تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1261

عاطل ، وكلّ عالم لا يعتمد عليه فهو جاهل ، وكلّ منطبق لا يقفو أثره فهو باقل(1) ، وكلّ فاضل لا يحذو حذوه فهو خامل .
ما من علم الا وهو أصله وفرعه ، وما من أدب الا وهو بصره وسمعه ، إليه يرجع المتألّهون في سلوكهم ، وبنور كشفه تكشف ظلمة الحيرة من سلوكهم ، أقدم الناس سلماً ، وأغزرهم علماً ، واعرفهم بكتاب الله ، وأذبّهم عن وجه رسول الله .
سيفه القاطع ، ونوره الساطع ، وصدّيقه الصادق ، ولسانه الناطق ، وأنيس وحشته ، وجليس وحدته ، ووليّ عهده ، وأبو ولده ، وأفضل الخلق من بعده ، لم يسبقه الأوّلون بعلم وجهاد ، ولم يلحقه الآخرون بجدّ واجتهاد ، نصر الرسول إذ خذلوا ، وآزره إذ فشلوا ، وآثره بنفسه إذ بخلوا ، واستقام على طريقته ، إذ غيّروا وبدّلوا .
مجده شامخ ، وعلمه راسخ ، كم حجّة لمارق أدحض ، وكم شبهة لزاهق قوّض ، وكم علم للشرك نكّس ، وكم جدّ للظلم أتعس ، وكم جمع للنفاس أركس ، وكم منطبق من اولي الشقاق أبلس ، أوّل من صام وصلّى وتصدّق ، وأقام الإسلام في بدر وحنين واُحد والخندق ، كم قصم فقار مشرك بذي الفقار ، كالوليد وعمرو وذي الخِمار(2)، ردّت له الشمس وقد دنت للطفل ، حتى أدّى فرضه وعن طاعة ربّه ما اشتغل .
أوّل في الدين ذو قدم وله عزّ إذا انتسبا
خصّة ربّي فصـيّره لبني بنت النبيّ أبا
(1) باقلٌ : اسم رجل يضرب به المثل في العِيّ . «لسان العرب : 11 / 62 ـ بقل ـ» .
(2) هو سُبيع بن الحارث ، من بني مالك .
تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1262

فهو سيّد الوصيّين ، وزوج سيّدة نساء العالمين ، وابناه سيّدا شباب أهل الجنّة ، وعمّه حمزة سيّد الشهداء ، وأخوه جعفر يسمّى ملكاً ، سيّد الطيور في الجنّة يطير عبد مناف سيّد العرب ، وحماته اُمّ المؤمنين أوّل امرأة أسلمت وصلّت وأنفقت ، ومنها نسل النبي صلى الله عليه وآله ، واُمّه فاطمة بنت أسد أوّل هاشميّة ولدت من هاشميّين .
وروى الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال : يا عليّ ، لك أشياء ليس لي مثلها ؛ إنّ لك زوجة مثل فاطمة وليس لي مثلها ، ولك ولدين من صلبك وليس لي مثلهما من صلبي ، ولك مثل خديجة امّ أهلك وليس لي مثلها ، ولك حمو(1) مثلي وليس لي حمو مثلي ، ولك أخ في النسب مثل جعفر وليس لي مثله في النسب ، ولك اُمّ مثل فاطمة بنت أسد الهاشميّة المهاجرة وليس لي اّمّ مثلها .
سلمان وأبوذرّ والمقداد : انّ رجلاً فاخر عليّاً عليه السلام فقال [النبيّ صلى الله عليه وآله](2): إن فاخرت العرب فأنت أكرمهم ابن عمّ ، وأكرمهم نفساً ، وأكرمهم زوجة ، وأكرمهم ولداً ، واكرمهم أخاً ، وأكرمهم عمّاً ، وأعظمهم حلماً ، وأكثرهم علماً ، وأقدمهم سلماً ، [وفي خبر :](3) وأشجعهم قلباً ، وأسخاهم كفّاً .
وفي خبر آخر : أنت أفضل اُمّتي فضلاً .(4)
وروى شيخ السنّة القاضي أبو عمرو عثمان بن أحمد في خبر طويل أنّ
(1) في المناقب : صهر ، وكذا في الموضع الآتي .
(2 و3 ) من المناقب .
(4) مناقب ابن شهراشوب : 2 / 170 ، عنه البحار : 40 / 68 ح 102 .
تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1263

فاطمة بنت أسد رأت النبي صلى الله عليه وآله يأكل تمراً له رائحة تزداد على كلّ الأطائب من المسك والعنبر ، من نخلة لا شماريخ لها ، فقالت : ناولني ـ يا رسول الله ـ أنل منها .
قال صلى الله عليه وآله : لا تصلح الا أن تشهدي معي [أن](1) لا إله إلا الله ، وأنّ محمدا رسول الله ، فشهدت الشهادتين ، فناولها فأكلت ، فازدادت رغبتها ، وطلبت اُخرى لأبي طالب ، فأوعز إليها صلى الله عليه وآله الا تعطيه الا بعد الشهادتين .
فلمّا جنّ عليها الليل اشتمّ أبو طالب نسيماً ما اشتمّ مثله قطّ فأظهرت ما معها فالتمسه منها ، فأبت عليه(2) الا أن يشهد الشهادتين ، فلم يملك نفسه أن شهد الشهادتين غير أنّه سألها أن تكتم عليه لئلّا تعيّره قريش ، فعاهدته على ذلك ، وأعطته ما معها ودنا إليها ، فعلقت بعليّ صلوات الله عليه في تلك الليلة ، ولمّا علقت بعليّ عليه السلام ازداد حسنها ، وكان يتكلّم في بطنها ، وكانت يوماً في الكعبة فتكلّم علي عليه السلام مع جعفر فغشي عليه ، فالتفتت فإذا الأصنام خرّت على وجوهها ، فمسحت على بطنها وقالت : يا قرّة العين ، تخدمك(3) الأصنام فيّ داخلاً ، فكيف شأنك خارجاً ؟! وذكرت لأبي طالب ذلك ، فقال : هو الذي قال لي عنه أسد في طريق الطائف .(4)
وروى الحسن بن محبوب ، عن الصادق عليه السلام أنّه لمّا أخذ فاطمة
(1) من المناقب .
(2) كذا في المناقب ، وفي الأصل : إليه .
(3) في المناقب : سجدتك .
(4) مناقب ابن شهراشوب : 2 / 172 ، عنه البحار : 35 / 17 ح 14 ، وحلية الأبرار : 2 / 19 ح 1 .
تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1264

بنت أسد الطلق أتت الكعبة فانفتح البيت من ظهره ودخلت فاطمة فيه ، ثمّ عادت الفتحة والتصقت وبقيت فيه ثلاثة أيّام تأكل من ثمار الجنّة وأرزاقها حتى ولدت أمير المؤمنين عليه السلام في جوف الكعبة .
وقيل : إنّه لمّا أخذها المخاض أتت الكعبة وقالت : ربّ إنّ مؤمنة بك وبما جاء من عندك من كتب ورسل ، مصدّقة بكلام جدّي إبراهيم ، فبحقّ الذي بنى هذا البيت ، وبحقّ المولود الذي في بطني لما يسّرت عليّ ولادتي .
فانفتح البيت ودخلت فيه وإذا بحوّاء ومريم وآسية واُمّ موسى ، وصنعن به كما صنعن برسول الله صلى الله عليه وآله عند ولادته ، فلمّا ولدته سجد على الأرض يقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله ، [وأشهد أنّ عليّاً وصيّ محمد رسول الله](1) ، بمحمد تختم النبوّة ، وبي تتمّ الوصيّة ، وأنا أمير المؤمنين ، ثمّ سلّم على النساء ، وأشرقت الأرض(2) بضيائها ، فخرج أبو طالب وهو يقول : أبشروا ، فقد خرج وليّ الله .
وفي رواية اُخرى : انّه لمّا خرجت به اُمّه من البيت قال لأبي طالب : السلام عليك يا أبة ورحمة الله وبركاته ، ثمّ تنحنح وقرأ : «بسم الله الرحمن الرحيم قد أفلح المؤمنون»(3) الآيات ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : قد أفلحوا بك ، أنت والله أميرهم تميرهم من علومك فيمتارون ، وانت والله دليلهم وبك يهتدون .
ووضع رسول الله صلى الله عليه وآله لسانه في فيه فانفجر اثنتا عشرة
(1) من المناقب .
(2) في المناقب : السماء .
(3) سورة المؤمنون : 1 .
تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1265

عيناً ـ الحديث ـ فحنّكه رسول الله بريقه ، وأذّن في اُذنه اليمنى ، وأقام في اليسرى ، فعرف الشهادتين وولد على الفطرة .(1)
وروي أنّه لمّا ولد [علي عليه السلام](2) أخذ أبو طالب بيد فاطمة ـ وعليّ على صدره ـ وخرج ليلاً إلى الأبطح ونادى :
يا ربّ هذا الغـسق الدجيِّ والقـمر المـبتلـج المضيّ
بيّن لنا من حكمك المقضيّ [ماذا ترى في اسم ذا الصبيّ ؟](3)

قال : فجاء شيء كالسحاب يدبّ على وجه الأرض حتى حصل في صدر أبي طالب فضمّه مع عليّ إلى صدره ، فلمّا أصبح إذا هو بلوح أخضر فيه مكتوب :
خصصتما بالولد الزكيّ ولاطاهر المنتجب الرضيّ
فاسمه من شامخ عليّ عليّ اشــتقّ من العلـيّ(4)

قال : فعلّق(5) اللوح في الكعبة ، وما زال هناك حتى أخذه هشام بن عبد الملك لعنه الله ، وإجماع أهل البيت أنّه ولد في الزاوية اليمنى في الكعبة ، فالولد الطاهر من النسل الطاهر ، ولد في الموضع الطاهر ، فأين توجد هذه
(1) مناقب ابن شهراشوب : 2 / 173 ـ 174 ، عنه البحار : 35 / 17 ذ ح 14 .
(2) من المناقب .
(3) من المناقب .
وفي «ح» : قال أبو طالب :
سمّيته بعليّ كي يدوم له عزّ العلوّ وخير العزّ أدومه
(4) انظر كفاية الطالب : 406 ، عنه الغدير : 7 / 347 . وفي الفضائل لشاذان : 56 ـ 57 ، عنه البحار : 35 / 102 ـ 103 .
(5) في المناقب : فعلّقوا .
تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1266

الكرامة لغيره ؟ فأشرف البقاع الحرم ، وأشرف الحرم المسجد ، وأشرف [بقاع](1) المسجد الكعبة ، ولم يولد فيه مولود سواه ، فالمولود فيه يكون في غاية الشرف ، وليس المولود في سيّد الأيّام يوم الجمعة في الشهر الحرام في البيت الحرام سوى أمير المؤمنين عليه السلام .(2) وأجمع أهل البيت بأدلّة قاطعة بأنّه معصوم ، وأجمع الناس انّه لم يشرك بالله أبداً ، وأنّه بايع(3) النبيّ في صغره وترك أبويه .
وأجمع أهل البيت بأدلّة قاطعة بأنّه معصوم ، وأجمع الناس انّه لم يشرك بالله أبداً ، وانّه بايع(3) النبيّ في صغره وترك أبويه .
وروى جابر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : ثلاثة لم يكفروا بالله(4) طرفة عين : مؤمن آل يس ، وعليّ بن أبي طالب ، وآسية امرأة فرعون .(5)
وروي أنّه اعترف رجل [محصن](6) عند أمير المؤمنين عليه السلام انّه زنا مرّة بعد مرّة وأمير المؤمنين يتغافل عنه حتى اعترف الرابعة ، فأمر صلوات الله عليه بحبسه ، ثمّ نادى في الناس ، ثم أخرجه بالغلس(7)، ثمّ حفر له حفيرة ووضعه فيها ، ثمّ نادى : أيها الناس ، هذه حقوق الله لا يطلبها من كان عليه مثلها ، فانصرفوا ما خلا عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين صلوات الله عليهم .(8)
(1) من المناقب .
(2) مناقب ابن شهراشوب : 2 / 174 ـ 175 ، عنه البحار : 35 / 18 ـ 19 .
(3) كذا في المناقب ، وفي الاصل : تابع .
(4) في المناقب : بالوحي .
(5) مناقب ابن شهراشوب : 2 / 177 .
(6) من المناقب .
(7) الغلس : ظلمة آخر الليل .
(8) مناقب ابن شهراشوب : 2 / 177 ، وزاد فيه : فرجمه ، ثمّ صلّى عليه .
تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1267

وفي التهذيب انّ محمد بن الحنفية كان ممّن رجع .(1)
وكان أمير المؤمنين ممّن وصفه الله تعالى «واجنُبني وبنيّ أن نعبد الأصنام»(2) ثم قال : «ومن ذرّيّتنا امّةً مسلمةً لك»(3)، فنظرنا في أمر الظالم فإذا الاُمّة قد فسّروه انّه عابد الأصنام ، وانّ من عبدها فقد لزمه الذّل ، وقد نفى الله أن يكون الظالم إماماً(4) لقوله : «لا ينال عهدي الظالمين»(5).
ووجدنا العامّة بأسرهم إذا ذكروا عليّاً قالوا : كرّم الله وجهه ، وأجروا ذلك على ألسنتهم ، يعنون بذلك : عن عبادة الأصنام .(6)
ديك الجنّ(7):
شرفي محبّة معشر شرّفوا بسورة هـل أتى
وولاي من في فتكه سمّاه ذو الـعرش الفتى
لم يعبد الأصنام قطّ ولا ألام ولا عـــتـا
ثبتاً إذا قدما سـواه إلى المـهاوي زلـّـتا
ثقل الهدى وكتـابه بـعـد الـنبـيّ تشتّتا
(1) تهذيب الأحكام : 10 / 11 ذ ح 23 وفيه أن ذلك كان في قضيّة اُخرى .
(2) سورة إبراهيم : 35 .
(3) سورة البقرة : 128 .
(4) في المناقب : خليفة .
(5) سورة البقرة : 124 .
(6) مناقب ابن شهراشوب : 2 / 177 .
(7) هو أبو محمد عبد السلام بن رغبان ، أصله من مؤتة ، وولد في حمص ، وهو شاعر مشهور مجيد ... وكان يتشيّع ، له مراث كثيرة للحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام ، توفّي سنة «235» هـ . «الكنى والألقاب : 2 / 212» .
تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1268

واحسرتاه من ذلّهم وخضوعهم واحسرتا
طالت حياة عدوّهم حتّى متى وإلى متى ؟

ثمّ انّه صلوات الله عليه لم يشرب الخمر قطّ ، ولم يأكل ما ذبح على النصب ، وغير ذلك من الفسوق وقريش ملوّثون بها .(1)
روى قتادة ، عن الحسن البصري ، قال : اجتمع علي وعثمان بن مظعون وأبو طلحة وأبو عبيدة ومعاذ بن جبل وسهيل بن بيضاء وأبو دجانة في منزل سعد بن أبي وقّاص ، فأكلوا شيئاً ، ثم قُدّم إليهم شيئاً من الفضيح ، فقام أمير المؤمنين عليه السلام وخرج من بينهم ، فقال عثمان في ذلك ، فقال علي : لعن الله الخمر ، والله لا أشرب شيئاً يذهب بعقلي ، ويضحك بي من رآني ، واُزوّج كرمتي من لا اُريد ، وخرج من بينهم ، فأتى المسجد ، وهبط جبرئيل بهذه الآية : «يا أيها الذين آمنوا ـ يعني الذين اجتمعوا في منزل سعد ـ إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان»(2) إلى آخرها ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : تبّاً لها ، [والله ـ يا رسول الله ـ لقد كان بصري فيها نافذ منذ كنت صغيراً .
قال الحسن :](3) والله الذي لا إله إلا هو ما شربها(4) قبل تحريمها ولا ساعة قطّ .(5)
ثم إنّه كان أبو طالب وفاطمة بنت أسد ربّيا رسول الله صلى الله عليه وآله ،
(1) مناقب ابن شهراشوب : 2 / 178 .
(2) سورة المائدة : 90 .
(3) من المناقب .
(4) كذا في المناقب ، وفي الأصل : ما شربتها .
(5) مناقب ابن شهراشوب : 2 / 178 .
تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1269

وربّى النبي صلى الله عليه وآله وخديجة لعلي عليه السلام ، وسمعنا(1) مذاكرة أنّه لمّا ولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه لم يفتح عينيه ثلاثة أيّام ، فجاء النبي صلى الله عليه وىله ففتح عينيه ، ونظر إلى النبي صلى الله عليه وآله ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : خصّني بالنظر ، وخصصته بالعلم .
وروي أنّ النبي صلى الله عليه وآله حين تزوّج خديجة قال لعمّه أبي طالب : إنّي اُحبّ أن تدفع إليّ بعض ولدك يعينني على أمري ويكفيني ، وأشكر لك بلاءك عندي .
فقال أبو طالب : خذ أيّهم شئت ، فأخذ عليّاً عليه السلام .(2)
نهج البلاغة : وقد علمتم موضعي من رسول الله صلى الله عليه وآله بالقرابة ، والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره وأنا وليد يضمّني إلى صدره ، ويلفّني(3) في فراشه ، ويمسّني خدّه(4) ، ويشمّني عَرفَه(5) ، وكان يمضغ الشيء ويلقمنيه ، وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة(6) في فعل ، ولقد قرن الله به صلى الله عليه وآله من لدن [أن](7) كان فطيماً أعظم مَلَكٍ من ملائكته يسلك به طريق المكارم ، ومحاسن أخلاق العالم ، ليله ونهاره ، ولقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر اُمّه ، يرفع لي [في](8) كلّ يوم عَلَماً من أخلاقه ،
(1) في المناقب : وسمعت .
(2) مناقب ابن شهراشوب : 2 / 179 ، عنه البحار : 38 / 294 ح 1 ، وحلية الأبرار : 2 / 28 ح 2 (صدره) .
(3) في النهج : وأنا وَلَد ... ويكنفني .
(4) في المناقب والنهج : جسده .
(5) عرفه : رائحته الذكيّة .
(6) الخلطة : واحدة الخَطَل ، وهو الخطأ ينشأ عن عدم الروية .
(7) من النهج .
(8) من المناقب والنهج .
تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1270

ويأمرني بالاقتداء به .(1)
فمن استقت عروقه من منبع النبوّة ، ورضعت شجرته ثدي الرسالة ، وتهدّلت أعصانه(2) من نبعة الامامة ، ونشأ في دار الوحي ، وربّي في بيت التنزيل ، ولم يفارق الني صلى الله عليه وآله ساعة في حال حياته إلى حال وفاته ، لا يقاس به أحد من سائر الخلق ، وإذا كان صلوات الله عليه نشأ في أكرم اُرومة ، وأطيب مغرس ، والعرق الصالح ينمي ، والشهاب الثاقب يسري ، وتعليم الرسول نافع(3)، ولم يكن الرسول صلى الله عليه وآله ليتولّى تأديبه ويتضمّن حضانته وحسن تربيته الا على ضربين(4): إمّا على التفرّس فيه ، أو بالوحي من الله سبحانه ، فإن كان بالتفرّس فلا تخطئ فراسته ولا يخيب [ظنّه](5) ، وإن كان بالوحي فلا منزلة أعلى ولا حال أدلّ على الفضيلة والامامة منه .(6)
ثمّ إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله خصّه بسيّدة النساء دون غيره بأمر الله سبحانه ، وتولّى سبحانه عقدة نكاحها ، وأنزل في ذلك قرآناً يتلى إلى يوم القيامة .
روى ابن عبّاس رضي الله عنه وابن مسعود وجابر والبراء وأنس
(1) نهج البلاغة : 300 خطبة رقم 192 ، عنه مناقب ابن شهراشوب : 2 / 180 ، والبحار : 38 / 320 ح 33 .
وأخرجه في حلية الأبرار : 2 / 30 ح 4 عن المناقب .
(2) كذا في المناقب ، وفي الأصل : عليه أغصانه .
(3) في المناقب : ناجع .
(4) كذا في المناقب ، وفي الأصل : الا على خير بيّن .
(5) من المناقب .
(6) مناقب ابن شهراشوب : 2 / 180 ، عنه البحار : 38 / 295 .
تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1271

واُمّ سلمة ، ورواه السدّي وابن سيرين(1) والباقر عليه السلام في قوله تعالى : «وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصِهراً» قالوا : هو محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام «وكان ربّك قديراً»(2) [القائم في آخر الزمان](3) لأنّه لم يجتمع نسب وسبب في الصحابة [والقرابة](4) الا له .(5)
عوتب صلى الله عليه وآله في أمر فاطمة ، فقال : لو لم يخلق الله عليّ بن أبي طالب ما كان لفاطمة كفو على وجه الأرض .(6)
ومثله روي عن ابي عبد الله الصادق عليه السلام ، وزاد فيه : آدم ومن دونه .(7)
قالت الناصبة : تزوّج النبي صلى الله عليه وآله من الشيخين ، وزوّج عثمان بنتين .
قلنا : التزويج لا يدلّ على الفضل ، وإنّما هو مبنيّ على إظهار الشهادتين ، ثمّ إنّه صلى الله عليه وآله تزوّج في جماعة ، وأمّا عثمان ففي زواجه خلاف كثير ، وأنّه صلى الله عليه وآله [كان زوّجهما من كافرين قبله ،](8) وليس حكم
(1) كذا في المناقب ، وفي الأصل : سدير .
(2) سورة الفرقان : 54 .
(3 و4 و7) من المناقب .
(5) مناقب ابن شهراشوب : 2 / 181 ، عنه البحار : 43 / 106 ، وعوالم العلوم : 11 / 279 ح 8 .
(6) مناقب ابن شهراشوب : 2 / 181 ، عنه البحار : 43 / 107 ، وعوالم العلوم : 11 / 282 ح 17 .
(7) مناقب ابن شهراشوب : 2 / 181 ، عنه البحار : 43 / 107 ، وعوالم العلوم : 11 / 281 ح 13 .
تسلية المُجالس وزينة المَجالس ـ ج 1272

فاطمة مثل ذلك ، لأنّها ولدت في الاسلام ، ومن أهل العباء والمباهلة والمهاجرة في أصعب وقت ، ووردت فيها آية التطهير ، وافتخر جبرائيل بكونه منهم ، وشهد الله لهم بالصدق ، ولها اُمومة الأئمة عليهم إلى يوم القيامة ، ومنها الحسن والحسين عليهما السلام ، وعقب الرسول ، وهي سيّدة نساء العالمين ، وزوجها من أصلها وليس بأجنبيّ .
وأمّا الشيخان فقد توسّلا إلى النبي بذلك .
وأمّا علي فتوسّل النبيّ إليه بعدما ردّ خطبتهما ، والعاقد عليها(1) هو الله تعالى ، والقابل جبرائيل ، والخاطب راحيل ، والشهود حملة العرش ، وصاحب النثار رضوان ، وطبق النثار شجرة طوبى ، والنثار الدرّ والياقوت والمرجان ، والرسول هو الماشطة ، وأسماء صاحبة الحجلة(2) ، ووليد هذا النكاح الأئمّة الطاهرين عليهم السلام .(3)
مع انّه قد روي أنّ زينب ورقيّة لم يكونا ابنتي رسول الله صلى الله عليه وآله على الحقيقة ، بل ربيبتيه من جحش ـ كان زوج خديجة قبل رسول الله صلى الله عليه وآله ـ روى ذلك صاحب كتاب الكشف واللمع ، ورواه البلاذري(4) أيضاً ، وكانت زينب تحت أبي العاص بن الربيع ، وأمّا رقيّة فتزوّجها عتبة بن أبي لهب ومات على كفره بعد أن طلّقها ، وتزوّج بها عثمان .
(1) في المناقب : بينهما .
(2) كذا في المناقب ، وفي الأصل : وسيّدة النساء صاحبة الحجلة .
(3) مناقب ابن شهراشوب : 2 / 182 ، عنه البحار : 43 / 107 ، وعوالم العلوم : 11 / 282 ح 18 .
(4) أنساب الأشراف : 1 / 397 و401 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي