(اما) صفته في جسمه ولباسه ففي الفصول المهمة : كان اسمر قصير دقيقا (وروى) ابن سعد في الطبقات الكبير انه كان يخضب بالسواد . وفي رواية بالحناء والكتم . والصبغ بالحناء والكتم يكون اسود فلا منافاة وانه كان له جمة الى المنكب مفروقة وانه كان له كساء خز اصفر وانه رؤي عليه كساء خز
وجبة خز . والخز من افخر اللباس في ذلك العصر . وانه كان يشتري كساء الخز بخمسين دينارا فيشتو فيه ثم يبيعه ويتصدق بثمنه (وفي رواية) (كان يقول اني لاستحي من ربي ان اكل ثمن ثوب عبدت الله فيه) ويصيف في ثوبين من ثياب مصر اشمونيين بدينار (وفي رواية) يلبس في الصيف ثوبين بخمسمائة درهم ويلبس ما بين ذا وذا من اللبوس ويقول من حرم زينة الله التي اخرج لعباده وانه كان يلبس في الشتاء الجبة الخز بخمسمائة درهم والمطرف الخز بخمسين دينارا ويتلو قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق . وكان يلبس قلنسوة بيضاء لاطئة ويعتم بعمامة بيضاء ويرخي عمامته خلف ظهره شبرا او فويقه . واما صفته في اخلاقه واطواره فالمستفاد من عدة روايات انه كان افضل اهل زمانه واعلمهم وافقههم واورعهم واعبدهم واكرمهم واحلمهم واصبرهم وافصحهم واحسنهم اخلاقا واكثرهم صدقة وارأفهم بالفقراء وانصحهم للمسلمين وكان معظما مهيبا عند القريب والبعيد والولي والعدو .وكان يشبه جده امير المؤمنين عليهما السلام في فقهه وعبادته عبد الله حتى اصفر لونه من السهر ورمصت عيناه من البكاء ودبرت جبهته وانخرم انفه من السجود وورمت ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة وكان يحسن الى من يسيء اليه وكان يقول لمن يشتمه ان كنت صادقا فاسال الله ان يغفر لي وان كنت كاذبا فاسال الله ان يغفر لك .
ولما طرد اهل المدينة بني امية في وقعة الحرة اراد مروان بن الحكم ان يستودع اهله فلم يقبل احد ان يكونوا عنده الا علي ابن الحسين فوضعهم مع عياله واحسن اليهم مع عداوة مروان المعروفة له ولجميع بني هاشم وعال في وقعة الحرة اربعمائة إمرأة من بني عبد مناف الى ان تفرق جيش مسرف بن عقبة . وقال ابن حجر في صواعقه : زين العابدين هو الذي خلف اباه علما وزهدا وعبادة وكان اذا توضا للصلاة اصفر لونه فقيل له في ذلك فقال لا تدرون بين يدي من اقف . وكان عظيم التجاوز والعفو والصفح حتى انه سبه رجل فتغافل عنه فقال له اياك اعني فقال وعنك اعرض . اشار الى آية «خذ العفو وامر بالمعروف واعرض عن الجاهلين » .
من ادلة امامة زين العابدين وصية ابيه الحسين عليهما السلام اليه (روى) الكليني عليه الرحمة بسنده عن الباقر عليه السلام قال ان
الحسين (ع) لما حضره الذي حضره دعا ابنته فاطمة الكبرى فدفع اليها كتابا ملفوفا ووصية ظاهرة (وفي رواية) فدفع اليها وصية ظاهرة ووصية باطنة وكان علي بن الحسين (ع) مريضا لا يرون ان يبقى بعده فلما قتل الحسين (ع) ورجع اهل بيته الى المدينة دفعت فاطمة الكتاب الى علي بن الحسين (ع) ثم صار ذلك الكتاب والله الينا (وروى) الكليني ايضا بسنده عن الصادق «ع» ان الحسين «ع» لما سار الى العراق استودع ام سلمة رضي الله عنها الكتب والوصية فلما رجع علي بن الحسين «ع» دفعتها اليه (وورد) النص على امامته في احاديث كثيرة روتها ثقات شيعته يضيق المقام عنها (ومن ادلة امامته عليه السلام) انه كان افضل اهل زمانه علما وعملا وزهدا وورعا وعبادة وحلما وسخاء فيكون احق بالخلافة والامامة (قال) المفيد في الارشاد كان علي ابن الحسين عليهما السلام افضل خلق الله بعد ابيه علما وعملا وقد روى عنه فقهاء العامة من العلوم ما لا يحصى كثرة وحفظ عنه من المواعظ والادعية وفضائل القرآن والحلال والحرام والمغازي والايام ما هو مشهور بين العلماء (وقال) ابن شهر اشوب في المناقب قلما يوجد كتاب زهد وموعظة ليس فيه قال علي بن الحسين او قال زين العابدين . ومما جاء في علم زين العابدين «ع» وفضله ما رواه المفيد في الارشاد بسنده عن عبد الله بن الحسن بن الحسن قال كانت امي فاطمة بنت الحسين «ع» تامرني ان اجلس الى خالي علي بن الحسين
«ع» فما جلست اليه قط الا قمت بخير قد افدته اما خشية لله تحدث في قلبي لما ارى من خشيته لله او علم قد استفدته منه . (ومما) جاء في فضله ما رواه المفيد بسنده عن الزهري قال كان علي بن الحسين «ع» افضل هاشمي ادركناه (وفي رواية اخرى) عن الزهري لم ادرك احدا من اهل هذا البيت (يعني بيت النبي صلى الله عليه واله وسلم ) افضل من علي بن الحسين (وعن) ابي حازم وسفيان بن عيينة والزهري قال كل واحد منهم ما رايت هاشميا افضل من علي بن الحسين ولا افقه منه (وروى) المفيد ايضا بسنده انه لما ولي عبد الملك بن مروان الخلافة رد الى علي بن الحسين صدقات رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وصدقات علي بن ابي طالب (اي اوقافهما) وكانتا مضمومتين فخرج عمر بن علي الى عبد الملك يتظلم اليه من ابن اخيه فقال عبد الملك اقول كما قال ابن ابي الحقيق :
جماله وتشوقوا له وجعلوا يقولون من هذا تعظيما له واجلالا لمرتبته وكان الفرزدق هناك فانشا يقول :
امثل هذا الامام في علمه وفضله وجلالة قدره التي اعترف بها المؤالف والمخالف امام اهل البيت في عصره ووارث علوم ابيه وجده يقاد اسيرا الى اولاد البغايا تارة الى ابن مرجانه وسمية وتارة الى ابن هند والغل في عنقه كانما هو من اسارا الكفار او من قطاع الطرق وهو حجة الله على خلقه وخليفة جده في امته واحد الثقلين اللذين لا يضل من تمسك بهما وذلك بمرأى ومسمع من امة تدعي انها على دين الاسلام .
* * *
|