تاريخ المراقد  الحسين وأهل بيته وأنصاره  (الجزء الخامس)

اسم الکتاب : تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره (الجزء الخامس)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

 

 

القرن الخامس عشر
(9/11/1980ـ 9/1/2008)(2)


• في سنة 1401هـ قامت وزارة الأوقاف العراقية ببعض التحسينات لمرقد الحر الرياحي
• وفي سنة 1416هـ قام خدم المرقد بتوسيع باب المرقد وإكساء جدرانه المرمر.
• وفي سنة 1417هـ قام السيد زهير شبر(2) بإجراء تحسينات للمرافق الصحية.
• وفي سنة 1425هـ أقدمت إدارة المرقد الحسيني والعباسي في كربلاء المقدسة بتحسين محولات التيار الكهربائي وتجهيز المرقد بأجهزة تبريد حديثة وشراء مراوح عمودية، الى جانب مستلزمات أخرى كهربائية، بالإضافة إلى فرش بالسجاد.
• في بدايات سنة 1428هـ ، قامت اللجنة المشرفة على مرقد الحر الرياحي بإعادة تعمير المرقد من جديد فبدأت بهدم القبة أولاً ثم سائر المرقد باستثناء جدار الصحن والأواويين المحيطة به، وألبس الضريح الحالي خيمة خضراء الى أن يتم تبديله بعد إكمال البناء.
وقد أعلن مدير الوقف الشيعي محمد كاظم بن عبدالزهراء الهر(3)،

ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وهذا التاريخ لا يقصد به نهاية القرن الخامس عشر بل نهاية كتابة هذه الصفحات والتي تطابق 29/12/1428هـ.
(2) زهير شبر: هو ابن هاشم بن أحمد، بيت شبر المعروفون منهم، هم ذرية السيد عبدالله شبر صاحب التفسير، المتوفى سنة 1242هـ، وهم هاشميون حسينيون، في الأصل كانوا يقيمون في الكاظمية إلا أنهم انتشروا وسكنوا النجف والبصرة وكربلاء والكويت وغيرها.
(3) محمد كاظم بن عبد الزهرة الهر: مدير الوقف الشيعي في كربلاء المقدسة.

(237)

عن تخصيص مبلغ مائتين وخمسين مليون دينار (عراقي) لترميم مرقد الحر ابن يزيد، من قبل الوقف الشيعي، وصرح السيد عبدالزهراء بأن مديرية الوقف الشيعي بدأت بالتعاون مع الدائرة الهندسية بإعداد الخرائط اللازم لعميلة ترميم المرقد(1).

ش827
(49)238

الضريح مغلف بالقماش الأخضر لإعادة بناء المرقد

ويظهر من الصور التي بحوزتنا أن الجهة الغربية والشرقية تحتوي على أحد عشر عموداً فيها الزاويتان، وهي أعمدة دائرية الشكل تشكل حدود الروضة محتوية على الإيوان، وأما الجهة الشمالية الجنوبية فتحتوي على ثمانية أعمدة بما فيها الزاويتان، والمسافة بين العموديين في حدود ثلاثة أمتار، وهذا يعني أن كل من جهة الشمال والجنوب تقدر بحدود 21متراً، وكل من جهة الشرق والغرب تقدر بحدود ثلاثين متراً.

ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) موقع الوكالة الوطنية العراقية للأنباء (نينا).

(238)

ش828
(50)

الأعمدة الإسمنتية الدائرية لبناء المرقد ـ الزاوية الجنوبية الشرقية

ثم يلاحظ هناك أعمدة نصبت في داخل هذه المساحة بتراجع حدود خمسة أمتار لتكون مساحتها 25×16متراً تقريباً لتكون منها الروضة مع الأروقة، وعليه فإن الإيوان سيكون عرضه خمسة أمتار في 50متراً من جهة الشرق، وخسمة أمتار في 15متراً من جهة الجنوب وكذلك الشمال، وهذه الأعمدة الداخلية جاءت مستطيلة الشكل.

ش829
(51)239 2

يمكن رؤية الأعمدة المستطيلة بشكل واضح وهي ترسم حدود الروضة والرواق

(239)

وبمساحة أضيق يمكن رؤية الأعمدة المشتركة بين الرواق والروضة ثم رؤية أعمدة القبة للمرقد ثم رؤية الخيمة الخضراء التي نصبت على الضريح، كما يلاحظ في الصورة أدناه

ش830
(52)

المرقد في طور الأنشاء ويرى استعدادهم لإنشاء السقف

ش831
(53)

يمكن رؤية الخيمة الخضراء والصورة التقطت من جهة الشرق

(240)

وقد عمدت اللجنة المشرفة على بناء المرقد الى نصب خيمة كبيرة من الجهة الشرقية لا ستقبال الزائرين ريثما ينتهون من أعمال البناء.

ش832
(54)

الخيمة الكبيرة لاستقبال الزائرين وقد التقطت الصورة من جهة الجنوب

ش833
(55)

الخمية الكبيرة لاستقبال الزائرين وقد التقطت الصورة من جهة الشرق

(241)

ومن الموقع أن بناء الروضة ينتهي في عام 1429هـ.
ويظهر من الهدم الذي أجري على المرقد بغرض إعادة إعماره أن المواد المستخدمة فيه كانت من الطابوق، وبالأجص في العقود(العقادة)، والجص، وفي بعضها من اللبنة (الطابوق الخام)، وأما السقف فكان من جذع النخل، كما يمكن ملاحظة ذلك في الصورتين التاليتين.

ش834
(56)

سقف الرواق الشمالي القديم ويظهر جذوع النخل

(242)

ش835
(57)243

المواد المستخدمة في بناء الجدران

وفي نهاية الحديث عن مرقد الحر الرياحي فإن المسؤولين عن السياحة في كربلاء قد أعلنوا أن هناك أخطاة ارتكتب من قبل الدائرة الهندسية في ديوان الوقف الشيعي في بغداد تمثلت في هدم قبة ضريح الحر ابن يزيد الرياحي رضوان الله عليه دون استشارة لجنة السياحة والأوقاف في المحافظة التي تفاجأت ببدء العمل في عملية الهدم(1) التي لم تأخذ في الحسبان توسعة الحرم.
وأضاف المصدر: إن لجنة السياحة بادرت بإضافة أكثر من دونمين على بناء المرقد الطاهر من أراضي البلدية، وهو الأمر الذي دعا لايجاد مخطط جديد لمرقد الحر الشهيد، وأضاف: إن ديوان الوقف الشيعي تعامل مع مرقد الحر كأية بناية يتم هدمها وبناؤها، متناسياً أن هذا المرقد يشكل مكاناً أثرياً مهماً وهو بحاجة الى استشارة أطراف عديدة قبل إقدامهم على هدمه بالكامل(2).

ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) وذلك منذ كانون الأول من عام 2007م.
(2) موقع نون بتاريخ: 15/4/2007م.
(243)

ولكن جاء الرد سريعاً من قبل المسؤولين في الوقف الشيعي عن لسان مدير عام دائرة العلاقات والاعلام الإسلامي(1): إن الدائرة الهندسية والأمانة العامة للمرزارات الشيعية مستمرة بمتابعة إنجاز التصاميم الجديدة لمرقد الشهيد الحر بن يزيد الرياحي من أجل الوصول الى تصميم جديد يتناسب ومكانة المرقد الشريف، وأضاف: إن إجراءات الهدم التي حصلت للمرقد الشريف هي إجراءات صحيحة ولا غبار عليها، إن بناء المرقد القديم ظهرت فيه تصدعات كثيرة في القبة بسبب ظهور رطوبة عالية في جدرانه بسبب عدم إجراء أية أعمال صيانية ذات أهمية عليه، وأن عدة لجان من الدائرة الهندسية من ذوي الخبرة والاختصاص قد زارت المرقد لغرض إزالة خطورة تصدعات القبة المذكورة ولعدم جدوى إعادة بناء القبة على جدران مبتلة بالرطوبة كان لزاماً هدم وإعادة البناء»(2).
وعن تأخر إعادة البناء تظاهر المئات من أهالي ناحية الحر مطالبين الحكومتين المركزية والمحلية بانجاز مرقد الحرالرياحي(3).

ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المدير: هو الدكتور صلاح عبد الرزاق.
(2) موقع نون بتاريخ: 21/11/2008م.
(3) موقع شبكة العراق الثقافية بتاريخ6/11/2008م.

(244)

مقام حميدة بنت مسلم
المدينة

(245)

(246)

مقام حميدة بنت مسلم
حميدة بنت مسلم بن عقيل بن أبي طالب بن عبدالمطلب الهاشمية القرشية.
• ولدت في المدينة سنة 49هـ، وأمها رقية الصغرى بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
• حضرت كربلاء مع أمها وأسرت ورجعت الى المدينة.
• مسح خالها الإمام الحسين عليه السلام على رأسها في منزل السويقة وهو في طريقه الى كربلاء عندما أخبر بمقتل أبيها مسلم بن عقيل.
• عاشت مع أمها في كنف الإمام السجاد عليه السلام.
• تزوجها ابن خالتها عبد الله الأصغر بن محمد بن عقيل المعروف بالأحول.
• أنجبت له محمد الأكبر(1) وهو أخو مسلم بن عبدالله والذي أمه أم ولد، ولعبد الله الأحول ثلاثة ذكور آخرين هم محمد الأصغر وعقيل وهزم، ولكنهم لم يعقبوا، والمعقبون منهم فقط محمد الأكبر ومسلم.
• توفيت حميدة بنت مسلم بن عقيل في المدينة بعد وفاة زوجها الأحول في المدينة سنة 142هـ، والذي كان من الفقهاء المحدثين في المدينة ومن أصحاب الإمام الصادق عليه السلام.
لم يذكر المؤرخون بأن السيدة حميدة، أو زوجها الأحول سافرا الى دمشق والعهد الأموي كان قائماً ودمشق هي عاصمتهم إلا اذا قيل إن سفرتها كانت في العهد العباسي وذلك بعد انهيار الدولة الاموية سنة 132هـ، ولم يصل اضطهاد العباسين أوجه حتى يقال بأنها سافرت الى دمشق مع زوجها فتوفيت هناك، فمن هنا إن صحت المرقد الى حميدة بنت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عمدة الطالب:32.

(247)

مسلم بن عقيل فهو مكان إقامتها أيام الأسر عام واحد وستين، أو أن هذا القبر لأحدى المواليات دفنت بجوار الفواطم فاختلط الامر على الناس.
وعلى أي حال فإن المرقد ليس فيه معالم كثيرة لكي نذكر تفاصيله بل كل ما هو قائم يكمن في التالي:
هناك ضريح في الطابق السفلي مبني من الحجر الأسود بارتفاع متر وربع تقريباً وعرض ثلاثة امتار ومثله من ضلعه الآخر وعدد الأحجار المستخدمة فيه 4في 9، ويضم هذا الجدار شاهداً من ثلاثة أحجار مستطيلة الشكل بيضاء اللون كتب على الأيمن منها:

ش836
(1)

شاهد قبر يقال إنه لحميدة بنت مسلم

(248)


«الفاتحة: بسم الله الرحمن الرحيم إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ضريح حميدة بنت مسلم بن عقيل عليه السلام المتوفاة عام 70هجري»، وفي الوسط توجد صخرة بيضاء أخرى مثلها كتب عليها بالخط الأسود أيضا مثله إلا أنه جاء فيها بعد الفاتحة والبسملة وآية التطهير:« ضريح السيدة أسماء بنت عميس زوجة جعفر الطيار عليه السلام المتوفاة عام 65هجري»، وفي الطرف الأيسر بذات الفاصلة بالكلمات نفسها ولاكن وردة بعد الآية: «ضريح أم الحسن بنت الأمام حسن بن علي عليه السلام المتوفاة عام 85هجري». ولا يخفى أن عدد أحجار عرض المرقد تسعة، فلوحة حميدة جاءت في الصف الثاني ولوحة أسماء في الصف الخامس ولوحة أم الحسن في الصف الثامن.

ش837
(2)

صورة أخرى عن الأضرحة بما فيها مرقد حميدة

(249)

ولهذه الأضرحة من الجهة السفلية كعب بارتفاع عشرة سنتيمترات وعرض خمسة سنتيمترات من الحجر الأبيض، بينما يعلو الأضرحة صندوق زجاجي مؤطر بالحديد ولعل له بابا من جهة الشمال بارتفاع متر تقريباً، وتقع هذه الأضرحة في الطابق السفلي ويفصل بين الضريح وجدران المبنى مقدار متر احد وارتفاع المبنى جاء بحدود ثلاثة أمتار، ويوجد في الزاوية الجنوبية الغربية للطابق السفلي نحو عشرة سلالم للصعود الى الطابق العلوي الذي يساوي أرض المقبرة، ومنه يتم الخروج.

ش838
(3)

السلالم المؤدية الى الطابق السفلي لمقام حميدة بنت مسلم

وهذا الطابق مبني كما السفلي من الحجر المحلي مطلي بالجص ويتوسطه ضريح خشبي مسنم بارتفاع متر وبشكل عمودي وبحدود متر من موقع الضلع المسنم منه، وطول مترين وعرض متر ونصف تقريباً وموشح عليه قماش مخمل (قذيفة) أسود اللون مطرز النباتية وباللون الفضي.

(250)

ش839
(4)

صندوق الأضرحة الثلاثة في الطابق العلوي

وفي هذا الطابق شباك حديدي الى جهة الغرب وباب حديدي الى جهة الشرق.
هذا وتعلو فوق الضريح قبة، صبغ الطابق من جهة الداخل باللون الفستقي(أخضر فاتح) أو الشذري، وقد كتب في وسطه « الله جل جلاله» بالخط الديواني واللون الأسود وأطر بإطار هندسي بألوان مختلفة، كما كتب حوله في دائرة أبعد بقليل ضمن أطر هندسية غير متساوية الأضلاع:«محمد ص»، «علي عليه السلام»،«فاطمة عليها السلام»، «حسن عليه السلام»،« حسين عليه السلام»، بينما كتبت في دائرة أوسع وأبعد أسماء سائر الأئمة وذلك كل

(251)

واحد في إطار هندسي جميل، وكتب فوقه:« الإمام»، وتحته «عليه السلام»، وأما داخل كل إطار جاء مايلي: «علي بن الحسين»، «محمد الباقر»، «جعفر الصادق»، «موسى الكاظم»، «علي الرضا»،« محمد الجواد»، «علي الهادي»، «الحسن العسكري»، «الحجة المهدي». وفي آخر المطاف كتب في نهاية قاعدة القبة من الداخل:«خطوط وتنفيذ غسان لطف(1) ورأفت فياض(2) 1407ـ1987»(3).

ش840
(5)

القبة من الداخل في مقام حميدة بنت مسلم ورفاقها

ـــــــــــــــــــــــــ
(1) غسان لطف: هو ابن عبدو، ولد في دمشق عام 1369هـ (1950م)، أخذ فن الخط عن والده المتوفى عام 1404هـ (1984م) الذي يعد من مشاهير الخطاطين في دمشق ومن تلامذة الخطاط الشهير بدوي الديراني، يدير حالياً «شركة لطف للدعاية والإعلان» التي أسسها والده في دمشق عام 1353هـ (1935م).
(2) رأفت فياض: من مواليد دمشق عام 1380هـ(1916م)، مارس فن الخط، يعمل حاليا في حقل السياحة والفندقة.
(3) التاريخ الأول بالسنة الهجرية والثاني بالميلادي.

(252)

ش841
(6)253

جانب من قبة الأضرحة الثلاثة من الداخل

ش842
(7)

جانب من قبة الأضرحة الثلاثة

(253)

وقد أدلي قنديل جميل مذهب من وسط القبة.
ومدخل المقام عرضه في حدود متر واحد وارتفاعه في حدود المترين والنصف، ويرتفع عن سطح المقبرة بمقدارسلمين، والمبنى منشأ من الحجر البني والأبيض المحلي، ويعلو المدخل قوس شبه حاد وفي داخله لوحة رخامية بيضاء حفر فيها ثلاثة أسطر:
«ضريح السيدة أسماء زوجة جعفر الطيار.
ضريح السيدة ميمونة بنت الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام.
ضريح حيمدة بنت مسلم بن عقيل.
شيد عام 1330هـ».

ش843
(8)254

باب مرقد الأضرحة الثلاثة

(254)

ويعلو المبنى قبة صغيرة خضراء اللون، أنها مجصصة ولونت بالأصباغ الدهنية.
• وأما الحديث عن مرقد السيدة حميدة بنت مسلم الهامشية فإن المرجح أنها دفنت في مقبرة البقيع ولا مناص من ذلك لعدم وجود أي إشارة الى خروجها
من المدينة المنورة، ومن الطبيعي أنها تدفن في هذه المقبرة التي كانت عامرة منذ أن بدأ الإسلام في المدينة بهجرة الرسول الأعظم ص وحتى يومنا هذا، ولم نحصل قدر جهدنا على قائمة بأسماء من دفنوا في البقيع من الأصحاب والتابعين حتى يمكن البت بذلك، كما لم نحصل عن مدفنها بالخصوص كي نعتمد، فلذلك رجحنا أن يكون مدفنها في البقيع.
ولقائل أن يقول بأن هناك أثراً قائماً في مقبرة باب الصغيرة في دمشق، فالمفترض الاعتماد على الأثر القائم باعتبار عدم وجود مؤشر آخر على ذلك، ولكن هذا المؤشر لا يجدي في المقام لأن مراقد آل الرسول ص المتواجدة في مقبرة باب الصغير لا يمكن الاعتماد عليها دون تحقيق لأنها جاءت في مكان لا يتناسب الثاوين بهذه الأضرحة المنتسبة إليهم مما يجب التحقيق في كل واحد منها، فعلى سبيل المثال فإن هناك قبراً للسيدة أم سلمة والسيدة أم حبيبة وضجيعتي حميدة بنت مسلم نفسها والسيدة أسماء بنت عميس والسيدة أم الحسن بنت الامام الحسن عليه السلام وأخريات لانريد الإطالة ونقتصر على هذه الأمثله فقط، فالأولى أم سلمة زوجة الرسول الأعظم ص هي هند بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية توفيت سنة 61هـ ودفنت في البقيع وقبرها مزار معروف يقع بالقرب من قبور بنات النبي صلى الله عليهم أي قريبة من قبر عقيل بن أبي طالب.
وأما أم حبيبة زوجة النبي الأكرم ص وهي رملة بنت أبي سفيان الأموي توفيت سنة 42هـ ودفنت في مقبرة في البقعة التي دفنت فيها أم سلمة رضوان الله عليهما(1).
ــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع بشأن مرقدي أم سلمة وأم حبيبة كتاب بقيع الغرقد:64، ومعلم مكة والمدينة بين الماضي والحاضر:438.

(255)

وأما أسماء بنت عميس الخثعمية والتي توفيت سنة 40هـ بعد وفاة بعلها الأخيرة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام فقد دفنت في الكوفة أو أطرافها(1).
وأما أم الحسن بنت الامام الحسن عليه السلام والتي ورد اسمها على صخرة الضرحي «أم الحسن» بالكنية فهي قد حضرت معركة الطف مع أمها أم بشير فاطمة بنت أبي مسعود الخزرجية وكان لها من العمر إثنتا عشرة سنة وسحقت في كربلاء بعد مقتل الإمام الحسين عليه السلام ودفنت مع الشهداء(2).
وقد سبق وتحدثنا عن اللائي وردت أسماؤهن بالكنى من بنات الإمام الحسن عليه السلام وهن: أم الحسن الكبرى وأم الحسن الوسطى وأم الحسن الصغرى، وعلى فرض صحة ذلك فإن الأولى أمها أم بشير فاطمة بنت عقبة الخزرجية وقد تزوجت عبد الله بن الزبير.
والثانية أمها مليكة بنت الأحنف بن قيس.
والثالثة أمها أم ولد اسمها نرجس وهي التي قتلت في كربلاء سحقاً(3).
فالأولى ماتت ودفنت في الحجاز، والثانية كذلك، وأما الثالثة فقد فتلت سحقاً في كربلاء، وأما شقيقتها أم الحسين فقد سحقت هي الأخرى فلا مجال للتصحيف.
ولكن قد تلاحظ معنا أن كتيبة الضريح تختلف عن كتيبة ما فوق الباب حيث ذكرت على الضريح «أم الحسن» وعلى الباب «ميمونة» مما

ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع مراقد المعارف: 1/141.
(2) راجع ترجمتها في معجم أنصار الحسين عليه السلام من هذه الموسوعة، قمس النساء.
(3) راجع معجم أنصار الحسين عليه السلام من هذه الموسوعة، قسم الهاشمين، عن لباب الأنساب:1/344، وسيلة الدارين:345.

(256)

يتراءى بأن اسمها ميمونة وكنيتها أم الحسن، ولم نجد في بنات الامام الحسن عليه السلام من سميت بميمونة، وسنأتي على ذكرها في محله، وقد سبق وتحدثنا عن السيدة أم كلثوم، وأن الموجود في هذه المقبرة هو مقام وليس بمرقد.
كل هذه الأرباكات تجعلنا لا نعتمد على ما هو الموجود، وإن تطرقنا إليها من باب الموضوعية والاستقراء الى ذكرها في هذا الباب كما في باب المعجم.
وأخيراً بما أن ليس لمرقد حميدة بنت مسلم في البقيع الغرقد من أثر بعد الحملة الوهابية على طمس المعالم والآثار في المدن الحجازية وغيرها، فإننا نعتذر من القارئ الكريم عن عدم تمكننا من بيان ما يمكن بيانه.

(257)

(258)

مرقد السيدة خولة بنت الحسين عليه السلام
بعلبك

(259)

(260)

مرقد خولة بنت الحسين عليه السلام
خولة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشية.
ولو افترضا الصحة في أصل النسبة النسبية أولاً، وانتساب المرقد إليها ثانياً، فإنها:
• إبنة خولة: هي إذاً أم كلثوم بنت شهربانو (خالة السجاد) وابنة الحسين بن علي عليه السلام.
• ولدت في حدود سنة 56هـ أو قبيلها.
• توفيت في بعلبك سنة 61هـ في الأسر.
ومع صحة هذا الافتراض وصحة الافتراض الآخر فإنها أخت زينب ابنة شهربانو والحسين عليه السلام والتي ولدت في حدود سنة 57هـ، والتي توفيت هي الأخرى في الأشر سنة 61هـ في الموصل(1)، ولا نريد هنا أن نضيف شيئاً بعدما بحثنا الموضوع في معجم الأنصار، بل يقتصر كلامنا هنا حول المرقد الماثل باحتمال أنه مزار السيدة خولة ابنة الإمام الحسين عليه السلام ليكون اسمها أم كلثوم بنت خولة المعروفة بـ«شهربانو» بنت يزدجر الساساني وكفى(2).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع معجم الأنصار الجزء الأول ـ قسم النساء- من دائرة المعارف الحسينية: 237ـ274.
(2) لقد أراد البعض أن يستدل على وجودها بأن الإربلي في كشف الغمة:2/250 ذكر بأن أولاد الإمام الحسين عليه السلام عشرة، ستة ذكور وأربع إناث، ولما انتهى من الذكور عدد البنات فقال:« وأما البنات فزينب وسكينة وفاطمة» ولم يذكر الرابعة، فأراد أن يستفيد من هذا الفراغ ليقول بأن الرابعة هي خولة، ولكن هناك أخريات أيضاً نسبن إلى الإمام الحسين عليه السلام، وقد فصلنا الحديث عنها وعنهن في باب معجم أنصار الحسين عليه السلام قسم الهاشمين وقسم النساء، فليراجع.

(261)

• مما لاشك أن موكب الأسر مر من بعلبك وكان الإمام زين العابدين عليه السلام على رأسهم من الرجال، والسيدة زينب عليها السلام من النساء،
ونذكر القصة بالإجمال: إن السيدة خولة كانت في الأسر وقد توفيت في بعلبك من أثر الصدمة والإرهاق، فدفنت في موضع وفاتها، وكان ذلك حسب تحقيقاتنا ليلة 28من شهر محرم الحرام سنة 61هـ(1) حيث تذكر المقاتل أن الركب رحل حتى أتى بعلبك فكتبوا الى صاحبها: إن معنا رأس الحسين عليه اللسلام فأمر بالجواري أن يضربن الدفوف، ونشرت الأعلام، وضربت الأبواق، وأخذوا الخلوق والسكر السويق، وباتوا ثملين، وخرج الصبيان يتلقونهم على نحو ستة أميال، فقالت أم كلثوم: ما يقال لهذه البلدة؟ فقالوا: بعلبك: فقالت: « أباد الله خضراءهم، ولا أعذب الله شرابهم، ولا رفع الله أيدي الظلمة عنهم» وباتوا ثم رحلوا منها(2).
وبعيداً عن تفاصيل السيرة والتحقيقات فإن المرقد يقع على مقربة من آثار قلعة بعلبك الشهيرة على يسار الطريق العام المؤدي الى مركز المدينة وعلى مقربة من رأس العين التي حطت رحال الركب الحسيني فيها، وكان للرأس الشريف دور في ذلك المكان على تفصيل سيأتي في مقامات الرأس الشريف، فالمرقد يقع جنوب غرب مدينة بعلبك، أي عند المدخل الغربي للبلدة.
لكن المهم هنا أن نتحدث عن مرقد خولة بكل ما لدينا من تفاصيل وإن لم تكن كثيرة، ولكنها مجموعة ربما تؤدي الغرض في الحديث عن المرقد من خلال القرون المنصرمة.
إذاً يمكن تسلسل أحداث وتطورات المرقد المعروف باسم خولة بنت الحسين عليه السلام حسب القرون بالشكل التالية:

ـــــــــــــــــــــــ
(1) راجع باب السيرة الحسينية من دائرة المعارف الحسينية (مخطوط).
(2) راجع باب السيرة الحسينية، ومقتل الحسين لأبي مخنف: 188ـ189، أسرار الشهادة:487، والمنتخب للطريحي.

(262)

القرن الأول
(16/7/622ـ 23/7/719م)(1)

• في 28/1/61هـ، توفيت خولة ودفنت على الظاهر ليلاً أو في الصباح الباكر بعد وفاتها، ولم يكن لمرقدها أي مظهر سوى مواراتها في التراب، دون أن يتركوا آثاراً بارزة لشدة الاضطهاد الذي مورس في حق أهل البيت عليه السلام بعد معركة كربلاء الدامية، وقد قيل: إن الإمام السجاد عليه السلام أمر بغرس شدرة سرو هناك كعلامة لمرقدها، وبقيت الى يومنا هذا، على تفصيل سيأتي.

ــــــــــــــــــــــــــ
(1) لا شك أن تاريخ هذا المرقد بدأ من 28/1/61هـ.

(263)

(264)

القرن العاشر
(21/9/1495ـ7/10/1592م)

• في هذا القرن على الأظهر(1) اكتشف مرقد السيدة خولة حسب ما ترويه الحكايات الشعبية من أن الأنوار كانت تنزل على تلك البقعة، وكانت مغروسة بالأشجار المثمرة التي ترويها مياه رأس العين، وكان البستان لرجل من آل جاري(2) فرأى ذات ليلة في المنام طفلة صغيرة جليلة تقول له:«حول الساقية عن قبري لأ، المياه تؤذيني» لأنها كانت آسنة، ولكن الرجل لم يلتفت للأمر، فجاءته في الرؤى ثانية وثالثة ورابعة، فانتبه الرجل من النوم فزعاً وهرع عندها للاتصال بنقيب السادة آل مرتضى(3) في بعلبك وقص عليه الرؤيا، فذهب النقيب مع مجموعة من الأهالي إلى المكان واحتفروه وإذا بهم أمام قبر يحوي طفلة ماتزال غضة طرية، فأزاحوا البلاطات واستخرجوا جسدها المبارك ونقلوه بعيداً عن مجرى الساقية فوقه قبة صغيرة للدلالة

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جاء في مجلة نور الإسلام البيروتية: 81ـ82 /55:«ويعود اكتشافه على الأرجح الى القرن الثامن عشر ـ الميلادي-» ولكن هذا لا يصح حيث سترى لدينا بعض الوثائق الدالة على أن الاكتشاف سابق على القرن 18م المطابق مع القرن الثاني عشر الهجري.
(2) آل جاري: من البيوتات التي سكنت بعلبك والازالت.
(3) نقيب السادة آل مرتضى: لم نتمكن من تشخيصه وربما كان السيد علي بن الحسين ابن موسى آل مرتضى نقيب الأشراف في بعلبك وصاحب الاوقاف والذي عاش في القرن التاسع الهجري وهو والد علوان بن علي المرتضى(870ـ945هـ) والذي تولى النقابة بعد أبيه، ثم تولاها نجله علي بن علوان المتوفى سنة 1030هـ والمدفون بباب الصغير في دمشق، وإذا صحت النسبة فإن كشف المرقد يكون في أواخر القرن التاسع أو بداية القرن العاشر.

(265)

عليه(1) وما إن ذاع الخبر حتى توافد إليه محبو أهل البيت عليهم السلام، ومنذ ذلك الوقت أصبح مزاراً يؤمه الناس، وقرر آل المرتضى أن يدفنوا موتاهم بجوار مرقده وتولوا سدانتها(2)، حيث كانت الأرض لهم فوقفوها للمرقد.

ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مجلة الموسم الهولندية: 7/1045، كتاب السيدة خولة بنت الحسين:38.
(2) جاء في كتاب السيدة خولة بنت الحسين: 45:«وكان نقباء آل مرتضى السادة قد تعاهدوا حضرة السيدة خولة عليه السلام للدفن فيها ولاسيما من عمل على خدمتها طوال السنين والقرون، وقد عرف من الأضرحة: السادة حسين ديب مرتضى، علي موسى مرتضى، جواد ديب مرتضى، والسيدة رحمة أم سليم مرتضى.

(266)

القرن الحادي عشر
(8/10/1592ــ 14/10/1689م)

• في عام 1077هـ، جدد بناء مرقد خولة بنت الحسين عليه السلام حسبما يتراءى لنا من الصخرة التي حصل عليها الأب لمنس(1) على مقربة من المرقد، وكانت بقياس 22×30سم ولكنها كانت مهشمة الأطراف عليها كتابات بالطراز الكوفي الفاطمي في أربعة أسطر وقد أهداها الأب لمنس إلى الأب زنزفال اليسوعي(2) وبعد دراسة الثاني لها قال: إن النقش هو شاهد لضريح، ويبدو أنها علوية الأنتماء، وأمكن قراءة بعض ما كتب عليها:
السطر الأول: «... حسين بن علي ... رضي»(3)
السطر الثاني:«الله عنه في ذي الحجة»
السطر الثالث:«سنة سبع وسبعين وا....»(4)
السطر الرابع: «رب اغفر له وارحم»(5)
والأب زنزفال يشير الى أنها لصاحبة المرقد القريب من مكان العثور عليها «خولة بنت الحسين» حيث يقول: «إنها طمست أثناء نقل رفات الطفلة خولة»(6).

ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الأب لمنس: لعله هو هنري لمنس الذي كان يعمل في حقل الاستشراق في جامعة القديس يوسف في بيروت، والذي نشرت بعض مقالاته في مجلة المشرق اللبنانية، ويبدوا انه كان حياً في أواخر القرن الماضي.
(2) الأزنزفال اليسوعي:
(3) لعل كامل الكتيبة كانت كالتالي: «مرقد خولة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنها».
(4) ربما كانت الكتابة كالتالي: «سنة سبع وسبعين وألف هجرية».
(5) لعل الضمير يعود الى من بني أو جدد المرقد.
(6) كتاب السيدة خولة بنت الإمام الحسين: 39 عن مجلة المشرق اللبنانية:1900 (32ـ39) مقال بعنوان «قراءة بعض الكتابات الشرقية وتفسيرها».

(267)

(268)

القرن الثاني عشر
(15/10/1689ـ 23/10/1786م)

• في 5/6/1100هـ، قام الحاج محمد بن علي الغربية(1) بوقف حقل مجاور لمرقد خولة للمرقد، وجاءت الوثيقة بالنص التالي:
« سبب تحريره وموجب تسطي أنه حضر قدامنا الحاج محمد الغربية ابن المرحوم علي الغربية، وقد أوقف حقله- التي جيرة السيدة خولة، وغرباً الطريق(2) وشمالاً حقلة الحاج.....(3) وشرقاً كرم(4) السيد خليل بن المرحوم السيد علي، وقبلةً(5) كرم آل جاري ــ الى السيدة ولة بنت الإمام الحسين، عليها وعلى آبائها أفضل السلام وأتم التسليم، وقد حررنا هذه الرقيمة لأجل البيان، كذلك عد أنها...(6) في الأحرف، الفقير الى الله، 5جمادى الثانية 1100هـ، الشاهد علي العطار(7)، الحاج فخر الدين(8)، والفقير إلى الله الشيخ رجب(9) إمام جامع الداحس(10)»(11).
في سنة 1170هـ، زار الرحالة الإنكليزي روبرت وود(12) مرقد خولة

ــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد بن علي الغربية: لم نتعرف على شخصيه، لكن العائلة معروفة.
(2) الطريق: أراد الطريق العام.
(3) كذا في المصدر، سقط اسم صاحب الحقل.
(4) الكرم: حقل الكرم أي العنب.
(5) قبلة: أي جنوباً:
(6) كذا ورد في المصدر.
(7) علي العطار:
(8) فخر الدين:
(9) الشيخ رجب:
(10) الداحس: بلدة لبنانية تقع في منطقة بعلبك.
(11) كتاب السيدة خولة بنت الإمام الحسين:40.
(12) روبرت وود:(ROBERT WOOD) ولد في إيرلندا عام 1128هـ (1716م) وتوفي على الظاهر في بلاده عام 1184هـ(1771م)، تخصص في علم الآثار، وتاريخ اليهود، وعمل في=

(269)

ورسم مرقد خولة مع الهياكل الرومانية في بعلبك وإليك ما رسمه(1).

ش844
(1)

ما رسمته يراع الرحالة روبرت وود ويظهر المرقد والسرو

• وفي عام 1200هـ، قرر حاكم بعلبك إسحاق روحي(2) ومفتيها خليل العمري(3) ونقيب السادة.... آل مرتضى(4) تعمير مرقد خولة فطلبوا من

ــــــــــــــــــــــــــــــ
= السياسة، ويعد من الرحالة الإنكليز تجول في أوروبا كما زار آسيا مع صاحبه جيمس داوكينز JAMES DAWKINS)) الذي عاش ما بين (1722ـ1757م)، من آثاره كتاب ، بالاضافة الى كتابه عن بعلبك.
(1) كتاب السيدة خولة بنت الأمام الحسين: 80 عن كتاب11ـ757:
(2) إسحاق روحي: حاكم بعلبك في العصر العثماني في أواخر القرن الثاني عشر وأوائل اقرن الثالث عشرالهجريين.
(3) خليل العمري: لم نحصل على شخصية بهذا الاسم واللقب في ذلك العصر إلا خليل بن حسين الأسعردي العمري (1167ـ1259هـ) الكردي والذي كان من فقهاء الشافعية ومشارك في علوم مختلفة، من آثاره: أزهار الغصون منهاج السنة السنية، القاموس الثاني، وتفسير للقرآن.
(4) نقيب السادة من آل مرتضى: الظاهر هو زين العابدين بن أبراهيم العلواني آل مرتضى الذي كان حياً حتى سنة 1208هـ كما ورد في أعيان الشيعة: 7/162حيث تولى النقابة بعد أبيه على الظاهر وهو من حسن بن أحمد وو من عمه إبراهيم بن=

(270)

الأهالي من خلال مخاتير المدينة مساعدتهم بالمواد اللازمة لذكل وعليه أصدروا الطلب التالي الى مخاتيرالقرى التالية: 1ـ مختار قرية الكنيسة، 2ـ مختار قرية حربتا، 3ـ مختار قرية شعث، 4ـ مختار قرية نبحا، 5ـ مختار قرية بوادي، 6ـ مختار قرية يونين، 7ـ مختار قرية نحلة، 8ـ مختار قرية مقنة، 9ـ مختار قرية إيعات.
« إلى جانت الأكرمين مختاري القرى المقررة أسماؤهم أعلاه دام بقاؤه، فكون أن سادة أل مرتضى وجميعهم من المسلمين، قد اتفقوا على ترميم مقام حضرة السيدة خولة الكائن بجوار قصبة بعلبك غدا متشعشعاً، وقد حصل الإعانة من أخوان مسلمين من أهل الحمية والدين من أجل تحديد المقام المذكور، ولعلمنا بحمية وغيرة كل مسلم نظيركم على البر والإحسان، لاسيما في الخصوص بادرنا لبيان كيفيته لكم ولكن إذا سمحت نفس كل منكم وجعلتم الهمة الوفية لاستضار مقدار كافٍ من الحطب واللزاب(1) والبلان(2) من أجل حرق الياتون(3) المذكور فتكن لكم عزاً ولثواب الآخرة وصية حسن في الدنيا لاسيما أن صاحبة المقام هي بنت سيدنا الحسين، وترميم مقامها من أوجب الواجب، ولأجله بيان الكثير لحضراتكم والسلام، عن آل مرتضى وحاكم بعلبك إسحاق روحي 1200هـ».
وقد كتب على هذه العريضة مفتي الهرمل خليل العمري ما يلي:
«وبما أنني اطلعت على العريضة التي تدعو الى الخير وهي من باب التعاون على البر والتقوى ومن باب إنما يعظم شعائر الله من آمن بالله

ـــــــــــــــــــــــــــ
= أبو الحسن وهو من أبيه أبو الحسن بن زين العابدين، وكان الذي نتحدث عنه شاعراً أديباً.
(1) اللزاب: شجر كبير من أنواع العرعر، ورقة شبيه بورق الشربين وخشبة من أجود الأخشاب، ينمو في المناطق العالية في لبنان وفي جبل الشيخ.
(2) البلان: بتشديد اللام، بنات كثير الشوك من فصيلة الورديات، أوراقه صغيرة وثماره كروية قائمة ينتشر في الأرض ويجعلها غير صالحة للزارعة.
(3) الياتون: محرف الأتون، وهو موقد نار الحمام، وموقد مصنع تحول الحجارة كلسا، ولذا يقال له أتون كلس ويجمع على أتن، وأتانين.

(271)

واليوم الآخر، أوجبت على كل مؤمن ومسلم من هذه الأسماء المحررة أعلاه أن ينقلوا الحطب الى الياتون الى بعلبك ويكون لهم الأجر والثواب عند الله، خليل العمري 1200هـ مفتي البقاع(1) والهرمل(2)»(3).

ش845
(2)

صورة عن خط العريضة

ــــــــــــــــــــــــــ
(1) البقاع: سهل مستطيل الشكل يقع بين سلسلتي جبال لبنان الشرقية والغربية وجبل الشيخ وهي الآن محافظة من المحافظات الخمس اللبنانية ومركزها بعلبك.
(2) الهرمل: بلدة لبنانية تقع شمال شرقي بعلبك، بالقرب منها منبع نهر العاصي، وهي الآن مركز قضاء.
(3) كتاب السيدة خولة بنت الإمام الحسين: 41.

(272)

القرن الرابع عشر
(27/4/1884ـ 8/11/1980م)

• في سنة 1306هـ(1) كتب ميخائيل ألوف(2) عن هذا المرقد قائلا: « وللشيعة على مدخل المدينة ـ بعلبك- مسجد للسيدة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، قائم على مدفنها المكرم من أهالي البلاد، وقد قيل ـ دون سند تاريخي ـ إنه لما سبي أهل البيت بعد موقعة كربلاء وأرسلوا الى دمشق ماتت خولة وهي طفلة في بعلبك، ودفنت فيها، وفي دار المسجد مقبرة للسادة آل مرتضى سدنة هذا المقام، وفيها شجرة سرو قديمة العهد»(3)
• في سنة 1309هـ(4) تم تجديد مرقد السيدة خولة بنت الحسين عليه السلام وقد أرخ الشاعر الشيخ صادق زغيب(5) ذلك بأبيات من الشعر نقشت على بلاطة من الرخام أثبتت على المدخل الرئيسي للمرقدـ من الوافر-:

ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) الموافق لسنة 1889م.
(2) ميخائيل ألوف: هو ابن موسى بن طنوس بن سمعان بن حنا (1286ـ1375هـ) ولد في بعلبك، عمل في الدوائر الحكومية، واشتغل في البحث والتنقيب، من آثاره: تاريخ بعلبك، صفحة من تاريخ بعلبك.
(3) مجلة الموسم الهولندية: 7/1145 عن صفحة من تاريخ بعلبك لميخائيل ألوف: 13.
(4) وبما أن التاريخ المرقوم سجل على اللوحة وهي تعادل بالتاريخ الميلادي(1891م) فإن ذلك يدلنا على أنه كان في بدايات سنة 1309هـ والذي يتطابق مع الربع الأخير من سنة (1891م) أي ما بين محرم وجمادى الاولى.
(5) صادق زغيب: هو ابن حسين (1269ـ1330هـ) ولد في يونين في لبنان وتوفي فيها ونشأ في حجر والده، كان من العلماء الشعراء الأذكياء، نظم ألفية في النحو، كان ضليعاً بعلوم العربية وعلم الرياضيات، ضاع ديوان شعره.

(273)

إلى بنت الحسين الطهر خولى(1) تحية ذي الجلال ندى لروحي(3)
إلى من قد سمت بأب وجد(3) على الثقلين من إنـــــس وروح(4)
إلى من رحت أفديها بقومي وأفدي قومها بأبــــــــي وروحي(5)
جزى إسحاق حاكم بعلبك(6) بإحســـــــــــــان وريحان وروح(7)
بنى هذا المقام عماد فخر(8) إلى شرواه تاقــــــــــت كل روح(9)
وكيف يقاس بنيان عليه من القدس احتوت نفحات روحي (10)
وقد شملته في تاريخ: مجدٍ(11) أيـــــادي ذي العُلا إسحاق روحي(12)

ومن الجدير ذكره أن الرخامة احتوت خمسة أبيات منها حيث أسقط الثالث والسادس كما يُلاحظ ذلك في الصورة التالية:

ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تذكرنا هذه القصيدة بالقصائد التي ظهرت بالقرن الثاني عشر الهجري والتي نظم عليها الشعراء وشاع ذكرها، والهلاليات، والعينيات حيث استخدم الشعراء مفردة الخال أو الهلال أو العين في كل القوافي من القصيدة الواحدة، حيث جاء كل واحد منهما بمعنى مغاير عن الآخر، ويبدو أن القرن الثاني عشر الهجري وما تلاه كان اهتمام الشعراء منصباً إلى هذه الجمالية في الشعرـ بالنسبة الى الخاليات راجع مقدمة ديوان القرن الثاني عشر من هذه الدائرة ــ ولنا قصائد في الخاليات والهلاليات والعينيات أوردها الدكتور عبد العزيز شبين في كتاب (الخال وقوافي الشعراء) حيث أعده من الجزء الأول من ديوان القرن الثاني عشر من الموسوعة.
(2) جاء في مجلة الموسم الهولندية:7/1145:«ندى لروح» ولكن على الرخام جاء «أغدى» إلا أنه لا يستقيم عروضياً. والروح: السعة.
(3) جاء في مجلة الموسم:«سمت باباً لمجدٍ» ولكن ما على الرخام كما في المتن.
(4) الروح: الجن.
(5) الروح: النفس.
(6) جاء في مجلة الموسم:«حبى إسحاق» ولكن لا يطابق ما على الرخام.
(7) الروح: الرحمة والراحة.
(8) عماد فخر: أراد به إسحاق روحي.
(9) الشروى: المثل، وشرواءه تعني مثله.
الروح: نسيم الريح.
(10) الروح: الروح التي بها قوام الحياة.
(11) قوله: « مجد أيادي ذي العُلا إسحاق روحي» تعادل 47+26+710+ 132+ 170+224= 1309هـ وهو تأريخ تجديد البناء.
(12) كتاب السيدة خولة بنت الإمام الحسين: 42. وروحي هو لقب حاكم بعلبك.

(274)

ش846
(3)

صورة من الرخامة المثبتة على الباب

• وفي سنة 1342هـ، قام السيد عبدالحسين شرف الدين(1) بزيارة مرقد السيدة خولة عندما زار بعلبك وصلى بالناس صلاة الظهر جماعة في مرقدها،
وقد ضاق المكان بهم، والتُقطت بعض الصور التذكارية في المكان(2).

ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) عبد الحسين شرف الدين: هو ابن يوسف العاملي الموسوي(1290ـ1377هـ) ولد في شحور اللبنانية وتوفي في صور، من أعلام الإمامية، ناضل وجاهد ضد الأحتلال الفرنسي للبنان وسوريا، له العديد من المؤلفات، عرف بكتبه المراجعات، والنص والاجتهاد، إلى جانب الفصول المهمة، وغيرها.
(2) كتاب السيدة خولة الإمام الحسين:44.

(275)

ش847
(4)

صورة للسيد عبد الحسين شرف الدين أمام بركة المرقد

ش848
(5)

صورة أخرى للسيد شرف الدين مع أعيان المنطقة

(276)

• وفي سنة 1352هـ،(1) قام الأستاذ عبد الحليم الحجار(2) بمد الماء العذب من نبع اللجوج(3) شرقي بلدة نحلة(4) الى بعلبك ومن ثم إلى مرقد السيدة خولة وإنشاء سبيل في مقامها، وبذلك قام الشاعران محمد ومحسن الجوهري(5) بتأريخ هذا المشروع- من الرمل-:

كل ما جئت به عبد الحليم لك فيه الفخر والذكر الجميلْ
كم منحت البعل في عمرانها(6) من مشاريع يراها كل جيلْ
من لجوج جئت بالماء لها ولخولى جُدت في هذا السبيل
فلسانُ الحال يشدو بالثنا ويناجي الله بالأجر الجزيــل
قال في التاريخ: صداً إنه لك في الجنة نهر السلسبيل(7)

ونقش ذلك على رخامة نُصبت على السبيل وفي نهايتها كتب سنة 1353هـ.

ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) الموافق لعام 1930م.
(2) عبد الحليم الحجار: قائم مقام بعلبك في العصر العثماني، وآل الحجار أسرة دمشقية قديمة، وقد رحل قسم منهم الى بعلبك وجدهم الأولى السيد حسن بن أحمد الشهير بابن الحجار الدمشقي يصل نسبهم إلى الحسين الأصغر ابن الإمام السجاد عليه السلام.
(3) اللجوج: نبع، تعد مياهه من أعذب المياه.
(4) نحلة: بلدة تقع شمال شرق بعلبك، جنوب غرب يونين.
(5) محمد ومحسن الجوهري: شاعران لبنانيان لم نتمكن من التعرف عليهما، ولا يخفى أن هناك عائلة تعرف بالجوهري والتي هي من البيوتات القديمة في الهرمل.
(6) البعل: هو مختصر بعلبك الفينيقية الأصل، وفي الواقع إن (بعلبك) مركبة من كلمتين (بعل+ بك) والأول هو اسم صنم وهو الإله(هداد) و (بك) اسم رجل على ما قيل، وبعلبك هي الآن مركز محافظة البقاع.
(7) قوله: « صداً إنه لك في الجنة نهر السلسبيل» يعادل «95+ 106+ 50+ 90+ 534+ 255+223= 1353» وهي سنة الإنشاء، ولكنه اعتبر النون المشددة في «إنه» نونين، وكذلك النون المشددة في «الجنة» نونين، كما اعتبر الحرف الأخير من «الجنة» تاةً.

(277)

ش849
(6)

رخامة السقاية

• في 19/10/1378هـ(1) تولت مديرية الآثار ترميم المرقد والعمل على تصنيفه ضمن الأبنية التاريخة، وأصدر المرسوم الجمهوري التالي:
« بناء على اقتراح المديرالعام لوازارة التربية الوطنية والفنون الجميلة أدخلت الأبنية الواقعة في محافظة البقاع والمبينة في الجدول الملحق في هذا القرار في قائمة الجرد العام للأبنية التاريخية:
1ـ قضاء زحلة(2) المعبد الروماني(3).

ـــــــــــــــــــــــــ
(1) الموافق 28/4/1959م.
(2) زحلة: مدينة لبنانية، قاعدة محافظة البقاع، وهي مركز قضاء زحلة، تقع على نهر البردوني.
(3) المعبد الروماني: عندما أصبحت بعلبك في القرن الأول قبل الميلاد مستعمرة=

(278)

2ـ مجدل عنجر(1).
3ـ بعلبك (السيدة خولة) العقار 2127.
بيار جيمل(2) 28 نيسان 1959»(3).
• وفي الخمس الأخير من القرن 14هـ، تم بناء بعض الغرف وحسينية ومصلى بجانب المرقد في فترات متقطعة لاستيعاب حاجة الزائرين(4).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= رومانية بنوا فيها معبداً ضخماً ظلت آثاره شاخصة في قلعة بعلبك المعروفة الى يومنا هذا.
(1) مجدل عنجر: قرية لبنانية تابعة لقضاء زحلة، تقع في طريق المصنع، المعبر الحدودي ما بين لبنان وسوريا.
(2) بيار جميل: نظنه بيار بن أمين الجميل (1323ـ1404هـ) زعيم حزب الكتائب اللبناني، إلا أنه لم يكن رئيساً للجمهورية، ونظن أن التوقيع الذي حمله هذا المرسوم إنما هو من قبل الوزارة المختصة بالآثار حيث عين بيار جميل إثنتا عشرة مرة وزيراً، كما أنتخب منذ عام 1380هـ (1960م) نائباً، وأعيد أنتخابه في جميع الدورات الانتخابية، ولد في بكفيا، درس الصيدلة ومارس السياسة.
(3) كتاب السيدة خولة بنت الإمام الحسين: 46.
(4) كتاب السيدة خولة بنت الإمام الحسين:47.

(279)

(280)