أدب الطف الجزء السادس 277


الشيخ علي نقي الاحسائي



هو ابن الشيخ الاوحد الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي. ولد في الاحساء وتتلمذ على أبيه ونال حظاً كبيراً من العلوم العقلية والنقلية، وكان يقول:
إني أحفظ أثني عشر ألف حديث بأسانيدها، وألف في مختلف العلوم منها :
1 ـ نهج المحجة في اثبات إمامة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام في مجلدين، طبع الأول بمطابع النجف سنة 1370 هـ ، وطبع الثاني في تبريز سنة 1373 هـ.
2 ـ منهاج السالكين في السلوك والأخلاق، طبع في تبريز سنة 1374 هـ .
3 ـ مشرق الأنوار في الحكمة.
4 ـ رسالة في تفسير قاب قوسين.
5 ـ كشكول في مجلدين.
6 ـ ديوان شعر جمعه في حياته يتضمن مختلف النواحي الشعرية من غزل ونسيب ومدح ورثاء وأمثال وحكم وفخر وحماسه، وهو عالم أكثر منه شاعر واليك روائع من شعره قاله في مناسبات.
إني عجبت وكم في الدهر من عجب وكـم رمـاني مـن الأيام بالعطب
أجـلت طـرفي فـلا خلأ أواصله ولا صـديـقا الـيه منتهى حربي
والـدهـر شـتت آمـالي وفرقها فصرت والدهر والأخوان في لعب
كـأنـما كانـت الأخـوان نـائية مـن الـزمان رماها الدهر بالنوب
تبـاعـدوا ولـكم أبدوا وكم ستروا حقداً وكـم صرموا حبلي بلا سبب

توفي صبح الأحد 23 ذي الحجة الحرام سنة 1246 في كرمنشاه ودفن في خارج البلدة في طريق الزائرين الذين يقصدون كربلاء، وكان ذلك بوصية منه. عاش بعد والده خمس سنوات وأحد عشر يوماً.

أدب الطف الجزء السادس 278


السيد سليمان داود الحلي

المتوفي سنة 1247
أرى العمر في صرف الزمان يبيد ويـذهب لـكن مـا نـراه يعود
فكـن رجلا إن تنض أثواب عيشه رثـاثـا فثـوب الفخر منه جديد
وإيـبـاك أن تـشري الحياة بذلة هي الموت والموت المريح وجود
وغـير فـقيد مـن يموت بـعزة وكـل فـتى بـالذل عـاش فقيد
لذاك نضـا ثوب الحياة ابن فاطم وخاض عباب الموت وهـو فريد
ولاقى خميسا يملأ الأرض زحفه بـعزم لـه السـبع الـطباق تميد
وليس لـه من ناصر غيـر نيف وسبـعين لـيثا مـا هنـاك مزيد
سطت وأنـابيب الـرماح كـأنها أجسام وهـم تحت الـرماح أسود
تـرى لـهم عـند القراع تباشراً كـأن لـهم يـوم الـكريهة عيد
وما برحوا يوماً عن الدين والهدى إلـى أن تفـانى جـمعهم وأبيدوا
ويسطو العفرني حين أفرد صولة أبـيد بـها للـظالـمين عـديـد
وقـد كـاد يفنيهم ولـكنما القضا على عكس ما يهوى الهدى ويريد
فأصمى فـواد الـدين سهم منية فهـد بنـاء الـدين وهـو مشيد
بنفسي تريب الخد ملتهب الـحشى عليـه المـواضى ركـع وسجود
بنفسي قتيل الطف مـن دم نحره غـدا لـعطاشى الماضيات ورود


أدب الطف الجزء السادس 279



بـنفسي راس الـدين تـرفع رأسه رفيـع العوالي السمهرية ميد
تخاطـبه مقـروحـة القـلب زينب فتشكو لـه أحـوالها وتـعيد
أخي كيف ترضى أن نساق حواسراً ويطمع فينا شامـت وحسود
أخـي إن قـلبي بـات للوجد عنده مواثيق لم تنقض لهن عهود
إذا رمت إخفاء الدمـوع ففي الجوى مع الدمع خني سائق وشهيد
أيصبـح ثـغري بـعد يومك باسماً وينكت ثغر الفخر منك يزيد
وتـؤنسني تـربي وأنـت بمهمـه أنيسك عسلان الفلاة وسـيد
فلا در بعـد السبـط در غـمـامة ولا لنبات الأرض شب وليد (1)


(1) لواعج الأشجان للسيد الأمين
أدب الطف الجزء السادس 280


السيد سليمان داود الحلي



السيد سليمان بن داود بن سليمان بن حيدر بن أحمد بن محمود الحسيني الحلي والد السيد حيدر الحلي الشاعر المشهور ولد سنة 1222 توفي سنة 1247 بالحلة ودفن بالنجف الأشرف.
كان أديباً شاعراً شريف النفس عالي الهمة وقورا له إلمام ببعض العلوم وله أرجوزة في النحو. وله شعر في الحسين عليه السلام (1) نظم الشعر وهو ابن اثنتي عشرة سنة (2).
في البابليات : أبو حيدر سليمان بن داود بن سليمان بن داود الحسيني ذكرنا جماعة من أسرته فيما مضى وسنذكر الباقين فيما يأتي ممن نظم في الحسين عليه السلام كان يلقب بالصغير وجده يلقب بسليمان الكبير دفعا لما يوشك أن يقع من الإيهام والإلتباس عند ذكرهما وكان مولده 1222 هـ وابتدأ يقول الشعر وهو ابن 12 سنة كما في مجموعة الشيخ محمد بن نظر علي وهو من مجاوري السيد ومعاصريه،

(1) أقول وفي ج 35 من أعيان الشيعة ص 314 ترجمة لجد المترجم له. أي للسيد سليمان ابن داوود بن حيدر المتوفى سنة 1211 بالحلة.
(2) توفى بالوباء الذي هم العراق وفتك بالناس فتكا عظيما وذلك سنة 1247 هـ وقد جاء تاريخ الوباء (مرغز) وكذلك لما عاد أرخوه مرغزان 1298.وفي المرة الثالثة أرخوه (عاد) مرغز 1322.
أدب الطف الجزء السادس 281


أعقب أبوه داود بن سليمان الكبير ثلاثة أنجال محمد وسليمان هذا والمهدي، توفي الأولان في أسبوع واحد في الوباء الذي فتك بالعراق وعم أكثر مدنه وقراه سنة 1247 هـ فاستقل أخوهما السيد مهدي بزعامة الأسرة من بعدهما ورثاهما معاً بقصيدة مؤثرة مثبتة في ديوانه المخطوط منها:
بان الـرقاد عن الـمحاجر والـقلب بالأحزان ساعر
مـالي وللـدهر الخـؤون علـي بـالحدثان جـائر
فلقد طـوى مـن مـقلتي ضياهما بثرى المـقابـر
بـأبـي سحاب المكرمات وبـدر خـضراء المفاخر
شمس لعمـري قد توارث بـالحـجاب عن النواظر
وخضـم علـم قـد طغى لججاً فأضحى وهو غائر
يا كـوكبـا بسما المعالي قـد أفـلت وأنـت زاهر
إن غـبت في كثب القبور ففي الفؤاد أراك حاضـر
أعـزز عـل بـأن أرى مغناكـم عـاف وداثـر
أتـذوق عـيناي الـكرى وشقيق روحي في المقابر
إنسان عـين ذوي العلاء وشـبل آسـاد خــوادر
هــذا ســليمان الـذي فاق الأوائـل والأواخـر
لا زال فـوق ضريـحه شـؤبوب عـفو الله ماطر

كان سليمان على صغر سنة كبير الأسرة وعميدها المبجل ونابغة البلد في الفضل والأدب واسع الاطلاع طويل الباع وكانت دراسته على والده داود بن سليمان الكبير وعمه الحسين بن سليمان ومن آثاره أرجوزة في العربية سماها

أدب الطف الجزء السادس 382


«نظم الجمل» في جمل الإعراب علق عليها شروحاً وجيزة مفيدة فرغ من بياضها سنة 1239 هـ وحاشية على الفلكي سماها «الدرر الجلية في إيضاح غوامض العربية» بخطه أيضاً في التأريخ المذكور رأيتهما معاً عند أحد أحفاد أخيه المهدي في الحلة ويتضح لك مما تقدم من تأريخ ولادته أنه كتبها وعمره 17 سنة وله أرجوزة في النحو ذكرها شيخنا في الـ ج 1 من الذريعة وإليه أشار ولده حيدر في كتاب أرسله إلى الاستانة لصبحي بك (أحد ولاة بغداد) حيث قال: وكان أبي سليمان عصره يأتيه بعرش بلقيس المعاني آصف فكره فيراه مستقراً لديه قبل ارتداد طرفه إليه، أما شعره فإنه أرق ألفاظاً وأجزل أسلوباً من شعر أخيه السيد مهدي وقد جمع منه ديوان صغير الحجم ولكنه تلف مع ما تلف من آثار هذه الأسرة ولم يبق منه سوى ما دون في المجاميع من مراثي أهل البيت عليهم السلام ومن ذلك قصيدته الدالية التي يستهلها بقوله: أرى العمر في صرف الزمان يبيد
وله قصيدةأخرى منها:
أمهابـط التنزيل أيـن ذوو الهدى وبأي يوم كان عنك زوالها
أين الألى شرعوا الشريعة والألى بهم استبان حرامها وحلالها
قـوم بيومـي وعـدها ووعيدها قـد صـدقت أقوالها أفعالها
يـوم بـه رهـط النبـي مـحمد بالمشرفية قـطعت أوصالها
يـوم بـه سفـكت دماء رجالها وغدت بأسر الظالمين عيالها
قـد أوجـب الله الـعظيم ودادها فبـأي شـرع يستباح قتالها

وهي طويلة. وله من قصيدة أخرى تناهز 50 بيتا منها:
هذي الطفوف وذي رسوم عهادها فاملأ بفيض الدمع رحب وهادها


أدب الطف الجزء السادس 283


يا مهبط التنزيل أين مضى الألى بهم استبان الناس نهج رشادها
أين البدور الزاهـرات وكيف قد سميت خسوفاً في ظبا أوغادها
أين البحور الزاخرات وكيف قد غيضت مناهلهـن عن ورادها
قـوم إذا حـمي الوطيس رأيتهم يتفيأون ظلال سمـر صعادها
يتسـابقون إلـى الـطعان كأنما يـوم الكريهة كان من أعيادها
هم أضرموا ناراً بمعضل رزئهم في القلب لا يطفى لظى إيقادها
وهم الآلى تركوا النواظر بعدهم عبرى جفت جزعاً لذيذ رقادها
الله اكبر يـا لـها مـن وقـعة أخـلت بـلاد الله من أوتادها
عـجباً غـدا لحم النبي ضريبة لظبا بـوارقها وسمر صعادها
من ذا يعزي المصطفى في نسله والبضعة الـزهراء في أولادها
تلك الجسوم تغسلـت بـدمائـها وتـكفنت بالترب فوق وهادها
ليت المنابر هدمت مـن بـعدهم من ذا الذي يرقى على أعوادها

وله يرثي عمه الحسين بن سليمان الملقب بالحكيم المتوفى ثاني عيد الأضحى من سنة 1236 هـ فيكون عمر المترجم يومئذ 14 سنة
أي القلـوب عـليك لا يتصدع أي النـفوس عليك لا تـتقطع
الله اكـبر يـا لـه مـن فادح قلل الجبال لهوله تتـزعـزع
يا حـادثـا لما دهـانا كـادت الأرواح من أجسادها تستنزع
والأرض كادت أن تمور بأهلها لو لم يكن فيها لقبرك موضع
يـا ليتها الأعياد بـعدك لم تعد أبـداً ولا لـطلـوعها نتوقع
فالناس إن شرعـت بآلة عيدها طرباً ففيه بـالمآتـم نـشرع
والـحزن لم تقلع سحائب غمه عنا ولو هبت عـليها زعزع


أدب الطف الجزء السادس 284


أن الـنجوم قـضى مبين حكمها يـا ليتـها مـن بعده لا تطلع
والـطب أمسى لا يـرى لسقامه طباً به عنـه يـزاح ويـدفع
والشعر لم يشعر بعظم مـصابه ينـعى عـليه وبالرثاء يرجع
ما كنت أحسب أن آسـاد الشرى بعد العرينة في المقابر تضجع
يا بدرنا ما كنت أحسب أن أرى يغشاك من ترب الصفايح برقع
مـا خلت أن الحادثات تروع من رعباً بسطوته الحوادث تـفزع

وله من قصيدة حسينية:
بـوجـودنـا يـتزين الـدهر وبـفخرنـا يتنـافس الفخر
ولنا هضاب علا قد انخفضت عن شـاؤها العيوق والنسر
ولنـا عـلى كل الورى نسب سـام فمن زيد ومن عمرو
آبـاؤنـا شرعـوا الهدى فلذا عن مدحهم قد أعرب الذكر
نزل الكتاب بفـرض طاعتهم أمراً ولكن خولـف الأمـر

وله أخرى مطلعها:
مهابط وحي الله شعث طلولها على فتية فيهم يعز نزيلها

وله مستنجداً بالإمام المهدي عليه السلام:
زعـم الـزمان علي أبواب الشدائد منـه تـرتج
كذب الزمان بزعمه مـن غمـة لـم ألق مخرج
فا لقائم المهدي عني كـل ضـيق فـيه يـفرج
يا بن النبي ومن به صـبح الـهداية قــد تبلج
فلأنت تـعلم أنـني لك من جميع الناس أحـوج


أدب الطف الجزء السادس 285

ولدي ما باتت ضلوعي منه فوق الجمر تشرج
وتـناهبت قـلبي ضباه فعاد في دمه مضرج
وعلي إن تعطف فكيف الكرب عني لا يفرج

وله:
لـم أبـك دارسة الربوع إذ صـوحت بـعد الـربيع
كـلا ولا هـاج الصبابة وامـض الـبرق اللــموع
ما الجزع أضرم لـوعتي فـغدوت ذا قـلب جـزوع
ما للغضى باتـت علـى جمر الغضا تطوي ضلوعي
لكن لـرزء بني الـنبوة جــل مـن رزء شنـيـع
يـا كربلا حـيتك قـبل الـغيث غـاديـة الـدموع
كـم فـيك بدر لـم يعد بعد الـغروب إلـى الطلوع
ورفيـع مـجـد رأسـه مـن فـوق مـياد رفـيـع
وسهـام غـل غـودرت تـروى مـن الطفل الرضيع
ولقد تـروع فيـك مـن هـو لـم يـزل أمن المروع
سبط النبي ابن الوصـي وحـجـة الله الـــسميـع
خواض مـلحمة الـردى والبيـض تـكرع بالنجيـع
وربـيع أبـناء الـزمان إذا شـكوا مـحل الـربيـع
كم جـال كالليث المريـ ـع وجـاد كالغيث المـريع
ورد الطفــوف بأسـرة لبـسوا القلوب على الدروع
كالضيغم الفتـاك عبـاس أخـي الشـرف الـرفـيـع
وحبيب ذي العزم المهاب ومـسلـم وابـن الـمطـيع
مـا راعهـم داعي الردى والـجيش مـزدحـم الجموع
وردوا الطفوف فـغودروا مـا بـين عـان أو صـريع
غـاضـت مـياه العلقمي وفـاض فـي لجـج الدموع


أدب الطف الجزء السادس 286


فـحشا ابن فاطمة به طـويت على عطش وجوع
فقضى هناك ولم يجد نـحو الشرايع مـن شروع
لهفـي لزينب إذ غدت تـرثيه كالـورق السـجوع
مـن للندى من للهدى مـن للـتهـجد والركـوع
مـن للتجمل والتنفـ ـل والتبـتل والـخشـوع
مـن للنساء الضائعـ ـات بلا مـحـام أو منيع
وعليلك السـجاد قاسى مـؤلـم الضـرب الوجيع
يـرعى النساء وتـارة يـرنو إلى الـرأس القطيع


أدب الطف الجزء السادس 287


الشيخ عبد الحسين الاعسم

سقـى جـدثا تحنو عليك صفائحه غـوادي الحيا مشمولـة وروائحه
مـررت به مستنشقاً طـيبه الذي تضـوع مـن فيـاح طيبك فائحه
أقمـت عـليه شاكيـاً بـتوجعي تباريح حزن في الحشى لا تبارحه
بـكيتـكم بالطف حــتى تبللت مصارعـه مـن أدمعي ومطارحه
تـروىثراها من دماكم فكيف لا تـرويه مـن منهل دمعي سوافحه
حـقيق عـلينا أن ننـوح بـمأتم بنـات عـلي والـبتول نـوائحه
مصاب تذيب الصخر فجعة ذكره فكيف بأهل البيت حـلت فوادحـه
واضحوا أحاديثاً لـباك وشامـت يماسي الورى تذكارها ويصابـحه
مصائب عـسمتكم وخصت قلوبنا بحزن على ما نـالكم لا نبارحـه
تـداركتم بالأنفس الدين لـم يـقم لـواه بـكم إلا وأنـتم ذبـائحـه
غداة تشفى الكفر منكـم بـموقف اذلت رقـاب الـمسلمين فضائحه
جزرتم به جزر الأضاحي وأنتـم عطاشى ترون المـاء يلمع طافحه
اقمتـم ثلاثـا بالعـراء وأردفت عليكم برمـضاء الـهجير لوافحه
بنفسي أبـي الضيم فرداً تزاحمت جمـوع أعاديـه عليه تكـافحـه
تمنع عزا ان يصافح ضارعــا يزيد ولـو أن السيوف تصافحـه
فجاهـدهم في الله حتى تضايقت بقتلاهم هضب الفلا وصحاصـحه
يصول ويروي سيفه من دمائهم ولم ترو من حر الظماء جوانحـه


أدب الطف الجزء السادس 288


إلى ان هوى روحي فداه على الثرى لقـى مثخنات بـالجـراح جوارحه
ولمـا أتـى فسطاطه المهر نـاعياً لـه استقبلته بـالعويـل صـوائحه
وجـئن لـه بـين الـعدى يـنتدبنه بدمـع جرى من ذائب القلب سافحه
ويـعذلن شـمرا وهـو يفري بسيفه وريديه لو أصغـى إى من يناصحه
عـزيز عـلى الكرار أن ينظر ابنه ذبيحـاً وشـمر ابن الضبابي ذابحه
وعـترتـه بالطف صرعى تزورهم وحوش الفلاحتي احتوتهم ضرائحـه
أيهدى إلى الشامات رأس ابـن فاطم ويـقرعـه بالـخيزرانـة كاشـحه
وتسبـى كـريمات النبـي حواسرا تغـادي الـجوى من ثكلها وتراوحه
يلوح لها رأس الحسين علـى الـقنا فتبـكي وينـهاها عن الصبر لائحه
وشـيبته مـخضـوبة بـدمـائـه يـلاعبها غـادي النسيـم ورائـحه
فـياوقـعة لـم يـوقع الدهر مثلها وفـادحة تنسى لـديهـا فـوادحـه
متى ذكرت أذكت حشى كل مؤمـن بـزند جـوى أوراه للـحشر قادحه
نـواسيـكم فـيها بـتشييد مـأتـم يـرن إلـى يوم الـقيمـة نـائحـه
عليكـم صـلاة الله مـا دام فضلكم على الناس أجلى من ضيا الشمس واضحه


أدب الطف الجزء السادس 289


الشيخ عبدالحسين الأعسم ابن الشيخ محمد علي بن الحسين بن محمد الأعسم الزبيدي النجفي



ولد في حدود سنة 1177 وتوفي سنة 1247 هـ بالطاعون العام في النجف الأشرف عن عمر يناهز السبعين، ودفن مع أبيه في مقبرة آل الأعسم.
كان عالماً فقيهاً، محققاً مدققاً، مؤلفاً أديباً شاعراً. معاصراً للشيخ محمد رضا وأبيه الشيخ أحمد النحويين وآل الفحام، وله مراث في سيدالشهداء أبي عبدالله الحسين عليه السلام مشهورة متداولة، ومنها قصائده التي على ترتيب حروف المعجم ذكره صاحب الحصون ج 9 ص 321 وأطراه ثم كرر الثناء عليه وجاء بنماذج من شعره في مختلف المقاصد، وذكره الشيخ عبدالحسين الحلي في مقدمته لشرح منظومة والدة في الإرث، المطبوع بالنجف سنة 1349 هـ وقال: رأيت له من الآثار العلمية الخالدة عند بعض آل الأعسم كتاب (ذرايع الافهام في شرح شرايع الإسلام) في ثلاثة أجزاء تدل على سعة إحاطته ودقة نظره، وهذا الشرح الوجيز لتلك الأراجيز شاهد صدق على ذلك لمن أعطاه حق النظر وذكره صاحب (الطليعة) فقال كان فاضلاً كأبيه وأمتن شعراً منه، له في الحسين (روضة) تشتمل على الحروف مشهورة وشرح ارجوزة لأبيه في المواريث ومدائح ومراث كثيرة.
قال ينتدب الحجة المهدي ويرثي الحسين عليه السلام:
نرى يدك ابتلت بقائمـة الـعضـب فحتـام حتام انتظارك بالضرب
اطلت النوى فاستأمنت مكرك العدى وطالت علينا فيك السنة النصب


أدب الطف الجزء السادس 290


إلام لنـا فـي كـل يـوم شـكـاية تعج بها الاصوات بـحاً من الندب
هـلم فـقد ضاقـت بـنا سعة الفضا من الضيم والأعـداء آمنة السرب
ونيـت وعـهدي أن عـزمـك لايني ولكنـما قـد يـربض الليث للوثب
أحاشيك من غض الجفون على القذى وأن تمـلأ العينين نوماً على الغلب
متى ينجلي لـيل النـوى عن صبيحة نرى الشمس فيها طالعتنا من الغرب
فـديـنـاك أدركـنـا فإن قـلوبنـا تلـظى إلـى سلسال منهلك العـذب
قـد العـزم واستنفذ تراتك من عدى تباغت عليكم بالتمادي على الغصب
خـلافـة حـق خـصكم بـسريرها نبـي الهدى عن جبرئيل عن الرب
أديـلـت أليكـم قـائماً بـعد قـائم وندبا لـه تلقـى المقاليد عن نـدب
ومـا أمـرت أفـلاكها بـاستـدارة على الأفق إلا درن منكم على قطب
متـى تشتفى مـنك الـقلوب بسطوة تديـر عـلى أعداك أرحية الحرب
واظمت على المـاء الحسين وأوردت دمـاء وريـديـه سوف بني حرب
غـداة تشفـى الكـفر مـنكم بموقف جزرتم به جزرالأضاحي على الكثب
وغصـت إلى قـرب النواويس كربلا بأشـلاء قتلاكـم مـوسـدة الترب
بـأيـة عـين يـنظـروم مـحمـدا وقـدقـتـلوا صبراً بـنيه بلا ذنب
وجاءوا بها شوهاء خرقـاء اركسـوا بهـا سبة شنعاء ملء الفضا الرحب
شـقـوا وسعـدتم وابتلوا واسترحتـم وخابـت مساعيهم وفزتم لدى الرب


أدب الطف الجزء السادس 291


عمـى لـعيون الشامتين بعظم ما تـجرعتموه مـن بـلاء ومـن كرب
ألا فـي سبيـل الله سفك دمائكم جهـاراً باسياف الضغائـن والنصـب
ألا في سبيل الله سـلب نـسائكم مقانـعهـا بـعـد التـحذر والحـجب
ألا في سبيل الله حمل رؤوسكـم إلى الـشام فوق السمر كالأنجم الشهب
ألا في سبيل الله رض خيولـهـم جسومكم الجرحى من الطعن والضرب
فـيا لرزاياكـم فـريـن مرارتي بجـوفي وصـيرن البكا والجوى دأبي
وفـت لـكم عيني بأدمـعها فإن ونت لـم يـخنكم فـي كـآبته قـلبي
أأنسى هجوم الخيل ضابحـة على خيـام نساكـم بالـعواسل والـقضب
عشـية حـنت جـزعا خفراتكم بـأوجهها نـدبا لـحامي الحمى الندب
صرخن بلا لب وما زال صوتها يـغض ولـكن صحن من دهشة اللب
فأبرزن من حجب الخدور تود لو قضت نحبها قبل الخروج مـن الحجب
وسيقت سبايا فوق أحلاس هـزل إلى الشام تطوي البيد سهبا علـى سهب
يسار بها عنفـا بلا رفق مـحرم بها غير مغلول يـحن عـلى صـعب
ويحضرها الطاغي بناديه شامـتا بمـا نـال أهل البيت من فادح الخطب
ويوضع رأس السبط بين يديه كي تدار عليه الراح فـي مـجلس الشرب
ويسمـع آل الله شتـم خـطيبـه أبـا الحسن الممدوح فـي محكم الكتب
يصلـي عـليه الله جل وتجتري على سبـه مـن خصـها الله بـالسب
وكم خلدت في السجن منكم أعزة إلـى أن قـضت نحبا بطامورة الجب


أدب الطف الجزء السادس 292


ولم ينس قتل السبط حتى تألبت لأبنـائـه الـغر الـثمانيـة النجب
إلى أن قضوا لاغلة أبردت لهم ولم يشف صدر من عناء ومن كرب

وقال:
قـد أوهنـت جلدي الديار الخالية مـن أهلـها ما للديـار وماليه
ومتـى سـألت الدار عن أربابها يـعد الصدى منها سؤالي ثانيه
كـانت غيـاثا للمنوب فأصبحت لجميع أنواع النوائب حـاويـه
ومعالم أضحـت مآتـم لا تـرى فيها سوىناع يجاوب نـاعـيه
ورد الحسين إلى العراق وظنـهم تركوا النفاق إذ العراق كما هيه
ولـقد دعـوه للـعنا فـأجابـهم ودعاهم لهدى فـردوا داعـيه
قست القلوب فلـم تـمل لـهداية تباً لهاتـيك القلـوب القاسـية
ما ذاق طعم فراتهم حتى قضـى عطشاً فغسل بالدمـاء القـانيه
يا ابـن النبي المصطفى ووصيه وأخا الزكي ابن البتول الزاكيه
تـبكيك عيـني لا لأجـل مثوبة لكنمـا عيني لأجـلك بـاكيـه
تبـتل مـنكـم كـربلا بـدم ولا تبتل منـي بـالدـموع الجاريه
أنسـت رزيتـكم رزايـانا التـي سلفت وهونت الرزايـا الآتـيه
وفـجائـع الأيـام تـبقى مـدة وتزول وهي إلى القيامة بـاقيه
لهفـي لركب صرعوا في كربلا كـانت بـها آجـالهم مـتدانيه
تعدو على الأعداء ظامية الحشى وسيوفهم لـدم الأعـادي ظاميه
نصروا ابن بنت نبيهم طوبى لهم نالوا بنصرته مراتب سـامـيه
قد جاوروه هـا هنا بقـبورهـم وقصورهم يوم الجزا متـحاذيه
ولـقد يـعز على رسول الله ان تسبى نساه إلى يزيد الطاغـيه
ويـرى حسيناً وهـو قرة عينه ورجاله لم تبـق منهـم باقيـه
وجسومهم تحت السنابك بالعرى ورؤوسهم فوق الرماح العالـيه
ويـرى ديـار أمـية معمورة وديار أهـل البيت مـنهم خاليه


السابق السابق الفهرس التالي التالي