المجالس السنية ـ الجزء الخامس 515

ما كفاها قتل الوصـي و شـبليـ ـه و ابنائهـم امـامـا امـامـا
و التعدي على المـيامين حـتـى لم تغادر مـن تابعـيهم هـمامـا
و رمت جـعـفرا رزايـا ارتـنا بأبيـه تلـك الرزايـا الجسـامـا
بابـي مـن بنـي النبـي امـاما جـرعته بنو الطليـق الحـمامـا
بـابـي مـن اقـامـه الله للعلـ ـم وللحلم غـاربـا وسـنـامـا
بابي من بكى علـيه المـعـادي والمـوالـي لـه بـكاء الايـامى
بابـي مـن اقام حيـا ومـيتـا عمـد الديـن والـهدى فاستقـاما
بابي من عليـه جبـريل حزنـا فـي السـماوات مأتما قـد اقامـا
يا حمى الديـن ان فـقدك اورى فـي حشى الديـن جذوة وضراما
و من المؤمنـين اسـهر طـرفا ومن الكاشـحيـن طـرفا انـاما
كنت للدين مـظـهـرا و منارا ولاهلـيـه جـنـة و عصـامـا
كان بـيت الـهدى بهديك معمو را وقـد سامه الضـلال انـهداما
لامقـام لاهـل يـثـرب فيـها يـوم ابـكيـت يثربـا والمقـاما
ايها البدء والـختـام لـهذا الـ ـكون طبتـم بدايـة و خـتامـا
ان تساموا ضـيما فعما قليـل يدرك الثـأر ثـائـر لـن يضاما
ملك تخـضع الـملـوك لديـه و اليه يلقـي الزمـان الـزمامـا
علـم الهـدى بـه الله يـمحـو كـل غـي ويـمحـق الاثـامـا
وبه الله يمـلا الارض عــدلا وبه يكشـف الكـروب العـظاما
محييا دين جـده مـحكما بالـ بيض والسمـر شـرعه احكـاما
حي مولى جبريل جهـرا ينادي في السماوات باسـمه اعـظامـا
بـك يـا كافـي المهمات لذنـا فرقا فكفـنا الطـغاة الـطغامـا


المجالس السنية ـ الجزء الخامس 516

نشتكيهم اليك في كل يوم فالى م نشكو اليك الى م

* * *

وقال المؤلف عفا الله عن جرائمه

تبـكي العيـون بدمـعها المتورد حزنـا لـثاو فـي بقيع الغرقـد
تبـكي العيـون دمـا لفقد مـبرز من ال احـمد مــثله لـم يفقـد
اي النواظر لا تـفيض دموعـها حزنا لـمأتـم جعـفر بـن محمد
للصادق الصديق بحر العلم مصـ ـباح الهـدى و العـابد المتـهجد
رزء لـه اركـان ديـن محمـد هدت و نـاب الحـزن قلب محمد
رزء اصـاب الـمسلمين بـذلة و هـوى لـه بيت العلى و السؤدد
رزء له تبـكي شـريعة احـمد وتنـوح مـعـولة بـقلب مـكمد
عم الـضلال لفقد هـاديها و قد فقـد الـرشاد بـها لفـقد المرشد
رزء تهـون له الـمصائب كلها رزء له غاض الندى وخـلا الندي
رزء بقـلب الـدين اثبت سهمه و رمى حشاشة قلب كـل مـوحد
ثلم الهـدى و الديـن مـنه ثلمة حتى الـقيامة ثـلمها لـم يـسدد
ماذا جنت ال الطليق و مـا الذي جرت على الاسلام من صنع ردي
كم انـزلت مـر البلاء بـجعفر نجم الهدى مأمون شـرعة احـمد
كم شـردته عـن مـدينة جـده ظلما تـجشمه السـرى فـي فدفد
كم قد رأى المنصور منه عجائبا ورأى الـهدى لـكنـه لـم يـهتد
هيهات ما المنصور منصور بما يأتـي و لا هـو للـهدى بمسـدد
لم يـحفظوا المـختار في اولاده وسـواهم مـن احـمد لـم يـولد


المجالس السنية ـ الجزء الخامس 517

لم يكف ما صنعت بهم اعداؤهم زمن الحياة وما اعتداه المعتدي
حتى غدت بعد الممات خوارج في الظلم بالماضين منهم تقتدي
هدمت ضرائح فوقهم قد شيدت معقودة من فوق اشـرف مرقد

ابو الحسن موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام

المجلس الاول

الامام بعد جعفر الصادق وسابع ائمة المسلين وخلفاء الله في العالمين ولده موسى الكاظم بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام .
(ولد) الامام موسى بن جعفر بالابواء (1) موضع بين مكة والمدينة يوم الاحد سابع صفر سنة ثمان وعشرين وقيل تسع وعشرين ومائة (واولم) الصادق «ع» بعد ولادته فاطعم الناس ثلاثا .
( وقبض ) ببغداد شهيدا بالسم في حبس السندي بن شاهك يوم

(1) بفتح الهمزة وسكون الباء الموحدة .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 518

الجمعة لست او لخمس بقين من رجب (وقيل) لست او لخمس خلون منه سنة ثلاث وثمانين ومائة على المشهور (وقيل) سنة احدى وثمانين وقيل سنة ست وثمانين وقيل سنة ثمان وثمانين وهو ابن خمس وخمسين سنة او اربع وخمسين سنة على المشهور (وقيل) سبع وخمسين وقيل ثمان وخمسين وقيل ستين ودفن ببغداد في الجانب الغربي في المقبرة المعروفة بمقابر قريش بباب التين فصار يعرف بعد دفنه بباب الحوائج (قال المفيد) وكانت هذه المقبرة لبني هاشم والاشراف من الناس قديما (وكان مقامه مع ابيه عشرين سنة او تسع عشرة سنة وبعد ابيه خمسا وثلاثين سنة وهي مدة امامته (وكانت) مدة امامته بقية ملك المنصور وملك ابنه محمد المهدي وملك موسى الهادي بن محمد المهدي (وتوفي) بعد مضي خمس عشرة سنة من ملك هارون الرشيد بن المهدي (وامه) ام ولد يقال لها حميدة البربرية ابنة صاعد ويقال انها اندلسية وتلقب بالمصفاة (وفي رواية) ان الصادق عليه السلام لقبها بذلك فقال حميدة مصفاة من الادناس كسبيكة الذهب ما زالت الاملاك تحرسها حتى اديت الي كرامة من الله لي وللحجة من بعدي (واشهر) كناه ابو ابراهيم وابو الحسن ويقال له ابو الحسن الماضي وابو الحسن الاول (ويعرف) بالعبد الصالح (وينعت) ايضاً بالكاظم وهما اشهر القابه (ولقب) بالكاظم لما كظمه من الغيظ وصبر على ما فعله الظالمون به حتى مضى قتيلا في حبسهم ومعنى الكاظم الممتلئ خوفا وحزنا (وفي الفصول المهمة) هو المعروف عند اهل العراق بباب الحوائج لنجح قضاء

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 519

حوائج المتوسلين به (وفي تذكرة الخواص) سمي الكاظم لانه كان اذا بلغه عن احد شيء بعث اليه بمال (ونقش خاتمه) حسبي الله (وقيل) الملك لله وحده (وفي رواية) انه كان فيه وردة وهلال في اعلاه (شاعره) السيد الحميري (بوابه) محمد بن الفضل وكان له من الاولاد عشورن ذكرا وعشرون انثى كما في تذكرة الخواص (وفي الارشاد) سبعة وثلاثون ما بين ذكر وانثى (وقيل) ثمانية وثلاثون (1) وهم 1 ـ علي الرضا 2ـ ابراهيم 3ـ العباس 4ـ القاسم لامهات اولاد 5ـ اسماعيل 6ـ جعفر 7ـ هارون 8ـ الحسن لام ولد 9ـ احمد 10ـ محمد مختلف فيه 11ـ حمزة لام ولد 12ـ عبد الله 13ـ اسحاق 14ـ عبد الله 15ـ زيد 16 الحسن 17ـ الفضل 18ـ الحسين 19ـ سليمان لامهات اولاد 20 ـ فاطمة الكبرى 21ـ فاطمة الصغرى 22ـ رقية 23ـ حكيمة 24ـ ام ابيها 25ـ رقية الصغرى 26ـ كلثوم او كلثم او ام كلثوم 27ـ ام جعفر 28ـ لبابة 29ـ زينب 30ـ خديجة 31ـ علية 32ـ آمنة 33ـ حسنة 34 ـ بريهة 35ـ عائشة 36 ـ ام سلمة 37ـ ميمونة 38ـ ام كلثوم لامهات اولاد

(1) فذكروا معهم محمد الذي ذكرنا في المتن انه مختلف فيه ويوجد تفاوت كثير في اسمائهم بين ما في تذكرة الخواص والارشاد وما ذكرناه مطابق لما في الارشاد
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 520

خير الفـروع فروعهم واصولهم خير الاصول

امثل هذا الامام العظيم امام اهل البيت في عصره ووارث علوم آبائه وجده ينقل من حبس الى حبس تارة في حبس عيسى ابن جعفر وتارة في حبس الفضل بن الربيع وتارة في حبس الفضل ابن يحيى وتارة في حبس السندي بن شاهك حتى مضت عليه اربع سنوات او سبع سنوات وهو محبوس ثم مات في حبس السندي بن شاهك مسموما غريبا مظلوما صابرا محتسبا .
لهفي لموسى بهم طالت بليته وقد اقام بهم خمسا وخمسينـا


المجلس الثاني

(اما صفته في خلقه وحليته) فكان اسمر شديد السمرة كث اللحية اي كثير شعرها وفي مناقب ابن شهر اشوب ازهر الا في القيظ لحرارة مزاجه والمراد بالازهر المتلالئ لا الابيض لانه كان اسمر كما سمعت .
(واما صفته في اخلاقه واطواره) ففي عمدة الطالب كان عظيم الفضل رابط الجاش واسع العطاء وفي ارشاد المفيد : كان اعبد اهل زمانه وازهدهم وافقههم واسخاهم كفا واكرمهم

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 521

نفسا . وفي مناقب ابن شهر اشوب كان افقه اهل زمانه واحفظهم لكتاب الله وكان اجل الناس شأنا واعلاهم في الدين مكانا واسخاهم بنانا وافصحهم لسانا واشجعهم جنانا قد خصه الله لشرف الولاية وحاز ارث النبوة وبوء محل الخلافة سليل النبوة وعقيد الخلافة .
(واما صفته في لباسه) فروى الحميري في قرب الاسناد انه قال لولده الرضا عليهما السلام البس وتجمل فان علي بن الحسين كان يلبس الجبة الخز بخمسمائة درهم والمطرف الخز بخمسين دينارا وتلا «قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق» .
قوم كأولهم في الفضل آخرهم والفضل ان يتساوى البدء والعقب


المجلس الثالث

مما جاء في دلائل امامة الكاظم عليه السلام ما ذكره المفيد عليه الرحمة قال كان موسى بن جعفر عليهما السلام اجل ولد ابي عبد الله عليه السلام قدرا واعظمهم محلا وابعدهم في الناس صيتا ولم ير في زمانه اسخى منه ولا اكرم نفسا وعشرة وكان اعبد اهل زمانه واورعهم واجلهم وافقههم واسخاهم كفا واكرمهم نفسا واجتمع

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 522

جمهور شيعة ابيه على القول بامامته والتعظيم لحقه والتسليم لامره ورووا عن ابيه نصا عليه بالامامة واشارة اليه بالخلافة واخذوا معالم دينهم ورووا عنه من الايات ما يقطع بها على حجته وصواب القول بامامته .
قال فممن روى صحيح النص بالامامة من ابي عبد الله على ابنه ابي الحسن موسى عليهما السلام من شيوخ اصحاب ابي عبد الله عليه السلام وخاصته وبطانته وثقاته الفقهاء الصالحين رحمة الله عليهم . المفضل بن عمر الجعفي . ومعاذ بن كثير . وعبد الرحمن ابن الحجاج . والفيض بن المختار . ومنصور بن حازم . ويعقوب السراج وسليمان بن خالد . وصفوان الجمال وغيرهم ممن يطول الكلام بذكرهم وقد روى ذلك من اخوته اسحاق وعلي ابنا جعفر وكانا من الفضل والورع على ما لا يختلف فيه اثنان (ثم) ذكر المفيد رواية كل واحد من هؤلاء باسانيدها ونحن ننقلها بحذف الاسناد .
(قال الفضل بن عمر) كنت عند ابي عبد الله فدخل ابو ابراهيم موسى عليهما السلام وهو غلام فقال لي استوص به وضع امره عند من تثق به من اصحابك (وقال معاذ بن كثير) للصادق «ع» اسال الله الذي رزق اباك منك هذه المنزلة ان يرزقك من عقبك قبل الممات مثلها فقال قد فعل الله ذلك قال من هو جعلت فداك فاشار الى العبد الصالح وهو راقد فقال هذا الراقد وهو يومئذ غلام

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 523

(وقال عبد الرحمن بن الحجاج) دخلت على جعفر بن محمد عليهما السلام وهو يدعو وعلى يمينه موسى بن جعفر «ع» يؤمن على دعائه فقلت له جعلني الله فداك من ولي الامر بعدك قال ان موسى قد لبس الدرع واستوت عليه فقلت له لا احتاج بعد هذا الى شيء (وكانت) هذه درع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من لبسها واستوت عليه من اولاد الائمة عليهم السلام فهو الامام (وقال الفيض بن المختار) لابي عبد الله «ع» خذ بيدي من النار من لنا بعدك فدخل ابو ابراهيم وهو يومئذ غلام فقال هذا صاحبكم فتمسك به (وقال منصور بن حازم) قلت لابي عبد الله «ع» بابي انت وامي ان الانفس يغدى عليها ويراح فاذا كان ذلك فمن ؟ فقال اذا كان ذلك فهذا صاحبكم وضرب على منكب ابي الحسن الايمن وهو يومئذ خماسي وعبد الله بن جعفر جالس معنا (وقال سليمان بن خالد) دعا ابو عبد الله ابا الحسن عليهما السلام يوما ونحن عنده فقال لنا عليكم بهذا بعدي فهو والله صاحبكم بعدي (وقال صفوان الجمال) سألت ابا عبد الله «ع» عن صاحب هذا الامر فقال ان صاحب هذا الامر لا يلهو ولا يلعب قاقبل ابو الحسن «ع» وهو صغير ومعه بهمة (1) مكية وهو يقول لها اسجدي لربك فاخذه ابو عبد الله عليه السلام وضمه اليه وقال بابي وامي من لا يلهو

(1) البهمة اولاد الضأن والمعز والبقر وفي نسخة عناق مكية والعناق كسحاب الانثى من اولاد المعز .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 524

ولا يلعب (وقال اسحاق بن جعفر الصادق ع) كنت عند ابي فساله علي بن عمر بن علي قال جعلت فداك الى من تفزع ويفزع الناس بعدك فقال الى صاحب هذين الثوبين الاصفرين والغديرتين وهو الطالع عليكم من الباب فما لبثنا ان طلع علينا ابو ابراهيم موسى وهو صبي وعليه ثوبان اصفران (وقال علي بن جعفر الصادق ع) سمعت ابي يقول لجماعة من خاصته واصحابه استوصوا بابني موسى خيرا فانه افضل ولدي ومن اخلف من بعدي وهو القائم مقامي والحجة لله تعالى على كافة خلقه من بعدي (قال المفيد) وكان علي بن جعفر شديد التمسك باخيه موسى والانقطاع اليه والتوفر على اخذ معالم الدين منه وله مسائل مشهورة عنه وجوابات رواها سماعا منه .
ومما جاء في فضائل الامام موسى بن جعفر عليهما السلام ومعجزاته ودلائل امامته ما وراه الكليني بسنده عن هشام بن سالم قال كنا بالمدينة بعد وفات الصادق «ع» انا ومحمد بن النعمان صاحب الطاق والناس مجتمعون على عبد الله بن جعفر انه صاحب الامر بعد ابيه فدخلنا عليه والناس عنده فسألناه عن الزكاة في كم تجب فقال في مئتي درهم خمسة دراهم فقلنا له ففي مائة قال درهمان ونصف قلنا والله ما تقول المرجئة هذا (1) فقال والله ما

(1) المرجئة من الارجاء وهو التاخير (وقيل) هم القائلون لايضر مع الايمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة لانهم اعتقدوا =
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 525

ادري ما تقول المرجئة فخرجنا ضلالا لا ندري اين نتوجه انا وابو جعفر الاحول (1) فقعدنا في بعض ازقة المدينة باكين نقول الى المرجئة الى القدرية (2) الى المعتزلة الى الزيدية الى الخوارج فبينما نحن كذلك اذ رايت شيخا يومي بيده فخفت ان يكون عينا للمنصور لانه كان له بالمدينة جواسيس على من يجتمع بعد جعفر اليه الناس فيؤخذ وتضرب عنقه فقلت للاحول تنح فتنحى وتبعته لاني ظننت اني لا اقدر على التخلص منه حتى ورد على

= ان الله ارجأ تعذيبهم (وقيل) هم الذين لا يقطعون على اهل الكبائر بشيء من عفو او عقوبة بل برجئون ذلك الى يوم القيامة (وقيل) هم الجبرية الذين يقولون ان العبد لا فعل له لانهم يؤخرون امر الله (وانما) قال هشام ذلك واستجهل عبد الله بن جعفر لان نصاب الفضة مائتا درهم ولا يجب في الاقل منها شيء .
(1) هو محمد بن النعمان صاحب الطاق الذي ذكر اولا كان صيرفيا بطاق المحامل بالكوفة وهو الذي يسميه العامة شيطان الطاق واصحابنا مؤمن الطاق .
(2) القدرية المنسوبون الى القدر وقد اختلف في المراد منهم فالاشاعرة يقولون هم المعتزلة لاسنادهم الافعال الى قدرتهم وعليه فالنسبة الى القدرة مع ان الظاهر انها الى القدر وقيل هم المجبرة الذين يثبتون كل الامر بقدر الله تعالى وينسبون القبائح اليه سبحانه ذكره المطرزي في المغرب في مادة جهم وهو الاقرب .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 526

باب ابي الحسن موسى عليه السلام ثم خلاني ومضى فاذا خادم بالباب فقال ادخل رحمك الله فدخلت فقال لي ابو الحسن عليه السلام : لا الى المرجئة ولا الى القدرية ولا الى المعتزلة ولا الى الزيدية قلت جعلت فداك مضى ابوك قال نعم قلت مضى موتا قال نعم قلت فمن لنا بعده قال ان شاء الله ان يهديك هداك قلت جعلت فداك ان عبد الله اخاك يزعم انه الامام بعد ابيه فقال عبد الله يريد ان لا يعبد الله قلت فمن لنا بعده فاجابني كالاول قلت افانت هو قال لا اقول ذلك فقلت في نفسي لم اصب طريق المسألة فقلت عليك امام قال لا فدخلني شيء لا يعلمه الا الله اعظاما له وهيبة ثم قلت جعلت فداك اسألك كما اسأل اباك قال سل ولا تذع فان اذعت فهو الذبح فسألته فاذا هو بحر لا ينزف قلت جعلت فداك شيعة ابيك ضلال فالق اليهم هذا الامر وادعهم اليك فقد اخذت علي الكتمان قال من انست منه رشدا فالق اليه وخذ عليه الكتمان فان اذاع فهو الذبح واشار بيده الى حلقة ، فخرجت من عنده ولقيت ابا جعفر الاحول فقال لي ما وراءك قلت الهدى وحدثته بالقصة ثم لقينا زرارة وابا بصير فدخلا عليه وسالاه وقطعا عليه ثم لقينا الناس افواجا فكل من دخل اليه قطع عليه الا طائفة عمار الساباطي وبقي عبد الله لا يدخل عليه من الناس الا القليل .
ولم يزل عليه السلام على هذا الحال حتى حمله الرشيد مقيدا من مدينة جده رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الى العراق فحبسه في البصرة ثم في

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 527

بغداد حتى مضت عليه اربع سنوات او سبع سنوات وهو محبوس ثم دس اليه الرشيد السم فمات منه وهو في حبس السندي بن شاهك غريبا مسموما شهيدا مظلوما صابرا محتسبا .
راموا البراءة عند الناس من دمه والله يشهد مـا كانوا بريئينـا


المجلس الرابع

مما جاء في عبادة الكاظم عليه السلام وشدة خوفه من الله تعالى ما ذكره المفيد في الارشاد (قال) كان ابو الحسن موسى عليه السلام اعبد اهل زمانه (روي) انه كان يصلي نوافل الليل ويصلها بصلاة الصبح ثم يعقب حتى تطلع الشمس ويخر لله ساجدا فلا يرفع راسه من السجود حتى يقرب زوال الشمس (وكان) يدعو كثيرا فيقول : اللهم اني اسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب ويكرر ذلك (وكان) من دعائه : عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك (وكان) يبكي من خشية الله حتى تخضل لحيته بالدموع (وكان) احسن الناس صوتا بالقرآن وكان اذا قرأه يحزن ويبكي ويبكي السامعون لتلاوته وكان الناس بالمدينة يسمونه زين المجتهدين
ومما جاء في سخاء الكاظم عليه السلام وبره ما ذكره المفيد ايضا قال كان ابو الحسن موسى عليه السلام اوصل الناس لاهله ورحمه وكان

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 528

يتفقد فقراء المدينة في الليل فيحمل اليهم الزنبيل فيه العيـن (1) والـورق (2) والادقـة (3) والتمور فيوصل اليهم ذلك ولا يعلمون من اي جهة هو (وجاء) محمد بن عبد الله البكري الى المدينة يطلب بها دينا فاعياه فاتى الى ابي الحسن موسى عليه السلام فخرج اليه ومعه غلام فاطعمه وسأله عن حاجته فاخبره فقال للغلام اذهب واعطاه صرة فيها ثلثمائة دينار (وروى) ابو الفرج الاصبهاني في مقاتل الطالبيين بسنده انه كان موسى بن جعفر «ع» اذا بلغه عن الرجل ما يكره بعث اليه بصرة دنانير وكانت صراره ما بين الثلثمائة الى مئتي دينار فكانت صرار موسى مثلا . وعن عمدة الطالب كان اهله يقولون عجبا لمن جائته صرة موسى فشكا القلة .
ومما جاء في حلم الكاظم «ع» وسخائه وكرم اخلاقه ان رجلا من ولد عمر بن الخطاب كان بالمدينة يؤذي ابا الحسن موسى «ع» ويسبه اذا رآه ويشتم عليا «ع» فقال له بعض مواليه دعنا نقتل هذا الفاجر فقال لا ثم ركب حتى اتاه في مزرعة له ودخل مزرعته بحماره فصاح لا تدس زرعنا فلم يصغ اليه واقبل حتى نزل عنده وباسطه وضاحكه وقال له كم غرمت في زرعك هذا فقال مائة دينار قال وكم ترجو ان تصيب قال لست اعلم الغيب قال انما قلت لك كم ترجو قال ارجو ان يجيء منه مائتا دينار

(1) الذهب .
(2) الفضة .
(3) جمع دقيق .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 529

فاخرج ابو الحسن «ع» صرة فيها ثلثمائة دينار وقال هذا زرعك على حاله والله يرزقك فيه ما ترجو فقام العمري فقبل راسه وساله الصفح عن فارطه فتبسم اليه ابو الحسن «ع» وانصرف ثم راح الى المسجد فوجد العمري جالسا فلما رآه العمري قال الله اعلم حيث يجعل رسالته فقيل له قد كنت تقول غير هذا فقال قد سمعتم ما قلت الان وجعل يدعو لابي الحسن فقال ابو الحسن للذين سألوه في قتل العمري ايما كان خيرا ما اردتم او ما اردت .
ومما جاء في علم الكاظم «ع» ما ذكره المفيد قال كان ابو الحسن موسى «ع» افقه اهل زمانه واحفظهم لكتاب الله (وسأل) محمد بن الحسن الشيباني ابا الحسن موسى «ع» بمحضر من الرشيد وهم بمكة فقال له ايجوز للمحرم ان يظلل على محمله فقال له موسى «ع» لا يجوز له ذلك مع الاختيار فقال محمد بن الحسن افيجوز ان يمشي تحت الظلال مختارا فقال له نعم فتضاحك محمد بن الحسن من ذلك فقال له ابو الحسن موسى «ع» افتعجب من سنة النبي صلى الله عليه واله وسلم وتستهزئ بها ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كشف الظلال في احرامه ومشى تحت الظلال وهو محرم وان احكام الله يا محمد لا تقاس فمن قاس بعضها على بعض فقد ضل سواء السبيل فسكت محمد بن الحسن لا يرجع جوابا (قال المفيد) وقد روى الناس عن ابي الحسن موسى فاكثورا (وعن) احمد بن حنبل انه لما روى عنه قال حدثني

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 530

موسى بن جعفر قال حدثني ابي جعفر بن محمد وهكذا الى النبي صلى الله عليه واله وسلم ثم قال احمد وهذا اسناد لو قرئ على المجنون افاق .
(ومما جاء) في جوامع مناقب الكاظم «ع» ما رواه المفيد في الارشاد انه لما خرج الرشيد الى الحج وقرب من المدينة استقبله الوجوه من اهلها يقدمهم موسى بن جعفر «ع» على بغلة فقال له الربيع ما هذه الدابة التي تلقيت عليها امير المؤمنين وانت ان طلبت عليها لم تدرك وان طلبت عليها لم تفت فقال انها تطأطأت عن خيلاء الخيل وارتفعت عن ذلة العير وخير الامور اوساطها (ولما) دخل هارون المدينة توجه لزيارة النبي صلى الله عليه واله وسلم ومعه الناس فتقدم الى قبر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقال السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا ابن عم مفتخرا بذلك على غيره فتقدم ابو الحسن موسى «ع» فقال السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا ابه فتغير وجه الرشيد وتبين الغيظ فيه (وساله) الرشيد فقال لم زعمتم انكم اقرب الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم منا فقال يا امير المؤمنين لو ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انشر فخطب اليك كريمته هل كنت تجبه فقال سبحان الله وكنت افتخر بذلك على العرب والعجم فقال لكنه لا يخطب الي ولا ازوجه انه ولدنا ولم يلدكم (وسأله) الرشيد لم قلتم انا ذرية رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وجوزتم ان ينسبوكم اليه فيقولوا يا بني رسول الله وانتم بنو علي وانما ينسب الرجل الى ابيه دون جده (فقال) اعوذ بالله من الشيطان الرجيم «ومن ذريته داود

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 531

وسليمان وايوب وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى والياس» وليس لعيسى اب وانما الحق بذرية الأنبياء من قبل امه وكذلك الحقا بذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم من امنا فاطمة عليها السلام وأزيدك ياأمير المؤمنين قال الله تعالى «فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم» ولم يدع صلى الله عليه وآله وسلم عند مباهلة النصارى غيرعلي وفاطمة والحسن والحسين وهما الأبناء ( وهارون ) الرشيد مع ماعاينه من معجزات مولانا الكاظم عليه السلام وعرفه من فضائله حمله الحسد وخبث الذات على ان قبض عليه في مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو قائم يصلي عند قبر جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقطع عليه صلاته وحمله مقيداً الى البصرة فحبسه سنة عند عيسى بن جعفر ثم نقله الى بغداد فحبسه تارة عند الفضل بن الربيع وأخرى عند الفضل بن يحيى ثم نقله الى حبس السندي بن شاهك فضيق عليه السندي حتى مضت عليه أربع سنوات أو سبع سنوات وهو محبوس وهو حجة الله على خلقه وخليفة جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أمته ثم دس اليه الرشيد السم فقضى شهيدا مسموما غريبا مظلوما في حبس السندي .
كم جرعتك بنو العباس من غصص تذيـب أحشـاءنا ذكـرا وتشجينـا
قـاسيت مالـم يقاس الأنبيـاء وقد لاقيـت أضعاف ماكـانوا يلاقـونا

* * *


المجالس السنية ـ الجزء الخامس 532

المجلس الخامس

روى السيد ابن طاوس في كتاب مهج الدعوات بسنده أنه لما قتل الحسين بن علي بن الحسين بن الحسن بن علي بن أبي طالب صاحب فخ (1) وتفرق الناس عنه حمل رأسه والأسرى من أصحابه الى موسى بن المهدي فلما بصر بهم قال متمثلا :
بني عمنا لا تذكروا الشعـر بعدما دفنتـم بصحـراء الغميـم القوافيـا
فلسنـا كمـن كنتم تصيبـون نيله فنقبـل ضيمـا أو نحكـم قاضيـا
ولكن حكم السيـف فينـا مسلـط فنرضى اذا ما أصبح السيف راضيا
وقد ساءني ماجرت الحـرب بيننا بنـي عمنا لـو كـان أمرا مدانيـا
فان قلتم انـا ظلمنـا فلـم نكـن ظلمنـا و لكنـا أسـأنـا التقاضيـا

ثم أمر برجل من الأسرى فوبخه ثم قتله ثم صنع مثل ذلك بجماعة من ولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه

(1) موضع قرب مكة كانت فيه الوقعة بين الحسين المذكور وجيوش بني العباس وقتل فيه الحسين وصار يعرف بالحسين صاحب فخ .

ـ المؤلف ـ

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 533

وجعل ينال من الطالبيين الى ان ذكر موسى بن جعفر صلوات الله عليه فنال منه وقال والله ماخرج حسين الاعن أمره ولا اتبع الامحبته لأنه صاحب الوصية في أهل هذا البيت قتلني الله ان ابقيت عليه فقال له أبو يوسف يعقوب بن ابراهيم القاضي وكان جريئا عليه يا أمير المؤمنين أقول أم أسكت فقال قتلني الله ان عفوت عن موسى بن جعفر ولولا ماسمعت من المهدي فيما أخبر به المنصور بما كان به جعفر من الفضل المبرز عن أهله في دينه وعلمه وفضله وما بلغني عن السفاح فيه من تقريظه وتفضيله لنبشت قبره وأحرقته بالنار احراقاً فقال أبو يوسف نساؤه طوالق وعتق جميع مايملك من الرقيق وتصدق بجميع مايملك من المال وحبس دوابه وعليه المشي الى بيت الله الحرام ان كان مذهب موسى بن جعفر الخروج . لا يذهب اليه ولا مذهب أحد من ولده ول اينبغي ان يكون هذا منهم ثم ذكر الزيدية فقال وما كان بقي من الزيدية الا هذه العصابة الذين كانوا قد خرجوا مع حسين وقد ظفر أمير المؤمنين بهم ولم يزل يرفق به حتى سكن غضبه ( وكتب ) علي بن يقطين الى ابي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام بصورة الأمر فورد الكتاب فلما أصبح حضر أهل بيته وشيعته فاطلعهم أبو الحسن « ع » على ما ورد عليه من الخبر وقال لهم ماتشيرون في هذا فقالوا نشير عليك أصلحك الله وعلينا معك ان تباعد شخصك عن هذا الجبار وتغيب شخصك دونه فأنه لايؤمن شره وعاديته وغشمه لاسيما وقد توعدك وايانا معك فتبسم موسى « ع » ثم تمثل

السابق السابق الفهرس التالي التالي