تكوين الاسرة في الاسلام 302

سنن الاسلام ، الا انه لا يحق لها التزين للاخرين او ان تبدي زينتها لرجل غير محرم فلا يجيز الاسلام للمراة الخروج من البيت بوجه مزين فاذا خرجت فعليها ستره حتى لا يراه الاخرين فقد لا تكون قاصدة للاثم ولكنه سيكون وسيلة لعدم التقوى واثم الاخرين .
قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : «ايما امراة تطيبت لغير زوجها لم يقبل الله منها صلاة حتى تغتسل من طيبها كغسلها من جنابتها» (1) و «اي امراة تطيبت وخرجت من بيتها فهي تلعن حتى ترجع الى بيتها متى ما رجعت» (2) .
فمن واجب المراة حفظ ورعاية طهارتها وعفتها وعدم اظهار زينتها لغير زوجها كذلك من واجب الرجل ان لا ينظر الى وجه المراة ويسعى ايضا لحفظ عفته وان لا يلوث عفتها .
3 ـ منع العمل اللامشروع :


اوجب الاسلام نفقة المراة على الرجل كي تتفرغ المراة لتنظيم امور الاسرة وتربية الابناء وبذلك فالمرأة ليست مجبورة على العمل وكسب الرزق .
وفي الوقت الذي يحبذ الاسلام حياتها داخل الاسرة وادارة المنزل لا يمنعها من الاشتغال في مجالات مناسبة لها كتعليم وتربية البنات او في مجال الخدمات الانسانية والاجتماعية ، فالمراة تسعى للحصول على عمل مشروع وتساهم في كسب المال للاسرة والحياة المشتركة ولكنه

(1) وسائل الشيعة : 14 / 113 ح 1 .
(2) المصدر السابق : 14 / 114 ح 4 .
تكوين الاسرة في الاسلام 303

يوصي كلا من المراة والرجل بالقناعة فيحضر الرجل رغيف الخبز للبيت وتهتم المراة بالشؤون المنزلية .
وعلى هذا فظهور المراة ـ في المجتمع الاسلامي ـ في السوق قليل ومشاركتها في الفعاليات الرسمية الاقتصادية اقل . وتجارب الغرب اثبتت انه لم تحصل الاسرة من عمل المراة خارج منزلها سوى العذاب والسأم لكل اعضائها . هذا العذاب والبؤس وليد عالم الصناعة والالة الذي جر المراة لمحيط العمل . فالبيت الذي فيه امراة تعمل في الخارج ليس بيتا بل فندقا ليس مكانا للاستقرار والراحة بل كيان مضطرب ، تائه ، بلا نظام .
والاسلام يستفيد من خدمات المراة في مواقع الضرورة ، ففي عصر النبي (صلى الله عليه واله وسلم) كانت النساء تداوي جرحى الحرب ، واحيانا يرافقنه (صلى الله عليه واله) مع المجاهدين لاداء هذا العمل ولكن بشكل بعيد عن الفساد .
وفي زماننا اكثر اعمال المراة لا يجيزها الاسلام لانها تسبب الاختلاط والفساد والعلاقات غير اللائقة .
4 ـ منع خروج المرأة من البيت:


يسعى الاسلام ان تبقى المراة في المنزل لا تقليلا لشانها واهانتها بل لتتمكن ـ تحت ظل الحياة الاسرية ـ من تربية شخصيات عظيمة ومفيدة وكذلك للحفاظ على وضعها وموقعها الكريم والمحترم .
ولذلك يوصي الاسلام بضرورة عدم خروج المراة من المنزل في جملة وصايا النبي (صلى الله عليه واله وسلم) للامام علي (عليه السلام) :
«يا علي ليس على النساء جمعة ولا جماعة ، ولا اذان ولا اقامة ، ولا عيادة

تكوين الاسرة في الاسلام 304

مريض ، ولا اتباع جنازة ، ولا هرولة بين الصفا والمروة ، ولا استلام الحجر ، ولا حلق ولا تولي قضاء ، ولا تستشار ، ولا تذبح الا عند الضرورة ولا تجهر بالتلبية ، ولا تقيم عند قبر ، ولا تسمع الخطبة ولا تتولى التزويج بنفسها ، ولا تخرج من بيت زوجها الا باذنه فان خرجت بغير اذنه لعنها الله عز وجل وجبرئيل وميكائيل ، ولا تعطي من بيت زوجها شيئا الا باذنه ، ولا تبيت وزوجها عليها ساخط وان كان ظالما لها» (1) .
5 ـ تحريم اسباب التزلزل في الاسرة:


الاسلام يريد من المراة والرجل ان يعيشا في منتهى الصفاء وحسن النية ، ويسعيان لجعل محيط البيت هادئا ، ويستعدان لتربية نسل جديد ، ولا شك ان هذه الامور تحتاج الى شعور كل منهما بتعلقه وتبعيته للاخر ، وان يثقا ببعضهما ، ولا يخطيا خطوة الا برضا بعضهما .
ولاجل الوصول الى هكذا اهداف يجب ان تزال كل الاسباب التي تؤدي الى تزلزل الكيان الاسري ، وبهذا نورد هنا بعض الامور : ـ
1 ـ منع الزنا :


الزنا في نظر الاسلام اثم كبير ويستحق عقوبة كبيرة ، روي عن الامام الرضا (عليه السلام) :
«وحرم الله الزنا لما فيه من الفساد من قتل النفس ، وذهاب الانساب ، وترك التربية للاطفال ، وفساد المواريث» (2) .

(1) وسائل الشيعة : 14 / 155 ح 6 .
(2) وسائل الشيعة : 14 / 234 ح 15 .
تكوين الاسرة في الاسلام 305

وطبقا لذلك فان محاربة مثل هكذا امر يجب ان تكون عقوبة كبيرة ، وهذه العقوبة من جهة تتجه نحو نفس الانسان وداخله ، فهي تعرفه مدى عظمة الاثم الذي ارتكبه ، ومن جهة اخرى نحو جسم الانسان ، وفيها يتعرض لألوان من الزجر والاهانة ، ونقل في الحديث عن المعصوم (عليه السلام) :
«لا تزنوا فيذهب الله لذة نسائكم من اجوافكم وعفوا تعف نساؤكم . ان بني فلان زنوا فزنت نساؤهم» (1) .
واما في الجانب الثاني فان حد الزنا على الاعزب هو الجلد وللمتزوج الرجم (سواء ذكرا كان ام انثى) فالاسلام يريد ان يمحو اثار هذا الاثم من المجتمع كاملا ، ولذلك يعطي امرا بقتل المراة الزانية التي لا تتوب .
2 ـ منع اللواط :


اللواط في نظر الاسلام اثم اكبر من الزنا ، لانه يسبب عدم الرغبة بالنساء مما يتسبب بقطع النسل ، وقد حددت الشريعة الاسلامية له حدا معينا اثقل من الزنا ؛ لانه يقتل حتى وان كان فعله للمرة الاولى .
3 ـ منع المساحقة :


المساحقة هنا بمعنى وضع الاعضاء التناسلية على بعضها البعض

(1) مكارم الاخلاق : 238 .
تكوين الاسرة في الاسلام 306

بقصد التلذذ جنسيا ، وهذا الامر يحدث عادة بين النساء وهو يقابل اللواط عند الرجال ، كما انه يستوجب القتل .

وبشكل عام :

يسعى الاسلام الى ازالة كل الاسباب التي ذكرناها والتي تسبب تزلزل كيان الاسرة ، وحتى تتعمق روابط الرجل والمراة معا ، ويعيشان في هدوء وسكينة بعيدا عن كل ما يؤثر على الاسرة ، وفي مجتمع يسوده الصفاء والشرف والعفة والنزاهة .

تكوين الاسرة في الاسلام 307


الفصل الرابع والعشرون

«الضمانات وطرق الاصلاح»


اساس البحث هنا هو : هل من الممكن ان يقال ان احكام الاسلام في مجال طهارة المحيط لاجل المحافظة على الاسرة احكام جيدة ومقبولة ، ولكن من غير المعلوم انها قابلة للاجراء ام لا ، وماهي الضمانات الموجودة لاجرائها ؟ .
واذا كانت هذه الضمانات موجودة ولكن قابلية اجرائها غير ممكنة فقيمتها لا تتعدى كونها نظرية وحبر على ورق .
وللجواب على هذا نذكر ان الاسلام وضع ضمانات مختلفة لاجراء احكامه ، وعين دور كل منها بحيث يكمل بعضها الاخر ، نحن هنا سوف نذكر الضمانات التي تتعلق بامن الاسرة .


انواع الضمانات :

الضمانات التي تحفظ الاسرة متعددة منها :
7 ـ ايمان واعتقاد الفرد:


ان الانسان المؤمن بالله وشريعته يسعى دوما للالتزام باوامره وحلاله وحرامه ، فالانسان المؤمن اذا ما ارتكب اثما فانه يكون خجلا

تكوين الاسرة في الاسلام 308

من نفسه وغير مرتاحا مهما كان ذنبه صغيرا ام كبيرا ، فهو لا يتحمل سخط الله عليه ومفارقة المحيط الامن حتى وان قاوم ذلك ، كما لا يمكنه تحمل ان تخرج منه روح الايمان ويلاقي الله وهو ينتظر العقوبة .
فالمؤمن لاجل كسب رضا الله مستعد لترك كل ما يوافق هواه ويعمل بحكم الله وينفذه ، ووجود مثل هذا الامر في الانسان المؤمن ضمانة اجرائية جيدة لطهارة المحيط ، وهذا الامر نراه بين المسلمين الحقيقيين فقط .
2 ـ توليد الخوف من عقاب الذنوب :



ان الدين الاسلامي يحذر من ارتكاب الذنب مهما كان ، ويعده حراما ويسعى لابعاد الناس عنه .
والمقصود انه مهما كانت المعصية صغيرة فهي معصية لله العظيم وهي حرام ، وبعض العقوبات تكون عقوبتها في الدنيا وبعضها في الاخرة ، والروايات تبين لنا ان الاثار العملية لبعض الذنوب نراها في الدنيا ، مثلا الزنا فان عقوبته الدنيوية ان يمحو كل اثار البركة ، ويؤدي الى موت الفجاة وذهاب الشرف وقصر الاعمار ، والفقر والفاقة ، وباختصار هلاك مادي ومعنوي .
اما اثار وعقوبة الذنوب في الاخرة ، فالروايات تبين ان الذنب يمحو الايمان والدين ، ويجعل الفرد يموت بلا دين وايمان ، وهو يوم القيامة سيواجه بغضب الله ولعنته وعقوبته الشديدة ، ويحاسبه حسابا

تكوين الاسرة في الاسلام 309

عسيرا ويلقيه في نار جهنم .
وهناك نماذج من العقوبات والاثام والذنوب وردت في هذا منها :
قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : «من قبل غلاما من شهوة الجمه الله يوم القيامة بلجام من نار» (1) .
وعنه (صلى الله عليه واله) : «الا ومن زنا بامراة مسلمة او يهودية او نصرانية او مجوسية حرة او امة ثم لم يتب منه ، ومات مصرا عليه ، فتح الله تعالى له في قبره ثلاثمائة باب ، يخرج منها حيات وعقارب وثعبان من النار ، فهو يحترق الى يوم القيامة ، فاذا بعث من قبره تاذى الناس من نتن ريحه ، فيعرف بذلك وبما كان يعمل في دار الدنيا ، حتى يؤمر به الى النار» (2) .
قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : «ان الذكر يركب الذكر فيهتز العرش لذلك» (3) .
وغيرها من الروايات الكثيرة والايات القرانية ، ليس محلها هذا البحث ، فالفرض ان الانسان ومن خلال تهذيب نفسه انه يتذكر دائما انه في قبضة الله وقدرته فيغض النظر عن ارتكاب الحرام .
3 ـ اجراء الحدود :


في الوقت الذي لا يكون للايمان والعقيدة في المجتمع وفي قلب الناس دور ، فالناس حينها لا يكونون خاضعين للقواعد والانظمة ،

(1) وسائل الشيعة : 14 / 257 ح 1 .
(2) وسائل الشيعة : 14 / 242 ح 1 .
(3) وسائل الشيعة : 14 / 249 ح 1 .
تكوين الاسرة في الاسلام 310

ويفضلون الحياة بحرية وبلا قيد ونظام ، وهنا ياتي دور الجهاز القضائي للوقوف بوجه المتمردين العاصين ويوقفهم عند حدهم .
والاصل ان حكومة القانون الالهي في المجتمع والاسرة والمحيط لاجل ايجاد الامن وراحة البال ، فاذا قبل الناس بهذا الامر فخير على خير ، والا فسيجبرون عليه عن طريق القانون ، وعلى هذا الاساس فالحدود الاسلامية خطوة للوصول الى تلك الاهداف .
ان بعض المستشرقين يتهم الحدود والقوانين الاسلامية المتعلقة بالناس بانها صعبة وظالمة ومجحفة ، في حين اذا ما نظرنا الى النتائج التي تترتب على الذنب بشكل دقيق نجد ان العقوبة تقابلها ، فصعوبة وخشونة القوانين الاسلامية لاجل محو وازالة ارتكاب الذنوب ، وحفظ المصالح العليا .
مثلا حد الزنا واللواط ثقيل ، لا لان الله يريد ان يفرغ به غضبه وسخطه ، او ان يريه الناس ، بل الغرض منه ان يجعل الاسرة في حالة امان ، وشرفها الاجتماعي محفوظا .
هناك بعض الحدود والتعزيرات التي تنفذ عد ارتكاب اصحابها للجرائم والذنوب وهي :
ـ حد الزنا (100) جلدة ، وعند المعاودة يقتل الزاني .
ـ حد المراة والرجل المحصنين الرجم بالحجارة حتى الموت .
ـ حد اللواط القتل وان كان لاول مرة .
ـ من عقد على امراة ، وزنا فلا يرجم ، بل يقام عليه حد الزاني غير المحصن ويحلق راسه ، ويباعد بينه وبين اسرته ، وينفى سنة كاملة .

تكوين الاسرة في الاسلام 311

ـ اذا زنا شخص بالغ مع غير بالغ ، فيعزر غير البالغ ويقام على البالغ حد الزاني .
ـ اذا نام رجلان تحت لحاف واحد عاريين ، فاذا ثبت انهما ارتكبا اللواط يحكم عليهما بالقتل والا حد الزنا لغير المحصن .
ـ اذا ساحقت امراة امراة اخرى يجري عليها حد الزنا لغير المحصنة .
ووجود مثل هكذا قوانيين صعب بالنسبة للذين يريدون الحياة بلا قيد ولا ضابط ، بل ويعدونها ضغطا عليهم ، فيجبرون بسبب الخوف من القوانين على رعاية طهارة الاسرة وحفظها وصيانتها .
4 ـ التعزير:


هو نوع من العقوبات ـ مثل الجلد ـ ولكن بمقدار اقل من الحد الشرعي ، ومقداره يحدده الفقيه ، مثلا الاستمناء ليس له حد رسمي وثابت ، او نوم البالغ وغير البالغ معا في فراش واحد ، فللبالغ الحد الشرعي ولغير البالغ التعزير ، وكذلك للتقبيل غير المشروع عدد من السياط .
هذه الموارد والموارد الاخرى ضمانات اجرائية جيدة لحفظ امن الاسرة وطهارة المحيط .


الطرق الاصلاحية لحفظ امن الاسرة

ليس عمل الاسلام الامر والنهي فقط ، فالحياة في المجتمع الاسلامي لا تنتهي عند السجن او القتل والضرب او اقامة الحدود ، فقد

تكوين الاسرة في الاسلام 312

اوجد طرقا وحلولا كثيرة للاشخاص الذين يقعون تحت ضغط الغريزة الجنسية ، ويقترفون الاثام نذكر هنا بعضا منها :
1 ـ الزواج :


يشجع الاسلام الشباب على الزواج المبكر وعند البلوغ خاصة وعند الاحساس بالحاجة للجنس الاخر ، وفي الوقت الذي يشجعهم على الزواج فانه يطمئنهم بعدم الخوف من تكاليف الزواج ، ويعدهم الله تعالى بانه سوف يغنيهم من فضله .
ويوصي الاسلام الاباء والامهات ان يسعوا في امر زواج ابنائهم ، وان يعدوا العدة لذلك وفي وقت معين لتزويجهم وتهيئة مقدمات ذلك ، ويوصي كذلك افراد المجتمع بان يفكروا في امر العزاب ، ويقدموا لهم يد العون والمساعدة ويرشدوهم ، والا ففي غير هذه الحالة ستنشا مشاكل كثيرة في المجتمع من جراء العزوبة ، والاسلام يشجع على تقديم المال لتزويج الاعزب ويعد على ذلك مثوبة واجرا كبيرا .
2 ـ المقاربة عند الاحساس بالاثم:


من الممكن ان يواجه الرجل او المراة في المجتمع مجالا للاثم وتحريك الغريزة ، او الميل الى فعل الاثم ، ففي مثل هذه الحالة يوصي الفرد ان يقارب شريكته ويامن بذلك على نفسه ويسكن ، غريزته .

تكوين الاسرة في الاسلام 313

3 ـ الزواج المؤقت:


وللاشخاص الذين لا يتمكنون لسبب ما من الزواج الدائم ، يوصي الاسلام بالزواج المؤقت وتحت ظروف معينة ، لتسكين الغريزة الجنسية (بحثنا هذه المسالة في فصل سابق) .
4 ـ توطين النفس على المحافظة عليها:


في حالة عدم امكانية الحلول السابقة يوصي الاسلام بالاستعانة بالله ، لحفظ طهارته وعفته وكذلك الاخرين .
هذا الامر يؤدي الى الهدوء والسكينة ولا يفكر المرء عندها بالاثم .
5 ـ الاستفادة من طرق تسكين الغريزة:


يضع الاسلام العديد من الارشادات للاشخاص الذين لا يتهيا لهم امر الزواج ، ورعايتها تسبب الهدوء والاطمئنان ، ولا تترك عواقب وخيمة .
مثلا يوصي الاسلام الشباب عند ذلك بالصيام (يوم او اكثر في كل اسبوع) وفي اختيار الطعام المناسب يوصي بتناول المواد اللبنية اكثر ، وترك المواد المهيجة كالعسل والبهارات ، واشغال النفس بنشاطات بدنية كالرياضة والمشي ، وصعود الجبال والاستفادة من الوقت في المطالعة ، وتنظيم برامج النوم ، والاستفادة من الحمام البارد او الدافئ ، والاشتغال بالاعمال الفكرية والبدنية التي تبعد الانسان عن

تكوين الاسرة في الاسلام 314

التفكير الجنسي ، فكثير من الفساد عولج عن طريق هذه الامور .
كما ان البطالة بلاء عظيم وافة كبيرة للعفة والطهارة ، فاذا راجت البطالة في المجتمع اتسع نطاق الجرائم والجنايات .
وعلى كل حال يعتبر الاسلام حفظ وحراسة الاسرة من التزلزل والانهيار اصل واساس فيه ، ويستغل كل الطرق التي توصل الى تحقيق هذا الهدف وبافضل واحسن الوجوه .

تكوين الاسرة في الاسلام 315


الفصل الخامس والعشرون


السيطرة على المجتمع :

هناك عوامل كثيرة في المحيط الاجتماعي تؤثر على الفرد ، فما يجري في المجتمع يكون الافراد في حالة تماس معه ، ويمكن ان يؤثر في سعادة وانحطاط الاسرة ، لهذا ففي المجتمع الاسلامي يسعى الاسلام للسيطرة على مثل هذه العوامل من قبل المسؤولين ورجال الدولة ، سنشير هنا الى هذه العوامل : ـ
أ ـ السيطرة على اسباب الفساد:


العوامل التي تسبب الفساد في المجتمع كثيرة ، ومن جملتها تخريب البناء الاسري ، والذي يمكن السيطرة عليه من خلال :
1 ـ السيطرة على العلاقات :


تكون العلاقات في المجتمع الاسلامي بين الرجل والمراة وبين الرجل والرجل تحت ضوابط معينة ، والانحراف عنها يسبب العقوبة ، وما اكثر ما يحدث من علاقات غير لائقة من جراء النظر .
فالاسلام يمنع ويحرم النظر الحرام ، بل يصفها بانها تدمر وتسبب الهلاك والدمار ، والاسلام لا يعطي المراة حق محادثة الرجال الا بمقدار الضرورة ، وهذه الضرورة ايضا يوصى بان يكتفى باقل ما يمكن .

تكوين الاسرة في الاسلام 316

وعند الكلام معه يجب عدم التغنج والميوعة وتغيير نغمة الصوت ، لانها تفسح المجال لوجود الفساد والفحشاء .
وفي الاسلام باب المعاشرة بشكل حر مسدود بين الرجال والنساء ، ويجب على النساء والرجال الالتزام بجانب العفة فيما بينهما وان لم تتوافق ميولهما ، فالحريات يجب ان تكون تحت نظام معين ، فالتصرف يجب ان يحسب الف حساب ، فالحرية الجنسية والاباحية ومتابعة الهوى امور غير موجودة في الاسلام .
2 ـ معاقبة المفسدين :


في المجتمع الاسلامي ليس هناك مجال لاقامة علاقات مع الرجال والنساء المفسدين لجر الاخرين الى الفساد ، بل انه يوجب لهم عقوبات شديدة .
وفي المجتمع الاسلامي ليس هناك دلالين للمحبة وسماسرة ، لايسمح لهم الدين الاسلامي الكسب والاعتياش عن طريق الجمع بين ذوي الرغبات الفاسدة من الرجال والنساء ، فهؤلاء يرفضهم المجتمع ويطردهم من بين افراده ، ويضع قوانين شديدة لمحاسبتهم .
3 ـ منع شرب الخمر :


ان كثيرا من الفساد ، خاصة فيما يتعلق بالبيت والاسرة ، ياتي عن طريق شرب الخمر وسكر الشباب ، والاسلام اذ يحرم شرب الخمر وكل المشروبات الكحولية ؛ لان شارب الخمر لا يعترف بقيد ولا

تكوين الاسرة في الاسلام 317

احساس بالمسؤلية ولا يسيطر على عقله وتفكيره ، فتقع القيم المعنوية في معرض الخطر ، وعلى اثر ذلك لايرون اشكالا في عدم عفة المراة والرجل .
وشرب الخمر يؤدي الى فوران الدم في العروق ، وعلى اثره يحس شاربه بالنشوة والحرية ، وفي ظل هكذا احساس يتجرا على فعل كل ما يخطر بباله فيقترف بذلك الاثام والموبقات ، ويحس انه حر في فعل كل ما يريد ويشتهي ؛ لذلك حرم الاسلام شربه ، ووضع لشاربه حدا وهو مقدار معين من الجلدات .
4 ـ منع المواد المخدرة :


الادمان على المواد المخدرة في المجتمع الاسلامي محرم لانه :
اولا : ان الادمان يجعل من الانسان الفعال المتحرك النشط فردا مشلولا عاجزا ، وهو لاجل حفظ حياته الشخصية يفعل كل شيء حتى انه يتجاهل بيته واسرته وزوجته وابنائه ، وحتى في بعض الاحيان يوجد من يبيع نفسه او افراد اسرته ، ويذل نفسه لكي يحصل على مال يوفر له المواد المخدرة .
ثانيا : الادمان يشل طاقة الفرد ويجعله عضوا مكسورا ، فيضطر بقية افراد المجتمع لتحمل وزره ووباله ، ويدفعون ثمن لا اباليته وعدم تفكيره .
ثالثا : في الادمان مجال كبير لايجاد الفساد واتساعه ، وبالنتيجة لا تخرب اسرة المدمن فقط ، بل عدة اسر يتعرض امنها للخطر . ورابعا ... وخامسا...

تكوين الاسرة في الاسلام 318


5 ـ منع ترويج الادب والفن الخليع :


للادب والفن دور اساسي في عملية تغيير نفسية الانسان ، لذلك قيل : ان من البيان لسحرا .
وفي نظر الاسلام الشعر والكتابة والفن يجب ان يستغل للتوعية والارشاد والوعظ ، حيث ليس هناك مجال للفن والشعر الرخيص ولا للشعراء والفنانين الساقطين واصحاب الاذواق الرخيصة لاستخدام قرائحهم الشعرية والفنية لخدمة وترويج الفساد والفحشاء والجناية على المجتمع ، ومن البديهي ان يقف الاسلام بوجه امثال هؤلاء ، ويمنعهم من طرح اعمالهم .
ب ـ السيطرة على الاماكن :


ان كثيرا من الاماكن والمجالس في المجتمع تدفع بالشباب والاطفال الى الفساد ، وتسبب في تخريب البناء الاسري وحياة الاسرة ، كما تزلزل كيانها وامنها ، والاسلام يسعى لسد ومنع تلك الاماكن ، وتعطيل دورها وفعاليتها ، والقضاء على كل ما تحدثه من الفساد ، وهذه الاماكن هي : ـ
1 ـ المجالس والمحافل :


في الاسلام لا يحق لاحد ان يقيم مجلسا لممارسة الاعمال المحرمة التي لا ترضي الله ، او الاعمال غير اللائقة وغير المحمودة ، مثلا ليس هناك في مجتمعنا الاسلامي مجالس للرقص ، او المحيط

تكوين الاسرة في الاسلام 319

المختلط ، ومجالس الشراب ، ولايحق للمراة والرجال ان يكونا في مكان واحد وبشكل حر ويمارسان الخطيئة .
فليس هناك مجال يمثل تلك الاماكن والمجالس الممنوعة ، بل لا يحق لاحد المشاركة في مثل هكذا مجالس ، ولا يحق للمسلمين الدخول الى هذه المجالس للشرب ولعب القمار والغناء والاختلاط بالنساء .
فحفظ البناء الاسري وامنه يوجب ان يمنع نشاط مثل هكذا مجالس بدون التزام وبلا قيد ولا ضابط .
2 ـ الاماكن العامة :


في المجتمع الاسلامي تكون الاماكن العمومية تحت السيطرة والمراقبة ، ووفق الضوابط الاسلامية الشرعية ، كالحدائق العامة والفنادق ، والمدارس والساحات العامة ، والحمامات العامة ، والسيارات ، والمساجد ، والشوارع ، واماكن الترفيه ، ولا حق لاحد ان يفعل ما يحلو له .
فيجب عليه مراعاة الاخلاق العامة والعفة وان يحفظ سمعه وبصره عن كل مايلوثه .
3 ـ الخمارات :


ليس في الاسلام شيء اسمه الخمارة ، فلا يحق لاي احد بيع وشراء الخمر ، فاذا كان هناك محل لبيع الخمر او اي مسكر فيجب ان يغلق ، وبذلك يقطع اصل السكر والعربدة والتعرض للاخرين وغير ذلك مما يؤثر في البناء الاسري ويزلزل كيانها .

السابق السابق الفهرس التالي التالي