المجالس السنية ـ الجزء الخامس 609


مراثي الرضا عليه السلام

قال دعبل الخزاعي :

يــا حسـرة تـتـردد وعـبـرة لـيس تنفـد
على علي بن موسى بـ ـن جعفـر بـن محمد

وقال أيضاً :

وعاثت بنو العباس في الدين عيثة تحـكم فيـها ظـالم و ظنين (1)
وسموا رشـيداً لـيس فيم لرشدة وها ذاك مأمـون وذاك أمين
فما قبلت بالرشـد مـنهم رعاية ولا لـولـي بـالأمـانة دين
الا أيهـا القـبر الغـريب محله بطوس عليك الساريات هتون
شككت فمـا أدري أمسقي شربة فأبكيك أم ريب الردى فيهون (2)
و أيهما ما قلت ان قـلت شربة و ان قلت مـوت انـه ليقين
أيا عجبـاً منهم يسمونك الرضا ويلقاك منهم كلحة و غضون (3)


(1) الظنين بالظاء المتهم وبالضاد البخيل
(2) أي لا أدري أسقيت السم أم كان موتك حتف الأنف
(3) جمع غضن كفلس وفلوس وهو كل تثن في ثوب أو جلد أو درع والأغضن الكاسر عينه خلقة أو عداوة أو كبراً .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 610

وقال علي بن أبي عبد الله الخوافي

يا أرض طـوس سـقاك الله رحمته ماذا حويت من الخيرات يا طوس
طابـت بقـاعك فـي الدنيا وطيبها شـخص ثوى بـسنا اباد مرموس
شخص عزيز على الاسلام مصرعه في رحمة الله مـغمور ومغـموس
يا قـبره أنـت قـبر قـد تـضمنه حلـم وعـلم وتـطهير وتقـديس
فخـراً فـانك مغبـوط بـجـثـته وبالملائـكة الأطـهار مـحروس
غـابت ثـمانية مـنـكم و أربـعة ترجى مطالعها ما حنـت الـعيس
حتى متـى يظـهر الحق المنير بكم فالحق في غيركم داج ومـطموس

وقال محمد بن حبيب الضبي

قبر بـطـوس به أقـام امام حتـم اليـه زيـارة ولـمام
قبر أقـام به السلام واذ غدا تهدى اليـه تـحية و سـلام
قبر سنا أنـواره يجلو العمى و بتربه تستـدفـع الأسـقام
قبـر يمثل للعـيون مـحمداً و وصيه والمـؤمنـون قيام
خشع العيون لذا و ذاك مهابة فـي كنههـا تـتحير الأفهام
قبر اذا حـل الوفود بـربعه رحلـوا و حطت عنهم الآثام
الله عـنه بـه لـهم متـقبل وبـذاك عنهم جـفت الأقلام
ان يغن عن سقي الغمام فانه لولاه لـم يسق البـلاد غمام
قبر علـي إبن مـوسى حله بثـراه يزهو الحل و الاحرام
من زاره في الله عارف حقه فالمس منه على الجحيم حرام
ومقامه لا شك يحمد في غد وله بجـنـات الخـلود مقام


المجالس السنية ـ الجزء الخامس 611

و له بـذاك الله أوفـى ضـامن قسمـا اليه تنتهـي الأقـسـام
يا ابن النبي و حـجـة الله التـي هـي للصلاة و للـصيام قيـام
أنتم ولاة الـدين والـدنـيا و من لله فـيـه حـرمــة وذمـام
ما الناس الا مـن أقـر بفضلـكم والجـاحـدون بهـائم وسـوام
يرعون في دنيـاكـم و كـأنـهم فـي جـحـدهم إنعامكم أنـعام
يا ليت شعري هـل بقائمكـم غداً يغـدو بكفـي للقـراع حسـام
تطفي يداي بـه غـلـيلا فـيكم بين الحشـى لم يـرو منه أوام
و لقد تـهيـجـني قبوركـم اذا هاجت سـواي معـالم وخيـام
من كان يغرم بامتداح ذوي الغنى فبمدحكم لـي صبـوة وغـرام
والى أبي الحسن الرضـا أهديتها مرضـية تلـتـذهـا الأفـهام
خذها عن الـضبي عبـدكم الذي هانـت علـيه فيكـم الألـوام
ان اقض حق الله فـيك فـان لي حـق القرى للضيـف اذ يعتام
من كان بالتـعليم أدرك حـبكـم فـمحبـتـي ايـاكـم الـهـام

وقال اشجع بن عمرو السلمي الشاعر المشهور وهو معاصر للرضا (ع) ويقال انها لما شاعت غير أشجع ألفاظها فجعلها في الرشيد :
يا صاحب العيس يجدي في أزمتها إسمع وأسمع غداً يا صاحب العيس
اقر السلام على قبر بـطوس و لا تقر السلام و لا النعمى على طوس
فقد أصاب قلـوب المـؤمنين بها روع وأفرخ فـيهـا روع ابـليس
إختلست واحـد الدنـيا وسيـدها فاي مخـتلس مـنا و مـخلـوس


المجالس السنية ـ الجزء الخامس 612

ولو بدا الموت حتى يستـديـر به لاقـى وجـود رجـال دونه شوس
ان المـنـايا أنـالتـه مخـالبـها و دونـه عـسكر جم الـكراديـس
أوفى عليـه الردى في خيس أشبله والموت يلقي أبا الأشبال في الخيس
مـا زال مقـتبساً مـن نور والده الى النـبي ضيـاء غـيـر مقبوس
في منبت نهـضت فيـه فروعهم بشاهق في بطـاح الملك مـغروس
لا يوم أولى بتخـريق الجيوب ولا لطم الخدود و لا جـدع المعاطـيس
من يوم طوس الذي ثارت بروعته لنـا النـعاة و أفـواه الـقراطـيس
حقـاً بأن الرضا أودى الزمان به مـا يطلب الموت الا كـل منفـوس
بمطلـع الشـمس وافتـه منـيته ما كان يوم الـردى عنه بمـحبوس
يا نازلا جـدثا فـي غيـر منزله ويـا فريسة يـوم غـير مفـروس
لبست ثوب البلى اعـزز علي به لبساً جديداً وثـوبا غـير مـلبـوس
صلى عليك الذي قـد كنت تعبده تحت الهـواجر في تلـك الأمـاليس (1)
أسكـنك الله داراً غـيـر زائلة في منـزل برسـول الله مـأنـوس

وقال السيد صالح النجفي المعروف بالقزويني

يا أرض طوس تجاوزت السماء علا اذ لابن موسى الرضا ضمنت جثمانا
سقاك يا طـوس وسمي الحيا وهمى في أجرعيـك و روى الـرند والبانا
فكـم أجـرت طـريداً أم ملـتجئـاً وكم أغثث صـريخـاً ظل حيـرانا
لتهن طوس بأن أضـحت معـالمها للشمس برجـاً وللامـلاك أوطـانا


(1) جمع امليس وهي الفلاة ليس بها نبات
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 613

فيـا غريبـاً قـضى بالـسم مـنفرداً أبكى الأعادي و أصمى الانس والجانا
أقام في يثرب عصراً و أشخـصه الـ ـمأمون قسـراً الـى أقصى خراسانا
كـم مـن أذى وعـنـاء مـنه كابـده في القرب والبـعد حـتى حـينه حانا
ولاه عـهـداً ولـم يـقـبـل ولايـته طوعاً و أعرب عن مكنون ما صـانا
تضوع الكـون من ذكـرى مـكارمـه مسـكا وكـان لـه روحـاً و ريحانا
يا مفجـع العرب فـي تـوقـيع رحلته ومـودع الـقلـب بالـتوديـع نيرانا
وجعت جـدك والأهـلـين تـخبرهـم لـذاك آخـر عهـدي فيـكم كـانـا
فهـل درى البيت بـيت الله ان هـدمت منـه عتـاة بنـي العبـاس أركانـا
وهـل درت هاشـم ان ابـن سـيدهـا قضى غريباً مـروع القـلب حرانـا
وهـل درت يثـرب ألـوت نـضارتها وسـامها الدهـر بعد العز نـقصانـا
و هل درى من بـه كوفـان قد فخرت بمـا انـطوى مـن فخار في خراسانا
وهل درى الكرخ ما في طوس من نوب جلت وقوعاً و مـا منها الرضا عانى
وهل درى من بسـامـراء ان غـدرت أعداؤهم بالرضـا ظـلماً وعـدوانـا
فلتبكه الأرض حـزنا والسـمـاء دمـا والأنس والجـن والأمـلاك أشـجانـا
تشفي معـاجزك الأعـمى الأصـم لهم فكيف كانوا بـهـا صـماً و عمـيانا


المجالس السنية ـ الجزء الخامس 614


وقال المؤلف عفا الله عن جرائمه

حي طوساً لابارح الغيث طوسا في ثراها الهدى غدا مرمـوسا
أرض قدس طابت وطاب ثراها بضريح الرضا علي بن موسى
و به قد سمت على هامة النجـ ـم سـناء و قـدست تـقديسا
أي بـدر قـد غيـبوا بـسنا آ بـاد يجـلو الـدجنة الحـنديسا
أرض طـوس حويت كنزاً ثميناً من بني المصطفى و علقا نفيسا
رزؤه شك في حشى الدين سهما والى الحشـر جرحه ليس يوسى
يومه فـي الزمان كان عـظيما في قلوب الأنـام أذكـى وطيسا
يومه أحـزن السمـاوات والأر ض جميعاً و كـان يوماً عبوسا
أي رزء حـتى القـيامـة ابقى في حشى الدين لـوعة و رسيسا
أي رزء أبكى عـيـون النبييـ ـن وقـد سـر وقـعه ابليسـا
يا مـجداً يطوي الفـلاة بحرف في سراهـا لا تعـرف التعريسا
تسبق الريح والـبـروق اذا ما غلسـت فـي مسـيرها تغلـيسا
أقر منـي السلام قبراً بـطوس و أطـل لثمه اذا جـئت طـوسا
واخـلع النـعل في ثـراه ففيه مـع سنا نـور أحمد نار موسى
كل من زاره أصاب رضا اللـ ـه و فـي عـفوه غدا مغموسا
آل بيـت النـبي أنتم ولاة الـ ـخلق من حاد عـنكم نال بؤسا
أنتم القوم قـد هدمتم بنا الكفـ ـر و أسسـتم الـهدى تأسـيسا

وقال علي بن عيسى الاربلي صاحب كشف الغمة

أيها السـائر المجد قـف العيـ ـس اذا ما حللت في أرض طوسا


المجالس السنية ـ الجزء الخامس 615

والثم الأرض ان رأيـت ثرى مشـ ـهد خيـر الورى علي بن موسى
قل سـلام الالـه فـي كـل وقت يتلـقى ذاك المـحـل النـفيـسـا
منـزل لـم يـزل بـه ذاكر للـ ـه يتلـو الـتسـبيـح والتقديسـا
ما عسى ان يـقال فـي مدح قوم أسـس الله مـجـدهـم تـأسيسـا
ما عسى ان يقال فـي مـدح قوم قـدس الله ذكـرهـم تـقـديـسـا
هم هداة الـورى و هـم أكرم النا س أصـولاً شـريفـة و نـفوسـا
ان عـرت أزمـة تنـدو غيوثـا أو دجـت شبـهة تـبـدو شموسـا
كرموا مـولـداً و طابـوا أصولا و زكوا محتداً و طـالوا غـروسـا
يا عـلي الـرضا أبـثك وجـداً غادر القلـب من جـواه وطـيسـا
مذهبـي فيــك مـذهبي و بقلبي لك حـب أبقى جـوى و رسـيسـا
لا أرى داءه بـغيـرك يـشفـى لا ولا جـرحـه بغيـرك يـوسـى
قـد تـمسـكت مـنكـم بـولاء ليـس يلــفى القشيـب منه دريسا
أتـرجـى بـه الـنجـاة اذا مـا خاف غيري في الحشر ضراً و بؤسا
من عددنـا من الورى كان مرؤو سـا و منكم من عـد كـان رئيسـا
فغـدا العـاملـون مثـل الذنابى وغـدوتـم للـعـالمـيـن رؤوسـا

وقال الشيخ عبد الحسين بن الشيخ أحمد شكر العراقي


لله رزء هـد أركـان الـهـدى من بعده قـل للرزايـا هـوني
حطمت قنـاة الشرع حزنا بعده و بكت بقاني الدمـع عين الدين
لله يوم لابن موسى زلزل السـ ـبع الطبـاق فأعولت برنيـن
يوم به أضحى الرضا متجرعاً سما بكـاس عداوة وضغـون


المجالس السنية ـ الجزء الخامس 616

وبطوس قبر ضـم أي معـظم أبكى الأميـن عليه أي خـؤون
لله مفـتقد عليـه تـجلبب الـد يـن الحنـيـف بـذلة وبهـون
يا ضامن الجنات يدخل من يشا فيها و من قـد شـاء في سجين


أبو جعفر محمد بن علي الجواد عليه السلام

المجلس الاول

الامام بعد علي الرضا وتاسع أئمة المسلمين وخليفة الله في العالمين وثاني المحمدين ولده محمد الجواد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام .
ولد محمد الجواد عليه السلام بالمدينة ليلة الجمعة او يومها في التاسع عشر من شهر رمضان او في النصف منه او العاشر من رجب وتدل بعض الادعية المأثورة على ولادته في رجب سنة خمس وتسعين ومائة (وقبض) ببغداد شهيداً بالسم على بعض الاقوال يوم السبت او الثلاثاء في اواخر ذي القعدة او الحادي عشر منه او لست او لخمس خلون من ذي الحجة او في اواخره سنة عشرين ومئتين وله خمس وعشرين سنة وأشهر او شهران وثمانية عشر يوما

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 617

او وثلاثة اشهر واثنان وعشرون او اثنا عشر يوما على حسب اختلاف الاقوال والروايات في تاريخ المولد والوفاة (ودفن) ببغداد في الجانب الغربي في مقابر قريش في ظهر جده موسى بن جعفر (وكان) عمره يوم وفاة ابيه سبع سنين واربعة اشهر ويومين او تسع سنين و أشهراً وعاش بعد ابيه سبع عشرة سنة او ثمان عشرة سنة الا عشرين يوما وهي مدة امامته وخلافته هي بقية ملك المأمون وشيء من ملك المعتصم وتوفي في اول ملك المعتصم (1) (وامه) ام ولد نوبية يقال لها سبيكة (2) وقيل مريسية يقال لها درة ثم سماها الرضا عليه السلام خيزران (وروي) انها كانت من أهل بيت مارية القبطية وقيل اسمها ريحانة وتكنى ام الحسن والظاهر انها سميت بجميع تلك الاسماء كما هي العادة في الجواري (وكنيته) ابو جعفر الثاني لأن جده محمد الباقر يكنى ايضا بابي جعفر الاول (لقبه) الجواد والتقي والمنتجب والمرتضى والقانع وغيرها وأشهر ألقابه الجواد (نقش خاتمه) نعم القادر الله (شاعره) حماد (بوابه) عمرو بن الفرات وقيل عثمان بن سعيد السمان (له) من الاولاد اربعة علي الهادي وموسى وفاطمة وامامة .
خير الرجال رجالهم ونساؤهم ان عد أهل الخير خير نسـاء


(1) وقيل في ملك الواثق والظاهر انه اشتباه نشأ من صلاة الواثق عليه
(2) وفي بعض الكتب سكينة والظاهر انه تصحيف سبيكة .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 618

المجلس الثاني

(اما صفته في خلقه وحليته) ففي الفصول المهمة صفته ابيض معتدل ويدل قول ابن ابي دؤاد الآتي في المجلس السابع هذا الاسود على انه كان أسمر شديد السمرة وفي المناقب كان شديد الادمة .
(وأما صفته في اخلاقه واطواره) ففي اعلام الورى للطبرسي كان عليه السلام قد بلغ في وقته من الفضل والعلم والحكم والآداب مع صغر سنه منزلة لم يساوه فيها احد من ذوي الاسنان من السادة وغيرهم ولذلك كان المأمون مشغوفا به لما رأى من علو رتبته وعظيم منزلته في جميع الفضائل فزوجه ابنته وكان متوفراً على اعظامه وتوقيره وتبجيله .
(وأما صفته في لباسه) ففي الكافي بسنده عن ابي جعفر (والظاهر انه الجواد) انا معشر آل محمد نلبس الخز واليمنة . وروى الصدوق عن علي بن مهزيار رأيت ابا جعفر الثاني (الجواد) يصلي في جبة خز وكساني جبة خز وذكر انه لبسها على بدنه وصلى فيها .
مطـهـرون نقـيات ثيـابـهم تجري الصلاة عليهم اينما ذكروا


المجالس السنية ـ الجزء الخامس 619

المجلس الثالث

قال المفيد عليه الرحمة كان الامام بعد الرضا علي بن موسى ابنه محمد بن علي المرتضى بالنص عليه والاشارة من ابيه اليه وتكامل الفضل فيه (فمن) روى النص عن ابي الحسن الرضا على ابنه ابي جعفر عليه السلام بالامامة ، علي بن جعفر الصادق عليه السلام ، وصفوان بن يحيى ، ومعمر بن خلاد ، والحسين بن يسار ، وابن ابي نصر البزنطي ، وابن قياما الواسطي ، والحسن بن الجهم ، وابو يحيى الصنعاني ، والخيراني ، ويحيى بن حبيب الزيات ، في جماعة كثيرة يطول بذكره الكلام ثم ذكر المفيد رواية كل واحد من هؤلاء الثلاثة باسناده عن الكليني صاحب الكافي وقال صفوان بن يحيى قلت للرضا عليه السلام قد كنا نسألك قبل ان يهب الله لك ابا جعفر فكنت تقول يهب الله لي غلاما فقد وهب الله لك وأقر عيوننا به فلا أرانا الله يومك فان كان كون فالى من فاشار بيده الى ابي جعفر وهو قائم بين يديه (وقال معمر بن خلاد) سمعت الرضا عليه السلام وذكر شيئاً فقال ما حاجتكم الى ذلك هذا ابو جعفر قد اجلسته مجلسي وصيرته مكاني وقال انا اهل بيت يتوارث اصاغرنا عن اكابرنا القذة بالقذة (1) (وقال ابو يحيى الصنعاني)

(1) بضم القاف وفتح الذال المعجمة المشدة ريش السهم لأن

=

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 620

كنت عند أبي الحسن «ع» فجيء بابنه ابي جعفر وهو صغير فقال هذا المولود الذي لم يولد مولود اعظم على شيعتنا بركة منه (وروي الخيراني) عن ابيه قال كنت واقفا بين يدي ابي الحسن الرضا «ع» بخراسان فقال قائل يا سيدي ان كان كون فالى من قال الى ابي جعفر ابني فكأن القائل استصغر سن ابي جعفر فقال ابو الحسن «ع» ان الله سبحانه بعث عيسى بن مريم رسولا نبيا صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السن الذي فيه ابو جعفر (وقال يحيى ابن حبيب الزيات) اخبرني من كان عند ابي الحسن «ع» جالسا فلما نهض القوم قال لهم ابو الحسن الرضا «ع» القوا ابا جعفر فسلموا عليه واحدثوا به عهداً فلما نهض القوم التفت الي فقال يرحم الله المفضل انه كان ليقنع بدون هذا .
شرف تتابع كابراً عن كابر كالرمح انبوبـا على انبوب


المجلس الرابع

روي ان يحيى بن اكثم سأل ابا جعفر محمد بن علي الجواد

= السهم خشبة في رأسها حديدة فالحديد تسمى ريشا يقال حذو القذة بالقذة مثل يضرب لشيئين يتساويان ولا يتفاوتان اصلا وذلك انها تقدر كل واحدة من القذذ على قدر صاحبها وتقطع .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 621

(فقال) ما تقول يا ابن رسول الله في الخبر الذي روي ان جبرائيل نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال يا محمد ان الله يقرؤك السلام ويقول لك سل ابابكر هل هو راض عني فاني راض عنه (فقال ع) لست بمنكر فضل ابي بكر ولكن يجب على صاحب هذا الخبر ان يأخذ مثال الخبر الذي قاله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع قد كثرت علي الكذابة وستكثر فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار فاذا اتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله وسنتي فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوا به وما خالف كتاب الله وسنتي فلا تأخذوا به وليس يوافق هذا الخبر كتاب الله قال الله تعالى «ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب اليه من حبل الوريد» فالله عزوجل خفي عليه رضا أبي بكر من سخطه حتى سأل عن مكنون سره هذا مستحيل في العقول (ثم قال) يحيى بن أكثم وقد روي ان مثل أبي بكر وعمر في الأرض كمثل جبرئيل وميكائيل في السماء (فقال) وهذا أيضاً يجب ان ينظر فيه لأن جبرئيل وميكائيل ملكان لله مقربان لم يعصيا الله قط ولم يفارقا طاعته لحظة واحدة وهما قد أشركا بالله عزوجل وان أسلما بعد الشرك وكان أكثر أيامهما في الشرك بالله فمحال ان ان يشبههما بهما (وقال يحيى) وقد روي انهما سيدا كهول أهل الجنة (فقال ع) وهذا محال أيضاً لأن أهل الجنة كلهم يكونون شبابا ولا يكون فيهم كهل وهذا الخبر وضعه بنو امية لمضادة الخبر الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحسن والحسين بانهما سيدا شباب

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 622

أهل الجنة (وقال يحيى) وروي ان عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة (فقال ع) وهذا أيضاً محال لأن في الجنة ملائكة الله المقربين وآدم ومحمداً وجميع الأنبياء والمرسلين لا تضيء بأنواره حتى تضيء بنور عمر (قال يحيى) وروي ان السكينة تنطق على لسان عمر (فقال ع) لست بمنكر فضائل عمر لكن أبا بكر وانه أفضل من عمر قال على رأس المنبر ان لي شيطانا يعتريني فاذا ملت فسددوني (فقال يحيى) قد روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لو لم ابعث لبعث عمر (فقال ع) كتاب الله أصدق من هذا الحديث يقول الله في كتابه «واذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح» فقد أخذ الله ميثاق النبيين فكيف يمكن ان يستبدل ميثاقه وكان الأنبياء لم يشركوا طرفة عين فكيف يبعث بالنبوة من أشرك وكان أكثر أيامه مع الشرك بالله وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نبئت وآدم بين الروح والجسد (قال يحيى) وقد روي ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ما أحتبس الوحي عني قط الا ظننته قد نزل على آل الخطاب (فقال ع) وهذا محال أيضاً لأنه لا يجوز أن يشك النبي صلى الله عليه وآله وسلم في نبوته قال الله «تعالى الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس» فكيف يمكن ان تنتقل النبوة ممن اصطفاه الله الى من أشرك به (قال يحيى) روي ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لو نزل العذاب لما نجى منه الا عمر (فقال ع) وهذا محال أيضاً ان الله تعالى يقول «وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفروني» فاخبر سبحانه ان لا يعذب أحداً ما دام فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما داموا يستغفرون الله تعالى

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 623

(ومما جاء) في سعة علم الجواد عليه السلام ما رواه الكليني انه سأله قوم من أهل النواحي عن ثلاثين الف مسألة فأجاب عنها .
هم أبحـر العلم التي ما شانها كـدر ومجراها من الرحمن
فضل أقر به الحسود و سؤدد صدعت به آي مـن القرآن


المجلس الخامس

في بعض ما جاء عن أبي جعفر محمد بن علي الجواد عليه السلام من الموعظ والحكم والآداب (قال) رجل للجواد عليه السلام أوصني قال أو تقبل قال نعم قال توسد الصبر واعتنق الفقر وأرفض الشهوات وخالف الهوى واعلم انك لن تخلو من عين الله فانظر كيف تكون (وقال ع) المؤمن يحتاج الى ثلاث خصال توفيق من الله وواعظ من نفسه وقبول ممن ينصحه (وقال ع) كيف يضيع من الله كافله وكيف ينجو من الله طالبه ومن انقطع الى غير الله وكله الله اليه ومن عمل على غير علم أفسد أكثر مما يصلح (وقال ع) من أطاع هواه أعطى عدوه مناه . من هجر المداراة قارنه المكروه . من لم يعرف الموارد أعيته المصادر . من انقاد الى الطمأنينة قبل الخبرة فقد عرض نفسه للهلكة والعاقبة المتعبة (وقال ع) راكب الشهوات لا تستقال له عثرة . اتئد تصب أو تكد . اياك ومصاحبة الشرير

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 624

فانه كالسيف المسلول يحسن منظره ويقبح أثره . كفى بالمرء خيانة ان يكون أميناً للخونة . عز المؤمن غناه عن الناس (وقال ع) قد عاداك من ستر عنك الرشد اتباعاً لما تهواه (وقال ع) التحفظ على قدر الخوف . نعمة لا تشكر كسيئة لا تغفر .
فاض الكمال عليهم من جدهم وسنا الكواكب من سناء ذكاء
هم أبحر العلم التي قذفت لنا جوداً بـكل يتيمة عصـماء


المجلس السادس

كان المأمون حينما زوج الرضا «ع» ابنته ام حبيبة سمى للجواد عليه السلام ابنته ام الفضل وكان الجواد عليه السلام عند وفاة ابيه الرضا عليه السلام بالمدينة لأنه لم يحضر مع ابيه الى خراسان حينما استدعاه المأمون (وقال) المسعودي في اثبات الوصية لما توفي الرضا عليه السلام وجه المأمون الى ولده الجواد فحمله الى بغداد وانزله بالقرب من داره واجمع على ان يزوجه ابنته ام الفضل «وقال» سبط بن الجوزي في تذكرة الخواص انه لما توفي الرضا عليه السلام قدم ابنه محمد الجواد على المأمون فاكرمه واعطاه ما كان يعطي اباه (قال) واختلفوا هل زوجه ابنته ام الفضل قبل وفاة ابيه او بعد وفاته (قال المفيد) كان المأمون قد شغف بأبي جعفر عليه السلام لما رأى من فضله مع صغر سنه وبلوغه في العلم والحكمة والادب وكمال العقل ما لم

السابق السابق الفهرس التالي التالي