المجالس السنية ـ الجزء الخامس 662

وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي (وبسنده) عن النوفلي قال كنت مع أبي الحسن (يعني الهادي عليه السلام) فمر بنا محمد ابنه فقلت له جعلت فداك هذا صاحبنا بعدك فقال لا صاحبكم من بعدي الحسن (وبسنده) عن علي بن مهزيار قلت لابي الحسن عليه السلام ان كان كون وأعوذ بالله فالى من ؟ قال عهدي الى الاكبر من ولدي يعني الحسن عليه السلام وبسنده قال كتب ابو الحسن عليه السلام ابو محمد ابني أصح آل محمد غريزة وأوثقهم حجة وهو الاكبر من ولدي وهو الخلف واليه تنتهي عرى الامامة وأحكامنا فما كنت مسائلي عنه فاسأله عنه فعنده ما تحتاج اليه (وبسنده) عن داود بن القاسم الجعفري سمعت ابا الحسن عليه السلام يقول الخلف من بعدي الحسن (وبسنده) عن جماعة من بني هاشم منهم الحسن بن الحسين الافطس انهم حضروا دار ابي الحسن علي الهادي عليه السلام يوم توفي ابنه محمد وقد بسط له في صحن داره والناس جلوس حوله فقالوا قدرنا أن يكون حوله من الطالبيين والعباسيين وقريش مائة وخمسون رجلا سوى مواليه وسائر الناس اذ نظر الى ابنه الحسن وقد جاء مشقوق الجيب حتى قام عن يمينه ونحن لا نعرفه فقال له يا بني احدث لله شكراً فقد أحدث فيك امراً فبكى الحسن «ع» واسترجع وقال الحمد لله رب العالمين واياه أشكر واياه أسأل تمام نعمه علينا وانا لله وانا اليه راجعون فسألنا عنه فقيل لنا هذا الحسن ابنه وقدرنا له في ذلك الوقت نحو عشرين سنة فيومئذ عرفناه وعلمنا أنه قد اشار اليه بالامامة وأقامه مقامه (وبسنده)

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 663

عن محمد بن يحيى قال دخلت على ابي الحسن علي الهادي «ع» بعد وفاة ابنه محمد فعزيته عنه وابنه ابو محمد «ع» جالس فبكى ابو محمد فقال له ابوه ان الله قد جعل فيك خلفا منه فاحمد الله (وبسنده) عن علي بن جعفر قال كنت حاضراً ابا الحسن الهادي «ع» لما توفي ابنه محمد فقال للحسن يا بني احدث لله شكراً فقد احدث الله فيك امراً (وبسنده) عن الانباري قال كنت حاضراً عند وفاة محمد بن علي الهادي فجاء الهادي «ع» فوضع له كرسي فجلس عليه وحوله اهل بيته وابو محمد ابنه قائم في ناحية فلما فرغ من امر محمد التفت الى ابنه أبي محمد فقال يا بني احدث لله شكراً فقد أحدث الله فيك أمراً .
شرف تتابع كابراً عن كابر كالرمح انبوبـا على أنبوب


المجلس الرابع

في بعض ما جاء عن ابي محمد الحسن العسكري عليه السلام من المواعظ والحكم والوصايا (قال ع) ان لكلام الله فضلا على الكلام كفضل الله على خلقه ولكلامنا فضل على كلام الناس كفضلنا عليهم (وقال ع) لا تمار فيذهب بهاؤك ولا تمازح فيجترأ عليك (وقال ع) حب الابرار للابرار ثواب للابرار وحب الفجار للابرار فضيلة للابرار وبغض الفجار للابرار زين للابرار وبغض الابرار

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 664

للفجار خزي على الفجار (وقال ع) من التواضع السلام على كل من تمر به والجلوس دون شرف المجلس (وقال ع) من الجهل الضحك من غير عجب (وقال ع) من الفواقر التي تقصم الظهر جار ان رأى حسنة أخفاها وان رأى سيئة أفشاها (وقال ع) لشيعته اوصيكم بتقوى الله والورع في دينكم والاجتهاد لله وصدق الحديث وأداء الأمانة الى من ائتمنكم من بر او فاجر وطول السجود وحسن الجوار فبهذا جاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم صلوا في عشائرهم واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم وأدوا حقوقهم فان الرجل منكم اذا ورع في دينه وصدق في حديثه وأدى الامانة وحسن خلقه مع الناس قيل هذا شيعتي فيسرني ذلك اتقوا الله وكونوا زينا ولا تكونوا شيناً جروا الينا كل مودة وادفعوا عنا كل قبيح فانه ما قيل فينا من حسن فنحن اهله وما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك لنا حق في كتاب الله وقرابة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتطهير من الله لا يدعيه غيرنا الا كذاب اكثر واذكر الله وذكر الموت وتلاوة القرآن والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فان الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشر حسنات احفظوا ما وصيتكم به واستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام (وقال ع بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين يطري أخاه شاهداً وياكله غائباً ان أعطي حسده وان ابتلي خذله) (وقال عليه السلام) الغضب مفتاح كل شر (وقال عليه السلام) أقل الناس راحة الحقود (وقال عليه السلام) اورع الناس من وقف عند الشبهة . أعبد الناس من أقام على الفرائض . أزهد الناس من ترك الحرام . أشد الناس اجتهاداً من

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 665

ترك الذنوب (وقال عليه السلام) من يزرع خيراً يحصد غبطة ومن يزرع شراً يحصد ندامة لكل زارع ما زرع (وقال عليه السلام) لا يشغلك رزق مضمون عن عمل مفروض (وقال عليه السلام) ما ترك الحق عزيز الا ذل ولا أخذ به ذليل الا عز (وقال ع) صديق الجاهل تعب (وقال عليه السلام) خصلتان ليس فوقهما شيء الايمان بالله ونفع الاخوان (وقال عليه السلام) ليس من الادب اظهار الفرح عند المحزون (وقال ع) رياضة الجاهل ورد المعتاد عن عادته كالمعجز (وقال ع) التواضع نعمة لا تحسد عليها (وقال ع) لا تكرم الرجل بما يشق عليه (وقال عليه السلام) من وعظ اخاه سرا فقد زانه ومن وعظه علانية فقد شانه (وقال عليه السلام) ما أقبح بالمؤمن ان تكون له رغبة تذله (وقال عليه السلام) ان للسخاء مقداراً فان زاد عليه فهو سرف وللحزم مقداراً فان زاد عليه فهو جبن وللاقتصاد مقداراً فان زاد عليه فهو بخل وللشجاعة مقداراً فان زاد عليه فهو تهور . وكفاك ادبا تجنبك ما تكره من غيرك . ولو عقل اهل الدنيا خربت . خير اخوانك من نسي ذنبك وذكر احسانك اليه . اضعف الاعداء كيداً من اظهر عداوته . من أنس بالله استوحش من الناس جعلت الخبائث في بيت وجعل مفتاحه الكذب . اذا كان المقضي كائناً فالضراعة لماذا (وقال عليه السلام) من مدح غير المستحق فقد قام مقام التهم (وقال عليه السلام) من ركب ظهر الباطل نزل به دار الندامة .
كلامهم فيه الشفاء من العمى وحبهم فرض على كـل مسلم


المجالس السنية ـ الجزء الخامس 666

المجلس الخامس

فيما جاء في كيفية وفاة الحسن العسكري عليه السلام (روى) المفيد في الارشاد بسنده عن الكليني عن جماعة (وروى) هذا الخبر ايضا الصدوق في اكمال الدين وبين الروايتين تفاوت في الزيادة والنقصان ونحن نجمع بينهما (قالوا) حضرنا في شعبان سنة ثمان وسبعين ومائتين بعد وفاة الحسن العسكري عليه السلام بثمان عشرة سنة او اكثر مجلس احمد بن عبيد الله بن خاقان وهو عامل السلطان يومئذ على الخراج والضياع بكورة قم وكان شديد النصب والانحراف عن اهل البيت فجرى في مجلسه يوما ذكر المقيمين من آل أبي طالب بسر من رأى ومذاهبهم وصلاحهم وأقدارهم عند السلطان فقال ما رأيت ولا اعرف بسر من رأى رجلا من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا في هديه وسكونه وعفافه ونبله وكرمه عند اهل بيته والسلطان وبني هاشم كافة وتقديمهم اياه على ذوي السن منهم والخطر وكذلك حاله عند القواد والوزراء والكتاب وعامة الناس كنت يوما قائماً على رأس ابي وهو يوم مجلسه للناس اذ دخل حجابه فقالوا ابو محمد بن الرضا بالباب فقال بصوت عال ائذنوا له فتعجبت منه ومنهم من جسارتهم ان يكنوا رجلا بحضرة ابي ولم يكن يكنى عنده الا خليفة او ولي عهد او من امر السلطان ان يكنى فدخل رجل اسمر اعين حسن القامة جميل الوجه جيد البدن

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 667

حديث السن له جلالة وهيئة حسنة فلما نظر اليه ابي قام فمشى اليه خطوات ولا اعلمه فعل هذا باحد من بني هاشم والقواد واولياء العهد فلما دنا منه عانقه وقبل وجهه وصدره (ومنكبيه خ ل) وأخذ بيده وأجلسه على مصلاه الذي كان عليه وجلس الى جنبه مقبلا عليه بوجهه وجعل يكلمه ويفديه بنفسه وابويه وانا متعجب مما ارى منه اذ دخل الحاجب فقال جاء الموفق (وهو اخو المعتمد الخليفة العباسي) وكان الموفق اذ دخل على ابي تقدمه حجابه وخاصة قواده فقاموا بين مجلس ابي وبين باب الدار سماطين الى ان يدخل ويخرج فلم يزل ابي مقبلا على ابي محمد يحدثه حتى نظر الى غلمان الموفق فقال له حينئذ اذا شئت (1) جعلني الله فداك ابا محمد ثم قال لحجابه خذوا به خلف السماطين لا يراه هذا يعني الموفق فقام وقام ابي فعانقه ومضى فقلت لحجاب ابي وغلمانه ويحكم من هذا الذي كنيتموه بحضرة أبي وفعل به ابي هذا الفعل فقالوا هذا علوي يقال له الحسن بن علي يعرف بابن الرضا فازددت تعجبا ولم ازل يومي ذلك قلقا متفكرا في امره وأمر ابي وما رأيته منه حتى كان الليل وكانت عادته ان يصلي العتمة ثم يجلس فينظر

(1) اي اذا شئت فقم كانوا اذا انتهى المجلس وارادوا ان يقوم الجليس يقولون له اذا شئت . بحذف جواب الشرط اما تأدبا او لكثرة الاستعمال .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 668

فيما يحتاج اليه من المؤامرات وما يرفعه الى السلطان فلما صلى وجلس جئت فجلست بين يديه فقال الك حاجة قلت نعم فان أذنت سألتك عنها قال قد أذنت قلت من الرجل الذي رأيتك بالغداة فعلت به ما فعلت من الاجلال والكرامة وفديته بنفسك وأبويك فقال يا بني ذاك امام الرافضة الحسن بن علي المعروف بابن الرضا وسكت ساعة ثم قال لو زالت الامامة عن خلفاء بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غيره لفضله وعفافه وصيانته وزهده وعبادته وجميل أخلاقه وصلاحه ولو رأيت أباه رأيت رجلا جزيلا نبيلا فاضلا فازددت قلقاً وتفكيراً وغيظاً على أبي وما سمعت منه فيه وما رأيته من فعله به فلم تكن لي همة بعد ذلك الا السؤال عن خبره والبحث عن أمره فما سألت أحداً من بني هاشم والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس الا وجدته عندهم في غاية الاجلال والاعظام والمحل الرفيع والقول الجميل والتقديم له على جميع أهل بيته ومشايخه فعظم قدره عندي اذ لم أر له ولياً ولا عدواً الا وهو يحسن القول فيه والثناء عليه فقال له بعض من حضر مجلسه من الأشعريين فما حال أخيه جعفر ؟ فقال ومن جعفر فيسأل خبره أو يقرن به ؟ ان جعفراً معلن بالفسق ماجن شريب للخمور أقل من رأيت من الرجال وأهتكهم لنفسه خفيف قليل في نفسه . ولقد ورد على السلطان وأصحابه في وقت وفاة الحسن بن علي ما تعجبت منه وما ظننت

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 669

أنه يكون وذلك أنه لما اعتل الحسن بعث الى أبي أن ابن الرضا (1) قد اعتل فركب من ساعته الى دار الخلافة ثم رجع مستعجلا ومعه خمسة من خدم أمير المؤمنين كلهم من ثقاته وخاصته فيهم تحرير وامرهم بلزوم دار الحسن وتعرف حاله وبعث الى نفر من المتطببين فامرهم بالاختلاف اليه وتعهده صباحا ومساء فلما كان بعد ذلك بيومين او ثلاثة أخبر انه قد ضعف فركب حتى بكر اليه وامر المتطببين بلزوم داره وبعث الى قاضي القضاة وأمره ان يختار عشرة ممن يوثق به في دينه وورعه وامانته فبعث بهم الى دار الحسن وامرهم بلزومه ليلا ونهارا فلم يزالوا هناك حتى توفي فلما ذاع خبر وفاته صارت سر من رأى ضجة واحدة مات ابن الرضا وبعث السلطان الى داره من يفتشها وختم على جميع ما فيها وطلبوا اثر ولده وجاءوا بنساء لهن معرفة بالحبل فدخلن على جواريه فنظرن اليهن فذكر بعضهن ان هناك جارية بها حمل فامر بها فجعلت في حجرة ووكل بها تحرير الخادم وأصحابه ونسوة معهم ثم اخذوا في تجهيزه وعطلت الاسواق وركب بنو هاشم والقواد والكتاب والقضاة والمعدلون وسائر الناس الى جنازته فكانت سر ن رأى يومئذ شبيهاً بالقيامة فلما فرغوا من تهيئته بعث السلطان الى ابي عيسى بن المتوكل فأمـره بالصلاة عليه فلمـا وضعت

(1) مر أن العسكري والهادي والجواد كان يعرف كل منهم في زمانه بابن الرضا .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 670

الجنازة للصلاة دنا ابو عيسى منه فكشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية والقواد والكتاب والقضاة والمعدلين وقال هذا الحسن بن علي بن محمد بن الرضا مات حتف انفه على فراشه وحضره من خدم امير المؤمنين فلان وفلان ومن المتطببين فلان وفلان ثم غطى وجهه وصلى عليه وكبر خمسا وامر بحمله فحمل من وسط داره ودفن في البيت الذي دفن فيه ابوه عليهما السلام فلما دفن وتفرق الناس اضطرب السلطان واصحابه في طلب ولده وكثر التفتيش في المنازل والدور وتوقفوا عن قسمة ميراثه ولم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية التي توهموا فيها الحبل ملازمين لها سنتين واكثر حتى تبين لهم بطلان الحبل فقسم ميراثه بين أمه وأخيه جعفر وادعت امه وصيته وثبت ذلك عند القاضي والسلطان على ذلك يطلب اثر ولده (قال) احمد بن عبيد الله ولما دفن جاء جعفر اخوه الى ابي وقال له اجعل لي مرتبة ابي واخي واوصل اليك في كل سنة عشرين الف دينار فزبره ابي وأسمعه ما كره وقال له يا أحمق ان السلطان أعزه الله جرد سيفه وسوطه في الذين زعموا ان اباك واخاك أئمة ليردهم عن ذلك فلم يقدر عليه وجهد أن يزيل أباك واخاك عن تلك المرتبة فلم يتهيأ له ذلك فان كنت عند شيعة ابيك واخيك اماماً فلا حاجة بك الى سلطان يرتبك مراتبهما ولا غير سلطان وان لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا واستقله ابي عند ذلك واستضعفه وأمر ان يحجب عنه فلم يؤذن له بالدخول عليه حتى مات ابي وخرجنا وهو

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 671

على تلك الحال والسلطان يطلب اثر ولد الحسن بن علي الى اليوم وهو لا يجد الى ذلك سبيلا وشيعته مقيمون على انه مات وخلف ولداً يقوم مقامه في الامامة (وقال المفيد في الارشاد) مرض أبو محمد عليه السلام في اول شهر ربيع الاول وتوفي في الثامن منه وخلف ابنه المنتظر لدولة الحق وكان قد اخفي مولده وستر امره لصعوبة الوقت وشدة طلب سلطان الزمان له واجتهاده في البحث عن امره ولما شاع من مذهب الشيعة الامامية فيه وعرف من انتظارهم له فلم يظهر ولده عليه السلام في حياته ولا عرفه الجمهور بعد وفاته وتولى جعفر بن علي اخو ابي محمد «ع» اخذ تركته وسعى في حبس جواري ابي محمد واعتقال حلائله وشنع على اصحابه بانتظارهم ولده وقطعهم بوجوده والقول بامامته وأغرى بالقوم حتى أخافهم وشردهم وجرى على مخلفي ابي محمد بسبب ذلك كل عظيمة من اعتقال وحبس وتهديد وتصغير واستخفاف وذل ولم يظفر السلطان منهم بطائل وحاز جعفر ظاهراً تركة ابي محمد واجتهد في القيام عند الشيعة مقامه ولم يقبل أحد منهم ذلك ولا اعتقده فيه (وروى) الصدوق في اكمال الدين عن بعض كتب التواريخ ان ام ابي محمد «ع» قدمت من المدينة الى سر من رأى حين اتصل بها الخبر فكانت لها أقاصيص يطول شرحها مع اخيه جعفر من مطالبته اياها بميراثه وسعايته بها الى السلطان وكشف ما أمر الله عزوجل بستره (وقال) الصدوق في اكمال الدين وجدت في بعض كتب التواريخ انه لما توفي ابو محمد الحسن العسكري «ع» كان في

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 672

ليلة وفاته قد كتب بيده كتباً كثيرة الى المدينة ولم يحضره في ذلك الوقت الا صقيل الجارية وعقيد الخادم ومن علم الله غيرهما قال عقيد فدعا بماء قد اغلي بالمصطكى فجئنا به اليه فقال ابدأ بالصلاة وبسطنا في حجره المنديل واخذ من صقيل الماء فغسل به وجهه وذراعيه مرة مرة ومسح على رأسه وقدميه مسحا وصلى الصبح على فراشه واخذ القدح ليشرب فأقبل القدح يضرب ثناياه ويده ترتعد فأخذت صقيل القدح من يده ومضى من ساعته صلى الله عليه وصار الى كرامة الله جل جلاله (وروي) انه «ع» مضى مسموما سمه المعتمد (وفي الفصول المهمة) ذهب كثير من الشيعة الى ان ابا محمد الحسن بن علي العسكري مات مسموما وكذلك ابوه وجده .
سلام على مـن سر من را محله سلام على المرجو في محكم الزبر
سلام على اولاد زمـزم و الصفا وخيف منى والبيت والركن والحجر
على خمسة مني السـلام و سبعة لعلهم ان يشفعوا ساعـة الـحشـر

مراثي الحسن العسكري عليه السلام

قال السيد صالح النجفي المعروف بالقزويني رحمه الله من قصيدة

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 673

أيا صفوة الهادي و يا محيي الهدى ومحكم دين المصطفى و هو دارس
فكم للـعدى مـن نعمة قد غرستها فلم تجن الا عكـس ما أنت غارس
و لما مضى الهـادي أريت معاجزاً بهـا أرغمت من شائنيك المعاطس
ولما جفاك المـستعين وما اكتـفى بافعاله وهو الـحسود الـمنافـس
ابنت بـأن الرجـس بـعد ثـلاثة على الرأس في قعر الجحيم لناكس
وبشرت في بشر حليـمة نـرجساً بمولودهـا المولى الـذي لا يقايس
ووافتـك بالمـهدي أنـوار وجهه تضيء و تجلى من سناها الحنادس
وطبع الحصى في خاتم منك معجز كعـلمـك بالأموات و هي دوارس
و لولاك لارتـاب الأنـام براهب تصوب اذا استسقى عليها الرواجس
وأظهرت ما أخفاه من عظم مرسل فبانت لـدى الناس الأمور اللوابس
بوجهك يستسقى الغمـام وللعـدى بحبسك عنـها الله للـقطر حـابس
بنفسي من نالت به سر مـن رأى فخاراً له تعـنـو النجوم الـكوانس
بنفسي من أبكى النـبي مصـابه و أظلم فـيه ديـنه وهـو شـامس
بنفسي محبوساً على حبـس حقه مضي و عليه المكرمـات حبـائس
بنفـسي مـن في كل يوم تسومه هوانا بنو العباس و هـي عـوابس
بنفسي من قاسى اذى الضيم منهم زمانا و ما فيهـم بـه مـن يقايس
بنفسي مسمومـاً تشفت به العدى قضى و بها لم تشف منه النـسائس
بنـفسي مكـروبا قضى بعد سمه بكاه الموالـي و العـدو الـمشاكس


المجالس السنية ـ الجزء الخامس 674

و شاب لما قـد نـاله كـل مفرق و كـل فـؤاد فيه شبت مقابس
فلا كـان يوم الـعسكـري فـانه ليوم على الديـن الحنيفي ناحس
حكى جده عمراً و سمـا وغـربة ومـارس من أعدائه ما يمارس
ولو لم ترج مـنكم النفـس مدركا لأوتاركم أخنـت عليها القوامس
مليك له غر الـملائــك جحفل وليث له غلـب اللـيوث فرائس
وسمـر لأوسـاط السـراة حيازم وبيض لهامـات الكمـاة قلانس
سحاب ندى بالفضل يهمي وكوكب به تزهر الدنيا وتزهو البسـابس
امام الهـدى ادرك بطلعتك الهدى فقد طمـست أعلامه و المدارس
عليكم سـلام و السـلام طـهارة لأنفسنا مـا مـاس للبـان مائس

وقال علي بن عيسى الاربلي صاحب كشف الغمة رحمه الله تعالى
يا راكبـاً يسري على جسـرة قد غبرت في أوجـه الـضمر
عرج بسامـراء و الثم ثـرى رمس الامام الحسن العسـكري
عـرج على من جـده صاعد و مجده عـال عـلى المشتري
علـى الامام الطاهـر المجتبى على الكريم الطاهـر العـنصر
على ولـي الله فـي عصـره وابن خيار الله فـي الأعـصر
على كريـم صوب معروفـه يربي على صوب الحيا الممطر
على امـام عـدل أحـكـامه يسلط الـعرف عـلى المـنكر
وقل سـلام الله وقـف علـى ذاك الجناب المـمرع الأخضر


المجالس السنية ـ الجزء الخامس 675

هم الأولى دلوا علـى مذهب مثل الصباح الواضح المسفر
يـا سـادتي ان ولائـي لكم مـن خـير ما قدمت للمحشر

وقال المؤلف عفا الله عن جرائمه في العسكريين عليهما السلام
ابكي وهل يشفي الغـليل بكائي بدريـن قـد غربا بـسامراء
علمين من رب البرية لـلورى نصباً باعـلى قنـة الـعلياء
نجمين يهدى السالكون لـربهم بهداهما في الفتـنة العـمياء
قد ضل من لا يهتدي بهـداهما ومتى هداية خابـط الظـلماء
وهما سبيل الله حـقا مـن يحد عنه يـته فـي ظلمة طخياء
بعلي الـهادي و بـالحسن ابنه كشف الكروب و مدفع اللأواء
يا آل أحمد ما ببعض صفاتكم و لو اجتهدت يفي جميع ثنائي
أنى وقد نطق الكتـاب بمدحكم نصاً فأخـرس ألسن البلغـاء
و عليكم الصلوات في صلواتنا تتلى بكـل صبـيحة و مساء

المهدي صاحب الزمان عجل الله فرجه

ذكر تاريخ مولده وما جاء في ولادته وغيبته وسفرائه ودلائل امامته واثبات غيبته والأخبار الواردة فيه من طرق أهل السنة والشيعة وان فيه سنة من سنن الأنبياء والاستدلال بغيباتهم على غيبته ومعجزاته ودفع الشبهات الموردة على وجوده ومن قال

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 676

بوجوده من علماء أهل السنة فوافق الشيعة ومن رآه وعلامات ظهوره والسنة التي يخرج فيها والمكان الذي يخرج فيه وسيرته عند قيامه ومدة دولته وعدد أنصاره وأسماء بلدانهم ومدائحه وما يتعلق بذلك وفيه مجالس .

المجلس الاول

الامام بعد أبي محمد الحسن العسكري وثاني عشر أئمة المسلمين وخلفاء الله في العالمين وثالث المحمدين ولده المسمى باسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المكنى بكنيته ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام .
وجاء في كثير من الأخبار النهي عن تسميته مثل لا يحل لكم ذكره باسمه أو لا يحل لكم تسميته أو لا يحل ذكره باسمه حتى يخرج فيملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلما وجورا او لا يحل لكم تسميته حتى يظهره الله فيملأ الارض قسطا وعدلا الخ . أو يحرم عليهم تسميته وهو سمي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكنيته أو لا يسميه باسمه الا كافر أو لا يرى جسمه ولا يسمى باسمه (ولأجل) ذلك كان يعبر عنه عليه السلام في الأخبار وكلام الرواة بالصاحب والقائم وصاحب الزمان وصاحب الدار والحضرة والناحية المقدسة

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 677

والرجل والغريم والغلام وغير ذلك ولا يصرحون باسمه (قال المفيد عليه الرحمة) والغريم رمز كانت الشيعة تعرفه قديماً بينها ويكون خطابها عليه للتقية (وحمل) الصدوق وجملة من الأصحاب النهي الوارد في هذه الأخبار على ظاهره فافتوا بالتحريم (ويمكن) الحمل على الكراهة لحكمة لا يعلمها الا الله تعالى ولا ينافيه التشديد الوارد في الأخبار البالغ الى حد التفكير فقد ورد في المكروهات أمثال ذلك مثل من ترك فرق شعره فرق بمنشار من نار (ويؤيد) الكراهة التصريح باسمه في بعض الاحاديث (وقول) عثمان بن سعيد العمري حين قيل له فالاسم قال اياك أن تبحث عن هذا فان عند القوم ان هذا النسل قد انقطع (وقوله) أيضاً لما سئل عن الاسم محرم عليكم ان تسألوا عن ذلك ولا أقول هذا من عندي وليس لي أن أحلل وأحرم ولكن عنه عليه السلام فان الأمر عند السلطان ان أبا محمد عليه السلام مضى ولم يخلف ولداً واذا وقع الاسم وقع الطلب فاتقوا الله وأمسكوا عن ذلك (وما في بعض التوقيعات) ان دللتم على الاسم أذاعوا وان عرفوا المكان دلوا عليه (وفي بعضها) ان وقفوا على الاسم أذاعوه وان وقفوا على المكان دلوا عليه (ينافيه) مامر من أنه يحرم عليهم تسميته ثم قوله انه سمي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكنيه الذي علم به اسمه فدل على تحريم التصريح لحكمة والخوف لا يتفاوت فيه الحال بين التصريح وانه سمي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (وينافيه) أيضاً ما مر في بعضها من انه لا يحل تسميته حتى يخرج أو حتى يظهره الله (ويمكن) الجمع بان

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 678

التصريح بالاسم مكروه مطلقاً والتسمية صريحاً وكناية محرمة في زمن الخوف وبذلك يرتفع جميع التنافي بين الأخبار والله أعلم .
ولد المهدي (ع) ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين بسر من رأى في أيام المعتمد (قال المفيد) ولم يخلف أبوه ولداً ظاهراً ولا باطناً غيره وخلفه غائباً مستتراً وكانت سنه عند وفاة أبيه خمس سنين (أمه) أم ولد يقال لها نرجس كانت خير أمة (وفي رواية) ان اسمها الأصلي مليكة ، كنيته ككنية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويكنى أيضاً بأبي جعفر (لقبه) الحجة والمهدي والخلف الصالح والقائم المنتظر وصاحب الزمان وأشهرها المهدي (بوابه) عثمان بن سعيد ثم ابنه محمد بن عثمان ثم الحسين بن روح ثم علي بن محمد السمري (نقش خاتمه) على ما ذكره الكفعمي انا حجة الله وخاصته (شاعره) ابن الرومي .

صاحب كشف الغمة

عداني عن التشبيب بالرشـأ الأحوى وعن علمي سلع وعن بانتي حزوى
غرامي بناء عـن غرامي وفكرتـي تمثـله للـقلب فـي السر والنجوى
من الـنفر الـغـر الـذين تـملكوا من الشرف العادي غـايته القصوى
هم القوم من أصفاهم الـود مخلصاً تمسك في أخراه بالسـبب الاقـوى
هم القـوم فاقـوا الـعالمـين مآثراً محـاسنها تـجلى و آيـاتها تروى


المجالس السنية ـ الجزء الخامس 679

موالاتهم فرض وحبهم هدى وطاعتهم قربى وودهم تقوى


المجلس الثاني

(اما صفته في خلقه وحليته) فعن سنن ابي داود انه يشبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الخلق بالضم ولا يشبهه في الخلق بالفتح ولكن في رواية النعمان في الغيبة عن امير المؤمنين عليه السلام انه يشبه نبيكم في الخلق والأخلاق وفي رواية كأن وجهه كوكب دري في خده الايمن خال أسود . وفي رواية : أفرق الثنايا أجلى الجبهة . وفي رواية : اجلى الجبين (1) (واما صفته في اخلاقه واطواره) فالمستفاد من مجموع الاخبار الآتية وغيرها التي رواها عامة المسلمين انه يشبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خلقه بالضم وانه من اهل بيته اسمه كاسمه وللمهدي عجل الله فرجه غيبتان صغرى وكبرى كما جاءت بذلك الاخبار عن أئمة اهل البيت عليهم السلام ويقال قصرى وطولى (اما الغيبة الصغرى) فمن مولده الى انقطاع السفارة بينه وبين

(1) في النهاية الاجلى الخفيف شعر ما بين النزعتين من الصدغين والذي انحسر الشعر عن جبهته .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 680

شيعته (1) بوفاة السفراء وعدم نصب غيرهم وهي اربعة وسبعون سنة ففي هذه المدة كان السفراء يرونه وربما رآه غيرهم ويصلون الى خدمته وتخرج على ايديهم توقيعات منه الى شيعته في أجوبة مسائل وفي أمور شتى (واما الغيبة الكبرى) فهي بعد الاولى (اما السفراء) في زمن الغيبة الصغرى بينه وبين شيعته فهم اربعة .

* (الاول ابو عمرو عثمان بن سعيد بن عمرو العمري) *

بفتح العين وسكون الميم وكان اسديا فنسب الى جده ابي امه جعفر العمري وقيل ان ابا محمد الحسن العسكري عليه السلام أمر بكسر كنيته فقيل العمري ويقال له العسكري لانه كان يسكن عسكر سر من رأى ويقال له السمان لأنه كان يتجر بالسمن تغطية للامر وكان الشيعة اذا حملوا الى الحسن العسكري عليه السلام ما يجب عليهم من المال جعله ابو عمرو في زقاق السمن وحمله اليه تقية وخوفاً

(1) هكذا ذكر المفيد وغيره فجعلوا ابتداء الغيبة من مولده لا من ابتداء امامته لانها كانت كذلك ولا وجه لجعلها من ابتداء امامته ولذلك كانت اربعا وسبعين سنة هذا بناء على ان وفاة السمري سنة ثلثمائة وتسع وعشرين اما بناء على ان وفاته سنة ثمان وعشرين كما في اعلام الورى فتنقص سنة مع انه ذكر ان مدة الغيبة الصغرى اربع وسبعون سنة .
ـ المؤلف ـ

السابق السابق الفهرس التالي التالي