المجالس السنية ـ الجزء الخامس 230

صدره فقال له ما هذا لعلك قتلت امير المؤمنين فأراد ان يقول لا فقال نعم فمضى ابن عمه واشتمل على سيفه ودخل عليه فقتله وافلت الثالث فانسل بين الناس وقيل انه اخذ وقتل في تلك الليلة .
يا ضربة من شقي اوردته لظى فسوف يلقى بها الرحمن غضبانا
اشقى مراد اذا عدت قـبائلـها و اخسـر الناس عند الله مـيزانا
اني لاحـسبه ما كـان من بشر كلا ولكنـه قـد كـان شـيطانا


المجلس الثاني عشر

روى الصدوق في الفقيه عن سليم بن قيس الهلالي قال شهدت وصية علي بن ابي طالب حين اوصى الى ابنه الحسن عليهما السلام واشهد علي وصيته الحسين «ع» ومحمدا وجميع ولده ورؤساء اهل بيته وشيعته ثم دفع اليه الكتب والسلاح ثم قال يا بني امرني رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ان اوصي اليك وان ادفع اليك كتبي وسلاحي كما اوصى الي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ودفع الي كتبه وسلاحه وامرني ان آمرك اذا حضرك الموت ان تدفعه الى اخيك الحسين ثم اقبل على ابنه الحسين فقال وأمرك رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ان تدفعه الى ابنك على ابن الحسين ثم اقبل الى ابنه علي بن الحسين فقال له وأمرك رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ان تدفع وصيتك الى ابنك محمد بن علي فأقرئه من رسول

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 231

الله صلى الله عليه واله وسلم ومني السلام ثم اقبل على ابنه الحسن «ع» فقال يا بني انت ولي الامر بعدي وولي الدم فان عفوت فلك وان قتلت فضربة مكان ضربة ولا تأثم .
(اقول) وهذه الوصيلة رواها ايضا الكليني في الكافي عن الكاظم «ع» وذكرها ابو الفرج الاصبهاني في مقاتل الطالبيين والشريف الرضي في نهج البلاغة وعلي بن عيسى الاربلي في كشف الغمة وغيرهم مع تفاوت في الزيادة والنقصان والتقديم والتأخير واتمها رواية الكليني والصدوق ونحن نجمع بين ما في تلك الروايات كلها بحسب الامكان . ثم قال اكتب :

« وصية امير المؤمنين علي عليه السلام »
« للحسن والحسين عليهما السلام بعد ما ضربه ابن ملجم »

بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اوصى به امير المؤمنين علي بن ابي طالب اوصى انه يشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ثم ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك امرت وأنا اول المسلمين اوصيكما بتقوى الله وان لا تبغيا الدنيا وان بغتكما ولا تأسفا على شيء منها زوي عنكما وقولا بالحق واعملا للاجر (للاخرةخ ل) وكونا للظالم خصما وللمظلوم عونا اوصيكما (ثم اني اوصيك يا حسن خ ل) وجميع ولدي واهل بيتي (واهلي خ ل) ومن بلغهم

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 232

كتابي هذا من المؤمنين بتقوى الله ربكم ولا تموتن الا وانتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء فألف بين قلوبكم (بتقوى الله ونظم امركم وصلاح ذات بينكم خ ل ) فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول صلاح ذات البين افضل من عامة الصلاة والصيام وان البغضة حالقة (1) الدين وفساد ذات البين (وان المبيرة الحالقة للدين فساد ذات البين خ ل) ولا قوة الا بالله (ولا حول ولا قوة الى بالله العلى العظيم خ ل) انظروا ذوي ارحامكم فصلوهم يهون عليكم الحساب والله الله في الايتام لا تغيروا (2) (فلا تغيرن خ ل) (لا تغبوا (3) خ ل) افواهم ولا يضيعوا بحضرتكم فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول من عال يتيما حتى يستغني اوجب الله له الجنة كما اوجب لاكل مال اليتيم النار والله الله في القرآن فلا يسبقكم الى العمل به غيركم والله الله في جيرانكم فان الله ورسوله أوصيا بهم فانها وصية نبيكم ما زال يوصينا حتى ظننا انه سيورثهم والله الله في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم فانه ان ترك لم تناظروا وان ادنى ما يرجع به من امه ان يغفر له ما سلف من ذنبه والله الله في الصلاة فانها

(1) الحالقه الخصلة التي من شأنها ان تحلق اي تهلك وتستأصل الدين كما يستأصل الموسى الشعر .
(2) كناية عن الجوع فان الجائع تتغير رائحة فمه .
(3) اي لا تطعموهم غبا يوما ويوما لا فتجيعوهم .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 233

خير العمل وانها عمود (عماد خ ل) دينكم والله الله في الزكاة (في زكاة اموالكم خ ل) فانها تطفئ غضب ربكم والله الله في صيام شهر رمضان فان صيامه (فانه خ ل) جنة من النار والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم (والسنتكم خ ل) فانما يجاهد في سبيل الله رجلان امام هدى ومطيع له مقتد بهده والله الله في ذرية (في امة خ ل) نبيكم فلا يظلمن بين اضهركم (ظهرانيكم خ ل) والله الله في اصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا ولم يؤوا محدثا فان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اوصى بهم ولعن المحدث منهم ومن غيرهم والمؤوي للمحدث والله الله في الفقراء والمساكين فاشركوهم في معايشكم والله الله في النساء وما ملكت ايمانكم فان آخر ما تكلم به رسول الله ان قال اوصيكم بالضعيفين نسائكم وما ملكت ايمانكم ثم قال الصلاة الصلاة ولا تخافن في الله لومة لائم يكفكم من ارادكم وبغى عليكم (يكفكم من بغى عليكم وارادكم بسوء خ ل) قولوا للناس حسنا كما امركم الله عز وجل ولا تتركن (لا تتركوا خ ل) الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولي الله الامر شراركم (فيولي عليكم شراركم خ ل فيولى الامر غيركم خ ل) ثم تدعونه فلا يستجاب لكم . عليكم (يا بني خ) بالتواصل (بالتواضع خ ل) والتباذل والتبار واياكم والتقاطع والتدابر والتفرق وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا الله ان الله شديد العقاب خفظكم الله من اهل بيت وحفط فيكم نبيكم (نبيه خ ل) واستودعكم الله خير مستودع واقرأ عليكم السلام ورحة الله

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 234

وبركاته (سلام الله ورحمته خ ل) يا بني عبد المطلب لا الفينكم تخضون دماء المسلمين خوضا تقولون قتل امير المؤمنين لا تقتلن بي الا قاتلي انظروا اذا أنا مت من ضربته هذه فاضربوه ضربة بضربة ولا يمثل بالرجل فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول اياكم والمثلة ولو بالكلب العقور (وفي رواية) انه نظر الى محمد بن الحنفية قفال هل حفظت ما اوصيت به اخويك قال نعم قال فاني اوصيك بمثله واوصيك بتقوير اخويك لعظم حقهما عليك فلا توثق امرا دونهما ثم قال اوصيكما به فانه شقيقكما وابن ابيكما وقد علمتما ان ابوكما كان يحبه (وقال) للحسن «ع» اوصيك يا بني بتقوى الله وإقام الصلاة لوقتها وايتاء الزكاة عند محلها فانه لا صلاة الا بطهور ولا تقبل الصلاة ممن منع الزكاة واوصيك بعفو الذنب وكظم الغيظ وصلة الرحم والحلم عن الجاهل والتفقه في الدين والتثبت في الامر والتعاهد للقرآن وحسن الجوار والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجتناب الفواحش ثم لم يزل يقول لا اله الا الله لم ينطق بغيرها حتى قبض صلوات الله وسلامه عليه .
بنفسي ومالي ثم اهـلي واسرتي فداء لمن امسى قتيل ابن ملجم
علي امير المؤمنين و من بكـت لمقتله البـطحا و اكناف زمزم
واصبحت الشمس المنير ضياؤها لفقد علـي لونها لـون ادهـم

* * *


المجالس السنية ـ الجزء الخامس 235

المجلس الثالث عشر

(روي) ان امير المؤمنين «ع» لما احتضر جمع بنيه حسنا وحسينا ومحمد بن الحنفية والاصاغر من ولده فوصاهم وكان في آخر وصيته يا بني عاشروا الناس عشرة ان غبتم حنوا اليكم وان فقدتم بكوا عليكم (وروى) المفيد في المجالس والشيخ في الامالي بسندها عن الحسن بن علي عليهما السلام قال لما حضرت والدي الوفاة اقبل يوصي (فقال) هذا ما اوصى به علي بن ابي طالب اخو محمد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وابن عمه وصاحبه .

«وصية ثانية لامير المؤمنين عليه السلام»

اول وصيتي اني اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسوله وخيرته اختاره بعلمه وارتضاه لخيرته وان الله باعث من في القبور وسائل الناس عن اعمالهم عالم بما في الصدور . ثم اني اوصيك يا حسن وكفى بك وصيا بما اوصاني به رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فاذا كان ذلك يا بني الزم بيتك وابك على خطيئتك ولا تكن الدنيا اكبر همك واوصيك يا بني بالصلاة عند وقتها والزكاة في اهلها عند محلها والصمت عند الشبهة والاقتصاد والعدل والصمت في الرضا والغضب وحسن الجوار واكرم الضيف ورحمة المجهود واصحاب البلاء وصلة الرحم وحب المساكين ومجالستهم والتواضع فانه من

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 236

افضل العبادة وقصر الامل واذكر الموت وازهد في الدنيا فانك رهن موت وعرض بلاء وصريع سقم واوصيك بخشية الله في سر امرك وعلانيتك وانهاك عن التسرع بالقول والفعل واذا عرض شيء من امر الاخرة فابدأ به واذا عرض شيء من امر الدنيا فتأنه حتى تصيب رشدك فيه واياك ومواطن التهمة والمجلس المظنون به السوء فان قرين السوء يغير جليسه وكن لله يا بني عاملا وعن الخنا زجورا وبالمعروف آمرا وعن المنكر ناهيا وواخ الاخوان في الله واحب الصالح لصلاحه ودار الفاسق عن دينك وابغضه بقلبك وزايله بأعمالك لئلا تكون مثله وإياك والجلوس في الطرقات ودع المماراة ومجاراة من لا عقل له ولا علم واقتصد يا بني في معيشتك واقتصد في عبادتك وعليك فيها بالامر الدائم الذي تطيقه والزم الصمت تسلم وقدم لنفسك تغنم وتعلم الخير تعلم وكن لله ذاكرا على كل حال وارحم من اهلك الصغير ووقر منهم الكبير ولا تأكلن طعاما حتاى تصدق منه قبل اكله وعليك بالصوم فانه زكاة البدن وجنة لاهله وجاهد نفسك واحذر جليسك واجتنب عدوك وعليك بمجالس الذكر واكثر من الدعاء فاني لم آ لك يا بني نصحا وهذا فراق بيني وبينك واوصيك بأخيك محمدا خيرا فانه شقيقك وابن ابيك وقد تعلم حبي له واما اخوك الحسين فهو ابن امك ولا اريد الوصاة بذلك والله الخليفة عليكم واياه اسأل ان يصلحكم وان يكف الطغاى والبغضاء عنكم والصبر الصبر حتاى ينزل الله الامر ولا قوة الا بالله

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 237

العلي العظيم (ثم) قال للحسن ابصروا ضاربي اطعموه من طعامي واسقوه من شرابي يا حسن ان انا مت فلا تغال في كفني فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول لا تغالوا في الاكفان واوصاهم ان يحنطون بفاضل حنوط رسول الله صلى الله عليه واله وسلم .
الا يا عين و يحك فاسعدينا الا فـابكي امير المؤمنينا
رزئنا خير من ركب المطايا وخيسها ومن ركب السفينا
افي شهر الصيام فجعـتمونا بخـير الناس طرا اجمعينا


المجلس الرابع عشر

روى الشيخ الطوسي عليه الرحمة في اماليه باسناده الى الاصبغ بن نباتة قال لما ضرب ابن ملجم لعنة الله امير المؤمنين علي بن ابي طالب «ع» غدونا عليه نفر من اصحابنا انا والحارث وسويد به غفلة وجماعة معنا فقعدنا على الباب فسمعنا البكاء من الدار فبكينا فخرج الينا الحسن بن علي عليهما السلام فقال يقول لكم امير المؤمنين انصرفوا الى منازلكم فانصرف القوم غيري واشتد البكاء في منزله فبكيت وخرج الحسن فقال الم اقل لكم انصوفوا فقلت لا والله يا ابن رسول الله ما تتابعني نفسي ولا تحملني رجلاي ان انصرف حتى أرى امير المؤمنين قال وبكيت

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 238

فدخل الدار ولم يلبث ان خرج فقال لي ادخل فدخلت على امير المؤمنين «ع» فاذا هو مستند معصوب الرأس بعمامة صفراء قد نزف دمه واصفر وجهه فما ادري وجهه اشد صفرة ام العمامة فأكببت عليه فقبلته وبكيت فقال لي لا تبك يا اصبغ فانها والله الجنة فقلت له جعلت فداك اني اعلم والله انك تصير الى الجنة وانما ابكي لفقداني اياك يا امير المؤمنين (وروى) الراوندي في الخرائج عن عمرو بن الحمق قال دخلت على علي «ع» حين ضرب الضربة بالكوفة فقلت ليس عليك بأس انما هو خدش قال لعمري اني لمفارقكم ثم اغمي عليه فبكت ام كلثوم فلما افاق قال لا تؤذيني يا ام كلثوم فانك لو ترين ما ارى ان الملائكة من السماوات السبع بعضهم خلف بعض والنبيين يقولون انطلق يا علي فما امامك خير لك مما انت فيه (وروى) ابو الفرج الاصبهاني في المقاتل باسناده ان صعصعة بن صوحان استأذن على علي «ع» وقد اتاه عائدا لا ضربه ابن ملجم فلم يكن عليه اذن فقال صعصة للاذن قل له يرحمك الله يا امير المؤمنين حيا وميتا فلقد كان الله في صدرك عظيما ولقد كنت بذات الله عليما فابلغه الاذن اليه فقال قل له وانت يرحمك الله فلقد كنت خفيف المؤونة كثير المعونة (ولما) ادخل ابن ملجم على امير المؤمنين صلوات اله عليه نظر اليه ثم قال اي عدو الله الم احسن اليك قال بلى قال فما حملك على هذا (وفي رواية)انه قال لقد كنت اعلم انك قاتلي وانما احسنت اليك لاستظهر بالله عليك (ثم قال) النفس بالنفس فان انا مت

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 239

فاقتلوه كما قتلني وان سلمت رايت فيه رأيي فقالابن ملجم والله لقد ابتعته بالف وسمعته بالف فان خانني فابعده الله (ونادته) ام كلثوم يا عدو الله قتلت امير المؤمنين قال انما قتلت اباك قالت يا عدو الله اني لارجو ان لا يكون عليه بأس قال لها فاراكي انما تبكين علي اذا والله لقد ضربته ضربة لو قسمت بين اهل الارض لا هلكتهم (ثم) اخرج من بين يديه وان الناس لينهشون لحمه بأسنانهم كأنهم سباع وهم يقولون يا عدو الله ماذ فعلت اهلكت امة محمد صلى الله عليه واله وسلم وقتلت خير الناس وانه لصامت لم ينطق فذهب به الى الحبس وجاء الناس الى امير المؤمنين «ع» فقالوا مرنا بامرك في عدو الله لقد اهلك الامة وافسد الملة فقال لهم ان انا عشت رايت فيه رأيي وان هلكت فاصنعوا به كما يصنع بقاتل النبي اقتلوه ثم حرقوه بعد ذلك بالنار (1) (وفي رواية) انه قال احبسوا

(1) في جملة من الاخبار النهي عن التمثيل به وتعديله بان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ونهى عن المثلة ولو بالكلب والعقور ويمكن الجمع بان المراد المثلة في الحياة بقطع الاطراف وفقا العين ونحو ذلك كما بدل عليه قوله في تلك الاخبار ضربة بضربة ولا يمثل بالرجل ونحو ذلك او بعد الموت بغير هذه الصفة من سحبه في الاسواق او القائة للكلاب او تركه مصلوبا او نحو ذلك ولكن عن كتاب فرحة الغري ان عبد الله بن جعفر امر بقطع يديه ورجليه فلم يتأوه ثم كحلوا عينيه بمسمار محمر فقال يا ابن اخي انك لتكحل عيني

=

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 240

هذا الاسير واطعموه واسقوه واحسنوا اساره (ثم) جمع له اطباء الكوفة فلم يكن اعلم بجرحه من أثير بن عمرو بن هاني السكوني وكان ابصرهم بالطب وكان متطببا صاحب كرسي يعالج الجراحات (قال) ابو الفرج وكان من الاربعين غلاما الذين سباهم خالد بن الوليد في عين التمر (وفي الاستيعاب) وهو الذي تنسب اليه صحراء اثير فلما نظر الى جرح امير المؤمنين «ع» دعا برئة شاة حارة وتتبع عرقا منها فاستخرجه فادخله في الجرح ثم نفخه ثم استخرجه فاذا عليه بياض الدماغ واذا الضربة قد وصلت الى ام رأسه فقال يا امير المؤمنين اعهد عهدك فان عدو الله قد وصلت ضربته الى ام رأسك فيئس الناس عند ذلك من امير المؤمنين «ع» . وماذا كانت حالة اهل البيت عليهم السلام حين سمعوا هذا الكلام من أثير وما جرى على الحسن والحسين وزينب وام كلثوم ولبابة وسائر اولاد امير المؤمنين «ع» حين تيقنوا ان امير المؤمنين مفارقهم عاجلا وميت من ضربته تلك . لا شك انهم اجروا العيون بالدموع والتهبت نار الوجد والحزن

= عمك بمعلول ممض ثم ارادوا قطع لسانه فتأوه فسألوه فقال لانه يفوته ذكر الله الا ان ذلك ينافي ما جاء في الاخبار الكثيرة من نهي امير المؤمنين لهم عن المثلة به وما كانوا ليخالفوه وان كان الظاهر ان النهي عن المثلة للكراهة فتجوز مخالفته والله اعلم .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 241

منهم بين الضلوع فمن قائل وا أباه وا علياه وا امير المؤمنينا ه وا شهيداه وا مقتولاه ومن قائلة وا ابتاه وا سيداه وا جداه وا محمداه وا فاطمتاه وا حمزتاه وا جعفراه . ولا بأس على المؤمن اذا واسى ساداته واهل بيت نبيه في مصابهم فبكى طويلا ونادى وا سيداه واماماه وا علياه وا شهيداه وا مظلوماه .
يا فـارس الهيـجـا يـضـراب يـا بو الحـسن يـا داحي الباب
يـمذلـل الـكـوم الـصـعـاب يا جاتـلا مـرحب ومـا هـاب
و الـعامـري بـيـوم الاحـزاب كـيف المـرادي ارداك بصواب
وخضب شيبتـك والـدم الخضاب وطبر هامتك ويلي بوسط محراب
لمن غبـت بـدر الـهـدى غاب والعـيش مـن بعـدك فلا طاب

* * *

قل لابـن ملجم والاقدار غالـبة هدمت ويلك للاسـلام اركانـا
قتلت افضل من يمشي على قدم واول الناس اسلامـا و ايمانـا


المجلس الخامس عشر

روى الشيخ في الامالي بسنده عن حبيب بن عمرو قال

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 242

دخلت على امير المؤمنين علي بن ابي طالب «ع» بعد ما ضربه ابن ملجم فحل عن جراحته فقلت يا امير المؤمنين ما جرحك هذا بشيء وما بك من بأس فقال لي يا حبيب انا والله مفارقكم الساعة قال فبكيت عند ذلك وبكت ام كلثوم وكانت قاعدة عنده فقال لها ما يبكيك يا بنية فقالت ذكرت يا ابه انك تفارقنا الساعة فبكيت فقال لها يا بنية لاتبكي فوالله لو ترين ما يرى ابوك ما بكيت قال حبيب فقلت ما الذي ترى يا امير المؤمنين فقال يا حبيب ارى ملائكة السماوات والنبيين بعضهم في اثر بعض وقوفا الى ان يتلقوني وهذا اخي محمد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم جالس عندي يقول اقدم فان امامك خيرا مما انت فيه (وفي البحار عن بعض الكتب) ثم تزايد ولوج السم في جسده الشريف حتى نظرنا الى قدميه وقد احمرتا جميعا فكبر ذلك علينا وأيسنا منه ثم عرضنا عليه المأكول والمشروب فابى ونظرنا الى شفتيه وهما يختلجان بذكر الله وجعل جبينه يرشح عرقا وهو يمسحه فقال له ابن الحنفية اراك تمسح جبينك فقال يا بني اني سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول ان المؤمن اذا نزل به الموت عرق جبينه وسكن أنينه ثم نادى اولاده كلهم باسمائهم صغيرا وكبيرا واحدا بعد واحد وجعل يودعهم ويقول الله خليفتي عليكم استودعكم الله وهم يبكون فقال له الحسن «ع» يا أبه ما دعاك الى هذا فقال له يا بني اني رايت جدك رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في منامي قبل هذه الكائنة بليلة فشكوت اليه ما انا فيه من التذلل والاذى من هذه الامة

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 243

فقال لي ادع عليهم فقلت اللهم ابدلهم بي شرا مني وابدلني بهم خيرا منهم فقال لي قد استجاب الله دعاءك وسينقلك الينا بعد ثلاث وقد مضت الثلاث يا ابا محمد اوصيك بابي عبد الله خيرا فنتما مني وانا منكما ثم التفت الى اولاده الذين من غير فاطمة «ع» واوصاهم ان لا يخالفوا اولاد فاطمة يعني الحسن والحسين عليهما السلام ثم قال احسن الله لكم العزاء الا واني منصرف عنكم في ليلتي هذه ولاحق بحبيبي محمد صلى الله عليه واله وسلم كما وعدني ثم اغمي عليه ساعة وافاق وقال هذا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وعمي حمزة واخي جعفر واصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وكلهم يقولون عجل قدومك علينا فانا اليك مشتاقون ثم ادار عينيه في اهل بيته كلهم وقال استودعكم الله جميعا سددكم الله جميعا حفظكم الله جميعا الله خليفتي عليكم وكفى بالله خليفة ثم قال وعليكم السلام يا رسل ربي ثم قال لمثل هذا فليعمل العاملون ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وعرق جبينه وهو يذكر الله كثيرا وما زال يذكر الله كثيرا ويتشهد الشهادتين ثم ياشتقبل القبلة وغمض عينيه ومد رجليه ويديه وقال اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله ثم قضى نحبه (اي واماماه وا سيداه وا شهيداه وا مظلوماه) فعند ذلك صرخت زينب بنت علي «ع» وام كلثوم وجميع نسائه وقد شقوا الجيوب ولطموا الخدود وارتفعت الصيحة في القصر فعلم اهل الكوفة ان امير المؤمنين «ع» قد قبض فاقبل الرجال والنساء يهرعون افواجا افواجا

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 244

وصاحوا صيحة عظيمة فارتجت الكوفة باهلها وكثر البكاء والنحيب وكثر الضجيج بالكوفة وقبائلها ودورها وجميع اقطارها فكان ذلك كيوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم .
زينـب بـكـت والـدمـع سـال او صاحت بصـوت ايصدع الجبال
يحامـي الحمـى يـا خير الاعمال ما كـنت اظـن لـنك بـها الحال
يريف اليتـامى البـيـك الامثـال ابعـيد الـبلا مـن الـدار تـنشال
او موحـش مكانـك يظل يهـلال او يـتامـاك لـفـراكك والعـيال
عكـبـك تـنوح بـدمـع همـال ويـاك عــزنه والـفـخر شـال

* * *

لقد مـات خيـر الخلق بعد محمد و اكرمهم فضـلا واوفاهم عهدا
واضربهم بالسيف في مهج العدى واصدقهم قيلا و انجـزهم وعدا


المجلس السادس عشر(1)

ان شخصية امير المؤمنين علي «ع» من اقوى الشخصيات التي عرفها التاريخ ، ولست بسبيل ان افصل ما فيها من نبل وقوة وخصائص تستهوي الافئدة ، وانما سبيلي ان ابحث جانبا من

(1) من المجالس التي اضفناها الى الطبعة السابقة .
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 245

جوانب هذه الشخصية الرائعة المستفيضة . وهو جانب النظرة الاجتماعية فيها ، تلك النظرة التي اودعها نهج البلاغة والتي بلغت من العمق والبيان درجة اغرى سموها بعض اشياع الامويين وفريقا من الباحثين ، الى نفيها عنه والذهاب الى انها هدية الخلوه صاغها للجد حفيده الشريف الرضي ، الشاعر الموهوب .
غير ان هذه الاراء كثيرة مبعثرة وكثيرا ما يتكرر الرأي الواحد اكثر من مرة ، وليس «نهج البلاغة» بمقسم تقسيما يفصل كل مجموعة متشابهة من الاراء عما عداها ، وهذا هو موطن الصعوبة ولكنه ايضا مهمة الباحث ، وعلى هذا فسنقسم الاراء الى : 1ـ علاقة الانسان بربه ، 2ـ علاقة الانسان بنفسه ، 3ـ علاقة الانسان بغيره ، 4ـ ثم سياسة الدولة وهو باب متشعب كما سنرى .
وقد يعترض معترض بان القسمين الاولين الباحثين في علاقة الانسان بربه وعلاقته بنفسه يجب ان يستبعدا من بحث مقصور على الاغراض الاجتماعية اي على ما يقوم بين الناس من معاملات ليس منها ، معاملات الفرد للخالق ولا لنفسه التي بين جنبيه ولكن هذا الاعتراض غير وجيه ، الا بالنسبة للاراء الميتافيزيقية البحتة التي بحث فيها الامام بحثا مطولا عن منشأ الكون وعلاقة الاجرام بعضها ببعض وكيفية خلق الملائكة والبشر ، تلك الاراء التي وجدها خرجة عن مرضوعنا فاسبعدناها انا علاقة

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 246

الانسان بربه ، فالمقصود بها هنا ، الوصايا التي وجهها الامام الى مجتمعه ليعمل بها فيما يختص بالخالق الجليل وبذلك تكون اعمالا بشرية ، ان لم تكن اجتماعية بالمعنى العلمي الحرفي ، فهي اجتماعية لأنها مطلوب القيام بها من الجماعة ولأنها مظهر اجتماعي ومؤثر قوي في السلوك الاجتماعي البحت اي في سلوك الافراد ازاء بعضهم بعضا . اما فيما يختص بعلاقة الانسان مع نفسه فالمسالة اوضح ، لانا بتدريب انفسنا على منهج خاص نخلقها خلقا جديدا وهذا الخلق مؤثر ابعد التأثير في نوع تعاملنا مع الاخرين ، ولان العدى موجودة في الخير وفي الشر ، فكوننا على هذه الحال او تلك اغراء لمن هم دوننا ولمن هم بمعرض التأثر بمثالنا ، وعلى ان يحتذوا ذلك المثال ، ولانا نحن مكونو المجتمع وكما نكون يكون .
هذا الا ان هذين القسمين شيء قليل بالنسبة للقسمين الاخرين .
اما عن علاقة الفرد بربه فقد ضم نهج البلاغة بين دفتيه صفحات نادرة في تمجيد الله وتحليل صفاته ، وكثر فيه النصح بالقاء النفس الى الله كما جاء في وصة الامام لابنه وبشكره على نعمائه وعدم الاغترار بما يوفق اليه من النجاح (واذا انت هديت لقصدك ، فكن اخشع ما تكون لربك) . واوصى ابن ابي بكر بقوله : (. . ولا تسخط الله برضا احد من خلقه فإن في الله خلفا من غيره ، وليس من الله خلف في غيره) . وبمثل هذا كان يفتتح خطاباته الى ولائه وقضائه ؟ ولنستمع الى قوله حين بعث بعض

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 247

عماله على الصدقة : (آمره بتقوى الله في سرائر امره وخفيات عمله حيث لا شاهد غيره ولا دليل دونه وآمره ان لايعمل بشيء من طاعة الله فيما ظهر فيخالف الى غيره فيما اسر) ، وليس غريبا ان يوصي بما اوصى به القرآن من الرجوع اليه وإلى الحديث عند التباس الامور فيقول : (واردد الى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب ويشتبه عليك من الامور) . وليس غريبا ايضا ان يعتبر الشكوى من نوائب الزمان شكوى من الله فيقول : (من اصبح يشكو مصيبة نزلت به فقد اصبح يشكو ربه) .
وقد ظهرت عقيدته الراسخة في الله ودعوته الى نصرة دينه في قوله : (لا تجعلن اكثر شغلك باهلك وولدك واولياء الله فان الله لا يضيع اولياءه وان يكونوا اعداء لله فما همك وشغلك باعداء الله) .
على ان نغمته الزاهدة لا تفتأ تتكرر فهو يقول لنا هنا : (من رضي برزق الله لم يحزن على ما فاته) ويقول لنا هناك ان (الرزق رزقان ، رزق تسعى اليه ورزق يسعى اليك) وهذا قول حكيم لانه لا يدعو الى الكسل وانتظار الرزق من الله ، بل يقول ان السعي يزيد الرزق ولكن يجب على المرء الا يشغل بجميع جوارحه بالسعي وراء الدنيا فيغفل عن العمل الصالح .
سبق ايراد قوله «ع» : (من اصبح يشكو مصيبة نزلت به فقد اصبح يشكو ربه) .

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 248

والان نضم الى ذلك قوله : (ولا يحمد حامد الا ربه ، ولا يلم لائم الا نفسه) . ان النص الاول يدعونا الى عدم شكوى الزمان ، لان الزمان يجري كما قضى الله وقدر فثورتنا عليه ليست الا ثورة على قضاء الله وقدره ، اما النص الثاني فانه يدعونا الى ان نعتقد ان الخير من الله ، وان الشر من انفسنا اي ان الله اعطانا عقلا نميز به بين الطريقين كما قال تعالى « انا هديناه النجدين » فان سلكنا طريق الشر فلا نلم الا انفسنا . وان سلكنا طريق الخير فلا نحمد الا الله لانه هو الذي ارشدنا .
أ ـ واما عن علاقة الفرد مع نفسه فقد قال «ع» في وصيته الى ابن ابي بكر : (. . فانت محقوق ان تخالف على نفسك) اي ان تخالف هواك وتحكم عقلك . ثم قال في موضع آخر : (من كان له من نفسه واعظا ، كان عليه من الله حافظا) . وأوضح ذلك الرأي بموضع ثالث بقوله : (من لم يعن نفسه حتى يكون له منها واعظ وزاجر ، لم يكن له من غيرها زاجر ولا واعظ) .
لقد عرف الامام علي ان بالنفس نوازع شر ونوازع خير فدعا الى التشديد عليها حين تأمر بالسوء واستعان عليها بالله في قوله : (والله المستعان على نفسي وانفسكم) ثم اعتمد على الضمير اليقظ واهاب بنا ان نقويه فانه عاصمنا ومنه المزدجر . وقد زاد من عنايته بالتدريب النفسي انه اعتقد ان الطباع كسبية فقال : (ان لم تكن حليما فتحلم فانه قل من تشبه بقوم الا اوشك ان يكون منهم) وانه اعتقد ان الانسان مفطور على الخير وان الخير في

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 249

عودته لفطرته فقال : (الله بعث في الناس رسله وواتر اليهم انبياءه ليستأدوهم ميثاق فطرته) فمهمة الانبياء عنده اعادتنا الى الفطرة التي فطرنا الله عليها .
ب ـ ونلاحظ انه اكثر من النهي عن (الامل) لا الامل الذي نعرفه والذي حث الله عليه بل اوجبه في ذكر اقواله تعالى «ولا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون» وانما الامل بمعنى الاعتماد على طول الاجل ، وارتكاب المحرمات ، وارجاء الفرائض اعتماداً على ذلك وهذا رأي نشاركه كلنا فيه فان كل ما بالعالم يمر في سرعة وثابة وما انصف ولا اصاب من يبذر في صحته او ماله اعتمادا على وفرة صحته او ماله ولا من يؤجل العمل انتظاراً للغد . فان الغد يمر ونمر معه ، واذن فما احرانا ان نعمل بنصيحة الامام القائلة (وبادروا اجالكم باعمالكم) وان نتدبر قوله : (ان اخوف ما اخاف عليكم اتباع الهوى وطول الامل) .
ج ـ لم اكد أبدأ بالكتابة عن علاقة الانسان بربه حتى شعرت بنحولة الفاصل بين هذا القسم والقسمين الاخرين ، وها انذا الان اشعر بهذه النحولة ايضا : فها هي حكم ووصايا تدخل في سلوك المرء مع نفسه ، وتدخل في سلوكه مع غيره كقوله (قرنت الهيبة بالخيبة والحياء بالحرمان والفرصة تمر مر السحاب فانتهزوا فرص الخير) ومثل قوله : (الصبر صبران : صبر على ما تكره وصبر على ما تحب) وقوله البليغ : (افضل الزهد اخفاء الزهد) ونهيه : (واياك والاعجاب بنفسك والثقة بما يعجبك منها

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 250

وحب الاطراء فان ذلك من اوثق فرص الشيطان في نفسه ليمحق ما يكون احسان المحسنين) فان دعوته الى الشجاعة والجرأة وانتهاز فرص الخير وتحمل الداء وعدم الاستنامة اليه ، والصبر بنوعيه ، واخفاء الزهد اي الزهد في سبيل التظاهر والزهد بالقلب مع مواصلة العمل والجهاد ، ونهيه عن الاعجاب بالنفس وحب الثناء ، كل هذه العهود يتناولها المرء بينه وبين نفسه وبينه وبيه غيره . اما امره : (ولا تتمن الموت الا بشرط وثيق) اي لا تعرض نفسك للهلاك الا ان تقضي غاية سامية وضرورة لازية ، فانه ادخل في نطاق المعاملة النفسية (1) .

المجلس السابع عشر(2)

اذا كان علي «ع» قد وضع لنا هذه القاعدة النبيلة في قياس الفضيلة والخير وهي الا نعمل في السر ما نخجل من عمله في العلن حيث قال ؛ (واحذر كل عمل يعمل به في السر ويستحى منه في العلانية) فانه قد حبانا ايضا بمقياس نبيل لاعمالنا تجاه الاخرين في قوله الخالد : (يا بني اجعل نفسك ميزانا فيما بينك وبين غيرك

(1) عبده حسن الزيات .
(2) من المجالس التي اضفناها على الطبعة السابقة .

السابق السابق الفهرس التالي التالي