معجم  أنصار الحسين عليه السلام  (النساء) (الجزء الثاني)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين عليه السلام (النساء) (الجزء الثاني)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

 

عبد الرحمان ابن عمها ربي معها في تلك البادية وقد سميت عليه منذ أن كانت في المهد فشبا معاً منذ كانا طفلين(1).

      إن رواية جرجي زيدان لا يمكن الاعتماد عليها لأنها ليست نصوصاً مستندة بل دمج الواقع التاريخي بالخيال ليصيغ قصة تكون مثيرة للقارىء واستخدم كغيره من كتاب الروايات في العصر الحديث عنصر المراودة والعشق حالها حال الأفلام والمسلسلات التي تؤلف في جل الأحداث التاريخية بغرض شد المشاهدين إلى عرض يقدم من خلال شاشة التلفاز أو من على خشبة المسرح، ومن هنا فلا يعد مصرداً تاريخياً إذ يحتمل أن في كل مقطع من مقاطعه استخدم الخيال ليشوق القارىء للرواية التي حاكها، وهنا لا بد من التحقيق في أبطال روايته الذين نحن بحاجة إليهم وهم سلمى ابنة حجر بن عدي الكندي وعبد الرحمان ابن أخيه وعامر الكندي وصي حجر على ابنته وتاريخ ولادة سملى وخطوبتها من ابن عمها.

      أما أبوها حجر بن عدي فلا شك أنه قتل مع عدد من أصحابه قيل هم ستة وقيل إن عددهم سبعة(2) في مرج العذراء شمالي دمشق سنة 51هـ(3) على يد جلاوزة معاوية بن أبي سفيان الأموي(4).

      وذكرت بعض المصادر أن سابعهم كان نجله همام بن حجر في قصة مأساوية أوردتها معظم المصادر التاريخية.

      ويظهر على أفق الأحداث أسماء عدد من أقارب حجر بن عدي منهم هندة أخت حجر حيث رثته بعدد من الأبيات من الوافر تقول في أولها:

ترفع أيها القمر المنير ترفع        هل ترى حجرا يسير(5)

      وقيل أن هذه الأبيات لهند بنت زيد الأنصارية.

_____

(1) غادة كربلاء: 23.

(2) ومع حجر منهم ثمانية.

(3) وهناك من ذكر بأنه قتل سنة 53هـ. ولا يخفى أن ولادته كانت في اليمن بحدود عام 25ق.هـ راجع: إنه المؤمن حقاً للمؤلف مخطوط.

(4) راجع اعيان الشيعة: 14/585، مروج الذهب: 3/3 وغيرهما كتاريخ الطبري وابن كثر.

(5) تاريخ مدينة دمشق: 12/219.

(79)

 

      ويذكر أيضاً أنه وفد إلى النبي (صلى الله عليه واله وسلم) هو وأخوه(1) هاني بن عدي.

      وقد ورد في كتب التاريخ اسماء ثلاثة من أبنائه: عبيد الله وعبد الرحمان(2) وهمام أما الأول فقد قتلهما مصعب بن الزبير صبراً(3) على التشيع لعلي «عليه السلام» وأما الثالث همام فقد قيل إنه قتل مع ابيه(4).
      وأما ابنته ولعلها هي التي يزعم جرجي زيدان أن اسمها سلمى فإنها لما سمعت رثته بأبيات من العشر كما يؤكد ذلك المسعودي دون أن يحدد اسمها وهي من الوافر:

ترفع أيها القمر المنــــــــير        لعلك أن ترى حجراً يســـــير

يسير إلى معاوية بن حرب         ليقتله كذا زعم الأمـــــــــــير

ويصلبه على بابي دمشـــق        وتأكل من محاسنه النســــور

تجبرت الجبابر بعد حجـــر        وطاب لها الخورنق والسدير

الا يا حجر حجر بني عدي        تلقتك الـــــــسلامة والـسرور

أخاف عليك ما اردى عـليا         وشيخا في دمــــشق لـه زئير

ألا ليت حجراً مات مؤتـــاً         ولم ينحر كما نحـــــر الـبعير

فن تهلك فكل عميد قــــوم         إلى هلك من الدنيا يصــير(5)

      وأضاف: أن لا عقب لحجر إلا منها(6).

__________
(1) تاريخ مدينة دمشق: 12/212.

(2) وكان يكنى حجر بابنه عبد الرحمان كما ورد في بعض حوارات الأخيرين معه- راجع تاريخ مدينة دمشق 12/214، ووقع اسم عبد الله بن حجر فيمن روى عن أمير المؤمنين «عليه السلام» وربما أريد به عبيد الله بن حجر بن عدي راجع بحار الأنوار: 83.

(3) تاريخ مدينة دمشق: 12/210.

(4) أعيان الشيعة: 4/581، ومن هنا فإن الأمين ذكر أنه مع حجر كان عدد القتلى ثمانية حيث أضاف عبد الرحمان بن حسان الغزي والذي دفنه زياد حياً، وابنه همام ابن ججر.

راجع الدرجات الرفيعة: 428 عن شهيد الأول محمد بن مكي العاملي.

(5) أعيان الشيعة: 4/585، الأخبار الطوال: 223 وقيل إن الأبيات لأم حجر، ولاخته أبيات شبيهة لهذه، وكانت أمه تكنى بـ«أم حجية»- تاريخ مدينة دمشق: 12/210.

(6) مروج الذهب: 3/3 وعنه أعيان الشيعة: 4.

(80)

 

      هذا كل ما عندنا عن أبناء حجر وبناته ولم يتطرق متطرق بأنهم حضروا كربلاء كما لم نجد من سمى ابنته بسلمى، ولعل ذلك كان من خيال جرجي زيدان، كما لم نتمكن من التأكد أن عصاماً أهو اسم حقيقي ليكون ابن هاني الكندي وبالتالي ابن أخي حجر، أم أنه أيضاً من نسيج زيدان، واما عبد الرحمان كفيل سلمى فإن كان ما رواه حقيقة فمن يا ترى المقصود منه أهو عبد الرحمان بن محرز الكندي الطمحي الذي كان مع أمير المؤمنين «عليه السلام» في حرب صفين، أم غيره؟ كل ذلك يزيدنا تشكيكاً في أصل الرواية مما لا يمكن اعتمادها ولا بشكل من الأشكال.

      ويتم جرجي زيدان روايته بتمكن سلمى من اغتيال يزيد بالسم الناجع ولقائها بخطيبها وابن عمها عبد الرحمان بن هاني بن عدي الكندي وكان معهم شيخ ناسك من أبطال الرواية ليكشف أنه عدي والد حجر والذي كان يساعدهما على الأخذ بالثأر.

      ولكنها رواية، ولا صحة لها وقيمتها قيمة أدبية فحسب.

(81)

 

(51)

سلمى أم رافع القبطية

ن10ق.هـ ب61هـ = 612- 680م

 

      سلمى: هي ام رافع بن هرمز القبطي.

      قال المازندراني(1) في عداد الجواري اللاتي حضرن كربلاء ما نصه: «ومنهن أم رافع زوجة أبي رافع القبطي(2)، واسمه هرمز(3) مولى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) على ما ذكره الذهبي(4) في كتاب تجريد الأسماء والكنى(5)، وأم رافع اسمها سلمة، مشهورة باسمها وكنيتها، ويقال: إنها مولاة صفية بنت عبد المطلب على ما رواه العسقلاني في الإصابة(6)، ويقال لها أيضاً: مولاة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وخادمة النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، حيث كانت تخدم في بيته إلى أن توفي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، ثم أنضمت بعده إليه بنته فاطمة، وكانت في بيتها إلى أن توفيت، وكانت في بيت علي «عليه السلام» إلى أن قتل، ثم انضمت إلى ابنه الحسن «عليه السلام»، ثم بعده انضمت إلى أخته زينب، وكانت في بيتها إلى أن

__________
(1) المازندراني: هو مهدي بن عبد الهادي الحائري السابق الذكر.

(2) راجع البداية والنهاية: 5/249.

(3) وسبق وقلنا بأنهم اختلفوا في اسمه فمنهم من قال: إبراهيم، ومنهم من قال: اسلم، وقيل ثابت، كما قيل هرمز.

(4) الذهبي: هو محمد بن أحمد بن عثمان بن كايماز الدمشقي (673- 748هـ) تركماني الأصل من مدينة ميافارقن بتركيا اليوم، ولد وتوفي في دمشق، من متعصبي الشافعية، طاف البلاد لتحصيل العلم، كف بصره في آخر عمره، من آثاره: دول الاسلام، سير النبلاء، والإمامة الكبرى.

(5) وهو كتاب التجريد في اسماء الصحابة، وله كتاب الكنى والألقاب.

(6) الإصابة: 4/333، راجع الاستيعاب أيضاً: 4/327 (بهامش الإصابة).

(82)

 

خرجت مع أخيها الحسين «عليه السلام» من المدينة فخرجت الجارية معها حتى أتت كربلاء» (1).

      وقال ابن حجر العسقلاني(2): سلمى أم رافع مولاة النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، ويقال مولاة صفية بنت عبد المطلب،  وهو زوجة أبي رافع، روت عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وعن فاطمة الزهراء، وعنها ابن ابنها عبيد الله بن علي بن أبي رافع، كانت أم رافع قابلة أبراهيم ابن النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، وهي التي غسلت فاطمة الزهراء(3).

      ومن اخبارها أن سلمى مولاة صفية امرأة ابي رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) جاءت تستعديه على أبي رافع، فذكر حديثاً(4).

      ولكن ابن القطان جزم بان سلمى مولاة صفية هي والدة أبي رافع لا زوجته وأن سلمى زوجة أبي رافع مولاة النبي (صلى الله عليه واله وسلم).

      وعلى كما ذهب إليه ابن القطان فإن هناك شخصيتين باسم سلمى إحداهما والدة أبي رافع واخرى زوجة أبي رافع فالأولى كانت مولاة لصفية عمة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) والثانية كانت مولاة للرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، ويؤيد هذا ما ورد في ترجمة عبيد الله بن علي بن أبي رافع، روى عبيد الله عن جدته سلمى أم رافع، ويقال عمته(5).

      ويضيف ابن حجر العسقلاني ليقول: إن عبيد الله(6) بن أبي رافع روى

___________
(1) معالي السبطين: 2/230، ورد اسمها في اماء الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) في البداية والنهاية: 5/249.

(2) ابن حجر العسقلاني: هو أحمد بن علي بن محمد الكناني (773- 852هـ) ينسب إلى أحد أجداده فيقال «ابن حجر» أصله من عسقلان بفلسطين إلا أنه ولد وتوفي في القاهرة، من اعلام الشافعية، ولع بالأدب والشعر أولاً ثم أقبل على الحديث، من آثاره: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، لسان الميزان، وديوان شعر. ولا يخفى أن هناك ابن حجر آخر وهو أحمد بن محمد بن علي الهيثمي صاحب كتاب الصواعق المحرقة المتوفى سنة 973هـ.

(3) ولعله أراد ساعدت على غسلها.

(4) تهذيب التهذيب: 5/598.

(5) تهذيب التهذيب: 4/27.

(6) في البدالية والنهاية: 5/249 روى عبيد الله بن علي بن أبي رافع عن جدته سلمى.

(83)

 

عن جدته سلمى وكانت خادماً للنبي (صلى الله عليه واله وسلم) فقالت قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): بيت لا تمر فيه كأن ليس فيه طعام، واما زوجته فذكر بأنها شهدت خيبر- سنة 6هـ-، وولدت لأبي رافع ابنه عبد الله وغيره.

      ويعلق ابن حجر على كلام ابن القطان قائلاً: والذي يظهر لي أن الشبهة دخلت على ابن القطان من ظنه أن عبيد الله بن أبي رافع الذي روى عن جارية بن محمد هو المكبر، وليس كذلك، بل هو المصغر، وهو عبيد الله بن علي بن أبي رافع نسب إلى جده هذا، فجدته سلمى هي أم رافع زوج أبي رافع(1).

      ويذكر أنها شهدت وقعة حنين- سنة 8هـ- وأنها كانت تمرض الزهراء في مرضها الذي توفيت فيه(2) لها روايات في الكتب الأربعة(3).

      هناك من ذكرها سلمى بنت قيس، وهذا من الخلط بينها وبين سلمى بنت قيس بن عمر النجارية المكناة بأم المنذر والتي كانت من راويات الحديث وهي احدى خالات النبي (صلى الله عليه واله وسلم)(4).

      إن الحديث عن سلمى أم رافع يتطلب الحديث عن زوجها وابنائها بل ومواليها.

      أولاً زوجها: هو أبو رافع إبراهيم القبطي (49ق.هـ- 40هـ) والذي اختلف في اسمه بين إبراهيم، وأسلم(5)، وثابت وهرمز، وصاع، وكان أبو رافع مولى لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ويذكر بأنه في الأساس كان مولى لعم

_________
(1) تهذيب التهذيب: 6/598.

(2) البداية والنهاية: 5/249.

(3) مستدركات علم رجال الحديث: 8/581.

(4) اعلام النساء: 2/251.

(5) اسلم، هكذا ذكروا ولكن الذي يظهر لي أن هناك خبطاً في النقل حيث جاء في رجال النجاشي: 3 لدى ترجمته، «يقال ان اسم أبي رافع إبراهيم واسم أبو رافع قديماً بمكة...» فتصور البعض أن اسم هنا اسم لابي رافع ولكنه أراده فعلاً أن يكون اسلام أبي رافع في مكة قديماً، ولكن هذا ينتقض بأن النجاشي نفسه ذكر في أول ترجمته واسمه أسلم، والله العالم بحقائق الأمور، وجاء في تاريخ الطبري: 3/533 وقيل: سنان، عبد الرحمان، وفي التنقيح: 1/125 وقيل سالم.

 (84)

الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) العباس بن عبد المطلب الهاشمي(1) فوهبه للنبي (صلى الله عليه واله وسلم) وهو في مكة قبل ان يسلم العباس، ولما بشر أبو رافع الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) بأن عمه العباس قد أسلم اعتقه وكان ذلك في معركة بدر سنة 2هـ، خلف من الأبناء- على أكثر التقادير-: رافع والحسن وعبدالله وعبيد الله والمعتمر(2)، وعون والفضل وعلي، واسماعيل، ومن البنات سلمى وزينب(3) توفي في خلافة علي(4) وكان صاحب بيت ماله(5) وكانت وفاته في المدينة(6).

      كان من أجلة الرواة عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وشهد مشاهده كلها وقد قال (صلى الله عليه واله وسلم) في حقه: من أحب أن ينظر إلى أميني على نفسي واهلي فهذا أبو رافع أميني على نفسي، له كتاب السنن والاحكام(7) ويظهر أن وفاته كان في أوائل خلافة علي «عليه السلام» حيث لم يكن له ذكر في معركة صفين أما لموته قبل ذلك أو أنه كان على بيت ماله وحال حضور صفين كبر سنه، بينما نجد أن لبعض أبنائه ذكر فيها وكانت المعركة في بداية عام 37هـ، وعليه فإنه توفي سنة 36هـ، وربما لم يترك المدينة وخلال سنة 36هـ كان على بيت مال

_________
(1) وهناك من ذكر بأنه كان مولى لأبي أحيحة سعيد بن العاص فاعتق بنوه نصيبهم، منهم خالد بن سعيد فوهب نصيبه لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فاعتقه، ويبدو أن هذه الرواية موضوعة ترافقت مع ولاية سعيد بن العاص على المدينة فقام بضرب ابن أبي رافع ليقول له: إني مولاكم فكان يأبى من ذلك ويقول أنا مولى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) حتى ضربه خمسمائة سوط حتى قال: أنا مولاكم- راجع تهذيب التهذيب: 6/353،ولكن قد تكون الشخصية متغايرة ليكون هناك أبو رافع ورافع وكلاهما من موالي الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وقصة ضرب عمرو بن سعيد بن العاص كانت مع رافع لا مع ابن أبي رافع- راجع قاموس الرجال: 4/314.

(2) المعتمر: جاء في بعض المصادر «المغيرة».

(3) راجع تهذيب التهذيب: 6/353، ومستدركات علم رجال الحديث: 8/383، ويبدو أن جميع أولاده من سلمى حيث يقول ابن كثير: 5/7 فولدت سلمى له أولاداً.

(4) تهذيب التهذيب: 6/353، وفيه قول بوفاته في عهد عثمان.

(5) مستدركات علم رجال الحديث: 8/383.

(6) تهذيب التهذيب: 6/353.

(7) مستدركات علم رجال الحديث: 8/383.

(85)

 

علي «عليه السلام»، ولكن يصرح النجاشي(1)أنه كان صاحب بيت ماله في الكوفة وشهد معه حروبه، ثم يذكر روايته حديث رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) عندما خرج علي «عليه السلام» إلى البصرة، وخرج معه أبو رافع وهو شيخ كبير له خمس وثمانون سنة وقال: «الحمد الله لقد أصبحت لا أحد بمنزلتي، لقد بايعت البيعتين بيعة العقبة وبيعة الرضوان وصليت القبلتين وهاجرت الهجر الثلاث، وسئل عن الهجرات الثلاث: فقال: هاجرت مع جعفر بن أبي طالب إلى أرض الحبشة وهاجرت مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) إلى المدينة، وهذه الهجرة مع علي بن أبي طالب إلى الكوفة، فلم يزل مع علي حتى استشهد علي «عليه السلام» فرجع أبو رافع إلى المدينة مع الحسن «عليه السلام» ولا دار له بها ولا أرض- لأنه باعها ليخرج مع علي إلى الكوفة- فقسم له الحسن دار علي «عليه السلام» بنصفين واعطاه» الحديث(2).

      ويظهر من هذا الحديث أنه ولد سنة 49ق.هـ، وتوفي بعد استشهاد علي «عليه السلام» في المدينة، وصرح المامقاني(3) أنه توفي سنة 40هـ(4) نقلاً عن ابن ماكولا(5)، وإذا صح أن اسمه هرمز وبما يدلنا على أنه فارسي الأصل وربما قد سمي عند ولادته بهرمز ولما كان في الجزيرة العربية سماه العباس إبراهيم، واما سائر الأسماء فهي صفات اطلقت عليه بالمناسبة وبما أن مفردة إبراهيم لا يصح أن تكون وصفا فلذلك نرجح أن اسمه إبراهيم. وثابت وصالح صفتان إن لم يكن هناك خلط في تسميته بصالح ما بينه وبين أحفاده.

___________
(1) النجاشي: هو أحمد بن علي بن العباس الأسدي (372- 450هـ) يعرف بابن الكوفي ويكنى بأبي العباس، ويقال له الصيرفي، من أهل بغداد، توفي في مطيرآباد، من اعلام الإمامية، من آثاره: الكوفة وما فيها من الآثار والفضائل، انساب بني نصر بن قعين وايامهم، والرجال، والذي عرف برجال النجاشي.

(2) رجال النجاشي: 4.

(3) المامقاني: هو عبد الله بن محمد حسن بن عبد الله الغروي (1290- 1351هـ) ولد وتوفي في النجف من اعلام الإمامية، من آثاره: منتهى مقاصد الأنام، نهاية المقال، ومطارح الأفهام.

(4) تنقيح المقال: 1/9.

(5) ابن ماكولا:

(86)

 

      وعلى أي حال فإن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) عندما اعتقه زوجه مولاته سلمى، وقد شهد فتح مصر أيام عمر بن الخطاب(1).

      ثانياً أبناؤه، نذكر منهم ما تيسر:

      1- عبيد الله الملقب بالمدني: أمه سلمى روى عنها وعن أبيه، كان مولى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، وروى عن علي «عليه السلام» كما روى عنه أبناؤه إبراهيم وعبد الله ومحمد والمعتبر، بل وغيرهم من الرواة وكان من الثقات وقد روى عنه الإمامان السجاد والباقر «عليه السلام»(2) وكان من خواص علي وكاتبه، وله كتاب قضايا أمير المؤمنين، وكتاب تسمية من شهد مع أمير المؤمنين الجمل وصفين ونهروان من الصحابة(3)، من أبنائه الراوين  عنه: محمد وعون، وإبراهيم وعبد الله، والمعتمر، ومن أبنائه أيضاً: علي وزيد وعثمان، وعده الفريقان من الثقات(4) وكانت مدة كتابته لأمير المؤمنين نحو خمس سنوات(5) كما كان خازن ماله(6) ويبدو أنه بقي حياً إلى أن روى عنه الإمام الباقر «عليه السلام» (57- 113هـ).

      2- عبد الله: جاء ذكره في وقعة صفين حيث كان كاتباً لعلي «عليه السلام» فكتب رسالته إلى عبد الله بن عباس، وجاء في آخرها «وكتب عبد الله بن أبي رافع في ذي القعدة سنة سبع وثلاثين»(7) ولكن احتمال التصحيف بينه وبين عبد الله وارد حيث وردت رسالة ثانية، إذ ورد أنه «عليه السلام» دعا عبيد الله ابن أبي رافع كاتبه فقال: أكتب إلى معاوية(8) إلا إذا قيل بأنهما شخصيتان وكلاهما كانا يكتبان لعلي «عليه السلام»، ولكن الموجود في رجال النجاشي أن عبيد

_____________
(1) البداية والنهاية: 5/237. وفيه أنه مات أيام- خلافة- علي «عليه السلام».

(2) تهذيب التهذيب: 4/10.

(3) راجع أيضاً الفهرست للطوسي: 137.

(4) مستدركات علم رجال الحديث: 5/174 وتهذيب التهذيب: 4/10.

(5) إذا كتب له في رجب سنة 36هـ وبقي معه إلى عام استشهاده «عليه السلام» سنة 40هـ راجع بحار الأنوار: 32/253 و400 و 571 و611 و34/272، و33/74.

(6) مستدركات علم رجال الحديث: 5/174.

(7) وقعة صفين: 105.

(8) وقعة صفين: 471.

(87)

 

الله وعلي إبنا أبي رافع كانا كاتبين عند أمير المؤمنين «عليه السلام»(1) وفي بعض النسخ جاء «عبد الله» بدل «عبيد الله» مما يوحي أن «عبد الله» مكبراً تصحيف عن «عبيد الله» مصغراً، ومما يرجح أنه وعبيد الله متحدان أنهم ذكروا أن له من الأبناء عون(2). والظاهر أنه غير عبد الله بن (رافع) أبي رافع المدني مولى أم سلمة زوجة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) والراوي عنها حيث وصفوه بالمخزومي(3).

      3- علي: لقد ورد ذكره في العديد من المصادر، وفي خبر يصرح هو عن نفسه حيث روى سعيد بن المسيب المخزومي (15- 94هـ) عن علي ابن أبي رافع قال: «كنت على بيت مال علي بن أبي طالب «عليه السلام» وكاتبه، وكان في بيت ماله عقد لؤلؤ.. الحديث»(4) ولكن النجاشي نقل هذا الحديث عن عبيد الله بن أبي رافع ولكن بسند آخر.

      ونظن والله العالم لا ينافي ما روي عن علي بن أبي رافع لأن علي ابن أبي رافع ينسب الخبر إلى نفسه بينما عبيد الله بن أبي رافع لا ينسبه إلى نفسه بل إلى أبيه أبي رافع، وللجمع بين الخبرين يمكن أن يكون فيه تصحيف ليكون النص في رواية علي: «عن علي بن أبي رافع عن أبيه قال كنت...»، أو يكون النص في رواية عبيد الله: «إنها استعارت من علي بن أبي رافع» ليكون الحدث إما مع أبي رافع نفسه أو مع علي بن أبي رافع.

      وعلى أي حال فإن من ابناء علي عبد الله(5) وربما كان الصحيح عبيد الله حيث يقول ابن حجر في ترجمة أبي رافع: ويروي عنه احفاده: الحسن وصالح وعبيد الله(6) أولاد علي بن أبي رافع(7).

____________
(1) راجع رجال النجاشي: 3.

(2) مستركات علم رجال الحديث: 6/143.

(3) راجع تهذيب التهذيب: 3/136.

(4) تهذيب الأحكام: 10/151.

(5) البداية والنهاية: 5/247.

(6) جاء في رجال الطوسي: 293، محمد بن عبيد الله بن علي بن أبي رافع من أصحاب الإمام الصادق «عليه السلام» وقد مات سنة 175هـ.

(7) تهذيب التهذيب: 6/53.

(88)

 

      4- رافع: عندما عدوا إماء الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) ذكروا سلمى وقالوا: هي أم رافع امرأة أبي رافع، وقد روى عنها كما يظهر من كلام ابن كثير(1) والمرجح أن يكون أكبر أبنائها لأنها وزوجها مكنيان به(2)، ولا يخفى أنه غير رافع مولى الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) والذي كان غلاماً لسعيد بن العاص فورثه ولده فاعتق بعضهم نصيبه في الإسلام ويمسك بعض منهم، فجاء رافع إلى النبي (صلى الله عليه واله وسلم) يستعينه في من لم يعتق حتى يعتقه فكلمه فيه فوهبه النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فاعتقه النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فكان يقول: أنا مولى النبي (صلى الله عليه واله وسلم)(3) ثم ضربه عمروبن سعيد بن العاص بالسوط ليقره على أنه مولاه فنطق بذلك من قسوة الضرب.

      ويقول التستري(4): وكلام الطبري(5) خلط وخبط فإن ابا رافع المعروف كان للعباس فوهبته للنبي (صلى الله عليه واله وسلم) وله ابنان عبيد الله وعلي وليس له رافع(6) ولكن من المستبعد أن لا يكون لإبراهيم القبطي وزوجته سلمى ابن باسم رافع وقد كنيا به وقد ورد التصريح من بعضهم بوجوده، وقد صرح ابن حجر أن رافع روى عن أبيه أبي رافع(7).

      5- الحسن: ذكره ابن حجر ممن روى عن أبيه لدى ترجمة أبيه حيث قال: «روى عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وعن ابن مسعود، وروى عنه أولاده الحسن ورافع وعبيد الله والمعتمر، - ويقال المغيرة- وسلمى واحفاده...»(8).

___________
(1) ابن كثير: هو اسماعيل بن عمر البصري الدمشقي السابق الذكر.

(2) راجع البداية والنهاية: 5/249.

(3) الطبقات الكبرى: 1/497.

(4) التستري: هو محمد تقي بن كاظم (1320- 1415هـ) ولد في النجف ودرس بها وفي كربلاء وتوفي في تستر بإيران من اعلام الإمامية من آثاره: قضاء أمير المؤمنين، الأحاديث الموضوعة، ونهج الصباغة.

(5) الطبري: هو محمد بن جرير بن يزيد (224- 310هـ) ولد في آمل (طبرستان) في إيران وسكن بغداد وتوفي بها، كان له مذهب خاص في الفقه ولم يتبع المذاهب السنية الاخرى، من آثاره: جامع بيان في تفسير القرآن، اختلاف الفقهاء، والمسترشد، ويعرف تاريخه وتفسيره باسمه.

(6) قاموس الرجال: 4/313.

(7) تهذيب التهذيب: 6/353.

(8) تهذيب التهذيب: 6/353.

(89)

 

      ولكن التستري قال: الحسن بن أبي رافع، قال: أبو عمر في أبيه «روى عنه ابناه عبد الله والحسن» ولكن النجاشي قال: «ابناه عبيد الله وعلي»، وقال الطبري: «ابناه البهي وعبيد الله» والأوسط أصح(1) مما يرجح أن لأبي رافع ابنين فقط هما عبيد الله وعلي، وعلى أي حال فليس لدينا ما يثبت ذلك، والظاهر أنه تصحيف الحسن بن علي بن أبي رافع فهو حفيد أبي رافع لا ابنه(2).

      6- عون: ذكره النمازي(3) في ترجمة أبي رافع قائلاً: واولاده سبعة: عبد الله وعبيد الله وعون والفضل وعلي واسماعيل وزينب(4) ولكنه لم يستند كلامه بمصدر، والظاهر أنه خلط بين أبي رافع وبين عبيد الله بن أبي رافع حيث ذكر في ترجمة عبيد الله بن أبي رافع أن له كتاب قضايا أمير المؤمنين «عليه السلام» ورواه عنه ابنه محمد عن أخيه عون(5) ولم نجد من ذكر عونا في أبناء أبي رافع غيره، نعم هناك رواية رواها علي بن هاشم، عن محمد ابن عبيد الله عن عون بن أبي رافع عن أبيه عن علي بن أبي طالب «عليه السلام» في مرض الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)(6)، والظاهر أنه تصحيف ليكون الصحيح روى علي بن هاشم عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أخيه عون عن أبيه عن علي «عليه السلام»، إذ هناك العديد من الروايات وقع علي بن هاشم في سلسلة رواتها وهو يروي عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده أبي رافع وغيره وليس فيهم عون أو واسطة اخرى بينه وبين ابيه أو جده(7).

_____________
(1) قاموس الرجال: 3/182.

(2) راجع تهذيب التهذيب: 6/599.

(3) النمازي: هو علي بن محمد بن اسماعيل الشاهرودي (1333- 1405هـ) ولد في شاهرود وتوفي في مشهد المقدسة، وكان من علماء الإمامية، من آثاره: مستدرك سفينة البحار، الاحتجاج، والأعلام الهادية.

(4) مستدركات علم رجال الحديث: 8/382.

(5) مستدركات علم رجال الحديث: 5/174.

(6) بحار الأنوار: 22/506 عن أمالي الطوسي.

(7) راجع بحار الأنوار: 17/153 عن بصائر الدرجات، بحار الأنوار: 19/ 279 عن إرشاد المفيد: 1/73، بحار الأنوار: 24/ 209 عن كنز الفوائد:      ، بحار الأنوار: 37/ 271، عن الكنز أيضاً إلى غيرها.

(90)

 

      7- المعتمر: ذكره ابن حجر في ترجمة أبيه(1) ولم يورده في مكان آخر، وأورد نسخة أخرى باسم «المغيرة» ولم يورده لا في المعتمر ولا في المغيرة، ولم أجد من ذكر بأن لأبي رافع إبناً بهذا الاسم.

      8- الفضل: ذكره النمازي في ترجمة أبيه(2) دون أن ينسبه إلى مصدر.

      9- اسماعيل: ذكره النمازي أيضاً في ترجمة أبيه دون أن يذكر له مصدراً؛ وربما خلط مع اسماعيل بن الحكم من ولد أبي رافع حيث كان من أصحاب الإمام السجاد «عليه السلام» وبما أنه يذكر اسماعيل بن أبي رافع دون ذكر الآباء والأجداد فوقع النمازي في الخلط بينهما فهو إذا حفيد أبي رافع(3).

      10- سلمى: كذا ورد في ترجمة أبي رافع في تهذيب التهذيب حيث قال: «وروى عنه أولاده الحسن ورافع وعبيد الله والمعتمر ويقال المغيرة وسلمى واحفاده..»(4) والظاهر أن ذلك من قصور اللفظ حيث أراد بها زوجته سلمى لتكون ممن روت عنه، أو يكون المراد أن المعتمر يقال له المغيرة ويقال له سلمى وقد عرفت أن سلمى من الأعلام المشتركة حيث يسمى بها الذكور كما الإناث، والاحتمال الأول هو المرجح نعم قد يكون المراد بسلمى هي سلمى والدة أبي رافع أو أخته حيث روى عبيد الله بن أبي رافع عن جدته سلمى(5) ولكن الظاهر أن فيه سقط وهو روى محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن جدته سلمى. وحينئذ تكون سلمى سلمى زوجة أبي رافع لا أمه، فبيقى احتمال الرواية عن أخته سلمى وارداً حيث يذكر ابن حجر أن عبد الرحمان بن أبي رافع- مولى الرسول- روى عن عمته سلمى وهي روت عن اخيها مولى النبي(صلى الله عليه واله وسلم)(6)، ولكنه عند ذكر ابناء أبي رافع لم يذكر

__________
(1) تهذيب التهذيب: 6/352.

(2) مستدركات علم رجال الحديث: 8/383.

(3) راجع معجم رجال الحديث: 3/133.

(4) تهذيب التهذيب: 6/353.

(5) تهذيب التهذيب: 6/599.

(6) تهذيب التهذيب: 6/599 و3/358.

(91)

 

عبد الرحمان، ولعله لم يرو عن أبيه، لأنه ذكر أبناء الراوين عنه فيقال: «وروى عنه أولاده الحسن ورافع وعبيد الله المعتبر..»(1) بل كانت روايته بواسطة عمته هذه وربما كان عبد الرحمان صغيراً عندما توفي أبوه بحيث لم يرو عنه بل روى بواسطة عمته عنه(2) ولكن جاء في أسد الغابة سلمى واحدة خلافاً لما في التهذيب حيث عدها اثنتين إحداهما زوجة أبي رافع والتي كانت مولاة العباس بن عبد المطلب والثانية أخت أبي رافع والتي كانت مولاة صفية بنت عبد المطلب، ولكن يبقى أن تكون الرواية لسلمى عن زوجها أبي رافع هو الاحتمال الارجح لاحتمال اتحاد سلمى مولاة صفية مع سلمى مولاة العباس سابقاً كما سيأتي الحديث عنهما.

      والحاصل أن سلمى ليست ابنة لابراهيم أبي رافع ولا ابنة لسلمى أم رافع.

      11- زينب: ذكرها النمازي لدى تعداده أولاد أبي رافع إبراهيم القبطي(3) حيث عدهم سبعة، ستة أبناء وابنة واحدة، ولكنه لم يسند كلامه، ولم يذكرها في الرواة، ولم نجد من ذكرها.

      12- عبد الرحمان: ذكره ابن حجر في مكانين في ترجمة عمته سلمى(4) وآخر مستقلاً باسمه(5) حيث قال: «عبد الرحمان بن أبي رافع، ويقال ابن فلان ابن أبي رافع.

      روى عن عبد الله بن جعفر وعن عمه عن أبي رافع، وعن عمته سلمى عن أبي رافع، وعنه حماد بن سلمة..» ولكنه لدى الحديث عن عمته سلمى قال عنها: «لا تعرف» نقلاً عن ابن القطان(6).

____________
(1) تهذيب التهذيب: 6/353.

(2) راجع تهذيب التهذيب: 3/358.

(3) مستدركات علم رجال الحديث: 8/383.

(4) تهذيب التهذيب: 6/599.

(5) تهذيب التهذيب: 3/358.

(6) ابن القطان: هو أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي المتوفى في بغداد سنة 359هـ. فقيه شافعي له مصنفات في أصول الفقه وفروعه، درس في بغداد على ابن سريج وأبي اسحاق المروزي.

(92)

 

      والظاهر أن هناك خلطاً في عبد الرحمان فإنه ابن فلان اخت سلمى زوجة أبي رافع لتكون سلمى عمته وأبو رافع زوج عمته، لا أبوه. ويؤيد ذلك أنه جاء في طبقة أيوب بن الحسن بن علي بن أبي رافع(1) ويتضح أيضاً أن الحسن هو حفيد أبي رافع لا ابنه بل ابن علي بن أبي رافع.

      والحاصل أم ما يمكن الاعتماد عليه هو أن سلمى مولاة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) أنجبت لزوجها أبي رافع مولى الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) ولدين ذكرين هما: عبيد الله وعلي، وليس له بنات، وإنما كنيا بأبي رافع وأم رافع قبل أن تنجب(2) ولذلك عرف بتلك الكنية وهي عادة اسلامية عربية يكنى بها الذكور والاناث منذ الولادة أو بعيدها، ويمكن توضيح ذلك في الجدول التالي:

      إن بيت أبي رافع يعد من أرفع بيوت الشيعة واعلاها شأناً وأقدمها اسلاماً وايماناً(3).

      1- أبو رافع إبراهيم القبطي: ولد سنة 49ق.هـ وتوفي سنة 40هـ في المدينة كان مولى العباس بن عبد المطلب عم الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) أهداه للرسول (صلى الله عليه واله وسلم) اسلم قبل معركة بدر ولكنه أخفى إسلامه، ولما أخبر

_____________
(1) تهذيب التهذيب: 6/599.

(2) وربما انجبت له رافع إلا أنه توفي صغيراً وبقيت الكنية.

(3) الفوائد الرجالية: 1/203.

(93)

 

الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) باسلام العباس اعتقه وزوجه بعد ذلك مولاته سلمى أم رافع، هاجر الهجرتين إلى الحبشة مع جعفر بن أبي طالب «عليه السلام» ومع الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم) إلى المدينة، وصلى القبلتين- بيت المقدس والكعبة- وبايع البيعتين العقبة والرضوان، وشهد مشاهد الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) ما بعد بدر حيث لم يكن في المدينة وكان على نفل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في مكة، وبعد وفاة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) لازم علياً «عليه السلام» وهاجر معه إلى الكوفة فكان في خيار شيعته وشهد معه حروبه الثلاث وكان صاحب بيت المال في الكوفة، ولما توفي علي «عليه السلام» رجع مع الإمام الحسن «عليه السلام» إلى المدينة وتوفي في سنة الأربعين له كتاب السنن والأحكان والقضايا يرويه عن أمير المؤمنين «عليه السلام»(1)، وهو من أجلاء الثقات.

      2- سلمى: مولاة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وقد كانت مولاة عمته صفية بنت عبد المطلب فلما وصلت إلى الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)(2) زوجها من إبراهيم القبطي (أبي رافع) فأنبجت له ولدين عبيد الله وعلي، وقد شارك في وقعة حنين، وحضرت ولادة إبراهيم إبن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) كما حضرت غسل فاطمة الزهراء «عليه السلام»، بقيت على قيد الحياة وحضرت معركة كربلاء عام 60هـ، وليس لأبي رافع من غيرها أولاد،(3) بل بالاحرى لم يثبت أنه تزوج غيرها ولا هي تزوجت غيره.

      3- عبيد الله كان من خواص علي «عليه السلام» ومن كتابه وكان معه في الكوفة وشهد مشاهده(4) وهو من الرواة الثقات كأبويه إبراهيم وسلمى، له كتاب قضايا أمير المؤمنين «عليه السلام» وكتاب من شهد معه، وقد توفي في عهد الإمام الباقر «عليه السلام» 57- 113هـ(5).

__________
(1) الفوائد الرجالية: 1/205.

(2) وجاء في قاموس الرجال: 10/456 نقلاً عن أنساب الأشراف للبلاذري أن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ورث سلمى من أمه آمنة بنت وهب والتي توفيت سنة 47ق.هـ.

(3) راجع الوافي بالوفيات: 15/306.

(4) بحار الأنوار: 34/272.

(5) ولا يخفى أن الإمام الباقر «عليه السلام» تحمل مهام الإمامة بعد وفاة والده الإمام السجاد «عليه السلام» سنة 92هـ.

(94)

 

      4- علي: كان هو الآخر من خيار الشيعة ومن كتاب علي «عليه السلام» ومن الرواة الثقات، جمع كتاباً في فنون الفقه(1).

      وقد كون عبيد الله وعلي ومن أعقباه بيتاً رفيعاً من البيوتات العلمية في الكوفة(2) مما يشار إليه بالبنان ولهم دور كبير في نشر المعارف وكانوا من الرواة وعرف بيتهم بآل أبي رافع، وينتسبون إليه بالرافعي(3).

      إذاً فإن سلمى إذا كانت مولاة لصفية بنت عبد المطلب الهاشمية التي قد توفيت سنة 20هـ، وأنها قبلت إبراهيم ابن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) في 17/12/8هـ(4)، وحضرت حنين وخيبر(5) والتي حدثت في 10/10/8هـ، وحضرت غسل فاطمة الزهراء «عليه السلام» في 3/6/11هـ، وتوفي زوجها في أواخر عام 40هـ، وحضرت كربلاء سنة 61هـ وبقي ابنها البكر عبيد الله حتى روى عنها الإمام الباقر «عليه السلام» والذي ولد في 57هـ وان ابنها الآخر اعني علياً قد روى عنه سعيد بن المسيب المخزومي (15- 94هـ) لا نستبعد أن ولادتها كانت في العقد الثاني قبل الهجرة لتكون في معركة كربلاء في  العقد الثامن من عمرها، ومقتضى ذلك أنها توفيت بعد معركة الطف بقليل والله العالم.

      ولا شيء يدلنا على أنها اعتقت بل بقيت تورث فمن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) إلى آله لتكون من حصة الإمام الحسين «عليه السلام» ومن هنا كان حضورها في كربلاء.

      وعلى أي حال كانت من الرواة الثقات ومن اللائي والين الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وأهل بيته «عليه السلام».

___________
(1) راجع الفوائد الرجالية: 1/208.

(2) تاريخ التشريع الإسلامي للفضلي: 105.

(3) ومن ذلكم محمد بن الفضل الرافعي، واسماعيل بن الحكم الرافعي، راجع اعلام النساء: 2/245 عن تاج العروس في مادة «سلمى» ومعجم رجال الحديث: 3/131.

(4) وفي اسد الغابة: 7/ 147 كانت قابلة بني فاطمة «عليه السلام» أعني الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم أي من سنة 3هـ إلى 9هـ.

(5) خيبر وقعت المعركة في 7هـ وحنين في 8هـ.

(95)

 

      وأما السبب من وراء عدم حضور ابنيها عبيد الله وعلي فسنبينه في محله إن شاء الله تعالى.

      وفي النهاية لا بد من الإشارة إلى أنها حسب الظاهر انتقلت بالإرث أو الهبة إلى السيدة زينب بنت علي «عليه السلام»(1) وكانت في ركابها في رحلة الكرامة وتخدمها فرجعت إلى المدينة مع السيدة زينب «عليه السلام» وتوفيت فيها وعلى الأكثر أنها دفنت في البقيع.

      وقد سبق وذكرناها في حرف الألف باسم أم رافع سلمة(2).

__________

(1) راجع معالي السبطين: 2/320 وقد تقدم الحديث عن ذلك في مقدمة الترجمة.

(2) راجع معجم الأنصار (قسم النساء): 1/162.

(96)

 

حرف الشين

      52- شاه زنان بنت يزدجر الساسانية         11- 33هـ.

 

(97)

 

(98)

 

(52)

شاه زنان بنت يزدجر الساسانية

11- 33هـ(1) = 632- 710م

 

      هي: شاه زنان(2) بنت يزدجر الثالث(3) ابن شهريار(4) بن أبرويز(5) بن هرمز(6) بن أنو شيروان(7) الساساني.

      ضبط المفردة شاه زنان: مفردتان فارسيتان الأولى تعني الملك والكبير وإنما قيل للملك شاه لأنه الأقوى والأكبر ولذلك يقولون: « شاه رود» أي

______________
(1) جاء في إمام حسين در إيران: 2 أنها توفيت بعد مقتل الإمام الحسين «عليه السلام» أي بعد سنة 61هـ.

(2) شاه زنان: ذكرته كل المصادر منها كشف الغمة: 2/260، وبحار الأنوار: 46/7.

(3) يزدجر الثالث: ولد سنة 22ق.هـ (590م) هو أخر ملوك الساسانية حيث انتهت مملكتهم سنة 31هـ على يد المسلمين، وكان قد حكم البلاد سنة 16هـ، وقتل في اختفائه  وهروبه سنة 30هـ (651م)، ويعد الملك 37. ان مفردة «يزدجر» أصلها الفارسي تكتب كالتالي «يزدگرد» ولدى التعريب حول الكاف الفارسية إلى الجيم، وهناك من حذف الدال ومنهم من أثبتها.

(4) شهريار: لم يكن من الملوك بن كان من الأمراء، حيث كان على السلطة قبل ابنه يزدجر الثالث من قبل خسرو الخامس.

(5) ابرويز: هو پيروز (فيروز) الأول (خسرو الثاني) الملك الخامس والعشرين من الملوك الساسانية وحكم بعده قباد الثاني. وقد قتل سنة وفاة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) 11هـ، والعرب لدى التعريب يضيفون ألفاً في أوله ويبدلون الپاء الفارسية إلى باء عربية فتحول مفردة «پرويز» إلى «ابرويز».

(6) هرمز: هو الملك الرابع والعشرين من ملوك بني ساسان.

(7) أنو شيروان: هو ابن غباد (قباد) الأول، الملك الثالث والعشرون من ملوك الساسانية حكم بعد أبيه وهو المعروف بالعادل الذي تولد الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) في عهده سنة 53ق.هـ.

(99)

 

النهر الكبير، و«شاه راه» الطريق الرئيسي، وهكذا، والمفردة الثانية تعني النساء وزنان جمع زن وهي المرأة أي الأثنى ويطلق على الزوجة من باب المجاز أو اطلاق الكل على الجزء، أو كونه أحد مصاديق المفردة، والمعنى اللغوي للمفردتين معنا «ملكة النساء» واما المعنى العرفي لهما فيعني «سيدة النساء» أو بالعكس، وكلاهما واحد، وتختص المفردتان الفارستيان فيقال «شه ونان» وتكتب «شهزنان»(1) أيضاً وبما أن الخلاف وقع في اسمها فلا بد من ذكر اسمائهما جميعاً وهي كالتالي:

      1- شهربانويه(2) أولاً إن «يه» ألحقت به – الاسم- لدى التعريب، ومن المعلوم أن العرب كغيرهم لدى تحويل مفردة من لغة إلى أخرى يحاولون أن يعطوها طابعاً يناسب اللغة المحول إليها فالعرب قد يتركون المفردة كما هي إن كانت تلائم المذاق العربي كما لو كانت لها مشابهات وقد يغيرون في حركاتها أو يحذفون حرفاً أو حرفين أو يبدلون بعض حروفها وبالأخص إذا لم تكن تلك الحروف من الحروف العربية فيحاولون تبديلها بالأقرب إليها من حيث المخارج أو الأداء، وأما أن يضيفون بعض الحروف إليها، وجاءت هذه المفردة الفارسية التي نحن بصدد دراستها من النوع الأخير فالحق بها «يه»  وكأنهم أرادوا اعطاءها صيغة  الانوثة ولا يخفى أن لحروف العلة والمد دوراً في اختيار نوع الحروف المضافة.

      وأما بالنسبة إلى «شهربانو» من دون ما ألحق إليها فإنه مفردتان: الأولى تعني المدينة أو البلاد وبالتالي المملكة، والثانية تعني السيدة ويراد بها التجليل، وتعني كلاهما معاً سيدة البلاد والتي تجمع في كلمة واحدة (الملكة) وقد اصطلح منذ القدم على تلقيب زوجة الملك بالملكة وزوجة الأمير بالأميرة، وأبناء الملوك بالأمراء وبناتهم بالأميرات، وبما أنها كانت ابنة ملك الفرس فاطلق عليها الملكة أو الأميرة.

________
(1) وقد نقل المجلسي: 46/ 13 عن اعلام الورى: 1/481 «شهزنان» ولكن في الأصل حسب النسخة التي لدينا «شاه زنان»، وكذا فعل ابن أبي الثلج في كتابه تاريخ الأئمة: 24 وربما فصلوا بين المفردتين لتكتب «شه زنان».

(2) راجع الإمام زين العابدين للمقرم: 14، روضة الواعظين: 237، والمستجاد للعلامة الحلي: 162، وبحار الأنوار: 45/330، وإثبات الوصية: 129.

(100)

      ولا يخفى أن بعض المصادر ذكر في ضبط المفردة «شهربان»(1) بحذف الواو من آخر المفردة، فاطلق عليها الملكة أو الأميرة.

      2- جهان بانويه(2): تحدثنا عن المقطع الثاني «بانو» والمقطع الثالث «يه» فيما تقدم، وأما المقطع الأول «جهان» فتعني بالفارسية العالم بفتح اللام فإذا ما ركبت معا فتعني سيدة العالم أو ملكة العالم، وهذه الأسماء الثلاثة: «شاه زنان، شهربانو، وجهان بانو، كانت مستخدمة عند الفرس ولا زالت «شهربانو» من الاسماء المستخدمة إلى يومنا هذا، وعلى وجه الخصوص في أفغانستان وبالأخص عند المتكلمين بالفارسية أكثر من المتكلمين بالپشتو، بل هناك من تسمى بـ«بانو» كما هو الحال في استخدام المصريين «السيد» اسماً للذكور.

      3- جهان شاه(3): سبق بيان جهان، وكذلك بيان شاه فالأولى العالم والثانية الملك أو الملكة، وهما فارسيتان تعنيان ملكة العالم.

      4- خولة(4): سبق في الجزء السابق وتحدثنا عن المعنى والتسمية فلا نكرر.

      5- مريم(5): على زنة مفعل اسم أعجمي سميت بهأم النبي عيسى «عليه السلام» وهي ابنة عمران، وهي سريانية تعني المرتفعة(6) والمفروض أن يكون اشتقاقها من مرم، أو ريم فالأول لا وجود له في العربية، والثاني ربما أمكن إلحاقه به، والفعل قد ينقلب إلى رام الوادي فيتلبس معناه ويقال «رام العلا» أي قصده وأراده، ولكن اليائي منه ياتي على القياس «ريم» وان صح رام كما في باع، والريم هو الزيادة وما ارتفع من الأرض، وفي

____________

(1) تاج المواليد: 36، وحبيب السير: 1/203 وروضة الصفا الجزء الثالث في ذيل كلمة الإمام السجاد «عليه السلام».

(2) بحار الأنوار: 46/13 عن مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/176.

(3) راجع التتمة: 85، بحار الأنوار: 46/9، بصائر الدرجات: 355.

(4) مناقب آل أبي طالب: 4/176.

(5) بحار الأنوار: 46/13، عن المناقب: 4/176.

(6) المنجد في اللغة: 759.

(101)