أدب الطف ـ الجزء الثاني 97


‍‍‌‏‎والمـلك والـفلك المـدار وسـعده والغزو في الدأمـاء والدهمـاء
‍‍‌‏‎والـدهر والايـام فـي تـصريفها والناس والخضـراء والغـبراء
‍‍‌‏‎اين المفــرّ ولا مفـر لـهـارب ولك البسيطان الـثرى والمـاء
‍‍‌‏‎ولك الجـواري المنشآت مـواخرا تجري بأمرك والريـاح رخـاء
‍‍‌‏‎والـحامـلات وكلـها مـحمـولة والناتجـات وكلهــا عـذراء
‍‍‌‏‎والاعـوجيّـات التي ان سوبـقت غلبت وجري المذكـيات غلاء
‍‍‌‏‎والطائـرات السـابقات السـابحا ت الناجيات اذا اسـتحثّ نجاء
‍‍‌‏‎فالبأس في حَـمس الوغى لكمـاتها والكـبرياء لــهنّ والخيـلاء
‍‍‌‏‎لا يصدرون نحورها يـوم الوغـى إلا كما صبغ الخـدود حيــاء
‍‍‌‏‎شـمّ العوالي والانــوف تبـسموا تحت العبوس فأظلموا وأضاءوا
‍‍‌‏‎لـبسوا الحديد على الحديد مظاهرا حتـى اليلامق والـدروع سواء
‍‍‌‏‎وتقنعوا الفـولاذ حتى المـقلة الـ ـنجلاء فـيها المقلة الخوصاء
‍‍‌‏‎فكـأنمـا فـوق الأكـف بـوارق وكأنما فـوق الـمتون إضـاء
‍‍‌‏‎من كـل مسرود الدخارص فـوقه حـُبك ومصقـول عليه هـباء
‍‍‌‏‎وتعـانقـوا حتــى ردينيّاتـهـم عطشى وبيضـهم الرقاق رواء
‍‍‌‏‎أعــززت ديـن الله يا ابن نبـيّه فاليـوم فـيه تخمـط وإبــاء
‍‍‌‏‎فأقـل حـظ العرب مـنك سـعادة وأقل حـظ الروم منـك شقـاء
‍‍‌‏‎فاذا بعـثت الجـ يش فـهو منيـة واذا رأيـت الرأيَ فـهو قضاء
‍‍‌‏‎يكسـو نـداك الـروض قبل أوانه وتحـيد عـنك اللزبـة اللأواء
‍‍‌‏‎وصفات ذاتك منك يأخذها الـورى في المكرمات فكـلّها أسـمـاء
‍‍‌‏‎قد جالت الافهـام فيك فـدقت الـ أوهـام فـيك وجـلّـت الآلاء
‍‍‌‏‎فعنت لك الابصار وانقـادت لك الـ أقـدار واستـحيت لك الأنـواء
‍‍‌‏‎وتجمّعت فيك القلوب على الـرضى وتشـعّبت في حبـّك الاهـواء
‍‍‌‏‎انت الذي فصـل الخطاب وانمــا بك حكّمت في مدحـك الشعراء
وأخـصّ منزلة من الشعراء فــي أمثالهـا الـمضروبة الحـكماء


أدب الطف ـ الجزء الثاني 98


‍‍‌‏‎أخـذ الكلام كـثيره وقليلـه قـسمـين ذا داء وذاك دواء
‍‍‌‏‎دانوا بأن مـديحهم لك طاعة فرض فليس لهم عليك جزاء
‍‍‌‏‎فاسلم اذا راب البرية حـادث واخلد اذا عـمّ النفـوس فناء
‍‍‌‏‎فيـه تنزّل كل وحـي منزل فلأهل بيت الـوحي فيه سناء
‍‍‌‏‎فتـطول فيه اكـفّ آل محمد وتغل فيه عـن الندى الطلقاء
‍‍‌‏‎ما زلت تقضي فرضَه وامامه ووراءه لـك نائـل وحبـاء
‍‍‌‏‎حسبي بمدحك فيه ذخـرا انه للنسك عـند الناسكين كفـاء
‍‍‌‏‎هيهات منّا شكر ما تولى فقد شكرَتكَ قبل الألسن الأعضاء
‍‍‌‏‎والله فـي علياك أصدق قائل فكأن قـول القائـلين هـذاء
لا تسألـن عن الزمـان فانه في راحتيك يدور حيث تشاء

وقال يمدح المعز ويصف انتصاراته على الروم في البر والبحر :
‍‍‌‏‎أقـوى المحصّب من هـاد ومـن هـيد وودّعودنـا لطيـات عبـاديد
‍‍‌‏‎ذا موقف الصب من مرمى الجمار ومـن مساحب البدن قفرا غير معهود
‍‍‌‏‎مـاأنسى لا انـَس جـفال العـجيج بنا والراقصات من المهرية القـود
‍‍‌‏‎وموقـف الفتيـات الناسـكات ضحـىً يعثرن في حبرات الفتية الصيد
‍‍‌‏‎يحرمن في الريـط من مـثنىً وواحـدةٍ وليس يحرمن إلا في المـواعيدِ
‍‍‌‏‎ذوات نيـل ضـعاف وهــي قاتـلـة وقد يصيب كمـيّا سهم رعـديد
‍‍‌‏‎قـد كنـت قناصـها أيـام اذعـرهـا غـيد السوالف في أيـامنا الغيد
‍‍‌‏‎اذ لا تـبيت ظبـاء الـحـيّ نـافـرة ولا تراع مـهاة الرمل بـالسيد
‍‍‌‏‎لا مـثل وجـدي بريعـان الشباب وقد رأيت أملود عيشي غـير املود
‍‍‌‏‎والشيـب يضـرب فـي فـوديّ بارقه والدهر يقدح في شملي بتبديـد
‍‍‌‏‎ورابنــي لـون رأسـي انه اخـتلفت فيه الغمائم من بيض ومن سود
إن تــبكِ أعيــينا للحـادثـات فقـد كحلننا بـعد تغـميض بتسهيد


أدب الطف ـ الجزء الثاني 99


‍‍‌‏‎وليس ترضى الليالـي في تـصرّفها إلا إذا مزجت صاب بقـنديد(1)
‍‍‌‏‎لا عرقـن زمـانــا راب حادثـة اذا استـمر فالقـى بالمـقاليد
‍‍‌‏‎لله تصديق ما فـي النفس مـن امل وفي المـعز معز الدين والجود
‍‍‌‏‎الواهـب البدرات النـجل ضـاحية امثال اسنـمة البزل الجلاعـيد
‍‍‌‏‎مـؤيد الـعزم في الجلى اذا طرقت مندد السمع في النادي اذا نودي
‍‍‌‏‎لكـل صـوت مجال في مـسامعه غير العنـيفين مـن لؤم وتفنيد
‍‍‌‏‎وعند ذي التاج بيض المكرمات وما عندي لـه غير تمـجيد وتحميد
‍‍‌‏‎أتبعـته فكـري حـتى إذا بـلغت غايـاتها بـين تصويب وتصعيد
‍‍‌‏‎رأيـت مـوضع برهان يـبين وما رأيت موضـع تكييف وتحديـد
‍‍‌‏‎وكـان منـقذ نفسي مـن عمايـتها فقـلت فـيه بعلـم لا بـتقلـيد
‍‍‌‏‎فـمن ضمير بجـد القول مشتمـل ومـن لسان بحر المدح غـريد
‍‍‌‏‎ما أجـزل الله ذخـري قبل رؤيـته ولا انتفعـتُ بإيمـان وتوحـيد
‍‍‌‏‎لله مـن سبب بالمـجـد متـصـل وظل عـدل على الآفاق مـمدود
‍‍‌‏‎هـادي رشـاد وبـرهان وموعظة وبـيـنات وتـوفـيق وتسديـد
‍‍‌‏‎ضيـاء مظـلمة الايــام داجـية وغيث ممحـلة الاكناف جـارود
‍‍‌‏‎تـرى أعاديـه فـي أيـام دولتـه ما لا يرى حاسد في وجه محسود
‍‍‌‏‎قد حاكمـته ملوك الروم في لجـب وكـان لله حـكم غـير مـردود
‍‍‌‏‎إذ لا تـرى هبرزيـا غيـر منعفر منهم ولا جاثليقا غـير مصفـود
‍‍‌‏‎قضيت نحب العوالي مـن بطارقـهم وللدمـاسق يـوم غـير مشـهود
‍‍‌‏‎ذمّـوا قنـاك وقد ثـارت أسـنّتها فمـا تركن وريـدا غير مـورود
‍‍‌‏‎طعـن يكوّر هـذا في فريـسة ذا كأن في كل شـلو بـطن ملحـود
‍‍‌‏‎حويت اسلابهم من كل ذي شـطب مـاض ومـطرّد الكعـبين أمـلود
وكـل درع دلاص المـتن سابـغة تطوى على كل شافي النسج مسرود


(1) القنديد : عسل قصب السكر اذا جمد .
أدب الطف ـ الجزء الثاني 100


‍‍‌‏‎لـم يعلموا أن ذاك الـعزم منصـلت وأن تـلـك المنايـا بـالمراصـيـد
‍‍‌‏‎حتـى اتـوك على الاقتاب من بـُهم خـزر الـعيون ومن شوس مـذاويد
‍‍‌‏‎وفـوق كـل قـتـود بـَز مستـلب وفـوق كل قنـاة رأس صنــديـد
‍‍‌‏‎توجـت منهـا القنـا تيجان ملحـمة من كـل محلول سلـك النظم معقود
‍‍‌‏‎كأنها فـي الـذرى سـحق مكمّـمة من كل مخضود أعلى الطلع منضود
‍‍‌‏‎سود الغَدائـر فـي بيض الأسنه في حمـر الانـابيب فـي ردع وتجسيد
‍‍‌‏‎أشهدتهم كل فضفاض القميض ضحى في كـل سـرج تحلّى ظهر قـيدود
‍‍‌‏‎كـأن أرمـاحـهم تتلو اذا هزجت زبـور داود فـي مـحـراب داود
‍‍‌‏‎لـو كان للـروم علم بـالذي لـقيت ما هنئـت ام بــطريق بمـولـود
‍‍‌‏‎لـم يبق في أرض قسطنطين مشركة الا وقـد خصـّهـا ثكـل بمفقـود
‍‍‌‏‎أرض اقمـت رنيـنا فـي مآتمـها يغني الحمـائم عـن سجع وتـغريد
‍‍‌‏‎كـأنـما بـادرت منهـا مـلوكهـم مصـارع القتل أو جاءوا بموعـود
‍‍‌‏‎ما كـل بارقة في الجـو صاعـقة تسـري ولا كـل عفريـت بمريّـدِ
‍‍‌‏‎القى الدمسـتق بالصـلبان حين رأى ما أنـزل الله مـن نـصر وتـأييد
‍‍‌‏‎فقل لـه حال من دون الخلـيج قنـاً سـمـر وأدرع أبـطال مناجــيد
‍‍‌‏‎أهـل الجـلاد اذا بانـت أكفـهـم يـجمعن بـين العوالـي واللغاديـد
‍‍‌‏‎فرسـان طعن تؤام في الفرائص لا ينمى وضرب دراك فـي الـقماحيد(1)
‍‍‌‏‎ذا أهرت كـشدوق الأسد قد رجـفت زأرا وهـذا غـموس كـالأخاديـد
‍‍‌‏‎أعيـا عليه أيرجـو أم يـخاف وقـد رآك تـنجـز من وعـد وتوعـيد
‍‍‌‏‎وقـائـع كـظمتـه فانـثنى خرسـا كأنما كَعَـمَـت فـاه بـجـلـمود
‍‍‌‏‎حميـته الـبر والبـحر الفضاء معـا فمـا يـمر ببـات غـير مسـدود
‍‍‌‏‎يـرى ثغورك كالـعين التي سمـلت بيـن المرورات منهـا والـقراديد
يا رب قـارعـة الأجيـال راسـية منها وشـاهقة الأكـناف صيـخود


(1) القماحيد ، الواحدة قمحودة : مؤخر القذال ، خلف الأذنين .
أدب الطف ـ الجزء الثاني 101


‍‍‌‏‎دنــا لـيمنع ركـنيهـا بغـاربه فبات يدعم مــهدودا بمهـدود
‍‍‌‏‎قد كـانت الـروم محذورا كتائـبها تدني البلاد على شحط وتـبعيد
‍‍‌‏‎ملك تأخر عهـد الدهـر مـن قـدم عنه كأن لم يكن دهرا بمـعهود
‍‍‌‏‎حل الـذي أحكـموه في العزائم من عقد وما جربوه في الــمكاييد
‍‍‌‏‎وشاغـبوا اليـم ألفي حـجة كمـلا وهم فوارس قاريّـاته الســود
‍‍‌‏‎فاليـوم قد طمست فـيه مــسالكهم من كل لاحب نهج الفلك مقصود
‍‍‌‏‎لو كنت سألتهــم في اليم ما عرفوا سُفح السفـائن من غير الملاحيد
‍‍‌‏‎هيهات لو راعهم في كـل معـترك ليث الليوث وصـنديد الصناديد
‍‍‌‏‎من ليس يمسح عن عرنين مضطهد ولا يبيت عـلى أحنـاء مفؤود
‍‍‌‏‎ذو هيبـة تـتقى في غـير بائـقة وحكمة تُجتنى مـن غير تعقيد
‍‍‌‏‎مـن معشـر تسـع الدنيا نـفوسهم والناس ما بين تـضييق وتنكيد
‍‍‌‏‎لو أصحروا في فضاء من صدورهم سـدّوا عليـك فروج البيد بالبيد
‍‍‌‏‎اولئك النـاس إن عـدوا بأجمعهـم ومـن سواهم فلغو غـير معدود
‍‍‌‏‎والفرقـف بين الورى جمعا وبينهم كالفرق ما بين معدوم وموجـود
‍‍‌‏‎إن كـان للجـود باب مرتج غـلق فـأنت تدني اليـه كـل اقـليد
‍‍‌‏‎كأن حلمك أرسى الأرض أو عقدت بـه نواصي ذرى أعلامها القود
‍‍‌‏‎لـك المواهـب اولاهـا وآخـرها عطاء رب عطاء غـير محدود
‍‍‌‏‎فأنت سيّرت ما في الـجود من مثل باق ومن أثر في النـاس محمود
‍‍‌‏‎لـو خلّد الدهر ذا عـز لــعزتـه كنت الأحـق بتعميـر وتـخليد
تُبلـى الـكرام وآثـار الكرام ومـا تزداد في كل عصر غير تجديد


أدب الطف ـ الجزء الثاني 102


الناشي الصغير أبو الحسن علي بن عبد الله بن الوصيف

‍‍‌‏‎بني احـمد قلـبي لكـم يتقـطع بمثل مصابي فيكـم ليـس يـسمع
‍‍‌‏‎فما بقعة في الأرض شرقا ومغربا وليس لكم فيهـا قتـيل ومـصرع
‍‍‌‏‎ظلمتـم وقـتلتم وقُـسّم فـيئـكم وضاقت بكم أرض فلم يحم موضع
‍‍‌‏‎جسوم على البوغاء ترمى وأرؤس على أرؤس اللدن الــذوابل تُرفع
نـوارون لـم تأوِ فـراشا جنوبكم ويسلمني طيـب الـهجوع فـاهجع

وذكر السيد الأمين في الدر النضيد هذه الأبيات للناشي :
‍‍‌‏‎مصائب نسل فاطمة البتول نكت حسراتها كبد الرسول
‍‍‌‏‎ألا بابي البدور لقين خسفا وأسلمها الطلوع الى الأفول
‍‍‌‏‎الا يا يوم عاشورا رمـاني مصابي مـنك بالداء الدخيل
‍‍‌‏‎كأني بابن فاطمـة جديـلا يلاقي الترب بالوجه الجميل
‍‍‌‏‎وقد قطع العداة الرأس منه وعلّوه علـى رمـح طويل
‍‍‌‏‎وفاطمة الصـغيرة بع عز كساها الحـزن أثواب الذليل
تنادي جدهـا يـا جـد إنا طلبنا بعد فقـدك بالـدخول


أدب الطف ـ الجزء الثاني 103


وللناشي في أهل البيت عليهم السلام :
‍‍‌‏‎رجائـي بعيـد والمـمات قـريب ويخطئ ظني فـيكـم ويـصيـب
‍‍‌‏‎متـى تأخذون الثـأر ممن تالـبوا عليكم وشبوا الحرب وهي ضروب
‍‍‌‏‎فذلك قد أدمـى ابـن ملجم شيـبه فخر على المحراب وهو خضـيب
‍‍‌‏‎وذاك تولى السـم عـنه حشـاشة وأنشبن أظفـار بـهـا ونـيـوب
‍‍‌‏‎وهذا توزعن الصوارم جــسـمه فخرّ بـارض الـطف وهـو تريب
‍‍‌‏‎قتيل عـلى نهر الفرات عـلى ظما تطوف بـه الاعـداء وهـو غريب
‍‍‌‏‎كـأن لـم يـكن ريحـانة لمـحمد وما هو نجل لــلوصي حــبـيب
‍‍‌‏‎ولم يك من أهل الكسـاء الاولى بهم يـعاقـب جبـّار السـماء ويـتوب
‍‍‌‏‎اناس علوا أعلى المعالـي من العلى فليس لهم فــي العالمـين ضـريب
‍‍‌‏‎اذا انتسبوا جازوا التناهي بجدهــم فما لهم فـي الأكـرميـن نســيب
‍‍‌‏‎هـم البحر أضحـى دره وعـبابـه فلـيس له من مبــتغـيه رسـوب
‍‍‌‏‎تــسير بـه فـلك النجــاة وماؤه لشـرّابـه عـذب المذاق شــروب
‍‍‌‏‎هـم البحر يغدو من غـدا في جواره وساحله ســهل المجال رحــيـب
‍‍‌‏‎يمـد بـلا جـزر عـلومـا ونائـلا إذا جاء مــنه الـمرء وهو كـسوب
‍‍‌‏‎هـم سـبب بيـن العـبـاد وربهـم فراجيهُم في الـحشر لـيس يخــيب
‍‍‌‏‎حــووا علم ما قد كـان أو هو كائن وكـل رشـاد يـبتـغـيه طـلـوب
‍‍‌‏‎هـم حسـنات العالميــن بفـضلهم وهو للاعادي فـي المـعـاد ذنـوب
‍‍‌‏‎وقد حفظـت غيب العـلوم صدورهم فما الغيب عن تـلك الصـدور يغيب
‍‍‌‏‎فان ظلمـت أو قتـّـلت أو تهضمت فما ذاك مـن شأن الزمـان عجـيب
وسوف يـديـل الـله فيـهم بـأوبة وكـل إلـى ذاك الــزمان يــؤب


أدب الطف ـ الجزء الثاني 104


فقلت أمضي في حاجة وأعود وقصدت المكان الذي أردته وجلست فيه فحملتني عيني فرأيت في منامي أبا القاسم عبد العزيز الشطرنجي النائح فقال لي أحب أن تقوم فتكتب قصيدة الناشي البائية فانا قد نحنا بها البارحة بالمشهد ، وكان هذا الرجل قد توفي وهو عائد من الزيارة فقمت ورجعت اليه وقلت : هات البائية حتى أكتبها ، فقال من أين علمت أنها بائية وما ذاكرت بها أحدا فحدثته بالمنام فبكى وقال : لا شك ان الوقت قددنا ، فكتبتها فكان أولها :
رجائي بعيد والممات قريب ويخطئ ظني والمنون نصيب

وفي الأعيان :
قال وحدثني الخالع : قال اجتزت بالناشي يوما وهو جالس في السراجين فقال لي قد عملت قصيدة وقدطلبت وأريد أن تكتبها بخطك حتى اخرجها

أدب الطف ـ الجزء الثاني 105

الناشي الصغير مولده سنة 271 ومات يوم الأثنين لخمس خلون من صفر سنة 365 هو ابو الحسن علي بن عبد الله بن الوصيف الناشي الصغير الاصغر البغدادي :
من باب الطاق ، نزيل مصر ، المعروف بالحلاء كان ابوه يعمل حلية السيوف فسمّي حلاء . ويقال له : الناشي لأن الناشي يقال لمن نشأ في فن من فنون الشعر كما قال السمعاني في الانساب .
وفي الطيلعة : كان من علماء الشيعة ومتكلميها ومحدثيها وفقهائها وشعرائها له كتب في الامامة ومدائحه في أهل البيت صلوات الله عليهم لا تحصى كثرة روى الحموي في معجم الأدباء قال : حدثني الخالع قال : كنت مع والدي في سنة ست وأربعين وثلاثمائة وأنا صبي في مجلس الكبودي في المسجد الذي بين الوارقين والصاغة وهو غاص بالناس واذا رجل قد وافى وعليه مُرقعة وفي يديه سطيحة وركوة(1) ومع عُكاز ، وهو شِعث فسلّم على الجماعة بصوت يرفعه ، ثم قال أنا رسول فاطمة الزهراء صلوات الله عليها ، فقالوا مرحبا بك وأهلا ورفعوه فقال : أتعرّفون لي أحمد المزوق النائح ، فقالوا : ها هو جالس ، فقال : رأيت مولاتنا عليها السلام في النوم فقالت :
امضي الى بغداد واطلبه وقل له : نح على ابني بشعر الناشي الذي يقول فيه :
بني احمد قلبي بكم يتقطع بمثل مصابي فيكم ليس يُسمع


(1) المرقعة : الثوب المرقع ، والسطيحة ، المزادة ، والركوة : الدلو الصغير .
أدب الطف ـ الجزء الثاني 106


وكان الثاني حاضرا فلطم على وجهه وتبعه المزوّق والناس كلهم وكان اشد الناس في ذلك الناشي ثم المزوّق ثم ناحوا بهذه القصيدة في ذلك اليوم الى أن صلى الناس الظهر وتقوض المجلس ، وجهدوا بالرجل أن يقبل شيئا منهم ، فقال والله لو أعطيت الدنيا ما أخذتها فانني لا أرى أن أكون رسول مولاتي عليها السلام ثم آخذ عن ذلك عوضا ، وانصرف ولم يقبل شيئا قال : ومن هذه القصيدة وهي بضعة عشر بيتا .
عجب لكم تفنون قتلا بسيفكم‌‏‎ ويسطو عليكم من لكم كان يخضع
كأن رسول الله أوصى بقتلكم وأجـسامكم في كـل ارض توزع

وجمع العلامة السماوي شعر الناشي في أهل البيت عليهم السلام وهو يزيد على ثلثمائة بيتا وهو اليوم في مكتبة الامام الحكيم العامة بالنجف الأشرف أقول ودفن الناشي في مقابر قريش وقبره هناك معروف . وهو ممن نبش قبره في واقعة سنة 443 وأحرقت تربته .
وقال الشيخ القمي في الكنى والألقاب : الناشي الاصغر هو ابو الحسن علي بن عبد الله بن وصيف البغدادي الحلاء الفاضل المتكلم الشاعر البارع الإمامي المشهور له كتاب في الإمامة وأشعار كثيرة في أهل البيت (ع) لا تحصى حتى عرف بهم ولقب بشاعر أهل البيت (ع) ، ولد سنة 271 ويروي عن المبرد وابن المعتز قال ابن خلكان وهو من الشعراء المحسنين وله في أهل البيت (ع) قصائد كثيرة وكان متكلما بارعا اخذ علم الكلام عن أبي سهل اسمعيل بن علي بن نوبخت المتكلم وكان من كبار الشيعة وله تصانيف كثيرة وكان جده وصيف مملوكا وابوه عبد الله عطارا وقيل له الحلاء لأنه كان يعمل حلية من النحاس ومضى إلى الكوفة سنة 325 وأملى شعره بجامعها وكان المتنبي وهو صبي يحضر مجلسه بها وكتب من إملائه لنفسه من قصيدة :
كأن سنان ذابله ضمير‌‏‎ فليس عن القلوب له ذهاب
وصارمه كبيعته بخم مقاصدها من الخلق الرقاب


أدب الطف ـ الجزء الثاني 107


ونظم المتنبي هذا وقال :
كأن الهـام في الهيجا عيون‌‏‎ وقد طبعت سيوفك من رقاد
وقد صغت الاسنة من هموم فما يخطرن إلا فـي فؤادي

وقال النجاشي والشيخ في الفهرست ، له كتاب في علم الكلام . وعده ابن النديم في المتكلمين من الشيعة وقال : كان متكلما بارعا .
قال الحموي : وكان الناشي يعتقد الامامة ويناظر عليها باجود عبارة فاستنفد عمره في مديح أهل البيت حتى عرف بهم ، واشعاره فيهم لا تحصى كثرة ، ومدح مع ذلك الراضي بالله وله معه اخبار ، وقصد كافور الأخشيدي بمصر فامتدحه وامتدح ابن حِنزابَةَ وكان ينادمه .
وفي الاعيان : وقيل وفد الناشي على عضد الدولة بن بويه وامتدحه فأمر له بجائزة سنيّة وأحاله على الخازن فقال ما في الخزانة شيء فاعتذر اليه عضد الدولة وقال : ربما تأخر حمل المال الينا وسنضاعف لك الجائزة متى خطر فخرج من عنده فوجد على الباب كلابا لعضد الدولة عليها قلائد الذهب وجلال الخز قد ذبح لها السخال والقيت بين يديها فعاد الى عضد الدولة وأنشأ يقول :
رأيـت بـباب داركـم كـلابا تغذيـها وتـطعمها السخالا
فهل في الأرض أدبر من أديب يكون الكلب أحسن منه حالا

ثم حمل الى عضد الدولة مال على بغال وضاع منها بغل ووقف على باب الناشي فأخذ ما عليه ثم دخل على عضد الدولة وأنشده قصيدته التي يقول فيها :
ومن ظن أن الرزق يـأتي بمطلب فقد كذبته نفسه وهـو آثم
يفوت الغنى من لا ينام عن السرى وآخر يأتي رزقه وهو نائم

فقال له هل وصل المال الذي على البغل فقال نعم قال هو لك بارك الله لك فيه

أدب الطف ـ الجزء الثاني 108


فعجب الحاضرون من فطنته .
وفي الأعيان : قال ياقوت حدث الخالع قال حدثني ابو الحسن الناشي قال كنت بالكوفة سنة 325 وأنا أملى شعري في المسجد الجامع بها والناس يكتبون عني .
قال السيد الأمين في الاعيان : الظاهر أن ذلك الشعر كان في مدح أهل البيت عليهم السلام والا فغيره من الشعر لا يقرأ في المسجد الجامع بالكوفة ، وكان الناس الذين يكتبون عنه هم الشيعة ، لان جل اهل الكوفة كانوا شيعة في ذلك الوقت .
( انتهى )

وللناشي يمدح امير المؤمنين عليه السلام :
‍‍‌‏‎ألا يا خليفـة خـير الورى لقد كفر القوم اذ خـالفـوكا
‍‍‌‏‎خلافـهـم بــعد دعواهم ونكثهم بـعدمـا بايـعـوكا
‍‍‌‏‎طغوا بالخـريبة واستنجدوا بصفين والـنهر إذ صالتوكا
‍‍‌‏‎أناس هم حـاصـروا نعثلا ونـالوه بالقتل مـا استأذنوكا
‍‍‌‏‎فيا عجـبا منـهم إذ جـنوا دمـا وبثـاراته طـالـبوكا
‍‍‌‏‎ولو أيقنوا بنـبي الــهدى وبالله ذي الطول ما كـايدوكا
‍‍‌‏‎ولو أيقنـوا بمــعاد لـها أزالوا النصوص ولا مانعوكا
‍‍‌‏‎ولو أنـهم آمـنوا بـالهدى لما مانعوك ولا زايــلوكـا
‍‍‌‏‎ولكنـهم كتموا الشـك فـي اخـيك النـبي وأبـدوه فـيكا
‍‍‌‏‎فلم لـم يثـوروا ببدر وقـد قتلت من القوم مـن بارزوكا
‍‍‌‏‎ولم عـردوا إذ ثنيت العدى بمهراس أُحـد ولـِم نازلوكا
‍‍‌‏‎ولم أحجـموا يوم سلـعٍ وقد ثبّت لعمرو ولـِم أسلـموكـا
‍‍‌‏‎ولِم يوم خيـبر لـم يثـبتوا براية أحمـد واستدركـوكـا
فلاقيت مرحب والعنـكبوت واسداً يحامــون إذ وجهوكا


أدب الطف ـ الجزء الثاني 109


‍‍‌‏‎فدكدكـت حصــنهم قاهرا ولوّحت بالباب اذا حاجـزوكا
‍‍‌‏‎ولم يحـضروا بحـنين وقد صككت بنفسك جيشا صكوكا
‍‍‌‏‎فأنت المقدم فـي كـل ذاك فيا لـيت شـعري لم اخرّوكا
‍‍‌‏‎فيا ناصر المصطفى أحـمد تعلـمت نـصرته من أبـيكا
‍‍‌‏‎وناصبـت نصـابه عـنوة فلعـنة ربـي علـى ناصبيكا
‍‍‌‏‎فانت الخــليفة دون الأنام فما بالهـم فـي الورى خلّفوكا
‍‍‌‏‎ولا سيـمـا حـين وافـيته وقـد سار بالجيش ببغي تبوكا
‍‍‌‏‎فقـال أنـاس قـلاه الـنبي فصرت الى الطهرإذ خفضوكا
‍‍‌‏‎فقـال النـبي جـوابا لمـا يؤدي الى مسمع الطهر فـوكا
‍‍‌‏‎ألـم ترض أنّا على رغمهم كموسى وهـارون إذ وافقوكا
‍‍‌‏‎ولـو كان بعـدي نبيّ كـما جعلت الخليفة كنت الشريـكا
‍‍‌‏‎ولكـنني خاتـم المرسليـن وأنـت الخلـيفة إن طاوعوكا
‍‍‌‏‎وأنت الخليفة يـوم انتـجاك على الكـور حينا وقدعاينوكا
‍‍‌‏‎يـراك نجيـا لـه المسلمون وكان الإلـه الـذي يـنتجيكا
‍‍‌‏‎على فـم أحمد يوحى الـيك وأهل الضغائـن مستشرفوكا
‍‍‌‏‎وأنت الـخليفـة في دعـوة العشيرة إذ كان فيـهم أبوكـا
‍‍‌‏‎ويوم الغـدير ومـا يومــه ليتـرك عذرا الى غـادريكا
‍‍‌‏‎فـهم خـلف نصروا قـولهم ليبغوا عليك ولم ينـصروكا
‍‍‌‏‎اذا شاهدوا لنـص قالوا لـنا توانى عن الحق واستضعفوكا
‍‍‌‏‎فقلنا لهـم نـص خير الورى يزيل الظنون وينفي الشكوكا
ولـو آمـنوا بـنبيّ الهـدى وبالله ذي الطول مـا خالفوكا


أدب الطف ـ الجزء الثاني 110


(الابيات) توفي ببغداد سنة 366 أو 360 والناشي كما عن أنساب السمعاني يقال لمن نشأ في فن من فنون الشعر واشتهر به والمشهور بهذه النسبة علي بن عبدالله ، وقيل انه توفي يوم الأربعاء لخمس خلون من صفر ومولده في سنة إحدى وسبعين ومائتين .
ومن شعره كما روى ابن خلكان :
إني ليهجرني الصديق تجنُّباً‌‏‎ فـأريه أن لهـجـره اسبـابا
‍‍‌‏‎وأخاف إن عاتبتـه أغريته فأرى لـه ترك الـعتاب عتابا
‍‍‌‏‎واذا بليت بجاهـل مـتغافل يدعو المحال من الامور صوابا
أوليته منـي السكوت وربما كان السكوت عن الجواب جوابا


أدب الطف ـ الجزء الثاني 111


وللناشي في مدح أمير المؤنين عليه السلام :
‍‍‌‏‎بآل محمد عُـرف الصواب وفـي أبياتهم نــزل الـكتاب
‍‍‌‏‎هـم الكلمات للأسماء لاحت لآدم حين عـزّ لـه الـمـتاب
‍‍‌‏‎وهم حجج الآله على البرايا بهـم وبحكـمهم لا يــستراب
‍‍‌‏‎بقيّة ذي العلى وفروع أصل لحسـن بيانهم وضح الـخطاب
‍‍‌‏‎وأنوار يـرى في كل عصر لا رشاد الورى منهـم شـهـاب
‍‍‌‏‎ذرارى أحــمد وبـنو عليّ خليفتـه فهــم لبّ لـــباب
‍‍‌‏‎تناهوا في نـهاية كـل مجد فطـهّر خلقـهم وزكوا وطـابوا
‍‍‌‏‎إذا مـا أعـوز الطلاب علم ولـم يوجـد فعنـدهم يـصاب
‍‍‌‏‎محبتهـم صـراط مـستقيم ولـكن فـي مسالكـها عـقاب
‍‍‌‏‎ولا سيما أبـو حسن علـي لـه في الـحرب مرتبة تـهاب
‍‍‌‏‎كـأن سنان ذابـله ضـمير فلـيس لها سـوى نعم جـواب
‍‍‌‏‎وصارمـه كبـيعته بـخُـمّ معاقدهـا مـن القـوم الرقـاب
‍‍‌‏‎اذا نادت صوارمـه نفـوسا فليس لهـا سوى نعـم جـواب
‍‍‌‏‎فبـين سنانـه والـدرع سلم وبين البيض والبيض أصطحاب
‍‍‌‏‎هـو البكاء في المحراب ليلا هو الضحّاك إن وصل الضراب
ومَن في خفـه طرح الأعادي حُـبابا كي يُلــسبه الحُبـاب(1)


(1) الحباب : الأفعى .
أدب الطف ـ الجزء الثاني 112


‍‍‌‏‎فحين أراد لبس الخف وافى يمانعـه عـن الخـف الـغراب
‍‍‌‏‎وطـار بـه فاكفـأه وفيـه حبـاب في الصعيد له انسـياب
‍‍‌‏‎ومَن ناجـاه ثعبـان عظـيم بباب الطهـر ألقـته السـحاب
‍‍‌‏‎رآه النـاس فانجفلوا برعب وأغلقت الـمسالـك والـرحاب
‍‍‌‏‎فلمـا أن دنـا منـه علـيّ تداني الـناس واستولـى العجاب
‍‍‌‏‎فكلّـمه علـي مستطيــلا واقـبل لا يـخاف ولا يـهـاب
‍‍‌‏‎ورنّ لحاجـز وانساب فـيه وقـال وقـد تغــيبه الـتراب
‍‍‌‏‎أنا ملـك مسخت وأنت مولى دعـاؤك إن مـننت به يـجاب
‍‍‌‏‎أتيتك تائبا فاشفع الـى مـَن اليه في مــهاجرتـي الإيـاب
‍‍‌‏‎فاقبل داعيـا واتـى اخـوه يؤمن والعيـون لـها انسـكاب
‍‍‌‏‎فلما أن أُجيـبا ظـل يـعلو كما يعلو لـدى الـجو العـقاب
‍‍‌‏‎وانبت ريـش طـاوس عليه جواهر زانـها الـتبر الـمذاب
‍‍‌‏‎يقول لقد نـجوت بأهل بيت بهم يصلـى لظى وبهـم يـئاب
هم النبأ العظيم وفـضلك نوح وناب الله وانـقطع الخــطاب

وللناشي يمدحه سلام الله عليه :
‍‍‌‏‎الا إن خير الخلق بعــد محـمد علي الذي بالـشـمس ازرت دلائله
‍‍‌‏‎وصي النبي المصطفـى ونجـيّه ووارثه علم الغـيوب وغـاســله
‍‍‌‏‎ومَن لم يقل بالنـص فـيه معاندا غدا عقله بالرغـم منـه يـجادلـه
‍‍‌‏‎يعرّفه حق الوصـي وفـضــله على الخلق حتى تضمحـل بواطله
‍‍‌‏‎هو البحر يغنى من غدا في جواره ولا سيما إن أظــهر الـدر ساحله
‍‍‌‏‎هو الفـخر في اللأوا اذا ما ندبته ولا عجــب أن يندب الفخر ثاكله
‍‍‌‏‎حجـاب آله الـخلق أحكـم رتقه وستر على الاسلام ذو الطول سابله
‍‍‌‏‎وباب غدا فـينا لخـير مديــنة وحبل ينال الفوز في البعث واصله
وعيبة علم اللـه والصـادق الذي يقول بـحر القول إن قال قائــله


أدب الطف ـ الجزء الثاني 113


‍‍‌‏‎عليم بـما لا يعلــم الناس مظهر من العلم من كـل الـبريـة جاهله
‍‍‌‏‎يجيب بـحكـم الله من كل شبهة فيبصر طـب الـغي منـه مسائله
‍‍‌‏‎اذا قال قولا صدّق الـوحـي قوله وكذّب دعـوى كل رجـس يناضله
‍‍‌‏‎حميد رفيع الـقـول عند مليـكه شفـيع وجيــه لا تـرد وسـائله
‍‍‌‏‎وخلصان رب العرش نفس محمد وقد كان من خير الورى مَن يباهله
‍‍‌‏‎امام علا من خـتم الرسـل كاهلا وليس علي يحمل الطـهر كـاهلـه
‍‍‌‏‎ولكن رسول الله عـلاه عامــدا على كتفيه كــي تناهـى فضـائله
‍‍‌‏‎أيعجز عــنه من دحا باب خيبر وتحمــله أفـراسـه ورواحـلـه
‍‍‌‏‎فشرّفه خـير الانــام بحـملـه فبورك محمـول وبورك حـامـله
‍‍‌‏‎ولما دحا الأصنـام أومـى بكـفه فكادت تـنال الـنجم منه أنــامله
وذلك يوم الفتح والبـيت قبــله ومن حولـه الاصنام والكفر شـامله

وللناشي يمدحه (ع) :
‍‍‌‏‎يا آل ياسـين إن مفخـركـم صيّر كل الـورى لـكم خـولا
‍‍‌‏‎لو كان بعـد الـنبي يوجد في الخلق رسولا لــكنتـم رسـلا
‍‍‌‏‎لــولا مـوالاتـكم وحـبكم ما قبـل الله للـورى عــمـلا
‍‍‌‏‎يا كلمــات لـولا تلــقّنها آدم يـوم الــمتاب ما قــبلا
‍‍‌‏‎انتم طريـق الـى الاله بكـم أوضــح رب المعـارج السبلا
‍‍‌‏‎آمنت فيمن مضى بكم وقضى وبالـذي غــاب خـائفا وجلا
‍‍‌‏‎وهو بعيـن الله الـعلي يرى ما صنع المخـتـفي ومـا فعلا
‍‍‌‏‎ويؤمن الارض من تزلزلـها إذ كان طودا لثــبتها جــبلا
‍‍‌‏‎حتى يشاء الـباري فيـظهره للقسط والعدل خـير من عـدلا
‍‍‌‏‎يا غائبا حــاظرا بانفسنـا وباطنا ظاهـرا لـمن عــقلا
‍‍‌‏‎يابن البدور الـذين نـورهم يسطع في الخافـقين مـا أفـلا
وابن الهمام الـذي بسـطوته قوّض ظعن الاشـراك مرتحلا


أدب الطف ـ الجزء الثاني 114


‍‍‌‏‎اقـام ديـن الاله اذ كـسرت يداه في فتح مـكة هـبلا
‍‍‌‏‎علا على كاهـل النبـي ولو رام احتمالا لاحمد حـملا
‍‍‌‏‎ولو أراد النجـوم لامـسهـا بما له ذو الجلال قـد كفلا
‍‍‌‏‎مَن يغتل فليكـن عـلاه كذا أولا فقد بآء هابـطا سفلا
امسكت منكم حبل الولاء فما أراه إلا بـالله متصــلا

ومن شعره قوله يصف فرسا :
مثل دعاء مستجاب إن علا أو كقضاء نازل اذا هبط

وقوله :
لا تعتذر بـالشـغل عنـا إنما‏‎ ترجى لانك دائـما مشغـول
واذا فرغت ولا فرغت فغيرك المرجو والمطلوب والمأمول

وسمي بالناشي الاصغر في مقابلة الناشي الاكبر وهو :
أبو العباس عبد الله بن محمد الانباري البغدادي المعروف بابن شرشير الشاعر حكي انه كان في طبقة ابن الرومي والبحتري وكان نحويا عروضيا منطقيا متكلما له قصيدة في فنون من العلم تبلغ أربعة آلاف بيت وله عدة تصانيف وأشعار كثيرة في جوارح الصيد والامة والصيود كأنه كان صاحب صيد وقد أستشهد كشاجم بشعره في كتاب المصايد والمطارد في مواضع توفي بمصر سنة 293 انتهى ما قاله القمي في الكنى والالقاب . وقال السيد الامين في الأعيان :
الناشي الاكبر اسمه عبيد الله بن محمد بن شرشر ولا دليل على تشيعه

السابق السابق الفهرس التالي التالي