تكوين الاسرة في الاسلام 78


1 ـ الاسرة :


مسالة الاسرة وتاريخها امر مهم جدا في تشكيل الاسرة ، فاذا لم تعرف اسرة الشخص جيدا فان اقامة علاقة معها امر غير مقبول ، وهنا يوصي الاسلام بان تكون اسرة عفيفة وطاهرة لان لاخلاقها وسلوكها ، وبان واصالتها من النواحي العقلية من جهة الذكاء والبلادة ، عقائدها ، عيوبها وعادتها اثر على الجيل الجديد .
والنطفة التي هي المادة الاولية لتكوين الجنين وخصائص الوالدين الوراثية وحتى الاجداد تؤثر فيه ، فان كان غير سالمين فالابناء كذلك الا في حالات نادرة .
قال الامام الصادق (عليه السلام) : «تزوجوا في الحجر الصالح فان العرق دساس» وهذا ما يؤكده علماء الجينات بالضبط .
فالفساد الظاهري والامراض الوراثية في الاباء والاجداد تنتقل الى ابنائهم ، وهذا الامر ليس ضرر خاص بالزوجين بل بالمجتمع .
ومن جهة اخرى يوصي الاسلام بمسالة طهارة الاسرة ، جاء رجل الى الامام الصادق (عليه السلام) فساله :
هل اتزوج من ولد الزنا ، قال (عليه السلام) : «نعم ولا يطلب ولدها» (1)
2 ـ الايمان والتقوى :


الايمان والتقوى ضمانه للالفة والمحبة بين الزوجين ، ويعمق الروابط ويثبتهما بينهما ، فالاسرة التي يشيع الانس والتالف بين افرادها

(1)الفروع من الكافي : 5 / 353 ح 3 .
تكوين الاسرة في الاسلام 79

تساهم بتربية ابناء اصحاء وحتى مع عدم القدرة الاقتصادية .
فالحب والطهارة من اجل الفضائل الانسانية والاخلاقية ، وهي من الشروط الاساسية لحياة الانسان وهما ينشان تحت ظل الايمان والتقوى .
وفي وصية الامام علي النقي (عليه السلام) لشخص استشاره في هذا المجال حيث نصحه بذات الدين والايمان ، فقال : «اذا اطماننت لذلك فتزوج» .
3 ـ الكفاءة :


قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «انكحوا الاكفاء وانكحوا فيهم واختاروا لنطفكم» (1) .
في جانب الكفاءة تراعي المسائل التالية :
أ ـ ان يكون الطرفان مؤمنين : فالايمان وحده كاف حتى وان لم تتوفر في الشخص الجوانب الاخرى الاقتصادية والاجتماعية والنسب فـ«المؤمن كفء المؤمنة» و «المؤمنون بعضهم اكفاء بعض». (2)
وائمتنا (عليهم السلام) تزوجوا من جواريهم لكي يتاس الناس بهم ، وتقنع الناس ان المؤمن كفء للمؤمنة فعلا ، وان النجابة والاصالة تكون في القتوى والطهارة .
ب ـ التوافق الفكري :لانه اذا اريد من الزواج ان يكون منشا خير وسعادة ويخرج الشخص من حالة الوحدة والفردية ، ويكون مع شريكه

(1) الفروع من الكافي : 5 / 332 ح 3 .
(2) وسائل الشيعة : 14 / 49 ح 8 .
تكوين الاسرة في الاسلام 80

زوجا فيجب ان يكون هناك تناسبا فكريا وثقافة واحدة ، فيفكران بعقل واحد ويسعيان الى هدف واحد .
جـ ـ وحدة الامال والطموحات : ان وجود التوافق في الامال والتمنيات سبب في عدم نشوء اختلافات وتصادم في الرغبات ويحافظ على امن الاسرة فلا يحث خلل او فساد في امن الاسرة .
د ـ الكفاءة الاقتصادية : هذا الامر يجب ان يراعى عند الرجال اكثر وهو ان يتزوجوا من اسر اقل من مستواهم الاقتصادي لكي يكون مثل هذا الزواج متكاملا .
كما ان زواج رجل فقير من امراة في وضع مادي عال جدا ليس امرا غير صحيح ، ولكن من الناحية الاخلاقية اثم لانه سوف يسلبها النعيم والرفاه الذي كانت تعيش فيه وسيجعلها اسيرة الفقر والفاقة ، وقد لا تاخذ كثير من الفتيات الامر بنظر الاعتبار ولا تعترف به الا انه في الوقت نفسه يعاني الزوج من عذاب الضمير وعدم الراحة .
كما ان هناك وصايا اخرى في هذا المجال نذكرها باختصار ، ونرى ان اذكر هذه المسالة امر ضروري وهي ان التواضع من جانب الرجل جميل ومن المراة غرور ، ولذلك يوصى الرجال بان يتزوجوا من نساء ذوات مستوا اقتصادي اقل منهم ، فهذا من تواضع الرجل ورفعة مقامه يتشرف بالزواج من امراة ليست ذات حسب ونسب او اقل منه لكي تشعر المراة في ظل هذا الزواج برتبة ومقام كريمين وتفخر به .
فقد تزوج الامام علي بن الحسين (عليه السلام) بامراة من قبيلة غير

تكوين الاسرة في الاسلام 81

معروفة ، فلامه الناس على ذلك واعتبروه ذلا او صغارا ، فقال الامام (عليه السلام) لهم : «علي بن الحسين يضع نفسه وان الله يرفعه» (1) .
4 ـ مراعاة الرشد والاهلية :


ان الاقدام على الزواج وتشكيل الاسرة يعني القبول بعمل ادارة ورعاية الاسرة ، ومن جانب اخر عمل تربوي وتعليمي ، واي خطأ او جهل في الادارة ياتي بعواقب وخيمة ، كما ان التقصير في اداء هذه الوظيفة التربوية وعدم الخبرة بالامور يسبب الفساد في الجيل الجديد .
من المسائل المهمة التي يجب مراعاتها عند اختيار الشريك هو معرفة صلاحياته وبالخصوص من الناحية التربوية ، فكل امر حسن او قبيح منه فانه ينسحب على المجتمع .
ولاجل اختيار صانع للسيارة يجب اختيار شخص له خبرة واطلاع في هذا المجال ، ولاجل بناء عمارة او بيت وللحيلولة دون ضياع مواد البناء فاننا نختار شخص صاحب خبرة في هذا المجال ايضا ، وكذلك لاجل تربية الحيوانات نختار اشخاص مطلعين .
فالمراة او الرجل اذا لم يكن عندهما اهلية واستعداد لادراة الحياة الاسرية وتربية الابناء على اساس افكار سليمة كيف يمكنه ان يتزوج ؟! واذا فرضنا انه تزوج كيف يعطي لنفسه الحق في الانجاب وتربية النسل ؟! .
في اختيار الشريك يجب مراعاة تلك الامور ؛ اي ان يرى هل عنده مثل تلك الاهلية . وهل عنده استعداد لتحمل المسؤولية ؟ وهل يستطيع ان

(1) وسائل الشيعة : 14 / 48 ح 3.
تكوين الاسرة في الاسلام 82

يكون ابا صالحا أو اماً صالحة ؟ هل يستطيع ادارة مسؤولية الحياة الاسرية ؟ وماهي نظرة للمستقبل ؟ ماذا يعرف عن تربية الابناء ؟
يجب ان يكون لدى الطرفين فلسفة قويمة وصحيحية في الحياة ، وان يكونا راشدين فكريا وعاطفيا وبمقدار كاف ومناسب بحيث يستطيعا السيطرة على عواطفهما في اوقات الازمات ، ولهما قدرة على تحليل مسائل الحياة ببصيرة ، وحتى نظرتهم السياسية والاجتماعية تتحد وعلى الاقل لاتتضاد .
5 ـ التوافق السني والجسمي


النمو الجسماني مسالة مهمة في الزواج ، فيجب ان يكون هناك تناسب بين الطرفين حتى لا تحدث عواقب وخيمة فيما بعد ، فالسلامة البدنية والقدرة والقوة الجسمية وتناسبها عند الزوجين يجب ان تؤخذ بنظر الاعتبار حتى يتمتعا معا بالمحبة والحياة المشتركة الهانئة .
والروايات الاسلامية بحثت هذه المسالة قليلا الا فيما يتعلق بمسالة الزواج عند اوائل البلوغ بالنسبة للطرفين وفيما يتعلق بالفتاة فقد جاء : «من حسن حظ المرء ان لا تطمث ابنته في بيته» (1) .
وعلى هذا الاساس وبالجمع بين الروايات نصل الى نتيجة وهي ان فارق السن بين الشاب والفتاة اربعة سنين لاغير ، فالفتاة تبلغ قبل الصبي ، وهذا لا يعني انه يجب ان لا يكون الفرق اقل او اكثر من ذلك ، لانه وكما

(1) وسائل الشيعة : 14/ 39 ح 1 .
تكوين الاسرة في الاسلام 83

قلنا سابقا ان الزواج يجب ان يبنى على اساس الكفاءة والتوافق بينهما من الناحية الجسمية والفكرية والاخلاقية .
المسائل التي تؤخذ بنظر الاعتبار :


وبعد ان طرحنا اسس الزواج واصوله بشكل عام ، فهناك مسائل اخرى اقل اهمية ولا يجب ان تؤخذ بنظر الاعتبار في بناء الحياة الزوجية كالثروة والجاه والجمال والحب ، فالاصالة في الاسرة والكمال العقلي والاهلية والصلاحية للحياة ، وتدبير المعاش والمنزل ، والتفكير المستقبلي ، والخلق وحسن الطباع ، والايمان والتقوى هي الاهم ما في الطرفين وهي التي تمنح حياتهما طعما حلوا لا بقية المسائل الظاهرية الثانوية .
هذه الاسس هي التي يجب ان تؤخذ بنظر الاعتبار قبل غيرها ، فالزوجان يحتاجان مثل هكذا شروط ليكونا متلائمين مع بعضهما ويتمتعان بالمحبة الصادقة ، ويشعران بالمسؤولية امام بعضهما ، ويشتركان في الفرح والسرور والحزن .
ومثل هذه الشرائط والاصول تتواجد في الكمال والنضج والايمان والتقوى والبلوغ والاهلية لا في الثروة والجاه او غيرهما من العناوين الاجتماعية والسياسية والجامعية .

تكوين الاسرة في الاسلام 84




تكوين الاسرة في الاسلام 85


الفصل السادس


«الشروط الخاصة في الرجل»

مقدمة :


ايتها الفتاة ، هل فكرت في زواجك ؟ واي مستقبل تؤسسين ؟ اي قصر سعادة ستنشئين ام اي طلل وخراب ؟ هل وضعت في حسابك اختيار زوجك ، انه سيكون ابا لابنائك في المستقبل ، خاصة وانك سوف تقضين معه العمر كله لا سنة او سنتين ، صحيح ان الطلاق وسيلة للخلاص وبابه مفتوح الا انه اولاً ليس امرا هينا ، وثانيا لم يقدم العاقل على امر يعود فيندم عليه ؟
كما انه لا يجب ترك الزواج بسبب مشكلة اختيار الشريك المناسب ؛ لانه وعلى كل حال فواجبنا في الحياة هو تشكليل اسرة ، ولكن يجب ان لا نلقي بانفسنا في التهلكة وبدون ادنى تفكير .
فاختيار شريك الحياة يجب ان ياخذ العقل الحصة الاكبر فيه مع الاستعانة بالاب ، فتدخله في امر الزواج مهم والا فالحياة بعد فترة وجيزة ستصبح عادية جدا للزوجين وستتبين عيوب ونواقص الطرفين ، وتبدا الصدامات والمشاكل ، وربما يهتز الكيان الاسري وينتهي بسرعة .

ضرورة التحقيق والتحري في امر الزواج


بالزواج يهدأ الفكر وتحل الطمانينة وتكتمل الشخصية لا ان

تكوين الاسرة في الاسلام 86

تتحطم ، فاذن يجب الانتباه الى اننا ماذا نريد ؟ وماهي امالنا ؟ وباي شخص نرتبط ؟ وهل تتحقق امالنا معه ؟ وهل سيكون زواجا صالحا او ابا عطوفا ؟ هل لديه القابلية للتضحية التي تحتاجها الحياة المشتركة ؟
التحري في اختيار الزوج ضروري جدا ليس فقط لنفسك بل للابناء الذين سياتون ليكونوا اباءاً صالحين ، وللمجتمع الذي تشكل الاسرة احدى لبنات بنائه .
هذا البحث والتحقيق للفتاة التي تريد ان تتزوج امر ضروري ، والا فاي خلل سيحدث فالضرر الاكبر سيعود عليها وستجرح عواطفها .
ينبغي عدم التسرع في اختيار الزوج ، فكري عميقا ولا تدعي لعواطفك وثروة الشباب تتغلب عليك وتسد طريق التفكير السليم .
فالحياة التي تقوم على اساس متزلزل لا تدوم طويلا ، ولا تنخدعي بالجاه الزائف ، والثروة والمال ، فهذه المسائل في الحياة الاسرية لا قيمة لها ولا تقدم لك شيئا .

شروط الزواج في الاسلام


في هذا المجال عندنا توصيات وارشادات كثيرة من اهل بيت العصمة والطهارة ذكرها جميعا خارج عن البحث نوردها باختصار وهي :
1 ـ من ناحية الدين :



يجب ان يكون الرجل المتقدم لخطبة المراة المسلمة مسلما ، وبعبارة اخرى ان المراة المسلمة لا يمكن ان تتزوج شخصا من اهل

تكوين الاسرة في الاسلام 87

الكتاب او من الاديان الاخرى ؛ لان سيطرة الرجل على المراة تجعلها تنحرف عن دينها ومذهبها .
وفي الزواج المؤقت كذلك لا يمكنها ان تتزوج برجل من اهل الكتاب ايضا ، وهذا الامر جائز بالنسبة للرجال .
قال الامام الصادق (عليه السلام) : «تزوجوا في الشكاك ولا تزوجوهم ؛ لان المراة تاخذ من ادب زوجها ويقهرها على دينه» (1) .
2 ـ من ناحية الاخلاق :


يجب ان يكون الزوج حسن الاخلاق طاهرا عفيفا ، فهو في المستقبل ياخذ بالاضافة الى دور الزوج دور الاب ايضا لك ولابنائك ، ففكري جيدا هل هو اهل للثقة به من هذه الناحية ويمكن الاعتماد عليه ، وهل هو لائق لاداء هذا الدور .
جاء رجل الى الامام الصادق (عليه السلام) يستشيره في زواج ابنته لاحد اقاربه وكان سيء الخلق ، ايزوجه ام لا ؟ قال (عليه السلام) : «لا تزوجه ان كان سيء الخلق» (2) .
فيجب البحث والتحقيق عن الرجل المتقدم للخطبة ان يكون طاهرا تقيا ، فالشخص الذي ذاق طعم المعصية والاثم لا يمكنه ان يكون اهلا لتحمل مسؤولية الحياة الزوجية وقيودها .

(1) الفروع من الكافي : 5/ 348 ح1 .
(2) مكارم الاخلاق : 204 .
تكوين الاسرة في الاسلام 88

جاء رجل الى الامام العسكري (عليه السلام) يستشيره في زواج ابنته ، فقال (عليه السلام) : «زوجها من رجل تقي ؛ فانه ان احبها اكرمها . وان ابغضها لم يظلمها» (1) .
وفي كل حال وحسب ما قال النبي (صلى الله عليه وآله) : ان التزوج بشخص ما ينقل اخلاقه وصفاته الى ابنائه .
ما الفائدة من زواج شخص ذي شهادة عالية طبيب او مهندس او ذي مقام عال ولكنه سيء الاخلاق وفاسد ولا يقيم للحياة الزوجية وزنا، وليس لزوجته اعتبار عنده .
3 ـ من ناحية عاداته:


العادات باي شكل كانت تغير وتؤثر في الحياة الزوجية ، فالزوجة التي يكون زوجها مدمنا فانها ستقضي عمرها تتحمل العذاب وتقبل به .
وفي مسالة الادمان تتحدث الروايات عن شرب الخمر اكثر (لانه في ذلك العصر لم يكن اي وجود للمخدرات ، ولكنها حتما قد جاءت في الروايات تحت عنوان ما) .
فالاسلام لا يعطي الحق للوالدين في تزويج ابنتهما من رجل شارب للخمر وفي الروايات ما يؤكد ذلك:
«من زوج كريمته من شارب الخمر فقد قطع رحمها» (2) .

(1) مكارم الاخلاق : 204 .
(2) الفروع من الكافي : 5/ 347 / ح1 .
تكوين الاسرة في الاسلام 89

و«شارب الخمر لايزوج اذا خطب» (1) .
و«من شرب الخمر بعدما حرمها الله على لساني فليس باهل ان يزوج اذا خطب» (2) .
فمسالة شرب الخمر تحظى بتاكيد بالغ في الاسلام ، حتى انه اذا شرب الخمر بعد الزواج فمن حقها ان تمتنع عن تمكينه من نفسها ، واذا ولد لها منه ولد فسيكون غير طاهرا وملوثا .
من اسباب سوء الحظ والمصائب التي تدمر الطاقات هو الزواج برجل شارب للخمر او لاعب قمار ، عاطل باطل ، لاه يمارس حياته كانه اعزب .
4 ـ من الناحية الفكرية والنفسية :


ان طريقة تفكير الزواج امر مهم جدا ، حيث ان للنفسيات دور كبير في كيفية الحياة الاسرية ، وفي عملية اختيار الزوج فانه يجب التحري عن افكاره في الحياة ، والصداقة ، طلب الجاه ، وطلب الراحة في الدين ، التضحية ، التسامح والتبذير والاسراف ، التدبير المنزلي ، التفكير البعيد ، لان كثيرا من مسائل الاختلاف بين الزوجين مصدرها تلك الامور ، وناشئ عن طريق التفكير واختلاف النفسيات خاصة بالنسبة للاعمال التي اذا استحسنها فان يصر على ادائها ولا يراعي فيها حق الاخرين .

(1) وسائل الشيعة : 14 / 53 ح 2 .
(2) مكارم الاخلاق : 348 ح 3.
تكوين الاسرة في الاسلام 90

5 ـ من الناحية الجسمية :


من الامور المهمة والاساسية في الزواج السلامة وهو البلوغ الجسماني ، فانه يوصى وعلى قدر الامكان بالزواج من رجل سالم ، كامل الخلقة ، مربوع خال من الامراض الجسمية والنفسية ، قادر على اداء واجب الزوجية ، سالم من الناحية الجنسية وغير عقيما .
فالرجل السالم مؤثر في انجاب النسل السالم ، كما ان للضعيف اثر سلبي في ذلك ، فالرجل العجوز الذي يتوقع ان ينجب ابناء سالمين في سني ضعفه امر بعيد جدا .
وقد قضى امير المؤمنين (عليه السلام) في قضية اختبر بها ابنا لشخص مسن بمقارنته مع اقرانه في السن حيث وجد انه ضعيف القدرة على الركض والنهوض ، فقضى ان هذا الولد من نسل شخص كبير السن ضعيف .
لذلك نقول ان لقوة وضعف الرجل اثر في قوة وضعف النسل .
6 ـ من ناحية السن :


كما سبق وان ذكرنا ليس هناك سن معينة للرجل حتى نقول للمراة ان تتزوج بشخص له كذا من العمر ، فقط نذكر ان وجود الفارق السني الكبير بينمهما عامل مساعد على وجود الخلافات في الحياة الزوجية .
لان الفارق في السن يولد تفاوتا في الفهم والادراك والنظرة للعالم والتجربة ، وفي النتيجة يعيش كلا الزوجان في عالمين مختلفين عن بعضهما ومع ذلك فانهما يجب ان يعيشا معا ، وهذا مجال واسع للتصادم

تكوين الاسرة في الاسلام 91

في الافكار .
ومن ناحية اخرى فان فارق السن الكبير يوجب اختلافا في الحياة الجنسية ، فالفارق في ادراك اللذة الجنسية وغيرها يؤدي الى عدم وجود علاقته متلائمة ومتناسبة بين الطرفين .
فكل منهما رجلا كان او امراة لا يستطيع ان يرضي شريكه ارضاء كاملا ، وهذا يترك اثرا على حياتهما ويجعلها باردة جافة ، فطاقة الشباب تبقى في الرجل الى حدود (40) سنة و (35) سنة للمراة ، وفي مثل هذا العمر يختلف الادراك عندهما ، وتتغير نظراتهما ، وعند ذلك يظهر التفاوت واضحا جدا .
ومن الافضل ان يكون التفاوت بين الزوجين في حدود التفاوت في البلوغ ، يعني حدود (3ـ 6) سنوات ؛ لانه من جهة البلوغ الشرعي للفتاة (10) سنين وللشاب (16) سنة ، فالتفاوت هنا هو (6) سنوات ومن جهة البلوغ الجنسي للفتاة (13ـ 14) سنة ، وللشاب (16) سنة فيكون الفرق (3) سنوات ، واعلى من هذا المقدار ليس في صالحهما .
7 ـ من الناحية الاقتصادية :


المؤمن كفء المؤمنة والمسلم كفء المسلمة ، ومن جانب ان الزواج عقد وميثاق ، وبناء على ذلك فكل الشروط التي تفرض عند عقده يجب ان تقبل ، ولكن مراعاة للمصلحة يجب التحري عن وضع الرجل وقدرته على ادارة الحياة .
والروايات الاسلامية تؤكد على الارتباط بشخص ذي عمل شريف

تكوين الاسرة في الاسلام 92

يمكنه ان يسير به امور حياته كما توصي بعدم تزويج الرجل العاطل عن العمل ، والكسول الذي يلقي بحمله على غيره واحسان الاخرين ويعيش عالة على غيره .
8 ـ الصفات الاخرى:


من الصفات والخصائص الاخرى التي يجب توافرها في الرجل والتي تكمل الحياة وتمنحها الدفء :
الوفاء ، الحياة التدبير ، حر النشاة ، شجاع ، حسن الطباع ، مرح ، ممازح ، صاحب همة ، معتدل في غيرته ونفقته ، عارف بمسائل دينه ، معتقدا بالمساواه ، عنده روح الملاطفة ، محب للحياة الاسرية وغيرها ، فان وجودها كلها قد لا تجتمع في شخص ما وان وجدت فهو مثالي .
وهناك ايضا عوامل مساعدة على التوافق بين الزوجين يجب اخذها بنظر الاعتبار مثل النضج الفكري والعاطفي ، اعماله الافكار في العلاقات ، في التعليم ، في الصفات الانسانية ، والتشابه في طريقة التفكير في الامور الجنسية ، في العلاقة بالاخرين ، وفي مجال الاعتقاد ، وصحة البدن ، السعي في الرزق ، المشاركة والاخلاص ،
الامور التي لا يجب مراعاتها


من الامور التي لا يجب مراعاتها او الاهتمام بها قليلا ـ والتي للاسف ـ هي مورد عناية واهتمام الكثرين في الزواج اليوم كالفقر المالي للزوج ، الرتبة او الجاه والمقام ، الاسم ، الجمال ، المنزلة .

تكوين الاسرة في الاسلام 93

وعند الاقدام على الزواج يجب مراعاة ان يكون الرجل في سعي وجد لكسب معيشته ، والا فان الكسول والاتكالي لا ينفع .
وبقية المسائل غير مهمة ؛ يجب البحث والتفتيش عما اذا كان ساعيا نشطا في كسب رزقه ام انه عاطل عن العمل وكسول ؟ هل عنده علو همة ونفس كبيرين ؟ شجاع ام لا ؟
فان لم يكن كذلك فما فائدة مثل هكذا شخص ، صاحب جاه واسم كبيرين وثروة طائلة ، ولكنه من الناحية الروحية فقير بخيل وممسك من الناحية العملية .

تنبيه للفتاة :


تجنبي الشخص الذي يقف لك على طريق المدرسة او السوق ويبرز عواطفه وحبه ؛ لانه ممكن ان يكون قد فعل ذلك مع غيرك .
مثل هكذا شباب لا يقيمون وزنا للمراة ، وينظرون لها نظرة تحقير ويعتبرونها سخيفة وضعيفة العقل ولا يحسبون لها ادنى حساب .
هؤلاء الشباب كالصيادين الذين ينصبون فخاخ الحب والهوى والتملق حتى يوقع الاخريات فيها .
مثل هكذا شباب اذا كان يحترم الفتاة فانه يجب ان تكون نظرته لها ايجابية ومحترمة ، فيرسل شخصا ما الى اسرتها وبكل اعتزاز واحترام لخطبتها ، والا فهل ان الزوجة كالبصل او الشلغم يتواجد على طريق المدرسة وفي الشارع ، ويمكن لكل احد اخذه بسهولة وباقل ثمن ؟
احذري التقرب من الشباب في الشارع او في السيارة او في

تكوين الاسرة في الاسلام 94

المدرسة والصف ولا تثقي بهم ، فمن اين لك ان تعرفي انه ليس له علاقات اخرى ، وفعل مع غيرك ما فعل معك ، فهو لن يكون لك زوجا صالحا ؛ لانه لايعرف قيمتك لانه وجدك في الطريق .

عن اي طريق يتم البحث والتحري :


قلنا انه يجب البحث والتحقيق والتحري عن الزوج ، اما باي صورة يتم التحري ؟ ومن اين تؤخذ المعلومات عنه ؟ هناك عدة طريق لذلك منها :
1 ـ عن طريق السؤال من ذوي الخبرة :


ففي هذا المجال يمكن الاستفادة من الاب والام والاقارب من الاشخاص ذوي الخبرة والاطلاع ، حيث يمكنها ان تطلب من ابيها او اخيها ان يسالوا عنه ، فهم في كل حال يدخلون في المجتمع ولهم تجربة ، ويمكنهم ان يتعمقوا في كسب المعلومات عنه .
وكما قلنا سابقاً فان سهم العقل في اختيار الزوج يجب ان يكون اكثر من سهم العاطفة ، فالحياة يصنعها العقل ، والعاطفة انما تزينها .
اذن فالعقل يجب ان يؤدي وظيفة في المرحلة الاولى ، وتاتي الاحاسيس والحب في المرحلة الثانية وعند الدخول في الحياة الزوجية .
2 ـ عن طريق المحادثة:


بعد ان تجري التحقيقات والسؤال عنه من قبل الاب والاخ وغيرهما ، ياتي دور الفتاة لترى دقائق الامور في زوج المستقبل ، حيث

تكوين الاسرة في الاسلام 95

تقوم باختباره كتابة او شفاها ، وتاخذ رايه في امر ما ، فمن خلال المحادثة ومعرفة ارائه يمكنها ان تتعرف على افكاره ونفسيته .
2 ـ عن طريق الزواج المؤقت :


في كثير من الاحيان وبعد السؤال والتحري ، ولا جل ايجاد التعارف والتقارب بين الطرفين يعقد الوالدان لهما زواجا مؤقتا ، وفي هذا الدور الذي ياخذ عنوان الخطبة وليس زواجا ، فانها تكون فرصة جيدة للتعرف على روحية واخلاقية زوج المستقبل وتتعرف عليه اكثر .
فمن خلال عقد الزواج المؤقت تكون العلاقة بينهما قريبة وحرة ، ويستطيعان ان يتعرفا على بعضهما بصورة اكثر ، ويحصلان على تجارب او كما يقال (يكتشفان بعضهما) بشرط ان لا تنتهي فترة العقد باظهار العواطف والتمايل بعضهما او التلذذ جنسيا .

حديث عن الخطبة :


لا يفوتنا ان نذكر ان هناك امر شائع بين الشباب بعنوان الخطوبة وقبل العقد ـ دائم كان ام مؤقت ـ وبحجة التعرف على بعضهما البعض ، تكون العلاقة بينهما الى حد التلامس والضحك معا واخذ اليد والذهاب والاياب بحرية تامة .
هذا سلوك غير اسلامي ويرفضه الدين ويمنعه ، والحقيقة ان هذا الامر الذي يدعون انه وسلية للتعارف والتفاهم ما هو الا وسيلة للتغطية على الاثم ، وسبيل لتحقيق اللذة الجنسية ، وهو امر لا يرتضيه الاسلام ،

السابق السابق الفهرس التالي التالي