معجم  أنصار الحسين  (الهاشميون)(الجزء الثاني)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين (الهاشميون)(الجزء الثاني)

المؤلف : (محمد صادق محمد (الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن – المملكة المتحدة

 

 

 

 

جعفر بن عقيل وأمره على خمسمائة فارس وسلمه الراية فتوجه وهو يقول من الطويل:

أنا ابن عقيل من لؤي وغالــــــــــب     همام شجاع للأعادي غالـــــــب

حماة الوغى أهل الوفا معدن الصـفا      إلى جود يمنانا مسير الركــائـب

ولا يعرف المعروف إلا بعرفنــــــا      ولا الجود إلا جودنا كالمواهــب

علا مجدنا فوق الثنا وسناؤنـــــــــا      علا شرفاً فوق كل الكتائـــــــب

فيا ويل أهل البغي منا إذا التقـــــت      فوارسنا فيهم بحد القواضـــــب

     ثم استدعى من بعده أخاه الفضل وأمره على خمسمائة فارس وسلمه الراية فتسلمها وتوجه وهو يقول مرتجزاً:

أني أنا الفضل أبي عقــــــــــيل

أسير للحرب بلا تمـــــــــــــهيل

بحد سيف قاطع صــــــــــــقيل

به أبيد الكافر الجـــــــــــــهـول

أنا ابن عم أحمد الرســـــــــول

المرسل المبعوث في التنزيل(1)

     مما يؤكد على حضوره فتح البهنسا المصرية في عهد ابن الخطاب مع أقرانه الفضل بن العباس بن عبد المطلب، وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن عمر، مما ينسف  كل الاحتمالات الأخرى، ويدل على أنه كان آنذاك في عمر يسمح له أن يكون أميراً يقود خمسمائة مقاتل. فإذا كان استدعاء عمر بن الخطاب للأمراء يوم الأربعاء العاشر من شهر ربيع الأول من سنة إحدى وعشرين للهجرة أو أثنين وعشرين(2) فمعنى ذلك أن ولادة جعفر لا بد وأن تكون لا أقل في السنوات الأولى من هجرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
     هذا ويفهم من تدرج ذكر الأسماء بين الأخوة «جعفر ثم الفضل ابنا

___________

(1) فتوح الشام للواقدي: 2/210.
(2) فتوح الشام للواقدي: 2/207.

(34)

عقيل أن جعفراً كان أكبر من الفضل كما يفهم من عدم إمارة مسلم بن عقيل رغم حضوره أنه كان أصغر منهما، ولكن الواقدي يذكر بعد ذلك: أن المسلمين لما انتهوا من فتح البهنسا خرجوا إلى الصعيد وكان الأمير عليهم مسلم بن عقيل، وأقام مسلم بن عقيل والياً عليها إلى أيام عثمان بن عفان، فتولى محمد بن جعفر بن أبي طالب بعده ومضى مسلم وترك أولاده وإخوته بها ولو يزل في المدينة حتى قتل في خلافة الحسن(1) في الكوفة، وأقام محمد بن جعفر - بها- إلى خلافة علي، تولى عليها بعد علي بن عبد الله بن العباس(2) إلى أيام معاوية(3) مما يدل على أن مسلم لم يكن أصغر منه كثيراً.

     ورغم كل ذلك فإن خبر جعفر هذا المشارك بفتح البهنسا قد أهمل، مما يحتمل أن يكون قد توفي، وإنما أخوه جعفر الأوسط أو الأصغر هو الذي اشترك في معركة الطف في كربلاء والله العالم، وعرف بالأكبر من باب عدم وجود غيره على قيد الحياة وإن كان الصحيح أن يوصف بالأوسط أو الأصغر لأنه المناسب مع تاريخه وزواجه، ويؤيد أن المشارك في معركة أصغر من المشارك في فتح البهنسا أنه حسب الملاحظة  تسلسل الأحداث في فتوح البهنسا أنه استشهد هناك، وقد بحثنا هذا الأمر في أخيه علي الأكبر فليراجع كي لا نكرر البحث، إذاً فجعفر المقتول في كربلاء هو الأوسط والذي عرف بالأكبر في قبال الأصغر، وأما الأكبر المقتول في فتوح البهنسا لا يوصف عادة بالأكبر كما هو الحال في علي الأكبر وعلي زين العابدين «عليه السلام» وغيرهما.

__________________

(1) كذا في الأصل، والصحيح «خلافة الحسين».

(2) علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي (40- 118هـ) لقب بالسجاد، لما ولد جاء أبوه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام» فأخذه وحنكه ودعا له، ثم  رده إلى أبيه وقال: خذ إليك أبا الأملاك قد سميته علياً وكنيته أبا الحسن، وهو جد العباسيين الذي تولى الأمر بعد الأمويين.
(3) راجع فتوح الشام للواقدي: 2/290.

(35)

 

16

جعفر الأكبر ابن علي الهاشمي

31 - 61هـ = 652 - 680م

     هو: جعفر الأكبر ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي القرشي.
     أمه: أم البنين، فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر الوحيد ابن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن الكلابية.
     جدته من أبيه: فاطمة بنت أسد.

     جدته من أمه: ثمامة بنت سهيل بن عامر بن مالك الكلابية.
     وقد سبق الحديث عم نسبه في أبيه وأمه فلا نكرر، وإنما سماه أبوه باسم أخيه لحبه إياه(1).
     ولد جعفر في المدينة عام 31هـ واستشهد مع أخيه أبي عبد الله الحسين «عليه السلام» في كربلاء، قال العمري: قتل وهو ابن تسع وعشرين سنة(2).

     وما يقال بأنه استشهد وله تسع عشرة سنة(3) بعيد جداً لأن مقتضى ذلك أنه ولد عام 41هـ أي بعد موت أبيه، وكتب التاريخ خالية عن مثل هذا، وهناك من ذكر بأنه استشهد وله من العمر سبع عشرة سنة، وهو

____________________

(1) إبصار العين: 35.

(2) المجدي: 15.

(3) راجع مقاتل الطالبيين: 88 ولباب الأنساب: 1/398، والحسن والحسين سبطا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): 132، تاريخ قم: 192.

(36)

واضح البطلان لأن من المسلمات أن علياً «عليه السلام» توفي في رمضان عام 40هـ، ومقتضى هذا الرأي أنه ولد عام 43هـ أي بعد وفاته بثلاث سنين أو سنتين على أقل الحسابات والتقادير، والظاهر أن ذلك وقع من السهو الذي منشأه التصحيف حيث أن السبعة والتسعة حينما تكتبان مجردة عن التنقيط فإن فيها أربعة نتوئات قبل العين فكلاهما ترسم على شكل واحد فالسبعة إذاً تصحيف للتسعة، والعشر تصحيف للعشرين(1).

     وأما من قال: إن عمره حين أستشهد كان 23 سنة(2) فإن ولادته تكون عام 37هـ، وأما الذي إلى أنه ولد عام 38هـ(3) وأن عمره حين استشهد 22 عاماً، فهو ما لو يوثق، وربما كانت ولادة جعفر الأصغر عام 41هـ، أو 37هـ فاختلط أمره بأخيه جعفر الأكبر، وذكر السماوي(4): أنه حين استشهد كان له إحدى وعشرين سنة(5) لتكون ولادته عام 39هـ، ولكنه لم يبين مصدر كلامه هذا، بل المصرح به في المجدي أنه قتل وهو ابن تسع وعشرين ونظن أن هناك خلطاً حدث بين العمر وبين الولادة.

     وعلى التقدير المختار فهو ثاني أبناء أم البنين، إذا قلنا بأن أبا الفضل العباس هو أكبرهم كما هو المختار وعليه المشهور، خلافاً للبعض كما سيأتي الحديث عنه في ترجمته إن شاء الله تعالى.

_____________

(1) وإن لم نقل بالتصحيف فإنه لا معنى لوصفه بالأكبر حيث لا مجال لأن يولد بعده جعفر آخر ليلقب بالأصغر.

(2) بطل العلقمي: 3/511 عن ناسخ التواريخ (حياة أمير المؤمنين): 5/306.

(3) إبصار العين: 35 حيث جاء فيه أن جعفراً ولد بعد أخيه عثمان بنحو سنتين، وأن عثمان ولد بعد أخيه عبد الله بنحو سنتين، وأن عبد الله ولد بعد أخيه العباس بنحو ثمان سنين، وأن العباس ولد عام 26هـ، إذاً 26+8= 34 وهي سنة ولادة عبد الله و34 +2= 36 وهو عام ولادة عثمان، و36+2= 38 وهي السنة التي ولد فيها جعفر.

(4) السماوي: هو محمد بن طاهر بن حبيب بن حسين الفضلي (1292- 1370هـ) ولد في السماوة وتوفي في النجف وسكن كربلاء وبغداد والنجف عمل فيها قاضياً، كان من علماء الإمامية وأدبائها، من آثاره: الطلعية، مناهج الوصول إلى علم الأصول، والبلغة في البلاغة.

(5) ابصار العين: 35.

(37)

     هذا ولقد سماه علي باسم أخيه جعفر(1) كما وكناه بكنيته «أبي عبد الله»(2) لحبه لجعفراً(3) حيث كان جعفر الطيار يكنى بأبي عبد الله(4)، وهذا يؤكد على أنه ولد في حياة أبيه ولم يكن حملاً حين وفاته، وقد درجت تكنية جعفر بأبي عبد الله لمكانة جعفر الطيار عند المسلمين.
     ولا خلاف في أنه استشهد في كربلاء(5)، كما لا خلاف بأنه لم يعقب كما عليه أرباب الأنساب، ولم يذكر المؤرخون أنه تزوج وهو ما يدعو إلى الغرابة، ولا يمكن الميل إليه لأن من عمره تسع وعشرين سنة في مثل تلك البيئة التي كانت تبكر في الزواج بالإضافة إلى كونه ابن أمير المؤمنين «عليه السلام» الذي هو المطبقين للشريعة الإسلامية التي تحبذ الزواج المبكر، فلا يمكن الركون إلى القول بأنه لم يتزوج، ومن هنا نرجح أنه تزوج أو تسرى ولكنه لم ينجب أو أنجب فدرجوا فلم يبق له عقب، ولذلك ترك أمر زواجه وأولاده لأن أرباب النسب ما يهمهم من الرجال المعقبين.
     ومما يدل على أنه حين استشهاده لم يكن له من أولاده قول أخيه العباس «عليه السلام» له بعد مقتل شقيقيه عبد الله وعثمان: تقدم إلى الحرب حتى أراك قتيلاً فاحتسبك كما احتسبتهما فإنه لا ولد لكم»(6).

     وبما أنه كان صغيراً في أحداث الكوفة بعد وفاة أبيه «عليه السلام»، ولم تحدث أحداث كبيرة إلى أيام عاشوراء، فلذلك لم ينقل شيء عن حياته ومواقفه.

     ولم يختلف أحد في الرجز المنسوب إليه في معركة الطف لأن فيه تصريحاً باسمه واسم أبيه حيث قال:

إني أنا جعفر ذو المعالي

_____________

(1) بطل العلقمي: 2/511 عن ذخيرة الدارين.
(2) قال العمري في المجدي: 15 إن كنيته أبو عبد الله.

(3) ابصار العين: 35.
(4) راجع ذخائر العقبى: 245.
(5) ويؤكد الطوسي في رجاله: 72 بأنه قتل في الطف.
(6) مقتل الحسين لبحر العلوم: 317.

(38)

ابن علي الخير ذي النــــــــوال

ذاك الوصي ذو الثناء الوالــــي

حسبي بعمي شرفاً وخالـــــــي

أحمي حسيناً ذا الندى المفضال

وبالحسام الواضح الصـــقال(1)

 

         وقاتل قتال الأبطال فحمل عليه هاني بن ثبيت الحضرمي(2) ورماه خولي بن يزيد الأصبحي فأصاب السهم شقيقته أو عينه فقتل(3)، وجاء التسليم عليه في زيارة الناحية «السلام على جعفر ابن أمير المؤمنين، الصابر بنفسه محتسباً، والنائي عن الأوطان مغترباً، المستسلم للقتال، المستقدم للنزال، المكثور بالرجال، لعن الله هاني بن ثبيت الحضرمي(4).

     ويظهر من هذه الزيارة أن القوم أحاطوه واستفردوه، ولعلهم أخذوه بعيداً عن ساحة المعركة، وجميع المقاتل التي لدينا لا تذكر بأنه قتل من الطرف الآخر أحداً، ويبدو أنه أحيط به فوراً ورمي فأصيب عينه بمجرد أن نزل إلى المعركة، ومن هنا خصه الإمام بوصفه في الزيارة بهذه الأوصاف من غيره.
     وأما عن رتبته في النزال، فيظهر أنه برز بعد شقيقه عثمان، ولكن يظهر من قول العباس السابق «احتسبهما» يفهم، أن شقيقيه قتلا قبله، ومن جهة أخرى فإن هناك خلافاً في من قتل بعده وأما ابن شهرآشوب فيقول وخرج بعده أخوه عبد الله(5)، وسنأتي على تفاصيل ذلك في محله.

___________

(1) ديوان القرن الأول: 2/103 عن الفتوح: 5/207، ناسخ التواريخ (حياة الحسين): 2/337، مناقب آل أبي طالب: 4/107، مقتل الحسين للخوارزمي: 2/29.

(2) جاء في تسمية من قتل مع الحسين: 149 أن قاتله هاني بن ثبيت الحضرمي.
(3) مناقب آل أبي طالب: 4/107.
(4) أنصار الحسين: 149.
(5) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/107، تسمية من قتل الحسين: 149.

(39)

 

17

جعفر بن الحسن الهاشمي

نحو 49- 61هـ = 669- 680م

هو: جعفر بن الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي(1).
أمه: أم كلثوم بن الفضل بن العباس بن عبد المطلب الهاشمية.
وأمها: صفية بنت محمية بن جزء بن الحارث بن عريج بن عمرو الزبيدية(2).
هذا ما ذكره ابن سعد(3) في الطبقات،(4)، وأما ابن فندق فيرى أن أم جعفر هي: الرباب المازنية(5) فعلى ما ذهب إليه ابن سعد فإن أشقاءه هم: محمد الأصغر وحمزة وفاطمة، وقد ذكر بأنهم درجوا، وعلى ما ذهب إليه ابن فندق فإنه شقيق لفاطمة الصغرى فقط دون محمد(6) وحمزة،

_________________

(1) تذكرة الخواص: 214 عن الواقدي وهشام.

(2) الطبقات الكبرى: 4/54.
(3) ابن سعد: هو محمد بن سعد بن منيع البصري الزهري (168- 230هـ) يكنى بأبي عبد الله وابن سعد، كان من المؤرخين، ولد بالبصرة وسكن بغداد، تتلمذ على الواقدي، سكن المدينة والكوفة، ومن آثاره: الطبقات الكبرى، الطبقات الصغرى، وكتاب أخبار النبي.
(4) تذكرة الخواص: 215 عن الطبقات الكبرى: 76 (ترجمة الإمام الحسين ومقتله)

(5) لباب الأنساب: 1/343.
(6) ولكن يفهم من كلام ابن سعد أن للإمام الحسن «عليه السلام» محمدين: الأكبر والأصغر، ولعل الأكبر أمه سلمى، وأما الأصغر فأمه الرباب المازنية، وسنأتي على بيان ذلك في ترجمة محمد الأصغر ابن الحسن، إن شاء الله تعالى.

(40)

لأنه ذكر بأن أم محمد هي سلمى الغيمية، وأم حمزة هي أم أروى الهمدانية.
     عده ابن شهرآشوب(1): من المقتولين في كربلاء، ولكنه ذكره باسم ابن الحسين «عليه السلام» حيث قال: وستة من بني الحسين مع اختلاف فيهم: علي الأكبر وإبراهيم وعبد الله ومحمد وحمزة وعلي وجعفر وعمر، الذي وردت أسماؤهم ضمن المستشهدين من أبناء الحسين «عليه السلام» فيه تصحيف لأن الحسين ليس له محمد وحمزة وعمر، وأما جعفر فقد مات في المدينة، ومن ذكرهم فهو من الخلط بين الحسن والحسين، أو التصحيف بينهما حسب الظاهر، لأن بعض النسابة المؤرخين حددوا أبناء الحسين وأمهاتهم، وهؤلاء ليسوا منهم.
     هناك عدد من أرباب المقاتل والتاريخ ذكروا بأنه قتل في كربلاء، منهم سبط أبن الجوزي(3) في التذكرة، وابن سعد في الطبقات، وغيرهما، وكلهم ذكروه تحت عنوان أبناء الحسين «عليه السلام».

     ويبدو والله العالم أنه كان صغيراً بحيث لم يكن له اسم في القائمة المبارزين يوم الطف، ولا نستبعد أن تكون ولادته عام 49هـ ليكون يوم الطف ابن إحدى عشرة سنة، وللا مجال لأقل من ذلك لأن أباه توفي سنة 50هـ، والله العالم.

     وبعد أن أنتهيت من هذا العرض الموجز والذي لم نتمكن من أن

_______________

(1) ابن شهرآشوب: هو محمد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني الحلبي (488- 588هـ) من أعلام الإمامية، ولد في مازندران، وتوفي في حلب ودفن عند مشهد السفط، من آثاره: معالم العلماء، ومناقب آل أبي طالب.

(2) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/113.
(3) سبط ابن الجوزي: هو يوسف بن فرغلي بن عبد الله البغدادي (581- 654هـ) ولد في بغداد وتوفي فيها، من العلماء البارزين على المذهب الحنفي، وكان شاعراً أديباً، ويظهر أنه أختار مذهب أهل البيت «عليهم السلام»، من مؤلفاته: كنز الملوك، الجليس الصالح، وتذكرة الخواص.

(41)

نجد لما اخترناه من مؤيد فقد خطف نظري عبارة نقلها الحائري(1) عن الذهبي لدى عده من حضر معركة الطف من أبناء الإمام الحسن المجتبى «عليه السلام»، والذي يذكر منهم من قتل ومن سحق، قال ما نصه: «وذكر الذهبي(2) في كتاب التجريد: محمد بن الحسن بن علي وأخوه جعفر بن الحسن بن علي أمهما أم كثوم بنت العباس بن عبد المطلب، ثم فارقها الحسن وتوفيت بالكوفة»(3).

     والظاهر أن في العبارة سقطاً، والصحيح: «أم كلثوم بنت الفضل بن العباس» لأننا لم نعثر على من ذكر بأن للعباس بنتاً باسم أم كلثوم، والوارد أنها كانت ابنة الفضل الوحيدة(4).

     ولا يخفى أن أبا أم كلثوم الفضل بن العباس ولد في حدود عام 4ق.هـ ومات عام 13هـ(5)، ولم يعقب إلا من أم كلثوم بل لم يلد غيرها.

     وتذكر المصادر أن أم كلثوم كانت عند أبي موسى عبد الله بن قيس

_____________

(1) الحائري: هو الخطيب محمد مهدي بن عبد الهادي (1295- 1385هـ) ولد في كربلاء وتوفي فيها، كان خطيباً لامعاً، ومحققاً قديراً، وكاتباً أريباً، له آثار جمة منها: شجرة طوبى، الكوكب الدري، نور الأبصار.

(2) الذهبي: هو محمد بن أحمد بن عثمان بن قيماز الدمشقي (673- 748هـ) ولد في دمشق وتوفي فيها، كان من أعلام الشافعية ومن المحدثين، انتقل إلى مصر لمزيد من السماع إلى الأحاديث، ولما عاد إلى دمشق عين أستاذاً للحديث، وكان يرحل إليه من سائر البلاد، من آثاره: تذكرة الحفاظ، وسير النبلاء، وميزان الأعتدال- راجع الكنى والألقاب: 2/266.

(3) معالي السبطين: 2/236 عن كتاب تجريد أسماء الصحابة.
(4) راجع الطبقات الكبرى: 4/5 و54 في ترجمة العباس وابنه الفضل، المعارف لابن قتيبة: 21.
(5) وجاء في الطبقات الكبرى: 4/55 وتهذيب التهذيب: 4/494 نقلاً عنه أنه مات بالطاعون في ناحية الأردن سنة 18هـ وذلك على عهد عمر بن الخطاب، ولكن جاء في فتوح الشام للواقدي: 2/203 أنه اشترك في فتح البهنسا عام 21هـ. وجاء في الأعلام للزركلي: 5/149، أنه استشهد في وقعة أجنادين في فلسطين، عام 13هـ، وله قبر قديم في الرملة ينسب إليه.

(42)

الأشعري(1) (21ق.هـ - 44هـ) فأنجبت له موسى بن أبي موسى(2).

     كما تزوجت من عمران بن طلحة بن عبيد الله التيمي(3)، ولا عقب له منها(4).

     وبما أن عمران هذا ولد في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم يرو عنه، له عدوه من التابعين فمعنى ذلك أن ولادته كانت في أواخر حياة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ونستنتج أيضاً أن ولادة أم كلثوم لم تكن قبل العام 12هـ فإن أم كلثوم تأهلت للزواج في حدود عام 26هـ، وربما كان زواجها الأول من عمران ابن طلحة، فطلقها فتزوجها أبو موسى الأشعري، ولما توفي عام 44هـ، وانقضت عدتها تزوجها الإمام الحسن، «عليه السلام»، وربما كان ذلك في عام 45هـ أو بعده، وإذا صحت هذه الفرضية وأنجبت للحسن «عليه السلام» في بدايات زواجها فالمفروض أن تكون ولادة جعفر بن الحسن في عام 46هـ وما بعده، ويكون حينئذ عمره يوم الطف 14عاماً لا أكثر، ويحتمل أن يكون أقل من ذلك إلا أنه لا يقل عن إحدى عشرة سنة لأن والده الإمام الحسن «عليه السلام» قد توفي في شهر صفر من عام 50هـ، ومن هنا فإنه لم يكن

_______________

(1) أبو موسى الأشعري: هو عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار بن حرب من بني الأشعر (21ق.هـ - 44هـ) ولد في زبيد باليمن وقدم مكة أيام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فأسلم وهاجر إلى الحبشة، تولى ولاية زبيد وعدن والبصرة، وشارك في بعض الفتوحات. كان أحد الحكمين في معركة صفين، وتقاعس عن نصرة علي في معركة الجمل بل كان يدعو الناس إلى التقاعس، توفي في الكوفة.
(2) المعارف لابن قتيبة: 121، وجاء في تهذيب التهذيب: 5/581 أن موسى بن عبد الله الأشعري قدم مع أبيه أصفهان مدداً لعبد الله بن عثمان يعني في خلافة عثمان، واستشهد موسى وهو ساجد، رمي بسهم في عجزة ثم ظفر أبوه بالعلج الذي رماه فقتله، ولكن جاء في تاريخ الطبري: 3/477 أن موسى الأشعري كان مع المختار عام 66هـ.
(3) عمران بن طلحة بن عبيد الله التيمي: جاء في تهذيب التهذيب: 4/401 «إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سماه عمران، روى عن أبيه وعن علي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعنه ابنا أخويه إبراهيم بن محمد  بن طلحة، ومعاوية بن إسحاق بن طلحة.
(4) المعارف لابن قتيبة: 232.

(43)

في جملة من المبارزين في معركة الطف، بل أصيب كما أصيب غيره من الأطفال بالعطش أو السحق أو القتل كما أشار إلى ذلك الحائري في معالي السبطين.

(44)

18

جعفر بن الحسين الهاشمي

بعد 20- ق 50هـ = 641- 670م

     هو: جعفر بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي.

     أمه: ملومة القضاعية(1) وقيل أسمها سلافة(2)، ولا نرجح إلا ملومة لأننا نحتمل أن سلافة هو من الخلط بينها وبين ما قيل بأن شاه زنان كان اسمها سلافة، وقد سبق وبينا ذلك في محله، وورد في الأعيان لدى ترجمة السيدة رباب نقلاً عن الأغاني بأن أمرء القيس اسمه جابر بن وبرة(3) بن ثعلبة بن عمران بن الحاف بن قضاعة(4)، ونحتمل أن هناك خلطاً حصل بين

__________________

(1) لباب الأنساب: 1/349، وجاء في الطبقات: هي من بلى بن عمرو بن الحافي ابن قضاعة، وهي قبيلة عظيمة من قضاعة من القحطانية، مساكنها كانت تقع بين المدينة ووادي القرى على شاطئ  بحر الأحمر، قدم وفد منهم على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سنة 9هـ فأسلموا فقال لهم (صلى الله عليه وآله وسلم): الحمد الله الذي هداكم للإسلام، فكل من مات على غير الإسلام فهو في النار، ثم ودعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أن أجازهم ورجعوا إلى بلادهم – راجع معجم قبائل العرب: 1/106.
(2) تذكرة الخواص: 277، وقد ورد أن سلافة اسم شاه زنان، كما أن هناك من يقول بأن سلافة هو تصحيف سلامة راجع نفس المهموم: 478، كما أن بعضهم ذكر بأن سلافة أو غزالة اسم حاضنة الإمام زين العابدين «عليه السلام» وليس اسم أمه شاه زنان.
(3) ولكن هذا الاحتمال يمكن أن ينقض بأن كلب بن وبرة هم بطن من قضاعة فتكون الرباب أيضاً قضاعية، ولكن إذا صحت النسبة المدونة في المتن أي جابر بن وبرة ولم يكن بينهما سقط فربما كانت ملومة بنت جابر بن وبرة، والرباب بنت كلب بن وبرة، ولكننا نشك في هذه السلالة التي ذكرها لأنها قصيرة.
(4) أعيان الشيعة: 6/449 عن الأغاني.

(45)

نسب زوجتي الإمام الحسين «عليه السلام» رباب الكلبية وملومة القضاعية، وربما كان أبوه أنيف بن جابر بن كعب بن علي بن وبرة بن ثعلبة بن عمران بن الحاف بن قضاعة، ويساعد هذا الاحتمال ما ورد في اللباب أن ملومة من بلى بن عمرو بن الحافي بن قضاعة، باحتمال أن بلى وعلي أحدهما تصحيف الآخر، وإسقاط بعض الآباء وارد لدى ذكر الأجداد للاختصار، كما أن عمرو وعمران متقاربان إذ قد يطلق على عمران عمرو بالإفراد بدلاً التثنية.
     ونقل ابن الأثير: إن امرء القيس بن الأصبغ الكلبي جد سكينة بنت الحسين «عليه السلام»، وكان عامل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على قضاعة وكلب، ولم يرتد بعد فوت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)(1)، مما يتبين مدى الخلط بينهما، والله العالم.

     جل المصادر ذكرت بأن جعفراً مات صغيراً في حياة أبيه(2)، وربما تفرد ابن شهرآشوب(3) حين عد المقتولين من بني الحسين في كربلاء ستة، ثم ذكر تسعة أسماء للاختلاف في تحديد أسمائهم، مما يعني طرح ثلاثة منهم، فبما أن جعفراً أحد المذكورين هناك وثبت موته وهو صغير فلا بد من طرح اسمه من قائمة المستشهدين في كربلاء، وإنما ذكره ابن شهرآشوب لأن هناك من ذكره مردداً بينه وبين إخوانه فلم يشأ طرحه إلا بعد التثبت، وقد ثبت ذلك.

     وبعد التمحيص فالأسماء المرشحة للطرح هي: محمد وعمر وزيد وحمزة، بعد ثبوت مقتل إبراهيم وعلي الأكبر وعلي الأصغر وعبد الله في كربلاء، وسوف نبحث واحداً واحداً في محله إن شاء الله تعالى، ولا يخفى أن الأسماء لا تقتصر عليهم، فقد ذكر ابن شهرآشوب في المقتولين في كربلاء أيضاً: القاسم بن الحسين «عليه السلام» وهو غير القاسم بن الحسن «عليه السلام».

     ويصرح صاحب التذكرة بأن محمد بن الحسين «عليه السلام» قتل مع أبيه في كربلاء(4)، فلا مجال لطرحه وإن أمكن القول بالتصحيف فهذا أمر آخر.

____________

(1) الكامل لابن الأثير: 2/343.
(2) راجع إعلام الورى: 1/478.

(3) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/113.

(4) تذكرة الخواص: 277.

(46)

     ولكن وجدنا في الطبقات الكبرى: ورود اسمه في قائمة من قتل مع الحسين «عليه السلام» وقال: وجعفر بن الحسين وأبو بكر بن الحسين بن علي قتلهما عبد الله بن عقبة الغنوي(1).
     ولكن الظاهر أن جعفر بن الحسين الذي حضر كربلاء هو تصحيف لجعفر بن الحسن(2) وعليه التصحيف هو من الجمع بين القولين: بأنه مات في زمان أبيه، وأنه حضر كربلاء.
     وسيأتي في ترجمة المحسن بن الحسين «عليه السلام» أن ملومة القضاعية كانت الزوجة الثانية للإمام الحسين «عليه السلام»، حيث تزوج من الأولى الرباب الكلبية عام 19هـ، وأن الحسين «عليه السلام» كان قد جمع في عام 50هـ بين أربع حرائر هن: الرباب الكلبية وليلى الثقفية والتي تزوجها سنة 35هـ أو عاتكة العدوية التي تزوجها عام 38هـ، وأم إسحاق التيمية التي تزوجها عام 50هـ، فلا بد أن يكون تزويجه من القضاعية ما بين عام 20هـ إلى 50هـ، ليكون زواجها وإنجابها وفوتها في تلك الفترة، ولعلها كانت متقدمة أي ما بين عام 20هـ إلى 32هـ، ولم تكن فترة حياة جعفر طويلة، وقد ذكر بأن جعفر مات في المدينة ودفن فيها(3).

_______________

(1) ترجمة الإمام الحسين «عليه السلام» من الطبقات: 185، راجع أيضاً ترجمة الإمام الحسين ومقتله المستل من الطبقات الكبرى: 17.
(2) راجع معالي السبطين: 2/236.
(3) راجع دوائر المعارف: 25، والمنتخب للطريحي: 38.

(47)

19

جعفر بن محمد الهاشمي

39- 61هـ = 659- 680م

 

     هو: جعفر بن محمد بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي.
     أمه: زينب الصغرى بنت علي بن أبي طالب «عليه السلام».
     وأم زينب الصغرى: هي أم شعيب المخزومية.

     فإذا كانت ولادة أمه عام 23هـ، فمعنى ذلك أنها تزوجت من محمد في حدود عام 37هـ، فإذا أنجبت منه في عام 38هـ فمعنى ذلك أن ابنها البكر كان له من العمر عند وقعة الطف 22 عاماً، وربما كان البكر جعفراً لأن المصرح من أبنائها اثنان جعفر وعبد الله الأحول، وإن كان ظاهر كلام أرباب الأنساب أن عبد الرحمن الشبيه والقاسم والحسين وعقيل أبناء محمد بن عقيل أيضاً من أبنائها، ولكن الذي لا خلاف فيه هو جعفر وعبد الله الأحول.

     وملخص القول في ذلك أننا إذا أخذنا بظاهر كلام ابن شهرآشوب بأن زينب الصغرى توفيت في حياة أبيها علي «عليه السلام» فمعنى ذلك أن مدة إنجابها تنحصر ما بين عام 38 إلى عام 40هـ ومعنى ذلك أن جعفراً ولد في عام 38هـ وعبد الله على أكثر التقديرات ولد عام 40هـ، وهذا مستبعد لأن عبد الله توفي 142هـ كما صرح بذلك غير واحد(1)، وهذا يقتضي أنه

_________________

(1) راجع تهذيب التهذيب: 2/260، وعده الطوسي في رجاله: 265 من أصحاب الإمام الصادق «عليه السلام».

(48)

عاش مائة وسنتين، وهو وإن لم يكن مستحيلاً إلا أنه مستبعد، حيث لم يذكر ذلك في حقه، وقد دأب أرباب الأنساب والتاريخ على ذكر مثل ذلك ولو بقولهم كان من المعمرين، وهذا ما لم يحصل، ولكن بما أنه يثبت بأن زينب الصغرى توفيت في أيام أبيها علي «عليه السلام» حيث إن الذي أشار إليه هو ابن شهرآشوب، أولاً: إن إشارته غير واضحة، ثانياً: إنه خلط بين بنات أمير المؤمنين «عليه السلام» وبين أزواجهن، فعد مثلاً فاطمة زوجة لمحمد بن عقيل بعدما خلط بين زينب الصغرى وأم الكرام، فلذلك لا يمكن البت بأنها توفيت في عهده «عليه السلام»، بل إن وفاة ابنها عبد الله الأحول عام 142هـ يؤيد أن إنجابها له كان ما بين عام 40هـ وعام 61هـ أي ما بين الشهادتين شهادة علي وشهادة الحسين «عليهما السلام»،وبذلك ترتفع غرابة طول عمر عبد الله الأحول ابن محمد بن عقيل وابن زينب الصغرى بنت علي «عليه السلام»، ولكن تكنية محمد بن عقيل بأبي عبد الله يوحي بأنه ولد قبل جعفر مما يجعلنا القول بأن ولادة عبد الله الأحول كانت عام 38هـ وولادة جعفر بن محمد بن عقيل كانت بعده بعام أوعامين، وعلينا أن نذعن لطول عمر الأحول والقول بأنه عاش 104 سنوات.

     إذا فجعفر شقيق لعبد الله الأحول(1)، وأخ لعبد الرحمان الشبيه والقاسم والحسين، وأحمد(2)، ولا خلاف بأن العقب في عبد الله الأحول، وليس لغيره عقب(3).

     وأما عن حضوره كربلاء فالظاهر أنه حضر كربلاء مع أبيه محمد بن

_________________

(1) وجاء في المعارف لابن قتيبة: 402 «أن محمد بن عقيل هم: القاسم بن محمد وعبد الله بن محمد، وعبد الرحمان أمهم زينب الصغرى بنت علي بن أبي طالب» فعليه إذا كانت أم جعفر هي زينب الصغرى فهؤلاء أشقاؤه.

(2) المراد بأحمد هو أحمد بن محمد الهاشمي المتقدمة ترجمته والذي وقع الخلاف فيه.
(3) راجع عمدة الطالب: 32، المجدي: 309، جاء في الأخير: فولد القاسم سبعة ذكور عبد الله وجعفراً وفضلاً وهارون وعقيلاً ومحمد وعبد الرحمان لم يطل للقاسم ذيل.
وولد عبد الرحمان الشبيه سعيداً وعبد الله يلقب ربيحاً، فولد ربيح علياً وأم كلثوم وانقرض.

(49)

عقيل وأمه زينب الصغرى(1) كما سيأتي الحديث عنهما في محله، ولكن اختلفوا في استشهاده فذهب من المؤرخين وأصحاب المقاتل إلى أنه استشهد في معركة الطف، منهم ابن شهرآشوب(2) والمجلسي(3) والخوارزمي(4) والدربندي(5) وتبعهم آخرون(6)، وأما أبو الفرج الأصفهاني فبعد أن ذكر بأن محمد بن أبي سعيد الأحول قتل في الطف روى عن محمد ابن علي بن حمزة أن جعفر بن محمد بن عقيل قتل معه ووصف أنه سمع من يذكر أنه قتل يوم الحرة(7)، ولكنه علق على ذلك بقوله: «ما رأيت في كتب الأنساب لمحمد بن عقيل ابناً يسمى جعفراً»، وهو كما يقول، ولكن أرباب الأنساب لا يذكرون عادة من لا عقب له أولاً، ويكفي أن ابن حمزة الذي هو من أهل هذا البيت ذكره ثانياً، وأهل الدار أدرى بمن في الدار.

     وغاية ما يمكن أن يقال: أنه حضر الطف، ولعله لم يقتل فقتل في وقعة الحرة عام 63هـ، وعلى فرض استشهاده في كربلاء، فلا بد أن يكون ضمن الحملة التي شنها آل أبي طالب على القوم وقتل فيها عدد منهم حيث لم تذكر له مبارزة.
     وأخيراً فإن احتمال أن يكون متحداً مع جعفر بن عقيل – وذلك

______________

(1) معالي السبطين: 2/228.
(2) مناقب آل أبي طالب: 4/112حيث عده في قتلى الطف.
(3) بحار الأنوار: 45/62، والمجلسي: هو محمد باقر بن محمد تقي (1037- 1111هـ) ولد في أصفهان وتوفى بها، من أعلام الإمامية ومؤلفيهم حيث ناهزت مؤلفاته 66 كتاباً باللغتين العربية والفارسية وأعظمها موسوعته بحار الأنوار في 111 جزءاً ومنها مرآة العقول، وملاذ الأخيار.
(4) مقتل الحسين للخوارزمي: 2/48، والخوارزمي: هو الموفق بن أحمد بن إسحاق المكي (484- 568هـ) ولد في خوارزم وتوفي بها بعدما جال في بلاد فارس والعراق والحجاز ومصر والشام بحثاً عن العلم والحديث، من آثاره: مناقب علي ابن أبي طالب، كتاب الأربعين، ومسانيد على البخاري.

(5) أسرار الشهادة: 2/282.
(6) ناسخ التواريخ (حياة الحسين): 2/321، أعيان الشيعة: 1/601، أنصار الحسين: 137، سفير الحسين: 29.
(7) مقاتل الطالبيين: 98.

(50)

بالقول بأنه كان يكنى بأبي محمد، فقيل مثلاً: وقتل جعفر أبو محمد ابن عقيل فوقع التصحيف في كلمة «أبو» مع «ابن» فاختلط الأمر- غير وارد، لأنه سبق وقلنا إن الغالب في جعفر أنه يكنى بأبي عبد الله أولاً، ولأن جعفر بن عقيل لم يذكر له كنية ثانياً، وأن الكنية إذا ما ذكرت مع الاسم جاءت قبله، وليس بعد الاسم فيكتب على سبيل المثال: «أبو محمد جعفر ابن عقيل»، والله العالم.

(51)

 

20

جعفر بن مسلم الهاشمي

نحو 35- 61هـ = 656- 680م

     هو: جعفر بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي القرشي.

     أمه: حسب الظاهر أم ولد، كما ستأتي الإشارة إلى ذلك.

     إنه أحد الذكور الإثني عشر المنتسبين إلى مسلم بن عقيل بالبنوة(1) والذي سنفصل الحديث عن كل واحد منهم في ترجمته وعنهم جميعاً في ترجمة أبيهم مسلم بن عقيل إن شاء الله تعالى.

     لم تذكره أمات المصادر باستثناء الطريحي المتوفى عام 1085هـ والدربندي المتوفى عام 1285هـ، والإسفراييني(2) المتوفى عام 316هـ، ولقد أورد الدربندي في كتابه أسرار الشهادة أربعة من أبناء مسلم بن عقيل من الذي استشهدوا في كربلاء بالإضافة إلى الطفلين اللذين قتلا على شط الفرات، وحدد أسماءهم بالتالي: أحمد(3)، وعون، وجعفر(4)،

_________________

(1) هم حسب التسلسل الهجائي كالتالي: 1- إبراهيم، 2- أحمد، 3- جعفر، 4- عبد الرحمان، 5- عبد العزيز، 6- عبد الله، 7- عبيد الله (عبد الله الأصغر)، 8- علي، 9- عون، 10- محمد الأكبر (أبو عبد الله)، 11- محمد الأصغر، 12- مسلم، ولكن الذي اشتهر منهم خمسة، وذلك باتحاد بعضهم مع البعض الآخر.

(2) نور العين في مشهد الحسين: 27.
(3) أسرار الشهادة: 2/223.
(4) أسرار الشهادة: 2/224.

(52)

وعبد الله(1)، وأما الطفلان فهما محمد وإبراهيم(2).

     وأما الطريحي فقد نقل عنه المظفر بأن محمداً متحد مع جعفر(3)، إلا أننا لم نتمكن من العثور عليه في المنتخب، وقد سبق وقلنا: إن أحمد لعله تصحيف لمحمد، هذا إن تقليل أعدادهم، والغريب في القول باتحاد محمد مع جعفر عدم الحاجة إلى تعدد التسمية، اللهم إلا إذا قيل بأن أحدهما كان كنية والثاني كان علماً، وقد سقطت كلمة الأب من الكنية فتصور الناقل أنهما علمان لشخص واحد، وصورته تكون كذلك: جعفر أبو محمد، أو محمد أبو جعفر.

     ونقل المظفر عن كتاب شرح القصيدة بأن اسم محمد هو عبد الرحمن بمعنى اتحادهما، والكلام فيه كما في سابقته، ولكن المظفر في النهاية رجح محمداً على جعفر وعبد الرحمن، حيث قال: وهو قول الأصفهاني والمحققين من العلماء(4)، ومما لا شك فيه أن تعدد الكنى وارد، كما أن محمداً كان يكنى بأبي عبد الله، فعلى قول تعدد الكنى يكون له من الكنى ثلاث: أبو جعفر وأبو عبد الرحمن وأبو عبد الله، وهو وإن لم يكن محالاً إلا أنه مستبعد، ولا دليل عليه، وفي كلام المظفر: «إن له أربعة بنين وبنتاً واحدة وإن اختلفوا في الأسماء فقد اتفقوا في العدد» بعيد عن الواقع حيث لم يتبين لنا اتفاق أهل النسب، ولا أرباب التاريخ، ولا أصحاب المقاتل في ذلك إلا إذا أراد بذلك قتيبة(5) والطريحي كما سماهم، ويمكن أن يستخلص من كلامه أن الأربعة هم: عبد الله، ومحمد الأكبر (عبد الرحمن)، وإبراهيم، ومحمد الأصغر (جعفر) وأن هؤلاء الأربعة استشهدوا في القضية الحسينية، الأولان في كربلاء والآخران قتلا

___________________

(1) أسرار الشهادة: 2/279.
(2) أسرار الشهادة: 2/88.
(3) سفير الحسين للمظفر: 15.
(4) حيث أورد في كتابه المعارف قائلاً: «فولد مسلم بن عقيل: عبد الله بن مسلم، وعلي بن مسلم، أمهما رقية بنت علي بن أبي طالب، ومسلم بن مسلم، وعبد العزيز».

(53)

 على شاطئ الفرات. وهنا يمكن القول بأن تعدد الأسماء إنما جاء للتميز بين المحمدين، والله العالم.
     ورغم تحليلنا لكلامه إلا أننا لا نوافقه في أمرين: الاتفاق الذي ادعاه، والثاني أن أولاد مسلم منحصرون بهؤلاء الأربعة المستشهدين في القضية الحسينية، لتصريح العديد من المؤرخين بما لا يتوافق مع الأمرين اللذين تبناهما.
     وهناك احتمالان قد يطرحان على فرض عدم تعدد الأبناء:

     فالأول: أن يكون أبو محمد كنية جعفر أو بالعكس أن يكون أبو جعفر كنية محمد، وأن يكون محمد الآخر كنيته أبو عبد الرحمن أو بالعكس أبو محمد عبد الرحمن، ولا يخفى أن محمداً الأكبر يكنى بأبي عبد الله كما صرح بذلك بعضهم.

     الثاني: أن يكون المراد بجعفر هو ابن عقيل، وإنما جاء التصحيف من التقديم والتأخير في ذكر المستشهدين حين النقل، فعلى سبيل المثال لو قيل بعد أحد إخوان مسلم: «وبرز بعده أخوه جعفر» ثم وضع بروز جعفر هذا بعد أحد أبناء مسلم من دون انتباه إلى ضرورة تغيير كلمة أخيه فعندها يلتبس الأمر على القارئ بين العم وابن الأخ فيكون الخطأ في الواقع في ترتيب المستشهدين من أهل بيت الحسين «عليه السلام» والله العالم.

     ولكن كل هذه احتمالات لا يمكن الركون إليها دون دليل، ولذلك لا يمكن الركون إلى ما أورده بحر العلوم لدى تعليقه على كتاب والده مقتل الحسين(1)؛ قائلاً: «وذكر البلاذري في أنسابه من شهداء الطف: مسلم بن مسلم، وعلي بن مسلم(2)، ولعله اشتباه» قلنا في الصغرى والكبرى مناقشة إذ البلاذري لم يذكر بأنهما استشهدا في كربلاء بل كان في مقام بيان أبناء مسلم فاختلط الأمر على الناقل،وأما حكمه عليه بالاشتباه فهو غريب ولا نلعم أي شيء أعتمد على حكمه هذا، فمن أين له أن ينفي عن مسلم ابن عقيل وأخيه علي بنوتهما من مسلم بعدما أكده عدد من المؤرخين دون
_______________

(1) هامش مقتل الحسين لبحر العلوم: 214.
(2) أنساب الأشراف: 2/70 – 71.

(54)

أن يقدم دليلاً على ذلك، وسنأتي على تفاصيل كل واحد منهم إن شاء الله تعالى.

     وعلى أي حال فإن جعفر بن مسلم على ما ذكره الدربندي في أسراره وعلى ما أورده الطريحي في منتخبه على نقل المظفر فهو من شهداء كربلاء حيث إن كليهما صرحا بذلك، وسواء قلنا باتحاده مع محمد أو عدم اتحاده فإن أمه حسب الظاهر أم ولد.
     وأما عن كيفية شهادته فقد ذكر الدربندي أنه خرج إلى ساحة الوغى وطلب المبارزة فلم يخرج إليه أحد فحمل على القوم فقتل منهم رجالاً ورجع يلتمس برد الهواء فرماه عروة بن عبد الله الجعفي بسهم فصرعه واستشهد أمام الحسين «عليه السلام»(1).

     وأما عن تسلسله من بين المستشهدين فيذكر أنه برز بعد أخيه عون وقبل عمه سعيد، وأما في نور العين فقد ذكره بعد مسلم بن مسلم وقبل عبد الرحمن بن مسلم(2).
     وما دام جاء له ذكر في الشهداء ولم نجد ما يعارضه فلا مناص من الاخذ به، وبالأخص بعدما ذكر بأن آل عقيل هبوا لنصرة ابن عمهم الحسين «عليه السلام»، وأما سبب الإهمال فإنما يعود إلى أمرين: الوضع الأمني والسياسي الذي كان أهل البيت يعيشونه آنذاك، وعدم اهتمام أرباب النسب بغير المعقبين، وما دام جعفر لم يكن من المعقبين فقد أهمله النسابون.

     وأما عن أمه: فإن المؤرخين وأرباب النسب لدى حديثهم عن زوجات مسلم وأولاده ذكروا بأن عبد الله (الأكبر) وعلي كانت أمهما رقية بنت علي، وأما أم مسلم فإنها من بني عامر بن صعصعة، وأما عبد الله (الأصغر) ومحمد فأمهما أم ولد(3).

     وأما عن ولادته فالرواة لم يذكروا شيئاً عن ذلك، ولكن إذا كانت
______________

(1) أسرار الشهادة: 2/224.

(2) نور العين في مشهد الحسين: 28.
(3) راجع أنساب الأشراف: 2/70- 71.

(55)

ولادة أبيه مسلم عام 15هـ على ما قيل(1) فمن المعلوم أن أول فرصة زواج له على العادة والغالب تكون عام 31هـ، فإذا كانت ولادة أخيه محمد عام 33هـ وولادة أخيه عبد الله الأكبر عام 34هـ فلا بد أن تكون ولادته بعيد ذلك بحيث يمكنه أن يكون من المناجزين في معركة الطف، وربما كانت ولادته عام 35هـ، ولا يخفى أن محمداً الأصغر كانت ولادته عام 54هـ، وإبراهيم عام 55هـ وهناك أحد أبنائه المستشهدين في كربلاء كان له من العمر 13 سنة أي أنه كان من مواليد عام 47هـ.
     وسنأتي على التفاصيل إن شاء الله تعالى، ونحتمل بأن جعفراً كان شقيقاً لمحمد، وربما هو الذي حدا بالبعض القول باتحادهما.
     وأخيراً: فليس لدينا شيء عن حياته قبل معركة الطف، إلا أن المفروض أنه كان تزوج في مثل عمره حيث قدرنا عمره حين استشهاده بخمس وعشرين سنة، ولكن كتب التاريخ والمقاتل والأنساب ساكتة عن شخصيته فكيف عن خصوصياته، والله تعالى العالم بالحقائق.

_______________

(1) ولكننا سنأتي ونتحدث عن ولادة مسلم وأن المختار أنه ولد عام 5هـ.

(56)

 

حرف الحاء

     21- الحسن بن الحسن الهاشمي:               39 - 92هـ (أسير).

     22- الحكم بن عقيل الهاشمي:                  ق40 - 61هـ (شهيد) كربلاء.

     23- حمزة بن الحسن الهاشمي:                ق50 – 61هـ (شهيد) كربلاء.

     24- حمزة بن الحسين الهاشمي:               ... - ... (لا وجود له).

     25- حمزة بن عقيل الهاشمي:                  ق50 – 61هـ (شهيد) كربلاء.

(57)

(58)

21

الحسن بن الحسن الهاشمي

39- 92هـ = 657-  907م

     هو: الحسن المثنى ابن الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن هاشم القرشي.
     ضبط الكلمة: حَسن بفتح الحاء والسين، اسم فاعل نقيض القبيح، وفي الأصل هو صفة استخدم علمياً ولذلك يحوز دخول الألف واللام عليه. وإلى هذا يشير ابن مالك في أرجوزته:

وبعض الأعلام عليه دخلا         للمح ما قد كان عنه نقلا

كالفعل والحارث والنعمان         فذكر ذا وحذفه سيان(1)

     فالألف واللام زائدة تدخل على علم منقول من مجرد صالح لها ملموح وأصله، وقيل إن استخدامه يتوقف على السماع فلا يقال في مثل محمد وأحمد المحمد والأحمد، رغم أنهما على السماع فلا يقال في مثل محمد وأحمد والأحمد، رغم أنهما في الأصل وصفان نقلا إلى العلمية(2) وقد يكون الألف واللام الداخلان على العلم من استخدام الشعراء في نظمهم كقول الشاعر من الطويل:

رأيت الوليد بن اليزيد مباركاً      شديداً بأعباء الخلافة كاهله

     فالألف واللام الداخلان على الوليد للمح الأصل، وأما الداخلان على يزيد فهو من الضرورة الشعرية، وربما يقال: بجواز تنكير المعرفة باعتبار أصله النكرة، ومن ثم جاء إدخال الألف واللام عليه بغرض

___________

(1) شرح ابن عقيل: 1/183.
(2) راجع مغني اللبيب: 1/51.

(59)

التعريف، حاله حال العلم، إذا نكر وأضيف، كما يقول الشاعر عن الطويل:

عَلا زَيْدُنا يَوْمَ النَّقا رَأْسَ زَيْدِكُمْ           بِأَبْيَضَ ماضِي الشَّفْرَتَيْنِ يَمانِ

     وشاذا يدخل على الأعلام في النثر أيضاً.

     وعلى أي حال فيجوز في حسن استخدامه مع الألف واللام وبدونه، وفي الغالب يتحدد بما يتعارف عليه وللجمالية دور في ذلك، ولا شك أنه إذا أصبح مضافاً لا يدخل عليه الألف واللام، كقولك حسن كامل، ويذكر أنك إذا قصدت بالإضافة إلى العملية الوصفية فعندها يستحسن استخدامه مع الألف واللام، وربما أريد فهم الخصوصية ومزيد التخصص.

     وعلى أي حال فالحسن يستخدم مع الألف واللام وبدونه، وأول من سمي بهذا الاسم هو الإمام الحسن «عليه السلام» وقد ورد في الحديث أنه نزل من عند الله على رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليسمي به سبطه الأول، وفي الحديث أيضاً كما سبق بيانه أن اشتقاقه من اسم الله عز وجل «المحسن»(1).

     ويقال للكثيب النقي العالي: «الحسن» فإذا جلس الغلام عليه سمى حسناً، والحسن اسم جبل، والحسن أيضاً شجر الآلاء مصطفاً بكثيب رمل، وإنما سمي بذلك لحسنه(2).

     وأما بالنسبة إلى الشخصية التي نحن بصدد الحديث عنها فهو الإمام الحسن المجتبى سبط رسول الله  (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن هنا لقب بالمثنى لأنه الحسن بن الحسن، كما أن ابنه الحسن المثلث هو حفيد الحسن السبط، وجاء في الحدائق الوردية ملقباً بالرضا، ومكنى بأبي محمد(3).

     وأم الحسن المثنى على ما أجمع أرباب النسب هي: خولة بنت منظور بن زبان بن سيار بن عمرو بن جابر بن عقيل بن هلال بن سمي بن

_________________

(1) لقد جاء في حديث تعليم جبرئيل للنبي للنبي آدم «عليه السلام» الدعاء التالي: يا حميد بحق محمد ويا عالي بحق علي ويا محسن بحق الحسن، ويا قديم الإحسان بحق الحسين ويا فاطر بحق فاطمة.

(2) راجع لسان العرب: 3/181.

(3) الحدائق الوردية: 1/274.

(60)