معجم  أنصار الحسين عليه السلام  (النساء) (الجزء الثاني)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين عليه السلام (النساء) (الجزء الثاني)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

 

      5- بلال بن رباح الحبشي (مؤذن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)) المتوفى سنة 20هـ (بالواسطة).

      6- عبد الله بن عباس الهاشمي (ابن عم الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)) المتوفى سنة 68هـ.

      7- اسماء بنت عميس الخثعمية (زوج جدها علي «عليه السلام») المتوفاة سنة 40هـ (بالواسطة) إلى غيرهم، منهم: اسماء بنت أبي بكر التيمية (27ق.هـ - 73هـ). هذا وقد أضاف في المصدر أن عدداً من الرواة رووا عنها وهذا نصه:

      «روى عنها أولادها: عبد الله وإبراهيم وحسن(1) وأم جعفر(2) بنو الحسن بن الحسن بن علي، ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، وروى أبو المقدام بن زياد عن أبيه، وقيل عن أمه عنها، وروى زهير بن معاوية عن شيخ يقال هو مصعب بن محمد عنها وغيرهم»(3).

      إذاً فمن روى عنها هم كالتالي:

      1- عبد الله المحض ابن الحسن المثنى (ابنها) قتل سنة 145هـ.

      2- إبراهيم الغمر ابن الحسن المثنى (ابنها) قتل سنة 145هـ.

      3- الحسن المثلث ابن الحسن المثنى (ابنها) قتل سنة 145هـ.

      4- زينب(4) بنت الحسن المثنى (بنتها) المتوفاة سنة     هـ.

      5- محمد الديباج ابن عبد الله الأموي (ابنها) قتل سنة 145هـ.

      6- زياد بن أبي يزيد المدني(5).

__________
(1) في المصدر «حسين» ولا شك أنه تصحيف الحسن.

(2) أم جعفر: نظن أنها كنية زينب.

(3) تهذيب التهذيب: 6/609.

(4) زينب: هي التي تكنى بام كلثوم على الظاهر.

(5) لعل أبا يزيد اسمه الوليد، حيث ورد في لسان الميزان: 7/484 في ترجمة «أبو المقدام هشام بن زياد بن أبي يزيد ويقال له هاشم بن أبي هاشم، ويقال له أيضاً هشام بن الوليد الأموي» وذلك بالنسبة إلى الجد وليد والذي هو أبو يزيد، وانما لقبه بالأموي لأنه كان مولى عثمان بن عفان الأموي، إلا أنه كان من الموالين لأهل البيت «عليه السلام».

(237)

 

      7- أم هشام بن زياد المدني.

      8- مصعب بن محمد العبدري(1)        بالواسطة.

      9- غيرهم وقد سبق بيانهم ضمن نقل الروايات(2).

      وهؤلاء الذين روت عنهم أو الذين رووا عنها لم نتمكن أن نحصل على رواياتهم جميعاً، وربما ورد في أنها روت عن السيدة زينب بنت علي «عليه السلام» فهل المراد بها أم كلثوم أو أن المراد من أم كلثوم زينب هذه حيث، ومنها ما اختلط بين الأخت فاطمة الكبرى وفاطمة الصغرى والله العالم.

      وجاء في مشاهد العترة: إن الحسين الأصغر ابن الإمام زين

___________
(1) جاء في تهذيب التهذيب: 5/451 «مصعب بن محمد بن عبد الرحمان  بن شرحبيل ابن أبي عزير العبدري المكي، ورى عن يعلى بن أبي يحيى» وكان والياً بمكة، وجاء في ترجمة يعلى بن أبي يحيى الحجازي في تهذيب التهذيب: «روى يعلى بن أبي يحيى عن فاطمة بنت الحسين، وعنه مصعب بن محمد بن شرحبيل».

(2) جاء في تاريخ مدينة دمشق: 70/10 ورت فاطمة بنت الحسين «عليه السلام» عن جدتها فاطمة مرسلاً، وأبيها حسين بن علي، وعمتها زينب بنت علي وأخيها علي بن الحسين، وعبد الله بن عباس، وعائشة، واسماء بنت عميس، وبلال المؤذن مرسلاً، وروى عنها بنوها عبد الله، والحسن، وإبراهيم بنو الحسن بن الحسن، ومحمد بن عبد الله بن عمرو، وشيبة بن نعامة، ويعلى بن أبي يحيى، وعائشة بنت طلحة، وعمارة ابن غزية، وام أبي المقدام هشام بن زياد، وأم الحسن بنت جعفر بن الحسن بن الحسن.

وممن روى عنها بالواسطة، الإمام السجاد «عليه السلام»، والإمام الباقر «عليه السلام» وفاطمة بنت علي ابن الحسين «عليه السلام» وعمر بن علي بن الحسين، وشيبة بن نعامة، واسحاق بن أبي يحيى، ويحيى بن أبي يعلى، عمارة بن غزية، وعائشة بنت طلحة، وأبو المقدام هشام بن زياد.

وجاء في فاطمة بنت الحسين درة فواطم أهل البيت: 62 ان أم حسن بنت جعفر بن الحسن المثنى أنها روت عن فاطمة بنت الحسين «عليه السلام» إلا أنه لم يورد حديثاً واحداً عنها، ولا يخفى أن جعفر بن الحسن المثنى هو من أم ولد يقال لها حبيبة، كما ذكر في صفحة: 62 أن زوجها الحسن المثنى قد روى عنها.

(238)

 

العابدين «عليه السلام» (80- 157) روى عن أبيه علي بن الحسين (السجاد) وأخيه أبي جعفر (الباقر) وعن عمته فاطمة بنت الحسين(1) ومقتضى ذلك أنه روى عنها وهي في العقدين الآخيرين من عمرها تقريباً.

      وفي ختام المطاف لا بد من التذكير بأن هناك من جمع روايات فاطمة بنت الحسين «عليه السلام» في كتاب وأسماه«مسند فاطمة بنت الحسين» الا وهو السيد ناصر حسين بن حامد حسين الموسوي اللكهنوي (1284- 1361هـ) والذي كان من أعلام الإمامية والتي آلت إليه الزعامة في الهند وهو من أبناء لكهنو، وهو الأديب والشاعر باللغة العربية والفقيه الأصولي صاحب المؤلفات الجمة(2) إلا أنه لا زال مخطوطاً وقد وضعه باللغة العربية، ولا شك أنه قصد الصغرى أي ابنة أم اسحاق.

      كما قامت شخصيتان معاصرتان بجمع رواياتها في كتاب وترجماها إلى الفارسية وسمياها «مسند فاطمة بنت الحسين» وذكرا بأنه الأول من نوعه، ويبدو أنهما لم يطلعا على ما ألفه اللكهنوي، وعلى أي حال فهما السيد علي رضا سيد كباري(3) والشيخ إلياس محمد بيگي صادقي(4) من قم في إيران، ويقع في أربعة فصول:

      الأول: حياة فاطمة.

      الثاني: الحركة العلمية في عصرها.

      الثالث: الأحاديث المروية بواسطتها.

      الرابع: الرواة عنها.

___________
(1) مشاهدة العترة الطاهرة: 222.

(2) راجع ترجمته في مطلع أنوار: 622، وأعيان الشيعة: 10/201، والذريعة: 21/ 28.

(3) علي رضا: من الفضلاء المعاصرين الذين تخرجوا من حوزة قم المباركة لا زالوا يسكنون قم، له من المؤلفات: مسند فاطمة معصومة، حوزه در اسلام، وغدير وفلسفة سياسي اسلام.

(4) الياس محمد: هو الآخر من فضلاء قم المعاصرين، له من المؤلفات: فروعي از كوثر، آداب زيارت وسفر، وامام علي در آينه نهج البلاغة.

(239)

 

      وهناك كتابان آخران ألفا في السيدة فاطمة بنت الحسين «عليه السلام» وأم اسحاق التيمية، أحدهما باسم فاطمة بنت الحسين «عليه السلام» للشيخ محمد هادي الأميني(1) يقع في 151 صفحة وهو في سيرتها الثاني باسم فاطمة بنت الحسين درة فواطم أهل البيت للاستاذ أبي معاذ السيد(2) وهو في سيرتها، وكلاهما أوردا جملة من رواياتها.

      وقد يستغرب البعض كثرة روايتها بالنسبة إلى أقرانها من المنتسبين إلى هذا البيت الكريم، ولعل الحق مع من يستغرب بعد دراسة التاريخ وأن الأمويين واتباعهم حاولوا طمس أثار أهل البيت «عليه السلام» بل واشخاصهم، ولكن بالنسبة إلى هذه السيدة فيمكن طرح بعض المؤشرات التي يمكن بها رفع الغرابة، وهو أن انجالها كان لهم الدور البارز في نشر اخبارها ورواياتها والفرصة كانت سانحة لهم حيث إن أبناء الحسن المثنى كانوا حسنيين وهم حكموا بلاد المغرب وكان أولهم الأدارسة وكان لا يزاحمهم هناك أحد ولم يعيشوا الاضطهاد في المغرب العربي، ومن جهة اخرى فإن أبناء عبد الله المطرف كانوا عثمانيين وهؤلاء لم يعيشوا في مأزق كما عاش الحسينيون في المشرق العربي، فكلاهما نشروا مآثر امهم.

      ومما يذكر عن سيرتها أنها رأت الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) في عالم الرؤيا فقال لها:

      «يا بنية لا تخسري ميزانك وأقيمي وزنه وثقليه بقراءة آية الكرسي، فما قرأها من أهلي أحد إلا ارتجت السماوات والأرض بملائكتها وقدسوا بزجل التسبيح والتهليل والتقديس والتمجيد ثم دعوا بأجمعهم لقاريها يغفر له كل ذنب ويجاوز عنه كل خطيئة»(3).

____________
(1) محمد هادي الأميني: هو عبد الحسين بن أحمد التبريزي النجفي (1355- 1422هـ) ولد في النجف وتوفي في طهران، وهو ابن صاحب الغدير، كاتب فاضل، له عدد من المؤلفات منها: معجم رجال الفكر والأدب في النجف، المطبوعات النجفية.

(2) أبو معاذ السيد: هو ابن أحمد بن إبراهيم، فاضل معاصر من أهل مصر، له عدد من المؤلفات منها: مصر واهلها في معتقدات الشيعة، الاسماء والمصاهرات بين أهل البيت والصحابة، واتحاف أهل السنة.

(3) سفينة البحار: 7/468 عن كتاب العروس لجعفر بن أحمد القمي وفاطمة بنت الحسين للأميني: 109 عن اسنى المطالب لشمس الدين الجزري الشافعي وقد رواها نجلها عبد الله المحض عن أمه فاطمة بنت الحسين «عليه السلام».

(240)

 

      ومن ذلك ما ورد عن عبد الله المحض ابن الحسن المثنى أنه قال: كانت أمي فاطمة بنت الحسين «عليه السلام» تأمرني أن أجلس إلى خالي علي بن الحسين «عليه السلام»، فما جلست إليه قط إلا قمت بخير قد افدته: إما خشية لله تحدث في قلبي لما أرى من خشيته لله تعالى، أو علم قد استفدته منه(1).

      ومن أخبارها التي تقول عليها وعلى بعلها الحسن المثنى ما أورده الأغاني(2):

      إن الحسن بن الحسن لما حضرته الوفاة جزع، وجعل يقول: إني لأجد كرباً  ليس إلا وهو كرب الموت، وأعاذ ذلك دفعات، فقال له بعض أهله: ما هذا الجزع، تقدم على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وهو جدك وعلى علي والحسن والحسين- صلوات الله عليهم- وهو آباؤك؟ فقال: لعمري إن الأمر لكذلك، ولكن كأني بعبد الله بن عمرو بن عثمان حين أموت وقد جاء في مضرجتين أو ممصرتين وهو يرجل جمته يقول: أنا من بني عبد مناف جئت لأشهد ابن عمي، وما به إلا أن يخطب فاطمة بنت الحسين، فإذا جاء فلا يدخل علي، فصاحت فاطمة: أتسمع؟ قال: نعم، قالت: أعتقت كل مملوك لي، وتصدقت بكل ملك لي إن أنا تزوجت بعدك أحداً أبداً، قال: فسكن الحسن وما تنفس ولا تحرك حتى قضى، فلما ارتفع الصياح أقبل عبد الله على الصفة التي ذكرها الحسن، فقال بعض القوم: ندخله. وقال بعضهم: لا يدخل، وقال قوم: لا يضر دخوله، فدخل

____________
(1) الإرشاد للمفيد: 2/140 وعنه البحار: 46/ 73.

(2) الأغاني: 21/ 126 وراه عن محمد بن يحيى، عن أيوب، عن عمر بن أبي الموالي، قال الزبير، وحدثني عبد الملك بن عبد العزيز بن يوسف الماجشون، وقد دخل حديث بعضهم في بعض حديث الآخرين:

ورواه في مقاتل الطالبيين: 182 عن محمد بن العباس اليزيدي، والحسن بن علي، قالا: حدثنا أحمد بن أبي خيثمة عن زبير بن بكار، وايضاً رواه عن حرمي بن أبي العلاء عن الزبير بن بكار، عن عمه مصعب، عن محمد بن يحيى، عن أيوب بن عمر، عن ابن أبي الموالي، عن عبد الملك بن عبد العزيز، عن يوسف بن الماجشون، وكذلك روى عن الحسن بن علي، عن أحمد بن أبي خيثمة عن مصعب.. الحديث.

(241)

 

وفاطمة تصك وجهها، فأرسل إليها وصيفاً كان معه، فجاء يتخطى الناس حتى دنا منها فقال لها: يقول لك مولاي أبقي على وجهك فإن لنا فيه أرباً، قال: فأرسلت يدها في كمها واختمرت وعرف ذلك منها، فما لطمت وجهها حتى دفن صلوات الله عليه. فلما انقضت عدتها خطبها فقالت: فكيف لي بنذري ويميني؟ فقال: نخلف عليك بكل عبد عبدين، وبكل شيء شيئين، ففعل وتزوجته(1).

      وأضاف: ان فاطمة لما خطبها عبد الله أبت أن تتزوجه، فحلفت عليها أمها لتتزوجنه، وقامت في الشمس، وآلت لا تبرح حتى تتزوجه، فكرهت فاطمة أن تحرج فتزوجته(2).

      الرواية تناقض مع حيثيات بيوت الأشراف وتصطدم مع كثير من المعطيات ومع روايات اخرى في الحديث مما يجعل الدارسين(3) إلى توجيه الطعن بها من خلال ما يلي:

      1- تفرد أبو الفرج الأصفهاني(4) بنقل الرواية، ولم ينقل مثل هذه الرواية إلا هو، فلم نجد لها ذكراً في الطبقات الكبرى ولا غيره.

      2- في سند الرواية من لا يمكن الاعتماد عليه لكثرة الوضع الذي ينسب إليه كالزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب، وهو مصنف في كتب الرجال مع الضعفاء على أكثر التقدير.

___________
(1) ونقل هذا المعنى باختزال مهذب الروضة الفيحاء في تواريخ النساء: 198. وتاريخ مدينة دمشق: 70/19.

(2) الأغاني: 21/128 بسنده إلى أحمد بن محمد بن اسماعيل الهمداني، عن يحيى بن الحسن العلوي، عن أخيه أبي جعفر، عن اسماعيل بن يعقوب، عن محمد بن عبد الله البكري.

(3) راجع أعيان الشيعة: 8/388.

(4) أبو الفرج الأصفهاني: هو علي بن الحسين بن محمد الأموي (284- 356هـ)، ولد في أصفهان ونشأ في بغداد وتوفي فيها، مؤرخ مشهور، له مؤلفات جمة، منها: الأخبار والنوادر، المماليك الشعراء، وأدب الغرباء.

(242)

 

      3- إن مكانة الحسن المثنى ومكانة فاطمة بنت الحسين لا تناسب هذه الرواية من حيث الوصاية ثم القبول بالزوج مع فرض صحة الوصية.

      4- تتناقض هذه الرواية مع رواية ما رواه المفيد(1) والتي تنص على اقامتها على قبر زوجها في قبة لمدة سنة كاملة(2).

      5- يبدو أن أبا الفرج الأصفهاني نقل ما سمع وروي، وترك الحبل على غاربه دون أن يبت بصحتها- الرواية-، بل صرح في اخر الرواية «وقد قيل في تزويجه إياها غير هذا»(3) مما يدل على أنه لا يتبناها.

      6- ما ورد بأن أم اسحاق التيمية والدة فاطمة الصغرى هي التي حثتها على الزواج من عبد الله بن عمرو غير محقق لأن بقاءها على قيد الحياة حتى ذلك الوقت لا دليل عليه، وما سبق وذكرناه اعتماداً على هذه المقولة، كما أن في زواجها من عبد الله بن عبد الرحمان التيمي وعبد الله ابن محمد الهاشمي محل كلام(4).

      7- جاء في الطبقات أن نجلها الأكبر عبد الله بن الحسن المثنى هو الذي زوجها من عبد الله بن عمرو ولم يذكر بأن أمها أم اسحاق كانت من وراء زواجها منه(5).

      8- نص الرواية ما لا يناسب حيث أورد بعضهم أن عبد الله بن عمرو نظر إلى فاطمة وهي حاسرة(6) ومتى كانت بنات رسول الله حواسر.

      ويبدو أنها إنما وافقت على الزواج من عبد الله بن عمرو لولائه لأهل

__________

(1) المفيد: هو محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي (336- 413هـ) ولد في عكبر الواقع في طريق سامراء وتوفي في بغداد، من أعلام الإمامية، من مؤلفاته: الأمالي.

(2) راجع الارشاد: 2/26، وقد سبق واوردناه في ترجمة الحسن المثنى في معجم انصار الحسين (الهاشميون).

(3) الأغاني: 21/127.

(4) راجع معجم انصار الحسين (النساء): 1/147 عن المجبر: 442، المعارف لابن قتيبة: 233.

(5) الطبقات الكبرى: 8/473.

(6) تاريخ مدينة دمشق: 70/17.

(243)

 

البيت «عليه السلام» ورفضت عبد الرحمان بن الضحاك لعدائه لأهل البيت «عليه السلام» بالإضافة إلى الاختلاف في اسلوبهما.

      9- إنها تنافى مع ما وضعه حكام وولاة بني أمية من الرقابة على الزواج من أهل البيت «عليه السلام» لكثرة من يريد التقرب إليهم لما لهم من مكانة بين المجتمع، كما هو ملاحظ من مقال عمر بن عبد العزيز أيام ولايته على المدينة (87- 93هـ) واستئذانه في زواج فاطمة بنت الحسين «عليه السلام» من الوليد ابن عبدالملك(1) على تفصيل مضى، ومن الخطأ تصوير أن أهل البيت «عليه السلام» كانوا ضعفاء بل كان لهم رصيد اجتماعي كبير فيهابهم الحكام ويتسارع كبار القوم من التقرب إليهم لمصالحهم الاجتماعية، ومما يؤيد ذلك تعامل يزيد بن عبد الملك مع واليه عبد الرحمن بن الضحاك عندما خطب فاطمة بنت الحسين «عليه السلام» كما سيأتي.

      وهنا من استشكل على من رفض الرواية السابقة ولكن حصل عنده سوء فهم فإن الذي ينكر من هذه الرواية أن الحسن المثنى وصى بعدم زواج امرأته فاطمة بنت الحسين «عليه السلام»من عبد الله بن عمرو، وقد تعهدت له، وهذا يختلف عن أصل الزواج ولكن الأمر التبس على المستشكل، وإلا فإن مسألة الزواج وارد ذكرها عند معظم علماء التاريخ والسيرة والأنساب، ولكن المختلف عليه هو وصية الحسن المثنى بعدم الزواج وقد سبق وفندناها.

      ومن الوضع الذي طالها ما رواه الزبير أيضاً حيث روى عنها أنها قالت «لقد تزوجت عبد الله بن عمرو وما في الدنيا أبغض إلي منه، ثم ما في الدنيا اليوم أحد أحب إلي من ابنه محمد»(2) والنص يدل على كذبه كما أن الواقع كذلك، بل هناك رواية أخرى يقول يوسف ابن الماجشون شبيهاً بحديث عمي في تزويج عبد الله بن عمرو فاطمة بنت الحسين يخالفانه في الشيء من الحديث(3) مما يدل على أن الراوي لا يعتمد نص.

_____________
(1) تاريخ مدينة دمشق: 70/18.

(2) تاريخ مدينة دمشق: 70/18 وروي بنصوص مختلفة.

(3) تاريخ مدينة دمشق: 70/18، وروى أيضاً رواية بهذا المضمون مما يخالف ذلك النص.

(244)

 

      ومما يدل على الارباك أنه نسب في تاريخ بغداد هذه المقولة إلى عبد الله المحض ابن الحسن المثنى، وجاء فيه مروياً عن عبد الله بن موسى(1) ابن عبد الله بن الحسن كان يقول: أبغضت محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان أيام ولد بغضاً ما ابغضته أحداً قط، ثم كبر وتربى فاحببته حباً ما أحببته أحداً قط(2).

      وهو أيضاً يخالف ما رواه آخرون بالشكل التالي: زوجها (أي فاطمة بنت الحسن) ابنها عبد الله بن الحسن، ارسلت إليه وهو بسويقة(3) ان أقدم زوجني، فقدم على حمار فزوجها، طاعة لها وبراً بها(4) مما يفهم أنها كانت على رضا تام من زواجها بعبد الله بن عمرو، ولم يكن الزواج من أهل البيت «عليه السلام» أمراً يتم بالصورة التي صورها الوضاعون.

      ومن أخبارها أنه لما استعمل يزيد بن عبد الملك(5) عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس الفهري(6) على المدينة فخطب فاطمة بنت حسين فقالت: والله ما أريد النكاح  ولقد قعدت على بني هؤلاء. وجعلت تحاجره وتكره أن تبادله لما تخاف منه. وألح عليه قائلا: والله لئن لم تفعلي لأجلدن أكبر ولدك في الخمر، يعني عبد الله بن حسن.

___________
(1) عبد الله بن موسى: هو حفيد عبد الله المحض ابن الحسن المثنى ابن الحسن السبط «عليه السلام» وهو الذي أمر المنصور العباسي (137- 158هـ) بضربه بالسياط حتى غثي عليه، ثم حبسه وكان في حبسه إلى أن أطلقه المهدي (158- 169هـ)، وقد توارى بعد ذلك حتى مات ويلقب بالجون، وعاش إلى أيام هارون الرشيد العباسي (170- 193هـ).

(2) تاريخ بغداد: 5/386.

(3) سويقة: موضع قرب المدينة، يسكنه آل علي بن أبي طالب- مراصد الاطلاع: 2/758.

(4) تاريخ مدينة دمشق: 70/18.

(5) يزيد بن عبد الملك: هو حفيد مروان بن الحكم المرواني الأموي (71- 105هـ) تولى الأمر بعد عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ، وهو سادس من حكم من الأمويين، وتولى الأمر بعده هشام عبد الملك.

(6) عبد الرحمان بن الضحاك الفهري: توفي بعد عام 104هـ، تولى إمارة مكة أيضاً في عام 103هـ، بايع عبد الله بن الزبير، ثم إنه طلب الخلافة لنفسه.

(245)

 

      فبينا هي كذلك وكان على ديوان المدينة ابن هرمز. فكتب إليه يزيد بن عبد الملك أن يرتفع إليه للمحاسبة، فدخل على فاطمة يودعها فقال لها: هل من حاجة؟

      فقالت: تخبر أمير المؤمنين ما ألقى من ابن الضحاك وما يعترض به مني.

      قال: وبعثت رسولاً بكتاب إلى يزيد يذكر قرابتها ورحمها وما ينال ابن الضحاك منها وما يتوعدها به، فقدم ابن هرمز(1) فأخبر يزيد وقرأ كتابها فنزل من أعلى فراشه فجعل بخيزرانه في يده وهو يقول: لقد اجترأ ابن الضحاك- هل- من رجل يسمعني صوته في العذاب وأنا على فراشي- ثم دعا بقرطاس فكتب إلى عبد الواحد بن عبد الله النصري(2)، وهو يومئذ بالطائف: قد وليتك المدينة فأغرم ابن الضحاك أربعين ألف دينار وعذبه حتى أسمع صوته وأنا على فراشي.

      وبلغ ابن الضحاك الخبر فهرب إلى الشام فلجأ إلى مسلمة بن عبدالملك(3) فاستوهبه من يزيد فلم يفعل.

      وقال: قد صنع ما صنع وأدعه! فرده إلى النصري إلى المدينة فأغرمه أربعين ألف دينار وعذبه وطاف به في جبة من صوف(4).

      وكان ذلك بعد عام 101هـ حيث ان يزيد بن عبدالملك الأموي ولى عبد الرحمان بن الضحاك الفهري سنة 101هـ وخلعه سنة 104.

______________
(1) ابن هرمز: الظاهر هو ابن بكر عبد الله بن يزيد بن هرمز الأصم، وقيل يزيد بن عبد الله بن هرمز الأصم، عد من التابعين ومن الزاهدين، وكان فقيها، ويقال انه كان من أهل الشام فسكن المدينة.

(2) عبد الواحد بن عبد الله النصري: هو حفيد كعب الدمشقي، وكان يكنى بأبي بشير، توفي بعد عام 106هـ، كان من رواة الحديث، ولي مكة والمدينة والطائف سنة 104هـ وعزل سنة 106هـ.

(3) مسملة بن عبد الملك: هو حفيد مروان بن الحكم الأموي يلقب بالجرادة الصفراء توفي سنة 120هـ. من قواد الأمويين، عرف بغزواته نحو أهل السند وتركيا، ويقال إنه كان أولى بالحكم من اخوانه.

(4) الطبقات الكبرى: 8/474.

(246)

 

      ويذكر أنها بعد وفاة زوجها الثاني عبد الله بن عمر انصرفت إلى العبادة والوعظ ونقل الحديث وبيان الأحكام(1).

      ومن حديث الأزواج والذي لا يمكن اعتماده ما ورد في تاريخ ابن عساكر: «ثم خلف عليها عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، فولدت له الديباج محمد بن عبد الله، ثم خلف عليها ابن عتيق البكري(2) فولدت له أمينة أم اسحاق بن طلحة»(3) وقد تفرد بهذا القول أولاً، ونظن أن في ذلك تصحيفاً ليعود ضمير «عليها» إلى أم اسحاق بنت طلحة» ليكون الابن تصحيفاً لـ «بنت» أو ابنة طلحة(4) وتسلم العبارة بالشكل التالي: «فولدت له امينة من أم اسحاق بنت طلحة» وقد ذهب إلى ذلك بعض المعاصرين، ولكن لا يمت إلى الحقيقة بصلة إذ لم نجد من ذكر ذلك.

      ومن اخبارها في تكريم شعراء أهل البيت «عليه السلام» أن الشاعر الكميت بن يزيد الأسدي الكوفي(5) عندما دخل عليها، قالت هذا شاعرنا أهل البيت، وجاءت بقدح فيه سويق فحركته بيدها وسقت الكميت فشربه ثم امرت له بثلاثين ديناراً ومركب، فهملت عيناه وقال: لا والله لا أقبلها إني لم أحبكم للدنيا(6).

      ومن ذلك أنها كانت تسبح بخيوط معقود فيها(7).

_________
(1) فاطمة بنت الحسين للأميني: 128.

(2) جاء في تهذيب التهذيب: 6/511 «إن ابن أبي عتيق البكري: هو محمد بن عبد الله ابن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمان بن أبي بكر- التيمي-».

(3) تاريخ مدينة دمشق: 70/15.

(4) راجع فاطمة بنت الحسين: 82.

(5) الكميت بن زيد الكوفي: هو حفيد خنيس الأسدي- (60- 126هـ) من اعلام الشعر وكان من المجاهرين بحبه لأهل البيت «عليه السلام» وكان عالماً بآداب العرب ولغاتها واخبارها وأنسابها ففاق أقرانه واشتهر في عصره، طبع ديوانه وترجم إلى الالمانية.

(6) أعلام النساء: 4/74.

(7) الطبقات الكبرى: 8/474 حيث روى ابن سعد عبن عبد الله بن موسى عن اسرائيل عن جابر عن امرأة حدثته عن فاطمة بنت الحسين، وتاريخ مدينة دمشق: 70/23.

(247)

 

      وكان عمر بن عبد العزيز الأموي(1) يعظها فذكرت عنده وقيل فيها أنها لا تعرف الشر، فقال: عدم معرفتها الشر جنبها الشر(2).

      وهذه الأخبار وردت ولا يمكن البت الفواطم من بنات الحسين «عليه السلام» أريد الكبرى أم الوسطى أو الصغرى.

      ومن أخبارها أنها كانت تنهى عن القزع(3) عملاً بما نها الرسول (صلى الله عليه واله وسلم).

      من أخبارها أنها كانت تحتفظ بتراث الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وآثاره. فقد روى العرزمي عن أبي المقدام أنه استخبرها عن ذلك حيث يقول العرزمي(4): كنت أنا وأبي المقدام حاجبين فماتت أم أبي المقدام في طريق المدينة، فجئت أريد الاذان على أبي جعفر- الباقر «عليه السلام»، فإذا بلغته مسرجة وخرج ليركب، فلما رآني قال: كيف أنت يا أبا المقدام؟

      قلت: بخير جعلت فداك.

      قال: يا فلانة استأذني عمتي.

      ثم قال: لا تعجل حتى آتيك.

______________
(1) عمر بن عبد العزيز: هو حفيد مروان بن الحكم الأموي (61- 101هـ) ولد في المدينة وتوفي بدمشق تولى الحكم بعد سليمان بن عبدالملك، وتولى بعده زيد بن عبد الملك، كان منصفاً إلى قد كبير من بين الأمويين، منع سب علي «عليه السلام» وأعاد فدك إلى أهل البيت «عليه السلام».

(2) اعلام النساء: 4/47.

(3) روى ابن ابي شيبة في كتابه «مصنف ابن أبي شيبة»: 5/206 وعنه فاطمة بنت الحسين درة فواطم أهل البيت: 50 حيث يروي باسناده عن عبدالله المحض بن الحسن المثنى يقول: سمعت امي فاطمة بنت الحسين تنهى عن القزع.

والقزع: هو حلق بعض شعر الرأس وترك بعضه الآخر.

(4) العرزمي: هو محمد بن عبد الرحمان الكوفي كان من أصحاب الإمام الصادق «عليه السلام» ما بين (113- 148هـ) روى عن ابيه وروى عنه يوسف بن الحارث، كما في التهذيب: 3/160 و10/52 و275، شواهد التنزيل: 2/5، وتفسير ابن كثير: 1/324.

(248)

 

      فدخلت على عمته فاطمة بنت الحسين وطرحت لي وسادة فجلست عليها ثم قالت كيف أنت يا أبا المقدام(1).

      قلت: بخير، جعلني الله فداك يا بنت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم).

      ثم قلت: يا بنت رسول الله شيء من آثار رسول الله؟.

      فدعت ولدها فجاؤوا خمسة.

      فقالت: يا أبا المقدام هؤلاء لحم رسول الله ودمه.

      - ثم إنها- أرتني جفنة فيها وضر(2) عجين وضبابته(3) حديد ثم قالت: هذه الجفنة التي اهديت إلى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ملأ لحم وثريد. فأخذتها وتمسحت بها(4).

      يمكن استنتاج بعض الأمور من هذه الرواية.

      1- إن الحدث كان قبل عام 113هـ لوفاة الإمام الباقر «عليه السلام» وبعد عام 96هـ لوفاة زوجها.

      2- إن المراد بفاطمة بنت الحسين «عليه السلام» هي التي أمها أم اسحاق لأنها التي كانت لها خمسة أبناء: عبد المحض، الحسن المثلث، ابراهيم الغمر، محمد الديباج، والقاسم.

      3- يبدو أنها بعدما أرملت من عبد الله بن عمرو (المطرف) سنة 96هـ انتقلت إلى بيت الإمام الباقر «عليه السلام» مع أولادها.

      4- انها كانت على درجة كبيرة من الوعي حيث استعرضت التراث البشري للرسول (صلى الله عليه واله وسلم) والذي هو الأهم نكاية بالذين تركوا أهل البيت «عليه السلام».

____________
(1) أبو المقدام: هو ثابت بن هرمز الفارسي الحداد، العجلي بالولاء لبني عجل كان من أصحاب الأئمة السجاد «عليه السلام»- 92هـ، والباقر – 113هـ، والصادق «عليه السلام» 148هـ، وكان يسكن الكوفة، كان بترياً فاعتدل في عهد الإمام الباقر «عليه السلام» راجع قاموس الرجال: 2/470. وترك من الأبناء «عمرو».

(2) الوضر: غسالة القصعة، أثر الطعام في القصعة.

(3) الضبابة: ما يصلح به الإناء، تصنع من الحديد أو النحاس وربما غيرها.

(4) بضائر الدرجات: 205 رواها الحجال عن الحسن بن الحسين عن ابن سنان عن العرزمي وعنه بحار الأنوار: 26/214.

(249)

 

      5- إن أهل البيت «عليه السلام» كانوا يحتفظون بالآثار ويحافظون عليها.

      6- إن نساء أهل البيت «عليه السلام» كانوا يلتقون أصحاب الأئمة والموالين لهم.

      ويؤيد ذلك ما ورد في تاريخ دمشق في ذيل النص السابق: «وبقيت فاطمة إلى أن مات» أي إلى أن مات الباقر «عليه السلام»، ومن المعلوم أن الباقر «عليه السلام» توفي سنة 113هـ.

      ومن اخبارها أنها كانت تذاكر مع ابن اخيها الإمام الباقر «عليه السلام» مسألة صدقات النبي (صلى الله عليه واله وسلم) حيث روي عن الإمام الصادق «عليه السلام» أنه قال:

      سمعت محمد بن علي (الباقر) يذاكر فاطمة بنت الحسين من صدقة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فقال: هذه(1) توفي لي ثمانياً وخمسين، ومات لها(2).

      وجاء نص آخر أكثر وضوحاً بأن المراد بفاطمة هي الصغرى التي نبحث عنها حيث ورد كالتالي:

      روى ابن زرعة عن محمد بن أبي عمر بن سفيان، قال: جعفر (الصادق) سمعت أبي (الباقر) يقول لعمته فاطمة بنت الحسين أم عبد الله (المحض) ابن حسن (المثنى) هذه السنة توفي لي ثماني وخمسين فمات لها(3).

      وبما أن الإمام الباقر «عليه السلام» على ما توصلنا توفي سنة 113هـ أو على قول الآخرين أنه توفي بعد ذلك فإن هذا يدلنا على أن السيدة فاطمة الصغرى زوجة الحسن المثنى لم تتوف سنة 110هـ، وهذا يدعم ما اخترناه بأنها توفيت سنة 117هـ وان التي توفيت سنة 110هـ هي فاطمة الكبرى والله العالم.

      ومما انشدته على جنازة زوجها الحسن المثنى من الطويل:

__________
(1) أي هذه السنة.

(2) الطبقات الكبرى: 5/324 رواها عن عبد الرحمان بن يونس عن سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد.. الحديث.

(3) تاريخ ابي زرعة الدمشقي: 1/587، ح1661.

(250)

 

وكانوا رجاءً ثم أمسوا رزية       لقد عظمت تلك الرزايا وجلت(1)

      واعتكفت على قبره سنة حيث ضربت فسطاطاً فكانت فيه، فلما مضت السنة فعلوا الفسطاط-  بأمرها- ودخلت المدينة فسمعوا صوتاً من جانت البقيع: هل وجدوا ما فقدوا.

      فسمع من الجانب الآخر، بل يئسوا وانقلبوا(2).

      ومما يذكر في اخبارها أنها لما دخلت للأزواج(3) خطبها الرجال قالت:     

      على ابن عمي- الحسن المثنى- ألف ألف دين، فلست أتزوج إلا على ألف ألف أقضى بها دينه، فخطبها عبد الله بن عمرو بن عثمان فاستكثر الصداق، فشاور عمر بن عبد العزيز- والي المدينة آنذاك- فقال له: ابنة الحسين، وابنة فاطمة انتهزها.

      فتزوجها على ألف ألف درهم(4)،  ثم بعث إليها بالصادق كاملاً فقضت دينها(5) ومما تجدر الاشارة إليه أن مبلغ مليون درهم(6) الذي تركه الحسن المثنى كدين ثقيل لا يمكن تفسيره إلا في اتجاهين الكرم، ودعم المعارضة للحكم الأموي ثم العباسي الذي تجله في عدد من أبناء وأحفاد الأئمة الطاهرين وقد قضى كل أبنائه والثلاثة من فاطمة بنت الحسين «عليه السلام» ومعهم أخوهم محمد الديباج في سجون العباسي سنة 145هـ وكانوا كرماء إلى أبعد الحدود فهذا محمد الديباج، عندما وصله كتاب ابن السائب(7)

_______________
(1) تاريخ مدينة دمشق: 70/19.

(2) تاريخ مدينة دمشق: 70/20، وقيل إنها انصرفت عن قبره بعدما سمعت هذا النداء.

(3) أي بعد عام من وفاة زوجها الحسن المثنى.

(4) جاء في مرآة الجنان: 1/234 «ألف ألف درهم».

(5) تاريخ مدينة دمشق: 70/20.

(6) من جهة اخرى فإن كبار القوم كانوا يحاولون الاتصال بأهل البيت «عليه السلام» لأسباب عقائدية واجتماعية معاً ومن هنا كانوا يبالغون في دفع الصداق.

(7) ابن السائب: هو محمد بن السائب بن بشر بن عمرو بن الحارث الكلبي المتوفى سنة 146هـ والمكنى بأبي النضر، والذي اختص بعلم النسب، ولد وتوفي في الكوفة.

(251)

 

حاجته إلى لقحة(1) فأرسل إلأيه على الفور حاجته وكتب مع الرسول كتاباً يقول فيه: أتاني كتابك تطلب لقحة وقد جمعت ما كان بحضرتنا منها وهي تسع عشرة لقحة، وبعثت معها بعبد راعٍ، وهن بدن»(2).

      ومن أخبار زوجها الحسن المثنى ما يتعلق بها أنه خطب إلى المسور بن مخرمة(3) إبنته، فقال له: يا بن رسول الله لو خطبت علي على شسع نعلك لزوجتك، ولكن سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يقول: «إنما فاطمة شجنة(4) من يرضيني ما أرضاها، ويسخطني ما أسخطها» فأنا أعلم أناه لو كانت حية فتزوجت على إبنتها لأسخطها ذلك، فما كنت لأسخط رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)(5).

      ومما يذكر في اخبارها: أن فاطمة الصغرى زوجت إبنتها رقية بنت عبد الله بن عمرو من هشام بن عبد الملك(6)، وذات يوم دهلت هي واختها سكنية على هشام فقال هشام لها:

      صفي لنا يا ابنة حسين ولدك من ابن عمك- الحسن المثنى- وصفي لنا ولدك من ابن عمنا- أي عبد الله بن عمرو-.

      قالت: أما عبد الله (المحض) فسيدنا وشريفنا، والمطاع فينا، وأما الحسن (المثنى) فلساننا ومدرهنا(7)، واما إبراهيم، (الغمر) فأشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) شمائلاً وتقلعاً(8) ولونا، وكان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) إذا مشى تقلع،

____________
(1) اللقحة: بالفتح، الناقة الحلوب الغزيرة اللبن.

(2) تاريخ بغداد: 5/387.

(3) المسرور بن مخرمة: هو حفيد نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلال الزهري (2- 64هـ) ولد بمكة وسكن المدينة منذ السنة الثامنة، وتوفي بمكة في الحجر حيث أصابه المنجنيق وهو يصلي، وممن ذكر من بناته أم بكر والتي روت عنه.

(4) الشجنة: غصن من أغصان الشجرة الملتف المشتبك.

(5) تاريخ مدينة دمشق: 70/21، المستدرك على الصحيحين: 3/172.

(6) هشام بن عبد الملك: هو حفيد مروان بن الحكم الأموي (72- 125هـ) عاشر الأمويين الذين حكموا من دمشق، حكم بعد أخيه يزيد بن عبد الملك سنة 105هـ وحكم بعده ابن أخيه الوليد بن يزيد بن عبد الملك، قتل في عام 121هـ زيد بن علي بن الحسين «عليه السلام».

(7) أي حامينا.

(8) التقلع: المشي على شكل انحدار، والمراد أنه شبيه للرسول (صلى الله عليه واله وسلم) في المشي.

(252)

 

فلا يكاد عقباه تقعان بالأرض، وأما اللذان من ابن عمكم فإن محمداً (الديباج) جمالنا الذي نباهي به، والقاسم عارضتنا(1) التي نمتنع بها، وأشبه الناس بأبي العاص بن أمية عارضة ونفساً.

      فقال: والله لقد أحسنت صفاتهم، يا بنت حسين.

      ثم وثب فأوثقته سكينة بنت الحسين وقالت:

      والله يا أحول لقد أصبحت تهكم بنا، أما والله ما أبرزنا لك إلا يوم الطف.

      قال: أنت امرأة كثيرة(2) الشرة(3).

      ويذكر أن هشام تزوج رقية بنت عبد الله المطرف بن عمرو، وفاطمة بنت الحسين «عليه السلام» ولكنها ماتت في نفاسها بعد أن ولدت له جارية(4) وإذا صح ذلك فإن زواجه من رقية كان بعد تولي الحكم بمقتضى ما ذكر من دخول فاطمة أمها وسكنية خالتها على هشام حيث تولى الحكم سنة 105هـ، وإذا قلنا أن زواج الفتاة يتم عادة ولها من العمر أربع عشرة سنة فبمقتضى أن رقية تكون اولى أولاد عبد الله بن عمرو لا بد وأن يقال إنها دخلت السنة الرابعة عشر في عام 107هـ.

      وذكر بأن رقية كانت تكنى بام سلمة أم المؤمنين وكان يقال لها خير النساء الفواطم والعواتك وهن أمهاته(5).

      وأما زينب بنت الحسن المثنى فقد قيل بأن الوليد بن عبد الملك الأموي(6) تزوجها وفارقها(7) واحتملنا هي المقصودة بأم جعفر التي ورد

__________
(1) العارضة: الواجهة.

(2) تاريخ مدينة دمشق: 70/21.

(3) الشرة: بكسر الأول وتشديد الثاني، الحدة، الغضب، النشاط.

(4) هامش تاريخ مدينة دمشق: 70/21.

(5) كذا ورد في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 15/279.

(6) الوليد بن عبد الملك: هو حفيد مروان بن الحكم (50- 96هـ) هو خامس ملوك أمية تولى الحكم بعد ابيه سنة 86هـ وتولى بعده أخوه سليمان.

(7) الطبقات الكبرى: 5/319، تاريخ مدينة دمشق: 69/168.

(253)

 

اسمها في جملة بنات الحسن المثنى في تهذيب التهذيب(1)، وعليه فإن صح زواجها منه في حدود عام 93هـ أي بعد وفاة أبيها والوليد في سدة الحكم، ويؤيد ذلك قول ابن عساكر: «وكانت زينب بنت الحسن بن الحسن بن علي عند الوليد بن عبد الملك بن مروان وهو خليفة»(2).

      ومما يذكر في مكانتها أنها دخلت مع قواعد قومها على هشام بن عبد الملك- وهو في دمشق- فقال للابرش الكلبي(3): كان عندي البارحة قواعد قومي فما كان فيهن أخفر ولا أحيا من فاطمة بنت الحسين(4).

      ومن أخبارها في إعادة عمر بن عبد العزيز فدك إلى أهل البيت «عليه السلام» ما يروى أنه لما قدمت غلة الكتيبة من خيبر- والتي كانت من خمس رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)- على أبي بكر بن حزم(5) قسمها على بني هاشم، فأصاب كل إنسان خمسين ديناراً فدعت فاطمة بنت الحسين «عليه السلام» يحيى بن أبي يعلى(6)، وقال له: أكتب:

      بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله عمر أمير المؤمنين من فاطمة بنت

______________
(1) تهذيب التهذيب: 6/609.

(2) تاريخ مدينة دمشق: 69/168.

(3) الأبرش الكلبي: هو سعيد بن الوليد بن عمرو بن جبلة الكلبي كان له دور بارز منذ بداية تولي هشام بن عبد الملك الأموي (105- 125هـ) وحتى نهاية ولاية الوليد ابن يزيد الأموي (125- 126هـ) ويذكر ابن عبد ربه الاندلسي في العقد الفريد: 4/3 أنه عاش إلى خلافة المنصور عبد الله بن محمد العباسي (137- 158هـ) وله حوار مع الإمامين الباقر والصادق «عليه السلام»، ويذكر أن له باع في علم النسب.

(4) تاريخ مدينة دمشق: 70/16.

(5) أبو بكر بن حزم: هو عبد الرحمان بن محمد بن عمرو بن حزم الانصاري الخزرجي المتوفى سنة 120هـ ولي المدينة منذ عام 96هـ وحتى عام 101هـ، فكان طيلة حكم عمر بن عبد العزيز والياً على المدينة- راجع تاريخ أمراء المدينة المنورة: 91.

(6) يحيى بن أبي يعلى: يوري عن الحسن بن صالح بن حي الهمداني الثوري الكوفة (100- 168هـ) والذي هو من أصحاب الباقرين «عليه السلام»، كما يروي عن جعفر بن زياد الأحمر أبو عبد الله الكوفى المتوفى سنة 167هـ وهو من أصحاب الإمام الصادق «عليه السلام»، والذي وقع في سلسلة الحديث المروي عن علي «عليه السلام» «يهلك في رجلان: محب مفرط ومبغض مفرط»- بحار الأنوار: 35- 317 عن العمدة: 108.

(254)

 

حسين، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فأصلح الله أمير المؤمنين، وأعانه على ما ولاه وعصم له دينه، فإن أمير المؤمنين كتب إلى أبي بكر بن حزم، أن يقسم فينا مالاً من الكتبية، ويتحرى بذلك ما اكن يصنع من كان قبله من الأئمة  الراشدين المهديين، فقد بلغنا ذلك، وقسم فينا، فوصل الله أمير المؤمنين وجزاه من والٍ خير ما جزى أحداً من الولاة، فقد كانت أصابتنا جفوة، واحتجنا إلى أن يعمل فينا بالحق، فأقسم لك بالله يا أمير المؤمنين، لقد اختدم من آل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) من كان لا خدم له، واكتسى من كان عارياً، واستنفق من كان لا يجد ما يستنفق.

      وبعثت إليه رسولا لتوصل الكتاب إليه، ويقول الرسول: فقدمت عليه فقرأ كتابها، وانه ليحمد الله ويشكره، وأمر لي بعشرة دنانير، وبعث إلى فاطمة بخمسمائة دينار، وقال: استعيني بها على ما يعروك(1) وكتب إليها بكتاب يذكر فضلها، وفضل أهل بيتها، ويذكر ما أوجب الله لهم من الحق، وقدمت عليها بذلك المال(2).

      ويذكر أن عمر بن عبد العزيز لما ولي الأمر كانت أول ظلامة ردها أن أرجع فدك إلى أهل البيت «عليهم السلام»(3) وقد شكرته فاطمة بنت الحسين «عليه السلام» على ذلك بهذه الرسالة، ومن المعلوم أن عمر بن عبد العزيز تولى الأمر في 20 صفر سنة 99هـ وانتهى حكمه بموته في رجب سنة 101هـ.

      ومن أخبارها: أنها أعطت ولدها من الحسن المثنى مورثها منه، بينما أعطت ولدها من عبد الله المطرف ميراثها منه، فوجد ولدها من الحسن المثنى في أنفسهم من ذلك، لأن ما ورثت من عبد الله بن عمرو أكثر، فقالت لهم: يا بني، إني كرهت أن يرى أحدكم شيئاً من مال ابيه بيد أخيه فيجد في نفسه، فلذلك فعلت ذلك(4).

____________
(1) يعروك: أي يعتريك، أي يصيبك.

(2) راجع تاريخ مدينة دمشق: 70/23، الطبقات الكبرى: 5/390.

(3) راجع فدك للقزويني: 140 عن شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد.

(4) تاريخ مدينة دمشق: 70/22.

(255)

 

      ولا يخفى أن توزيع ما ورثته من زوجيها كان بعد وفاتهما أي بعد عام 96هـ كما أنها وزعت ارثها الشخصي منها وأما ما يرثوه من أبويهما فقد وصلهم حقهم من الأبوين، ويعد هذا كرماً منها وحكمة، ويبدو أن ذلك استعداداً منها للرحيل عن هذه الدنيا وحاجة الأولاد إلى شق طريقهم في الحياة.

      ومن أخبارها ما رواه نجلها محمد الديباج. وهذا نص كلامه:

      جمعتنا أمنا فاطمة بنت الحسين، فقالت: يا بني، إنه الله ما نال أحد من أهل السفه بسفههم، ولا اردكوا ما اردكوه من لذاتهم إلا وقد أدركه أهل المروءات بمروءاتهم، فاستتر بجميل ستر الله(1).

      وما وفاتها ومدفنها فالظاهر أنها توفيت في المدينة ودفنت في البقيع، حيث لم يرو أنها خرجت من المدينة كما أن البقيع كانت المقبرة الوحيدة لدفن الموتى آنذاك، ويؤيد كونها توفيت في المدينة.

      أولاً: إنها كانت علىعهد الوالي عبد الرحمان بن الضحاك الفهري الذي ولي المدينة ما بين (101- 104هـ) حيث خطبها ولم يذكر بأنها تركت المدينة.

      ثانياً: إن رواية أبي المقدام عنها على عهد الإمام الباقر «عليه السلام» واراءتها شيئاً من آثار الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) كان من بين 96- 113هـ كما سبق وتحدثنا عن ذلك، وخروجها بعد ذلك يحتاج إلى دليل وبالأخص أن المدعي يقول بأنها توفيت سنة 110هـ.

      ثالثاً: تفاوت الأقوال في مدفنها على أربعة أقوال:

      1- إنها دفنت في مدينة الخليل بفلسطين(2).

      2- إنها دفنت في القاهرة في مصر(3).

____________
(1) تاريخ مدينة دمشق: 70/22، تاريخ بغداد: 5/386.

(2) رحلة ابن بطوطة: 77، مزارات أهل البيت وتأريخها: 255 عن رحلة ابن جبير. الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل: 1/228. والمساجد في الاسلام: 118.

(3) الدر المنثور: 361.

(256)