معجم  أنصار الحسين  (الهاشميون)(الجزء الثاني)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين (الهاشميون)(الجزء الثاني)

المؤلف : (محمد صادق محمد (الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن – المملكة المتحدة

 

 

 

 

ويمشيه حافياً، ولكن عمر بن عبد العزيز حبس الرسول في غسل سليمان، وقال له: لا تخرج حتى أكلم أمير المؤمنين- سليمان- فيما كتب في زيد بن الحسن لعلي استطيب نفسه فيترك هذا الكتاب.

     فجلس الرسول ومرض سليمان، فقال عمر بن عبد العزيز للرسول: لا تخرج فإن أمير المؤمنين مريض.

     فبقي الرسول إلى أن رمي في جنازة سليمان، وأفضى الأمر إلى عمر ابن عبد العزيز عام 99هـ(1) فدعا بالكتاب فحرقه(2).

     ويذكر في جملة أخباره أنه وقف مع عبد الله بن الزبير(3) في معارضته لبني أمية، وكان في مواقعه كلها، وكان ابن الزبير زوج شقيقته أم الحسن بنت الحسن «عليه السلام»، ولما قتل الزبير أخذ بيد أخته وعاد إلى المدينة(4)، وله مع الحجاج الثقفي في ذلك قصة(5).

     وسبق وقلنا بأنه توفي قرب المدينة ونقل جثمانه إلى المدينة ودفن في البقيع، وقد رثاه جمع من الشعراء بقصائد نذكر بعضها ومن ذلكم قول قدامة بن موسى الجمحي(6) من الطويل:

فإن يك زيد غالت الأرض شخصه       فقد بان معروف هناك وجود

وإن يك أمسى رهن رمس فقد ثوى       به وهو محمود الفعال فقيـــد

_____________
(1) ولي عمر بن عبد العزيز الأموي في 10/2/99هـ وحتى 20/7/101هـ.

(2) تاريخ مدينة دمشق: 19/379.
(3) عبد الله بن الزبير: هو حفيد العوام القرشي الأسدي (1- 73هـ) أعلن نفسه ولياً للمسلمين عام 64هـ. رافضاً الأمويين وذلك بعد موت يزيد بن معاوية وأخذ البيعة لنفسه فحكم مصر والحجاز واليمن وخراسان والعراق وأكثر بلاد الشام، واتخذ من المدينة له، إلى أن قاتله الحجاج بن يوسف الثقفي فقتله وانتهت حكومته لصالح الأمويين.
(4) سر السلسلة العلوية: 21، راجع أنساب الأشراف: 3/73.
(5) سر السلسلة العلوية: 20.

(6) قدامة بن موسى الجمحي: هو حفيد عمر بن قدامة بن مظعون المتوفى عام 153هـ، من أهل مكة، كان إمام المسجد النبوي وكان متحدثاً شاعراً ينظم في المناسبات.

(110)

سميع إلى المعتز يعلم أنـــه(1)                  سيطلبه المعروف ثم يعـــــود

وليس بقوال وقد حط رحــــله            لملتمس المعروف أين تريد(2)

إذا قصر الوغد الدني نما به(3)           إلى المجد آباء له وجــــــــدود

مباذيل للمولى محاشيد للقرى            وفي الروع عند النائبات أسود

إذا انتحل العز الطريف فإنهم             لهم إرث مجدٍ ما يـــرام تليد(4)

إذا مات منهم سيد قام ســــيد             كريم يبني بعده ويــــشيد(5)(6)

 

     ولما انصرف الناس عن قبره جاء محمد بن بشير الخارجي إلى الحسن بن زيد ابن الإمام الحسن «عليه السلام» وعنده بنو هاشم ووجوه قريش يعزونه فأخذ بعضادتي الباب وقال من الطويل:

 

أعيني جودا بالدموع وأســــــــــعدا           بني رحم ما كان زيد يـــــــــــهينها

ولا زيد إلا يجود بعبــــــــــــــــــرة           على القبر شاكي نكبة يستكــــــينها

وما كنت تلقى وجه زيدٍ ببــــــــــلدة           من الأرض إلا وجه زيد يزينهــــــا

لعمر أبي الناعي لعمت مصيبـــــــة           على الناس فابيضت قصيا رصينها

وأنى لنا أمثال زيدٍ وجـــــــــــــــــده          مبلغ آيات الهدى وأمينــــــــــــــــها

وكان حليفيه السماحة والــــــــــندى           فقد فارق الدنيا نداها ولينــــــــــــها

غدت غدوة ترمي لؤي بن غـــــالب           بجهد الثرى فوق امرىءٍ ما يشـينها

أغر بطاحي بكى من فــــــــــراقه(7)           عكاظ فبطحاء الصفا فحجونـــــــها

فقل للتي يعلو على الناس صوتـــــها          به لا أعان الله من لا يعيــــــــــــنها

ولو حضرت تبغي رضى الله وجهها           على قبره لابيض يوماً جبيــــــــنها

وأرملة تبكي وقد شق جيــــــــــــبها           عليه وأنت وهي شعث قرونـــــــها

________________

(1) في تاريخ مدينة دمشق: «سموع إلى المعتز».

(2) في تاريخ مدينة دمشق: «أين يزيد».

(3) في تاريخ مدينة دمشق: «الوغل» بدل «الوغد».

(4) في تاريخ مدينة دمشق: «هم» بدل «لهم».

(5) في تاريخ مدينة دمشق: «قام منهم كريماً يبني بعده ويسود».

(6) الإرشاد: 2/22، أعيان الشيعة: 7/96، تاريخ مدينة دمشق: 19/380، أنساب الأشراف: 3/73.

(7) جاء في تاريخ مدينة دمشق: «أنمر بطامي بكت..».

(111)

ولو فقهت ما يفقه الناس أصبحت               خواشع أعلام الفلاة وعــــــينها

نعاه لنا الناعي فظلنا كأننـــــــــا               نرى الأرض فينا أنه حان حينها

وزلت بنا أقدامنا وتقلـــــــــــبت               ظهور روابيها بنا وبـــــــطونها

وآب ذوو الألباب منا كأنـــــــما                يرون شمالا فارقتها يميــــــــنها

سقى الله سقياً رحمة ترب حـفرةٍ                مقيم على زيد ثراها وطـــينها(1)

 

     وكان زيد بن الحسن «عليه السلام» من الرواة فقد ذكر ابن حجر أنه روى عن أبيه وجابر بن عبد الله الأنصاري(2)، وعبد الله بن عباس بن عبد المطلب(3)، ويروي عنه ابنه الحسن(2)، وعبد الله بن عباس بن عبد المطلب(3)، ويروي عنه ابنه الحسن(4)، وعبد الرحمن بن أبي الموال(5)، وعبد الله بن عمرو بن خداش(6)، عبد الملك بن زكريا الأنصاري(7) وأبو معشر(8)، ويزيد بن عياض(9) بن

_______

(1) تاريخ مدينة دمشق: 19/ 381، أعيان الشيعة: 7/96؛ وتختلف نسخة التاريخ عن الأعيان.

(2) جابر بن عبد الله الأنصاري: هو حفيد عمرو بن حرام الخزرجي السلمي (16ق.هـ - 78هـ) الصحابي المعروف والذي عزا مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) تسع عشرة غزوة، وكان من أساطين العلم الذي كانت له حلقة درس في المسجد النبوي، وكان من الموالين لأهل البيت «عليه السلام».

(3) عبد الله بن العباس: ابن عم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مضت ترجمته.

(4) الحسن: هو ابن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب «عليه السلام» (83- 168هـ) كان من الأشراف النابهين، ولد في المدينة، وتوفي بالحاجر، ولي المدينة من قبل المنصور العباسي ما بين عام 150 وعام 155هـ.

(5) عبد الرحمن بن أبي الموال: هو عبد الرحمن بن زيد، وقيل إنه حفيد لأبي الموال، وكان مولى لآل علي «عليه السلام»، وكان من أصحاب الإمام الباقر «عليه السلام» والراوين عنه، توفي سنة 173هـ.

(6) عبد الله بن عمرو بن خداش: لم نعثر على اسمه في المعاجم التي بين أيدينا.

(7) عبد الملك بن زكريا الأنصاري: ليس له ذكر في كتب رجال الحديث.

(8) أبو معشر: ربما كان زياد بن كليب التميمي الحنظلي الكوفي المتوفى عام 120هـ، وكان من الحفاظ، وثقه ابن حجر في تهذيبه، بل نقل توثيقه عن الآخرين.

(9) يزيد بن عياض بن جعدة: الليثي المدني المكنى بأبي الحكم، توفي بعد عام 158هـ في البصرة، روى عن جماعة من الرواة وروى عنه جماعة آخرون، وقد روى حديث المنزلة عن الزهري عن سيعد بن المسيب.

(112)

جعدة(1)، ومحمد بن المهاجر(2) هذا وقد وثقه الفريقان حيث عده ابن حبان في الثقات(3).

____________
(1) تهذيب التهذيب: 2/237.

(2) محمد بن مهاجر: كان من الفقهاء، تولى القضاء باليمامة حتى عرف بها وعرفت به، روى عن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب «عليه السلام» جواز متعة النساء.

(3) راجع تهذيب التهذيب: 2/237.

(113)

29

زيد بن الحسين الهاشمي

... - ... = ... - ...

     هو: زيد بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

     ذكره ابن شهرآشوب(1) وعده من المقتولين في كربلاء من بني الحسين الستة وقال: «مع اختلاف فيهم» أي من اختلاف في أسمائهم، وذكر: «علي الأكبر، وإبراهيم، وعبد الله، ومحمد، وحمزة، وعلي، وجعفر، وعمر، وزيد» ثم قال: «وذبح عبد الله في حجره» فإذا كان الاختلاف في أسمائهم فهذا يعني أن ستة منهم صحب شهادتهم في كربلاء والباقي إنما ذكروا لأجل الاختلاف في اسمه، وقوله في الأخير: «وذبح عبد الله في حجره» أراد توضيح الأمر أن عبد الله الذي سبق اسمه كان طفلاً وذبح في حجر أبيه ولا يفهم من التكرار، إذاً فالأسماء تسعة، ومن المسلمات أن علي الأكبر قتل في كربلاء، وعبد الله ذبح في حجره، وإذا ثبت بأن علياً الأصغر هو الآخر قتل في كربلاء، وإبراهيم أيضاً استشهد في كربلاء وجعفر مات صغيراً في المدينة، فالخلاف يقتصر في أربعة وهم: محمد وحمزة وعمر وزيد، ولا بد من اختيار اسمين منهما ليكتمل عدد من المستشهدين الستة في كربلاء.

     وهذا الاختيار يحتاج إلى دليل فيما إذا ثبت أنهم ستة إذ إن ابن شهرآشوب يناقض نفسه حيث ذكر في مكان آخر القاسم بن الحسين «عليه السلام» وذكر أنه برز إلى ساحة الوغى وارتجز وقاتل حتى قتل(2) مما يدلنا أن

_______________
(1) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/113.

(2) راجع مناقب آل أبي طالب: 4/108.

(114)

الخلاف ليس في الأسماء بل في العدد أيضاً

     وبم أننا لم نعثر لحد الآن على من ذكر زيداً من أبناء الحسين لا في كتب النسب ولا في التاريخ، نحتمل أن التصحيف وقع بينه وبين وزيد بن الحسن «عليه السلام»، نعم هناك ذكر لمحمد بأنه من أبناء الحسين «عليه السلام»(1) ولكن ليس لدينا من المصادر مما يثبت بأنه قتل في كربلاء، وربما كان نسبة عمر إلى الإمام الحسين «عليه السلام» من التصحيف الذي يقع عادة بين الحسين والحسن وذلك لأن أرباب النسب لم يذكروا أن للحسين «عليه السلام» ابناً باسم عمر بل ذكروا أن للحسن «عليه السلام» ابناً باسم عمر(2).

(115)

 

(116)

 

حرف السين

 

30- سعد بن عبد الرحمن الهاشمي:                ن54 – 61هـ (شهيد) كربلاء.

31- سعيد بن عقيل الهاشمي:                      ق40 – 61هـ (شهيد) كربلاء.

(117)

 

(118)

 

30

سعد بن عبد الرحمن الهاشمي

نحو 54 – 61م = نحو 674 – 680م

     هو: سعد بن عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن هاشم القرشي.

     ضبط المفردة «سعد» بفتح السين وسكون العين مصدر بمعنى اليمن، وسوف يأتي في سعيد بعض التفاصيل المناسبة للمقام، وقد شاع استخدامه كاسم علم في الجاهلية وفي الإسلام، وربما استخدموه مضافاً، فهناك عدد من الشعراء الجاهليين مسمون بسعد كما أن هناك العديد من رؤساء البطون من قبائل عربية شتى قد سموا بذلك ولا يمكننا هنا ذكر أسمائهم لكثرتهم، ولا يمكننا أيضاً من تحديد عصرهم لعدم الفصح عن ذلك، ونذكر على سبيل المثال: سعد بن قيس بن عيلان بن مضر فإن بنيه بطون من عدنان، وسعد بن كعب بن عمرو بن ربيعة الخزاعي من القحطانية، وسعد بن لؤي ابن غالب من قريش من العدنانية، وسعد بن مالك بن النخع من قحطان، بنوه عدة بطون(1).

     وبالنسبة إلى ابن عبد الرحمن بن عقيل فقد ذكره ابن قتيبة باسم سعيد(2).

     وأمه: خديجة بنت علي بن أبي طالب كما عليه ابن قتيبة، وأما النمازي فقد ذكر أن أمه زينب الصغرى بنت أمير المؤمنين «عليه السلام» وأنها

__________________
(1) راجع الأعلام للزركلي: 3/86.
(2) المعارف: 205، المجدي: 307.

(119)

أنجبت له سعداً وعقيلاً(1) وقيل حميدة أيضاً(2) وقد سبق وسيأتي بأن المختار أن أمه خديجة، وأباه عبد الرحمن قتل بالطف(3).

     وجاء في وسيلة الدارين نقلاً عن مقتل الحسين للشيخ حسن الشويكي(4) نقلاً عن كتاب المنن لعبد الوهاب الشعراني(5): عبد الرحمن ابن عقيل بن أبي طالب قتل مع الحسين بالطف وابناه سعد وعقيل كانا معه وماتا من شدة العطش والذعر بعد شهادة الحسين «عليه السلام» لما هجم القوم على المخيم للسلب، وأمهما خديجة بنت علي بن أبي طالب توفيت في الكوفة وقبرها قرب باب مسجد الكوفة(6).

     ويمكن تحديد عمرها بشكل تقريبي وربما كانا في نهاية العقد الأول أو بداية العقد الثاني أو أن أحدهما في النهاية والآخر في البداية، وإذا كان تسلسل ذكرهما حسب الكبر والصغر فإن سعداً أكبر من أخيه عقيل، ولكن إذا ما أخذ بعين الاعتبار ولادة أمه خديجة التي كانت في حدود عام 39هـ فالمفروض أن ولادة سعد لا تتقدم على عام 54هـ.

     ولا يخفى أن أباه هو عبد الرحمن الأكبر لأن الأصغر لا عقب له كما سبق وأشرنا إلى ذلك في ترجمة عقيل بن أبي طالب، وسنأتي على ترجمة الأب والشقيق إن شاء الله تعالى.

     ولعل المراد بالطفلين اللذين وجدا قد فارقا الحياة بعد مقتل الإمام

_____________
(1) مستدركات علم رجال الحديث: 5/254.

(2) وهناك من يقول بأن أم حميدة هي رقية الكبرى بنت علي بن أبي طالب «عليه السلام» وتفصيل الكلام في ترجمتها إن شاء الله تعالى.

(3) المجدي: 307.

(4) حسن الشويكي: هو ابن سليمان بن محمد بن الحسن القطيفي، نسبة إلى الشويكة وهي بلدة قطيفية.

(5) عبد الوهاب الشعراني: هو ابن أحمد بن علي الحنفي- نسبة إلى محمد ابن الحنفية (898- 973هـ) من علماء المتصوفة في مصر، ولد في قلقشندة في مصر، والمتوفى في القاهرة، له مؤلفات كثيرة، منها إرشاد الطالبيين، بهجة النفوس، وحقوق إخوة الإسلام، وكتابه المنن يعرف بكتاب لطائف المنن كما يعرف بالمنن الكبرى.

(6) وسيلة الدارين: 344 عن مقتل الحسين للشويكاني عن المجلد العاشر لكتاب المنن.

(120)

الحسين «عليه السلام» هما سعد وعقيل ابنا عبد الرحمن حيث يقول ابن العربي(1): إن الحسين «عليه السلام» عند وداعه أوصى إلى أخته زينب بجمع العيال؛ ولما حرق الأعداء الخيام وتفرقت الأطفال، ذهبت زينب في جمعها ففقدت طفلين للحسين فذهبت في طلبهما فرأتهما معتنقين نائمين على الأرض، فلما حركتهما فإذا هما ميتان عطشاً، ولما سمع بذلك العسكر قالوا لابن سعد: رخص لنا في سقي العيال، فلما جاؤوا بالماء كان الأطفال يعرضون عن الماء، ويقولون: كيف نسقى وقد قتل ابن رسول الله عطشاناً(2).

__________
(1) راجع الإيقاد: 139 عن مقتل الحسين لابن العربي.

(2) ابن العربي: الصحيح ابن عربي، وهو محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عبد الله الطائي الأشبيلي الأندلسي (560- 638هـ) كان حكيماً متوصفاً، وأديباً شاعراً، وفقيهاً مفسراً، ولد في مرسية في الأندلس وتوفي في دمشق جال بلاد العراق ومصر والحجاز، له تصانيف كثيرة منها: الفتوحات الملكية، محاضرة الابرار، ومواقع النجوم.

(121)

 

31

سعيد بن عقيل الهاشمي

ق40- 61هـ = 660- 680م

     هو: سعيد بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

     ضبط المفردة «سعيد» على زنة فعيل وهو اسم فاعل من السعد وهو اليمن، ويقابل السعيد الشقي، كما تقول كريم والذي يقابله البخيل أي صاحب الكرم وصاحب البخل، وربما كان فعيل بمعنى المفعول كما في قتيل بمعنى المقتول، وعليه فيكون السعيد بمعنى المسعود من سعده الله أي جعله سعيداً ومسعوداً، وقد استخدمت هذه المفردة علماً، وهناك عدد من مشتقاته التي استخدمت علماً كالسعد وساعد ومسعود وغيرها، وربما نذكر بعضها في مجمل هذا الباب.

     وعلى أي حال فهي من الأسماء التي درجت في الجاهلية ونقلت من الوصف، ومنها سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي المتوفى حدود عام 3هـ، وسعيد بن عامر بن حذيم الجمحي المتوفى عام 20هـ، وسعيد بن فضل التيمي المتوفى عام 38هـ وربما كان القرن الأول قبل الهجرة هو البداية لاستخدام صيغة فعيل من هذه المفردة كاسم علم للأشخاص، وقد سبق بعض الكلام في «أبي سعيد الأحول».

     وأما بالنسبة إلى من عنوناه فلا شك بأن عقيلاً كان له ابن باسم سعيد كما ذكره أرباب النسب(1)، أو سعد(2) كما في المعارف، ولكن الكلام في

___________
(1) لباب الأنساب: 1/375.

(2) جاء في المعارف لابن قتيبة: 204، وهامش لباب الأنساب: 378 إن اسمه سعد.

(122)

حضوره كربلاء مع ابن عمه حسين «عليه السلام» واستشهاده فقد ذكر الدربندي في أسرار الشهادة قائلاً: «ثم برز من بعده(1) سعيد بن عقيل أخو مسلم بن عقيل، وجعل يضرب فيهم يميناً وشمالاً حتى قتل منهم سبعين فارساً، فبينما هو كذلك إذ أتاه سهم فذبحه»(2).

     أما أمه: فهي أم سعيد بنت عمرو العامرية(3).

     ويذكر بأن لسعيد ابناً يقال له خالد وقد صحبه معه إلى كربلاء واستشهدا معاً، وقد سبق الحديث عن خالد.

     ولا شك أنه لم يقصد أبا سعيد الأحول بن عقيل.

     ومن وجود ابن له يتبين أنه له من العمر يوم الطف أكثر من عشرين سنة، فإذا تمكنا من تحديد ولادة ابنه اقتربنا من تحديد عمره يوم استشهاده بالطف، ولكن هذا ما لم نتوفق له.

_____________

(1) من بعده: أي بعد جعفر بن مسلم بن عقيل.

(2) أسرار الشهادة: 2/224.

(3) سفير الحسين: 23.

(123)

 

(124)

 

حرف العين

     32- العباس الأصغر ابن علي الهاشمي:                        40 – 61هـ (شهيد).

     33- العباس الأكبر ابن علي الهاشمي:                    18 – 61هـ (شهيد).

     34- عبد الرحمن الأكبر ابن عقيل الهاشمي:              ن37 – 61هـ (شهيد).

     35- عبد الرحمن الأوسط ابن عقيل الهاشمي:             ... - ... (لا وجود له).

     36- عبد الرحمن بن مسلم الهاشمي:                      ن42 – 61هـ (شهيد).

     37- عبد الله بن أبي سفيان الهاشمي:                     ن8ق.هـ – 61هـ (شهيد).

     38- عبد الله الأصغر ابن الحسن الهاشمي:                49 – 61هـ (شهيد).

     39- عبد الله الأصغر ابن عقيل الهاشمي:                  27 – 61هـ (شهيد).

     40- عبد الله الأصغر ابن علي الهاشمي:                  37 – 61هـ (شهيد).

     41- عبد الله الأكبر ابن الحسن الهاشمي:                  25 – 61هـ (شهيد).

     42- عبد الله الأكبر ابن عقيل الهاشمي:                   ن20 – 61هـ (شهيد).

     43- عبد الله الأكبر ابن علي الهاشمي:                    35 – 61هـ (شهيد).

     44- عبد الله الأوسط ابن الحسن الهاشمي:                46 – 61هـ (شهيد) ولعله أسير.

     45- عبد الله ابن الحسين الهاشمي:                       61 – 61هـ (شهيد).

     46- عبد الله بن الحكم الهاشمي:                          ن56 – 61هـ (شهيد).

     47- عبد الله بن العباس الهاشمي:                         ب46 – ب61هـ (أسير).

     48- عبد الله بن مسلم الهاشمي:                           34 – 61هـ (شهيد).

     49- عبيد الله بن العباس الهاشمي:                        50 – 125هـ (أسير).

     50- عبيد الله بن عبد الله الهاشمي:                              ن27 – 61هـ (شهيد).

     51- عبيد الله بن علي الهاشمي:                           39 – 67هـ (أسير).

     52- عبيد الله بن مسلم الهاشمي:                          46 – 61هـ (شهيد).

     53- عتيق بن علي الهاشمي:                             40 – 61هـ (شهيد).

     54- عثمان بن علي الهاشمي:                            39 – 61هـ (شهيد).

 

(125)

 

     55- عثمان بن علي الهاشمي:                            ... – ... (لا وجود له).

     56- عقيل بن عبد الرحمن الأكبر الهاشمي:               55 – 61هـ (شهيد).

     57- عقيل بن عقيل الهاشمي:                             ن50 – 61هـ (شهيد).

     58- عقيل بن محمد الهاشمي:                         ب40 – ب61هـ (أسير).

     59- علي الأصغر ابن الحسين الهاشمي:                  60 – 61هـ (شهيد).

     60- علي الأصغر ابن عقيل الهاشمي:                    22 – 61هـ (شهيد).

     61- علي الأكبر ابن الحسين الهاشمي:                    38 – 61هـ (شهيد).

     62- علي بن الحسين الهاشمي:                           33 – 92هـ (أسير).

     63- علي بن علي الهاشمي:                              ... – ... (لا وجود له).

     64- علي بن مسلم الهاشمي:                              ن36 – ب61هـ (لا وجود له).
65- عمر الأصغر ابن علي الهاشمي:                     40 – 61هـ (شهيد).

     66- عمر الأطرف ابن علي الهاشمي:                     13 – 88هـ (أسير).

     67- عمرو ابن الحسن الهاشمي:                          ن37 – ب61هـ (أسير).

     68- عمرو ابن الحسين الهاشمي:                         ... – ... (لا وجود له).

     69- عون ابن جعفر الهاشمي:                            3 – 61هـ (شهيد).

     70- عون ابن عبد الله الهاشمي:                          25 – 61هـ (شهيد).

     71- عون ابن عقيل الهاشمي:                            ق50 – 61هـ (شهيد).

     72- عون ابن علي الهاشمي:                             16 – 61هـ (شهيد).

     73- عون ابن مسلم الهاشمي:                            ن40 – 61هـ (شهيد).

 

(126)

 

32

العباس الأصغر ابن علي الهاشمي

40- 61هـ = 660-680م

     هو: العباس الأصغر ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

     عَبّاس: على زنة فعّال صيغة مبالغة من العبس وهو تقطيب الوجه، وهم من صفات الأسد ولذلك سمي به، وهو بفتح أوله وتشديد ثانيه، يسمى به الأنسان للتفاؤل بأن يصبح شجاعاً فتاكاً حيث كانت الشجاعة أهم صفات التي يحتاجها العرب آنذاك للدفاع عن القبيلة وحريمها، وهي مفردة عربية خالصة، أخذت من الصفة لتكون علماً لأشخاص، ومن هنا تزود بألاف واللام، وهي من الأسماء التي استخدمها العرب قبل الإسلام، ولعل أشهر الأسماء وأقدمها العباس(1) بن عبد المطلب الهاشمي (51ق.م – 32هـ)، عم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، والعباس(2) بن مرداس السلمي (... – 18هـ)  ولعل علياً «عليه السلام» سمى اثنين(3) من أبنائه بالعباس على اسم عمه العباس، وكل عباس يكنى بأبي الفضل عادة لأن عم

_______________

(1) العباس: هو حفيد هاشم بن عبد مناف، يكنى بأبي الفضل، كان من سادات قريش، وإليه ينتسب العباسيون، أسلم على يد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في مكة فكتم إسلامه إلى قبيل فتح مكة.

(2) ابن مرداس: هو حفيد أبي عامر من مضر، شاعر فارس، كان سيداً في قومه في الجاهلية، أسلم قبيل فتح مكة عام 8هـ، وكان من المؤلفة قلوبهم، أمه الخنساء تماضر بنت عمرو السليمة الشاعرة المعروفة بالرثاء.

(3) سنأتي إلى العباس الأكبر وهو المكنى بأبي الفضل.

(127)

الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يكنى به لمكان ابنه الفضل(1).

     وأما بالنسبة إلى العباس الأصغر، فإنما وصف بالأصغر في قبال أخيه من أبيه الأكبر ألا وهو أبو الفضل الذي أنجبته أم البنين فاطمة بنت حزام الذي سنأتي على ترجمته إن شاء الله تعالى.

     وأما عن أم العباس الأصغر فقد ذهب خليفة بن خياط(2) إلى أنها: «لبابة بنت عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب»(3) وما ورد في هامش شرح الأخبار نقلاً عن ابن خياط بأن أمه لبانة (بالنون) ابنة عبد (مكبراً) الله ابن العباس بن عبد المطلب، فلا يصح نقله، لأن ابن خياط أوردها بالباء (لبابة) وأورد أباها مصغراً (عبيد الله)، وربما عمد إلى التغيير لأن المشهور أن أبا الفضل العباس (الأكبر) بن علي «عليه السلام» تزوج من لبابة بنت عبيد الله ابن العباس. ولا يخفى أن الجمع بين المقولتين لا يصح إذ إن منكوحة الأب محرمة على الابن، وقد سبق وقلنا عدم صحة زواج الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» من ابنة عبد الله بن العباس لجهات بيناها.

     نعم هناك من يقول: بأن أم العباس الأصغر هي أم حبيب أي الصهباء بنت ربيعة المخزومية، ولكن سبق وقلنا: إنها أنجبت عمر الأكبر، ورقية الكبرى، ولكن استقر بنا الرأي أنه شقيق محمد الأصغر، فإذا ثبت أن أمه الورقاء وهي أم ولد فإن ذلك يعني أن أم العباس الأصغر هي الورقاء وقد سبق الحديث عن هذا في ترجمتها، كما سبق وقلنا: إنها أنجبته عام 40هـ، حيث إنها أنجبت محمداً الأصغر عام 39هـ، وبما أنه

__________________
(1) الفضل: هو ابن العباس بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، توفي عام 13هـ، كان أسن أبناء العباس ولذلك كني به، قتل في وقعة أجنادين (فلسطين)، وله قبر في مدينة رملة الفلسطينية.

(2) خليفة بن خياط: هو حفيد أبي هبيرة خليفة بن خياط الشيباني العصفري البصري ويعرف بـ«شباب»، توفي عام 240هـ، ولد وتوفي في البصرة، مؤرخ محدث نسابة، له كتاب الطبقات، طبقات القراء، والتأريخ الزمني.

(3) تاريخ خليفة بن خياط: 145 وفيه قال أبو عبيدة وأبو الحسن: وقتل معه العباس الأصغر ومحمد بن علي الأصغر ابنا علي بن أبي طالب وأمهما لبابة بنت عبيد الله ابن العباس.

(128)

أكبر من العباس وتوفي علي «عليه السلام» في رمضان عام 40هـ، فلا بد من القول بأن ولادته كانت في عام أربعين.

     ومما يؤيد وجود العباس الأصغر أمور:

     1- جاء في المناقب لدى عده أولاد الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام»: «وقد أعقب على من خمسة: الحسن والحسين ومحمد ابن الحنفية، والعباس الأكبر وعمر»(1) فإن قوله «العباس الأكبر» يدل على أن هناك من يسمى بالعباس الأصغر.

     2- جاء في تاريخ خليفة، في عداد من قتل مع الإمام الحسين «عليه السلام»: «وقتل معه العباس الأصغر ومحمد بن علي الأصغر ابنا علي ابن أبي طالب»(2)، والأصغر يدل على وجود الأكبر بالإضافة إلى التصريح بوجود العباس الأكبر.

     3- جاء في المجدي، لدى عده أبناء علي «عليه السلام»: «والعباس وعمر ورقية بنو الثعلبية»(3)، حيث صرح باسم امهاتهم، وعدم الخلاف بأن أم العباس الاكبر هي أم البنين.

     4- جاء في اللباب، لدى ذكره المعقبين من أبناء أبي تراب: «الحسن ومحمد والعباس الأكبر وعمر، وقال قوم عثمان»(4)، ثم قال في عده للأولاد: «جعفر الأكبر، وعباس الأكبر والعباس الأصغر، وجعفر وعثمان...»(5).

     5- جاء في كتاب تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج البغدادي(6): «وولد له من أم حبيب من سبي خالد بن وليد عمر والعباس ورقية»(7) ثم  إن تعليقاً

______________
(1) مناقب آل أبي طالب لابن شهراشواب: 3/305، وبحار الأنوار: 42/92 عن الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية، لعلي بن محمد الخزاز القمي.

(2) تاريخ خليفة بن خياط: 145.

(3) المجدي في الأنساب: 12.

(4) لباب الأنساب: 1/335.

(5) لباب الأنساب: 1/337.

(6) البغدادي متوفى عام 325هـ.

(7) تاريخ الأئمة: 16.

(129)

في الهامش جاء بهذا الشكل: «والذي يترجح في نظري القاصر أن العباس الذي أمه أم حبيب هو العباس الأصغر كما يأتي التصريح به عند ذكر الأصاغر في آخر الكتاب(1) والعباس الأصغر هو شقيق عمر الأطرف وقد وصف النسابة العمري في المجدي والشيخ الأجل ابن شهرآشوب في المناقب والمحب الطبري في ذخائر العقبى العباس الشهيد بالأكبر فيرشدنا ذلك إلى وجود عباس أصغر منه وهذا التعبير في عرف النسابين يقع في حق من يكون له أخ منه شاركه في الأصاغر بل كان ذلك شائعاً متعارفاً في الأزمنة السابقة فإنهم كانوا يشاركون بين أولادهم في الاسم ويميزونهم بوصف الأكبر والأصغر وفي الإناث بالكبرى والصغرى»(2).

     6- جاء في دوائر المعارف في عداد أولاد أمير المؤمنين «عليه السلام»: «وعباس الأكبر المكنى بأبي الفضل وعبد الله الأكبر وجعفر الأكبر وعثمان الأكبر الشهداء في الطف وأمهم أم البنين... وعباس الأصغر وجعفر الأصغر لأمهات شتى»(3).

     7- جاء في مقاتل الطالبيين لدى سرده لمقتل أبي عبد الله «عليه السلام» والمستشهدين بين يديه: «قال المدائني(4) حدثني أبو غسان، عن هارون بن سعد، عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة، قال: رأيت رجلا من بني أبان بن دارم أسود الوجه، وكنت أعرفه جميلاً، شديد البياض، فقلت له: ما كدت أعرفك.

     قال: إني قتلت شاباً أمرد مع الحسين، بين عينيه أثر السجود، فما نمت ليلة منذ قتلته إلا أتاني فيأخذ بتلابيبي حتى يأتي جهنم، فيدفعني فيها، فأصيح، فما يبقى أحد في الحي إلا سمع صياحي.

_______________
(1) راجع تاريخ الأئمة: 305 حيث ذكر في الأصاغر ما يلي: «عمر الأصغر، محمد الأصغر، العباس الأصغر، جعفر الأصغر».

(2) تاريخ الأئمة: 16.

(3) دوائر المعارف للكاظمي: 19.

(4) المدائني: هو علي بن محمد بن عبد الله البصري (135- 225هـ) ولد في البصرة، وسكن المدائن، ثم انتقل إلى بغداد، مؤرخ مصنف، له كتاب: خطب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، خطب أمير المؤمنين علي «عليه السلام»، وكتاب من قتل مع الطالبيين.

(130)

     قال ابن نباتة(1): والمقتول العباس بن علي «عليه السلام»(2)، فإن قوله: «شاباً أمرد» لا ينطبق على العباس الاكبر ابن أم البنين حيث إنه من مواليد عام 26هـ، ويكون عمره يوم مقتله أربعة وثلاثين عاماً وستة أشهر وستة أيام.

     8- جاء في الحدائق الوردية عندما يعدد أبناء علي «عليه السلام»: «وعمر الأوسط على قول بعضهم، والعباس الأكبر، وجعفر الاصغر لأمهات شتى»(3) وفيه: «وروينا في الأخبار بالإسناد الصحيح أنه لما أخذ رأس الحسين «عليه السلام» ورؤوس أهل بيته وأصحابه أقبلت الخيل شماطيط(4) معها الرؤوس، واقبل رجل من أنظر الناس لوناً وأحسنهم وجهاً على فرس أدهم قد علق في سنان فرسه رأس غلام أمرد كأن وجهه قمر ليلة البدر فإذا هو قد أطال الخيطي(5) الذي فيه الرأس والفرس يمرح فإذا رفع رأسه لحق الرأس بجرانه(6) فإذا طأطأ رأسه صك الرأس الأرض.

     فسألت: فقيل هذا حرملة بن كاهل الأسدي، وهذا رأس العباس بن علي، فمكث بعد ذلك ما شاء الله، ثم رأيت حرملة ووجهه أسود كأنما أدخل النار، ثم أخرج فقلت له: يا عماه لقد رأيتك في اليوم الذي جئت فيه برأس العباس وأنك لأنظر العرب وجهاً.

     فقال: يا بن أخي ورأيتني.

__________
(1) ابن نباتة: هو الأصبغ بن نباتة التميمي الحنظلي المجاشعي الكوفي، كان من أصحاب علي والحسن والحسين «عليه السلام»، وكان على شرطة أمير المؤمنين «عليه السلام»، وكان يكنى بأبي القاسم.

(2) مقاتل الطالبيين: 117 -118، وقريب منه في عقاب الأعمال للصدوق: 219.

(3) الحدائق الوردية: 1/104

(4) الشماطيط: الفرقة من الناس وغيرهم، والجمع شماطيط، يقال: جاؤوا  شماطيط أي متفرقين.

(5) الخيطي: بكسر الخاء هو جماعة النعام وقد يكون لغيره كالبقر وهو والخيط واحد، وخيط النعامة قصبها وعنقها، ولعله أراد رقبة الفرس، والمعنى إذا أطال الفرس رقبته، والله العالم.

ولكن جاء في نسخة أخرى «الخيط» والمراد فإذا أطال الخيط الذي علق به الرأس.

(6) جران:  من البعير وقد عنقه، ويقال: ألقى البعير جرانه أي برك، وما في المصدر جزان بالزاي وفي نسخة أخرى بالحاء المهملة والراء المهملة تصحيف.

(131)

     قلت: نعم.

     قال: فإني والله منذ جئت بذلك الرأس ما من ليلة آوي فيها إلى فراشي إلا وملكان يأتياني فيأخذان بضبعي(1)، ثم يأتيان بي إلى  نار تأجج فيدفعاني فيها وأنا أنكص عنها فتسعفني كما ترى»(2)، أيضاً فإن الوصف الذي وصف به الرأس لا يطابق إلا مع العباس الأصغر.

     9- جاء في ناسخ التواريخ: إن لعلي بن أبي طالب «عليه السلام» ابنين باسم العباس، أحدهما: العباس الاكبر أبو الفضل ابن أم البنين، والآخر: العباس الأصغر، ويمكن القول بأن العباس الأصغر قتل ليلة عاشوراء لأجل طلب الماء –للنساء والأطفال- والعباس الأكبر قتل يوم عاشوراء، ولا يخفى أن الأصغر هو المقصود بقول العلماء إنه قتل ليلة عاشوراء، كما أن أكثر أهل السير والتاريخ أن الأكبر هو الذي قتل يوم عاشوراء(3).

     10- جاء في تاريخ الخميس لدى عده أبناء أمير المؤمنين علي «عليه السلام»: «والعباس الأكبر ويدعى السقا ويكنى أبا قربة، وكان صاحب راية الحسين يوم كربلاء، وعثمان وجعفر وعبد الله قتلوا مع الحسين أيضاً أمهم أم البنين يقال: قتل العباس يزيد بن زياد الحنفي وحكيم بن الطفيل الطائي»(4).

     إلى غيرها من المصادر التي وصفت ابن أم البنين بالأكبر مما يستدعي وجود الأصغر، ولا شك أنه لا عقب له، ولكن نستبعد عدم تزويجه لأن العرف السائد آنذاك ورأي الشريعة في الإبكار بالتزويج يؤكدان أنه كان متزوجاً حين استشهد في كربلاء في التاسع من شهر محرم عام 61هـ، ومما تقدم يفهم أنه قتل وهو في طريقه إلى المشرعة لجلب الماء لعائلة الإمام الحسين «عليه السلام» وذلك ليلاً، وعليه فهو أول شهيد وقع على أرض كربلاء في معركة الطف.

________
(1) الضبع: العضد.

(2) الحدائق الوردية: 1/262، وقد نقله القرشي في حياة الإمام الحسين: 3/270 عن مرآة الزمان في تواريخ الزمان: 95، والصراط السوي في مناقب آل النبي: 92.

(3) ناسخ التواريخ (حياة الإمام الحسين): 2/341 ترجم من النص الفارسي.

(4) تاريخ الخميس: 2/284.

(132)

33

العباس الأكبر ابن علي الهاشمي

18- 61هـ = 639- 680م

     هو: العباس الأكبر ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

     اشتهر بكنيته أبي الفضل(1) وعرف بقمر بني هاشم(2) ويلقب بالسقاء(3) ويكنى أيضاً بأبي قربة(4) كما يكنى بأبي القاسم لمكان ولده القاسم، وقد خاطبه جابر بن عبد الله الأنصاري في الزيارة التي زارها بقوله: «السلام عليك يا أبا القاسم، السلام عليك يا عباس بن علي»(5)، ولكنه اشتهر بأبي الفضل لأسباب ثلاثة: إن العرب كانت تكني العباس بأبي الفضل(6)، وإن له ابناً باسم الفضل(7)، وإنه كان صاحب الفضل في معركة الطف.

__________
(1) راجع سر السلسلة العلوية.

(2) راجع مقاتل الطالبيين: 60.

(3) عمدة الطالب: 356.

(4) نفس المهموم: 303 عن مقاتل الطالبيين: 89 ولكنه يقول الراوي وهو حرمي بن العلاء عن الزبير عن عمه: «ما رأيت من ولده، ولا سمعت عمن تقدم منهم هذا» راجع بشأن اللقب السقاء، والكنية أبو القربة السرائر: 1/656.

(5) العباس للمقرم: 147، عمدة الزائر: 161.

(6) ومن ذلك العباس بن عبد المطلب، والعباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وغيرهما، والعامة تقول له أبو الفضل، وهناك من كناه بـ«ابن البدوية» باعتبار أن أمه كانت تسكن البادية مع أبيها قبل زواجها من علي «عليه السلام»، وقد سبق الحديث عنها وعنه – راجع للمزيد كتاب بطل العلقمي للمظفر: 2/8.

(7) عمدة الطالب: 35.

(133)

     أمه: أم البنين فاطمة بنت حرام(1) بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر الكلابية(2).

     وقد سبق الحديث عن نسبه في ترجمة أخيه جعفر فلا نكرر.

     ولد أبو الفضل العباس في الرابع من شهر شعبان عام ستة وعشرين للهجرة على ما قيل(3)، ومن الصدف أن ولادة أخيه الحسين «عليه السلام» في الخامس من شعبان على المختار، ومما يؤيد كونه ولد عام 26هـ ما جاء في أسد الغابة والتذكرة والطبقات عن الانتقام من عبد الرحمن بن ملجم المرادي الذي قتل الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام»: «والعباس بن علي يومئذ صغير فلم يستأن به بلوغه»(4) ولكن كل ذلك يتعارض مع مشاركته في وقعة

_________________

(1) وقد سبق ضبط «حرام» في ترجمة جعفر فلا نكرر فقيل «خزام» وقيل «حزام» راجع الإصابة: 1/375، وتاريخ قم: 192.

(2) قال ابن إدريس في السرائر: 1/656 ونسب شيخنا المفيد في كتاب الإرشاد العباس بن علي فقال: أمه أم البنين بنت حزام بن خالد بن دارم وهذا خطأ، وإنما أم العباس المسمى بالسقاء، ويسميه أهل النسب أبا قربة المقتول في كربلاء صاحب راية الحسين «عليه السلام» ذلك اليوم: أم البنين بنت حزام بن خالد بن خالد بن ربيعة، وأضاف أيضاً، وقال ابن حبيب النسابة في كتاب المنمق: لما ذكر الحبشيات من قريش، ذكر من جملتهم العباس بن علي بن أبي طالب «عليه السلام»، وهذا خطأ منه وتغفيل وقلة تحصيل.

(3) العباس للمقرم: 136 عن أنيس الشيعة لمحمد المدارسي الهندي، عمدة الطالب: 356، وفيه: «وقتل له أربع وثلاثين سنة»، وجاء في بطل العلقمي: 2/6 عن أنيس الشيعة أن الولادة كانت يوم الجمعة، ولكن حسب ما ورد في كتاب العباس للمقرم، وهامش زينب الكبرى للنقدي: 12 نقلاً عن أنيس الشيعة: أن يوم الجمعة كان يوم إهداء الكتاب «أنيس الشيعة» إلى السلطان فتح علي القاجاري وكان يطابق تاريخ أول شعبان سنة 1244هـ ومع الأسف دخل يوم الجمعة في النقل عنه في تاريخ ولادة أبي الفضل، ويوم الجمعة ولا بشكل من الأشكال يطابق يوم ولادة العباس سواء قلنا بولادته عام 26هـ أو 18هـ وذلك لأن أول شعبان في كلا السنتين كان يوم السبت أو  الأحد فالرابع منه يكون يوم الثلاثاء أو الأربعاء.

وأما ما ورد في كتاب صدر حديثاً باسم العباس بن علي بطل النهضة الحسينية: 25 «بأنه ولد بين طلوع الفجر وطلوع الشمس» والذي لم يشر إلى مصدره؛ فقد حاولنا التوصل إلى ما يريده فلم نفلح حسب تتبعنا.

(4) أسد الغابة: 4/25، تذكرة الخواص: 180، الطبقات الكبرى: 3/40.

(134)

 

صفين كما سنأتي على بيان ذلك، وربما أريد بهذا العباس الذي كان لدى موت أبيه صغيراً هو العباس الأصغر والله العالم.

     لقد ورد في عمدة الطالب أنه قتل وله أربع وثلاثين سنة(1) وجاء في الكبريت الأحمر «إن عمره يقدر يوم صفين بالسبع عشرة سنة»(2)، وأما في المناقب للخوارزمي فقال: «فدعا علي –في صفين- ولده العباس «عليه السلام» وكان تاماً كاملاً من الرجال...»(3)، وقد سبق وقلنا إن زواج علي «عليه السلام» من أم البنين كان في النصف الثاني من العام 11هـ، كل ذلك لو أردنا جمعه وعدم طرح شيء منه فلا بد من القول بأن ما ورد في عمدة الطالب أنه من القلب أي أن عمره كان يوم الطف 43 سنة بدلاً من 34سنة، حيث يمكن تصور أمره بالتالي: إن الزواج من أمه تم في أواخر عام 11هـ، وأن الولادة تمت في سنة 18هـ فالفصل بين الزواج والولادة ليس كبيراً كما لو قيل إنه ولد عام 26هـ. وهذا المقدار من الفصل متعارف، وإن معركة صفين وقعت في عام 36هـ، وعليه فيكون عمر العباس آنذاك نحو 18عاماً وهذا لا ينافي بأن يقدر بنحو سبع عشرة سنة كما في الكبريت الأحمر، وإذا ما طرح 18 عام ولادته من 61عام استشهاده لكان الحاصل 43 وهو عمره الشريف، بهذا أمكن الجمع بين جميع الأقوال ومنه قول الخوارزمي بأنه كان تاماً كاملاً من الرجال.    

     وأما إذا قيل بما ورد في العمدة لا بد من القول بأنه ولد عام 26 أو 27هـ، وإذا ما أخذ بأن المناجزة في حرب صفين كانت في محرم 37هـ وقلنا عمره كان 17 سنة فيقتضي القول بأنه ولد عام 20هـ ولا بد حينئذ من طرح ما ورد في الكبريت الأحمر والمناقب للخوارزمي من مشاركته في القتال في صفين لأن عمره يكون 11 سنة وهو لا يناسب، أو البحث عن التحليل عن ذلك، ففي نوع من التكلف كالقول بأن صبيان بني هاشم يحاكون شجعان غيرهم.

__________

(1) عمدة الطالب: 356.

(2) العباس للمقرم: 276.

(3) المناقب للخوارزمي: 154، وعنه العباس للمقرم: 276.

(135)