معجم  أنصار الحسين عليه السلام  (النساء) (الجزء الثاني)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين عليه السلام (النساء) (الجزء الثاني)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

 

فوهب إحداهما للحسن والأخرى للحسين «عليهما السلام» فماتتا عندهما نفساوين، وكانت صاحبة الحسين «عليه السلام» نفست بعلي بن الحسين «عليه السلام»، فكفل علياً «عليه السلام» بعض أمهات ولد أبيه، فنشأ وهو لا يعرف أما غيرها ثم علم أنها مولاته، فكان الناس يسمونها أمه وزعموا أنه زوج أمه.. الحديث(1).

_____________
(1) عيون أخبار الرضا: 2/135.

وما ورد في مجلة رسالة الحسين: 2/259 من النقد على هذه الرواية:

1- إن الراوي سهل بن قاسم النوشجاني مجهول الحال، فلا يعني عدم قبول روايته إن كان النص في حدود المعقول ويكفي قبول قوله في المسائل التاريخية بمجرد عدم الطعن به، وقد روى عنه عون بن محمد الكندي، ومحمد بن يحيى الصولي، راجع بحار الأنوار: 16/221 و32/320، 37/122 و76/221 عن عيون أخبار الرضا «عليه السلام» للصدوق، والذي يبدو منها حسن العقيدة وصدق السريرة. وحال الراوين عند الصولي والكندي كحاله وعدم ذكر أرباب الرجال لا يعني بالضرورة جهالتهم  بل عدم قدرتهم على احصاء كل من روى عن الإمام الرضا «عليه السلام» فقد أورد الطوسي في رجاله من أصحاب الرضا «عليه السلام» (306) أشخاص والحال أن الالوف المؤلفة التقوا بالإمام الرضا «عليه السلام» في طريقه إلى خراسان.

2- إن ما ورد في الرواية بأن علياً «عليه السلام» منحهما للحسنين «عليه السلام» يخالف سائر الأخبار، والواقع أن مجرد اختلاف بعض فقرات هذه الرواية مع بعض فقرات الروايات الأخرى لا يوجب طرح الرواية لأن النصوص لا تتقارب إلى حد النقيض فلعل البنات كن ثلاثة كما في بعض أقوال المؤرخين أو كن أربعة فبيان جانب من الحدث لا يعني التعارض مع الجانب الآخر غير المذكور في غيرها، وإلا لوجب إسقاط جميع الأقوال.

3- الاستغراب من موت الاثنتين في نفاسهما بحيث يوجب إسقاط الرواية، وربما يخفف شدة الاستغراب إذا ما عرفنا بأن أم السجاد «عليه السلام» ماتت بعد الولادة وأما أختها فقد ماتت قبل الولادة أي أثناء الحمل دون أن تخلف، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن موت اختين في حادثة مرضية واحدة شائع ومنها الموت في النفاس حيث إن العائلة الواحدة عندما تبتلى بمرض واحد ترتبط بالمورثات والتي منها ضعف الرحم والمبيض وأمراض الدم غيرها مما يوجب عسر الولادة أو عدمها أو السقط أو ما شابه ذلك مثل اتحاد نسب عناصر الدم وما إلى ذلك، وأخيراً فإن الصدفة لها دور أيضاً فلا وجه لمثل هذا الاستغراب بهذا الحجم.

4- فهم التناقض بين أن يكفل علياً «عليه السلام» بعض أمهات ولد نجله الحسين «عليه السلام» للقيام بشؤون حفيده السجاد «عليه السلام» مع العلم أن الإمام الحسين «عليه السلام» لم يكن له أمة قد نكحها بملك اليمين.

وفي الواقع أن اطلاق أم الولد على إماء رجل لا يدل على أن أولادهن من الذي =

(140)

 

      وأما رواية المستشرقين أو القوميين من الفرس الذين لا ينظرون إلى المسائل التاريخية بل الدينية من منظارها الصحيح فإنها توافق المصالح والأهداف التي فيها الطعن والتفرقة وأكثر هؤلاء المستشرقين يقومون بخلط

_______________
= يملكها بل المعروف من الإمام الحسين «عليه السلام»أنه زوج عبيده وإماءه ولم يتركهم في حالة العزوبية.

نعم المتبادر هو أن يكون الولد منه، ولكن الذي يفهم من عجز الكلام «ثم علم أنها مولاته» إن الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» وهب أمة من إمائه لحفيده السجاد «عليه السلام» لتكون في خدمته، ومن المعلوم أن الحسين «عليه السلام» لم ينكح امرأة إلا بالعقد الدائم فلم ينكح بملك اليمين.

فهذه كبشة أم سليمان بن أبي رزين وحسينة أم منجح بن سهم، وفاكهة أم قارب بن عبد الله وغيرهن كن من إماء الحسين «عليه السلام» ولهن أولاد من غير الحسين «عليه السلام»، نعم في المصطلح الفقهي تعرف أم الولد بمن كان إبنها حراً والتي تحرر من حصة إبنها لدى موت المولى، ولكن الاصطلاح الفقهي غير ملزم استخدامه في المجال التاريخي، وجاء في الشرائع: 531، وذهب المشهور بجواز اشتراط المولى حين العقد برقية الولد إذا كان زوج الأمة حراً هذا إذا كانوا أحراراً».

5- ومما استشكل على الرواية نسبة عدم المعرفة في كونها ليست أمه إلى الإمام السجاد «عليه السلام» حيث ورد «ولا يعرف أما غيرها ثم علم أنها مولاته» فإن الكلام يتحمل المجاز أكثر منها للحقيقة لأنه المراد أنه لم ير أماً غيرها تحضنه، ومثل هذا الكلام متعارف عليه، ومع هذا فإنه لم يخبر بأن هذه ليست بأمه إلى أن كبر قليلاً، إذاً فإن الفقرة الأولى «ولا يعرف أماً غيرها» لا اشكال عليها إن لم يكن ملحقاً بها قوله « ثم علم أنها مولاته»، واما الفقرة الثانية هذه فإنها لا تنافي مقام الإمامة حيث إن الإمام بامكانه معرفة الأشياء، وهذا لا يعني أنه مستحضر لديه كل شيء حتي في يوم ولادته بل إن الكلام ربما يصح لو قيد بفترة تحمله مسؤولية الإمامة.

6- أما اشكاله بأنها كانت ابنة النوشجان ليكون الراوي سهل النوشجاني من أحفاده فلا ضرورة في ذلك لأن قول الإمام: «إن بيننا وبينكم نسباً» قد يكون عاماً يعني أن بيننا نحن الهاشميون وأنتم الفرس نسب، ولا يريد أن بينه وبين عائلة سهل خاصة، وهذا أمر متعارف، وأذا أراد الراوي أن يفتخر كما صرح بذلك المستشكل فإنه افتخر بقوميته لا بعائلته ومن حقه أن يفخر لأن كل قوم لهم الحق بأن يفتخروا بالرسول (صلى الله عليه واله وسلم).

وأما قوله مستشكلاً على افتخار الحسينيين على الحسنيين بأن أمهم ابنة الملك الساساني «إنه افتخار لا لشيء إلا لأن أمهم كانت مجوسية الأصل» فإن النظرة جد قصيرة وضيقة، إنهم لم يفتخروا بالقومية ولا بالمذهبية بل للمكانة الاجتماعية وهي الملوكية. فالنسب قد يكون وضيعاً وقد يكون رفيعاً.

(141)

 

الأوراق، وإثارة النعرات الطائفية والقومية بغرض التفرقة بين صفوف المسلمين، ونجدهم يصطادون في الماء العكر، ويحاولون إبراز الشيعة بأن أصولهم فارسية ومجوسية وأن المجوس والشيعة كانوا في صف المعارضة ضد الأمويين، وان ولاء الفرس لأئمة الشيعة جاء من كون الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» دافع عن الفرس، وكان يعرف بالفارسية، وأن الإمام الحسين «عليه السلام» تزوج فارسية ليفرغوا هذا الانتماء من وجهته العقائدية ويصنفونها قومية ولبث الخلاف بين العرب والفرس، وبين الشيعة والسنة لامكان السيطرة عليهم وهذا التوجه لا زال قائماً من قبل الغربيين.

      ويحاولون بإقحام أسماء بعض الشخصيات أو تحديد بعض التواريخ تلميع صورة الحكاية التي لفقوها ومن ذلك اقحام اسم كميل بن زياد النخعي وربيع بن خثيم الثوري وتحديد أن عملية الإيفاد كانت قبل شهر من رحيل الإمام الحسين «عليه السلام» العراق وانعقاد بعض الاجتماعات في تواريخ محددة فإن في اختيارهم مثل كميل بن زياد لهذا الغرض الأجل شدة ولائه لآل الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، وبما أن التواريخ اسدل الستار عنه في فترة ما بعد الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» إلى حين استشهاده على يد الحجاج بن يوسف الثقفي(1) وكذلك الربيع بن خثيم الذي اعتزل عن الساحة السياسية والاجتماعية قام الكاتب باستغلال هذه الفترة ليربط بعض الحلقات الفارغة إحداها بالأخرى كي لا يصطدموا بالنصوص الواضحة والصريحة بعدم صحتها، ومع هذا فإن شخصية هؤلاء المستشرقين مجهولة، بل لدى بحثنا المتواصل عن أبطال هذه الرواية ممن ادعاه  المترجم باسم مؤلف ألماني مجهول رجحنا أن يكون الكتاب:

      أولاً: ومن وضع المترجم، وإنما نسبه إلى مؤلف ألماني ادعى أنه مستشرق ألماني.

______________

(1) الحجاج بن يوسف الثقفي: هو حفيد الحكم (40- 95هـ) من أهل الطائف ولد ونشأ فيها وانتقل إلى الشام وعمل عند الأمويين فكان قائداً عسكرياً ولأنه أخلص إليهم ولدي مكة والمدينة والطائف والعراق، بنى المدينة واسط بالعراق وتوفي فيها وكان سفاكاً.

(142)

 

      ثانياً: إنه رواية ملفقه لا يعتمد على أي مصدر معتمداً كان أو غير معتمد، ومما يؤيد ذلك أن الكتاب لا يحتوي على مصدر واحد، ولم نجد ذكراً للاسماء الواردة فيه والذي نسب إليهم المقولات الواردة، لا في كتب المستشرقين ولا في كتب الغربيين ولا في مظان وجودهم، وقد كتب عنه عدد من الكتب ووصفوه بالغوغائي، والدجال.

      وعليه لا يمكن الاعتماد عليه، ونحن بحثنا عن الكتاب في معجم المصنفات من هذه الموسوعة.

      وأخيراً فإن هذه النصوص اختلقها المغرضون وتلقفها القوميون من جهة والطائفيون من جهة أخرى للطعن بالاسلام وقياداته فلا بد من الحذر في التعامل معها.

      ومما يجب الاشارة إليه أنه حصل خلط بين أم السجاد «عليه السلام» بالولادة وأمه بالحضانة فالأولى هي شاه زنان ابنة يزدجر الثالث والثانية هي التي عرفت بأمه كما ورد في حديث الإمام الرضا «عليه السلام» «فكفل علياً «عليه السلام» بعض أمهات ولد أبيه فكانوا يسمونها أمه وزعموا أنه زوج امه ومعاذ الله إنما زوج هذه»(1) وكان يحترمها كثيراً حيث ورد بأنه كان كثير البر بأمه، حتى قيل له إنك من أبر الناس بأمك ولسنا نراك تأكل معها في صفحة. فقال: «أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها فأكون قد عققتها»(2) وقد زوجها بعد- ان كبر- من مولاه، واعتق جارية له وتزوجها(3) وكان سبب زواجها أنه «عليه السلام»واقع بعض نسائه ثم خرج يغتسل فلقيته أمه هذه- أي حاضنته- فقال لها: إن كان في نفسك من هذا الأمر شيء فاتقي الله واعلميني، فقالت نعم، فزوجها فقال الناس زوج علي بن الحسين «عليه السلام» أمه(4) فحصل هناك خلط بين أمه بالولادة وبين أمه بالحضانة وبين تزويجها

___________
(1) عيون اخبار الرضا: 2/136.

(2) الأئمة الإثنا عشر لابن طولون: 77.

(3) الأئمة الإثنا عشر لابن طولون: 78.

(4) راجع عيون أخبار الرضا: 2/136.

(143)

 

لبعض عبيده(1) وبين زواجه من بعض إمائه فكتب إليه عبد الملك بن مروان الأموي(2) كتاباً يلومه فيه ويقول له: إنك قد وضعت شرفك وحسبك فكتب إليه علي بن الحسين «عليه السلام»: إن الله تعالى رفع بالاسلام كل خسيسة وأتم به الناقصة وأذهب به اللوم فلا لوم على مسلم(3) وإنما اللوم لوم الجاهلية، وأما تزويج أمي فإني إنما  أردت بذلك برها.

      فلما انتهى الكتاب إلى عبد الملك قال: لقد صنع علي بن الحسين أمرين ما كان يصنعهما أحد إلا علي بن الحسين فإنه بذلك قد زاد شرفاً(4).

      ومما جاء في كتابه «عليه السلام» إلى عبد الملك: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)(5) وقد أعتق رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) صفية بنت حيي بن اخطب وتزوجها واعتق زيد بن حارثة وزوجه عمته زينب بنت جحش(6).

      إذاً فزواجه لم يكن من حاضنته كما تصور البعض ومن هنا جاء في رواية الإمام الرضا «عليه السلام» «ومعاذ الله» ليست الاسعاذة من عتق مولاته وتزوجها بل من زواجه من حاضنته التي زعموا أنها أمه وهو لم يحدث بل إنه زوجها من بعض عبيده، فلا كانت أمه، ولا تزوجها.

      وأما من حيث مكان الدفن فالذي نرجحه هو البقيع لأنها كانت المقبرة العامة التي يدفن فيها المسلمون موتاهم، وأما ما قيل عن مرقدها في الري

___________
(1) لقد زوج الإمام زين العابدين «عليه السلام» حاضنته إلى زيد فأنجبت عبد الله- راجع ترجمة الإمام زين العابدين «عليه السلام» في معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 2/349.

(2) عبد الملك بن مروان الأموي: حفيد الحاكم بن أبي العاص بن أمية (26- 86هـ) حكم عام 65هـ بعد أن توفي أبوه. وهو خامس سلاطين الأمويين، ولد في المدينة وتوفي بدمشق فحكم بعده ابنه الوليد.

(3) جاء في عيون الأخبار لابن قتيبة: 4/8 أنه «عليه السلام» كتب: «إن الله قد رفع بالإسلام الخسيسة وأتم النقيصة وأكرم به من اللؤم فلا عار على مسلم، هذا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قد تزوج أمته وامرأة عبده فقال عبد الملك: إن علي بن الحسين يتشرف من حيث يتضع الناس».
(4) راجع رواية الصادقين في تهذيب الأحكام: 7/397.

(5) سورة الأحزاب، الآية: 21.

(6) الأئمة الإثنا عشر لابن طولون: 78.

(144)

 

فلا دليل على صحته(1)، ومن ذهب إلى أنها توفيت في الكوفة فلم يذكر لها قبراً.

      وفي نهاية الحديث عنها فإن هناك من ذكر بأنها من كابل(2) أو من السند(3)، ولا يخفى أن كابل تقع في أفغانستان وكانت آنذاك جزءاً من الدولة الساسانية. أما السند فتقع اليوم في باكستان وكانت آنذاك إقليماً تابعاً أيضاً لحكومة  الساسانيين، وكونهما من تلك الديار لا يطابق الواقع رغم أن جميعها خراسان أو السند أو كابل كانت تحت سيطرة الساسانيين لعدة أسباب.

      1- إن كابل تم فتحها سنة 43هـ على عبد الرحمان بن سمرة الأموي(4) من قبل معاوية بن أبي سفيان(5). ورغم أن الأسماء التي عرفت بها هي الأخرى مستخدمة في أفغانستان مثل شاه زنان وشهربانو وامثال ذلك إلا التاريخ لا يسعف هذه الرواية الضعيفة في الأساس بل تفرد في نقلها اليعقوبي(6).

_______________
(1) جاء في تاريخ اجتماعي تهران در قرن 13: 1/109 «ان في الجهة الشمالية من طهران قلل من جبال تعرف واحدة منها بجبل بي بي شهربانو نسبة إلى بقعة توجد على قمة الجبل يقال إنها مرقد السيدة شهربانو ابنة يزدجرد وينسب بناؤها إلى تاريخ ما قبل الإسلام وتقوم النساء بزيارة هذه البقعة ويتبرك بها باعتبارها زوجة الإمام الحسين «عليه السلام» وفيه: 3/118 «أنها تقع في الجنوب الشرقي من طريق ري على قمة جبل قرب دولت آباد». وعلى فرض الصحة لعلها كانت أيام أبيها تسكن هنا حيث يقول المصدر «إن بناءها ينسب إلى تاريخ ما قبل الإسلام» وللتفصيل راجع تاريخ المراقد من هذه الموسوعة، وأما أن يكون مرقدها فهذا ما لا نؤيده.

(2) تاريخ اليعقوبي: 2/303.

(3) راجع المعارف لابن قتيبة: 214، النجوم الزاهرة: 1/229، مرآة الجنان: 1/191.

(4) عبد الرحمان بن سمرة الأموي: حفيد حبيب بن عبد شمس القرشي ولد قبل الهجرة وأسلم يوم فتح مكة وتوفي سنة 50هـ، سكن البصرة وفتح سجستان وكابل، وغزا خراسان ففتح بها فتوحاً ثم عاد إلى البصرة فتوفي بها، وكان اسمه في الجاهلية «عبد كلال» وقد سماه الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) عبد الرحمان.

(5) راجع فتوح البلدان: 381.

(6) اليعقوبي: هو أحمد بن اسحاق (أبي يعقوب) بن جعفر المولود في أوائل القرن الثالث والمتوفى في سنة 292هـ من أهل بغداد، رحل إلى المغرب وارمينية والهند واقطار عربية، له: البلدان، أخبار الأمم السالفة، ومشاكلة الناس لزمانهم.

(145)

 

      2- إن السند تم فتحها سنة 42هـ(1) على يد حكيم بن جبلة العبدي(2) ورغم أن اللغة الفارسية كانت شائعة في الهند الكبرى، وقد سموا بعض الأمراء والأميرات بالاسماء الفارسية وحكمها في العهد الإسلامي ملوك ذوو أصول فارسية إلا أن ذلك لا يناسب تلك العهود، ومن هنا نسبه المصدر إلى القيل، وأضاف المصدر بأنها تزوجت بعد الحسين زبيداً مولى الحسين بن علي فولدت له عبد الله بن زبيد(3). وهذا يدلنا على أن السندية هي حاضنة الإمام زين العابدين «عليه السلام» وليست أمه أعني شاه زنان، ومن هنا قال صاحب السرائر: «وقال ابن حبيب النسابة(4) في كتاب المنمق لدى عده أبناء السنديات من قريش ذكر من جملتهم محمد بن علي بن أبي طالب (ابن الحنفية) وأم علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب» فرد عليه بقوله: «وهذا جهل من إبن حبيب وقلة تأمل(5) فإن صح قولهم سندية فالمراد بها غزالة حاضنته»(6)، ولا يخفى أن العبدي كما في المصدر لم يدخل السند(7).

___________
(1) راجع فتوح البلدان: 416.

(2) حكيم بن جبلة العبدي: من بني عبد القيس، ولد قبل الهجرة على أقل التقادير بعقد واحد كان من الصحابة، توفي سنة 36هـ، ولاه عثمان امرة السند ولم يستطع دخولها فعاد إلى البصرة واشترك في حرب الجمل وكان مع علي «عليه السلام» وقد قتل بها.

(3) ولا يخفى أن المصادر الاخرى ذكرته باسم (زيد) بدلاً من (زبيد) وجاء في المصدر – المعارف: 215- «فهو اخو علي بن الحسين» وجاء في الطبقات الكبرى: 17 (ترجمة الإمام الحسين المستل من الطبقات) «زبيد» بياءين ليكون مصغر زيد، ولا يخفى أن قوله فهو اخو علي بن الحسين من الخلط بين أم السجاد «عليه السلام» وحاضنته والتي عرفت بغزالة والتي زوجها الإمام السجاد زيداً فأولدها عبد الله، ولم يكن الإمام الحسين «عليه السلام» قد نكحها أبداً، حيث لم ينكح أمة.

(4) ابن حبيب: هو محمد بن حبيب بن أمية بن عمرو الهاشمي البغدادي (...- 245هـ) ولد في بغداد وتوفي بسامراء، عالم باللغة والشعر والأخبار والأنساب، من آثاره: نقائض ابن جرير والفرزدق، أسماء القبائل، والمحبر.

(5) السرائر: 1/657.

(6) راجع حول إماء الإمام الحسين «عليه السلام» الجزء الأول من هذا الباب: 65 وقد كن جميعهن متزوجات.

(7) الأعلام للزركلي: 2/268 وفيه «ولاه عثمان امرة السند ولم يستطع دخولها فعاد إلى البصرة».

(146)

 

      فالحاصل أن أم السجاد «عليه السلام» فارسية ساسانية وليست سندية ولا كابلية وانها ابنة الملك الساساني يزدجرد الثالث وقد تزوجها الإمام الحسين «عليه السلام» بعقد دائم، ولم ينكحها بملك اليمين، وكانت ثاني زوجاته حيث كانت الأولى الرباب بنت امرىء القيس الكلبية التي تزوجت سنة 19هـ وتوفيت سنة 62هـ(1).

      وما ورد في مقاتل الطالبيين: إن يحيى بن الحسن العلوي(2) قال: وأصحابنا الطالبيون يذكرون أن المقتول لأم ولد (أي علي الأكبر) وإن الذي أمه ليلى هو جدهم (اي السجاد «عليه السلام»)(3) ولكنه خلاف المشهور بين أرباب النسب(4).

___________

(1) راجع أيضاً معجم الأنصار (الهاشميين) (قسم الرجال): 3/64.

(2) يحيى بن الحسن العلوي: حفيد جعفر الحجة ابن عبيد الله الأعرج ابن الحسين الأصغر ابن الإمام زين العابدين «عليه السلام» (214- 277هـ) يكنى بأبي الحسين ويلقب أيضاً بالعبيدلي العقيقي نسابة مؤرخ ولد في المدينة وتوفي في مكة، له كتاب: أنساب الطالبيين، أخبار المدينة، وأنساب آل أبي طالب.

(3) مقاتل الطالبيين: 86، رواه عن أحمد بن سعيد بن يحيى بن الحسن العلوي.

(4) وما جاء في مجلة الموسم: 2- 3/627 من التشكيك في فارسية أم الإمام السجاد «عليه السلام» مبني على الخلاف كونها فارسية كابلية سندية أو عربية، ويسنب القول بأنها فارسية إلى اليعقوبي الذي قال عنه إنه فارسي وكأنه يريد القول بأن القومية لعبت دورها ولكن استنتاجه هذا في غير محله.

(147)

 

(148)

 

حرف الصاد

      53- صافية (أم فاطمة) الزنجية         ن5ق.هـ - ب61هـ

      54- صفية بنت علي الهاشمية          ن21هـ - ب61هـ

      55- الصهباء بنت عباد الثعلبية         ن3ق.هـ - ن61هـ

 

(149)

 

(150)

 

(53)

صافية أم فاطمة الزنجية

ن5ق.هـ - ب61هـ = 617- 680م

 

      صافية الزنجية جدة الإمام الباقر محمد بن علي الهاشمي

      وأم فاطمة بنت الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي.

      ضبط المفردة: الصافية مؤنث الصافي، وهو الخالص من الشوائب وممن سمت بالصافية راوية روت عن صفية بنت حيي(1) بن اخطب بن سعيد الاسرائيلية(2).

      وجاء في ذكر صدقات الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) ما يلي: «كانت صدقة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) من أموال بني النضير وهي سبعة: الأعوان، والصافية، والدلال، والمثيب، وبرقة، وحسنى، ومشربة أم إبراهيم (مارية)(3) مما يدل على أنها اسم موضع»(4).

      ورد اسمها في الطبقات الكبرى بأنها أم احدى منكوحات الإمام الحسن بن علي «عليه السلام» حيث قال في عد أولاده: «وأم عبد الله وهي أم أبي

_____________
(1) صفية تزوجها الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) سنة 7هـ وتوفيت في رمضان سنة 50هـ وأمها برة بنت شموأل وقد روى عنها الإمام علي بن الحسين «عليه السلام»- راجع تهذيب التهذيب: 6/601 والشجرة النبوية: 48.

(2) راجع الطبقات الكبرى: 8/491.
(3) راج الطبقات الكبرى: 1/502.

(4) وهي من ممتلكات سلام بن مشكم النضيري- راجع الطبقات الكبرى: 1/502 كما أنه ورد في مراصد الاطلاع: 2/830، الصافية بليدة كانت قرب دير قنى في أواخر النهروان مقابل النعمانية على موضع من دجلة.

(151)

 

جعفر محمد بن علي بن الحسين وأمها أم ولد تدعى صافية»(1) وسيأتي في ابنتها احتمال أن ولادتها كانت في حدود سنة 40هـ للتتناسب مع ولادة الإمام الباقر «عليه السلام»عام 57هـ.

      وجاء في حوار الإمام الباقر «عليه السلام» لرجل من النصارى: إن أمه كانت سوداء زنجية(2) على تفصيل أوردناه في ترجمة السيدة فاطمة بنت الحسن «عليه السلام» بالاضافة إلى معطيات أخرى والتي سنذكر جميعها ضمن النقاط التالية:

      1- إن السيدة صافية أم السيدة فاطمة بنت الحسن «عليه السلام» كانت في سنة 40هـ في سن يمكنها من الانجاب أي لم تكن يائسة ولا صغيرة.

      2- إنها على الظاهر لم تنجب غير ابنتها فاطمة حسب تتبعنا مجمل المصادر الأنساب كما سبق وأوردنا نص الطبقات، حيث لم يشارك غيرها من أبناء الإمام الحسن «عليه السلام».

      3- إن النصراني وصف السيدة فاطمة بنت الحسن «عليه السلام» بالسوداء الزنجية.

      4- إن معظم الناس ذوي البشرة السوداء هم من إفريقيا وأن الزنج هم جيل من السودان(3).

      5- إن عبد الله بن سعد(4) كان والياً على مصر منذ عام 25هـ إلى أن عزل سنة 36هـ وأنه جهز الجيوش نحو غرب مصر وجنوبها في قارة

___________
(1) الطبقات الكبرى: 6/352 (طبعة مصر).

(2) راجع مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/407.

(3) جاء في دائرة المعارف للبستاني: 9/258 «الزنج جيل من السودان، قيل إنهم هم والنوبة والحبشة من بقية ولد حام بن نوح وهو حالكو السواد يسكنون سواحل افريقيا الشرقية».

(4) عبد الله بن سعد: هو حفيد أبي السرح القرشي العامري المتوفى سنة 37هـ وهو أخو عثمان بالرضاعة تولى ولاية مصر سنة 25هـ، وفي ولايته يقال إن الإمامين الحسن والحسين «عليه السلام» شاركا في فتح افريقيا. راجع الأعلام للزركلي: 4/89.

(152)

 

أفريقيا. وتوجه بجيشه جنوباً لفتح بلاد النوبة ودنقلة حتى وصل إلى جنوب دنقلة وشمال أم درمان(1).

      6- إن الإمامين الحسن والحسين «عليه السلام» اشتركا في فتح افريقيا شرقاً بقيادة عبد الله بن سعد، فكانا على معرفة به.

      كل هذه المعطيات تجعلنا نقول بأن السيدة صافية لعلها وصلت إلى المدينة نهاية عام 35هـ أو بداية عام 36هـ وكان عبد الله بن سعد والياً على مصر وارسل بالجواري إلى المدينة فاشتراها الإمام الحسن «عليه السلام» ونكحها.

      وربما لأصالتها وطهارتها اختارها الإمام لنفسه لتنجب أطهر النسل ألا وهو الإمام الباقر «عليه السلام» وآله، وبما أنها لم تلد غير ابنة واحدة وهي فاطمة بنت الحسن «عليه السلام» فنرجح أحد أمرين: إما أنها لم تلد ليأس أو لأمر آخر ليكون عمرها حين انجبت فاطمة بنت الحسن «عليه السلام» في أواخر أيام انجابها وعليه فتكون ولادتها قبل الهجرة بسنوات، أو أنها توفيت بعد ولادتها لابنتها فاطمة بنت الحسن «عليه السلام» وبذلك فلا يمكن حضورها كربلاء على الاحتمال الثاني، وأما على الاحتمال الأول فاحتمال حضورها كربلاء وارد لتكون آنذاك في حدود السبعين.

      إن مسألة حضورها كربلاء غير مقطوع به وإنما هو احتمال وذلك لأن كل تركة الإمام الحسن «عليه السلام» انتقلت إلى أخيه الإمام الحسين «عليه السلام» وبالأخص هذه السيدة فإن ابنتها الوحيدة وحفيدها الوحيد الإمام الباقر «عليه السلام» حضرا كربلاء، ويستشعر من كلام المازندراني في معالي السبطين أنها حضرت كربلاء حيث يرى أن أم فاطمة بنت الحسن والتي هي أم أبي جعفر محمد ابن علي الباقر «عليه السلام» حضرت كربلاء، ولكنه يشخصها بأم اسحاق بنت طلحة التيمية(2).

      فإن كان من باب الخطأ في التطبيق كان الاحتمال وارداً واما إن

_____________
(1) راجع أطلس تاريخ الإسلام: 119.

(2) راجع معالي السبطين: 2/236.

(153)

 

كان من باب التحديد والتشخيص فالاحتمال غير وارد والله العالم بحقائق الأمور، ولمزيد التفصيل ينظر ترجمة ابنتها فاطمة بنت الحسن «عليه السلام» المكناة بأم عبد الله وأم الحسن. وعلى فرض حضورها كربلاء فإنها رجعت مع موكب الأسر إلى المدينة وتوفيت في المدينة ودفنت على الأرجح في البقيع.

(145)

 

(54)

صفية بنت علي الهاشمية

ن21هـ - ب61هـ = 642 – 680م

      هي: صفية بنت علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن عبد مناف بن هاشم القرشية.

      ضبط المفردة «صفية» فإنها جاءت على زنة فعيلة اسم مفعول مؤنث من باب القتيل، من صفا يصفو صفاءً وصفوا وصفواً، وهو نقيض الكدر، والصفي مذكر الصفية وهو الخالص من كل الشوائب، وجمع الصفية صفايا، أو من صفا يصفو صفاوة، وهو ما غزرت مادته النافعة، ومن هنا يقال للناقة الغزيرة اللبن وللنخلة الكثيرة الحمل صفية. أو ربما لهذه الخصوصية سميت المرأة بصفية، أي الخالصة من الشوائب أو الكثيرة الخير، وهن من الصفات التي نقلت إلى العلمية وعندها تجمع على صفيات جمع مؤنث سالم، وهي من الأسماء التي اختيرت في الجاهلية، وممن سمين بها هي ابنة عبد المطلب، عمة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وهي صفية بنت عبد المطلب بن هاشم، ولدت في مكة سنة 53ق.هـ وتوفيت في المدينة سنة 20هـ(1)، وصفية بنت حيي بن اخطب الخزرجية زوجة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) التي اصطفاها الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) في معركة خيبر، ولدت قبل الهجرة بأكثر من عقد من الزمن وتوفيت سنة 50هـ(2) وغيرهما. ثم درج في الإسلام وأصبح من الأسماء الإسلامية الشائعة الاستخدام.

      ولنعد إلى صفية بنت أمير المؤمنين «عليه السلام» فلقد اورد الطريحي اسمها في

___________
(1) راجع اعلام النساء: 2/341.

(2) راجع الأعلام للزركلي: 3/206، اعلام النساء: 2/333.

(155)

 

عداد من حضرن كربلاء وفي عداد الأسرى من آل الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) حيث سيتطرق إلى ذكر مجلس يزيد بن معاوية واحضاره للأسرى فيقول:

      «ثم إن يزيد بن معاوية أمر بإحضار السبايا فاحضروا بين يديه، فلما حضروا عنده جعل ينظر إليهن ويسأل من هذه؟ ومن هذا؟

      فقيل له: هذه أم كلثوم الكبرى، وهذه ام كلثوم الصغرى، وهذه صفية، وهذه أم هاني، وهذه رقية بنات علي، وهذه سكينة، وهذه فاطمة بنتا الحسين، وهذا علي بن الحسين، فالتفت إلى سكينة...»(1).

      إن كل اللائي وردت اسماؤهن لهن وجود خارجي حيث جاء ذكرهن في كتب الأنساب، وقد تحدثنا عنهن في المقدمة التمهيدية لمعجم أنصار الحسين الهاشميين لدى حديثنا عن الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» وزوجاته وأبنائه وبناته، وحسب تتبعنا لكتب المقاتل الحسينية وجدنا أن الطريحي تفرد بذكر اسمها ضمن بنات الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» اللائي أسرن في معركة الطف، ومن هنا فقد جاء ذكرنا لها ضمن هذا المعجم وذلك بغرض إلقاء الضوء الكاشف على كل من قيل بأنها حضرت كربلاء، وممن أشار إلى من حضرن كربلاء المازندراني في معاليه(2) حيث يقول: اعلم أنه خرج مع الحسين من المدينة إلى كربلاء من اخوات الإمام الحسين «عليه السلام» ثلاث عشرة:

      1- زينب الكبرى بنت علي بن أبي طالب «عليه السلام» وبنت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) الملقبة بالعقيلة.

      2- زينب الصغرى بنت أمير المؤمنين «عليه السلام» وفاطمة «عليه السلام» المكناة بأم كلثوم.

      3- خديجة، وأمها أم ولد فكانت عند عبد الرحمان الأكبر ابن عقيل ابن أبي  طالب، فولدت له سعداً وعقيلاً.

      4- رقية الكبرى، وكانت عند مسلم بن عقيل فولدت منه عبد الله بن مسلم ومحمد بن مسلم، وعاتكة.

__________
(1) المنتخب للطريحي: 486.

(2) معالي السبطين: 2/226.

(156)

 

      5- أم هاني، أمها أم ولد وكانت عند عبد الله الأكبر ابن عقيل، فولدت له محمد الأوسط.

      6- زينب الصغرى، وأمها أم ولد، وكانت عند محمد بن عقيل فولدت له عبد الله.

      7- رملة الكبرى، بنت أم مسعود بنت عروة الثقفي، وكانت عند الرحمان الأوسط ابن عقيل، فولدت له أم عقيل.

      8- رقية الصغرى، وأمها أم ولد، وكانت عند الصلت بن عبد الله بنو نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ولا عقب له.

      9- فاطمة، وأمها أم ولد، وكانت عند أبي سعيد بن عقيل، فولدت له حميدة ومحمداً.

      10- خديجة الصغرى، وأمها أم ولد، وكانت عند عبد الله الأوسط ابن عقيل، ولا عقب له.

      11- أم سلمة، وأمها أم ولد.

      12- ميمونة، وأمها أم ولد- وهي شقيقة أم سلمة-.

      13- جمانة (أم جعفر) وأمها أم ولد.

      نقلنا عنه بإيجاز ولا تهمنا التفاصيل التي ذكرها حيث حققناها في المقدمة التمهيدية من معجم الأنصار الهاشميين لدى حديثنا عن زوجات الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» وابنائه وبناته وحددنا أزواجهن والأسباط أيضاً فليراجع، إذاً فالحديث هنا عن اللائي حضرن كربلاء.

ومن الجدير ذكره أن مجموع البنات اللائي نسبنة الى علي بن أبي طالب عليه السلام هن أربع وعشرون أو خمس وعشرون بنتاً، وليس فيهن صفية، مما يصعب قبول ما أورده الطريحي، اللهم ألا أن يقال بإن صفية متحدة مع أحدى بناته المذكورات بلكنية، وبما أن الحديث عن حضور كربلاء فهذا الاحتمال يناسب فقط أم سلمة، لأن جميعهن على ما أورده المازندراني قد حددت اسماؤهن إلا أم سلمة، وأما أم هاني فقد سبق وقلنا بأنها كنية فاختى بنت «عليه السلام، فلذلك تعين أن تكون أم سلمة كنية لصفية، ولكنه يبقى مجرد احتمال لم يؤيد بالدليل، وقد سبق وذكرنا بأن أم سلمة

(157)

 

توفيت في حياة أبيها كما نص على ذلك ابن شهرآشوب في مناقبه(1) كما سبق وتوصلنا إلى أن والدة أم سلمة ولدت قبل عام 20هـ، وتوفيت بعد سنة 40هـ، وأنها دخلت بيت أمير المؤمنين «عليه السلام» بملك اليمين قبل عام  34هـ، وتوصلنا أيضاً إلى أن أم سلمة ماتت وهي صغيرة لم تبلغ سن الزواج فكانت ولادتها عام 34هـ ووفاتها عام 35هـ، وهذا ما لا يناسب تطبيقه مع صفية، اللهم إلا أن يقال بأن التي حضرت كربلاء غيرها من بنات علي «عليه السلام» ممن ذكرن بالكنية وهن كالتالي: أم يعلى، أم الحسن، أم أبيها، أم الكرام.

      فالأولى لا تناسب لأنها حسب ما توصلنا إليه درجت وهي صغيرة أي في حدود عام 18هـ ولها من العمر نحو عام واحد، وأما الأخريات فملخص أحوالهن كالتالي:

      1- أم الحسن: أمها أم سعيد الثقفية، ولدت نحو عام 21هـ، وتزوجها جعدة بن هبيرة المخزومي ثم جعفر الأكبر ابن عقيل الهاشمي.

      2- أم أبيها: أمها أم ولد، ولدت نحو عام 35هــ، تزوجها سعيد بن الأسود الأسدي ولم يعلم عام وفاتها إلا أنها كانت على قيد الحياة عند وفاة أبيها علي «عليه السلام» عام 40هـ.

      3- أم الكرام: أمها أم ولد، ولدت نحو عام 35هـ أيضاً ولا يعلم متى توفيت إلا أنها لا شك أن وفاتها كانت بعد وفاة أبيها، ولم تتزوج.

      والظاهر أن الأولى أي أم الحسن هي الأنسب لأن يكون اسمها صفية، لأنه سبق وتوصلنا إلى أنها ولدت حدود عام 20هـ، وزوجها أبوها علي من جعدة، ومات عنها في نهاية عام 40هـ، أو بداية عام 41هـ، ثم تزوجها جعفر الأكبر ابن عقيل وحضرا كلاهما كربلاء فاستشهد جعفر الأكبر  ابن عقيل وحضرا كلاهما كربلاء فاستشهد جعفر فترملت ثانية، فتزوجها عبد الله بن الزبير، ولم تنجب للجميع، إذاً فاحتمال أن تكون أم اسحن كنية لصفية وارد، ولا يتنافى مع معطيات أخرى، وقد صرح القاضي أبو حنيفة النعمان بأنها أسرت في كربلاء(2).

____________
(1) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 3/305.

(2) راجع شرح الأخبار: 3/198.

(158)

 

      وأما بالنسبة إلى أم أبيها فقد توصلنا إلى أن اسمها فاطمة ووصفناها بالصغرى في قبال فاطمة التي أمها أم ولد والتي وصفناها بالكبرى.

      وأما بالنسبة إلى أم الكرام فإن هناك احتمال احتمله ابن قتيبة بأن اسمها زينب(1) رغم أننا لم نوافقه في ذلك، وإنما نستبعد أن تكون هي التي أسمها صفية لأنها توفيت وهي صغيرة حيث لم تبق على قيد الحياة لتصل إلى سن التأهل للزواج، فبيقى الاحتمال بأن تكون صفية مكناة بأم الحسن بلا معارض، والله العالم.

      وكان من المفترض أن نتحدث عنها في الجزء الأول بعنوان أم الحسن لشهرتها بذلك ولكن بعد الاحتمال الراجع لتحديد اسمها إرتأينا ذكرها بالاسم الصحيح ليكون موقعها هنا.

      فعلى ما تقدم فإن أمها أم سعيد بنت عروة الثقفية (ق5- ن35هـ).

      وأم عروة هي سبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف.

      تزوجت جعدة بن هبيرة المخزومي، ثم جعفراً الأكبر ابن عقيل الهاشمي(2) وبما أن الحديث عنها تقدم فلا حاجة للتكرار، ومن المفترض أنها توفيت في المدينة ودفنت في البقيع.

__________
(1) راجع المعارف لابن قتبية: 211.

(2) راجع معجم أنصار الحسين (قسم الهاشميون): 1/174.

(159)

 

 

 

     

(49)

الصهباء بنت عباد الثعلبية

ن3ق.هـ - ن61هـ = 620- 680م

 

      هي: أم حبيب الصهباء بنت عباد بن ربيعة بن يحيى بن العبد بن علقمة التغلبية(1).

      مضت ترجمتها بالتفصيل في المقدمة التمهيدية من معجم الأنصار الهاشميين باعتبارها من زوجات الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» فلا نكرر إلا رؤوس أقلام عنها:

      1- ولدت في حدود عام 3ق.هـ في عين التمر- العراق.

      2- كانت تدين بالنصرانية على المذهب النسطوري.

      3- اسرت في أواخر جمادى الآخرة من عام 12هـ بقيادة خالد بن الوليد.

      4- اشتراها الإمام أمير المؤمين «عليه السلام» بأربعين دينارأً من سوق النخاسين في المدينة في شهر رجب عام 12هـ.

      5- انجبت لعلي «عليه السلام» توأمين عمر الأطرف ورقية الكبرى في حدود جمادى الأولى عام 13هـ.

      6- توفي عمر الأطرف في حدود شهر جمادى الأولى من عام 88هـ.

__________
(1) معنى الحديث عم المفردة (صهباء) في معجم الأنصار (الهاشيمون): 1/134 فلا نكرر.

(160)

 

      7- توفيت رقية الكبرى في عام 45هـ بعدما تزوجت مسلم بن عقيل ابن أبي طالب «عليه السلام».

      8- احتملنا أن تكون كنيتها اسمها والصهباء إنما هو لقبها وتعني الشقراء.

      هذا وقد ذكر جمع من المؤرخين وثلة ممن كتبوا عن رجال الحديث بأنها حضرت كربلاء(1).

      وحسب تحقيقاتنا أن ابنها عمر الأطرف حضر كربلاء أيضاً وقاتل فجرح ثم أسر، وأما ابنتها رقية الكبرى فقد توفيت عام 45هـ، فتزوج مسلم اختها رقية الصغرى وهي التي حضرت كربلاء، فعليه أنها حضرت كربلاء مع ابنها عمر الأطرف وبنتها رقية الصغرى، ورجعت إلى المدينة أما متى توفي فهذا ما لم نتمكن الوصول إليه بالدقة، ومن المفروض أنها دفنت في البقيع.

__________
(1) تنقيح المقال: 2/345، معالي السبطين: 2/227، راجع أيضاً: دوائر المعارف: 19، مستدرك أعيان الشيعة: 5/91.

(161)

 

(162)

 

حرف العين

      56- عاتكة بنت الحسين الهاشمية      ...-...هـ

      57- عاتكة بنت زيد العدوية             ق17ق.هـ - ب37هـ

      58- عاتكة بنت مسلم الهاشمية               53- 61هـ

 

(163)

 

(164)

 

(56)

عاتكة بنت الحسين الهاشمية

...-...هـ = ...-...م

 

      هي: عاتكة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشية(1).

      ضبط المفردة: الفعل عتك له معانٍ مختلفة والذي يناسب هذا المورد: ما احمر من القوس وغيره نقول عتكت القوس تعتك عتكا وعتوكاً وهي عاتك إذا احمرت من القدم وطول العهد، والعاتكة: القوس إذا قدمت واحمرت(2) ولعل احمرار القوس من صدأ، ولكن توصف المرأة بذلك ويقال امرأة عاتكة إذا كانت محمرة من الطيب، أو كان بها ردع طيب، وتسمى المرأة عاتكة: لصفائها وحمرتها، والعاتك: الخالص من الألوان  والأشياء أي لون كان وأي شيء كان ومن هنا وصف النبيذ الصافي بالعاتك، وعتكت المرأة: إذا شرفت ورأست ومنها سميت المرأة بعاتكة، والعاتك: الكريم(3).

      إذاً فإن التسمية جاءت من الخلوص والكرم بالاضافة إلى نضارة اللون المشبع بالإحمرار، فالخلوص يكون في الذات والخلق والخلق، والكرم يكون في الصفات، والنضارة تكون في المحيا والوجه، فالمرأة إذا ما سميت بذلك أخذ بعين الاعتبار كل هذه الأمور.

____________
(1) مشاهد العترة الطاهرة: 195 عن رحلة ابن بطوطة: 231.

(2) لسان العرب: 9/39.

(3) تاج العروس: 27/264، لسان العرب: 9/39.

(165)

 

      وهذه التسمية شاعت منذ الجاهلية حيث روي عن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم): «أنا ابن العواتك من قريش» وهن ثلاث نسوه كن من أمهات النبي (صلى الله عليه واله وسلم).

      1- عاتكة بنت هلال بن فالج بن ذكوان وهي أم عبد مناف.

      2- عاتكة بنت مرة بن هلال وهي أم هاشم بن عبد مناف.

      3- عاتكة بنت الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج، وهي أم وهب أبي امنة أم الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)(1).

      والعواتك جمع عاتكة، فالأولى عمة الوسطى والوسطى عمة الأخرى، وفي مقال له (صلى الله عليه واله وسلم) يوم حنين: «أنا ابن العواتك من سليم»(2).

      واما جداته البواقي اللاتي من غير بني سليم فهن تسع: اثنتان من قريش واثنتان من عدوان، وكنانية، وأسدية، وهذلية، وقضاعية وأزدية(3).

      وبهذا المقدار نكتفي من ذكر من سمين بعاتكة حيث كان شائعاً منذ القدم في الجاهلية.

      وأما بالنسبة إلى التي قيل بأنها أبنت الإمام الحسين «عليه السلام» فقد ورد اسمها في رحلة ابن بطوطة حينما يتحدث عن الكوفة إذ يقول: «وفي الجهة الشرقية من الجامع- مسجد الكوفة- بيت مرتفع يصعد إليه، فيه قبر مسلم ابن عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه، وبمقربة منه خارج المسجد قبر عاتكة وسكينة ابنتي الحسين «عليه السلام»»(4) ونقل عنه آخرون مكتفين بنصه دون أن يضيفوا شيئاً(5).

      وقد حاولنا الاطلاع على من كتب عن الكوفة ومقابرها كما راجعنا كتب الأنساب والتاريخ من جهة وكتب المقاتل من جهة أخرى فلم نجد من تحدث عن ابنة للإمام الحسين «عليه السلام» فضلاً عن اصطحابه لها إلى كربلاء

_____________
(1) مجمع البحرين: 5/281.

(2) لسان العرب: 9/39. وسليم هو ابن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس علان.

(3) تاج العروس: 27/ 266.

(4) رحلة ابن بطوطة (تحفة النظار): ص231.

(5) مشاهد العترة الطاهرة: ص195.

(166)

 

لتموت في طريق الأسر وتدفن في الكوفة أيام إقامة الأسرى في الكوفة بعد معركة الطف.

      وبما أن احتمال وجود مثل هذه شخصية معدوم فلا حاجة للبحث عن أمها وتاريخها، ورغم أن ابن بطوطة(1) لم يذكر بأنها ماتت في الطريق إلا أن مقتضى المكان يوحي إلى ذلك، وبما أن ابن بطوطة قد تفرد في ذلك فلا يمكن الاعتماد عليه، وكان الرحالة ومنهم إبن بطوطة يعتمدون على كلام الناس، وهذا ما لا يمكن الاعتماد عليه لأنهم ليسوا من أرباب التاريخ ولا العلم.

      والادهى من ذلك أنه ذكر بأن قبر سكينة بنت الحسين «عليه السلام»في الكوفة مما يقطع بعدم صحة هذه الرواية ولمزيد المعرفة عن زوجات وبنات الإمام الحسين «عليه السلام» راجع الجزء الثالث من معجم الأنصار (الهاشميون)(2).

____________
(1) ابن بطوطة: هو محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم اللواتي الطنجي (703- 779هـ) ولد في طنجة وتوفي في مراكش، وقد طاف العالم العربي والإسلامي وبعض البلاد في الشرق، استغرقت رحلته ما بين سنة 725 و753هـ، وسجل مشاهداته في كتاب سماه تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار وعرفت برحلة ابن بطوطة.

(2) معجم الأنصار قسم (الهاشميين): 3/62 ترجمة محسن بن الحسين «عليه السلام».

(167)

 

 

(57)

عاتكة بنت زيد العدوية

ق17ق.هـ - ب37هـ(1) = 605 – 659م(2)

     

      هي: عاتكة(3) بنت زيد بن عمرو بن نفيل القرشية العدوية(4).

      أمها أم كريز صفية بنت عبد الله الحضرمية والتي كانت من المهاجرات(5).

      كان أبوها زيد على الحنفية حيث لم يعبد الأصنام ولا يشرب الخمر ولا يأكل من ذبائح المشركين حيث لا يسمون عليها اسم الله جل جلاله، ولم يأت بالموبقات ولم تستمله اليهودية ولا النصرانية حيث رحل إلى بعض الديار ليصل إلى الحقيقة ولما عرف زيف اليهودية والنصرانية عاد إلى مكة يعبد الله على دين النبي إبراهيم «عليه السلام»، وما أن جاهر بعبادة الأوثان، تألب عليه جمع من قريش فأخرجوه من مكة، فانصرف إلى «حراء» فسلط عليه عمه الخطاب(6) العدوي شاباً يمنعه من دخول مكة، فكان لا يدخلها إلا سراً.

_____________
(1) وذلك حتى الزواج من الحسين «عليه السلام».

(2) نرجح أن يكون تاريخها كالتالي: (ب10- ب61هـ) = (612- 680م) وذلك على الاحتمال بأنها عاتكة بنت سعيد بن زيد.

(3) وجاء في هامش كتاب إمام حسين در إيران: 1 «ان أم إسحاق هي عاتكة» ولكن لا يمكن قبوله بعدما عرفنا أن الكتاب برمته لا يعتمد.

(4) نرجح أن تكون عاتكة بنت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل القرشية العدوية.

(5) على الاحتمال بأنها عاتكة بنت سعيد بن زيد فإن أمها هي: «امامة بنت الدجيج الغسانية» كما سيأتي الحديث عنها.

(6) الخطاب: هو ابن نفيل بن عبد العزى بن رياح القرشي العدوي، والد عمر بن الخطاب (33ق.هـ- 23هـ).

(168)