ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 102



المطلب السابع والعشرون

في تتمة قضية التوابين

لما ارتحل سليمان بن صرد بأصحابه من قرقيسيا , أقبلوا يجدون السير وجعلوا كل مرحلتين مرحلة .
قال الراوي : فمررنا بالمدن حتى بلغنا ساعا , ثم إن سليمان بن صرد عبأ الكتائب وأقبل حتى انتهى الى عين الوردة , فنزل في غربيها , وسبق القوم إليها فعسكر , وأقام بها خمساً لا يبرح , واستراحوا واطمأنوا وأراحوا خيولهم .
قال : وأقبل أهل الشام في عساكرهم , حتى كانوا من عين الوردة على مسيرة يوم وليلة , فلما سمع ذلك سليمان قام خطيباً في أصحابه , وقال : أما بعد , فقد أتاكم الله بعدوكم الذي دأبتم في المسير إليه , آناء الليل والنهار تريدون فيما تظهرون التوبة النصوح , ولقاء الله معذورين , فقد جاءكم بل جئتموهم أنتم في دارهم وحيزهم , فإذا لقيتموهم فاصدقوهم, واصبروا أن الله مع الصابرين , ولا يولينهم امرؤ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا الى فئة لا تقتلوا مدبراً ولا تجهزوا على جريح , ولا تقتلوا أسيرا من أهل دعوتكم إلا أن يقاتلكم بعد أن تأسروه أو يكون من قبلة إخواننا بالطف رحمة الله عليهم , فإن هذه كانت سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في أهل هذه الدعوة , ثم بعث المسيب بن نجبة في أربعمائة فارس , وقال له : سر حتى تلقى أول عسكر من عساكرهم , فشن فيهم الغارة فإذا رأيت ما تحبه , والا انصرفت إلي في أصحابك , وإياك أن تنزل أو تدع
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 103

أحدا من أصحابك أن ينزل .
فسار المسيب بن نجبة بالعسكر حتى إذا جن عليهم الليل باتوا ثم ساروا وإذا هم برجل , قالوا له : من أين أنت ؟ قال : من تغلب . فقال المسيب : غلبنا ورب الكعبة , ثم سأله كم بيننا وبين أدنا هؤلاء القوم منا , قال : أدنا عسكر من عساكرهم منكم ابن ذي الكلاع على رأس ميل , فتركنا الرجل وأقبلنا نحوهم مسرعين , فوالله ما شعروا حتى أشرفنا عليهم وهم غارون , فحملنا في جانب عسكرهم فوالله ما قاتلوا كثيراً حتى انهزموا , فأصبنا منهم رجالاً وجرحنا فيهم , فأكثرنا الجراح وأصبنا لهم دواباً وخرجوا من عسكرهم وخلوه لنا , فأخذنا منه ما خف علينا , فصاح المسيب فينا الرجعة , إنكم قد نصرتم وغنمتم وسلمتم , فانصرفوا فانصرفنا حتى أتينا سليمان .
وبلغ ذلك ابن زياد فسرح إلينا الحصين بن نمير مسرعاً , حتى نزل في اثني عشر ألفا , فخرجنا إليهم يوم الأربعاء لثمان بقين من جمادي الأولى , فجعل سليمان بن صرد عبدالله بن سعد بن نفيل على ميمنته , وعلى ميسرته المسيب بن نجبة , ووقف هو في القلب وجاء الحصين بن نمير وقد عبأ لنا جنده , فجعل على ميمنته جبلة بن عبدالله , وعلى ميسرته ربيعة بن مخارق الغنوي , ثم زحفوا إلينا , فلما دنوا دعونا الجماعة الى عبدالملك بن مروان الى الدخول في طاعته , ودعوناهم الى أن يدعوا لنا عبيدالله بن زياد فنقتله ببعض من قتل من إخواننا , وأن يخلعوا عبدالملك بن مروان , والى أن يخرج من بلادنا من آل ابن الزبير , ثم نرد هذا الأمر الى أهل بيت نبينا الذين آتانا الله من قبله بالنعمة من قبلهم بالنعمة والكرامة , فأبى القوم وأبينا , فحملت ميمنتنا على ميسرتهم وهزمتهم , وحملت ميسرتنا على ميمنتهم , وحمل سليمان في القلب على جماعتهم فهزمناهم حتى اضطررناهم الى عسكرهم , فما زال الظفر لنا عليهم , حتى حجز الليل بيننا وبينهم , ثم انصرفنا عنهم وقد احجزناهم في عسكرهم .
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 104


فلما كان الغد صبحهم ابن ذي الكلاع في ثمانية آلاف أمدهم عبيدالله بن زياد , وبعث إليه ليشتمه ويقع فيه ويقول : إنما عملت عمل الأغمار وتضيع عسكرك ومسالحك , سر الى الحصين بن نمير حتى توافيه وهو على الناس , فجاءه فغدوا علينا وغاديناهم , فقاتلناهم قتالاً لم ير الشيب والمرد مثله قط , يومنا كله لا يحجز بيننا وبين القتال إلا الصلاة ، حتى أمسينا فتحاجزنا ، وقد والله أكثروا فينا الجراح وأفشيناها فيهم , ولما كان اليوم الثالث وهو يوم الجمعة قاتلناهم أشد قتال , حتى ارتفع الضحى ؟, ثم إن أهل الشام كثرونا وتعطفوا علينا من كل جانب , ورأى سليمان بن صرد ما لقي أصحابه , فنزل ونادى : عباد الله من أراد البكور الى ربه والتوبة من ذنبه والوفاء لعهده فإلي , ثم كسر جفن سيفه ونزل معه ناس كثير فكسروا جفون سيوفهم ومشوا معه وانزوت خيولهم حتى اختلطت مع الرجال , فقاتلوهم حتى نزلت الرجال تشتد مصلته بالسيوف , وقد كسروا الجفون , فحمل الفرسان على الخيل ولا يثبتون , فقاتلوهم وقتلوا من أهل الشام مقتلة عظيمة , وجرحوا فيهم فأكثروا الجراح , فلما رأى الحصين بن نمير صبر القوم وبأسهم بعث الرجال ترميهم بالنبل واكتنفتهم الخيل والرجال فقتل سليمان بن صرد , وأخذ الراية المسيب بن نجبة , وقال لسليمان بن صرد: رحمك الله يا أخي فقد صدقت ووفيت بما عليك وبقي ما عيلنا .
أقول : ما أشبه كلامه هذا بكلام حبيب بن مظاهر يوم عاشوراء حين وقف على مصرع مسلم بن عوسجة الأسدي , وقال له فيما قال : أبشر يا مسلم بالجنة , فقال مسلم : بشرك الله بخير . فقال له حبيب : يا أخي يا مسلم لو لم أعلم أني بالأثر لأحببت أن توصي الي بجميع ما أهمك , قال له : اوصيك بهذا الغريب ـ وأشار بيده الى الحسين عليه السلام ـ قاتل دونه حتى تقتل .
أوصى ابن عوسجة حبيبا قا تل دونـه الـحمـام تذوقـا
نصروه أحياءاً وعند مماتهم يوصي بنصرته الشفيق شفيقا
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 105



المطلب الثامن والعشرون

في واقعة التوابين

لما تقابل الفريقان جيش سليمان بن صرد الخزاعي و من معه من التوابين , وجيش عبدالملك بن مروان بعين الوردة (1) , وتجالدوا ثلاثة أيام , وقتل شيخ الشيعة سليمان بن صرد رحمه الله أخذ الراية مسيب بن نجبة , فشد على القوم فقاتل ساعة , ثم رجع , ثم شد بها , فقاتل ثم رجع , ففعل ذلك مراراً يشد ثم يرجع , حتى قتل رحمه الله .
قال الراوي : والله ما رأيت أشجع منه إنساناً قط ولا من العصابة التي كان فيهم , ولقد رأيته يوم عين الوردة ,يقاتل قتالاً شديداً , ما ظننت ان رجلاً واحداً أن يبلي مثل ما أبلى , ولا ينكأ في عدوة مثل ما نكأ , لقد قتل رجالاً شذاذا .
قال : وسمعته يقول قبل أً يقتل وهو يقاتلهم :
قد علمت ميالة الذوائب واضحة الخدين والترائب
إني غداة الروع التغالب أشجع من ذي لبد مواثب
قطاع أقران مخوف الجوانب

قال الراوي : ولما قتل المسيب بن نجبة , أخذ الراية عبدالله بن سعد بن
(1) عين الوردة
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 106

نفيل , ثم قال : رحم الله أخوي , فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً , وأقبل بما كان معه من أزد , فحفوا برايته .
قال : وحمل علينا ربيعة بن المخارق , حملة منكرة فاقتتلنا قتالا شديدا , ثم إنه اختلف هو وعبدالله بن سعد بن نفيل بضربتين , فلم يصنع سيفهما شيئاً , واعتنق كل منهما صاحبه فوقعا على الأرض , ثم قاما فاضطربا وحمل أبن أخي ربيعة بن الخارق على عبدالله بن سعد , فطعنه في ثغره ونحره فقتله , وحمل وقال خالد بن سعد بن نفيل : أروني قاتل أخي , فأريناه ابن أخي ربيعة بن المخارق , فحمل عليه فقنعه بالسيف .
قال : ثم شد أهل الشام على أهل الكوفة وتعطفوا عليهم من كل جانب حتى بلغوا هم مكانهم وتولى قتال أهل الكوفة حينذاك أدهم بن محرز الباهلي , وقتل بعدها عبدالله بن وال , وكان من فقهاء أهل العراق , الذين كانوا يكثرون الصلاة والصيام ويفتون الناس , وقتل بعده عبدالله بن حازم , وقع الى جنبه , وأخذ أهل الشام يتنادون أن الله قد أهلكهم , فاقدموا عليهم فافرغوا منهم قبل الليل , فأخذوا يقدمون عليهم فيقدمون على شوكة شديدة ويقاتلون فرسانا شجعانا , ليس فيهم سقط رجل وليسوا لهم بمضجرين , فيتمكنوا منهم فقاتلوهم حتى العشاء قتالاً شديدا .
قال الراوي : وخرج عبدالله بن عزيز الكندي ومعه ابنه محمد غلام صغير , فقال : يا أهل الشام هل فيكم أحد من كندة ؟ فخرج إليه منهم رجال فقالوا : نعم نحن هؤلاء , فقال لهم : دونكك أخيكم فابعثوا به الى قومكم بالكوفة , فأنا عبدالله بن عزيز الكندي , فقالوا له : أنت ابن عمنا فإنك آمن . فقال لهم : والله لا أرغب عن مصارع اخواني الذين كانوا للبلاد نوراً وللأرض أوتاداً , وبمثلهم كان الله يذكر , فأخذ ابنه يبكي في أثر أبيه فقال : يا بني لو أن شيئاً آثر عندي من طاعة ربي إذاً
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 107

لكنت أنت , وناشده قومه الشاميون لما رأوا من جزع ابنه وبكائه في أثره وأروا الشاميون له ولابنه رقة شديدة حتى جزعوا وبكوا , ثم اعتزل الجانب الذي خرج إليه منهم قومه فشد على صفهم عند المساء فقاتل حتى قتل , ولما أمسى الناس ورجع أهل الشام الى معسكرهم نظر رفاعة الى كل رجل قد عقر به والى كل جريح لا يعين على نفسه فدفعه الى قومه , ثم سار بالناس ليلته كلها حتى أصبح بالتنينير فعبر الخابور وقطع المعابر ثم مضى لا يمر بمعبر الا قطعه وأصبح الحصين بن نمير , فبعث عينا له فوجدهم قد ذهبوا فلم يبعث في آثاره أحد , وساروا حتى مروا بقرقيسيا من جانب البر , فبعث إليهم زفر من الطعام والعلف مثل ما كان بعث إليهم في المرة الأولى , وأرسل إليهم الاطباء , وقال : أقيموا عندنا ما أحببتم فإن لكم الكرامة والمواساة , فأقاموا ثلاثاً , ثم زود كل امرىء منهم ما أحب من الطعام والعلف .
قال : وجاء سعد بن حذيفة بن اليمان حتى انتهى الى هيت , فاستقبله الأعراب وأخبروه بما لقي الناس , فانصرف فتلقى المثنى بن مخرمة العبدي بصندوداء فأخبره , فأقاموا حتى جاءهم الخبر أن رفاعة قد أظلكم , فخرجوا حين دنا من القرية فاستقبلوه فسلم الناس بعضهم على بعض , وبكش بعضهم الى بعض , وتناعوا إخوانهم فأقاموا بها يوماً وليلة , وانصرف أهل المدائن الى المدائن , واهل البصرة الى البصرة , وأقبل أهل الكوفة الى الكوفة، ولما ورد البشير على عبدالملك بن مروان ببشارة الفتح , قال : فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد .. فإن الله قد أهلك من رؤوس أهل العراق ملقح فتنة ورأس ضلالة سليمان بن صرد , الا وإن السيوف تركت رأس المسيب بن نجبة خذاريف , ألا وقد قتل الله من رؤوسهم رأسين عظيمين ظالين مضلين , عبدالله بن سعد أخا الأزد , وعبدالله بن وال أخا بكر بن وائل , فلم يبق بعد هؤلاء أحد عند
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 108

دفاع ولا امتناع , فكأنه الشماتة والفرح والسرور بقتل التوابين كما أظهر الفرح والسرور سلفه يزيد بن معاوية لما جاءه البشير بقتل الحسين عليه السلام , وبقدوم السبايا الى الشام , ولما قربوا بالسبايا من الشام صعد يزيد على سطح قصره ونظر الى الرؤوس على أطراف الرماح , وقد صعدوا بها على جبل جيرون فأنشأ يقول :
لما بدت تلك الرؤوس وأشرقت تلك الشموس على ربا جيروني
نعب الغراب فقلت نح او لا تنح فلـقد قـضيت من النبي ديوني

نعم لقد تقاضى ابن ميسون ديونه من النبي صلى الله عليه واله وسلم بقتل ريحانته لأن النبي صلى الله عليه واله وسلم أكره أسلافه على دين الإسلام وأجبرهم على ترك عبادة الأصنام , والإقرار بالوحدانية لله , فاعتنق جده وأباه دين الإسلام كرهاً منهم , فهذا دينه من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم تقاضاه بقتل أولاده وسبي بناته من بلد الى بلد , وقد نسى ابن الخنا أيادي رسول الله على أسلافه يوم فتح مكة وما من به على آل أبي سفيان فكان جزاء رسول الله أن ساق عيالاته كالإماء وأوقفهن في مجلسه وهن مربقات بالحبال !
بنات آكلة الأكباد في كلل والفاطميات تصلى في الهواجير
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 109



المطلب التاسع والعشرون

في قضية المختار بن أبي عبيدة الثقفي رحمه الله

كان نزول مسلم بن عقيل في دار المختار بن أبي عبيدة الثقفي وتذاكر الناس أمر المختار , وألقى ابن زياد القبض على المختار , ولما دخل عليه رفع القضيب واعترض وجه المختار فخبط به عينه فشترها , وقال : أولى لك أم والله لو لا شهادة عمرو بن حريث لك لضربت عنقك , وانطلقوا به الى السجن , ولم يزل محبوساً حتى قتل الحسين عليه السلام , ثم ان المختار بعث الى زائدة بن قدامة فسأله أن يسير الى عبدالله بن عمر بالمدينة , فيسأله أن يكتب له الى يزيد بن معاوية , فكتب الى يزيد بن معاوية بتخلية سبيله , فركب زائدة الى عبدالله بن عمر , فقدم عليه فبلغه رسالة المختار وعلمت صفية اخت المختار بحبس أخيها , وهي تحت عبدالله بن عمر , فبكت وجزعت , فلما رأى ذلك عبدالله بن عمر كتب مع زائدة الى يزيد بن معاوية : أما بعد ... فإن عبيدالله بن زياد حبس المختار وهو صهري , وأنا أحب أن يعافى ويصلح حاله , فإن رأيت رحمنا الله وإياك أن تكتب الى ابن زياد فتأمره بتخلتيه فعلت والسلام عليك .
قال : فلما قرأه ضحك , ثم قال : يشفع أبو عبدالرحمن وأهل لذلك هو , فكتب الى ابن زياد : أما بعد ... فخل سبيل المختار بن أبي عبيدة حين تنظر في كتابي , والسلام عليك . فأقبل به زائدة حتى دفعه الى ابن زياد , فدعا ابن زياد
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 110

المختار فأخرجه , ثم قال له : قد أجلتك ثلاثاً , فإن أدركتك بالكوفة بعدها فقد برئت منك الذمة , فخرج الى رحله , وقال ابن زياد : والله لقد اجترأ علي زائدة حين يرحل الى أمير المؤمنين حتى يأتيني بالكتاب في تخلية رجل قد كان من شأني أن اطيل حبسه على ما به , فمر به عمرو بن نافع أبو عثمان , كاتب لأبن زياد وهو يطلبه , وقال له : النجاء بنفسك واذكرها يداً لي عندك .
قال : فخرج زائدة فتوارى يومه ذلك , ثم إنه خرج في اناس من قومه حتى أتى القعقاع بن شور الذهلي , ومسلم بن عمرو الباهلي , فأخذ له الأمان , وخرج المختار من الكوفة وتوجه الى الحجاز .
حدث ابن العرق وهو مولى لثقيف قال : أقتلت من الحجاز حتى إذا كنت بالبسيطة من وراء واقصة , استقبلت المختار خارجاً يريد الحجاز فرحبت به وعطفت عليه , ولما رأيت شتر عينه استرجعت له , وقلت له : بعد ما توجعت له ما بال عينك صرف الله عنك السوء ؟ فقال : خبط عيني ابن الزانية بالقضيب خبطة صارت الى ما ترى , فقلت له : ماله شلت أنامله ؟ فقال الختار : قتلني الله إن لم أقطع أنامله وأباجله (1) وأعضاءه إرباً إرباً . قال : فعجبت لمقالته , فقلت له : ما علمك بذلك رحمك الله ؟ فقال لي : ما أقول لك فاحفظه عني حتى ترى مصداقه . قال : ثم طفق يسئلني عن عبدالله بن الزبير وأنا أخبره , فقال : يابن العرق إن الفتنة قد أرعدت وأبرقت , وكأن قد انبعثت فوطئت في خطامها , فإذا رأيت ذلك وسمعت به , بمكان قد ظهرت فيه فقيل إن المختار في عصائبه من المسلمين يطلب بدم المظلوم الشهيد المقتول بالطف سيد المسلمين وابن سيدنا الحسين بن علي عليه السلام فوربك لأقتلن بقتله عدة القتلى على دم يحيى بن زكريا عليه السلام . قال :
(1) أباجل مفردها أبجل , والأبجل عرق غليظ في الرجل أو في اليد .
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 111

فقلت له : سبحان الله وهذه اعجوبة مع الاحدوثة الاولى , فقال : هو ما أقول لك , فاحفظه عني حتى ترى مصداقه , ثم حرك راحلته فمضى , ومضيت معه ساعة أدعوا الله له بالسلامة وحسن الصحابة , ثم ودعته وانصرفت عنه .
ولما قدم المختار مكة جاء الى عبدالله بن الزبير فسلم عليه فرد عليه السلام ورحب به وأوسع له , وقال : حدثني عن الناس بالكوفة يا أبا إسحاق . قال : هم لسطانهم في العلانية أولياء , وفي السر أعداء . وبقي المختار على هذا ونحوه بمكة المكرمة حتى إذا جاء جيش يزيد بن معاوية بقيادة الحصين بن نمير السكوني , وحاصر ابن الزبير ووقع القتال بين الفرقين , فكان المختار يحارب جيش يزيد دفاعا عن البيت , ثم التفت في ذلك اليوم , ونادى : يا أهل الإسلام إلي إلي أنا ابن ابي عبيدة بن مسعود , وأنا ابن الكرار لا الفرار , وأنا ابن المقدمين غير المحجمين , إلي إلي يا أهل الحفاظ وحماة الأوتار , فحمى الناس يومئذ وأبلى وقاتل قتالاً حسناً , ثم أقام مع ابن الزبير في ذلك الحصار حتى كان يوم احرق البيت (1) فقاتل المختار يومئذ في عصابة معه نحو من ثلاثمائة أحسن قتال قاتله أحد من الناس , إن كان ليقاتل حتى يتبلد ثم يجلس ويحيط به أصحابه فإذا استراح نهض فقاتل , فما كان يتوجه نحو طائفة من أهل الشام إلا ضاربهم حتى يكشفهم , فما كان في ذلك اليوم رجلاً أحسن بلاءاً من المختار , ولما انقضى الحصار بعد هلاك يزيد ورجع أهل الشام , أقام مع ابن الزبير خسمة أشهر , وخرج بعدها الى الطائف , ثم رجع الى مكة .
وكان أهل الكوفة قد اصطلحوا على عامر بن مسعود يصلي بهم حتى يجتمع الناس على إمام يرضونه , وصار يطلب البيعة لابن الزبير , فخرج المختار
(1) احرق يوم السبت لثلاث مضين من شهر ربيع الأول سنة 64 هـ .
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 112

آنئذ من مكة متوجها الى الكوفة لقيه رجل من همدان , فقال له : حدثني الناس بالكوفة , قال : عم كغنم ضل راعيها , فقال : أنا المختار أنا أحسن رعايتها وأبلغ نهايتها . فقال له الهمداني : اتق الله واعلم أنك ميت مبعوث ومجزي بعملك إن خيرا فخير وإن شرا فشر , ثم افترقا وأقبل المختار حتى انتهى الى بحر الحيرة (1) فنزل واغتسل فيه وكان يوم الجمعة وأدهن دهناً يسيراً , ولبس ثيابه وأعتم وتقلد سيفه , ثم ركب راحلته فمر بمسجد السكون , وجبانة كندة , وصار لا يمر بمجلس إلا سلم على أهله , وهو يقول : ابشروا بالنصر والفلح أتاكم ما تحبون , ومر ببني ذهل وبني حجر وبني كندة , ومر ببني هند , وجهينة , ثم جاء الى باب الفيل , فأناخ راحلته ودخل المسجد , واستشرف له الناس , وقالوا : هذا المختار , قد قدم المختار الى جنب سارية من سواري المسجد فصلى عندها , حتى اقيمت الصلاة فصلى مع الناس , ثم ركد الى ساريه اخرى , فصلى ما بين الجمعة العصر , ثم خرج من المسجد , ومر على حلقة همدان , وعليه ثياب السفر : فقال : ابشروا فإني قد قدمت عليكم بما يسركم , ومضى حتى نزل داره .
فكانت الشيعة تختلف إليه وجعل يسألهم عن الناس بالكوفة فأخبروه باجتماع الناس على سليمان بن صرد الخزاعي رئيس التوابين , وقد كان مسجوناً معه في سجن ابن زياد , لأن ابن زياد لما قتل مسلما أخذ يسجن جماعة من أهل الكوفة من جملتهم سليمان هذا , والمختار , ولما قتل الحسين عليه السلام وجيء برأسه الى ابن زياد فأخفاه تحت السرير , وأمر بإخراج المختار من السجن فاخرج إليه وهو مكبل بالحديد , فجعل يستهزئ عليه فقال له المختار : يابن زياد أتستهزئ علي وقد قرب فرجي . وقال : من أين يأتيك الفرج يا مختار ؟ قال : بلغني أن سيدي
(1) هو بحر النجف , وكان بحراً متلاطم الأمواج , جف وإلى اليوم على اسمه ـ أرض البحر ـ
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 113

ومولاي الحسين قادماً الى العراق وسيكون خلاصي على يده , فقال له ابن زياد : خاب ظنك إنا قد قتلنا الحسين . فقال الختار : صه ومن يقدر على قتل سيدي ومولاي , فعند ذلك أخرج إليه رأس الحسين عليه السلام , فلما رآه المختار جعل يلطم على وجهه وهو ينادي : وا حسيناه .
أحين ترجيناك تستأصل العدى يفاجئنا الناعي بقتلك يهتف
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 114



المطلب الثلاثون

في تتمة قضية المختار

لما دخل المختار بن أبي عبيدة الثقفي الكوفة اجتمع عليه بعض الشيعة , وكان آنئذ يجتمع الناس عند سليمان بن صرد الخزاعي وهو شيخ الشيعة , وكان يتهيأ للخروج على بني اميّة , ولما خرج سليمان بالشيعة من الكوفة بقي المختار بها وقد اشتدت شوكته , وقوي أمره , فاجتمع جماعة من وجوه أهل الكوفة , وهم عمر بن سعد بن أبي وقاص , وشبث بن ربعي , ويزيد بن الحارث بن رويم , وصاروا الى عبدالله بن يزيد الحظمي , وإبراهيم بن محمد بن سليمان بن عبيدالله (1) فتكلموا فيما بينهم على أن المختار أشد عليكم من سليمان بن صرد , إن سليمان إنما خرج يقاتل عدوكم ويذللهم لكم , وقد خرج عن بلادكم , وإن المختار إنما يريد أن يثب عليكم في مصركم , فسيروا إليه فأوفقوه بالحديد وخلدوه في السجن حتى يستقيم أمر الناس , فخرجوا إليه في الناس , فما يشعر بشئ حتى أحاطوا به وبداره فاستخرجوه , فلما رأى جماعتهم , قال : ما بالكم فوالله بعد ما ظفرت أكفكم .
قال الراوي : واوتي المختار ببغلة دهماء يركبها , فقال إبراهيم لعبدالله بن
(1) كانا من قبل ابن الزبير بالكوفة أرسلهما إليها قبل عبدالله بن مطيع .
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 115

يزيد : ألا تشد عليه القيود ؟ فقال : كفى له بالحبس قيداً .
حدث يحيى بن عيسى قال : دخلت عليه مع حميد بن مسلم الأزدي , ونزوره ونتعاهده , فرأيته مقيداً , قال : فسمعته يقول : أما ورب البحار والنخيل والأشجار المهامة والقفار والملائكة الأبرار والمصطفين الأخيار لأقتلن كل جبار بكل لدن خطار , ومهند بتار في جموع من الأنصار , ليس بميل أغمار , ولا بعزل أشار , حتى إذا أقمت عمود الدين ورأيت شعب صدع المسلمين , وشفيت غليل صدور المؤمنين وأدركت بثار النبيين لم يكبر علي زوال الدنيا , ولم أحفل بالموت إذا أتى .
قال : فكان إذا أتيناه وهو في السجن ردد علينا هذا القول حتى خرج منه , ولما قدم التوابين الى الكوفة بعد واقعتهم كتب إليهم المختار , أما بعد؛ ... فإن الله أعظم لكم الأجر وحط عنكم الوزر بمقارعة القاسطين وجهاد المحلين , إنكم لم تنفقوا نفقة ولم تقطعوا عقبة ولم تخطوا خطوة إلا رفع الله لكم بها درجة , وكتب لكم بها حسنة , الى ما لا يحصيه إلا من التضعيف , فابشروا فإني لو قد خرجت إليكم قد جردت فيما بين المشرق والمغرب في عدوكم السيف بإذن الله , فجعلتم بإذن الله ركاماً وقتلهم فذا وتوأما , فرحب الله بما قارب منكم واهتدى ولا يبعد الله إلا من عصى وأبى , والسلام يا أهل الهدى .
فجائهم بهذا الكتاب سيحان بن عمرو من بني ليث , من عبدالقيس قد أدخله في قلنسوته فيما بين الظهارة والبطانة , فأتى بالكتاب رفاعة بن شداد , والمثنى بن مخربة العبدي , وسعد بن خذيفة بن اليمان , ويزيد بن أنس , وأخمر بن شميط الأحمسي , وعبدالله بن شداد البجلي , وعبدالله بن كامل فقرأه عليهم الكتاب , فبعثوا إليه ابن الكامل , فقالوا : قل له قد قرأنا الكتاب ونحن حيث يسرك , فإن شئت أن نأتيك حتى نخرجك فعلنا , فأتاه فدخل عليه السجن فأخبره بما ارسل
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 116

به فسر باجتماع الشيعة له , وقال لهم : لا تريدوا هذا فإني أخرج في أيامي هذا .
وكان المختار قد بعث الى عبدالله بن عمر بن الخطاب وكتب إليه : أما بعد فإني قد حبست مظلوماً وظن بي الولاة ظنوناً كاذبة , فاكتب في يرحمك الله الى هذين الظالمين كتاباً لطيفاً عسى الله ان يخلصني من أيديهما بلطفك وبركتك وبمنّك والسلام عليك . فكتب إليهما عبدالله بن عمر , أما بعد: ... فقد علمتما الذي بيني وبين المختار بن أبي عبيدة من الصهر , والذي بيني وبينكما من الود , فأقسمت عليكما بحق ما بيني وبينكما , لما خليتما سبيله حين تنظران في كتابي هذا , والسلام عليكما ورحمة الله .
فلما أتى عبدالله بن يزيد وإبراهيم بن محمد بن طلحة كتاب عبدالله بن عمر , دعوا للمختار بكفلاء يضمنونه بنفسه , فأتاه اناس من أصحابه كثير , فقال يزيد بن رويم لعبدالله بن يزيد : ما تصنع بضمان هؤلاء كلهم ضمنه عشرة منهم أشرافاً معروفين ودع سائرهم , ففعل ذلك , فلما ضمنوه دعا به عبدالله بن يزيد وإبراهيم بن محمد بن طلحة , فحلّفاه بالذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم لا يبغيهما غائلة , ولا يخرج عليهما ما كان لهما سلطان , فإن هو فعل فعليه ألف بدنة ينحرها لدى رتاج الكعبة ومماليكه كلهم ذكرهم وانثاهم أحرار فحلف لهما بذلك , ثم خرج فجاء في داره (1) واختلفت إليه الشيعة واجتمعت
(1) عن حميد بن مسلم , قال : سمعت المختار بعد ذلك يقول : قاتلهم الله ما أحمقهم حين يرون أني أفي لهم بأيمانهم هذه , أما حلفي لهم بالله فأنه ينبغي لي إذا حلفت على يمين فرأيت ما هو خير منها أن أدع ما حلفت عليه وآتي الذي هو خير , واكفر يميني وخروجي عليهم خير من كفي عنهم واكفر يميني , أما هدي ألف بدنه فهو أهون علي من بصفقة وما ثمن ألف بدنة فيهولني , وأما عتق مماليكي , فوالله لوددت أنه قد استتب لي أمري ثم لم أملك مملوكاً أبداً .
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 117

عليه , واتفق رأيها على الرضى به , وكان الذي يبايع الناس وهو في السجن خمسة نفر : السائب بن مالك الأشعري , ويزيد بن أنس , وأحمر بن شميط , ورفاعة بن شداد الفتياني , وعبدالله بن شداد الجشمي , ولم يزل أمره يقوى ويشتد , حتى عزل ابن الزبير عبدالله بن يزيد وإبراهيم بن محمد بن طلحة وبعث عبدالله بن مطيع الى الكوفة عاملاً عليها , هذا والمختار تكثر أصحابه , فجاء إياس بن مضارب الى ابن مطيع وقال له : إن السائب بن مالك من رؤساء أصحاب المختار , ولست آمن المختار , فابعث إليه فليأتك فإذا جاءك فاحبسه في سجنك حتى يستقيم أمر الناس , فإن عيوني قد أتتني وأخبرتني أن أمره قد استجمع له , وكأنه قد وثب بالمصر .
فبعث إليه ابن مطيع رجلان , فدخلا عليه , فقالا : أجب الأمير , فدعا بثيابه وأمر بإسراج دابته , فلما رأى زائدة بن قدامة ذلك قرأ هذه الآية «وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين » (1) ففهمها المختار , فجلس ثم ألقى ثيابه عنه ثم قال : ألقوا علي القطيفة ما أراني إلا وقد وعكت, إني لأجد قفقفة شديدة , ثم تمثل بقول الشاعر :
إذا ما معشر تركوا نداهم ولم يأتوا الكريهة لم يهابوا

والتفت الى الرجلين , وقال : ارجعا الى ابن مطيع واعلماه حالي التي أنا عليها .
ولما عزم المختار على النهوض بالكوفة قال الطبري : بعث الى أصحابه وأخذ بجمعهم في الدور حوله وأراد أن يثب بالكوفة في المحرم , فجاء رجل الى أصحابه من شبام وكان عظيم الشرف يقال له عبدالرحمن بن شريح , فلقي جماعة
(1) سورة الأنفال : 30 .
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 118

من أصحابه وفيهم قدامة بن مالك الجشمي , فاجتمعوا في منزل أحدهم , فحمد الله وأثنى عليه , ثم قال : أما بعد ... فإن المختار يريد أن يخرج بنا وقد بايعناه ولا ندري أرسله ألينا ابن الحنيفة أم لا , فانهضوا بنا الى ابن الحنفية فلخبره بما قدم علينا به، وبما دعانا إليه، فإنه رخص لنا في أتباعه أتبعناه وإن نهانا عنه اجتنبناه , فوالله ما ينبغي أن يكون شيء من أمر الدنيا آخر عندنا من سلامة ديننا , فقالوا له : أرشدك الله فقد أصبت ووفقت , اخرج بنا إذا شئت , فأجمع رأيهم على أن يخرجوا من أيامهم , فخرجوا ولحقوا بابن الحنفية و وكان امامهم عبدالرحمن بن شريح , فلما قدموا عليه سألهم عن حال الناس , فأخبروه عن حالهم وما هم عليه , ثم قالوا له : إن لنا إليك حاجة . قال : فسر هي أم علانية ؟ قال : قلنا : لا بل سر . قال: فرويداً إذاً , فمكث قليلا ثم تنحى جانباً فدعانا فقمنا إليه فبدأ عبدالرحمن بن شريح وتكلم فحمدالله وأثنى عليه , ثم قال : أما بعد ... فإنكم أهل بيت أخصكم الله بالفضيلة وشرفكم بالنبوة , وعظم حقكم على هذه الأمة , فلا يجهل حقكم ألا مغبون الأي مخسوس النصيب , قد أصبتم بحسين رحمة الله عليه عظمت مصيبة ما خصكم بها فقد عم بها المسلمون , وقد قدم علينا المختار ابن أبي عبيدة يزعم لنا أنه قد جاءنا من تلقائكم , وقد دعانا الى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه واله وسلم والطلب بدماء أهل البيت والدفع عن الضعفاء فبايعناه على ذلك , ثم إنا رأينا أن نأتيك فنذكر لك ما دعنا إليه وندبنا له فإن أمرتنا باتباعه إتبعناه , وإن نهيتنا عنه اجتنبناه .
قال : ثم تكلمنا واحداً واحداً بنحو ما تكلم به صاحبنا وهو يسمع حتى إذا فرغنا حمدالله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه واله وسلم ثم قال : فأما ما ذكرتم مما خصنا الله به من فضل , فإن الله يؤتيه من يشاء والله ذوالفضل العظيم , فلله الحمد , وأما ما ذكرتم من مصيبتنا بحسين , فإن ذلك كان في الذكر الحكيم , وهي ملحمة كتبت عليه وكرامة اهداها الله له رفع بما كان منها درجات قوم عنده ووضع بها آخرين
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 119

وكان أمر الله مفعولاً , وكان أمر الله قدراً مقدوراً , وأما ما ذكرتم من دعاكم الى الطلت بدمائنا فوالله لوددت أن أنتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم .
قال : فخرجنا من عنده ونحن نقول : قد أذن لنا قد قال : لوددت أن الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه , ولو كره لقال : لا تفعوا .
قال : فجئنا الى الكوفة , فقال لهم المختار : وهم على رواحلهم : ما بالكم فننتم وارتبتم ؟ قالوا : أمرنا بنصرتك , فقال : الله أكبر , أنا أبو إسحاق , إجمعوا لي الشيعة , فجمع منهم من كان منه قريباً , فقال : يا معشر الشيعة إن نفراً منكم أحبو أن يعلموا مصداق ما جئت به , فرحلوا الى امام الهدى والنجيب المرتضى ابن خير من طشى ومشى حاشا النبي المجتبى فسألوا عما قدمت به عليكم , فنبأهم أني قاتل المحلين وأطلب بدماء أهل نبيكم المصطفى .
بلى والله أخذ المختار بثأر الحسين عليه السلام وأهل بيته وشفى صدور الشيعة من قتلة الحسين عليه السلام ولكن والله لو قتل أهل الكوفة والشام أمع ما كان يساوي قطع خنصر سيد شباب أهل الجنة الذي حزه بجدل الكلبي بقطعة السيف !!
لهفي على تلك الأنامل قطعت ولو أنها اتصلت لكانت أبحرا

السابق السابق الفهرس التالي التالي