المجالس السنية ـ الجزء الخامس 356

أمسك لهما وأسوي عليهما ( قال المفيد عليه الرحمة ) وكان من برهان كمالهما وحجة اختصاص الله لهما بيعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهما ولم يبايع صبياً في ظاهر الحال غيرهما (قال) وقد صرح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالنص على إمامتهما بقوله ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا ودلت وصية الحسن عليه السلام الى الحسين عليه السلام على امامته كما دلت وصية أمير المؤمنين عليه السلام الى الحسن عليه السلام على امامته بحسب مادلت وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الى أمير المؤمنين عليه السلام على إمامته من بعده (قال) وقد كانا حجة الله لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم في المباهلة وحجة الله من بعد أبيهما أمير المؤمنين عليه السلام على الأمة في الدين والاسلام (قال) وكانا حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين جميع اهله وولده (وعن) صحيح الترمذي بسنده قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ( وفي رواية ) ابناي هذان سيدا شباب أهل الجنة (وزاد) في رواية وأبوهما خير منهما (وفي الاستيعاب) روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من وجوه انه قال في الحسن والحسين أنهما سيدا شباب أهل الجنة ( أقول ) أمثل هذين السيدين الامامين سبطي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وريحانتيه وسيدي شباب أهل الجنة اللذين بلغ من كرم أخلاقهما انهما لم يصرحا للشيخ بانه لايحسن الوضوء بل توضا أمامه لينبهاه واللذين بلغ من كرامتهما على الله أن يستنهض أحدهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والآخر جبرئيل عند تصارعهما واللذين بلغ من عبادتهما أن حجا ماشيين على أقدامهما من المدينة الى مكة مراراً عديدة واللذين بلغ من فضلهما وعلو مقامهما ان يخدمهما مثل

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 357

ابن عباس مع جلالة قدره فيمسك لهما بالركاب عند ركوبهما ويسوي عليهما ثيابهما يظلمان ويقهران ويقتلان فيقتل الحسن بالسم حتى تقيأ كبده قطعة قطعة ومضى الى ربه شهيدا مسموماً صابراً محتسباً ويقتل أخوه الحسين بالسيف أفجع قتلة وأفظعها ولايجد له ناصراً ولا معيناً بين أمة تزعم انها على دين الاسلام .
و لسبطين تـابعين فمسمـو م عليـه ثرى البقيع يهـال
وشهيد بالطف أبكى السماوا ت و كادت له تزول الجبال
يـاغليلي له وقـد حرم الما ء عليه وهو الشراب الحلال
قطعت وصلة النبي بان تقـ ـطع من أهل بيته الأوصال
لهف نفسي يا آل طه عليكم لهفـة كسبهـا جوى وخبال


المجلس السابع

مما جاء في شدة محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم للحسن والحسين عليهما السلام ووجوب محبتهما على كل أحد ما (عن صحيح الترمذي) عن انس ابن مالك قال سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أي أهل بيتك أحب اليك قال الحسن والحسين وكان يقول لفاطمة ادعي لي ابني فيشمهما ويضمهما اليه ( وعن ) ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول هما ريحانتاي من الدنيا ( وعن ) صحيح الترمذي عن أسامة بن زيد

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 358

انه قال طرقت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة فخرج ( الى ان قال ) فاذا حسن وحسين على وركيه فقال هذان ابناي وابنا ابنتي اللهم اني احبهما فاحبهما وأحب من يحبهما ( وعن ) كتاب اليواقيت لأبي عمرو الزاهد عن زيد بن أرقم قال كنت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مسجده فمرت فاطمة صلوات الله عليها خارجة من بيتها الى حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعها الحسن والحسين عليهما السلام ثم تبعها علي عليه السلام فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأسه الي فقال من أحب هؤلاء فقد أحبني ومن ابغض هؤلاء فقد ابغضني ( وعن جابر ) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان الجنة لتشتاق الى أربعة من أهلي قد أحبهم الله وأمرني بحبهم علي بن أبي طالب والحسن والحسين والمهدي صلى الله عليهم الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم عليه السلام ( وفي الاصابة ) وعند أحمد من طريق عبد الرحمن بن مسعود عن أبي هريرة قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه الحسن والحسين هذا على عاتقه وهذا على عاتقه وهو يلئم هذا مرة وهذا مرة حتى انتهى الينا فقال من احبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني ( وقال صلى الله عليه وآله وسلم ) من أحب الحسن والحسين أحببته ومن أحببته أحبه الله ومن احبه الله أدخله الجنة ومن ابغضهما ابغضته ومن ابغضته ابغضه الله ومن ابغضه الله أدخله النار ( وعن زيد بن أرقم ) ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين انا سلم لمن سالمتم وحرب لمن حاربتم (وروى) احمد بن حنبل ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال وقد نظر الى الحسن والحسين «ع» من أحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 359

( وعن صحيحي الترمذي والنسائي ) بالاسناد الى بريدة قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطب فجاء الحسن والحسين « ع » وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ثم قال صدق الله «انما أموالكم وأولادكم فتنة» نظرت الى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما ( وعن جابر ) انه دخل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والحسن والحسين « ع » على ظهره وهو يقول نعم الجمل جملكما ونعم الحملان أنتما ( وفي رواية ) ونعم العدلان انتما ( وفي رواية ) نعم المطي مطيكما ونعم الراكبان أنتما وأبوكما خير منكما ( وعن أسلم ) رأيت الحسن والحسين عليهما السلام على عاتق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت نعم الفرس لكما فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونعم الفارسان هما ( وفي ارشاد المفيد ) عن زر بن حبيش عن ابن مسعود قال كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي فجاء الحسن والحسين «ع» فارتدفاه فلما رفع رأسه أخذهما أخذاً رفيقاً فلما عاد عادا فلما انصرف أجلس هذا على فخذه الأيمن وهذا على فخذه الأيسر ثم قال من أحبني فليحب هذين ( وفي الاصابة ) عن مسند ابي يعلى بسنده كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي فاذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فاذا أرادوا ان يمنعوهما أشار اليهم أن دعوهما فاذا قضى الصلاة وضعهما في حجره فقال من أحبني فليحب هذين ( وعن ) كتاب الآل لابن خالويه عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حسن وحسين سيدا شباب أهل الجنة من أحبهما أحبني ومن أبغضهما أبغضني ( وفي الاستيعاب )

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 360

روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من وجوه انه قال في الحسن والحسين «ع» اللهم اني أحبهما فاحبهما وأحب من يحبهما ( أقول ) أمثل هذين السيدين الفاضلين الامامين ريحانتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسبطيه وسيدي شباب أهل الجنة ومن تشتاق الجنة اليهما ومن انحصرت ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيهما اللذين قد بلغا أعلى درجات الفضل والشرف وكرم الأخلاق وطيب الاعراق شبيهي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هيبته وسؤدده وجوده وشجاعته وخلقه وخلقه واللذين أوجب الله حبهما على كل مسلم ومن أحبهما أحبه الله ورسوله ومن ابغضهما ابغضه الله ورسوله أحب الناس الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحيث بلغ من حبه لهما ان ينزل من على منبره ويقطع خطبته لأجلهما ويحملهما تارة على ظهره وأخرى على عاتقه وتارة على وركيه ولا يمنعهما عن ركوب ظهره وهو في الصلاة ولا يدع أحدا ان ينزلهما ويأخذهما أخذاً رفيقاً خوفاً من انزعاجهما يظلمان بعده ويقهران ويدفعان عن حقهما من خلافة جدهما وتجتمع أمته الا من عصمه الله على ظلمهما وحربهما وغصب حقهما فمن بين خاذل ومقاتل حتى مات الحسن عليه السلام شهيداً بالسم وقضى الحسين عليه السلام شهيداً بالسيف بعد ما بايع أهل الكوفة ابن عمه مسلم بن عقيل وضمنوا له النصرة ثم نكثوا بيعته وخذلوه واسلموه فقتل بينهم ولم يمنعوه وخرجوا إلى حرب الحسين «ع» ظمآن مجاهداً

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 361

صابراً محتسباً مظلوماً قد نكثت بيعته واستحلت حرمته ولم يوف له بعهد ولا رعيت فيه ذمة شهيداً على ما مضى عليه أبوه واخوه عليهم السلام .
من مخبر المصطفى سبطاه قد قضيا بـالسم هذا و ذا بالسيـف منحورا
أوصـى و أكـد في الدنيـا وصيته فاوسعـوا عهـده نكثـاً وتغييـرا
لوكـان جدهمـا أوصى بظلمهمـا لمـا استطاعوا لمـا جاؤوه تكثيرا


المجلس الثامن

لما قبض أمير المؤمنين « ع » خطب الحسن « ع » خطبة ذكر فيها فضل أبيه وفضله وفضل أهل بيته ثم جلس فقام عبد الله بن العباس بين يديه فقال معاشر الناس هذا ابن نبيكم ووصي إمامكم فبايعوه فقالوا ما أحبه الينا وأوجب حقه علينا وبادروا إلى البيعة له بالخلافة وذلك يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة فرتب العمال وأمر الأمراء وانفذ عبد الله بن العباس الى البصرة ونظر في الأمور ( ولما ) بلغ معاوية وفاة أمير المؤمنين « ع » دس رجلا من حمير الى الكوفة ورجلا من بني القين الى البصرة ليكتبا اليه بالأخبار ويفسدا على الحسن « ع » الأمور وعرف ذلك الحسن « ع » فامر بقتلهما فقتلا ( وكتب الى معاوية ) أما

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 362

بعد فانك دسست الرجال للاحتيال والاغتيال وأرصدت العيون كانك تحب اللقاء وما أوشك ذلك فتوقعه ان شاء الله وبلغني أنك شمت بما لم يشمت به ذو حجى وانما مثلك في ذلك كما قال الأول :
فقل للذي يبقى خلاف الذي مضى تجهـز لأخرى مثلهـا فكـأن قد
فأنـا و من قد مات منـا لكالذي يروح ويمسي في المبيـت ليغتدي

فاجابه معاوية بما يطول الكلام بذكره ( ثم ) كتب اليه الحسن « ع » يحتج على استحقاقه الأمر واستحقاق أبيه له بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويدعوه الى تسليم الأمر اليه فاجابه معاوية يراوغه ويخاتله وجرت بينهما مكاتبات ومراسلات كثيرة وكل منهما يدعو الآخر الى الدخول في طاعته فلما ورد آخر كتاب الى معاوية كتب الى عماله نسخة واحدة أما بعد فالحمد لله الذي كفاكم مؤنة عدوكم وقتلة خليفتكم ان الله بلطفه وحسن صنعه اتاح لعلي بن ابي طالب رجلا من عباد الله فاغتاله فقتله فترك أصحابه متفرقين مختلفين وقد جاءتنا كتب أشرافهم وقادتهم يلتمسون الأمان لأنفسهم وعشائرهم فاقبلوا الي حين يأتيكم كتابي هذا بجدكم وجهدكم وحسن عدتكم فقد اصبتم بحمد الله الثار وبلغتم الأمل وأهلك الله أهل البغي والعدوان والسلام فاجتمعت العساكر الى معاوية وسار قاصداً الى العراق وبلغ الحسن « ع » خبر مسيره وانه بلغ جسر

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 363

منبج فنادى المنادي الصلاة جامعة فصعد الحسن « ع » المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فان الله كتب الجهاد على خلقه وسماه كرهاً ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين اصبروا ان الله مع الصابرين فلستم أيها الناس نائلين ما تحبون الا بالصبر على ما تكرهون انه بلغني ان معاوية بلغه انا كنا أزمعنا على المسير اليه فتحرك لذلك فاخرجوا رحمكم الله الى معسكركم بالنخيلة وانه في كلامه ليتخوف خذلان الناس له فسكتوا فما تكلم منهم أحد ولا أجابه بحرف فلما رأى ذلك عدي بن حاتم قام فقال أنا ابن حاتم سبحان الله ما اقبح هذا المقام الا تجيبون إمامكم وابن بنت نبيكم أين خطباء المصر الذين السنتهم كالمخاريق في الدعة فاذا جد الجد تراغوا كالثعالب أما تخافون مقت الله ولا عنتها وعارها ثم استقبل الحسن« ع » فقال أصاب الله بك المراشد وجنبك المكاره ووفقك لما تحمد ورده وصدره وقد سمعنا مقالتك وانتهينا الى أمرك وسمعنا لك وأطعناك فيما قلت ثم خرج ودابته بالباب فركبها وخرج الى النخيلة أول الناس ثم قام قيس بن سعد بن عبادة ومعقل بن قيس الرياحي وزياد بن خصفة فانبوا الناس ولاموهم وحرضوهم وكلموا الحسن « ع » بمثل كلام عدي وبعث الحسن « ع » حجر بن عدي يأمر العمال بالمسير واستنفر الناس للجهاد فخفوا بعد ما تثاقلوا عنه وخرج الحسن « ع » الى المعسكر ومعه أخلاط من الناس بعضهم شيعة له ولأبيه وبعضهم خوارج يؤثرون قتال معاوية بكل حيلة وبعضهم أصحاب فتن وطمع في الغنائم

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 364

وبعضهم شكاك وبعضهم أصحاب عصبية اتبعوا رؤساء قبائلهم لا يرجعون الى دين . ثم سار الحسن « ع » في عسكر عظيم حتى أتى موضعاً يقال له دير عبد الرحمن فقام به ثلاثا حتى اجتمع الناس ثم أرسل عبيد الله بن العباس في اثني عشر الفاً مقدمة له وقال ان أصبت فقيس بن سعد بن عبادة على الناس فان أصيب فسعيد بن قيس الهمداني على الناس فسار عبيد الله حتى أتى مسكن (1)وسار الحسن « ع » حتى اتى ساباط المدائن فلما أصبح أراد أن يمتحن أصحابه ويستبرئ أحوالهم في الطاعة ليتميز بذلك أولياؤه من أعدائه ويكون على بصيرة من لقاء معاوية وأهل الشام فامر ان ينادى الصلاة جامعة فاجتمعوا فصعد المنبر فخطبهم ( فقال ) الحمد لله كلما حمد حامد وأشهد أن لا اله الا الله كلما شهد له شاهد وأشهد ان محمداً عبده ورسوله أرسله بالحق وائتمنه على الوحي صلى الله عليه وآله وسلم أما بعد فاني والله لأرجو ان اكون قد أصبحت بحمد الله ومنه وأنا انصح خلق الله لخلقه وما أصبحت

(1) في معجم البدان مسكن بالفتح ثم السكون وكسر الكاف موضع قريب من أوانا على نهر دجيل عند دير الجاثليق كانت به الوقعة بين عبد الملك بن مروان ومصعب بن الزبير فقتل مصعب وقبره هناك معروف وقتل معه ابراهيم بن مالك الأشتر وذكر قريباً من ذلك سبط بن الجوزي عن تاريخ الخطيب .

ـ المؤلف ـ

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 365

محتملا على مسلم ضغينة ولا مريداً له بسوء ولا غائلة الا وان ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة الا واني ناظر لكم خير من نظركم لأنفسكم فلا تخالفوا أمري ولا تردوا علي رأيي غفر الله لي ولكم وأرشدني واياكم لما فيه المحبة والرضا فنظر الناس بعضهم الى بعض وقالوا ما ترونه يريد بما قال قالوا نظنه والله يريد ان يصالح معاوية ويسلم الأمر اليه فقالوا كفر والله الرجل ثم شدوا على فسطاطه وانتهبوه حتى أخذوا مصلاه من تحته ثم شد عليه عبد الرحمن بن عبد الله بن جعال الأزدي فنزع مطرفه عن عاتقه فبقي جالسا متقلدا السيف بغير رداء ثم دعا بفرسه (1)فركبه واحدق به طوائف من خاصته وشيعته ومنعوا منه من أراده فقال ادعو الي ربيعة وهمدان فدعوا فاطافوا به ودفعوا الناس عنه وسار ومعه شوب من غيرهم فلما مر في مظلم ساباط بدر اليه الجراح بن سنان الأسدي فأخذ بلجام بغلته وبيده مغول وهو سيف دقيق يكون غمده كالسوط وقال الله أكبر أشركت يا حسن كما أشرك أبوك من قبل ثم طعنه في فخذه فشقه

(1) سيأتي انه لما مر في مظلم ساباط أخذ الجراح بلجام بغلته وهذا الخبر نقلناه من ارشاد المفيد ومقاتل الطالبيين وهو كما ترى يدل أوله على أنه كان راكباً فرساً وآخره على انه كان راكباً بغلة ولعله نزل عن الفرس وركب البغلة لكنهما لم يذكرا ذلك.

ـ المؤلف ـ

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 366

حتى بلغ العظم وضربه الحسن «ع» واعتنقه وخرا جميعا الى الارض فوثب اليه رجل من شيعة الحسن «ع» يقال له عبد الله بن خطل الطائي فنزع المغول من يده وخضخض به جوفه واكب عليه اخر يقال له ظبيان بن عمارة فقطع انفه فهلك من ذلك واخذ اخر كان معه فشدخوا وجهه وراسه حتى قتلوه (وحمل) الحسن «ع» على سرير الى المدائن فانزل بها على سعد بن مسعود الثقفي وكان عامل امير المؤمنين «ع» بها فاقره الحسن «ع» واشتغل الحسن «ع» بنفسه يعالج جرحه جاءه سعد بن مسعود بطبيب فقام عليه حتى برئ هكذا ذكر المفيد وابو الفرج والذي ذكره الطبري وابن الاثير وسبط بن الجوزي ناقلا له عن الشعبي انه لما نزل الحسن «ع» المدائن نادى مناد في العسكر الا ان قيس ابن سعد قد قتل فانفروا فنفروا الى سرادق الحسن «ع» فنهبوا متاعه حتى نازعوه بساطا كان تحته فازداد لهم بغضا ومنهم ذعرا (قال المفيد) وكتب جماعة من رؤساء القبائل الى معاوية بالسمع والطاعة في السر واستحثوه على المسير نحوهم وضمنوا له تسليم الحسن اليه عند دنوهم من عسكره او الفتك به وبلغ الحسن «ع» ذلك وورد عليه كتاب قيس بن سعد رضي الله عنه يخبره انهم نازلوا معاوية بقرية يقال لها الحبوبية (الحبونية خ ل) بازاء مسكن وان معاوية ارسل الى عبيد الله بن العباس يرغبه في المصير اليه وضمن له الف الف درهم يعجل له منها النصف ويعطيه النصف الاخر عند دخوله الى الكوفة فانسل عبيد الله في الليل الى معسكر

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 367

معاوية في خاصته واصبح الناس قد فقدوا اميرهم فصلى بهم قيس ابن سعد ونظر في امورهم فازدادت بصيرة الحسن «ع» بخذلان القوم له وفساد نيات الخوارج المحكمة فيه بما اظهروا له من السب والتكفير واستحلال دمه ونهب امواله ولم يبق معه من يأمن غوائله الا خاصته من شيعة ابيه وشيعته وهم جماعة لا تقوم لاجناد الشام .
وروى الصدوق في العلل ان معاوية دس الى عمـرو بـن خريـث والاشعـث بن قيـس (1) وحجار بن ابجر وشبث بن ربعي دسيسا افرد كل واحد منهم بعين من عيونه انك اذا قتلت الحسن فلك مائة الف درهم وجند من اجناد الشام وبنت من بناتي فبلغ الحسن «ع» ذلك فاستلأم ولبس درعا وسترها وكان يحترز ولا يتقدم للصلاة الا كذلك فرماه احدهم في الصلاة بسهم فلم يثبت فيه لما عليه من اللامة (وفي الخرائج) ان الحسن «ع» كان قد وجه الى معاوية قائدا من كندة في اربعة الاف فلما نزل بالانبار ارسل اليه معاوية ان اقبلت الي او لك بعض كور الشام والجزيرة وارسل اليه بخمسمائة الف درهم فقبض المال وصار الى معاوية في ماتين من خاصته فبلغ ذلك الحسن «ع» فقام خطيبا وقال هذا

(1) الظاهر ان هذا قرب وفاة امير المؤمنين «ع» لان الاشعث مات بعد امير المؤمنين «ع» باربعين ليلة وصلى عليه الحسن «ع» على ما ذكره ابن الاثير .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 368

الكندي توجه الى معاوية وغدر بي وبكم وقد اخبرتكم انه لاوفاء لكم انتم عبيد الدنيا وانا موجه غيره واعلم انه سيفعل ما فعل صاحبه فبعث رجلا من مراد وتقدم اليه بمشهد من الناس وتوكد عليه واخبره انه سيغدر كما غدر الكندي فحلف بالايمان التي لا تقوم لها الجبال انه لا يفعل فقال الحسن «ع» انه سيغدر فلما توجه الى الانبار كتب اليه معاوية بمثل ما كتب به الى صاحبه وبعث اليه بالمال فانقلب على الحسن «ع» واخذ طريقه الى معاوية (وكان) معاوية قد كتب الى الحسن «ع» في الهدنة والصلح وانفذ اليه بكتب اصحابه الذين ضمنوا له فيها الفتك به وتسليمه اليه فعند ذلك اجاب الى الصلح ومن ذلك يعلم ان الحسن «ع»ما اجاب الى الصلح الا مكرها مرغما وانه علم انه لو لم يصالح لسلموه الى معاوية ولكانت المفسده اعظم فاختار اقل الضررين واهون المفسدتين وعمل بما عهد اليه ابوه عن جده صلى الله عليه واله وسلم وان صلحه هذا لايجعل لمعاوية عذرا ولا يرفع عنه وزرا بل يزيده ذما واثما فلذلك اجاب الحسن «ع» الى الصلح مكرها واشترط لنفسه شروطا كثيرة كان في الوفاء بها مصالح شاملة فاجابه معاوية الى قبول تلك الشروط كلها فلم يثق به الحسن «ع» وعلم باحتياله واغتياله الا انه لم يجد بدا من اجابته لما كان عليه اصحابه من ضعف البصائر في حقه والفساد عليه وما انطوى عليه كثير منهم في استحلال دمه وتسليمه الى خصمه وما كان من خذلان ابن عمه له ومصيره الى عدوه وميل الجمهور منهم الى العاجلة وزهدهم في

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 369

الاجلة فتوثق لنفسه من معاوية بتوكيد الحجة عليه والاعتذار فيما بينه وبينه عند الله تعالى وعند كافة المسلمين وكان فيما اشترطه الحسن «ع» على معاوية ان لا يسميه امير المؤمنين ولا يقيم عنده شهادة وان يترك سب امير المؤمنين «ع» والقنوت عليه في الصلاة وان لا يتعقب على شيعة علي شيئا ويؤمنهم ولا يتعرض لأحد منهم بسوء ويوصل الى كل ذي حق منهم حقه وان يفرق في اولاد من قتل مع ابيه يوم الجمل وصفين الف الف درهم وان يجعل ذلك من خراج دار ابجرد (1) من بلاد فارس فاجابه معاوية الى ذلك وعاهده عليه وحلف له بالوفاء (وقال) ابن الاثير انه لم يجبه الى الكف عن شتم علي فطلب ان لا يشتم وهو يسمع فاجابه الى ذلك ثم لم يف له به ولا بشيء مما عاهده عليه بل انه لما تم الصلح سار حتى اتى النخيلة (2) فخطب الناس فقال اني والله ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا انكم لتفعلون

(1) نقل ذلك ما عدا ترك السب الصدوق عن كتاب الفروق بين الاباطيل والحقوق تاليف محمد بن بحر الشيباني عن ابي بكر محمد بن الحسن بن اسحاق بن حزيمة النيسابوري قال ثنا ابو طالب زيد بن اجزم ثنا ابو داود ثنا القاسم بن فضيل ثنا يوسف بن مازن الراسبي قال بايع الحسن بن علي معاوية على انه لايسميه امير المؤمنين الخ .
(2) هي معسكر الكوفة .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 370

ذلك ولكني قاتلتكم لاتامر عليكم وقد اعطاني الله ذلك وانتم له كارهون الا واني كنت منيت الحسن واعطيته اشياء وجميعها تحت قدمي لا افي بشيء منها (قال ابو اسحاق) راوي الحديث وكان والله غدارا (وفي مقاتل الطلبيين) بسنده عن الشعبي ان معاوية خطب الناس حين بويع له فقال ما اختلفت امة بعد نبيها الا ظهر اهل باطلها على اهل حقها ثم انتبه فندم فقال الا هذه الامة فانها وانها (ثم) دخل الكوفة وصعد المنبر فخطب وذكر امير المؤمنين «ع» ونال من الحسن «ع» وكان الحسن والحسين «ع» حاضرين فقام الحسين «ع» ليرد عليه فاخذ بيده الحسن واجلسه ثم قام فقال ايها الذاكر عليا انا الحسن وابي علي وانت معاوية وابوك صخر وامي فاطمة وامك هند وجدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وجدك حرب وجدتي خديجة وجدتك قتيلة (نثيلة خ ل) فلعن الله اخملنا ذكرا وألأمنا حسبا وشرنا قدما واقدمنا كفرا ونفاقا فقالت طوائف من اهل المسجد آمين قال يحيى بن معين احد رواة هذا الحديث ونحن نقول امين قال ابو عبيد احد رواته ونحن ايضا نقول امين قال ابو الفرج الاصبهاني وانا اقول امين قال عبد الحميد بن ابي الحديد وانا اقول امين قال مؤلف هذا الكتاب محسن الامين وانا اقول امين (واقام) معاوية على سب امير المؤمنين «ع» وبقي ذلك سنة في دولة بني أمية حتى ازاله عمربن عبد العزيز ولله در القائل :
اعلى المنـابر تعلنون بسبه وبسيفه نصبت لكم اعوادها


المجالس السنية ـ الجزء الخامس 371

واخاف معاوية شيعة امير المؤمنين «ع» وقتلهم وشردهم وهدم دورهم فقتل عمرو بن الحمق وحبس زوجته امنة بنت الشريد سنتين في سجن دمشق وقتل حجر بن عدي واصحابه بمرج عذرا وحمل عبد الله بن هاشم المرقال اليه مكبلا بالحديد من العراق الى الشام واما خراج دار ابجرد فقال ابن الاثير ان اهل البصرة منعوه منه بامر معاوية (وقال) ابن الاثير لما راسل معاوية الحسن «ع» في تسليم الامر اليه خطب الناس فحمد الله واثنى عليه وقال انا والله ما يثنينا عن اهل الشام شك ولا ندم وانما كنا نقاتل اهل الشام بالسلامة والصبر فشيبت السلامة بالعداوة والصبر بالجزع وكنتم في مسيركم الى صفين ودينكم امام دنياكم واصبحتم اليوم ودنياكم امام دينكم الا وقد اصبحتم بين قتيلين قتيل بصفين تبكون له وقتيل بالنهروان تطلبون بثاره فاما الباكي فخاذل واما الطالب فثائر الا وان معاوية دعانا لامر ليس فيه عز ولا نصفة فان اردتم الموت رددناه عليه وحكمناه الى الله عز وجل بظبا السيوف وان اردتم الحياة قبلناه واخذنا لكم الرضى فناداه الناس من كل جانب البقية البقية (وقال) ابن الاثير ايضا لما تم الصلح قال الحسن يا اهل العراق انه سخى بنفسي عنكم ثلاث قتلكم ابي وطعنكم اياي وانتهابكم متاعي (وحكى) سبط بن الجوزي عن السدي انه قال لم يصالح الحسن معاوية رغبة في الدنيا وانما صالحه لما راى اهل العراق يريدون الغدر به وفعلوا معه ما فعلوا فخاف منهم ان يسلموه الى معاوية والدليل عليه انه خطب بالنخيلة قبل الصلح

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 372

فقال ايها الناس ان هذا الامر الذي اختلفت فيه انا ومعاوية انما هو حق اتركه ارادة لاصلاح الامة وحقنا لدمائها وان ادري لعله فتنة لكم ومتاع الى حين (قال) ابن الاثير وصاحب الاستيعاب وابو الفرج قال معاوية للحسن قم فاخطب قال ابو الفرج وظن معاوية انه سيحصر وقال سبط بن الجوزي اشار عمرو بن العاص على معاوية ان يأمر الحسن ان يخطب ليظهر عيبه فقام «ع» فقال ايها الناس ان الله هداكم باولنا وحقن دماءكم باخرنا ونحن اهل بيت نبيكم اذهب الله عنا الرجس وطهرنا تطهيرا الا ان اكيس الكيس التقى واعجز العجز الفجور وان لهذا الامر مدة وان الدنيا دول انما الخليفة من سار بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه واله وسلم وليس الخليفة من سار بالجور ذلك ملك ملك ملكا يمتع فيه قليلا ثم تنقطع لذته وتبقى تبعته وقد قال الله تعالى لنبيه (وفي رواية الاستيعاب) ثم التفت الى معاوية فقال وان ادري لعله فتنة لكم ومتاع الى حين فضج الناس بالبكاء فالتفت معاوية الى عمرو وقال هذا رايك ثم قال للحسن «ع» حسبك يا ابا محمد (وفي رواية) انه قال نحن حزب الله المفلحون وعترة رسوله المطهرون واهل بيته الطبيون الطاهرون واحد الثقلين اللذين خلفهما رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فيكم فطاعتنا مقرونة بطاعة الله فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والى الرسول .
ثم توجه الحسن الى المدينة هو واخوه الحسين عليهما السلام واهل بيته وحشمهم وجعل الناس يبكون عند مسيرهم من

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 373

الكوفة فقام «ع» بالمدينة كاظما غيظه لازما منزله منتظرا لامر ربه عز وجل الى ان تم لمعاوية عشر سنين من امارته وعزم على البيعة لابنه يزيد فلم يكن شيء اثقل عليه من امر الحسن بن علي «ع» وسعد بن ابي وقاص فدس اليهما سما فماتا منه ذكر ذلك ابو الفرج في مقاتل الطالبيين وكان من شرط الحسن عليه ان لايعهد لاحد من بعده عهدا فدس معاوية الى جعدة بنت الاشعث بن قيس وكانت زوجة الحسن «ع» من حملها على سمه وضمن لها ان يزوجها بابنه يزيد وارسل اليها مائة الف درهم وفي رواية عشرة الاف دينار (1) واقطعها اقطاعات كثيـرة مـن شعـب سـوراء (2) وسواد الكوفة فسقته جعدة السم فسوغها المال ولم يزوجها من يزيد فتزوجها بعد الحسن «ع» رجل من ال طلحة فكان اذا وقع بين اولادها منه وبين احد خصام عيروهم فقالوا يا بني مسمة الازواج (3) وقال الصادق «ع» ان الاشعث شرك في دم امير

(1) المائة الف درهم تبلغ في ذلك الوقت عشرة الاف دينار لان قيمة كل دينار كانت عشرة دراهم .
(2) موضع بالعراق .
(3) ذكر سم جعدة بنت الاشعث بن قيس الكندي زوجة الحسن «ع» اياه ابن الاثير في الكامل وابو الفرج الاصبهاني في مقاتل الطالبيين (وحكاه) في الاستيعاب عن قتادة و ابي بكر بن حفص (وقال ) في الاستيعاب قالت طائفة كان ذلك منها بتدسيس معاوية اليها وما بذل لها في ذلك (وقال ) سبط بن الجوزي في تذكرة

=

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 374

المؤمنين «ع» وابنته جعدة سمت الحسن «ع» وابنه محمد شرك في دم الحسين «ع» . (ولما) حضرت الحسن الوفاة استدعى الحسين عليهما السلام وقال يا اخي اني مفارقك ولاحق بربي وقد سقيت السم ورميت بكبدي في الطست واني لعارف بمن سقاني السم ومن اين دهيت وانا اخاصمه الى الله عز وجل فبحقي عليك ان تكلمت في ذلك بشيء وانتظر ما يحدث الله عز وجل في فاذا قضيت نحبي فغمضني وغسلني وكفني واحملني على سرير الى قبر جدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لاجدد به عهدا ثم ردني الى قبر جدتي فاطمة بنت اسد فادفني هناك وستعلم يا ابن ام ان القوم يظنون انكم تريدون دفني عند جدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فيجلبون في منعكم عن ذلكم وبالله اقسم عليك ان تريق في امري محجمة دم ثم وصى اليه باهله وولده وتركاته وما كان وصى به امير المؤمنين «ع» حين استخلفه واهله لمقامه ودل شيعته على استخلافه ونصبه لهم علما

= الخواص قال السدي دس ال يها يزيد ان سمي الحسن وقال الشعبي انما دس اليها معاوية قال الشعبي ومصداق هذا القول ان الحسن «ع» كان يقول عند موته وقد بلغه ما صنع معاوية لقد عملت شربته وبلغ امنيته (قال ) وحكى جدي في كتاب الصفوة عن يعقوب بن سفيان في تاريخه ان جعدة هي التي سمته (قال ) وقال ابن سعد في الطبقات سمه معاوية مرارا لانه كان يقدم عليه الشام هو واخوه الحسين عليهما السلام .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 375

من بعده ثم قضى نحبه شهيدا مظلوما مسموما صابرا محتسبا اي وا سيداه وا شهيداه وا مسموماه (فلما) توفي غسله الحسين «ع» وكفنه وحمله على سريره ولم يشك مروان ومن معه من بني امية انهم سيدفنونه عند رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فتجمعوا ولبسوا السلاح فلما توجه به الحسين «ع» الى قبر جده رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ليجدد به عهدا اقبلوا اليه في جمعهم ولحقتهم المرأة على بغل وهي تقول مالي ولكم تريدون ان تدخوا بيتي من لا احب وجعل مروان يقول (يا رب هيجا هي خير من دعه) ايدفن عثمان في اقصى المدينة ويدفن الحسن مع النبي لا يكون ذلك ابدا وانا احمل السيف (وحكى) سبط بن الجوزي عن ابن سعد في الطبقات عن الواقدي قال لما احتضر الحسن «ع» قال ادفنوني عند ابي يعني رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فاراد الحسين ان يدفنه في حجرة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقامت بنو امية ومروان بن الحكم وسعيد بن العاص وكان واليا على المدينة فمنعوه وقامت بنو هاشم لتقاتلهم فقال ابو هريرة ارايتم لو مات ابن لموسى اما كان يدفن مع ابيه (وفي رواية) انه قال لمروان اتمنع الحسن ان يدفن في الموضع وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة وكادت الفتنة ان تقع بين بني هاشم وبني امية فبادر ابن عباس الى مروان فقال له ارجع يا مروان من حيث جئت فانا ما نريد دفن صاحبنا عند رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لكنا نريد ان نجدد به عهدا بزيارته ثم نرده الى جدته فاطمة فندفنه عندها بوصيته بذلك ولو كان اوصى بدفنه مع النبي صلى الله عليه واله وسلم

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 376

لعلمت انك اقصر باعا من ردنا عن ذلك لكنه كان اعلم بالله وبرسوله وبحرمة قبره من ان يطرق عليه هدما كما طرق ذلك غيره ودخل بيته بغير اذنه ثم اقبل على المراة وقال لها واسواتاه يوما على بغل ويوما على جمل تريدين ان تطفئي نور الله وتقاتلي اولياء الله ارجعي فقد كفيت الذي تخافين وبلغت ما تحبين والله منتصر لاهل هذا البيت ولو بعد حين (وفي رواية) يوما تجملت ويوما تبغلت وان عشت تفيلت وقد اخذه ابن الحجاج الشاعر البغدادي المشهور فقال :
ايـــا بـنــت لاكـان و لا كنـت
لك التسع من الثمن و بـالكـل تملكـت
تجـملـت تبغلـت وان عشـت تفيلـت

وقال الحسين «ع» والله لو لا عهد الحسن الي بحقن الدماء وان لا اهريق في امره محجمة دم لعلمتم كيف تاخذ سيوف الله منكم ماخذها وقد نقضتم العهد بيننا وبينكم وابطلتم ما اشترطنا عليكم لانفسنا ومضوا بالحسن «ع» فدفنوه بالبقيع عند جدته فاطمة بنت اسد بن هاشم .
وجاشت لـتابى دفـنه عـند جده تثير على اشياعه رهـج الحـرب
اتدني لها الويلات مستوجب النوى اليه وتقصي عنه مستوجب القرب


السابق السابق الفهرس التالي التالي