العباس بن علي- جهاد وتضحية 68

وكان الحديث مخصصاً ذلك اليوم عن سيرة العباس (عليه السلام) وجهاده في واقعة الطف، وقبل أن يصعد القارئ المنبر طلب والد الضرير من القارئ أن يدعو الله تعالى من على المنبر بمنزلة العباس (عليه السلام) عنده أن يشافي ولده ويعيد إليه بصره، وبعد انتهاء القارئ من قراءة التعزية طلب من الحاضرين رفع أيديهم للدعاء والطلب من الباري عزوجل وبحرمة العباس (عليه السلام) أن يعيد بصر هذا الشاب الضرير وقرأ هذا الدعاء (إلهي بحق فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها أن تعيد نظر هذا الشاب الضرير)، وقد رددوا هذا الدعاء ثلاثة مرات بعدها ختم المجلس وعاد الرجل وابنه الضرير إلى بيتهم.
وفي اليوم التالي وفي أثناء خروجي من الدار شاهدت الرجل والد الشاب وهو يخرج من داره مسرعاً ومعه أو ترافقه عدة سيارات فتوجهت نحوه مسرعا وعندما وصلت قريباً منه رأيته يجهش بالبكاء. فقلت له: ماذا جرى؟ فقال لي: في منتصف الليلة الماضية وبينما نحن نائمون وإذا بولدي يصرخ فهرعنا له وإذا به يقول: (صلوا على النبي وآله) فقد عاد إلي نظري فذهلنا بهذا الخبر السعيد، وقلت له: ماذا جرى لك يا ولدي؟ فقال: في الليلة الماضية وبينما أنا نائم وإذا برجلين وقورين جلسا عند رأسي فقال الأول وهو طويل القامة للآخر: سيدي أرجو أن تطلب من البارئ عز وجل أن يعيد لهذا الشاب نظره لأن والده طلب مني أن أدعو له الله بأن يعيد نظر ابنه. فقال الرجل الوقور: إنشاء الله يعاد إليه نظره، ورفع يديه الكريمتين وقال: (اللهم بحق محمد وآل محمد) أطلب منك أن تعيد نظر هذا الشاب بعدها مسح بيده على وجهي، وإذا بي أنهض من النوم وقد رجع إلي بصري فشكرت الله وحمدته وها أنا الآن أمامكم.

العباس بن علي- جهاد وتضحية 69

وفي عصر اليوم نفسه أقام والد الشاب مأدبة عشاء ضخمة جداً لأنه كان من أثرياء القرية بعدها طلب مني التوجه إلى كربلاء والكلام للزائر الهندي وتوزيع هذه المبالغ التي سبق وأن أعطيتها للفقراء ولخدم المرقد الطاهر.
وهذه كرامة أخرى من كرامات سيدنا العباس (عليه السلام) في صيف عام 1999 ميلادية وبينما أنا ذاهب لزيارة مرقد العباس (عليه السلام) شاهدت تجمعاً كبيراً من الناس فتوجهت إلى نحو التجمع وإذا بأحد الأشخاص من دولة عمان وقد جلب معه عدد من الخرفان مع عدد من القصابين ، وقام هؤلاء بذبح الخرفان وتوزيع لحومها على الناس، فسألت الرجل الخليجي عن سبب ذلك، فقال لي: إنه تزوج منذ خمسة عشر سنة ولم يرزقه الله باي مولود حيث كانت زوجته تسقط الجنين بعد شهرين او ثلاثة أشهر من الحمل الأمر الذي دعاه أن يلجأ إلى أشهر الأطباء بما فيهم أطباء أوربا لكن دون نتيجة ويمضي الرجل ويقول: وفي عام 1998 أشارت علي والدتي بالذهاب إلى العراق وبالخصوص إلى مدينة كربلاء والتوجه إلى مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) والطلب من الباري عزوجل بكرامة ومنزلة العباس (عليه السلام) عليه عنده أن يرزقني المولود الذي أريد، ثم رجعت إلى بلادي وبعد رجوعي اختليت بزوجتي، وبعد مرور شهر قالت لي زوجتي أنها تشعر ببعض الآلام فذهبت بها مسرعاً الى الطبيب الذي كنا نراجعه سابقاً فشخص الحالة وقال إن لدى زوجتك أعراض الحمل، فحمدت الله وشكرته، وبقيت أنا وزوجتي ننتظر المولود بخوف وحذر ونحسب الشهور شهراً شهرا، وفي الشهر الخامس من الحمل اقترح علينا الطبيب أن تذهب زوجتي لتصوير الجنين بجهاز السونار فذهبنا للفحص، وإذا بالطبيبة التي فحصت زوجتي تقول: أبشركم بوجود طفلين في أحشاء زوجتك أي توأم،

العباس بن علي- جهاد وتضحية 70

ولم أصدق الخبر وغمرتني الفرحة وبقيت أنتظر بلهفة شديدة الشهور المتبقية من الحمل إلى أن جاء موعد ولادة زوجتي فأنجبت طفلين ذكرين أسميناهما (عباس وحسين) وهما الآن في حضن أمهما وهما يتمتعان بصحة جيدة والحمد لله والشكر. فجئت إلى ضريح سيدي العباس (عليه السلام) لأداء مراسيم الزيارة والوفاء بالنذر لله عزوجل ببركة وكرامة العباس (عليه السلام) .
وهذه كرامة أخرى: روى لنا أحد خدام الروضة العباسية المقدسة هذه الحادثة قائلاً: في مطلع الستينيات ذكر لي والدي إن أحد الزائرين من مدينة البصرة العراقية جاء إلى ضريح العباس (عليه السلام) ووقف أمام الضريح مخاطباً أبي الفضل العباس (عليه السلام) وهو يبكي بعدها غادر المرقد. فسألته عن سبب ذلك فلم يجبني وبعد عدة أيام جاء نفس الرجل ومعه ولد شاب فحلف الولد اليمين عند الضريح ثم خرج وحده. فالتفت إلى الرجل وسألته أن يفسر لي ما حدث، فقال لي: إن هذا الولد هو ابن جارنا وقد شككنا به في سرقة بعض النقود من دارنا، وعندما واجهته بذلك نفى وقال لي: أتريد أن أحلف لك عند ضريح العباس (عليه السلام) فقلت له: نعم، وها هو قد أدى اليمين وذهب. ثم غادر الرجل المرقد المقدس.
وفي عصر نفس اليوم جاء الرجل مع زوجته التي كانت تزغرد وترمي الحلوى فقلت للرجل ماذا حدث؟ فقال الرجل: صعدنا إلى سطح الدار فرأينا النقود في وسط سطح الدار والولد في سطح داره وهو عاري ويصرخ بصوت عال (أنا الذي سرقت النقود). وهكذا فضحه الله لكذبه ويمينه الكاذب في حضرة سيدي العباس (عليه السلام) .
وهذه كرامة أخرى: في إحدى الزيارات المخصوصة التي يتوجه فيها

العباس بن علي- جهاد وتضحية 71

الملايين من المسلمين إلى كربلاء لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) وأخيه العباس (عليه السلام) جاءت امرأة ومعها ابنتها الشابة وهي هزيلة صفراء الوجه فقامت المرأة وابنتها الى الروضة العباسية المقدسة بشق الأنفس وذلك بسبب الزحام الشديد وأجلستها عند ضريح العباس (عليه السلام) ورفعت يديها إلى السماء وهي تدعو الباري عزوجل وتسأل منه بكرامة العباس (عليه السلام) وأهل البيت الأطهار عند الله أن يشافي ابنتها التي كانت مصابة بمرض السل الرئوي، بعدها غادرت المرقد الشريف، وفي الأسبوع الثاني جاءت إلى المرقد وأخذت بتفريق النقود على الفقراء، فسألها أحد خدام الروضة المقدسة (والذي ذكر لي هذه الحادثة) عن الذي جرى فعرف أن ابنتها وبعد مغادرتها مدينة كربلاء راجعت الأطباء وبعد إجراء التحليلات أخبروها بأن التحليلات نظيفة وأن صحتها في تحسن مستمر، فحمدت الله وجاءت إلى العباس (عليه السلام) لكي تزوره وتشكر الله تعالى على شفاء ابنتها ببركة العباس (عليه السلام).
هذه نماذج لعدد من الكرامات التي تنسب لسيدنا العباس (عليه السلام) وهنا تجدر الإشارة بأن أبا الفضل العباس (عليه السلام) لم يكن ملجأ للمسلمين فقط بل حتى لأبناء الأديان الأخرى كإخواننا المسيحيين والصابئة وقد شاهدت بأم عيني عدداً كبيراً من هؤلاء الإخوة يتوجهون الى العباس (عليه السلام) عندما تضيق بهم الأمور فيتوسلولن إلى الباري عزوجل بحرمة العباس (عليه السلام) عنده أن يمن عليهم بالرزق والصحة وقضاء حاجتهم.
ويذكر المؤرخين عن روايات معتبرة بأن السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) تأتي يوم القيامة وهي تحمل بيديها كفي العباس (عليه السلام) الذين

العباس بن علي- جهاد وتضحية 72

قطعا يوم العاشر من المحرم دفاعاً عن ولدها الحسين (عليه السلام) .
وتطلب من الباري عزوجل أن يثأر لها ويعاقب الذين قاموا بهذا العمل الإجرامي فرجل تطالب الزهراء بحقه كيف تكون منزلته عند الله.
وقد قال الرسول (صلى الله عليه وآله) بحق ابنته الطاهرة سيدة نساء العالمين أحاديث كثيرة اتفق كل علماء المسلمين على اختلاف مذاهبهم على صحتها ومنها:
(فاطمة بضعة مني فمن أغضبها فقد أغضبني)
(فاطمة بضعة مني يؤذيني من آذاها ويسرني من أسرها)
(إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها)
(فاطمة بضعة مني يؤذيني من آذاها وينصبني من أنصبها)
ومن هذه الأحاديث النبوية يتبين ما لهذه السيدة الكريمة من مكانة سامية عند العلي القدير.
إذ يمكننا القول جازمين بأن العباس بن علي (عليهما السلام) هو أهل للكرامات وأهل للملمات ويستحق كل الإكرام والتبجيل على وقفته الرائعة في معركة الشرف والإباء معركة الطف الخالدة.
وهناك مثل شعبي يقول (لا تطلب الكلفات إلا من أهلها) فنعم أبو الكلفات سيدي أبو الفضل العباس (عليه السلام) وعلى أبيه وجده ألف تحية وسلام.
وأخيراً أحببت أن أذكر هذه الرواية التي رواها صاحب كتاب مدينة المعاجز وهذا نصها:
روى رجل من بني أسد وقال كنت زارعاً على نهر العلقمي بعد ارتحال عسكر بني أمية عدت إلى منطقتي فرأيت عجائباً لا أستطيع أن أحكي إلا بعضا

العباس بن علي- جهاد وتضحية 73

منها كانت إذا هبت الريح تمر علي نفحات كنفحات المسك والعنبر وأنا أترك التعليق على هذه الرواية للقارئ الكريم.
هذا وهنا وجب أن نذكر بأن عدد من هذه الروايات قد سمعناها من رجال موثوقين ومن خدمة الروضة العباسية المقدسة. (1)

(1)بطل العلقمي، ج3/ ص426، قمر بني هاشم/ ص80، مرقد الحسين والعباس/ ص254، عقيدة الشيعة/ ص111، ينابيع المودة/ 171، الصواعق المحرقة/ ص168، صحيح البخاري، ج2/ ص265، فاطمة الزهراء أم أبيها/ ص34، مرقد العقيلة زينب/ ص218، جواهر الإتيان/ ص194، أسرار الشهادة/ ص325، مدينة المعاجز/ ص263، الكبريت الأحمر، ج2/ بطل العلقمي ج3/ ص80-120.
العباس بن علي- جهاد وتضحية 74




العباس بن علي- جهاد وتضحية 75

المراحل التي مر بها قبر العباس (عليه السلام)

كانت الأعمال التي جرت لمرقد العباس (عليه السلام) ولروضته المقدسة مرادفة لمرقد أخيه الحسين (عليه السلام) باستثناء بعض الأمور فمثلاً حدث حريق كبير في الروضة الحسينية المطهرة سنة 407هـ كما سقطت القبة التي كانت فوق المرقد الحسيني سنة 273 هـ بسبب تصدع البناء وفيما يلي أذكر أهم المراحل والأدوار التي مر بها مرقد العباس (عليه السلام):
1- في سنة65 هـ جرى بناء القبر بناء بسيطاً من قبل الثائر سليمان بن صرد قائد ثورة التوابين عندما جاء هو وأتباعه ليقيموا عند قبر الحسين (عليه السلام) بعد أن أعلنوا ندمهم ثم اتجهوا فيما بعد وأعلنوا ثورتهم ضد أمير الكوفة عبيد الله بن زياد.
2-في سنة66 هـ تم إعادة بناء القبر بأمر المختار الثقفي بعد أن أعلن عن قيام حركته في الكوفة.
3-في سنة199 هـ جرى بناء القبر الشريف وإضافة مرافق عامة من قبل الخليفة العباسي المأمون.
4-في سنة247 هـ جرى إعادة بناء المرقد الطاهر وتوسيعه من قبل الخليفة العباسي (المنتصر).
5-في سنة283 هـ جرى تعمير المرقد وتطويره من قبل حاكم طبرستان الملقب بالداعي الصغير.

العباس بن علي- جهاد وتضحية 76

6-في سنة369 هـ جرى العبث في المرقد المقدس من قبل عصابة مجرمة بقيادة المدعو ضبة الأسدي حيث أساء إلى حرمة المرقد المقدس.
7-في سنة371 هـ جرى تعمير وتطوير المرقد المقدس من قبل عضد الدولة.
8-في سنة380 هـ جرى تعمير المرقد العباسي المطهر من قبل عمران بن شاهين وهو أحد أمراء الجزيرة في تلك الفترة.
9-في سنة400 هـ جرى تعمير المرقد من قبل وزير سلطان الدولة.
10-في سنة410 هـ جرى تعمير المرقد المقدس من قبل الوزير ابن سهلان.
11-في سنة450 هـ جرى تعمير المرقد المقدس من قبل الأمير دبيس الأسدي أحد أمراء دولة بني مزيد التي كانت عاصمتها مدينة الحلة.
12-في سنة489 هـ جرى تخريب المرقد الطاهر والاعتداء على حرمته من قبل بعض العصاة الشقاة.
13-في سنة545 هـ جرى تعمير المرقد المقدس من قبل الخليفة العباسي الناصر لدين الله.
14-في سنة620 هـ جرى تعمير المرقد الطاهر من قبل أحمد بن الناصر لدين الله الخليفة العباسي.
15-في سنة764 هـ جرى تعمير المرقد الشريف من قبل السلطان الأيلخاني أويس الأيلخاني.
16-في سنة767 هـ جرى تعمير المرقد المقدس من قبل الخواجه مرجان أحد الولاة الأتراك.
17-في سنة858 هـ جرى تخريب المرقد المطهر من قبل علي بن فلاح المشعشعي رئيس دولة المشعشعين الذين كانوا من الغلاة الذين يزعمون بأن الإمام علي بن أبي طالب (عليهما السلام) هو الله.

العباس بن علي- جهاد وتضحية 77

18-في سنة859 هـ جرى تعمير المرقد المقدس من قبل أحد أمراء دولة الخروف الأسود.
19-في سنة914 هـ جرى تعمير المرقد الطاهر من قبل اسماعيل باشا العثماني.
20-في سنة941 هـ جرى تعمير المرقد المعظم من قبل السلطان العثماني سليمان القانوني.
21-في سنة931 هـ جرى تعمير المرقد المقدس من قبل والي بغداد علي باشا.
22-في سنة957 هـ جرى تعمير المرقد المقدس من قبل السلطان نظام الدين.
23-في سنة1048 هـ جرى تعمير المرقد الشريف من قبل أحد ملوك الهند.
24-في سنة1117 هـ جرى تعمير المرقد المقدس من قبل السلطان العثماني مراد الرابع.
25-في سنة1149 هـ جرى تعمير المرقد الشريف من قبل الوالي حسن باشا.
26-في سنة1156 هـ جرى تعمير المرقد من قبل السلطان العثماني .
27-في سنة1214 هـ جرى تعمير المرقد من قبل السلطان فتحي القاجاري.
28-في سنة1801 م قام الوهابيون بمهاجمة مرقد العباس (عليه السلام) وسلب ونهب ما وجد فيه من تحف وهدايا ثمينة وتخريب الروضة المقدسة تخريباً كبيراً.
29-في سنة1258 هـ جرى تخريب المرقد المقدس من قبل عسكر نجيب باشا عندما شن هجومه الغادر على مدينة كربلاء المقدسة من هذه السنة

العباس بن علي- جهاد وتضحية 78

30- جرى تعمير المرقد المقدس في سنة 1259 هـ من قبل ملك سلطنة أود الهندية.
31-في سنة1266 هـ جرى تعمير المرقد المقدس من قبل السلطان العثماني عبد المجيد خان.
32-في سنة1270 هـ جرى تعمير المرقد المقدس من قبل أحد الأمراء الأكراد.
33-في سنة1273 هـ جرى تعمير المرقد المقدس من قبل ناصر الدين شاه
34-في سنة1296 هـ جرى تعمير المرقد المقدس وإدامة بعض الجدران التي أصيب بأضرار جراء مرور فترة على بنائها.
35-في سنة1300 هـ قامت السيدة تاج محل وهي إحدى أميرات الهند بالتبرع لتطوير المرقد المقدس.
36-في سنة1309 هـ جرى تعمير المرقد المطهر من قبل السلطان العثماني عبد الحميد.
37-في سنة1335 هـ جرى تعمير المرقد المطهر من قبل وزارة الأوقاف العراقية.
38-في سنة1355 هـ جرى تعمير المرقد المقدس من قبل السلطان الهندي طاهر سيف الدين زعيم طائفة البهرة في العالم.
39-في سنة1965 م جرى تجديد ضريح العباس (عليه السلام) حيث احتفلت مدينة كربلاء بوصول الضريح الجديد الذي صنع من الذهب الخالص وجرى نصب هذا الضريح في احتفال مهيب شارك فيه جمع غفير من أبناء المدينة إضافة إلى عدد من مسؤولي الدولة.
هذه مجمل المراحل والأدوار التي مر بها مرقد العباس (عليه السلام)

العباس بن علي- جهاد وتضحية 79

ولا تزال يد الإعمار مستمرة وعلى مدار السنة لتطوير وتنظيم المرقد المقدس حيث تخصص المبالغ من قبل وزارة الأوقاف العراقية لتطوير هذا المرقد الطاهر وإظهاره بشكل يليق بمكانه وعظمة شبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام). (1)

(1) أربعة قرون من تاريخ العراق/ ص233، تاريخ العراق بين احتلالين، المجلد السادس، تاريخ مرقدي الحسين والعباس (عليهما السلام) / ص269.262، مدينة الحسين (عليه السلام) ،ج2 /ص175، تراث كربلاء/ ص61،71، هذا الحسين/ ص211.201، قمر بني هاشم/ ص129.126، مختصر تاريخ كربلاء/ ص40، تاريخ مرقد الحسين (عليه السلام)، جريدة المنار البغدادية. العدد(3242 لسنة 1965)، كربلاء وحائر الحسين/ ص120.110، مختصر تاريخ كربلاء/ ص40، الضوء اللامع. لشمس الدين السنجاري، ج6/ ص7، تحفة الأزهار وزلال الأنهار، ج3/ ص115، تاريخ المشعشعين / ص52.51، الكامل في التاريخ، ج7، مجالي اللطف بأرض الطف/ ص56، المنتظم لابن الجوزي، المجلد 6، تاريخ الطبري، ج11. حوادث سنة236، الآمالي. للشيخ الطوسي/ ص307، مختصر تاريخ العرب/ ص173.172، عنوان المجد في أحوال نجد، ج1/ ص133، خمسية وخمسون عاماً من تاريخ العراق للحلواني/ ص74، تاريخ كربلاء المعلى/ ص25.54، تأريخ العراق الحديث/ ص89.88، أعيان الشيعة، 42/ ص238، موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء، جزء 1، شهداء الفضيلة/ ص307.306، بغية النبلاء من تاريخ كربلاء، كربلاء بالتالريخ تسخير كربلاء.
العباس بن علي- جهاد وتضحية 80




العباس بن علي- جهاد وتضحية 81

مقاما كفي العباس (عليه السلام)

وبعد أن تحدّثنا عن مرقد العباس (عليه السلام) والمراحل التي مرّ بها نأتي هنا ونتحدث عن مقامي كفي العباس (عليه السلام) لأنهما على صلة ببحثنا هذا.
مقام الكف الأيمن:
من المعروف بأن العباس (عليه السلام) قد قطعت يداه الكريمتين عند رجوعه من نهر العلقمي بعد أن حمل الماء متوجهاً إلى مخيّم الحسين (عليه السلام) .
وفي أثناء عودته كمُن له (حكيم بن الطفيل السخمي ويزيد بن الرقاد الجهني) بعد اختفاء هذين المجرمين وراء النخيل الذي كان يكثر بالمنطقة وما إن مرّ العبّاس (عليه السلام) بالقرب منهما باغتاه من الخلف وضرباه ضربة عنيفة فتمكنا من قطع يده اليمنى ورغم الألم الشديد اختطف العباس (عليه السلام) قائم الراية من ساعده المبتور ليرفعها بيده اليسرى وزأر صارخاً:
والـلـــه إن قـطــــعــــتــم يمينـــي إني أحامــي أبــــداً عــن ديــنــي
وعـــن إمــــام صـــادق اليــقيــــن نـجـل الـــنبي الطّــاهــر الأمـــيــن

وسار بجواده نحو خيام الحسين (عليه السلام) .وتحول مكان سقوط الكف الطّاهر إلى مكان مقدّس شيّده المحبّون في مكان السقوط بناءً

العباس بن علي- جهاد وتضحية 82

بسيطاً يرمز إلى الكف المقطوع.
يقع هذا المكان بين محلتي باب بغداد وباب الخان وهما من محلات مدينة كربلاء تقعان بالقرب من مرقد العبّاس (عليه السلام).
ويتكوّن المقام من شبّاك من البرونز خارج من أحد الدور الواقعة في زقاق الصخاني، وعلى جدار المقام نقش جميل مؤرّخ سنة 1324 هجرّية وقد نقشت صورة ساعدين مقطوعين كتب تحتهما ما نصّه (هنا قطعت يدا أبي الفضل العباس (عليه السلام)) والمعروف إن هذا المقام شيّد في مطلع القرن الثالث عشر الهجري على بقايا نهر العلقمي.
مقام الكف الأيسر:
بعد أن قطعت يد العباس (عليه السلام) اليمنى حاول المضي قدماً بإيصال الماء إلى مخيّم الحسين (عليه السلام) إلاّ أن المجرم حكيم بن الطفيل السخمي(لع) لم يدع له المجال بل هجم عليه مع عدد من أعوانه وتمكّن من إصابته إصابة بليغة قطعت على إثرها يده اليسرى.
لم تثنِ هذه الإصابة البالغة العباس (عليه السلام) من الصمود أمام الأعداء فحاول ضم الراية التي كان يحملها إلى صدره حتّى يجعلها مرفوعة شامخة لكن الأعداء لم يدعوه إذ سرعان ما انهالت عليه السهام الأمر الذي أدّى إلى سقوطه من على ظهر فرسه بعد أن سار مسافة ليست بالقصيرة، وقد تحدثنا من قبل عن هذا الامر.
شيّد المحبون في مكان سقوط الكف الأيسر بناءً صغيراً متواضعاً بالقرب من مرقد العباس (عليه السلام) وكان البناء عبارة عن مشبك صغير من البرنز خارج من احد الدور وقد زيّن هذا المشبك بالمرايا الصغيرة وعلى الشباك لوحات

العباس بن علي- جهاد وتضحية 83

من الأدعية وفوق المكان أبيات شعريّة لأحد شعراء مدينة كربلاء هو المرحوم الشيخ محمد السراج والأبيات هي:
سل إذا ما شئت واسمع ثم خذّ منّي جواب المفهم
إن في هذا المقام انقطعت يسرة العباس بحر الكرم
هاهنا يا صاح طاحت بعـد ما طاحت اليمنى بجنب العلقمي
اجر دمعي العين وابكيه أسى حق أن تبكي بدمع من دم

هذا وقد اندرست معالم هذا المكان إثر توسيع المنطقة في بداية عام 1991م.
في سنة 1998 جرى تشييد المقام فكان بناءً جميلاً رائعاً وقد تمّ البناء وفق طراز هندسي حديث عمل بمساعي عدد من أبناء مدينة كربلاء الأفاضل فجزاهم الله خير الجزاء وها هو المقام الزاهر تشع أنواره ويزدحم عليه المحبّون والزائرون الذين يتوجهون إلى كربلاء لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) وأخيه العباس (عليه السلام) وبقية الأماكن المقدسة في مدينة الحسين (عليه السلام). (1)

(1) عظماء الإسلام/ ص144.143، تراث كربلاء/ ص130.129، لمحات تأريخية عن كربلاء/ ص130، الأماكن المقدسة في كربلاء/ ص70، مدينة الحسين، ج2/ ص36، كربلاء في الذاكرة/ ص163.
العباس بن علي- جهاد وتضحية 84




العباس بن علي- جهاد وتضحية 85

شخصيات إسلامية تزور مرقد العباس (عليه السلام)

للعباس (عليه السلام) منزلة خاصة في قلوب جميع المسلمين على اختلاف مذاهبهم حيث يأتي لزيارة مرقده المئات من الشخصيات الإسلاميّة المهمة وعلى مدار السنة وبضمنهم عدد كبير من رؤساء الدول العربية والإسلاميّة إضافة إلى الأمراء والوزراء الذين تشرفوا بزيارة مرقده الطاهر.
من هذه الشخصيات الكبيرة الذين زاروا مرقده الطاهر عدد من خلفاء بني العباس منهم الخلفاء المأمون والخليفة المنتصر بالله، والخليفة المقتفي بالله والخليفة المستنصر بالله إضافة إلى العشرات من وزراء الدولة العباسية.
أمّا في العهد العثماني فقد توجه لزيارة مرقد العباس (عليه السلام) عدد لا بأس به من السلاطين العثمانيين منهم السلطان سليمان القانوني والسلطان مراد الرابع والسلطان عبد الحميد، إضافة إلى العشرات من الولاة والوزراء الذين كانوا يتولون مناصب عليا في الدولة العثمانّية.
أما الأمراء العرب الذين زاروا مرقده الطاهر فهم كثيرون منهم الأمير مزيد الأسدي أمير الحلة ومؤسس دولة المزيديين التي أسّست في العراق سنة 480هـ. والأمير عمران بن شاهين أحد أمراء الجزيرة والشيخ خزعل أمير المحمرة، وأمير الكويت وأمير البحرين وأمير قطر وغيرهم من الأمراء العرب.

العباس بن علي- جهاد وتضحية 86

أمّا من الحكام الإيرانيين فقد زار المرقد المقدس عدد كبير منهم عضد الدولة البويهي وأحمد شاه وناصر الدين شاه وإسماعيل شاه ومحمد رضا شاه.
أمّا زعماء الدول الإسلاميّة فقد زار المرقد العشرات منهم كانوا من دول آسيا وأفريقيا.
أمّا الزعماء العرب فقد توجه عدد كبير منهم لزيارة المرقد المقدس ولا زال العديد منهم يأتون إلى العراق ومن ثم يتوجهون لزيارة مدينة كربلاء التي تضم مرقدي الإمام الحسين وأخيه العباس (عليهما السلام).
أمّا ملوك ورؤساء العراق فقد توجهوا لزيارة المرقد المطهر منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921م ولحد اليوم، حيث توجه لزيارته كل من الملك فيصل الأول والملك غازي وولي العهد عبد الإله والملك فيصل الثاني، أمّا بعد قيام الجمهورية عام 1958م فقد قام جميع الرؤساء بزيارة المرقد المقدس لأبي الفضل العباس (عليه السلام) ، حيث قام الزعيم عبد الكريم قاسم بزيارة المرقد سنة 1959م وغيرهم من الرؤساء . وعلى مدار السنة كما أن أغلب الشخصيات العربية وعند مجيئ وفودهم إلى العراق لحضور المؤتمرات الإقليمية والدوليّة يتوجهون بلهفة لزيارة هذا المرقد والصرح الشامخ والتبرك بهذا المكان المقدس الذي يرقد فيه بطل الإسلام الخالد قمر بني هاشم الذي نال هذا المقام السامي بجدارة بعد أن ثبت بوجه الظالمين وقدّم نفسه فداءً للمبادئ السامية التي نادى بها شقيقه العظيم الإمام الحسين (عليه السلام) شهيد كربلاء. فهنيئاً لهذا البطل المقدام تلك الوقفة الرائعة والنضال الدؤوب من أجل إعلاء كلمة الحق.

العباس بن علي- جهاد وتضحية 87

قالوا في العباس (عليه السلام)

استحقَّ الموقف الجريء والخالد الذي وقفه العباس (عليه السلام) يوم العاشر من محرم كل الثناء والتقدير من أئمة الهدى (عليهم السلام) حَيثُ أثنوا على ذلك الموقف الصلب الذي قام به العباس في ملحمة كربلاء وفي مقدّمتهم الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) والإمام السجاد (عليه السلام) الذي شاهد بعينه الصولات الجريئة التي قام بها العباس عمّه على معاقل الأعداء فشتت شملهم وقتل زعماءهم ونكّس راياتهم
1- وها أنذا أذكُرُ أقوال الأئمة الأطهار (عليه السلام) : (إنّ مكانة العباس ستكون عظيمة عند الله سبحانه وتعالى وأنّه سيمنّ عليه بجناحين كالملائكة يطير بهما في الجنّة كما منَّ على جعفر الطيّار من قبل)، هذا ما قاله الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) للسيّدة أم البنين عند ولادتها لابنها العباس

عظماء الإسلام/ ص31
2- رحم الله عمّي العباس فقد آثر وأبلى وفدى أخاهُ بنفسه حتى قطعت يداه فأبدله الله بجناحين يطيرُ بهما مع الملائكة في الجنّة كما جعل لجعفر بن أبي طالب وان للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة.

الإمام السجاد (عليه السلام) الخصال/ ص35

العباس بن علي- جهاد وتضحية 88

3- كان عَمّنا العبّاس نافذ البصيرة صلبَ الإيمان جاهَدَ مع أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وأبلى بلاءً حسناً ومضى شهيداً

الإمام الصادق/ المجالس السنية، مجلد 1/ص 116
4- السلام على أبي الفضل العباس المواسي أخاهُ بنفسهِ الأخذ من أمسه لغده الوافي له الساعي إليه بمائه المقطوعة يداه لعن الله قاتَله يزيد بن الرقاد الجهني وحكيم بن الطفيل الطائي.

الإمام المهدي / قمر بني هاشم / ص47

 أمّا ما قاله الإمام الحسين (عليه السلام) عن أخيه العباس فلا يحتاج إلى إيضاح فكل المسلمين يعرفون ما أصاب الحسين (عليه السلام) من وهن وتألم عندما استشهد أخوه أبو الفضل وكان بلسان حاله يقول :
عبـــــاسُ كــبش كتــــيبتي وكــنانــــــــتي وسَريُّ قـــومي بــــل أعزُّ حصــــــونـــــي
يـــــــا ساعـــــــــدي في كــــل معترك به أسطــــو وســيف حمــــــايتي بيـــــــميني
لمــــن اللـــــوا أعطــــي ومنَ هو جــــامـعٌ شـــــملي وفي ضــنك الزحــــام يقينـــــي

المجالس السنية، ج1 / ص116

 هذا قسم قليل ممّا قاله الأئمة الأطهار (عليهم السلام) بحق حامل لواء الحسين (عليه السلام) الشهيد الخالد قمر العشيرة.
أمّا ما قاله الكتّابُ والمؤلفونَ عن منزلة أبي الفضل العباس ودوره الكبير في نصرة أخيه سيّد الشهداء الحسين (عليه السلام) فكان كلاماً كثيراً وقد

السابق السابق الفهرس التالي التالي