معجم  أنصار الحسين  (الهاشميون)(الجزء الثاني)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين (الهاشميون)(الجزء الثاني)

المؤلف : (محمد صادق محمد (الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن – المملكة المتحدة

 

 

 

 

(80)

الطائي(1)، والشعبي(2)، وأبو وابل شقيق(3)، وعاصم بن ضمرة السلولي(4)، ومن أهل البصرة: محمد بن سيرين(5)، وعبد الله بن الشخير(6)، والحسن البصري(7)، وجارية بن مضرب(8)، وحرس بن قدامة(9)، ولقبوا الحسن بالرضا، وفي بيعته يقول بعضهم- مرتجزاً-:

أبلغ أبا ذبان مخلوع الرســـن(10)

أن قد مضت بيعتنا لإبن الحســـن

ابن الرسول المصطفى والمؤتمن

من خير فتيان قريش ويمــــــــن

والحجة القائم في هذا الزمــــــن

     ثم خرج عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث حتى وافى فارس وجمع

_______________

(1) أبو البختري الطائي: هو سعيد بن فيروز الطائي الكوفي، كان من أصحاب الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام»، وكان قبل الهجرة لبس السلاح في مكة يدفع الأذى عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، قتل في معركة الجماجم مع ابن الأشعث.
(2) الشعبي: الظاهر هو عامر بن شراحيل بن عبد الحميري (020- 110هـ)، وكان فقيهاً شاعراً، تولى قضاء الكوفة، قيل إنه مات فجأة في الكوفة سنة 104هـ.
(3) أبو وايل: هو شفيق بن سلمة الأسدي الكوفي (1- 83هـ) أدرك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يرو عنه، سكن الكوفة ومات بعد معركة الجماجم.
(4) عاصم بن ضمرة السلولي: سكن الكوفة، مات سنة 174هـ، وقد روى عن سعيد ابن جبير، وروى عنه منذر بن يعلى الثوري وغيره.
(5) محمد بن سيرين: الأنصاري البصري، توفي في التاسع من شوال عام 110هـ، كان سيرين مولى لأنس بن مالك، وكان من أئمة الحديث في البصرة.

(6) عبد الله الشخير: هو حفيد عوف بن كعب بن وقدان بن الجريش الجرشي العامري، له صحبة ورواية، سكن البصرة وكان يروي الحديث.
(7) الحسن البصري: هو ابن يسار، ويكنى (أبو سعيد) (21- 110هـ) من أئمة البصرة وفقهائها، ولد في المدينة وتوفي في البصرة، له كتاب فصائل مكة.
(8) جارية بن مضرب: لم نعثر على ترجمته.
(9) حرس بن قدامة: ليس له في المعاجم ترجمة.
(10) أبو ذبان: كنية عبد الملك بن مروان الأموي كني بذلك لبخرة في فمه، كما كان يلقب بـ«رشح الحجر» نظراً لبخله.

(81)

الناس من العرب والعجم والموالي حتى اجتمع إليه مائة ألف(1)، ووافى البصرة(2) واستقبله الحجاج بن يوسف واشتد القتال بينهم ثلاث سنين حتى كان بينهم سبعون وقعة أو خمس وسبعون كل ذلك  على الحجاج، سوى وقعتين، وقتل بينهما خلق كثير(3).

     وتقوى أمر ابن الأشعث ودخل الكوفة واجتمع إليه حمزة بن المغيرة ابن شعبة(4)، وقدامة الضبي(5)، وابن مصقلة الشيباني(6) في جماعة من

_________________

(1) جاء في ظلال التشيع: 396 «ثم رجعوا حتى دخلوا فارس فخلعوا عبد الملك بن مروان على كتاب الله وسنة نبيه وتكاتفوا على جهاد المحلين وأهل الضلالة وحربهم وخلعهم».

(2) جاء في ظلال التشيع: 396 «ثم ساروا حتى نزلوا البصرة فبايعه جميع أهلها كهولها وشبانها وقرائها مصممين على قتال الحجاج وجيشه من أهل الشام وخلع عبد الملك بن مروان.
(3) جاء في ظلال التشيع: وتنسب المصادر التاريخية إلى أن سبب إسراع مبايعة أهل البصرة ومساندتهم الثورة هو الحيف الذي لحق بهم والظلم والجور والجوع الذي عم الأقطار بسبب سياسة الحجاج وعبد الملك اللاإنسانية.

(4) حمزة بن مغيرة بن شعبة: ابن أبي عامر بن مسعود الثقفي، وأمه أخت عمر بن سعد الزهري، توفي أبوه في الكوفة سنة 51هـ، لم يدرك عصر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث كانت ولادته بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، سكن الكوفة حيث كان أبوه واليها إلى حين وفاته من قبل معاوية، ولما عزم عمر بن سعد الزهري للخروج إلى قتال الإمام الحسين «عليه السلام» أتاه وقال له: يا خال أنشدك الله أن تسير إلى الحسين فواليه لأن تخرج دنياك ومالك وسلطان الأرض كلها لكان خير لك من أن تلقى الله بدم الحسين «عليه السلام»، وكان لأبيه مواقف عدائية لأهل البيت «عليه السلام»، إلا أنه لم يعرف عند ذلك، وقد وثقه ابن حبان، ولكن يثبت ذلك.

(5) قدامة الضبي: كان من أعيان الكوفة ومن المخالفين لبني أمية كانت له بعض المواقف لصالح المحاربين ضد الأمويين أيام المختار وغيره، ولم نعرف عنه شيئاً من حياته.
(6) ابن مصقلة الشيباني: هو حفيد هبيرة، كان أبو مصقلة من أصحاب أمير المؤمنين «عليه السلام» وعامله على بلدة  أردشيرخرة- في فارس بإيران- خان بيت المال فطالبه علي «عليه السلام» بتسديده فلم يفعل وترك فارس وجاء إلى البصرة، التحق بمعاوية وكتب إلى أخيه نعيم بن هبيرة ليتلحق بمعاوية فلم يفعل وكتب له شعراً يرفض ذلك، وكان مصقلة سنة 51هـ شهد على حجر بن عدي، ولم يرد له ذكر بعد ذلك، =

(82)

الفقهاء والقراء، فقالوا له: أظهر اسم رجل فقد بايعناه ورضينا به إماماً ورضي، فلما كان يوم الجمعة خطب له- أي للحسن المثنى- حتى إذا كان يوم الجمعة الثانية أسقط اسمه من الخطبة.

     وقدم الحجاج بن يوسف، فكانت حرب الجماجم الملحمة الكبرى التي انهزم فيها ابن الأشعث ومضى في جماعة من أصحابه، فثبت عبد الله ابن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب(1).

     وكان على الخيل ابن الأشعث داعية للحسن بن الحسن «عليه السلام» وهو حديث السن فقاتل الحجاج حتى هزم، ولحق بابن الأشعث بفارس، ثم مضيا جميعاً إلى سجستان، وتواري الحسن بن الحسن بأرض الحجاز وتهامة حتى مات عبد الملك بن مروان(2).

     فانتهت الحرب في سنة 83هـ(3) وربما يتنافى هذا النقل مع ما أورده المفيد في الإرشاد من أن الحسن بن الحسن مضى ولم يدع الإمامة ولا ادعاها له مدع(4) إلا إذ قيل المقصود بالإمامة المرتبة الإلهية او العقائدية دون السلطة الدنيوية، وربما إذا انتصر كان يسلهما إلى أهله، والله العالم.

__________________

= كما شارك مع معاوية في صفين، وكان ابنه سكن الكوفة ولم يعرف أنه كان من المعسكر الأموي، كما أن ابن عمه يحيى بن نعيم لم يكن هو الآخر مع المعسكر الأموي.

(1) عبد الله بن العباس: هو حفيد عبد المطلب بن هاشم القرشي (3ق.م- 68هـ) عم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، شهد مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مواقفه كما شهد مع علي مواقفه، كف بصره، سكن الطائف وفيها توفي، وكانت ولادته في مكة المكرمة.

(2) الحدائق الوردية: 275- 276.
(3) في ظلال التشيع: 397.
(4) الإرشاد: 2/26.

(83)

 

22

الحكم بن عقيل الهاشمي

ق40- 61هـ = 660- 680م

هو الحكم بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

     ضبط الكلمة حَكَم: بفتح أوله وثانيه، اسم فاعل بمعنى الحاكم والفاصل، من حكَم يحكُم بالأمر وللشخص أو عليه وبينهم إذا قضى وفصل، ومن أوائل من سمي بهذا الاسم هو الحكم بن عبد يغوث المنقري الذي كان علماً في الرمي، وشاعت مقولته المعروفة كمثل «رب رمية من غير رام» ولد وتوفي في الجاهلية، وقد سمي بهذا الاسم عدد من المسلمين في القرن الأول الهجري، وبالنتيجة هي صفة انتقلت إلى العلمية ولذلك يجوز فيها استخدام الألف واللام أو عدم استخدامها.

     ونقل الربعي في كتابه تاريخ مولد العلماء ووفياتهم عند ذكر ابنه عبد الله بأن الأب استشهد في كربلاء(1).

     أمه أم ولد، لم يذكروا اسمها، ومقتضى أن ابنه عبد الله قتل في كربلاء لا بد وأن يكون له من العمر أكثر من عشرين سنة على أقل التقادير.

__________________

(1) راجع تاريخ مولد العلماء ووفياتهم: 68.

(84)

 

23

حمزة بن الحسن الهاشمي

ق41 -61هـ = 661- 680م

     هو: حمزة بن الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

     ضبط الكلمة: حمزة، بفتح الحاء وسكون الميم وفتح الزاي وتنتهي بتاء مدورة، للدلالة على المرة من حمز يحمز بضم العين في الماضي والمضارع، بمعنى اشتد وصلب، ومن هنا سمي الأسد بحمزة لشدته وصلابته(1)، ومنه قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حين سئل: أي الأعمال أفضل، فقال: أحمزها، أي أشدها وأمضها وأشقها، ويقال رجل محموز البنان: أي شديده، وأشهر اسم عرف في الجاهلية هو حمزة بن عبد المطلب عم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي استشهد في معركة أحد عام 3هـ.

     وأما بالنسبة إلى حمزة بن الحسن «عليه السلام» فقد ذكره ابن فندي والعمري في أنسابهما(2).

     أمه: أم أروى الهمدانية، حيث قال ابن فندق: أمه أم أروى من سبي همدان، ولم يفهم من كلامه أن همدان اسم المدينة الفارسية أو أنها قبيلة همدان العربية في اليمن، وعلى أي حال فإنه لا شقيق له كما يفهم من الجدول الذي قدمه ابن فندق.

     ولكن كلا المصدرين اللباب والمجدي لم يذكرا بأنه قتل في كربلاء

________________

(1) راجع تاج العروس: 15/117.
(2) لباب الأنساب: 1/343، المجدي: 19.

(85)

وإنما ذكروه في جملة من أبناء الإمام الحسن «عليه السلام»، وأما أنه قتل في معركة الطف في كربلاء فهو من باب احتمال ما ورد في مناقب ابن شهرآشوب(1) بأنه هو حمزة بن الحسين استشهد في كربلاء، ونصه كالتالي:

     «ستة من بني الحسين مع اختلاف فيهم: علي الأكبر، وإبراهيم، وعبد الله، ومحمد، وحمزة، وعلي، وجعفر، وعمر، وزيد، وذبح عبد الله في حجرة، وأسر الحسن بن الحسن مقطوعة يده، ولم يقتل زين العابدين لأن أباه لم يأذن له في الحرب وكان مريضاً».

     وبما أن الحسين «عليه السلام» ليس له ابن باسم حمزة بإجماع المؤرخين والنسابة، بينما الحسن «عليه السلام» هو الذي له ابن باسم حمزة، فرجحنا التصحيف بين الحسن والحسين، ومع هذا فإن البت بأن ابن الحسن قتل في كربلاء لا دليل له، ولم يذكروا أرباب النسب عن حمزة بن الحسن – رغم إقرارهم بوجوده- شيئاً مما يدل على أنمه لم يكن شيئاً مذكوراً ولعله درج وهو صغير، أو كان صغيراً وحضر معركة الطف وقتل فيمن قتل من الصغار سحقاً أو خنقاً أو ما شابه ذلك، والله العالم بالحقائق.

______________

(1) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/113.

(86)

 

24

حمزة بن الحسين الهاشمي

... هـ = ... م

     هو: حمزة بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

     فقد ذكره ابن شهرآشوب في مناقبه حيث عده في أبناء الإمام الحسين ابن علي «عليه السلام» المقتولين في كربلاء(1) ولكن أشار إلى الاختلاف في المقتولين من أبناء الحسين «عليه السلام».

     والظاهر أن الاختلاف فيهم وقع من حيث العدد ومن حيث الأسماء، وإن كان المتبادر من عبارته أن الخلاف في الأسماء وليس في العدد.

     ولكن عندما يذكر في مكان آخر من كتابه بأن القاسم بن الحسين بن علي «عليه السلام» من المستشهدين في كربلاء (2) فإنه بذلك يربك القارىء، إلا إذا قلنا بأنه إنما نقل كلام غيره دون أن يعلق عليه، ولكن ظاهرة العبارة توحي بأنها من إنشائه ومن كلامه، وبما أن أرباب النسب لم يذكروا أن للحسين «عليه السلام» ابنا باسم حمزة فنحتمل وقوع التصحيف بين مفردة الحسن والحسين كالعادة لأن الإمام الحسن «عليه السلام» له ابن باسم حمزة(3)، ومن هنا فإننا نرجح أن المراد به هو حمزة بن الحسن «عليه السلام».

_______________
(1) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/113.

(2) راجع مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/108.

(3) راجع المجدي في الأنساب: 19.

(87)

35

حمزة بن عقيل الهاشمي

ق 50- 61هـ = 670-680

     هو: حمزة بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

     أمه أم ولد(1)، لم يذكروا خصوصياتها، ولكن الذي يظهر من سرد ابن فندق أنه شقيق لعيسى وعثمان وعلي الأصغر أبناء عقيل، وربما فهم من سرده بين أشقائه أن حمزة أكبر أبناء أمه(2) وأضاف بأنهم درجوا، ولم يذكر بأن حمزة قتل في الطف، ولكن العمري: ذكره في جملة المستشهدين في كربلاء، وقال هو من الستة الذي عناهم الشاعر بقوله من الخفيف:

عين إبكي بعبر وعويـل            واندبي الطيبين آل الرسول(3)

واندبي سبعة لظهرعلي            قد تولوا وستة لعقيــــــــــل(4)

     فقال: الستة من ولد عقيل المقتولين بالطف رضي الله عنهم: عبد

_______________

(1) سفير الحسين: 24.
(2) راجع لباب الأنساب: 1/376.
(3) آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): جاء في المجدي (308) «أراد ولد أبي طالب «عليه السلام» لأنهم أحم الناس قربى برسول الله «عليه السلام» لأن أبا طالب عم رسول الله لأبويه، وهم أسبق الناس إلى طاعة رسول الله، وأبذل الجماعة أنفساً في الله، وأن لبغضهم على بعض منزلة، وإنما أهل الرجل أقاربه، وآله من حذا حذوه وسلك منهاجه منهم، وقد ذكر لي الشيخ أبو اليقظان عمار بن فتيح المعروف بالسيوفي المصري حكاية قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في منامي، فقلت: يا رسول الله، من آلك؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): بنو علي وجعفر وعقيل».

(4) وجاء في المعارف لابن قتيبة: 204 «وتسعة لعقيل» مما يتسع المجال لثلاثة آخرين من أبناء وأحفاد عقيل بن أبي طالب، ويرتفع بذلك الخلاف الواقع في عدد =

(88)

الرحمن بن عقيل، وحمزة بن عقيل، وجعفر بن عقيل، وعبد الله بن مسلم ابن عقيل، وأبو سعيد الأحول ابن عقيل وولده محمد بن أبي سعيد(1).

     وليس في اليد ما يدل على عمره لعدم وجود أية معطيات فإن أباه قد توفي على قول المشهور في عام 60هـ، فاحتمال  أن يكون طفلاً وارد وإن كان مستبعداً، وأما أن يكون من المستشهدين في الحملة التي قام بها الطالبيون في أيضاً وارد، ومن هنا لم يتم ذكره، ولكن الاحتمال الأول أوجه، وإن كنا لا يمكننا البت في أصل حضوره الطف، ولعله درج كأشقائه الثلاثة حيث تفرد به العمري، والله العالم.

____________

= المقتولين في كربلاء من أبنائه، وجاء في بعض المصارد سبعة وفي أخرى خمسة، راجع ديوان القرن الأول: 1/126.
(1) المجدي: 308.

(89)

 

(90)

 

حرف الخاء

 

26- خالد بن جعفر الهاشمي:                                         (لا وجود له).

27- خالد بن سعيد الهاشمي:                       ب56 – 61هـ (شهيد) كربلاء.

(91)

 

(92)

26

خالد بن جعفر الهاشمي

... - ...هـ = ... - ...م

 

       هو: خالد بن جعفر بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.
        ضبط الكلمة «خالد»: اسم فاعل من الخلود وهو الدوام، وقد يكون بدوام العين أو الذكر، وهو أمر نسبي للمخلوق، وحتى الخلود في النار أو الجنة فإنه نسبي أيضاً كما ذكر المفسرون لدى تفسيرهم للآيات المرتبطة بأهل النار أو الجنة، ولذلك جاء قوله تعالى مفسراً لتلك الآيات: (خالدين فيها إلا ما شاء الله)(1)، وهذا لا يختص بأهل النار بل أهل الجنة كذلك حيث يقول جلا وعلا: (فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق، خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد، وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاءً غير مجذوذٍ)(2).

     إذاً هو صفة أصبح علماً ومن الذوات الذين سمعوا بذلك في الجاهلية هو خالد بن جعفر بن كلاب بن ربيعة العامري المتوفى نحو 30ق.هـ، كان شاعراً فارساً في الجاهلية انتهت إليه رئاسة قومه هوازن، وخالد بن سنان العبسي حكيم الجاهلية وكان من أنبياء العرب في الجاهلية بعث ما بين النبي عيسى «عليه السلام» والنبي محمد «عليه السلام»، وقبره شرقي حلب(3)، ومن

__________________

(1) سورة المائدة، الآية: 128.

(2) سورة هود، الآيات: 106- 108.

(3) راجع دوائر المعارف: 15.

(93)

المخصوصين أبو أيوب الأنصاري حيث أسمه خالد بن زيد بن كليب من بني النجار ولد في المدينة وتوفي عام 52هـ ودفن في القسطنطينية (استامبول)، ويؤنت فيقال: خالدة وممن سميت بذلك: خالدة بنت هاشم بن عبد مناف القرشية كانت شاعرة أربية وهي عمة أبي طالب، وفي هذه الأيام درج تسمية الإناث باسم «خلود» بدلاً من خالدة.

     وأما بالنسبة إلى الشخصية التي نريد الحديث عنها هو خالد بن جعفر ابن عقيل، فقد ورد ذكره في كتاب غصن الرسول حيث ذكره فيمن قتل في كربلاء ما يلي: «وقتل معه من أولاد عقيل خالد بن جعفر وعبد الله وعبد الرحمن»(1) أي أبناء عقيل بن أبي طالب، وقد نقل المعلومة من كتاب البداية والنهاية ولكن النسخة التي لدينا لا يوجد فيها ذكر خالد، ونصه جاء كالتالي: «ومن أولاد عقيل: جعفر وعبد الله وعبد الرحمن، ومسلم. قتل قبل ذلك»(2)، والكلام يقع جهات ثلاث: وجوده، وتشخيصه، وحضوره في كربلاء.

     أما بالنسبة إلى وجوده فلم نعثر عليه في كتب الأنساب والتاريخ مما نحتمل أن هناك تصحيفاً حدث في النقل حيث جاءت الكلمة خالد خطأ، ويؤيد هذا أن المصدر الذي أشار إليه لا يوجد في كلمة «خالد» حسب الطبعة التي لدينا.

     وأما من حيث تشخيصه: فعلى فرض وجوده، فهل هو ابن جعفر الأكبر أو الأوسط أو الأصغر، فالأكبر سبق وتحدثنا عنه وذكروا بأنه لم ينجب وليس له عقب وقيل إنه استشهد في كربلاء، وأما الأوسط فإنه هو الآخر درج ولم يعقب، وأما الأصغر والذي كانت أمه أم ولد أيضاً درج ولم يعقب، ولم يذكر أرباب التاريخ ولا النسب بأن الجعافرة الثلاثة كان لهم أبناء بل أولاد، وعلى فرض الصحة فالقول بأن خالداً هو ابن جعفر الأكبر أنسب ولكن ليس في اليد ما يؤيد ذلك.

__________________

(1) غصن الرسول لفؤاد رضا: 204.

(2) البداية والنهاية: 8/151.

(94)

     وأما عن حضوره كربلاء واستشهاده، فإن في تفرد هذا المصدر الحديث التأليف نظر إذ لم نعهد أن أحداً ذكره ولعله هو من التصحيف، وإنما أريد جعفر بن عقيل، وليس خالد بن جعفر، وسنأتي على بعض التفاصيل في خالد بن سعيد بن عقيل إن شاء الله تعالى.

(95)

 

27

خالد بن سعيد الهاشمي

ب56- 61هـ = ب675- 680م

     هو: خالد بن سعيد بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

     إذا كان والده ولد قبل عام 40هـ فمن المفروض أن الابن ولد بعد عام 56هـ، وعليه فيكون من الأطفال الذين قتلوا في كربلاء إثر الخوف أو السحق أو ما شابه ذلك.

     ولقد ذكره بعض المصادر حيث ذكره أبوه إلا أننا فاتنا ذكر المصدر، ولعلنا نذكره في مكان آخر، ولكنه قول شاذ.

(96)

 

 

حرف الزاي

 

28- زيد بن الحسن الهاشمي:                20 – 120 (أسير) البطحاء

29- زيد الحسين الهاشمي:                                  (لا وجود له).

 

(97)

 

(98)

 

28

زيد بن الحسن الهاشمي

20- 120 = 641-737م

     هو: زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

     ضبط كلمة «زيد»: بفتح أوله وسكون ثانيه، مصدر زاد يزيد بمعنى نما، والزيد واحد، يقال: هو زيد على عشرة، أي هم زائدون على عشرة، فالزيد بمعنى النمو والزكاء، والزيدان مثله وليس تثنية لزيد، ويأتي تثنية لزيد بعدما نقل إلى العلمية، ولم يقتصر النقل بزيد، بل زيدان وزياد ويزيد وتزيد أيضاً نقلت إلى العملية.

     وأصل التسمية جاءت حسب الظاهر من الزيادة والنماء، وربما رزق الرجل إبناً ما كان يتوقعه أو توقعه ولكن اكتنفت بولادته بعض الأمور فكان له نعمة أو خيراً فسماه  زيداً(1)، ومن هنا نجد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قلب اسم زيد الخيل بن مهلل الطائي المتوفى عام 9هـ إلى زيد الخير(2)، وقد شاع استخدامه في الجاهلية، وربما استخدموا المفردة مضافاً إلى شيء آخر

________

(1) نذكر في هذا المجال أننا كنا في زيارة لبعض رؤساء القبائل العربية التي كانت تسكن جنوب شرقي كربلاء، فجاءنا رئيس قبيلة من تلك القبائل ومعه بنتين صغيرتين لندعو لهما بالخير، فكانت الكبرى تسمى «عودة»، والصغرى تسمى «چمالة» فسألناه عن سبب التسمية والمقصود منها، فقال لنا في الجواب: أما عودة فلأن زوجتي توقفت عن الحمل لسبب نجهله فدعوت الله  كثيراً حتى رزقني الله عودة وذلك لأن الله أعاد لنا إنجاب المرأة، وأما الثانية فما كنا نتوقعها فلما ولدت سميتها «چمالة» لأنه سبحانه زادنا من فضله، والچمالة تعني الدارجة «كمالة» أي تكميل نعمة.

(2) تاج العروس: 8/164.

(99)

للدلالة إلى ذلك النمو أو تلك الزيادة في الخير، ومن تلك الأسماء التي في الجاهلية ما يلي:

     زيد الفوارس بن حصين بن ضرار الضبي، الذي كان شاعراً فارساً في الجاهلية، وزيد بن الغيوث بن أنمار البجلي من كبار الأنماريين في الجاهلية، وزيد اللات بن رفيدة بن ثور القضاعي والذي شكل بنوه بطناً من بني كلب في الجاهلية، وزيد بن ليث بن سرد بن أسلم القضاعي أيضاً والذي شكل بنوه بطناً من قضاعة في الجاهلية، وزيد بن مرب بن معد يكرب بن زود الجشمي الملك اليماني في الجاهلية، وزيد مناة بن تيم بن مر بن أدّ التميمي، والذي شكل بنوه بطناً من تميم، إلى غيرهم.

     وأما من نريد ترجمته فهو المكنى بأبي الحسن ابن الإمام الحسن المجتبى «عليه السلام».

     أمه: هي فاطمة بنت أبي مسعود عقبة بن عمرو بن ثعلبة الخزرجية(1) وتكنى بأم بشير. وقد جرى الحديث عن أشقائه وشقيقاته عند ترجمة أحمد ابن الحسن «عليه السلام».

     هذا وقد وصف المفيد زيد بن الحسن «عليه السلام» قائلاً: كان جليل القدر كريم الطبع ظلف النفس(2) كثير البر، مدحه الشعراء وقصده الناس من الآفاق لطلب فضله، وكان على صدقات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان أسن من غيره(3).

     اختلف المؤرخون والنسابة في عمر زيد(4) فمنهم من قال بأنه عاش تسعين سنة(5) أو خمساً وتسعين سنة(6) وقيل أيضاً مائة سنة(7)، وإذا ما

______________
(1) سر السلسلة العلوية: 20.

(2) ظلف النفس: عزيزها.

(3) راجع الإرشاد: 2/20 – 21.

(4) راجع عمدة الطالب: 69.

(5) كما في الإرشاد: 2/22، تهذيب التهذيب: 2/237، المجدي في الأنساب: 20.

(6) كما في هامش سر السلسلة العلوية: 20 عن أخبار الزينيبات للعقيقي.
(7) سر السلسلة العلوية: 20.

(100)

ثبت بأنه توفي عام 120هـ(1) كما في التهذيب(2) وغير فإن الخلاف يقع في ولادته بين عام 20 و25 و30هـ، وإذا ما أخذ بعين الاعتبار أنه كان أسن من الحسن المثنى، وأنه أول أبنائه فمن المرجح أنه ولد عام عشرين لأنه من المستبعد أن يتأخر الإمام الحسن «عليه السلام» في الزواج بعد البلوغ فإذا كانت ولادته «عليه السلام» عام 3هـ فإن زواجه من أم بشير يفترض أن يكون عام 19هـ ليكون عمره آنذاك في السادسة عشرة، وولادة بكر أبنائه سيكون في العادة في سنة العشرين ليكون عمره إذا توفي عام 120هـ مائة سنة وهو غير مستغرب بعدما صرح به ثلة من المؤرخين والنسابة وكان أمراً طبيبعاً آنذاك، ومن الغريب دعوى بعضهم أنه تولى ولاية المدينة من قبل المنصور العباسي نيابة عن ابنه الحسن- حين ولاه المنصور لسبع ليال خلون من شهر رمضان سنة 150هـ ثم قدم الحسن بن زيد بن الحسن بعد أبيه بليلة(3)- لأن أبعد ما قيل أنه توفى عام 150هـ، وإنما وقع الخلط بين زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن المثنى الحفيد، وبين زيد بن الحسن المثنى الجد، فالابن ناب عن والده وليس الوالد ناب عن ابنه، وبما أن في المصدر أعني «أخبار القضاة»، استخدم كلمة الوالد اختلط الأمر على صاحب كتاب «أمراء المدينة».

     وكانت ولادته في المدينة المنورة، ووفاته في البطحاء(4) وهي على بعد ستة أميال من المدينة(5) وحمل إلى المدينة في قبة على بعير، وعبد الله بن الحسن المثنى يمشي أمامه قد حزم وسطه بردائه ليس على ظهره شيء

_________________
(1) جاء في الوافي بالوفيات: 15/31 أنه توفي سنة 110هـ وعاش سبعين سنة، وعليه فإنه ولد عام 40هـ، ولكنه يتنافى مع قولهم بأنه أسن من الحسن المثنى المولود عام 37هـ.

(2) تهذيب التهذيب: 2/237، مستدركات علم رجال الحديث: 3/467.

(3) تاريخ أمراء المدينة: 131 عن أخبار القضاة: 1/224.

(4) راجع هامش سر السلسة العلوية: 21، وكان الوليد بن عبد الملك الأموي قد تولى الأمر في 14/10/86هـ إلى 15/6/96هـ.

(5) جاء في سر السلسلة العلوية: 20 أنه توفي في حاجر وهو موضع بين مكة والمدينة، ولكن في أخبار الزينبيات أنه توفي في بطحاء ابن أزهر.

(101)

فادخل دار زيد ببني حديلة، فغسل ثم اخرج على السرير إلى البقيع(1).

     وعاش مع أشقائه وأخوته وشقيقاته وأخواته في المدينة في كنف أبيه ثم عمه  الحسين «عليه السلام» وحضر معه كربلاء على ما ذهب إليه أبو الفرج الأصفهاني(2) ثم أسر في جملة من أسر، وفك يزيد أسرهم بطلب من الإمام زين العابدين «عليه السلام» والذي كان هو واحداً منهم، إلا أنه كان سيد بني هاشم وزعيمهم بعد أبيه الحسين «عليه السلام»، وما ورد في عمدة الطالب: بأنه تخلف عن عمه الحسين «عليه السلام» فلم يخرج إلى العراق(3) مردود بما ورد في مقاتل الطالبيين(4) من أنه أسر مع الأسرى، حاله حال أخيه الحسن المثنى الذي أنكر البعض حضوره كربلاء، وهو أمر مستبعد جداً، وإنما قيل كذلك لأنه لم يستشهد حتى يذكر اسمه في جملتهم، لأن المؤرخين اهتموا بالشهداء أكثر من غيرهم.

     وتولى وهو في المدينة صدقات جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في عهد الوليد بن عبد الملك باعتباره الأسن من بين أخوته بعد أن أخذ الولاية عن أبيه حيث كان أكبر الأسباط ولم ينافسه أحد فيها، نعم ذكر المؤرخين بأن سليمان بن عبد الملك الأموي، عندما تولى الأمر عام 96هـ(5) كتب إلى عامله في المدينة وهو أبو بكر بن محمد بن حزم(6): «أما بعد فإذا جاءك كتابي هذا، فاعزل زيداً عن صدقات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وادفعها إلى ... بن ...- رجل من قومه- وأعنه على ما استعانك عليه والسلام».

     فلما استخلف عمر بن عبد العزيز الأموي عام 99هـ(7) إذا كتاب قد

__________________

(1) الطبقات الكبرى: 5/319.
(2) مقاتل الطالبيين: 119.

(3) عمدة الطالب: 69.
(4) مقاتل الطالبيين: 119، وذلك لأن دعوى الوجود مقدمة على العدم.

(5) ولي سليمان بن عبد الملك الأموي الأمر بعد أخيه الوليد في 15/6/96هـ، إلى 10/2/99هـ.

(6) لم يتول غير أبي بكر ولاية المدينة في عهد سليمان بن عبد الملك.

(7) ولي عمر بن عبد العزيز الأمر بعد سليمان في 10/2/99، إلى 101هـ.

(102)

جاء منه- إلى الوالي نفسه(1)- «أما بعد فإن زيد بن الحسن شريف بني هاشم وذو سنهم، فإذا جاءك كتابي هذا فاردد إليه صدقات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأعنه على ما استعانك عليه والسلام»(2).

     تزوج زيد من أم ولد فأولدت له محمداً إلا أنه درج(3)، ثم تزوج لبابة بنت عبد الله بن العباس بعد أن استشهد زوجها أبو الفضل العباس بن علي «عليه السلام» في كربلاء عام 61هـ فأنجبت له نفيسة والتي تزوجها الوليد بن عبد الملك الأموي وأنجبت له وتوفيت عنده(4)، ثم تزوج من أم ولد يقال لها زجاجة وتلقب برقوقاً فأنجبت له الحسن(5) وذلك عام 88هـ والعقب فيه(6)، وهو الذي تولى ولاية المدينة عام 149هـ وحتى عام 155هـ(7) أيام المنصور العباسي، وفي أصفهان مزار معروف باسم إسماعيل بن زيد بن الحسن «عليه السلام»(8) ولا نعرف مدى صحته، وهناك قبر في القاهرة باسم يحيى ابن زيد، قال عنه العمري ولم أجد ذلك في كتاب ولا قرأته على أحد إنما هو سماع شاذ(9).

     ومن الأخبار الموضوعة ما رواه ابن عساكر بسنده عن أبي معشر كان علي بن أبي طالب اشترط في صدقته أنها إلى ذي الدين والفضل من أكابر ولده، فانتهت صدقته في زمن الوليد بن عبد الملك إلى زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب فنازعه فيها أبو هاشم عبد الله بن محمد ابن الحنفية فقال: أنت تعلم أني وإياك في النسب سواء إلى جدنا علي، وإن كانت

________________

(1) كما يفهم من العبارة وقد عزل الوالي عام 99هـ.

(2) الإرشاد: 2/21، بحار الأنوار: 44/163، سير أعلام النبلاء: 4/457.

(3) الطبقات الكبرى: 5/318.
(4) راجع مستدركات علم رجال الحديث: 3/467، الطبقات الكبرى: 5/318، وكانت وفاتها في مصر ولها قبر معروف.

(5) وفي مستدركات علم رجال الحديث: 3/467 أن الحسن ونفسية شقيقان وأمهما لبابة.

(6) عمدة الطالب: 70.

(7) تاريخ أمراء المدينة: 132.

(8) مستدركات علم رجال الحديث: 1/638.

(9) المجدي في الأنساب: 20.

(103)

فاطمة لم تلدني وولدتك، فإن هذه الصدقة لعلي وليست لفاطمة وأنا أفقه منك وأعلم بالكتاب والسنة، حتى طالت المنازعة بينهما.

     فخرج زيد من المدينة إلى الوليد بن عبد الملك وهو في دمشق، فكبر عنده علي أبي هاشم وأعلمه أن له شيعة في العراق يتخذونه إماماً، وأنه يدعو إلى نفسه حيث كان، فوقع ذلك في نفس الوليد، ووقر في صدره، وصدق زيداً بن الحسن، وكتب الوليد إلى عامله في المدينة في أشخاص أبي هاشم إليه، وأنفذ بكتابه رسولاً قاصداً يأتي بأبي هاشم، فلما وصل إلى باب الوليد أمر بحبسه في السجن فمكث فيه مدة.

     فوفد في أمره علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب «عليه السلام» فقدم على الوليد، فكان أول ما افتتح كلامه حين دخل عليه أنه قال: يا أمير المؤمنين ما بال أبي بكر، وآل عمر، وآل عثمان يتقربون بآبائهم فيكرمون ويحبون، وآل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يتقربون به فلا ينفعهم؟ فيم حبست ابن عمي عبد الله بن محمد (ابن الحنفية) طول هذه المدة؟

     قال الوليد: بقول ابن عمكما زيد بن الحسن، فإنه أخبرني أن عبد الله بن محمد ينتحل اسمي ويدعو إلى نفسه، وإن له شيعة بالعراق قد اتخذوه إماماً.

     قال علي بن الحسين: أو ما يمكن أن يكون بين ابني العم منازعة ووحشة كما يكون بين الأقارب، فيكذب أحدهما على الآخر؟ وهذان كان بينهما كذا وكذا.

     فأخبره خبر صدقة علي بن أبي طالب، وما جرى فيها، حتى زال عن قلب الوليد ما كان قد خامره، ثم قال له: فأنا أسألك بقرابتنا من نبيك (صلى الله عليه وآله وسلم) لما خليت سبيله.

     فقال الوليد: قد فعلت، فخلى سبيله، وأمره أن يقيم بحضرته(1).

     فأقام أبو هاشم بدمشق يحضر مجلس الوليد ويكثر عنده ويسامره،

________________

(1) إلى هنا ينتهي الخبر في الوافي بالوفيات: 15/30- 31.

(104)

حتى إذا كان ذات ليلة أقبل عليه الوليد، فقال: يا أبا البنات لقد أسرع الشيب إليك.

     فقال أبو هاشم: أتعيرني بالبنات؟ فقد كان نبي الله شعيب أبا بنات، وكان نبي الله لوط أبا بنات، وكان محمد خير البرية (صلى الله عليه وآله وسلم) أبا بنات، فأي عيب علي فيما عيرتني؟

     فغضب الوليد من قوله؟ وقال له: إنك رجل تحب المماراة، فارحل عن جواري.

     قال أبو هاشم: نعم والله أرحل عنك، فما الشام لي بوطن، ولا أعرج فيها على سجن، ولقد طال فيها همي وكثر فيها ديني، وما أنا لك بحامد، ولا إلى جوارك لعائد ونهض.

     وقد احفظ- عليه- الوليد فخرج عن دمشق متوجهاً إلى المدينة، فدس إليه الوليد إنساناً يبيع له اللبن وفيه السم، وكان عبد الله يحب اللبن ويشتهيه، فلما سمعه ينادي على اللبن تاقت إليه نفسه، فاشترى له منه، فشربه فأوجعه بطنه واشتد به الأمر، فأمر أصحابه فغدوا به إلى الحميمة(1)، وبها محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، فنزل عليه، فمرضه وأحسن إليه، فلما حضرته الوفاة أوصى إلى محمد بن علي على بيته وعلمه وأسبابه كلها، وأمر شيعته الكيسانية بالائتمام به فدفن(2).

     إن معالم الوضع في هذا النقل واضحة مضافاً إلى وهن سنده، فإن زيداً كان أكبر من أن يمشي على ابن عمه ويتهمه إلى عدو مشترك بينهما وقد عرف بالفضل والورع، كما لا يصح وفود الإمام السجاد «عليه السلام» إلى الوليد بن عبد الملك، مضافاً إلى أن زيداً يتولى صدقات الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وليس صدقات أمير المؤمنين «عليه السلام»، بل الحسن المثنى كان يتولى صدقات أمير المؤمنين «عليه السلام» كما سبق وتحدثنا عن ذلك، بالإضافة إلى دعوى الكيسانية التي لم يثبت صحتها، فكل ما ورد في هذا النقل هو من الوضع والدس على أبناء علي بن أبي طالب «عليه السلام» والطعن فيهم، ويذكر

_______________

(1) الحميمة: بلدة من أعمال عمان.

(2) تاريخ مدينة دمشق: 19/375- 377.

(105)

المؤرخون: إن الوليد كان أحقد الناس على الإمام زين العابدين «عليه السلام» وكان يرى أنه لا يتم له الملك والسلطان مع وجود الإمام «عليه السلام»(1) فكيف بالوليد يذعن له، بل كيف بالإمام يذهب إليه.

     نعم كان زيد بن الحسن «عليه السلام» يفد على الوليد بن عبد الملك ويقعد معه على سريره ويكرمه لمكان ابنته(2)، والمفيد في الإرشاد يؤكد أن الصدقات كانت صدقات الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويروي أن سليمان بن عبد الملك هو الذي أزاح زيداً عنها ثم أرجعه عمر بن عبد العزيز إلا أنه لم يشر إلى ما نسب إلى زيد من الوشاية إلى الوليد بن عبد الملك بل وصف زيداً بجلالة القدر وكرم الطبع وظلافة النفس وكثر البر، وكل هذا يتنافى ما أورده ابن عساكر وأمثاله.

     ويضيف المفيد: بأن زيداً خرج من الدنيا ولم يدع الإمامة ولا إدعاها له مدع من الشيعة ولا غيرهم، وذلك لأن الشيعة رجلان: إمامي وزيدي.

     فالإمامي يعتمد في الإمامية النصوص، وهي معدومة في ولد الحسن «عليه السلام» باتفاق، ولم يدع ذلك أحد منهم لنفسه فيقع في ارتياب.

     والزيدي يراعي في الإمامية بعد علي والحسن والحسين «عليهم السلام» الدعوة والجهاد، وزيد بن الحسن رحمة الله كان مسالماً لبني أمية ومتقلداً من قبلهم الأعمال، وكان رأيه التقية لأعدائه والتألف لهم والمداراة، وهذا يضاد عند الزيدية علامات الإمامة كما حكيناه.

     فأما الحشوية(3): فإنها تدين بإمامة بني أمية، ولا ترى ولود رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إمامة على حال.

     والمعتزلة(4): لا ترى الإمامية إلا فيمن كان على رأيها في الاعتزال،

____________

(1) راجع حياة الإمام زين العابدين للقرشي: 3/163.

(2) عمدة الطالب: 193.

(3) الحشوية:هم الذين نفوا التأويل في الآيات القرآنية، وعملوا بظواهر الآيات كجلوس الله على العرش وما شابه ذلك، وقد أفرطوا في العمل بالظواهر حتى قالوا بالتجسيم والعياذ بالله، وربما اطلقت الكلكة عليهم للإهانة بهم، ومأخوذة من الحشو- راجع معارف ومعاريف: 2/762.
(4) المعتزلة: سموا بذلك لأنهم اعتزلوا هم قول الأمة بأسرها، وقد اعتمدوا على =

(106)

ومن تولوا- هم- العقد له بالشورى والاختيار، وزيد على ما قدمنا ذكره خارج عن هذه الأحوال.

     والخوارج(1): لا ترى إمامة من تولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام»، وزيد كان متولياً أباه وجده بلا اختلاف(2).

     وكان زيد صاحب أخلاق وجلالة فكان يأتي سوق الظهر فيقف به والناس ينظرون إليه ويعجبون من عظم خلقه ويقولون جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(3).

     ومن أخباره أنه مر ذات يوم بأم عقبة بنت عبد الله بن عطية المزني فقالت لزوجها عبد الله بن وهب(4): يا أبا عقبة من هذا؟

     فقال: هذا زيد بن الحسن «عليه السلام».

     فقالت: اشترِ لي مثل برديه.

     فقال عبد الله بن وهب من الطويل:

تكلفني أراد زيد وشبها       ولست ببياع لدى السوق تاجر

____________________

= المنطق والقياس في مناقشة القضايا الكلامية، ومن أهم أقوالهم: إن مقترف الكبيرة لبس بالكافر ولا بالمؤمن بل في منزلة بين المنزلين، إن الإنسان له حرية الاختيار، إن القرآن مخلوق، وممن اشتهر منهم واصل بن العطاء، وعمرو بن عبيد اللذان انفصلا عن الحسن البصري، ويسمونهم أصحاب العدل والتوحيد ويلقبونهم بالقدرية والعدلية راجع الملل والنحل: 1/56.

(1) الخوارج: سموا بذلك لأنهم خرجوا من طاعة ذي السلطان من أئمة المسلمين بدعوى ضلالته وعدم انتصاره للحق، وكانت البداية أنهم خرجوا على الأمام أمير المؤمنين «عليه السلام» حيث وافق على مبدأ التحكيم بينه وبين معاوية خلال معركة صفين، وعلى أثره اغتالوا الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام»، واشتهر منهم الضحاك بن قيس الشيباني وقطري بن الفجأة، وعمران بن حطان، والطرماح بن الحكيم، ولهم فرق مختلفة.

(2) الإرشاد: 2/23.

(3) تاريخ مدينة دمشق: 19/379.

(4) عبد الله بن وهب: هو حفيد الأشياخ المزني، كان من شعراء القرن الثاني الهجري، وكان يكنى بأبي عقبة، وكان يسكن المدينة.

(107)

رأت مترفاً أوفت له بهزة العـــــــلاء          أو أقبح أرحام النساء الحـــــــرائر

دعي صرمتي دهري بعمق وأبشري           بنهب ركام من جعال ابن عامر(1)

     ويقول محمد بن بشير الخارجي(2) لزيد بن الحسن من الطويل، حيث كان رجلاً قد وعده قلوصاً(3) فمطل بها:

لعلك والموعود حق وفـــــــــاؤه         بذا لك في تلك القـــلوص بـــــدا

فإن الذي ألقا إذا قال قائــــــــــل         من الناس هل أحسستها لعنـــــا

أقول التي تفني السمات وقولهــا         علي وإشمات العـــــدو ســـــوا

دعوت وقد أخلفتني الوأي دعوة          بزيد فلا يضلك هنـــــــــاك دعا

بأبيض مثل البدر عظم حـــــقه          رجال من آل المصطفى ونسا(4)

     ويمدحه محمد بن بشير الخارجي أيضاً بقوله من الطويل:

إذا نزل ابن المصطفى بطن تلعة(5)            نفي جدبها واخضر بالنبت عودها(6)

وزيد ربيع الناس في كل شتــــــوة             إذا أخلفت أنواؤها ورعودهـــــــا(7)
حمول لأشناق الديات كأنـــــــه(8)                      سراج الدجى إذ قارنته سعودهــا(9)

         ومن أخباره التي تذكر ولسنا متأكدين من صحتها: إن الوليد بن عبد الملك كتب إلى زيد بن الحسن «عليه السلام» يسأله أن يبايع لعبد العزيز بن الوليد، ويخلع- أخاه

_______________

(1) تاريخ مدينة دمشق: 19/380.

(2) محمد بن بشير الخارجي: وهو من بني خارجة وهم بطن من عدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان بن مضر، وليس من الخوارج، وكان يكنى أبا سليمان، وكان يسكن المدينة وينزل الروحاء، من شعراء القرن الثاني الهجري.

(3) القلوص من الإبل: الطويلة القوائم، أو الشابة منها.

(4) تاريخ مدينة دمشق: 19/377.

(5) التلعة: مسيل الماء من أعلى الأرض إلى بطن الوادي.

(6) في تاريخ مدينة دمشق: «نما جذبا واخضر بالبيت».

(7) في تاريخ مدينة دمشق: «إذا خلفت أنواؤها ورعواها»، والأنواء: جمع نوء، وهو سقوط نجم وطلوع نجم آخر، والعرب كانت تنسب المطر إلى الأنواء.

(8) الإشناق: جمع الشنق –بالفتح- وهو ما دون الدية وذلك أن يسوق ذو الحمالة الدية الكاملة فإذا كانت معها ديات جراحات فتلك هي الإشناق –أعيان الشيعة: 7/96.

(9) تاريخ مدينة دمشق: 19/377، الإرشاد: 2/21، أنساب الأشراف: 3/72، أعيان الشيعة: 7/96.

(108)

-سليمان بن عبد الملك، ففرق(1) زيد بن الحسن من الوليد فأجابه.

     فلما استخلف سليمان بن عبد الملك- عام 96هـ- وجد كتاب زيد ابن الحسن «عليه السلام» إلى الوليد بن عبد الملك بذلك، فكتب سليمان(2) إلى أبي بكر بن محمد بن حزم(3)- وهو أمير المدينة- أدع زيد بن الحسن وأقرئه هذا الكتاب، فإن عرفه فاكتب إلي بذلك، وإن هو نكل فقدمه فاصبر(4) يمينه على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما كتب بهذا الكتاب ولا أمر به.

     فأرسل إليه أبو بكر بن حزم(5)، فاقرأه الكتاب.

     فقال: انظرني ما بيني وبين العشاء استخير الله عز وجل.

     فأرسل زيد بن الحسن إلى القاسم بن محمد(6)، وسالم بن عبد الله(7) يستشيرهما في ذلك، فأقاما ربيعة(8) معهما فذكر لهما ذلك، وقال لهما: إني لم أكن آمن الوليد على دمي لو لم أجبه، فقد كتبت هذا الكتاب فيرون أن أحلف.

     فقالوا: لا تحلف ولا تبارز الله عند منبر رسل الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنا نرجو أن ينجيك الله بالصدق. فأقر الكتاب ولم يحلف، فكتب بذلك أبو بكر إلى سليمان، وكتب سليمان إلى أبي بكر: أن يضربه مائه سوط، ويدر عنه عباءة

_______________

(1) فرق: فزع.

(2) سليمان بن عبد الملك الاموي ولي الأمر في 15/6/96هـ حتى 10/2/99هـ.

(3) تولى أبو بكر الإمارة عام 96 وحتى 99هـ في عهد عمر بن عبد العزيز.

(4) اصبره: أكرهه وألزمه، وفي بعض النسخ «فاظهر».

(5) أبو بكر بن حزم: هو عبد الرحمن بن محمد بن عمرو بن حزم حزم بن زيج الخزرجي الأنصاري، توفي في المدينة عام 120هـ، تولى إمارة المدينة عام 96هـ وظل فيها حتى عام 99هـ.

(6) القاسم بن محمد: هو حفيد أبي بكر بن أبي قحافة التيمي (37- 107هـ) أحد الفقهاء السبعة في المدينة ولد في المدينة وكف بصره في آخر عمره.

(7) سالم بن عبد الله: هو حفيد عمر بن الخطاب العدوي المتوفى سنة 106هـ في المدينة والمولود بها، كان أحد الفقهاء السبعة في المدينة.

(8) ربيعة: الظاهر هو ربيعة الرأي ابن فروخ التيمي بالولاء المتوفى عام 136هـ في الهاشمية في الأنبار في العراق، كان من فقهاء الرأي والقياس.

(109)