ديوان السيد حيدر الحلي ـ القسم الحسيني 30


هم القوم أما أجروا الخيـل لم تطأ سنابكــها إلا دلاصــاً و مغفـرا(1)
إذا ازدحموا حشدا على نقــع فيلق رأيـت على الليـل النهـار تكـورا
كمات تعد الحي منـها إذا انبـرت إلى الطعن من كان الصريع المقطرا
و من يخترم حيث الرماح تظافرت فذلك تـدعـوه الكــريم المظفـرا
فمـا عبـروا إلا على ظهر سابح(2) إلى المـوت لما ماجت البيض أبحرا
مضوا بالوجوه الزهر بيضا كريمة عليـها لثـام النقـع لاثـوه أكـدرا
فقل لنـزار مـا حنينـك نــافع ولو مـت وجـدا بعـدهم و تـزفرا
حـرام عليـك الماء ما دام موردا لأبناء حـرب أو ترى الموت مصدرا
وحجر على أجفـانك النوم عن دم شبـا السيف يأبى أن يطل و يهـدرا
أللهاشمي المـاء يحلـو ودونــه ثـوت آلـه حرى القلوب على الثرى
وتهـدأ عيـن الطـالبي وحولـها جفـون بني مروان ريـا من الكرى
كـأنك يا أسـياف غلمـان هاشم نسيت غـدات الطـف ذاك المعفـرا
هـب لبسوا في قتله العار أسودا أيشفى إذا لم يلبسوا المـوت أحمـرا
ألا بَكَّـر النـاعي و لكـن بهاشم جميعـا وكـانت بالمنيـة أجــدرا
فمـا للمواضي طـائل في حياتها إذا بـاعها عجزا عن الضرب قصرا
أللعيـش تسبقى النفـوس مضامة ومـا المـوت إلا أن تعيـش فتقسرا
ثوى اليوم أحماها عن الضيم جانبا وأصدقهـا عنـد الـحفيظة مخبـرا
وأطعمهـا للوحش من جثث العدى وأخضبهـا للطيـر ظفـرا و منسرا


(1) السنابك: أطراف الحوافر .الدلاص: الدرع الملساء اللينة.
(2) سابح : الفرس
ديوان السيد حيدر الحلي ـ القسم الحسيني 31


قضى بعدمـا ردَّ السيـوف على القنا و مرهفه فيـها وفي المـوت أثـرا
و مـات كريـم العهـد عند شبا القنا يواريــه منـها ما عليـه تكسـرا
فـإن يمس مُغبـَّر الجبيـن فطـالما ضحى الحرب في وجه الكتيبة غبرا
و إن يقـض ضمـآنا تفطـر قلبـه فقـد راع قلب المـوت حتى تفطرا
و ألقحهـا شعـواء تشقى بهـا العدا وَلـود المنايـا ترضع الحتف ممقرا(1)
فظـاهر فيهـا بيـن درعين نثـرة وصبر و درع الصبر أقواهما عرى
سطى و هو أحمى من يصون كريمة وأشجع من يقتـاد للحرب عسكـرا
فوافـده في حـومة الضرب مرهف على قـلة ألأنصــار فيـه تكثرا
تعثـرحتى مـات في الهـام حـده وقــائمه فـي كــفه ما تعثـرا
كـأن أخـاه السيـف أعطى صبره فلم يبـرح الهيجـاء حتـى تكسرا
لـه ألله مفطـورا من الصبر قلبـه ولو كـان من صم الصفـا لتفطرا
و منعطف أهــوى لتقبيـل طفلـه فقبـل منـه قبلـه السهم منحـرا
لقـد ولـدا في سـاعة هو و الردى و من قبلـه في نحـره السهم كبرا
وفي السبي مما يصطفي الخدر نسوة يعـز علـى فتيـانهــا أن تسيرا
حمت خـدرها يقضي و ودت بنومها ترد عليـه جفنهـا لا على الكـرى
فأضحت و لا من قـومها ذو حفيظة يقـوم وراء الخـدر عنهـا مشمرا
مشى الدهر يوم الطف أعمى فلم يدع عمــادا لهــا إلا وفيـه تعثـرا
وجَشَّمهــا المَسرى ببيـداء قفـرة ولم تدر قبل الطف ما البيد و السرى
و لم تـر حتى عينهـا ظل شخصها إلى ان بـدت في الغـاضرية حسرا


(1) الممقرر: المر اللبن الذي لا طعم له.
ديوان السيد حيدر الحلي ـ القسم الحسيني 32


الموفون بالنذر

نعى الـروح جبريل بأن ذوي الغـدر أراقــوا دم المـوفين للـه بالنـذر
نعى وانقلاب الكـون في ضمن نعيـه بأن ذوي الحجر استباحوا ذوي الحجر
نعـى فغـدا من في الوجـود بدهشـة هي الحشر لا بل دونـها دهشة الحشر
نعى من بقلب الدهر مـن جرح جسمه جراحـات حـزن لا يعـالجهن بالسبر
نعى أن روح الكـون بالطـف أقلعت يـد المـوت منـه وهي داميـة الظفر
نعى مقلـة ألإسلام فـاحتلب الشجـى دمـاء أفـاويق الدمـوع من الصخـر
نعى شطر قلب الديـن للديـن فاغتدى ومن قلبـه شطـر ينـوح على شطـر
نعى من دعى بالديـن حي على الهدى أناسـا دعـوا بالشرك حـي على الكفر
نعـى داعيــا للـه حيــا و ميتـاً وفي زبـرألأسيـاف يصـدع والذكـر
نعى سـاجدا صلت إلى أللـه روحـه قضى رأسه المرفوع من سجـدة الشكر
نعـى من بجنب أللـه للمـوت نفسـه يجـود بهـا بين القـواضب و السمـر
نعى من أعــار الله بالطـف هـامه و من قلبـه فيهـا أقــام على جمـر
نعـى ذات قـدس يعلم أللـه أنهــا منزهة ألأفعـــال في السـر والجهر
نعى للنفوس التسع من كان عاشر الـ ـعقول أبـا الخمس الجـواهر للفخـر
نعى الجـوهر الفـرد الذي في أموره تجـرد للرحمـن من عــالم ألأمـر


ديوان السيد حيدر الحلي ـ القسم الحسيني 33


نعى من لـه النفس البسيطة لـم تصـل و لـو حـاولت إدراكـه بالقوى العشر
نعى صفـوة أللـه العظيـم و لطفــه على الخلق في الدنيا وفي الحشر والنشر
نعى من لـه خلق الـورى يـوم خلقهم و يـوم تقـوم الحشر سلطنـة الحشـر
نعى للهـدى النصـر ألإلـهي والـذي لمرهفــه وسـمٌ علـى جبهـة الكفـر
نعى خيـر من سـار المطـي برحـله وأكـرم من يمشي سويــا على العفـر
نعى مطعم الهـلاك مشبع غرثهـــا(1) أخي الشتـوات الشهب في الحجج الغبـر
نعى من يضيف الطير والوحش سيفـه وجيش المنايــا تحـت رايتــه يسري
نعى واسمـاً وجـه المنايـا بعضبـه فقـلب المنايـــا بيـن قـادمتي نسـر
نعى مـن يُحليَّ الشوس ضربا فسيفـه على النحـر طـوق أو وشاح على خضر
نعى لبن الـذي سـد الثغـور بسيفـه و أفـرغ فيهــا من دم الشوس لا القطر
نعى أن أسيافـا نحـرن ابـن فـاطم نحـرن بحجـر أللـه كـل أولي ألأمـر
نعى ضاميـا أبكـى السمـاء بعنـدم و حق لهــا تبكـي بأنجمهـا الـزهـر
نعى من بكى لا خيـفة من عـداتـه و لكـن لإشفـــاق عليـهم من الكفـر
نعى شـاكراً نـال الشهـادة صابرا وقد يجتنى شهـــد العـواقب بالصبـر


(1) غرثها : جوعها.
ديوان السيد حيدر الحلي ـ القسم الحسيني 34


سمة العبيد من الخشوع عليهم

لا تحـذرن فمــا يقيـك حـذار إن كـان حتفك ساقه المقدار
و أرى الظنين على الحمـام بنفسه لا بـد أن يفنى ويبقى العـار
للضيـم في حسب ألأبي جـراحة هيهـات يبلـغ قعرها المسبار
فاقـذف بنفسك في المهالك إنـما خـوف المنيـة ذلـة وصغار
والمـوت حيث تقصغت سمر القنا فـوق المطهم عـزة وفخـار
سائـل بهاشم كيـف سالمت العدا وعلى ألأذى قرت و ليس قرار
هدأت على حسك الهـوان ونومها قدمـاً على لين المهـاد غرار
لا طالبــا وتـرا يجـرد سيفه منـهم ولا فيـهم يقـال عثار
ولرب قـائلة وغـرب جفـونها يدمي فيخفي نطقـها استعبـار
ماذا السؤال فمت بـدائك حسرة قضت الحميـة و استبيح ألجار
ما هـاشم إن كنت تسئل هـاشم بعـد الحسين و لا نـزار نزار
ألقـت أكـفهم الصفـاح وإنـما بشبـا الصـوارم تدرك ألأوتار
أبني لـؤي و الشماتة أن يـرى دمكـم لـدى الطلقاء وهو جبار
لا عـذر أو تأتي رعال خيولكم عنـها تضيق فـدافد وقفــار


ديوان السيد حيدر الحلي ـ القسم الحسيني 35


مستنهضين إلى الـوغى أبنـاءها عجلا مخـافة أن يفـوت الثار
يتسابقـون إلى الكفــاح ثيـابهم فيهــا وعمتهم قنـاً وشفـار
متنافسين على المنيــة بينــهم فكأنمـا هـي غـادة معطـار
حيث النهــار من القتــام دجنة ودجى القتـام من السيوف نهار
و الخيـل داميـة الصدور عوابس وألأرض من فيض النجيع غمار
أ توانيـاً و لكـم بأشــواط العلى دون ألأنـام الـورد و ألإصدار
هذي أميـة لا سرى في قطرهـا غض النسيـم و لا إستهل قطار
لبست بما صنعت ثيـاب خزايـة سـودا تولـى صبغهن العــار
أضحت برغـم أنوفكـم ما بينها بنسائكـم تتقــاذف ألأمصـار
شهدت قفـار البيد أن دموعهـا منهـا القفـار غدون وهي بحار
من كل باكيـة تجـاوب مثلهـا نوحــا بقلب الديـن منـه أوار
حملت على ألأكوار بعد خدورها أللـه مـاذا تحمـل ألأكـــوار
ومروعـة تدعو وحـافل دمعها مـا بيـن أجـواز الفلا تيــار
أمجثما أنضـاء أغبـاب السرى هيمـاء تمنع قطعهـا ألأخطـار
مرهوبة الجنبـات قائمة الضحى ما للأسـود بقاعهـا إصحــار
أبـداً يموج مع السراب شجاعها من حـر ما يقـد النقـا المنهار
تهوي سباع الطير حين تجوزها موتـى وما للسيـد فيهـا غـار(1)
يطوي محـارم بيدها بمصاعب للريــح دون ذميلها إحســار(2)
من كل جـانحة تقاذفها الـربى ويشوقهـا ألأنجــاد وألأغـوار


(1) السيد: ألأسد أو الذئب.
(2) الذميل: سير ألإبل اللين، وألإحسار ألإعياء.
ديوان السيد حيدر الحلي ـ القسم الحسيني 36


حتى تريـح بعقر دار لـم تزل حرما تجانب ساحها ألأقدار
منعت طـروق الضيم فيها غلمة يسري لواء العز أنى ساروا
سمة العبيد من الخشوع عليـهم للـه إن ضمتهم ألأسحــار
وإذا ترجلت الضحى شهدت لهم بيض القواضب أنـهم أحرار
قف ناد فيهم أين من قـد مهدت بالعدل من سطواتها ألأمصار
ماذا القعود وفي الأنـوف حمية تأبـى المذلة والقلـوب حرار
أتطامنت للـذل هـامة عزكـم أم منكم ألأيدي الطوال قصار
وتظل تدعو آل حرب و الجوى ملء الجـوانح والدموع غزار
أطريــدة المختـار لا تتبجحي فيمـا جـرت بوقوعه ألأقدار
فلنـا وراء الثـأر أغلب مدرك ما حـال دون منـاله المقدار
أسد ترد المـوت دهشة بـأسه وله بأرمـاح الكمـات عثـار
صلى ألإله عليـك من متحجب بالغيب ترقـب وعـده ألأقطار


ديوان السيد حيدر الحلي ـ القسم الحسيني 37


فجائع ألأيام

أنى يخــالط نفسك ألأنـس سفها ودهرك سعده نحس
ومن الحوادث ليس يمتنع ألـ ثقـلان لا جـن ولا إنس
بل كـل رَبـع فيـه ناعيـة وبكـل فـج مربع درس
وفجـائع ألأيـــام طائـفة شرقا وغربا شأنها الخلس
وأجلها يــوم الطفوف فـلا وهـمٌ تصوُّره و لا حدس
يــوم أبو السجـاد القحـها شعواء تزهق دونها النفس
وأسـوَّد مشرقـها ومغربـها بالنقـع حتى ماتت الشمس
لمـا طليقـة جــده وردت لقتـاله يقتــادها رجـس
لقى الرمـاح بصدره وكـأن يوم الكـريهة صدره ترس
فالشوس تأنس بالفـرار كمـا بالمـوت منـه تأنس النفس
ويـروم كـل سبق صـاحبه هربـا فيسبق جسمه الرأس
للمرهفات نفوسهم وجسومهم للوحش لم يشقق لـها رمس


ديوان السيد حيدر الحلي ـ القسم الحسيني 38


ألله يا حامي الشريعه

أللـه يا حـامي الشريـعه أتقـر وهي كـذا مـروعه
بــك تستغيث وقلبــها لك من جوى يشكو صدوعه
تدعو وجرد الخيل مصـ ـغية لـدعوتـها سميـعه
وتكـاد ألْسنـة السيـوف تجيـب دعـوتها سريـعه
فصدورهـا ضـاقت بسر المـوت فـأذن أن تذيـعه
ضربـا رداء الحرب يبدو منــه محمـر الوشيـعه
لا تشتفـي أو تنــزعن غروبـها من كـل شيـعه
أيـن الذريـعة لا قـرار على العـدى أيـن الذريعه
للصنـع ما أبقـى التحمل موضعـا فـدع الصنيـعه
لا ينجـع ألإمهـال بالعـا نـي فقـم و أَرق نجيـعه
طعنـا كما دفقت أفـاويق الحيـــا مـزن سريـعه
يا بن الترائـك والبواتـك من ضبـا البيض الصنيعة
و عميـد كـل مغــامر يقـض الحفيظة في الوقيعه
تنميـه للعليـــاء هاشم أهـل ذروتــها الرفيـعة


ديوان السيد حيدر الحلي ـ القسم الحسيني 39


وذووا السوابـق والسـوا بـغ والمثقفـة اللمــوعه
من كـل عبـل الساعدين تـراه أو ضخـم الدسيـعه(1)
أن يلتمس غرضــا فـ ـحـد السيف يجعله شفيعه
ومقـــارع تحت القنـا يلقى الـردى منـه قريـعه
لـم يسر فـي ملمـومة إلا و كـان لهــا طليـعه
و مضــاجع ذا رونـق ألهـاه عن ضـم الضجيعه
نسي الهجـوع و من تيقظ عـزمه ينسـى هجــوعه
مـات التصبر في أنتظـا رك أيـها المحيي الشريـعه
فانهض فمـا أبقى التحمل غيـر أحشــاء جـزوعه
قـد مزقت ثـوب ألأسى وشكـت لواصلـها القطيعه
فالسيف إنَّ بــه شفـاء قلـوب شيعتـك الوجيـعه
فسـواه منهم ليس ينـعش هـذه النـفس الصريــعه
طـالت حبـال عواتــق فمتى تكـون بـه قطيـعه
كـم ذا القعـود ودينكـم هـدمت قـواعده الرفيـعه
تنعى الفـروع أصـولـه وأصـولـه تنعى فـروعه
فبـه تحكـم من اباح اليو م حرمتـــه المنيـــعه
مـن لـو بقيمـة قـدره غاليـت ما سـاوى رجيعه(2)
فاشحذ شبـا عضب لـه ألأرواح مذعنــة مطيـعه
إن يدعـها خفت لدعوته و إن ثقـلت سريــــعه


(1) الدسيعة: العطية الجزيلة أو الجفنة الكبيرة أو المائدة الكريمة.
(2) الرجيع: ألروث ، الثوب الخلق.
ديوان السيد حيدر الحلي ـ القسم الحسيني 40


واطلب بـه بـدم القتيـل بكربـلا فـي خـير شيعه
مـاذا يهيجـك إن صبرت لوقعـة الطـف الفضيـعه
أتـرى تجـيء فجيــعة بأمـض من تـلك الفجيعه
حيث الحسين على الثـرى خيل العدى طحنت ضلوعه
قتـلتــه آل أُميــــة ظـام إلى جنب الشريـعه
و رضيعـه بـدم الـوريد مخضب فـاطلب رضيعه
يـا غيــرة ألله أهتفـي بحميـة الديــن المنيـعه
وضبــا انتقامك جـردي لطلى ذوي البغـي التليـعه
ودعـي جنــود ألله تملأ هـذه ألأرض الـوسيــعه
وإستأصلي حتى الرضيـع لآل حــرب و الـرضيعه
ما ذنـب أهـل البيت حتى منــهم أخلـوا ربــوعه
تركـوهم شتـا مصارعهم وأجمعــــها فضيــعه
فَمُغيَّبٌ كـالبـدر ترقـب الـورى شوقـا طلــوعه
و مكـابد للسم قـد سقيت حشــاشتـه نقيــــعه
ومضـرج بالسيـف آثـر عـزه وأبـى خضــوعه
ألفـى بمشرعـة الـردى فخـراً على ضمـأ شروعه
فقضى كما اشتهت الحمية تشكـر الهيجــا صنيـعه
و مصفـد لله سلـم أمـر مـا قـاســى جميــعه
فلقسره لـم تلق لـولا ألله كــــفاً مستطيـــعه


ديوان السيد حيدر الحلي ـ القسم الحسيني 41


و سبيـة باتـت بأفعـى الـهم مهجتـها لسيعه
سلبت ومـا سلبت محـا مـد عزها الغر البديعه
فلتغـد أخبيـة الخـدور تطيـح أعمدها الرفيعه
و لتبـد حـاسرة عن الو جه الشريفة كالوضيعه
فأرى كـريمة من يوارى الخـدر آمـنة منيـعه
وكرائـم التنزيـل بيـن أميـة بـرزت مروعه
تدعو ومن تدعو وتـلك كـفات دعوتها صريعه
واهـاً عرانيـن العلـى عـادت أنوفكـم جديعه
ما هـزَّ أضلعكم حـداء القـوم بالعيس الضليعه
حملت ودائعكـم إلى من ليس يعـرف ما الوديعه
يـا ضـل سعيك أُمـة لم تشكر الهـادي صنيعه
أأضعت حــافظ دينـه وحفظت جـاهله مضيعه
آل الرسـالة لـم تـزل كبـدي لرزئكـم صديعه
ولكـم حلـوبة فكـرتي درٌ الثنـا تمري ضروعه
وبكم أروض من القوافي كـل فاركــة شمـوعه
تحكي مخائـلها بـروق الغيـث معطيـة منـوعه
فلـدي واكـفها و عنـد ســواي خلبـها لمـوعه
فتقبلــوها أننــــي لغــد أقدمــها ذريـعه
أرجـو بهـا في الحشر راحة هـذه النفس الهلوعه
وعليكـم الصلـوات ما حنـت مطـوقت سجوعه


ديوان السيد حيدر الحلي ـ القسم الحسيني 42


كل عضو في الروع منه جموع

قد عهدنـا الربوع وهي ربيـع أين لا أيـن أنسهـا المجموع
درج الحـي أم تتبـع عنهــا نجع الغيـث أم بدهياء ريعوا
لا تقل شملها النـوى صـدعته إنمـا شمل صبري المصدوع
كيف أعـدت بلسعة الـهم قلبي وثـراها يرقـى بـه الملسوع
سبق الدمـع حيـن قلت سقتها فتركت السمـا وقلت الدمـوع
فكأني في صحنهـا و هو قعب أحلب المزن و الجفون ضروع
بـت ليـل التمـام أنشد فيهـا هل لماض من الزمـان رجوع
وإدعت حولي السجا ذات طوق مات منهـا على النياح الهجوع
وصفت لـي بجمرتي مقلتيهـا ما عليـه إنحنين من الضلـوع
شاطرتني بزعمهـا الداء حزنا حين أنّـت و قلبـي الموجـوع
يا طـروب العشي خلفك عني مـا حنيني صبابـة و ولــوع
لم يرعني نـوى الخليط و لكن من جوى الطف راعني ما يروع
قد عذلت الجزوع و هو صبور وعـذرت الصبور و هو جزوع
عجبـا للعيون لـم تغد بيضـا لمصـاب تحمر فيـه الدمـوع


ديوان السيد حيدر الحلي ـ القسم الحسيني 43


وأسـى شـابت الليـالي علـيه و هو للحشر في القلـوب رضيـع
أي يـوم رعبـا به رجف الدهر إلى أن منـه اصطفقن الضلــوع
أي يـوم بشفـرة البغـي فيـه عـاد أنـف ألإسلام وهـو جديـع
يوم أرسى ثقل النبي على الحتف وخفـت بالراسيــات صــدوع
يوم صكت بالطف هاشم وجـه الموت فالموت من لظاهـا مـروع
بسيوف في الحرب صلت فللشو س سجـود من حولهـا و ركـوع
وقفـت موقفـا تضيفت الطيـ ــر قِــراه فحــوَّم و وقـوع
موقـف لا البصير في بصيـر لإندهـــاش ولا السميـع سميـع
جلل ألأفـق منـه عارض نقع من سنـا البيـض فيـه برق لموع
فلشمس النهـار فيــه مغيب و لشمس الحديــد فيــه طلـوع
أينمـا طـارت النفوس شعاعا فلطيــر الـردى عليهـا وقـوع
قد تواصت بالصبر فيه رجـال في حشى الموت من لقاهـا صدوع
سكنت منـهم النفوس جسومـا هـي بأســـا حفــائظ ودروع
سـد فيـهم ثغـر المنيـة شهم لثنايــا الثغـر المخـوف طلـوع
و له الطـرف حيث سار أنيس و لـه السيف حيـث بـات ضجيع
لم يقف موقفـا من الحـزم إلا و بــه سـن غيــره المقـروع
طمعت أن تسومه القـوم ضيما وأبـى الله و الحســـام الصنيـع
كيف يلـوى على الدنيـة جيداً لسـوى ألله ما لــواه الخضـوع
و لديـه جـاش أرد من الدرع لضمـآى القنــا وهن شــروع
و بـه يرجـع الحفـاظ لصدر ضـاقت ألأرض وهي فيـه تضيع


ديوان السيد حيدر الحلي ـ القسم الحسيني 44


فأبـى أن يعيـش إلا عزيـزا أو تجلى الكفـاح وهـو صريـع
فتلقى الجمـوع فـردا ولكـن كل عضو في الروع منـه جموع
رمحـه من بنانـه و كأن من عـزمه حــد سيفـه مطبـوع
زوج السيف بالنفـوس و لكن مهرهـا الموت والخضاب النجيع
بأبي كالئـاً على الطف خدرا هو فـي شفـرة الحسـام منيـع
قطعوا بعـده عـراه ويا حبل وريـد ألإسلام أنـت القطيــع
وسروا في كرائم الوحي أسرى وعـداك ابـن أمهــا التقريـع
لو تراها والعيس جشمها الحـ ـادي من السير فوق ما تستطيع
ووراهـا العفـاف يدعو ومنه بـدم القلـب دمعُـه مشفــوع
يا تـرى فوقـه بقيـة وجـد ملء أحشائهـا جـوى وصدوع
فترفـق بهـا فمــا هـي إلا نـاظر دامـع و قـلب مـروع
لا تسمها جذب البرى أو تدري ربـة الخدر ما البرى و النسوع(1)
قـوضي يا خيـام عليـا نزار فلقـد قـوض العمـاد الرفيـع
وإملأي العيـن يا أميـة نومـا فحسين علـى الصعيد صريـع
ودعـي صكـة الجبـاه لـؤي ليس يجديك صكـها والدمـوع
أفلطمــا بالـراحتين فهــلا بسيـوف لا تتقيهـا الــدروع
وبكـاء بالدمـع حزنـا فهـلا بـدم الطعن و الرمـاح شروع
قـل لأقــراع ملمومة الحتف فـواها يا فهـر أيـن القريـع


(1) البرى : حلقات توضع في أنف الناقة.النسوع: حبال طوال تشد بها الرحال.

السابق السابق الفهرس التالي التالي