وهي كانـت تُفضـي بعهـد عليّ |
|
بعلـوم الأحكـام بين النساء |
ورآها الوصـيّ تـُروي ظـمـاءً |
|
من علوم القرآن خيـر رواء |
قال : هـذي الحُروف رمزٌ خفـيّ |
|
لمصاب الحسين فـي كربلاء |
وبعهد السجـاد للنـاس تُـفـتـي |
|
بدلاً عنه وهـو رهـنُ البلاء |
وعلـيّ السجـاد أثنـى عـليـهـا |
|
وعليٌ مـن أفضـل الأمنـاء |
كان يروي (الثَبتُ ابنُ عباس) عنها |
|
وهو حَبرٌ من أفضل العُلمـاء |
حيث كانت في الفقه مرجـع صدقٍ |
|
لرواة الحـديـث والفقـهـاء |
هي قلب الحسين صبراً وبأساً |
|
عند دفـع الخطـوب والأرزاء |
وهي أخت الحسين عَيناً وقلباً |
|
ويداً فـي تَـحـَمّل الأعـبـاء |
شاركته بنهضـة الحقّ بِـدءاً |
|
وختامـاً وفـي عظيـم البـلاء |
وجهاد الحسيـن أصبـح حيّاً |
|
بجـهـاد الـحـوراء للأعـداء |
وعظيم الإيمـان منهـا تجلّى |
|
حيـن قالت والسبط رهن العراء : |
ربّ هذا قـرباننا لك يُهـدى |
|
فتقــبـّل منـّا عظيـم الفـداء |
وعباداتهـا ونـاهيـك فيهـا |
|
وهـي أسمـى عبـادة ودعـاء |
حين تأتي بوِردها من جلوس |
|
وهـي نضـوٌ مـن شدّة الأعياء(1) |
إن كان عندك عبـرة تُجـريهـا |
|
فانزِل بأرض الطف كي نسقيها |
فعسى نَبُلّ بهـا مضـاجع صفوةٍ |
|
ما بُلّت الأكبـاد من جـاريـها |
ولقد مَررتُ علـى منازل عصمةٍ |
|
ثِقل النبـوّة كـان أُلقـيَ فيهـا |
فبكيتُ حتـى خِلتهـا ستُجيـبُني |
|
ببُكائها حُزنـاً علـى أهلـيـها |
وذكرتُ إذ وَقَفَت عقيـلـة حيدر |
|
مذهولة تُصغي لصـوت أخيهـا |
بأبي التي وَرِثـَت مصائب أمّها |
|
فغَدت تُقابلهـا بصبـر أبيـهـا |
لم تَله عن جمع العِيال وحفظهم |
|
بفراق إخوتهـا وفقـدِ بنيـهـا |
لم أنس إذ هتكـوا حماها فانثَنَت |
|
تشكو لَواعِجَـها إلى حـاميها(1) |
تدعو فتحترق القلـوب كـأنّهـا |
|
يَرمي حشاها جمره مِـن فيها |
هذي نساؤك مَن يكون إذا سَرَت |
|
في الأسرِ سائقَها ومَن حاديها |
أيسوقها «زجرٌ» بضَرب مُتونها |
|
و«الشمر» يحدوها بسَبّ أبيها |
عجباً لها بالأمس أنـتَ تصونها |
|
واليـوم آل أميّـة تُبديـهـا |
وسَرَوا برأسِك في القنا وقلـوبها |
|
تسمو إليه ، ووجدها يُضنيها |
إن أخّروه شجاه رؤيـة حالهـا |
|
أو قدّمـوه فحاله يُشجيـهـا(2) |
أتـرى الـقوم إذ عليك مَررنا |
|
مَنَعونـا من البـكـا والنياحِ |
إن يكُن هَيّـناً عليـك هـواني(1) |
|
واغتِرابي مع العِدى وانتِزاحي |
ومَسيـري أسيـرةً للأعـادي |
|
ورُكوبي على النِياق الطـِلاحِ(2) |
فَبِرَغـمـي أنّي أراك مُقيمـاً |
|
بين سُمرِ القَنا وبيضِ الصفاح |
لك جسمٌ على الرمال ، ورأسٌ |
|
رفعوه على رؤوس الـرماح(3) |
هذا ابنُ هنـدٍ ـ وهو شرّ أميّة ـ |
|
من آل أحمـد يستـذلّ رقـابا |
ويَصون نِسـوته ويُبـدي زينَباً |
|
من خدرها وسكيـنـة ورَبـابا |
لَهفي عليها حـين تَأسِرُها العدى |
|
ذُلاً(1) وتُركبُهـا النيـاق صِعابا |
وتُبيح نَهبَ رحالـهـا وتُنيبُهـا |
|
عنها رحال النـيب والأقتـابـا |
سَلَبـت مَقانعهـا وما أبقَت لها |
|
حاشـا المهابـة والجلال حجابا(2) |
جَحافـل جـاءت كـربلاء بأثرها |
|
جَحافلُ لا يَقوى على عَـدّها حـَصـرُ |
جرى ما جرى فـي كربلاء وعَينُها |
|
ترى ما جرى ممـّا يذوب له الصخـر |
لقد أبصَرت جسـم الحسين مُبضّعاً |
|
فجاءت بصبرٍ دون مفهـومـه الصبر» |
رأتـه ونـادت يابـن أمّي ووالدي |
|
لك القتـل مكتـوب ولي كُتبَ الأسـرُ |
أخي إنّ فـي قلـبي أسىً لا أُطيقُه |
|
وقد ضاق ذرعاً عن تحمّلـه الصـدر |
أيدري حُسامٌ حَـزّ نـَحـرَك حَدّه |
|
به حزّ من خير الورى المصطفى نحرُ |
عليَّ عزيـزٌ أن أسيـرَ مع العدى |
|
وتبقـى بـوادي الطفّ يَصهَرُك الحَرّ |
أخي إن سرى جسمي فقلبي بكربلا |
|
مُقيـمٌ إلـى أن ينتهـي مِنـّي العُمـرُ |
أخي كلّ رزءٍ غيـر رزئـك هَيّنٌ |
|
وما بسـواه اشتـدّ واعصَوصَب الأمر |
أ أُنعَـمُ فـي جسمٍ سليمٍ مِن الأذى |
|
وجسمك منه تنهل البيض والسُمرُ |
أخي بعـدك الأيـامُ عـادت ليالياً |
|
عليَّ فلا صبح هنـاك ولا عصر |
لقد حاربَت عيني الرُقـادَ فلـم تَنَم |
|
ولي يا أخي إن لم تنم عيني العُذرُ |
أخي أنت تـدري ما لأختك راحةٌ |
|
وذلك من يـوم بـه راعَها الشِمرُ |
فلا سلوةٌ تُرجـى لها بعد ما جرى |
|
وحتى الزُلال العَـذب في فَمِها مُرّ |
أيمنَعـُك القـوم الـفـرات ووُردَه |
|
وذاك إلى الزهـراء مِن ربّها مَهرُ |
أخي أنتَ عن جدّي وأمّي وعن أبي |
|
وعن حسنٍ لي سلـوةٌ وبك اليُسرُ |
متى شاهدَت عيناي وجهَك شاهَدت |
|
وجوهَهُم الغَرّاء وانكشـف الـضُرّ |
ومُذ غِبتَ عنّي غاب عنّي جميعهم |
|
ففَقدـُك كسرٌ ليس يُرجى له جَـبرُ(1) |
وغَدَت أسيرة خِـدرها ابنـة فاطمٍ |
|
لم تَلـق غير أسيرها المَصفودا |
تدعو بلَهفةِ ثاكـلٍ لَعـِب الأسـى |
|
بفـؤاده حتـى انطـوى مَفؤدا |
تُخفي الشجا جَلَداً فإن غَلَب الأسى |
|
ضَعُفت فأبدَت شجوها المكمودا |
نادَت فقَطّعـتِ القلـوب بصَوتها |
|
لكنّما انتظـم البيـان فـريـدا |
إنسانَ عينـي يـا حسين أُخَيّ يا |
|
أمَلي وعِقد جُمـاني المَنضودا |
ما لي دعَوتُ فلا تُجيبُ ولَم تكُن |
|
عَوّدتَني مِن قبـل ذاك صُدودا |
ألِمِحنـةٍ شَغَلَتـك عنـّي أم قِلىً |
|
حاشاك إنّك ما بـَرِحتَ وَدودا(1) |
وعليـكِ خِـزيٌ يا أميّـةُ دائمـاً |
|
يَبقى ، كما فـي النار دامَ بقاكِ |
هَلا صَفَحتِ عن الحسين ورَهطه |
|
صَفحَ الوَصيّ أبيـه عـن آباكِ |
وعَفَفتِ يوم الطفّ عفّةَ جدّه الـ |
|
ـمَبعوث يوم الفتح عـن طُلَقاكِ |
أفهَل يدٌ سَلَـبـت إمـاءَك مِثلَما |
|
سَلَبَت كريمـاتِ الحسيـن يَداكِ |
أم هل بَرَزنَ بفتـحِ مكـّة حُسّراً |
|
ـ كنِسائه يوم الطفوف ـ نِساكِ |
بئـس الـجَـزاء لأحمـدٍ فـي آله |
|
وبَنيه يوم الطـفّ كـان جَزاكِ |
لَهـفـي لآلكَ يـا رسـول الله فـي |
|
أيدي الطُغـاة نوائحـاً وبَـواكي |
ما بيـن نـادبـةٍ وبيـن مَـروعةٍ |
|
فـي أسرِ كـلّ مُعـانـدٍ أفـّاكِ |
تالله لا أنسـاكِ زينـب ، والعـِدى |
|
قسراً تُجـاذِبُ عنكِ فضل رداكِ |
لم أنس ـ لا والله ـ وَجهَك إذ هَوَت |
|
بالـرُدنِ سـاتـرةً له يُمـنـاكِ(1) |
حتى إذا هَمّوا بسَلبِك صِحـتِ باسـ |
|
ـم أبيكِ ، واستَصرختِ ثَمّ أخاكِ |
تَستصرِخيـه أسـىً وعَـزَ عليه أن |
|
تَستصـرخيـه ولا يُجيـب نِداك(2) |
قُتِلَ الحسين فيا سَمـا أبكـي دَمـاً |
|
حُزناً عليه ويا جِبال تَصَدّعي |
مَنَعوه شُربَ الماء ، لا شَربوا غداً |
|
مِن كـَفّ والده البَطين الأنزَعِ |
ولِزينـبٍ نـَدبٌ لِفـَقـد شقيـقها |
|
تَدعـوه يابـن الزاكيات الرُكّعِ |
اليوم أصبـغُ فـي عزاكَ ملابسي |
|
سوداً وأسكـُبُ هاطِلاتِ الأدمُعِ |
اليوم شَبـّوا نـارهم فـي منـزلي |
|
وتنـاهبـوا ما فيه حتّى بُرقُعي |
اليـوم ساقـونـي بظلـم يا أخـي |
|
والضَـربُ ألَّمَني وأطفالي معي |
لا راحِـمٌ أشكـو إليه مصيبتي |
|
لَم ألفَ إلا ظـالمـاً لـَم يَـخشَعِ |
حال الردى بيني وبينك يا أخي |
|
لو كُنتَ في الأحياء هالَك موضعي |
أنعِم جواباً يا حسيـنُ أما ترى |
|
شِمرَ الخَنـا بالسـَوط ألـّمَ أضلُعي |
فأجابها مِن فوق شاهقـةِ القَنا |
|
قُضِيَ القضاء بما جرى فاستَرجعي |
وتَكفّلي حال اليتامى وانظـُري |
|
ما كنتُ أصنَعُ في حِمـاهم فاصنَعي(1) |
وتـرى مخـدرة البتـولة زينبا |
|
والخطب يصفق بالاكـف جبينها |
من حـولهـا ايتـام ال محمـد |
|
يتفيـؤون شمـالهـا ويمـيـنها |
لا تبزغي يا شمـس من افق حيا |
|
من زينب فلقـد اطلـت انينـها |
ذوبي فانك قـد اذبت فـؤاد من |
|
كانت تظللهـا الاسـود عـرينها |
وتقشعي يا سحـب من خجل ولا |
|
تسقي الظماة مدى الزمان معينها |
فبنات احمد فـي الهجير صواديا |
|
اودى بهـا ظمـا يشيـب جنينها |
حرم لهـاشـم ما هتفـن بهـاشم |
|
الا وسـودت السيـاط متـونـها (3) |
أيّها الـراكـب الـمـُجـِدّ إذا مـا |
|
نَفَحَـت فيـك للسُرى مِرقالُ(1) |
عُج علـى طيـبـةٍ ففيهـا قُبـورٌ |
|
مِن شَذاها طابَت صَبا وشِمالُ |
إنّ فـي طـيـّهـا أُسـوداً إليهـا |
|
تَنتَمي البيـضُ والقَنا والنِبالُ |
فإذا استَـقـبلَتـك تـَسـألُ عنّـا |
|
مِن لُؤيٍ نساؤهـا والـرِجالُ |
فاشرحِ الحـال بـالمَقال وما ظنّـ |
|
ـيَ يَخفى علـى نزار الحالُ |
نادِ ما بينهم بنـي المـوت هُبـّوا |
|
قد تناهَبنَكم حـِدادٌ صـقـالُ |
تلك أشياخكم على الأرض صرعى |
|
لم يُبِلّ الشِفـاه منهـا الزُلالُ |