العباس بن علي- جهاد وتضحية 89

اخترت بعض ما قاله هؤلاء ونبدأ:
1- كان العباس (عليه السلام) رجلاً وسيماً جميلاً، يركبُ الفرسَ المطهَّم ورجلاهُ تخطّان في الأرض، وكان يقال له قمر بني هاشم وكان لواء الحسين بن علي معهُ يوم قُتل

أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبين / ص185


2- لقد كان من عطف المولى سبحانه وتعالى على وليه المقدّس سلالة صاحب الخلافة الكبرى سيد الأوصياء أن جمعَ فيه صفات الجلالة من بأس وشجاعة وإباء ونجدةُ وخلال الجمال من سؤود وكرم ودماثة في الخلق

السيّد عبد الرزاق المقرّم، قمر بني هاشم/ ص20


3- لقد أبدى أبو الفضل يَومَ الطف من الصمود الهائل والإرادة الصلبة ما يفوق الوصف، فكان برباطة جأشه وقوة عزيمته جيشاً لا يقهر، وقد أرعب عسكر بن زياد وهزمهم نفسياً كما هزمهم في ميادين الحرب.

باقر شريف القرشي، العباس رائد الكرامة والفداء في الإسلام / ص9


4- لقد كان مثلاً أعلى في البطولة والعظمة الروحيّة والإيمان العميق بالله والإخلاص والتفاني والنصيحة والإنسانية السامية الرفيعة التي تكاد ترقى إلى مرتبة الملائكة.

الكاتب المصري محمّد كامل المحامي، عظماء الإسلام/ ص146


5-كان العباس شجاعاً مقداماً في الحرب، اجتمعت فيه مزايا الكمال وحازَ جلُّ الفضائل

سلمان هادي طعمة، تاريخ مرقدي الحسين والعباس / ص236



العباس بن علي- جهاد وتضحية 90

6- كانت له يوم كربلاء مقامات مشهودة ومواقف عظيمة وكانت له صفات عالية وأعمال جليلة امتاز بها، منها أنّه كان صاحب لواء الحسين (عليه السلام) واللواء هو العلم الأكبر ولا يحملة إلاّ الشجاع في العسكر.

السيّد محسن الأمين، المجالس السنيّة، ج1/ ص110


7- تعلمت من العباس بن علي (عليه السلام) كيف أجاهد وأقاتل الأعداء الذين يريدون أن يقضوا على تراثنا الإسلامي.

رئيس جمهورية الشيشان سابقاً، جوهر دودايف/ عن زيارته المرقد العباسي 1994م


8- كان شقيق الحسين (عليه السلام) مثل أعلى في التضحية والفداء من أجلب المبادئ السامية ووفياً للإخوة الصميمية النابعة من الدم النقي والأسرة الكريمة والأصول الرفيعة.

المفكر الهندي الكبير (طاغور)


9- سلام عليك أيها القائد العظيم الذي قدمت كل ما تستطيع من أجل عزّة ورفعة الإسلام ونصرة الحق.

البحاثة اللبناني الشيخ (عبد الحسين الأميني)


10- نال العباس بصموده الرائع هذا الخلود الأبدي وأصبح أحد عظماء الإسلام الذين يشار إليهم على مر العصور.

الشاعر الباكستاني (محمّد إقبال)/ جريد المسلم الباكستانيّة



العباس بن علي- جهاد وتضحية 91

11- إن الموقف المشرف الذي وقفه العباس في واقعة الطف الدامية يجعلنا أن نحني هاماتنا إجلالاً وإكراماً له.

المفكر اللبناني (ميخائيل نعيمة)


12- الموقف المبدئي الذي وقفه العباس بن علي (عليه السلام) مع أخيه جعلت من أصحاب الأقلام الصقيلة أن يكتبوا بإسهاب عن مآثر هذا الرجل الشجاع.

الشاعر العراقي (معروف الرصافي)


13- سلام عليك يا شبل حيدر يا من حملت كل صفات الرجولة والشجاعة، والوفاء والتضحية من أجل ترسيخ مبادئ الثورة الحسينية الخالدة.

الشاعر العراقي(محمّد مهدي الجواهري)


14- نال العباس بن علي مقاماً محموداً ومنزلة رفيعة وذلك من جراء مواقفه مع أخيه الحسين (عليه السلام) .

الكاتب العراقي(أنتسانس الكرملي)/ صاحب مجلة لغة العرب


15- هنيئاً لك أيها البطل الرابض على قمم المجد هذا الصرح الشامخ، والمقام الرفيع.

الشاعر السوري (محمّد المجذوب)


16- إن السيرة الخالدة التي سار عليها العباس بن علي جعلت كل الشرفاء يقتدون به ويسيرون على خطاه.

شيخ الأزهر السابق (محمّد شلتوت)



العباس بن علي- جهاد وتضحية 92

17- إن الملاحم التي سطرها العباس في ملحمة كربلاء جعلته أحد القادة العظام في تأريخ المسلمين.

الأديب المصري(أحمد رامي)


18- إن الموقف البطولي الذي أبداه العباس في معركة كربلاء جعلت منه أحد أكبر شجعان المسلمين في تأريخهم.

المسشترق الألماني (فلها وزن)


19- شيُّد للعباس جامع كبير تقديراً لبطولته الفذة التي أبداها يوم عاشوراء وتضحيته بنفسه من أجل أخيه الحسين (عليه السلام).

الرحالة الألماني (كارستن نيبور) عند زيارته لمدينة كربلاء في27/12/1765م.


20- أصبح العباس بن علي (عليه السلام) رمزاً من رموز التضحية من أجل المثل العليا والمبادئ السامية.

الأديب المصري (زكي مبارك)


21- ما من شخص يتحدث عن أبطال المسلمين إلاّ وأن يذكر بطولة هذا الرجل المقدام.

الشاعر السوري (نزار قبّاني)


22- إن الشجاعة الفائقة التي أبداها العباس بن علي (عليه السلام) في يوم العاشر من محرّم لهي دليل قاطع على إيمان هذا الرجل بقضيته العادلة.

الأديب المصري (محمّد رضا رشيد)/ صاحب جريدة المنار المصريّة



العباس بن علي- جهاد وتضحية 93

وهنا لابد أن نشير بأننا أخذنا هذه الأقوال من صحف عديدة وهي جريدة الفرات العراقيّة وجريدة المسلم الباكستانيّة ومجلّة العرفان اللبنانّية وجريدة كل شيء العراقية ومجلة لغة العرب البغداديّة، إضافة إلى ما سمعناه من أفواه العديد من الكتّاب والأدباء العراقيين الذين كانوا باستقبال الأدباء العرب والمسلمين الذين تشرفوا بزيارة مدينة كربلاء المقدّسة إضافة إلى ما ذكر في العديد من الكتب التي تحدثت أو ذكرت أقوال العديد من الأئمة الأطهار (عليه السلام).

العباس بن علي- جهاد وتضحية 94




العباس بن علي- جهاد وتضحية 95

قتلة العباس ينالون العقوبة

تذكر كتب التأريخ أنّ المجرمين الذين ساهموا في قتل العبّاس (عليه السلام) نالوا جزاءهم بعد مضيَّ فترة وجيزة.
يذكر المدائني أن رجلاً موثوقاً ذكر له أنه شاهد رجلاً من بني أبان بن دارم أسود الوجه وكان يعرفه من قبل بأنه جميلٌ شديد البياض فقلتُ له كدت أعرفك قالَ إني قتلتُ شاباً أمردَ مع الحسين (عليه السلام) بينَ عينيه إثر السجود فما نمتُ ليلةً إلاّ أتاني فيأخذ بتلابيبي حتّى يأتي بي جهنم فيدفعني فيها فأصيح فما يبقى أحدٌ في الحيّ إلاّ سمِعَ صياحي.
أما سبط بن الجوزي فيروي هذه الرواية فيقول أبلغني هشام بن محمد بن الأصبغ المجاشعي أنه لما أتي بالرؤوس إلى الكوفة إذا بفارس أحسن الناس وجها قد علق في لبان فرسه رأس غلام أمرد كأنه القمر ليلة تمامه والفرس يمرح فإذا طأطأ رأسه لحق الرأس بالأرض فقلت رأس من هذا؟ قال رأس العباس بن علي (عليه السلام) قلت ومن أنت؟ قال أنا حرملة بن كاهل الأسدي فلبثت أياما وإذا بحرملة ووجهه أشد سواداً من القار قلت رأيتك يوم حملت الرأس وما في العرب أنظر وجهاً منك ولا أرى اليوم أقبح ولا أسود وجهاً منك فبكى وقال والله منذ حملت الرأس وإلى اليوم ما تمر عليَّ ليلة إلاّ واثنان يأخذان بضبعي ثمّ ينتهيان بي إلى نار توجّج فيه فيدفعاني فيها وأنا أنكص فتصفعني كما ترى ثمّ مات على أقبح حال.

العباس بن علي- جهاد وتضحية 96

من هاتين الروايتين يتضح لنا بأن القتلة المارقين الذين لطخت أيديهم بدماء أبي الفضل الزكية الطاهرة قد نالوا عقابهم في الدنيا قبل الآخرة حيث عاشوا حياة تعيسة ومؤلمة جزاءً على فعلتهم النكراء أما في الآخرة فالويل لهم من العذاب الأليم الذي ينتظرهم فالخزي والعار لهؤلاء السفلة الذين تنكروا لمبادئ الإسلام وأساؤوا لآل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله) فاستحقوا العذاب جزاءً على فعلتهم النكراء. (1)

قمر بني هاشم/ ص21، تذكرة الخواص/ ص114.
العباس بن علي- جهاد وتضحية 97

العباس (عليه السلام) والشعراء

هزّ مصرع العباس (عليه السلام) العشرات بل المئات من الشعراء الفطاحل فقاموا بنظم القصائد الرائعة التي لا يمكن حصرها وعدها وتطرقوا في قصائدهم إلى منزلة العباس (عليه السلام) العظيمة وشجاعته الفائقة وصموده الرائع بوجه زبانية يزيد وأعوانه.
وفيما يلي ندون بعضاً من القصائد الجميلة الرائعة التي أنشدها الشعراء منذ استشهاد العباس (عليه السلام) وحتى يومنا هذا.
يقول الشاعر القديم الكميت بن زيد الأسدي وهو أحد شعراء القرن الهجري الثاني المرموقين:
أبو الفضل إن ذكرهم الحلوُ شفاء النفوس من أسقام
قتل الأدعياء إذ قتلوه أكرم الشاربين صوب الغمام

أما والدته السيدة الفاضلة الصابرة أم البنين فتقول فيه:
يا من رأى العباس كرّ على جماهير النقد
ووراه من أبناء حيدر كل ليث ذي لبد
أنبئت أن ابني أصيب برأسه مقطوع يد
ويلي على شبلي أمال برأسه ضرب العمد
لو كان سيفك في يـديك لما دنا منه أحد

أما حفيده الفضل بن الحسن فيقول فيه:

العباس بن علي- جهاد وتضحية 98

أحـــق النـــاس أن يــــــــبــكـــي علـــيــــه فـــــتى أبـــكى الحـــسيـــــن بـكــــربــلاء
أخــــــــوه وابـــــــن والــــــده عــــــلـــي أبــــو الفــــضل الـــمضــــرّج بالــــــدمـــاء
ومـــــــــن واســــاه لا يــــثـــنــــيه شــيء وجـــــاد لـــه علــــى عـــــــطـــش بــــمــاء

أما ما قاله الشعراء في أبي الفضل العباس (عليه السلام) فقد كان كثيراً كما قلنا وقد اخترنا عدداً من الشعراء الذين أجادوا في مدح ورثاء بطل العلقمي ومنهم الشاعر السيد نور السيد علي العاملي. أحد شعراء القرن الحادي عشر الهجري ولد في منطقة جبل عامل في لبنان ثم هاجر إلى دمشق واستقر فيها فأسس مدرسة علمية تخرج منها عدد كبير من فطاحل العلماء توفي سنة 1068 هجرية.
له أشعار كثيرة في مدح ورثاء أهل البيت (عليهم السلام) منها هذه القصيدة التي يخاطب فيها العباس (عليه السلام) حيث يقول:
لك الفخر بالعليا لك السعد راتب لك العز والإقبال والنصر غالب
لك المجد والإجلال والجود والعطا لك الفضل والنعما لك الشكر واجب
سموت على هام المجرة رفعة ودارت على قطبي علاك الكواكب
فيا رتبة لو شئت أن تبلغ السهى بها أقبلت طوعا إليك المطالب
بلغت العلى والمجد طفلا ويافعا ولا عجب فالشبل في المهد كاسب
سهوت على قالب السراجين صائــلاً فكلت بكفيك القنا والقواضيب
وحزت رهان السبق في حلبة العلا فأنت لها دون البرية صاحب
وجلت بحومات الوغى جول باسل فردت على أعقابهن الكتائب
فلا الدارعات المعتمات تكنها ملابسها لما تحن المضارب
ولا كثرة الأعداء تغني جموعها إذا لمعت منك النجوم الثواقب


العباس بن علي- جهاد وتضحية 99

خض الحتف لا تخش الردى فليس سوى الإقدام في الرأي صائب
وشمر ذيول الحزم عن ســاق عزمها فما ازدحمت إلا عليك المراتب
لأسلافك الغر الكرام قواعد على مثلها تبنى العلا والمناصب
زكوت وحزت المجد فرعاً ومحتداً فآباؤك الصيد الكرام الأطايب
ومن يرك أصلاً فالمعالي سمت به ذرى المجد واشتاقت إليه الرغائب

الشيخ محمد رضا الأزري
شاعر عراقي شهير ولد في بغداد في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي لمع في مجال الشعر منذ صباه فأخذ ينظم القصيدة تلو القصيدة وخاصة في المناسبات الدينية كمولد الرسول (صلى الله عليه وآله) ومولد الإمام علي (عليه السلام) واستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) وغيرها من المناسبات الدينية ومن قصائده الذائعة الصيت هذه القصيدة التي يستعرض فيها مناقب أبي الفضل العباس (عليه السلام) ودوره الخالد في الدفاع عن أخيه الحسين (عليه السلام) ومن ثم نيله الشهادة وهذا قسم من قصيدته:
بالرجال لحادث متفاقم لو حل هابطه لدان شمامها
وكذلك الدنيا متى تحسن تسئ وبمثل ذلك تنقضي أيامها
والغيث يلقى الشم قبل هضابها فلتخش معضلة الخطوب عظامها
فانهض إلى الذكر الجميل مشمراً فالذكر أبقى ما اقتنته كرامها
أو ما أتاكَ حديثُ وقعة كربلاء أنّى وقد بلغَ السماءَ قتامُها
يوم أبو الفضل استجارَ به الهدى والشمس من كدر العجاج لثامها
فحمى عرينه ودمدم دونها ويذُّب من دون الشرى ضرغامُها
والبيضُ فوق البيضِ تحسبُ وقعها زجلُ الوعودِ إذا اكفهرَّ غمامُها


العباس بن علي- جهاد وتضحية 100

من باسلٍ يلقى الكتيبةَ باسماً والشوسُ يرشحُ بالمنّية هامُها
وأشم لا يحتلُ دار هضيمةٍ أو يستقل على النجوم رغامُها
أو تكن تدري قريشُ بأنّه طلاع كل ثنِّية مقدَامُها
بطلٌ أطَلّ على العراقِ مجلّياً فاعصوصبتْ فرقاً تمور شئامُها
وشيَ الكرام فلا ترى من أمّة للفخرِ إلاّ ابن الوصيِّ إمامُها
هو ذاك موئلُ رأيها وزعيمُها لو حلَّ حادثها ولدَّ خصامُها
وأشدها بأسا وأرجحها حجىً لو ناصَ موكبها وزاغَ قوامُها
من مقدم ضرَبَ الجبال بمثلها من عزمِه فتزلزلتْ أعلامُها
ولكم له من ضربةٍ مضريّة قد كاد يلحقُ بالسحاب ضرامُها
أغرت به عصبُ ابن حربٍ فانشنتْ كلمى الجباهِ مطاشَة أحلامُها
ثم انثنى نحو الفراتِ ودونهُ حلبات غاربة يصلُّ لجامُها
فكأنه صقر بأعلى جوِّها جلى فحلق ما هناك حمامُها
أو ضيغم شس البراثن ملبدٌ قد شدَّ فانتشرت ثبى أنعامُها
فهنا لكم ملك الشريعة واتكى من فوق قائم سيفه قمقامُها
فأبت نقيته الزكية رّيها وحشا ابنُ فاطمةَ يشبُّ ضرامُها
فلذلكم ملأ المزادَ وزمـَّهُ وانصاعَ يرفُلُ بالحديد هُمامُها
حتى إذا دانى المخيَّم جلجلت سوداءَ قد ملأ الفضا أرزامُها
فجلا تلاتلها بجأشٍ ثابت فتقاعست منكوسةً أعلامُها
ومذ استطال عليهم متطلعاً كالأيم يقذفُ بالشواظِ سمامُها
حسمت يديه يدُ القضاء بمبرم ويد القضا لن ينتقضْ إبرامها

الشيخ مُحسن أبو الحَبّ
هو خطيب كربلاء في عصره المرحوم الشيخ مُحسن بن الحاج محمّد أبو الحب

العباس بن علي- جهاد وتضحية 101

من آل جشعم وُلد في مدينة كربلاء سنة 1235 هـ وتوفي في سنة 1305 هـ كان شاعراً قديراً حيث نظمَ المئات من القصائد الفاخرة وقد جمعت في ديوانه المخطوط باسم الحائريات هذا وقد قال في العباس (عليه السلام) عدّة قصائد ومنها هذه القصيدة الخالدة التي سنذكر قسماً منها حيث يقول:
هو المجدُ مطلوبٌ طالبُه وإن وضحتْ أعلامهُ ومذاهبه
فما ناله من ناله متهاوناً ولكنّه هانتْ عليه مصائبه
فقُم وانتضِ العزم الذي فيه مدركٌ لفخر إذا لم تَخبُ يوماً ثواقبُه
وابيض ماضِ الشفرتين مُهنّداً إذا سئل لم تفلل لقرع مضارَبُه
وَخُصّ غمرات طائر الهدى حائمٌ عليهن يدعو للمنّية ناعبُه
ولا تخافن أهوال المنايا فإنّها تهون إذا ما المرءُ هاجتْ رغائبُه
وإلاّ فسلني أيّ يومٍ تواثبت وهاجَت إلى نيل الفخار عصائبُه
وَسَلْ أيّ يومٍ حجَب الشمس نقعه بليل من الأكدارِ سؤدٌ غياهبه
نَعم يوم لم يصعُب مـن المجدِ مركّبٌ ولا غاربٌ إلا أبو الفضل راكــبُه
ويوم كأنّ البؤس مـنه نشيـــجهُ ودهم الخطوب المعضلات ربــائبه
جرى فيه مجرى لم يزل يرتقي به إلى كلّ عال لا تنال مــراتبُه
أبو الفضل لا تُحصى مواقف فضله فمنْ ذا يجاريه ومنْ ذا يُقاربُه
رأى الموت دون ابن النبيّ حياته لذلك ساغت في لهاه مشاربُه
فقام يلاقي غمرة الحتف خائضاً عجاجتها والحربُ تذكو مواهبُه
وطافَ على الجيش اللهام كأنّه سحابٌ هوام بالحتوف سواكبُه
فينهلُ منه كل أشوسَ مقدم ولما يهب منجاً من الموت هاربُه
تطوف به بيض الصفاح كأنما ُ توسطها بدرٌ وهنَّ كواكَب
كأن أسودَ الحربِ حُمرٌ يشلها أخوة لبدٍ والبارقات مخالبُه


العباس بن علي- جهاد وتضحية 102

إذا ما دَعاها للنزال تكعكعت حذاراً وولّى مستقلاّ محاربُــه
دعوني دعوني إنّ كل مقدّر على يده تجري امتثالا عواقبُه
يحاذره المقدار خوف قضائه عليه فتمسي كالحات مراقــبه
يقوم ببــــحر عائمه الــــردى فيرسب طافيه وتطفو رواسبه
ينوء بهم لو يكاد بعض مــــا يكابد منه الدهر لأنهار جانبه
يرى صبيةً أودى بها لاهبُ الظما فياليتَه أودى بقلــبي لاهــــــبُه
هنالك أودى للفرات ودونه لهامٌ كأمثال الجبال كتائُــبه
فولتْ فراراً خوفَ سطوة بأسه على أنّها لا تستطسع حاربُـــه
ولما احتوت ماءَ الفراتِ تــــذكر ابن فاطمةٍ والحرُّ هذي مناقِــبُه

الشاعر محمد حسن الحائري
الشيخ محمد حسن أحد شعراء كربلاء البارزين ولد في سنة 1300 هـ دخل المدارس الدينيّة في مدينتي النجف الأشرف وكربلاء المقدسّة وتخرّجَ منها بتفوق.
وأصل مسيرته العلمية فأصبح فيما بعد من رجال الدين المرموقين وظلّ وضع احترام وتقدير رجال العلم والأدبَ إلى أن توفّى سنة 1361 هـ.
له شعر وفير وقد انصبّ معظمه في مدح ورثاء أهل البيت (عليه السلام) أمّا ما قاله في العباس (عليه السلام) فكان كثيراً ونذكر هنا هذه القصيدة الطويلة والتي تتكون من 65 بيتاً وقد اخترنا قسماً منها يقول رحمه الله:
أبـــــو الإبـــاء وابــن بـجــدةِ الــلـقـــا رقى من العَلياء خـــــيرَ مُـــــــرتقـــــى
ذاك أبــــو الفـــضل أخــــو المعَالــــــي ســـــــلالةُ الجــــلالِ والــــــجـــمــــــال


العباس بن علي- جهاد وتضحية 103

شبلُ عليِّ ليث غابةِ القدم ومن يشابه أبَه فما ظلــم
صنو الكريمين سليلي الهدى علماً وحلماً شرفاً وســؤددا
هو الزكي في مدارج الكـــــــرم هو الشهيد في معارج الهـــمم
وارث من حـــاز مــواريثُ الـرُســـل أبو العقول والنفوس والمُثــــل
وكيف لا وذاتُه القدســـــــــــية مجموعة الفضائل النفسيّة
عليه أفلاكُ المعالي دائرة فإنّه قطب محيـــط الدائرة
له من العلياء والمآثــر ما جلَ أن يخطر في الخواطر
وكيفَ وهو في علوّه المنزلة كالروح في نقطة باء البسملة
وهو قوام مصحف الشهادة تّمت به دائرة السعادة
وهو لكل شدة ملـــــمة فإنّه عنقاء قافِ الهمّة
وهو حليفُ الحقّ والحقيقة والفردُ في الخلقة والخليقة
وقد تجلّى بالجمال الباهر حتى بدا سرّ الوجود الزاهر
غرته الغراء في الظهور تكادُ أن تلعبَ نور الطور
رقى أسماء المجدَ والفخار بالحقِّ يدعى قمر الأقمار
بل في سماء عالمِ الأسماء كالقمرِ البازغ في السماء
بل عالمُ التكوين من شعاعه جلَّ جلالُ الله في إبداعه
سرُّ أبيه وهو سرُّ الباري مليكُ عرشِ عالمِ الأسرارِ
أبوه عينُ الله وهو نورُها به الهدايةُ استنار طورها
فإنّه إنسانُ عين المعرفة مرآتُها لكلّ إسمٍ وصفة
ليس يد الله سوى أبيه وقدرة الله تــــجلت فيه
فلا سوى أبيه لله يــدُ ولا سواهُ لأبيه عـــضد
لـــه الــيد البيضاء في الكفاح وكيف وهو مـــالـــك ارواح


العباس بن علي- جهاد وتضحية 104

يمــــثل الكرّار في كــــرّاتــــه بل في المعاني الغرِّ من صفاته
صولتُه عند الــــنزال صــــولتُه لولا الغــلو قلتُ جــلَّت قدرتُـــه
هــــو المـــحيط في جــــولاته ونقطةُ المركزِ في ثـــــيابه
سطوته لولا القضاء الجــــاري تقضي على العالم بالــــبـــوار
وراسم المـــــنونِ حدّ مـــــفرده والفرقُ بين الجمع من ضرب يــده
بــــارقه صاعقة الــــعــــذاب بارقــــه يذهــــب بالألـــــباب

الشاعر محمد الحسين آل كاشف الغطاء
شاعرنا هذا أحد شعراء مدينة النجف الأشرف وأحد رجال الدين البارزين في القرن الرابع عشر الهجري.
ولد في مدينة الإمام علي (عليه السلام) النجف الأشرف ونشأ فيها ودخلَ مدارسها الدينية ودرسَ على يد أشهر أساتذة العلم في هذه المدارس واستمر في دراسته العلمية حتى عُدّ أحد كبار رجال الدين في العراق.
له قصائد عديدة في مدح ورثاء أهل البيت (عليهم السلام) ومن قصائده التي خص بها العباس (عليه السلام) هذه القصيدة نقتطف قسماً منها:
وتعبسُ من خوفٍ وجوه أميّة إذا كرّ عباسُ الوغى يتبسّمُ
أبو الفضل تأبى غيرةُ الفضلِ والإبا أباً فهو أما عنه أم فيه يُرسَمُ
عليمٌ بتأويل المنيّة سَيفُه نزولٌ على من يا لكريهة مُعلم
ويمضي إلي هيجاء مستقبل العدى بماضٍ به أمر المنيّ مبرمُ
وإن عاد ليل الحرب بالنقع إليلاً قيوم عداه منه بالشر أيَومُ
وإن سمع الأطفال تصرخ للظمأ تصارخَ منه الجحفل المتضخمُ


العباس بن علي- جهاد وتضحية 105

وصالَ عليهم صولة الليث مغضباً يحمحم من طول الطوى ويدمدم
وراحَ لمود المستقى حامل السقا واصدر عنه وهو بالماء مفــــعَم
ومُذ خاض نهر العلقمي تـــــذكر الحسين فولى عنه والريق علــــــــــــــقم
وأضحى ابن ساقي الحوض سقا ابن أحمـــد يروي عطاشى المصطفى الطهر إن ظموا
ولمــــــــــــا أبى مـــــــــنك الإبــــــــــــاء تأخـــــراً وإن أبا الفضل الذي يــــــــــــتقــــــــــدم
بهم حسمت يمناك ظلما ولم أخــــــــــــل يمين القضا في صارم الشرك تحسم
وإن عمود الفضل يخسف هامه عمود حديد للضلالة يدعــــــــــــــم
فألفاه مقطوع الــــــــــــيدين معفراً يفور من مخسوف هامته الــــــــــــــــــدم
فقال أخي قد كنت كبش كتيبتي وجنة بأمي حين أدهى وأدهـــــــــــــــم
فمن ناقع حر القلوب من الظما ومن دافع شر العدى يوم تهجم
ومن يكشف البلوى ومن يحمل اللوا ومن يدفع الأوى ومن يتقحــــــــــــــم
وحلت وقد خلفتني يا بن والدي أغاض بأيدي الظالمين وأهضم
أحاطت بي الأعداء من كل جانب ولا ناصر إلاّ سنان ولهــــــــــــــــــذم
فما زال ينعاه ويندب عنـــــــــــــــده إلى أن أفاض البقعة الدمع والدم
وأقبل محني الضلوع إلى النسا يكفكف عنها الدمع والدمع يسجم
ولاحت عليه للرزيا دلائل تبين لهم لكنه يتــــــــــــــكتم
وأقدم فردا للكريهة ليثها وسبعون ألفا عنه في الكرا أحجموا
فتحسب عزرائيل صاح بسيفه عليهم ففروا من يديه وأهزموا
وقل غضب الجبار دمدم صاعقاً بمنحوس ذياك والوجود وأعدموا
نمت عزمه البقيا عليه فما انثنوا ورق على من لا يرق ويرحـــــــــــــــــم


العباس بن علي- جهاد وتضحية 106

السيد حيدر الحلي
هو أبو الحسين حيدر بن سلمان بن داود وينتهي نسبه إلى الإمام علي (عليه السلام) ولد في مدينة الحلة سنة 1246 هجرية وتوفي سنة 1304 هجرية كان شاعراً مجيداً فاق شعراء عصره حتى عد أحد أشهر شعراء العراق في تلك الفترة له شعر كثير وخاصة في مدح ورثاء أهل البيت (عليه السلام) ومن أجمل ما قال شعراً في العباس بن علي (عليه السلام) هذه القصيدة التي يقول فيها:
حلولك في محـل الضيم داما وحـد السيف يأبى أن يضاما
وكيف تمس جانبك الليالي بذل أو تحل به اهتضاما
ولم تنهض بأعباء ثقال لهن سواك لم يطق القياما
ولم تضرم بحد السيف حرباً إلى كبد السما ترقى الضراما
فيملأ طرفك الآفاق نقعاً ويملأ سيفك الأقطار هاما
أتبذل للخمول جباب حر يحاذر أن يعاب وأن يذاما
وآلك بالضبا شرعوا المعالي وجيش الموت يزدحم ازدحاما
غداة طريدة المختار جاءت تقود لحربهم جيشاً لهاما
ورامت أن تسوم الضيم ندبا أبى من عزة عن أن يضاما
فأفرغ جأشه درعا عليه ونقع الموت صيره لثاما
يؤازره أخو صدق شمام يساند من أباطحه شماما
وصل في صريمته مواس لصل ينفت الموت الزؤاما
هو العباس ليث بني نزار ومن قد كان للاجي عصاما
هزبر أغلب تخذ اشتباك الرماح بحومة الهيجا أجاما


السابق السابق الفهرس التالي التالي