و«شارب الخمر لايزوج اذا خطب» (1) . و«من شرب الخمر بعدما حرمها الله على لساني فليس باهل ان يزوج اذا خطب» (2) . فمسالة شرب الخمر تحظى بتاكيد بالغ في الاسلام ، حتى انه اذا شرب الخمر بعد الزواج فمن حقها ان تمتنع عن تمكينه من نفسها ، واذا ولد لها منه ولد فسيكون غير طاهرا وملوثا . من اسباب سوء الحظ والمصائب التي تدمر الطاقات هو الزواج برجل شارب للخمر او لاعب قمار ، عاطل باطل ، لاه يمارس حياته كانه اعزب .
ان طريقة تفكير الزواج امر مهم جدا ، حيث ان للنفسيات دور كبير في كيفية الحياة الاسرية ، وفي عملية اختيار الزوج فانه يجب التحري عن افكاره في الحياة ، والصداقة ، طلب الجاه ، وطلب الراحة في الدين ، التضحية ، التسامح والتبذير والاسراف ، التدبير المنزلي ، التفكير البعيد ، لان كثيرا من مسائل الاختلاف بين الزوجين مصدرها تلك الامور ، وناشئ عن طريق التفكير واختلاف النفسيات خاصة بالنسبة للاعمال التي اذا استحسنها فان يصر على ادائها ولا يراعي فيها حق الاخرين .
من الامور المهمة والاساسية في الزواج السلامة وهو البلوغ الجسماني ، فانه يوصى وعلى قدر الامكان بالزواج من رجل سالم ، كامل الخلقة ، مربوع خال من الامراض الجسمية والنفسية ، قادر على اداء واجب الزوجية ، سالم من الناحية الجنسية وغير عقيما . فالرجل السالم مؤثر في انجاب النسل السالم ، كما ان للضعيف اثر سلبي في ذلك ، فالرجل العجوز الذي يتوقع ان ينجب ابناء سالمين في سني ضعفه امر بعيد جدا . وقد قضى امير المؤمنين (عليه السلام) في قضية اختبر بها ابنا لشخص مسن بمقارنته مع اقرانه في السن حيث وجد انه ضعيف القدرة على الركض والنهوض ، فقضى ان هذا الولد من نسل شخص كبير السن ضعيف . لذلك نقول ان لقوة وضعف الرجل اثر في قوة وضعف النسل .
كما سبق وان ذكرنا ليس هناك سن معينة للرجل حتى نقول للمراة ان تتزوج بشخص له كذا من العمر ، فقط نذكر ان وجود الفارق السني الكبير بينمهما عامل مساعد على وجود الخلافات في الحياة الزوجية . لان الفارق في السن يولد تفاوتا في الفهم والادراك والنظرة للعالم والتجربة ، وفي النتيجة يعيش كلا الزوجان في عالمين مختلفين عن بعضهما ومع ذلك فانهما يجب ان يعيشا معا ، وهذا مجال واسع للتصادم
في الافكار . ومن ناحية اخرى فان فارق السن الكبير يوجب اختلافا في الحياة الجنسية ، فالفارق في ادراك اللذة الجنسية وغيرها يؤدي الى عدم وجود علاقته متلائمة ومتناسبة بين الطرفين . فكل منهما رجلا كان او امراة لا يستطيع ان يرضي شريكه ارضاء كاملا ، وهذا يترك اثرا على حياتهما ويجعلها باردة جافة ، فطاقة الشباب تبقى في الرجل الى حدود (40) سنة و (35) سنة للمراة ، وفي مثل هذا العمر يختلف الادراك عندهما ، وتتغير نظراتهما ، وعند ذلك يظهر التفاوت واضحا جدا . ومن الافضل ان يكون التفاوت بين الزوجين في حدود التفاوت في البلوغ ، يعني حدود (3ـ 6) سنوات ؛ لانه من جهة البلوغ الشرعي للفتاة (10) سنين وللشاب (16) سنة ، فالتفاوت هنا هو (6) سنوات ومن جهة البلوغ الجنسي للفتاة (13ـ 14) سنة ، وللشاب (16) سنة فيكون الفرق (3) سنوات ، واعلى من هذا المقدار ليس في صالحهما .
المؤمن كفء المؤمنة والمسلم كفء المسلمة ، ومن جانب ان الزواج عقد وميثاق ، وبناء على ذلك فكل الشروط التي تفرض عند عقده يجب ان تقبل ، ولكن مراعاة للمصلحة يجب التحري عن وضع الرجل وقدرته على ادارة الحياة . والروايات الاسلامية تؤكد على الارتباط بشخص ذي عمل شريف
يمكنه ان يسير به امور حياته كما توصي بعدم تزويج الرجل العاطل عن العمل ، والكسول الذي يلقي بحمله على غيره واحسان الاخرين ويعيش عالة على غيره .
من الصفات والخصائص الاخرى التي يجب توافرها في الرجل والتي تكمل الحياة وتمنحها الدفء : الوفاء ، الحياة التدبير ، حر النشاة ، شجاع ، حسن الطباع ، مرح ، ممازح ، صاحب همة ، معتدل في غيرته ونفقته ، عارف بمسائل دينه ، معتقدا بالمساواه ، عنده روح الملاطفة ، محب للحياة الاسرية وغيرها ، فان وجودها كلها قد لا تجتمع في شخص ما وان وجدت فهو مثالي . وهناك ايضا عوامل مساعدة على التوافق بين الزوجين يجب اخذها بنظر الاعتبار مثل النضج الفكري والعاطفي ، اعماله الافكار في العلاقات ، في التعليم ، في الصفات الانسانية ، والتشابه في طريقة التفكير في الامور الجنسية ، في العلاقة بالاخرين ، وفي مجال الاعتقاد ، وصحة البدن ، السعي في الرزق ، المشاركة والاخلاص ،
من الامور التي لا يجب مراعاتها او الاهتمام بها قليلا ـ والتي للاسف ـ هي مورد عناية واهتمام الكثرين في الزواج اليوم كالفقر المالي للزوج ، الرتبة او الجاه والمقام ، الاسم ، الجمال ، المنزلة .
وعند الاقدام على الزواج يجب مراعاة ان يكون الرجل في سعي وجد لكسب معيشته ، والا فان الكسول والاتكالي لا ينفع . وبقية المسائل غير مهمة ؛ يجب البحث والتفتيش عما اذا كان ساعيا نشطا في كسب رزقه ام انه عاطل عن العمل وكسول ؟ هل عنده علو همة ونفس كبيرين ؟ شجاع ام لا ؟ فان لم يكن كذلك فما فائدة مثل هكذا شخص ، صاحب جاه واسم كبيرين وثروة طائلة ، ولكنه من الناحية الروحية فقير بخيل وممسك من الناحية العملية .
تجنبي الشخص الذي يقف لك على طريق المدرسة او السوق ويبرز عواطفه وحبه ؛ لانه ممكن ان يكون قد فعل ذلك مع غيرك . مثل هكذا شباب لا يقيمون وزنا للمراة ، وينظرون لها نظرة تحقير ويعتبرونها سخيفة وضعيفة العقل ولا يحسبون لها ادنى حساب . هؤلاء الشباب كالصيادين الذين ينصبون فخاخ الحب والهوى والتملق حتى يوقع الاخريات فيها . مثل هكذا شباب اذا كان يحترم الفتاة فانه يجب ان تكون نظرته لها ايجابية ومحترمة ، فيرسل شخصا ما الى اسرتها وبكل اعتزاز واحترام لخطبتها ، والا فهل ان الزوجة كالبصل او الشلغم يتواجد على طريق المدرسة وفي الشارع ، ويمكن لكل احد اخذه بسهولة وباقل ثمن ؟ احذري التقرب من الشباب في الشارع او في السيارة او في
المدرسة والصف ولا تثقي بهم ، فمن اين لك ان تعرفي انه ليس له علاقات اخرى ، وفعل مع غيرك ما فعل معك ، فهو لن يكون لك زوجا صالحا ؛ لانه لايعرف قيمتك لانه وجدك في الطريق .
قلنا انه يجب البحث والتحقيق والتحري عن الزوج ، اما باي صورة يتم التحري ؟ ومن اين تؤخذ المعلومات عنه ؟ هناك عدة طريق لذلك منها :
ففي هذا المجال يمكن الاستفادة من الاب والام والاقارب من الاشخاص ذوي الخبرة والاطلاع ، حيث يمكنها ان تطلب من ابيها او اخيها ان يسالوا عنه ، فهم في كل حال يدخلون في المجتمع ولهم تجربة ، ويمكنهم ان يتعمقوا في كسب المعلومات عنه . وكما قلنا سابقاً فان سهم العقل في اختيار الزوج يجب ان يكون اكثر من سهم العاطفة ، فالحياة يصنعها العقل ، والعاطفة انما تزينها . اذن فالعقل يجب ان يؤدي وظيفة في المرحلة الاولى ، وتاتي الاحاسيس والحب في المرحلة الثانية وعند الدخول في الحياة الزوجية .
بعد ان تجري التحقيقات والسؤال عنه من قبل الاب والاخ وغيرهما ، ياتي دور الفتاة لترى دقائق الامور في زوج المستقبل ، حيث
تقوم باختباره كتابة او شفاها ، وتاخذ رايه في امر ما ، فمن خلال المحادثة ومعرفة ارائه يمكنها ان تتعرف على افكاره ونفسيته .
في كثير من الاحيان وبعد السؤال والتحري ، ولا جل ايجاد التعارف والتقارب بين الطرفين يعقد الوالدان لهما زواجا مؤقتا ، وفي هذا الدور الذي ياخذ عنوان الخطبة وليس زواجا ، فانها تكون فرصة جيدة للتعرف على روحية واخلاقية زوج المستقبل وتتعرف عليه اكثر . فمن خلال عقد الزواج المؤقت تكون العلاقة بينهما قريبة وحرة ، ويستطيعان ان يتعرفا على بعضهما بصورة اكثر ، ويحصلان على تجارب او كما يقال (يكتشفان بعضهما) بشرط ان لا تنتهي فترة العقد باظهار العواطف والتمايل بعضهما او التلذذ جنسيا .
لا يفوتنا ان نذكر ان هناك امر شائع بين الشباب بعنوان الخطوبة وقبل العقد ـ دائم كان ام مؤقت ـ وبحجة التعرف على بعضهما البعض ، تكون العلاقة بينهما الى حد التلامس والضحك معا واخذ اليد والذهاب والاياب بحرية تامة . هذا سلوك غير اسلامي ويرفضه الدين ويمنعه ، والحقيقة ان هذا الامر الذي يدعون انه وسلية للتعارف والتفاهم ما هو الا وسيلة للتغطية على الاثم ، وسبيل لتحقيق اللذة الجنسية ، وهو امر لا يرتضيه الاسلام ،
|