تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1498

وله أيضاً :
هل خبّر القبر سائليـه أم قرّ عيناً بزائريه ؟
أم هل تراه أحاط علماً بالجسد المستكن فيه ؟
لو علم القبر من يواري تاه على كلّ من يليه
يا موت ماذا أردت منّي حقّقت ما كنت أتّقيه
يا موت لو تقبل افتداء لكنت بالروح أفتديه
دهر رماني بفقد الـفي أذمّ دهري وأشتكيه(1)

عن ابن عبّاس رضي الله عنه : لقد قتل أمير المؤمنين عليه السلام على أرض الكوفة فأمطرت السماء ثلاثة أيّام دماً .
أبو حمزة ، عن الصادق عليه السلام أنّه لمّا قبض أمير المؤمنين عليه السلام لم يرفع من وجه الأرض حجر الا وجد تحته دم عبيط .
وفي أخبار الطالبيّين أنّ الروم أسروا قوماً من المسلمين فاُتي بهم الملك فعرض عليهم الكفر ، فأبوا ، فأمر بإلقائهم في الزيت المغليّ ، وأطلق منهم رجلاً يخبر بحالهم ، فبينا هو يسير إذ سمع وقع حوافر الخيل ، فوقف فنظر إلى أصحابه الذين اُلقوا في الزيت ، فقال لهم في ذلك ، فقالوا : قد كان ذلك ، فنادى مناد من السماء في شهداء البرّ والبحر انّ عليّ بن أبي طالب قد استشهد في هذه الليلة ، فصلّوا عليه ، فصلّينا عليه ونحن راجعون إلى مصارعنا .
أبو ذرعة الرازي ، عن منصور بن عمّار أنّه سئل عن أعجب ما رآه ، قال : ترى هذه الصخرة في وسط البحر ، يخرج من هذا البحر طائر في كلّ يوم مثل
(1) مناقب ابن شهراشوب : 3 / 314 ـ 315 .
تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1499

النعامة فيقع عليها ، فإذا استوى واقفاً تقيّأ رأساً ، ثم تقيّأ يداً ، وهكذا عضواً عضواً ، ثمّ تلتئم الأعضاء بعضها إلى بعض حتى يستوي إنساناً قاعداً ، ثمّ يهمّ بالقيام ، فإذا همّ للقيام نقره نقرةً فيأخذ رأسه ، ثمّ يأخذ عذواً عذواً كما قاءه ، فلمّا طال عليَّ ذلك ناديته يوماً : ويلك من أنت ؟
فالتفت إليّ ذليلاً وقال : أنا ابن ملجم قاتل أمير المؤمنين عليه السلام ، وكّل الله بي هذا الطائر فهو يعذّبني إلى يوم القيامة .(1)
وسأل أبو مسكان الصادق عليه السلام عن القائم المائل في طريق الغريّ . فقال : نعم ، إنّهم لمّا جاءوا بسرير أمير المؤمنين عليه السالم انحنى أسفاً وحزناً على أمير المؤمنين صلوات الله عليه .(2)
وممّا رثاه به أبو الأسود الدؤلي رضي الله عنه :
ألا يا عين ويحك فاسـعدينا ألا فابكي أمير المـؤمـنيـنا
رزئنا خير من ركب المطايا وأفضلها(3) ومن ركب السفينا
ومن لبس النعال ومن حذاها ومن قرأ المثـانـي والمـبينا(4)
إذا استقبلت وجه أبي حسين رأيت البدر راق الناظـرينـا
يقيم الحدّ لا يـرتـاب فـيه ويقضي بالسرائـر(5) مستبينا
ألا أبلغ معاويـة بـن حرب فلا قرّت عيـون الشـامتيـنا
(1) مناقب ابن شهراشوب : 2 / 346 ـ 347 ، عنه البحار : 42 / 308 ـ 309 ح 9 .
(2) مناقب ابن شهراشوب : 2 / 348 .
(3) في المناقب : وحثحثها ، وفيالديوان : وخَيّسها ، وفي الأعيان : وفارسها . وحثحثها : أي أسرعها .
(4) في الديوان والأعيان : والمئينا .
(5) في المناقب : بالفرائض .
تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1500

أفي شهر الصيام فجـعتمـونا بخير النـاس طرّاً أجمعينا
ومن بعد النبـيّ فخير نفـس أبو حسـن وخير الصالحينا
كأنّ الـناس إذ فقـدوا علـيّاً نعام جـال فـي بلـد سنينا
وكنّا قـبل مهـلكة بخـيـر نـرى فينا وصيّ المسلمينا
فلا واللـه لا أنسـى عـليّاً وحسن صلاته في الراكعينا
لقد علمت قريش حيث كانت بأنّك خيرها نسباً(1) ودينـا
فلا تشمت معاوية بن حرب فإنّ بقيّة الـخلفـاء فيـنا(2)

ولمّا قال عمران بن حِطّان الخارجي لعنة الله عليه في ابن ملجم :
يا ضربة من تقيّ ما أراد بها إلا ليدرك من ذي العرش رضوانا
إنّي لأذكره حينـاً فأحسـبه أوفـى البريّة عند الـله مـيزانا(3)

أجابه بكر(4) بن حمّاد التاهرتي معارضاً له :
قل لابـن ملجم والأقدار غالبة هدّمتَ ويلك للإسـلام أركانا
قتلتَ أفضل من يمشي على قدم وأوّل الناس إسلامـاً وإيماناً
واعلم النـاس بالـقرآن ثمّ بما سنّ الرسول لنا شرعاً وتبيانا
(1) في المناقب : خيرهم حسباً .
(2) مناقب ابن شهراشوب : 3 / 315 ، ديوان أبي الأسود الدوؤلي : 71 رقم 45 ، أعيان الشيعة : 7 / 403 .
وقد اختلف في نسبة هذه القصيدة وفي عدد أبياتها ؛ فقد نسب في الاستيعاب وكفاية الطالب لاُمّ الهيثم بنت العريان النخعيّة ، ونسبت في الكامل في التاريخ لاُمّ العريان ، ونسبت في الأغاني وإنباه الرواة وتاريخ الطبري للدؤلي .
(3) الفَرق بين الفِرق : 72 ، الغدير : 1 / 324 .
(4) كذا في الأصل والاصابة : 3 / 179 ، وفي الاستيعاب : 2 / 472 : أبو بكر ، وفي الغدير : 1 / 326 : بكر بن حسّان الباهلي .
تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1501

صهر الرسول ومـولاه(1) وناصره أضحت مـناقبـه نـوراً وبرهانا
وكان منه على رغم الحـسود لـه مكان هارون من موسى بن عمرانا
وكان في الحرب سيفاً صارماً ذكراً ليثاً إذا ما لـقى الأقـران أقـرانا
ذكرتُ قـاتـله والـدمـع منـحدر فقلت سبحـان ربّ الـناس سبحانا
إنّي لأحـسبه مـا كـان مـن بشرٍ يخشى المعـاد ولكـن كان شيطانا
اشقى مــراد إذا عدّت قبـائلـها وأخسر الناس عند الـله مــيزانا
كعاقـر الـناقة الاولى التي جلبت على ثمود بأرض الحجر خـسرانا
قد كان يخبرهم أن سوف يخضبها قبل المـنيـّة أزماناً فـأزمـانـا
فلاعـفا الـله عـنه مـا تحـمّله ولا سقـى قبر عمـران بن حِطّانا
لقوله فـي شقـيٍّ ظـلّ مجـترماً ونال ما ناله ظـلـماً وعـدوانـا
يا ضربـة مـن تقـيّ ما أراد بها الا ليبلغ من ذي الـعرش رضوانا
بل ضربة من غويّ أورثـته لظى وسوف يلقى بها الرحمن غـضبانا
كأنّه لـم يـرد قـصداً بضـربته الا ليصلى عذاب الخلـد نيـرانـا(2)

قلت : يا من حبّه أعظم وسائلي إلى ربّي في حشري ، ويا من ذكره أطيب ما يخطر بقلبي ويمرّ بفكري ، ويا من ولاه رأس إيماني واعتقادي ، ويا من مدحه راحة روحي وأقصى مرادي ، مصابك جدّد أحزاني ، وهيّج أشجاني ، وقرّح مقلتي ، وأجرى عبرتي ، وأسهر ناظري ، وأظهر سرائري ، كلّما أردت أن اُكفكف دموعي ذكت نيران الأسى في ضلوعي ، وكيف لا اُذيب فؤادي بنار حسراتي ، واُصاعده دماً من شؤوني بتصاعد زفراتي ، وأشقّ لمصابك فؤادي لا
(1) في الغدير : صهر النبيّ ومولانا .
(2) الغدير : 1 / 326 ـ 327 .
تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1502

قميص حزني ، واُحرّم رقادي لوفاتك على قريح جفني ، وحبّك جُنّتي وجَنّتي في دنياي وآخرتي ، وولاؤك معاذي وملاذي يوم حشري وفاقتي ؟
كتبت أحرف خالص اعتقادي في حبّك على صفحات سرائري ، وظهرت آثار محض ودادي لمجدك على وجهات بواطني وظواهري ، عمّر الله لحبّك في قلبي منزلا شامخاً ، وثبّت بي في طريق شكوكي إلى عرفانك قدما راسخاً ، لمّا شرّفني ربّي باتّباعك ، وأكرمني بولائك ، ونزّهني عن دنس الشكّ في أمرك ، وأطلعني على جلال مجدك وفخرك ، وأعلمني أنّ أفضل الأعمال حبّك ، وأقرب القربى إلى الرسول قربك .
وقفت خالص ودّي على باب جلالك ، ووجّهت شكري إلى كعبة إفضالك ، لا اُريد بعد الله ورسوله منك بدلاً ، ولا أبغي عن اتّباع سبيلك حولاً ، بل طوّقت بطوق العبوديّة عنقي ، ووسمت بميسم الرقية لجنابك حسّي ومفرقي ، راجياً أن يثبتني في جرائد أرقّائك عبداً حبشيّاً ، وإن كنت علويّاً قرشيّاً .
نزّهك الله عن الدنيا لافانية ، واختار لك الدار الباقية ، وابتلى عباده بولائك ، وأخبرهم باتّباعك ، فمن اتّبع سبيلك فقد اتّبع سبيل المؤمنين ، وانتظم في سلك المخلصين ، وٍأسلم لربّ العالمين ، واستمسك بحبله المتين ، ومن تولّى عن أمرك وخفض المرفوع من قدرك ، ولم يفق واضح أمرك ، وكذّب بعلانيتك وسرّك ، وغشى بصره عن نور عدلك ، وقدّم عليك من لا يعادل عند الله شسع نعلك ن وسمّى الكاذب صدّيقاً ، والجاهل فاروقاً ، فقد ألحد في دين الله ، وكذّب ببيّنات الله ، وصار اسمه في صحائف التحقيق مذؤوماً مدحوراً ، وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له جهنّم وساءت مصيراً ، وخرج من عبادة الله إلى عبادة
تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1503

الشيطان ، واتّبع ما تتلو الشياطين على ملك سليمان(1).
أنت نور الحقّ ، ومحنة الخلق ، والسبب المتّصل بين الله وعباده ، والنهج الموصل لسالكه إلى سبيل رشاده ، لمّا أعلى الله على كلّ شأن شأنك ، ورفع على كلّ بنيان بنيانك ، وتوّجك بتاج العلم ، وحلّاك بحلية الحلم ، فصارت نفسك أشرف النفوس الإنسيّة ، وروحك أطهر الأرواح القدسيّة ، وقلبك مشكاة الأنوار الإلهيّة ، وذاتك مظهر الأسرار الربّانيّة ، وقرن طاعتك بطاعته ، ومعصيتك بمعصيته ، يدخل الجنّة من أطاعك وإن عصاه ، ويدخل النار من أبغضك وإن والاه .
وأمر رسوله أن يوردك في الغدير من زلال الاختصاص كأساً رويّاً ، وأن يرفع لك بآية التطهير في سماء الاخلاص كاناً عليّاً ، وأن يكمل الاسلام بعد نقصه بولايتك ، وأن يتمّ الايمان بصريح نصّه على خلافتك ، فقام صلى الله عليه وآله آخذاً ميثاقك على الأسود والأحمر ، موجباً ولاءك على كلّ من أخلص بالوحدانيّة لربّه وأقرّ ، وأخلصك بالاصطفاء ، وخصّك بسيّدة النساء ، وأعلمنا أنّ الله سبحانه تولّى عقدة نكاحها بشريف إرادته ، وأشهد على ذلك مقرّبي ملائكته ، وقرن حبّه بحبّك ، وجعل ذرّيّته من صلبك .
فشمخت لذلك معاطس أقوام حسداً وكفراً ، وأضمروا في حياة نبيّهم لجلال رفعتك حقداً وغدراً ، حتى إذا نقل الله نبيّه إلى جواره ، واختصّه بدار قراره ، أظهروا ما كمن من نفاقهم ، وأشهروا ما بطن من شقاقهم ، واتّخذوا عجلاً كقوم وسى ، وفارقوا الحقّ كاُمّة عيسى ، وبالغوا في إخفاء دين الله بآرائهم ،
(1) اقتباس من سورة البقرة : 102 .
تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1504

وراموا إطفاء نور الله بأفواههم ، وخالفوا الرسول بما أكّد عليهم بوصيّته ، وقطعوا الموصول ممّا أمر الله بصلته من عترته ، واتّخذوا الولائج من دون الله ورسوله ، وأجهدوا جهدهم في تحرف كتاب ربّهم وتبديله ، وعبدوا الطاغوت وقد اُمروا أن يكفروا به ، وصدّقوا من اتّفق النقل والعقل على تكذيبه ، وأقاموا مقام الرسول صلى الله عليه وآله شيطاناً مريداً ، وجبّاراً عنيداً ، وجهولاً ظلوماً ، وعتلّاً زنيماً ، وأكفأوا الاسلام ، وعبّروا الأحكام ، وحرّفوا الكتاب بأهوائهم ، وأوّلوا القرآن بآرائهم ، فلم يبق من الملّة الحنيفيّة الا رسمها ، ولا من الشريعة النبويّة الا اسمها .
ثمّ لم يقنعوا باغتصاب تراثك ، وانتهاب ميراثك ، حتى نصبوا لك غوائلهم ، ودفنوا لاخترامك حبائلهم ، وجرّدوا عليك مناصلهم وعواملهم ، وفوّقوا نحوك سهامهم ومعابلهم ، ولم يتركوا عهداً فيك الا نكثوه ، ولا وعداً الا أخلفوه ، وعدلوا بك من لا يمتّ بنسبك ، ولا يتّصل بسببك .
ثمّ أظهروا ما أخفوا من النفاق في عهد نبيّهم ، وأبدوا ما أضمروا من العناد بحقدهم وبغيهم ، وجعلوا خلافة الله ملكاً عضوضاً ، وما عاهدوا الرسول عليه عهداً منقوضاً ، وتواصوا بظلمك وهضمك ، وتعاهدوا على إخفاء فضلك وعلمك ، وموّهوا على الاُمّة المفتونة بزورهم ، وشبّهوا عليها بغرورهم ، وأغرّوا سفهاءها بسبّكز ، وحملوا طلقاءها على حربك ، حتىاغتالوك في حال توجّهك إلى معبودك ، وقتلوك حين ركوعك وسجودك ، وهدموا دين الاسلام بهدم بنيتك ، وفرّقوا كلمة الايمان بفرق هامتك ، وغاوروك في محرابك طريحاً ، وبين أصحابك طليحاً .
قد صدقت ما عاهدت الله عليه ، ووفيت بما ندبك سبحانه إليه ، ففزت
تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1505

بالشهادة التي فضّلك بها ، واصطفاك بفضلها ، وفكنت لوقتها منتظراً ، وبوصفها مشتهراً ، بما أعلمك به الصادق الأمين ، ومن هو على الغيب ليس بضنين(1)، بقوله صلى الله عليه وآله : لتخضبنّ هذه من هذا(2)، وبقوله صلى الله عليه وآله كأنّي وأنت قائم تصلّي لربّك وقد انبعث أشقى الأوّلين والآخرين فضربك على هامتك ضربة خضب منها لحيتك(3)، وقال سبحانه في شأنك ، ومن أصدق من الله قيلاً : «رجال صقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلاً»(4).
فلأنفذنّ لمصابك ماء شؤوني ، ولأحرمنّ لذيذ الكرى على عيوني ، ولأستنفذنّ العمر في مدائحك ومراثيك ، ولأبكينّ الدهر على ما حلّ بك وبنيك ، ولاُذيبنّ بنار حزني فؤادي ، ولأصعدنّه دماً من مقلتي بطول سهادي ، ولأندبنّك آناء ليلي ونهاري ، ولأجعلنّ الحزن بمهجتي ألفاً ، والبكاء على مقلتي وقفاً ، ولاُوجّهنّ إلى غاصبي حقّك مطايا لعني وهضمي ، ولأقرعنّ هامات مكذّبي صدقك بمقامع نثري ونظمي ، ولاُذيبنّ ما دلّسوا بغرورهم ، ولاُظهرنّ ما أخفوا من باطلهم وزورهم ، معتقداً ذلك من أعظم الوسائل إلى ربّي في حشري ، وأكمل الفضائل يوم بعثتي من قبري .
فمن جملة ذلك قصيدة تحلّي الطروس بجواهر مصارعها ، وتسرّ النفوس بتواصل مقاطعها ، نظمتها قبل ابتدائي بتأليف كتاب ، والله الموفّق للصواب :
(1) اقتباس من سورة التكوير : 24 .
(2) انظر : الأحاديث الغيبيّة : 1 / 48 ح 19 وص 49 ح 20 وص 51 ح 22 .
(3) انظر : الأحاديث الغيبّة : 1 / 53 ح 23 .
(4) سورة الأحزاب : 23 .
تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1506

صرف الردى بفنـي الزمان موكل ولهم بأسـيـفا المـنيـّة تـقتل
وهُم لأسـهم فتـكه غـرض فليس لهم سبـيـل عـنه أن يتـحوّلوا
في حكمةٍ بـقضائه فـي أخـذهم بالموت جـمعاً لا يجـور ويعدل
كم غادرت غَـدراتـه مــن قاهرٍ في الترب مـقهوراً تطأه الأرجل
عفت العواصف قـبره بهـبوبهـا وعلى ثراه الـسائمات تهـرول
أين الملوك بنـو الملـوك ومن هم كانوا إذا ركبوا يـذوب الجـندل
لعب الزمان بهـم فعمّا قـد جرى في حقّهم من صرفـه لا تـسألوا
بليت محاسنهـم وشـتّت شمـلهم وخلت مجالسهم وأفـنى الـمنزل
واستبدلوا بطن الثرى من ظهرها واروعتا بحشاي مـمّا استـبدلوا
يا من حيث مدامعي مـن أجلـهم في صحن خـدّي مطلق ومسلسل
عنّي خذوا خبـر الصبابة انـّني ما بين أربـاب الـغرام مــعدل
سقـمي لدعـواي المحبّة معـجز إذ دمع عيني مذ نـأيتـم مـرسل
يا مـن حقـيقة محنتي في حبّهم منـها سقـامـي مجـمل ومفصّل
ما ان ضـمـمت إلى زلال لقاكم إلا ولي مـن فيـض دمعي منهل
كلا ولا عـنّي تـأخّـر وصلكم إلا وهيّـجنـي غـرام مقـــبل
فلأندبنّ بحرقـةٍ مـن لـوعتي رضـوى يـذوب لهـا ويـذبـل
بالخيف خفت منيـّتي إذ لم أنل بمنى المنى منكم فـخطـبي مشكل
وبجمع أجمعتم قـطيـعة صبّكم فـغدا جـمالـكم يخـد ويـزمـل
ورميـتم قلـبي بجمـرة لوعةٍ بشُواظها مـنّي اُصـيـب المقـتل
فلأصـرفنّ مـودّتي عنكم إلى قـوم لـهم فـي المـجد باع أطول
قـوم هـم اما ولـيّك عـادل أو عـالـم أو حـاكـم أو مـرسل
تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1507

أو عـــابـد أو حـامـد أو زاهـد أو مـاجـد أو عـاضد أو مفضل
أو فائز يـوم الـغـديـر بـرتـبـة بعلوّها خـضع السمـاك الأعزلُ
مولى إليـه فـي الـحساب حـسابـنا وعلـيه فـي ذاك المـقام نـعوّل
وإذا بنـو الـدنـيا تـوالـت مثـلهـا فإليه من دون الـخـلائق نعـدلُ
فـرض الإلـه عــلى الأنـام ولاءهُ فرضـاً بـه نـزل الكتاب المنزل
إن كنتَ مـرتابـاً فـسـل عـن إنّما(1) فهي الدليل لـمن يصـحّ ويعـقل
كـتف النـبيّ لأخـمصيـك مـواطئ فلذاك خـدّ سـواك حـقّاً أسفـل
يــا أوّل الأقـوام إيـمـانـاً بـمـا أوحى الإله لابن عمـّك مـن عل
يا آخـراً عـهـداً بـه لمـّا قـضـى حزت الـعلى أنت الأخـير الأوّل
مـا رمـتُ نـظـمـاً فيـك إلا زانه سحراً يـزيـّن مقـولي ويجمـّل
وإذا مـديـح سـواك رامـت فكـرتي سمح القريض له وكـلّ المقـول
وإذا طـغى ريب الـزمـان بـعسـره فدعائي باسمك للعسـر يسهــّل
أعمـالنـا منـقوصـة مـقـصـورة إن لم يصحـّحها ولاك ويـكمـّل
مديـحك ألـبسـنـي ملابـس رفعـة لعلوّهـا فـوق الـمجـرّة أرفـل
كــم مـنـبـر شـرّفـته بـمدائـح في وصف مجدك فضلها لا يجهل
وخـطـابـة رصّـعتـها بـجـواهـر هام الثناء بهـا عـليـك يكـلّـل
تـعـنوا وجـوه اولي التـقـى لجلالها وذوو الشقاء حسـداً بها يتضاءلوا
مـاطال مـجـد بالمـكـارم والـتـقى إلا ومـجد عـلاك مـنه أطـول
رقمت حروف علاك في الصحف الاولى مفروضـة إذ مـا سواهـا مهمل
(1) أي قوله تعالى في سورة المائدة : 55 : «إنّما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون» .

السابق السابق الفهرس التالي التالي