واقفة بباب الخيمة تنظر إليه(5).

_____________

= بصفائح الذهب، - راجع تاج العروس: 17/571. وعلى أي حال فقد تخفف، ويقال: «الخوصا» بدون همزة، وسيأتي في أم عبيد الله بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب أن أمه الخوصا بنت حفصة- راجع مقاتل الطالبين: 96-، وأما أبو الفرج فقد ذكر أم جعفر بن عقيل: «الخوصا» بالتخفيف، وأما غيره فقد ذكروها «الخوصاء»، وأما السماوي في إبصار العين: 51 فقد ذكرها بالحاء المهملة، والحوصاء: هي البئر الضيقة والمرأة الضيقة الحياء، والصغيرة العين، كما يسمى به الفرس، وهناك موضع بين وادي القرى وتبوك في الجزيرة العربية، ولم يعرف أن سميت أنثى بذلك، كما أنه لا يناسب، ولعل ما ورد في الابصار ولعل ما ورد في الابصار من التصحيف، وجاء في تذكرة الخواص: 255 ابنة النفراء، ولعله أراد أن أمها تلقب بالنفراء.

(1) جاء في تاريخ الطبري: 3/343 «الشقر» بدل «الثغر» ونظنه تصحيفاً، وكان الثغر من الأنصار ولذلك لقبه ابن فندق بالأنصاري –راجع لباب الأنساب: 1/401.

(2) جاء في تاريخ الطبري: «الهضاب» بدل «الهصان» فالأول جمع الهضبة ولكن لم نعهد أن سمي أحداً، وأما الهصان فليس له جذر في اللغة، وإنما وضع اسماً علماً، وكثرت التسمية به، ومنهم بنو الهصان، ومنهم هذا الجد الذي عرف أبناؤه ببني الهصان –راجع معجم قبائل العرب: 3/1219 ولسان العرب: 15/97، وفيه أيضاً بنو الهصان حي، وأما ما جاء في أعيان الشيعة: 4/129 نقلاً عن الطبقات الكبرى: 4/42، «الهصار» بالراء فهو من التصحيف أيضاً، وممن سمي بهصان هو هصان بن كاهن العدوي- راجع تهذيب التهذيب: 6/43.

(3) وكلاب: هو ابن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وقد سبق وذكرنا هذا النسب، ومن هنا قيل لها العامرية لأن من أجدادها عامر بن صعصعة وهم قبيلة برأسها، وهم من العدنانية.

(4) راجع مقاتل الطالبين: 97 وفيه أيضاً: «أم الثغر» كنية للخوصاء، والظاهر أنها كانت تعرف بالثغرية لأن أباها لقب بالثغر، وربما قيل لها أم الثغر لقباً لا كنية، كما أن أحد الأقوال المنقولة في المقاتل إبنه عامر، والظاهر أنه نسبها إلى الجد مباشرة، والصحيح أنها ابنة عامر الثغر بن عامر، وربما لقب عمرو بالثغر لمعناه اللغوي أما إن كان في ثغره عاهة أو كان ثغراً من ثغور قبيلته، وما يقال بأن كنيتها كانت أم النفر فهو تصحيف للثغر راجع ناسخ التواريخ (حياة الحسين): 2/318، وجلاء العيون: 193.

(5) وسيلة الدارين: 230 عن الكنى والأسماء للدولابي.

(26)

     وأم الخوصاء: هي أردة (أودة) بنت حنظلة بن خالد بن كعب بن عبد ابن أبي بكر بن كلاب الكلابية.

     وأم أردة: هي أم البنين بنت معاوية بن خالد بن ربيعة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن أبي صعصعة العامرية.

     وقيل إن أم أردة  هي سالمة بنت مالك بن خطاب الأسدي، وأما ما أورده السماوي في أبصار العين من أن أم أودة هي: ريطة بنت عبد ابن أبي بكر، فلا يصح لأن معنى ذلك أن حنظلة أبو أردة تزوج من عمة أبيه وهذا كان محرماً حتى في الجاهلية، ومستبعد أيضاً من حيث طبقة النسب لأن ريطة  بالنسبة إلى حنظلة في جيل أبعد منه بثلاثة أجيال.

     ووالدة أم البنين هي: حميدة بنت عقبة بن سمرة بن عقبة بن عامر بن صعصعة العامرية، ومما قدمناه يتبين أن ما ورد في الابصار بأن أم البنين هي أم ريطة غير صحيح.

     وأما أم عمرو الثغر فهي: أسماء بنت سفيان بن عوف بن كعب بن أبي بكر بن كلاب(1).

     ومن الجدير: ذكره أن الخوصاء لم تلد لعقيل غير جعفر الأكبر وأبي سعيد الأحول فعليه فهما شقيقان.

     وقد ولد جعفر الأكبر عام  37هـ(2) في المدينة حيث ذكرت المصادر بأن عقيلاً كان في المدينة أيام كان أخوه علياً «عليه السلام» في الكوفة، وإنما وصف بالأكبر في قبال الأصغر والذي أمه أم ولد(3).

     وقد تزوج من أم الحسن ابنة علي «عليه السلام» والتي أمها أم سعيد الثقفية كما جاء في المحبر(4)، وقيل بأنه تزوج فاختة ابنة علي «عليه السلام»(5)، ولكن

_____________

(1) الطبقات الكبرى: 4/42؛ وفيه أن أسماء أخت الضحاك صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

(2) راجع لباب الأنساب: 1/401.

(3) راجع الطبقات الكبرى لابن سعد: 4/42.

(4) سفير الحسين للمظفر: 23.

(5) سفير الحسين للمظفر: 23 عن المجدي.

(27)

سبق وقلنا: إن الذي تزوج فاختة هو أخوه عبد الله الأوسط ابن عقيل أولاً، وأن الناقل لزواج جعفر من فاختة هو المظفر عن العمري في المجدي، ولكن العمري لم يذكر بأن جعفراً تزوج فاختة، بل ذكر بأن فاختة (أم هاني) تزوجت عبد الرحمن، وأما عن الذي تزوج أم الحسن قال العمري: هو جعدة بن هبيرة المحزومي(1)، وقد سبق وقلنا بأن جعدة توفي أيام معاوية في الحج، والظاهر أم وفاته كانت في شهر ذي الحجة عام 40هـ، أي بعد وفاة علي «عليه السلام» وأبعد ما يقال عام 41هـ، وبعد أن أتمت أم الحسن عدتها من جعدة أبي ابنها عبد الله تزوجت جعفراً الأكبر ابن عقيل، ولكنها لم تنجب له، وحضرت كربلاء، ولما استشهد زوجها في كربلاء أرملت فتزوجها عبد الله ابن الزبير كما عن ابن حبيب(2).

     ولكن في المسألة بعض الأمور الغربية:

     الأول: إن الفترة الفاصلة بين ولادة الشقيقين كبيرة حيث ولد شقيقه أبو سعيد الأحول عام 16هـ وولد جعفر الأكبر عام 37هـ، وهذا يعني الفترة بلغت إحدى وعشرين سنة، وهو أمر غريب، وهذا قد يحدث ولذلك يقال عن مثلها بأنها غير ولودة، وهذا ما أورثته لابنتها أم الحسن أيضاً حيث لم تكن هي الأخرى ولودة أي كثيرة الولادة.

     والأمر الثاني: زواج جعفر منها حيث الفارق في العمر إذ إن أم الحسن سبق وقلنا إنها ولدت في حدود عام 21هـ، وأما جعفر فهو من مواليد عام 37هـ، والفرق بين عمريهما ست عشرة سنة، والغالب أم المرأة تكون أصغر من الرجل، ولكن قد يحدث ذلك كما في خديجة أم المؤمنين والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).

     والأمر الثالث: إن الزواج أم الحسن من جعفر لا بد وأن يكون في حدود عام 53هـ لأم في مثل هذا العام يبلغ جعفر، وإذا ما قلنا بأن زوجها الأول جعدة توفي عام 41هـ، فمعنى ذلك أنها بقيت أرملة نحو

______________

(1) المجدي: 18، وجعدة مضت ترجمته في الجزء الأول.

(2) راجع سفير الحسين للمظفر: 23 عن المجبر لابن حبيب البصري: 437.

(28)

اثني عشر عاماً، ويمكن رفع الغرابة بالجمع بين الاحتمالات، وهو أن نقول بأن جعدة توفي في الحج أيام معاوية وهذا ينطبق ما بين عام 41- 59هـ، ولعل وفاة جعدة كانت في حدود عام 53هـ، فلما انتهت عدتها من جعدة تزوجها جعفر  الأكبر وكان قد بلغ مبلغ الرجال.

     هذا إن قلنا بصحة ما نقله ابن حبيب، حيث إن المظفر بعد أن نقل قوله في زواج أم الحسن من جعدة ثم من جعفر ثم من ابن الزبير قال: وهذا قول بعيد عن الصواب، والظاهر أن أم الحسن لم تتزوج غير جعفر، ولم يذكرها المدائني(1) في المفردات من القرشيات(2) وإذا أردنا التخلص من الغرابات السابقة بغير الذي أشرنا إليه، وقلنا بأن أم الحسن لم تتزوج غيره فلا بد من تقريب الولادتين، وهذا لا يتوافق مع النصوص الأخرى التي وردت في ترجمة الشخصيات التي ورد ذكرهم، وعندها لا بد من الأخذ بالاحتمالات المجردة عن القرائن أو المؤيدة ببعض النصوص، وهذا ما لا يمكن الاعتماد عليه.

     وإذا وقع الخلاف في بداية تاريخ حياة الزوجين فلا خاف في تاريخ نهاية حياتهما، فإن جعفر بن عقيل لا يشكك أحد بأنه قتل مع ابن عمه الحسين «عليه السلام» في كربلاء، ومات عن زوجته أم الحسن بنت علي «عليه السلام» دون أن تنجب له.

     وقد برز بين يدي ابن عمه الحسين «عليه السلام» مبارزة، حيث تذكر المقاتل بأنه استأذن أبا عبد الله الحسين «عليه السلام» وبرز مرتجزاً:

أَنا الـغُلامُ الأَبْطَحِيُّ الطالِبِي

مِنْ مَعْشَـرٍ فِي هاشمٍ وَغالِبِ

وَنَحْــــنُ حَقّاً سادَةُ الذَّوائِـبِ

________

(1) المدائني: هو علي بن محمد بن عبد الله البصري المكنى بأبي الحسن (135- 225هـ) ولد ونشأ في البصرة وتوفي في بغداد حيث انتقل إليها، مؤرخ، وراوية للشعر، له مؤلفات منها: أمهات النبي، كتاب الردة، ومقتل الحسين.

(29)

هـــــذا حَسَيْنٌ أَطْيَبَ الأْطَاَئِبِ

مِنْ عِتْرَةِ البَرِّ التَّقِيِّ الغالِبِ(1)

     وقتل جماعة من القوم، فرمي وقتل، جاء في الزيارة المنسوبة إلى الناحية المقدسة ب«السلام على جعفر بن عقيل لعن الله قاتله وراميه بشر بن حوط الهمداني»(2)، وقيل بل قتله عروة بن عبد الله الخثعمي(3)، وربما شاركا في قتله بأن رماه أحدهما فأضعفه وأجهز عليه الآخر، كما ورد في أخيه عبد الله بن عقيل في كتاب شرح الأخبار: «قتله عمرو بن الصبيح- بعدما- أضعفه بسهم رماه به بشر بن حوط الهمداني»(4)، ولكن يعارض هذا ما ورد في الزيارة أن بشراً هو الذي رماه وقتله، إلا أن كلمة «ورماه» جاءت نسخة إضافية في بعض نسخ الزيارة فإذا ثبت ذلك فالجمع يكون بالتالي: «رماه عروة بن عبد الله الخثعمي وقتله بشر بن حوط الهمداني، والله العالم.

     وأسرت زوجته أم الحسن كما صرح بذلك القاضي(5) أبي حنيفة

___________

(1) راجع ديوان القرن الأول: 1/57، مناقب آل أبي طالب: 4/105، بحار الأنوار: 45/32، ناسخ التواريخ (حياة الحسين): 2/318، أنساب الأشراف: 3/200، مقتل الحسين للخوارزمي: 2/26، نهاية الإرب: 20/456، إبصار العين: 51، الفتوح: 5/203، وغيرها.

(2) الإقبال: 573، تاريخ الطبري: 3/343، التنبيه والإشراف: 263.

(3) لباب الأنساب: 1/401، وجاء في تسمية من قتل مع الحسين لفضيل الأسدي ضبطه عبد الله بن عمرو الخثعمي، وأما في سفير الحسين/ 23 فضبطه: عبد الله بن عزرة أو عروة الخثعمي.

(4) شرح الأخبار: 3/195.

 (5) القاضي أبو حنيفة النعمان: هو النعمان بن محمد بن منصور بن حيون القيرواني المغربي التميمي المتوفى عام 363هـ كان من أعلام أتباع مدرسة أهل البيت «عليهم السلام» ولي القضاء والتدريس بمصر على عهد الفاطميين، من آثاره: أساس التأويل، الإيضاح، وتقويم الأحكام.

(6) شرح الأخبار: 3/198.

(30)

     ولا يخفى أن الدربندي(1) أورد رجزاً لأخيه موسى بن عقيل ونسبه إلى جعفر، والظاهر أم في عبارته سقطاً حيث قال: ثم خرج جعفر بن عقيل، وذكر الرجز البائي الذي أوردناه هنا، ثم قال: «قال أبو مخنف: وهو يقول»(2)، وذكر الرجز النوني(3)، ومع مراجعة مقتل أبي مخنف يتضح أن هذا الرجز ورد لموسى بن عقيل، فلابد أن يكون السقط كالتالي: «قال أبو مخنف» ثم برز من بعده موسى بن عقيل وهو يرتجز، ويقول:»(4) هذا نص أبي مخنف، وسنأتي ذكر رجزه في ترجمته إن شاء الله تعالى.

     ومن السهو أيضاً ما ورد في هامش شرح الأخبار تعليقاً على القاسم أبن محمد بن جعفر بن أبي طالب المذكور في جدول الأسرى في كربلاء أنه ارتجز هذا الرجل الذي أوردناه هنا، وقد وثقه بقوله، قال الأصفهاني في المقاتل دخل المعركة مرتجزاً، مع العلم أن أبا الفرج الأصفهاني لم يورد مثل هذا الرجز في مقاتل الطالبيين، كما لم يرد ذكره القاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب في كتابه هذا، وإنما اختلط الأمر على محقق كتاب شرح الأخبار(5) وسنأتي على ترجمة القاسم وتنقيح الكلام حوله.

     وأما عن موقعه في تسلسل الشهادة في كربلاء فالذي يظهر من مقتل الخوارزمي أنه خرج بعد مقتل ابن أخيه عبد الله بن مسلم بن عقيل، وقبل أخيه عبد الرحمن بن عقيل(6)، وسوف نستعرض هذا الأمر في هامش السيرة الحسينية لدى الحديث عن مقاتل أهل بيت الحسين «عليه السلام» إن شاء الله تعالى.

_____________

(1) الدربندي: هو الآغا بن عابد بن رمضان بن زاهد الحائري الشيرواني (1208- 1285هـ) ولد في دربند ودرس فيها وفي قزوين وكربلاء وسكن طهران فتوفي فيها ودفن في كربلاء، وله: خزائن الأحكام، خزائن الأصول، والقواميس في علم الرجال.

(2) راجع أسرار الشهادة: 2/280.

(3) راجع ديوان القرن الأول: 2/234.
(4) راجع مقتل الحسين لأبي مخنف: 116.
(5) راجع شرح الأخبار: 3/197.
(6) مقتل الحسين للخوارزمي: 2/26، ومناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب.

(31)

     وأما عن عدد من قتلهم فهناك خلاف أوسطه أنه قتل من القوم خمسة عشر شخصاً(1) ونرجىء الكلام فيه إلى السيرة وإلى الباب المخصص بالمقاتلين إن شاء الله لأن الكلام يطول ويوجب التكرار ويتقطع مع ترجمة كل واحد من هؤلاء الأبطال.

     ولعله كان يكنى بأبي عبد الله حيث تلازمت هذه الكنية لكل من سمي جعفراً بعد أن كني جعفر الطيار بها.

     بقي أن نشير إلى بعض النقاط وهي:

     1- إن المؤرخين سكتوا عن حياته، ولعل السبب يعزى إلى أنه لم يعش طويلاً حيث أستشهد  وله من العمر ثلاث وعشرون سنة.

     2- لم يذكر مترجموه أنه تزوج غير أم الحسن بنت علي «عليه السلام».

     3- لم يرد في كتب الأنساب أنه أنجب من أم ولد، وقد نصوا على أن أم الحسن لم تلد كما سبق وأشرنا إلى ذلك، وعليه فلا عقب له، وأي انتساب إليه باطل.

     4- لم يذكر له أي دور بارز في الأحداث التي عايشها، ولعل السبب في ذلك صغر سنه اولاً، وعدم بروز حدث يهمه عقائدياً أو دفاعياً إلى أن وقعت معركة كربلاء فاشترك بها وقاتل وقتل ثانياً، نعم نقل المظفر عن الواقدي(2) بأنه شارك في فتوح الشام وأنه حضر معركة البهنسا(3) وارتجز فيها، وكان أحد الأمراء فيها وأظهر شجاعة وبسالة(4).
 

     ولكن في هذا النقل نظر من جهات:

_________________

(1) وقيل قتل شخصين كما قيل أن المقتولين على يديه خمسة وأربعون رجلاً –راجع ناسخ التواريخ (حياة الحسين): 2/318، أسرار الشهادة: 2/281، بحار الأنوار: 45/33، مناقب آل أبي طالب: 4/105، وعوالم العلوم: 17/276.
(2) الواقدي: هو محمد بن عمر بن واقد الأسلمي مولاهم (130- 207هـ) توفي في بغداد بعد أن جال في الشام والحجاز، مؤرخ كبير، له من المؤلفات: المغازي، أخبار مكة، وفتوح العارق.

(3) البهنسا: تقع غربي نهر النيل بين الفيوم وأسيوط.

(4) سفير الحسين: 23 عن فتوح الشام: 182.

(32)

     1- إن المقرم(1) نقل اشتراك مسلم بن عقيل ورجزه بهذه المعركة في جملة من الهاشميين(2).
     2- إن المعركة وقعت في عهد عمر بن الخطاب (13- 23هـ) وهذا يعني أنه كان لا بد أن يكون له من العمر أكثر من عشرين سنة فإذا قلنا بأن المعركة كانت قد وقعت عام عشرين كما يفهم من فتح بلاد مصر فلا بد أن تكون ولادته في العام الأول للهجرة وهو غريب، وإذا قيل: إن المعركة وقعت في عهد عثمان بن عفان (23- 36هـ) وبالتحديد عام 25هـ على ما يفهم من بعض المؤرخين بأن المسلمين انتهوا من فتح مصر في هذا العام، فمعنى ذلك أن ولادته كانت في حدود السنة الخامسة الهجرة، وكلها لا تتفق مع ما ورد في عمره يوم استشهاده، اللهم إلا إذا قيل إن الموقع الذي فتح هو البهسنا(3) والتي تقع في الشامات والتي قام معاوية بن أبي سفيان بغزو تلك المناطق في عهده (40- 60هـ) فهذا يمكن وقوعه، وإن كان مثل هذا الأمر مستبعد، للنزاع الذي كان قائماً بين الأمويين  وبين الهاشميين، وعلى فرضه فلا بد أن يكون بعد الخمسينات ليكون جعفر في عمر يمكنه من القيام بدوره.
     لكن الواقدي أكد مشاركته في فتح البهسنا من أعمال الشام وذلك في عهد عمر بن الخطاب (13-23هـ) قائلاً: «وحضر ذلك- معظم الصحابة وكبراؤهم.. ومن بني عم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مثل الفضل بن العباس وجعفر ابن عقيل ومسلم بن عقيل وعبد الله بن جعفر»(4).
     ثم يقول في مكان آخر: إن عمر بن الخطاب استدعى من بعده(5)
___________________

(1) المقرم: هو عبد الرزاق بن محمد بن عباس الموسوي (1316- 1391هـ) ولد في النجف وتوفي فيها، كان من العلماء الخطباء، له من المؤلفات: يوم الأربعين عند الحسين، الصديقة الطاهرة، والإمام الرضا.

(2) الشهيد مسلم بن عقيل: 61 عن فتوح للواقدي: 182.
(3) البهسنا: تقع في جنوب ملطية شمال شرقي حلب وهي الآن تقع في تركيا.

(4) بعده: أي بعد عبد الله بن عمر بن الخطاب.

(33)