المجالس السنية ـ الجزء الخامس 167

المناجات . وثلاث منها في الحكمة وثلاث منها في الادب . فاما اللاتي في المناجاة فقال : الهي كفى بي عزا ان اكون لك عبداً وكفى بي فخراً ان تكون لي ربا انت كما احب فاجعلني كما تحب واما اللاتي في الحكمة فقال : قيمة كل امرئ ما يحسنه . وما هلك امرؤ عرف قدره . والمرء مخبوء تحت لسانه . واما اللاتي في الادب فقال : امنن على من شئت تكن اميره واحتج الى من شئت تكن اسيره واستغن عمن شئت تكن نظيره .

المجلس الرابع

قال ابن الاثير في الكامل : قال ابن عباس : قسم علم الناس خمسة اجزاء فكان لعلي منها اربعة اجزاء ولسائر الناس جزء شاركهم علي فيه فكان اعلمهم به (وفي الاستيعاب) بسنده عن ابن عباس انه قال والله لقد اعطي علي بن ابي طالب تسعة اعشار العلم وايم الله لقد شارككم في العشر العاشر (وفي الكامل ) قال احمد بن حنبل ما جاء لاحد من اصحاب النبي صلى الله عليه واله وسلم ما جاء لعلي (وفي الاستيعاب) عن احمد بن حنبل واسماعيل بن اسحاق القاضي والنسائي انهم قالوا لم يروا في فضائل احد من الصحابة بالاسانيد الحسان ما روي في فضائل علي بن ابي طالب (1) (وفي

(1) حكى ابن حجر في الاصابة عن بعضهم انه قال كان

=

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 168

الكامل والاستيعاب وغيرهما) قدم علي «ع» مال من اصبهان

= سبب ذلك بغض بني امية فكان كل من كان عنده علم من شيء من نماقبه من الصحابة يثبته وكلما ارادوا اخماده وهددوا من حدث بمناقبه لاتزداد الا انتشارا (الى ان قال) وتتبع النسائي ما خص به من دون الصحابة فجمع من ذلك شيئا كثيرا باسانيد اكثرها جياد (اقول) بل السبب في ذلك كثرة مناقبه التي لم يستطع اعداؤه اخفاءها وكرامة من الله خصه بها والله تعالى فيه من خوارق العادات شيء كثير هذا احدها ( رالى ) ذلك اشار من قال ما اقول في رجل اخفى اولياؤه فضائله خوفا واعداؤه حسدا وظهر من بين ذين ما ملأ الخافقين (وروي) في الالستيعاب عن عامر ابن عبد الله بن الزبير انه سمع ابنا له ينتقص عليا فقال يا بني اياك والعودة الى ذلك فان بني مروان شتموه ستين سنة فلم يزده الله بذلك الا رفعة وان الدين لم يبن شيئا فهدمته الدنيا وان الدنيا لم تبن شيئا الا عاودت على ما بنت فهدمته . فهذا هو السبب في انتنشار فضائله «ع» لا ما ذكره هذا البعض (كيف) وكثير من الصحابة كانوا منحرفين عنه (فسعد وابن عمر) لم يبايعاه بعد قتل عثمان وبايع الثاني يزيد بن معاوية بعده وغيرهما من الصحابة لم يبايعه فلم يجبرهم وقال هؤلاء قوم خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل ( واهل الجمل ) نكثوا بيعته وهم من الصحابة (وعداوة) ابن الزبير له معلومه (ولما) روت ام المؤمنين حديث خروج رسول الله «ص»

=

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 169

فقسمه على اسهم فوجد فيه رغيفا فقسمه سبع كسر فجعل

= في مرضه قالت متوكئا على الفضل ورجل آخر وكان الاخر عليا فلم يسعها التصريح باسمه (وقولها) وسجودها لما جاءها نعيه مشهور (وسؤال) يونس النحوي للخليل بن احمد العروضي لم كان الصحابة كلهم كانهم ابناء ام واب وعلي وحده كانه ابن علة (وجواب) الخليل له معروفان (وخبر ) انس حين استشهده علي «ع» على حديث من كنت مولاه فعلي مولاه فقال اني نسيت فقال ان كنت كاذبا فرماك الله ببرص لا تغطيه العمامة فبرص وكان يقول هذا من دعوة العبد الصالح مشهور (وحال) حسان بن ثابت في انحرافه عنه واضح حتى رماه بقتل عثمان فقال :
يا ليت شعري وليت الطير تخبرني مـا كان بين علـي وابن عفانـا
ضحـوا باشمط عنوان السجود به يقطـع الليـل تسبيحـا وقرآنـا
لتسمعـن وشيكـا فـي ديـارهم الله اكبـر يـا ثـارات عثمانـا

وحال ابي موسى الاشعري وتخذيله عنه الناس بالكوفة يوم الجمل وهو عامله وخلعه له من الخلافة يوم الحكمين غير خافية (وامر) معاوية وعمرو بن العاص معه معلوم وهما من الصحابة وجملة من الصحابة كانوا منحازين الى بني امية يداهنونهم وينالون من دنياهم ويلون لهم الاعمال كالنعمان بن بشير وابي هريرة والمغيرة ابن شعبة وامثالهم وجملة منهم اخذوا الاموال الطائلة وولوا الولايات الجليلة ليرووا لبني امية في ذمة ما شاؤوا مثل ان اية

=

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 170

على كل جزء كسرة ثم اقرع بينهم ايهم يعطي اولا (قال) في

= والذي اذا تولى في الارض سعى ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل نزلت في علي بن ابي طالب وانه غاص رسول الله «ص» بخطبته بنت ابي جهل وبعضهم بذل له معاوية قدرا وافيا من المال على اختلاق حديث في نقصه فلم يقبل فما زال يزيد له حتى قبل . (راجع شرح النهج الحديدي في الجزء الرابع من تجزئة المصنف في شرح : «اما انه سيظهر عليكم بعدي الخ » تجد من ذلك شيئا كثيرا واستقصاءه يطول به الكلام ) ولم يكن لكثير منهم الحرص على اثبات مناقبه واظهارها الا نفر يسير استولى عليهم الخوف والاضطهاد (وفي) اي زمان كان يجسر احد على ذكر فضائله ؟ افي زمن بني امية الذين جعلوا سبه على المنابر في الاعياد والجمعات كفرض الصلاة ستين سنة وكان الناس يتقربون اليهم بذمه واخفي قبره بعد موته خوفا منهم . ام في زمن بني العباس وحالهم مع شيعته وذريته حتى بنوا عليه الحيطان وشردوهم عن الاوطان معلومة وكانت الناس تتقرب اليهم بتقدبم غيره عليه بل بذمه وحال المتوكل في ذالك وقصته مع ابنه المستنصر مشهورة وقصيدة مروان بن ابي حفصة اللامية اشهر من قفا نبك (وقصة) النسائي المحدث المشهور مع اهل الشام حين سالوه ايهما افضل معاوية ام علي فقال اما يرضى معاويه راسا براس وحين سالوه ما تروي في فضل معاوية فقال حديث لا اشبع الله له بطنا فرضوا خصيتيه

=

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 171

الاستيعاب) واخباره في مثل هذا من سيرته لا يحيط بها كتاب

= حتى مات مشهورة ولم يزل هذا الداء المزمن ساريا الى يومنا هذا حتى ان الباعث لهذا البعض على ذكرهذا السبب هو من هذا البحر وعلى هذه القافية عظم عليه ان يكون علي بن ابي طالب ورد في فضله منا لم يرد لاحد من الصحابة فاراد مسخ هذه المنقبة وتوهينها بان ذلك ليس لزيادة فضله عليهم كيف وهو متاخر بزعمه في الفضل عن جملة منهم بل لما ذكره من العلة وهذه عادتهم وشنشنتهم الاخزمية في كل منقبة تنسب الى علي واهل بيته الا من عصمه الله فيقدحون في سندها وفي دلالتها ويلتمسون لها انواع التاويلات ولو بعدت وكانت باردة ويلتمسون لها المعارضات والموهنات (مثل) ان المولى في حديث من كنت مولاه يحتمل المعتق والمعتق والجار والصاحب والصديق وغير ذلك ويغض النظر عن انه مسبوق بقوله الست اولى بالمؤمنين من انفسهم وان هذا الاهتمام العظيم لا يناسب ما ذكر من المعاني وان بعضها لا معنى له (ومثل) انا مدينة العلم وعلي بابها اي عال ويوضع لها تكملة وفلان سقفها وفلان هائطها (واذا) ذكرت شجاعة على قرنت بشجاعة خالد (ومثل) اقضاكم علي فيوضع جنبها وافرضكم زيد واقرؤكم ابي (واذا) ذكر السبق في الاسلام ذكر انه لغيره او شورك فيه فيقال اول من اسلم من الصبيان علي ومن الكهول فلان ومن النساء خديجة (واذا) ذكر سد الابواب الا باب علي ذكر

=

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 172

(وفي الكامل) قال سفيان ان عليا لم يبن آجرة على آجره ولا لبنة على لبنة ولا قصبة على قصبة وان كان ليؤتي بحبوبه من المدينة في جراب (قال) وقيل انه اخرج سيفا الى السوق فباعه وقال لو كان عندي اربعة دراهم ثمن ازار لم ابعه (وفي الاستيعاب) ذكر عبد الرزاق بسنده عمن رأى علي بن ابي طالب على المنبر يقول من يشتري مني سيفي هذا فلو كان عندي ثمن ازار ما بعته فقال له رجل نسلفك ثمن ازار (قال عبد الرزاق) وكانت بيده الدنيا كلها الا ما كان من الشام (وفي الكامل ) وكان لا يشتري ممن يعرفه واذا اشترى قميصا قدر كمه على طول يده وقطع الباقي (قال) وكان يختم على الجراب الذي فيه دقيق الشعير الذي ياكل

= بدله الا خوخة فلان (واذا) ذكر حديث لايحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق روي مثل ذلك في الانصار (واذا) روي الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة روي مقابله فلان سيد كهول اهل الجنة مع انه ليس في الجنة كهول الى غير ذلك مما لا يحصى كثرة (ومن) ذلك تعلم ان ما تعقب به ابن حجر الكلام السابق بقوله «وقد ولد له الرافضة مناقب موضوعة هو غني عنها » ظلم منه لشيعة اهل البيت الذين نبزهم بالرافضة بل التوليد خاص باصحابه الذين اشرنا اليهم والذين رووا احاديث (ما ابطأ عني جبرئيل ) و (وسراج اهل الجنة) و (هل فلان راض عني) وغيرها والله يجزي كلا بعمله .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 173

منه ويقول لا احب ان يدخل بطني الا ما اعلم (قال) ورؤي وهو يحمل في ملحفته تمرا قد اشتراه بدرهم فقيل له يا امير المؤمنين الا نحمله عنك فقال ابو العيال احق بحمله (قال) وتذاكروا الزهاد عند عمر بن عبد العزيز فقال ازهد الناس في الدنيا علي بن ابي طالب ( ثم قال في الكامل ) ومناقبه لا تحصى (اقول) وما زالت هذه حاله وهذا دأبه مدة حياته حتى ضربه ابن ملجم بالسيف على ام راسه في محرابه ليلى التاسع عشر من شهر رمضان ضربة فلق بها هامته .
ولا عيب للاشراف ان طفرت بها ذئاب الاعادي من فصيح واعجم
فحربه وحشي سقت حمزة الردى وحتف علي من حسام ابن ملجم


المجلس الخامس

قال ابن عبد البر المالكي في الاستيعاب في معرفة الاصحاب قال ابن اسحاق اول من آمن بالله وبرسوله محمد «ص» من الرجال علي بن ابي طالب (وبسنده) عن ابن عباس قال كان علي بن ابي طالب اول من آمن من الناس بعد خديجة (قال ابن عبد البر) هذا اسناد لا مطعن فيه لاحد لصحته وثقة نقلته (وبسنده) عمن سمع عليا عليه السلام يقول لقد عبدت الله قبل ان يعبده احد من هذه

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 174

الامة خمس سنين (وبسنده) عن ابن عباس انه قال : لعلي اربع خصال ليست لاحد غير هو اول عربي وعجمي صلى مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وهو الذي كان لواؤه معه في كل زحف وهو الذي صبر معه يوم فر عنه غيره وهو الذي غسله وادخله قبره (قال) وروي عن سلمان انه قال اول هذه الامة ورودا على نبيها صلى الله عليه واله وسلم الحوض اولها اسلاما علي بن ابي طالب (وبسنده) عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال لعلي بن ابي طالب انت ولي كل مؤمن بعدي (قال) واجمعوا على انه صلى القبلتين وهاجر وشهد بدرا والحديبية وسائر المشاهد وانه ابلى ببدر وباحد وبالخندق وبخيبر بلاء عظيما وانه اغنى في تلك المشاهد وقام فيها المقام الكريم وكان لواء رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بيده في مواطن كثيرة ولم يتخلف عن مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الا في تبوك فانه خلفه على المدينة وعلى عياله وقال له انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي (قال) وروى حديث المنزلة جماعة من الصحابة وهو من اثبت الاثار واصحها (وبسنده) عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لعلي انت اخي وصاحبي (قال) وقال علي يوم الشورى انشدكم الله هل فيكم احد آخى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بينه وبينه اذ آخى بين المسلمين غيري قالوا اللهم لا (قال) وروينا من وجوه عن علي «ع» انه كان يقول انا عبد الله واخو رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لا يقولها احد غيري الا كذاب (قال) وآخى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بين المهاجرين ثم بين المهاجرين والانصار وقال في كل واحد منهما

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 175

لعلي انت اخي في الدنيا والاخرة وآخى بينه وبين نفسه (قال) وروى بريدة وابو هريرة وجابر والبراء بن عازب وزيد بن ارقم عن النبي صلى الله عليه واله وسلم انه قال يوم غدير خم من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه (قال) وبعضهم لا يزيد على من كنت مولاه فعلي مولاه (قال) وروى سعد بن ابي وقاص وسهل بن سعد وابو هريرة وبريدة وابو سعيد الخدري وابن عمر وعمران بن حصين وسلمة بن الاكوع كلهم بمعنى واحد عن النبي صلى الله واله وسلم انه قال يوم خيبر لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ليس بفرار يفتح الله على يديه ثم دعا بعلي وهو ارمد فتفل في عينيه واعطاه الراية ففتح عليه (قال) وهذه كلها اثار ثابتة (قال) ولما نزلت انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا دعا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فاطمة وعليا وحسنا وحسينا في بيت ام سلمة وقال : اللهم هؤلاء اهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا (قال) وروت طائفة من الصحابة ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال لعلي لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق (قال) وكان علي يقول والله انه لعهد النبي الامي انه ما كنا نعرف المنافقين الا ببغض علي بن ابي طالب (وفي الفصول المهمة) لابن الصباغ المالكي عن ابي سعيد الخدري ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الاببغضهم عليا (وفي الاستيعاب) قال صلى الله عليه واله وسلم من احب عليا فقد احبني ومن ابغض عليا

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 176

فقد ابغضني ومن آذى عليا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله (قال) وروي عن النبي صلى الله عليه واله وسلم انه قال انا مدينة العلم وعلي بابها فمن اراد العلم فليأته من بابه (وقال صلى الله عليه واله وسلم) في اصحابه اقضاهم علي ابن ابي طالب (وبسنده) عن سعيد بن المسيب ما كان احد من الناس يقول سلوني غير علي بن ابي طالب (وبسنده) عن ابي الطفيل شهدت عليا يخطب وهو يقول سلوني فوالله لا تسألوني عن شيء الا اخبرتكم وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية الا وانا اعلم ابليل نزلت ام نهار افي سهل ام في جبل (وبسنده) انه قيل لعطاء اكان في اصحاب محمد «ص» احد اعلم من علي قال لا والله ما اعلمه (وبسنده) عن عائشة انها قالت اما انه اي علي «ع» لاعلم الناس بالسنة (قال) وقيل لعبد الله بن عياش بن ابي ربيعة لم كان صفو الناس الى علي فقال ان عليا كان له ما شئت من ضرس قاطع في العلم وكان له البسطة في العشيرة والقدم في الاسلام والصهر لرسول الله «ص» والفقه في السنة والنجدة في الحرب والجود في الماعون (وبسنده) ان رسول الله «ص» قال لوفد ثقيف لتسلمن او لابعثن رجلا مني او قال مثل نفسي فيضربن اعناقكم وليسبين ذراريكم وليأخذن اموالكم قال عمر فوالله ما تمنيت الامارة الا يومئذ وجعلت انصب صدري له رجاء ان يقول هو هذا فالتفت الى علي فاخذ بيده ثم قال هو هذا هو هذا (قال) ولم يكن يستاثر من الفيء بشيء ولا يخص به حميما ولا قريبا (قال) وقد ثبت عن الحسن بن علي من وجوه انه قال

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 177

لم يترك ابي الا ثمانمائة درهم او سبعمائة درهم فضلت من عطائه كان يعدها لخادم (1) يشتريها لاهله (قال) واما تقشفه في لباسه ومطعمة فاشهر من هذا كله (وبسنده) عن عبد الله بن ابي الهذيل قال رابت عليا خرج وعليه قميص غليظ دارس اذا مدكم قميصه بلغ الى الظفر واذا ارسله صار الى نصف الساعد (وبسنده) عمن راى علي بن ابي طالب وازاره الى نصف الساق وهو يطوف في الاسواق ومعه درة يامرهم بتقوى الله وصدق الحديث وحسن البيع والوفاء بالكيل والميزان (وبسنده) ان عليا «ع» قسم ما في بيت المال بين المسلمين ثم امر به فكنس ثم صلى فيه رجاء ان يشهد له يوم القيامة (قال) وكان يقول يا دنيا لا تغريني غري غيري وينشد :

اذ كل جنائي وخياره فيه فكل جـان يده الى فيه

(وبسنده) انه بعد ما فرق كل ما في بيت المال جعل يقول :

افلح من كانت له قوصرة (2) ياكل منها في كل يوم مرة

(قال) وروي من حديث علي وابن مسعود وابي ايوب

(1) الخادم يطلق على الذكر والانثى والمراد هنا الثاني .
(2) القوصرة بفتح القاف والصاد وتشديد الراء وتخفيفها وعاء من قصب يعمل للتمر .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 178

الانصاري انه «ع» امر بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين (قال) وقد كان بنو امية ينالون منه وينتقصونه فما زاده الله بذلك الا سموا وعلوا ومحبة عند العلماء (قال) وفضائله لا يحيط بها كتاب اهـ (وقال) عبد الباقي العمري في مدحه «ع» :

ما فرق الله شيئا في خليفته من الفضائل الا عندك اجتمعا

(اقول) من كان هذا فضله وهذه مناقبه كيف يدفع عن حقه ويزال عن مرتبته التي رتبه الله فيها حتى آل الامر بهذه الامة الى ان شقت عصا طاعته واعلنت بعداوته وبغته الغوائل وقادت الى حربه الجيوش والعساكر يوم الجمل وصفين والنهروان وهو الذي لا يحبه الا مؤمن ولا يبغضه الا منافق ومن ابغضه فقد ابغض رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ومن آذاه فقد آذى الله ورسوله صلى الله عليه واله وسلم كما نطقت به الاخبار التي سمعتها حتى ادى بهم الحال الى قتله غيلة بالسيف في محراب مسجد الكوفة .
باسياف ذاك البغي اول سلها اصيب علي لا بسيف ابن ملجم


المجلس السادس

قال ابن حجر العسقلاني في كتاب الاصابة في تمييز الصحابة :

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 179

من خصائص علي «ع» قوله صلى الله عليه واله وسلم (1) يوم خيبر لادفعن الراية غدا الى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه فلما اصبح رسول الله «ص» غدوا كلهم يرجو ان يعطاها فقال رسول الله «ص» اين علي بن ابي طالب فقالوا هو يشتكي عينيه فاتي به فبصق في عينيه فدعا له فبرئ فاعطاه الراية اخرجاه في الصحيحين (قال) وفي حديث ابي هريرة عند مسلم فقال عمر ما احببت الامارة الا ذلك اليوم (قال) وفي المسند لعبد الله بن احمد ابن حنبل انه لما دفع اليه الراية اسرع فجعلوا يقولون له ارفق حتى انتهى الى الحصن فاجتذب بابه فالقاه على الارض ثم اجتمع عليه سبعون رجلاً حتى اعادوه (قال) واخرج احمد والنسائي عن ابن عباس قال رسول الله «ص» لابعثن رجلا لايخزيه الله يحب الله ورسوله فجاء وهو ارمد فبزق في عينيه ثم هز الراية ثلاثا فاعطاه اياها . وبعثه يقرأ براءة على قريش وقال لا يذهب الا رجل مني وانا منه . وقال لبني عمه ايكم يواليني في الدنيا

(1) هذه عادة ابن حجر في الاصابة وغيرها يذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه واله وسلم بهذه الصورة فيذكر الال معه كلما ذكره تفاديا من الصلاة البتراء المنهي عنها لا كغيره ممن لا يذكرون الال فاذا اتفق انهم ذكروهم ذكروا معهم الاصحاب كما نبهنا عليه فيما سلف كما ان عادة ابن الاثير في الكامل اذا ذكر عليا ان يقول عليه السلام ويوجد غيره ايضا كذلك .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 180

والاخرة فابوا فقال علي انا فقال انه وليي في الدنيا والاخرة . واخذ رداءه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين وقال انما يريد الله يذهب عنكم الرجس اهل البيت . ولبس ثوب النبي «ص» ونام مكانه وكان المشركون قصدوا قتل النبي «ص» فلما اصبحوا راوه فقالوا اين صاحبك . وقال له في غزوة تبوك انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انك لست بنبي اي لا ينبغي ان اذهب الا وانت خليفتي . وقال له انت ولي كل مؤمن من بعدي وسد الابواب الا باب علي فيدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيره . وقال من كنت مولاه فعلي مولاه (قال) واخرج الترمذي بسند قوي ان معاوية امر سعد بن ابي وقاص فقال ما يمنعك ان تسب ابا تراب فقال اما ما ذكرت ثلاثا قالهن رسول الله «ص» لان تكون لي واحدة منهن احب الي من ان يكون لي حمر النعم فلن اسبه . سمعت رسول الله «ص» وقد خلفه في بعض المغازي فقال له علي يا رسول الله تخلفني مع النساء والصبيان فقال له اما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي . وسمعته يقول يوم خيبر لاعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فتطاولنا لها فقال ادعوا لي عليا فاتاه وبه رمد فبصق في عينيه ودفع الراية اليه ففتح الله عليه . وانزلت هذه الاية «فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم» فدعا رسول الله «ص» عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال اللهم هؤلاء اهلي (قال) واخرج

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 181

الترمذي باسناد قوي قال رسول الله «ص» ما تريدون من علي ان عليا مني وانا من علي وهو ولي كل مؤمن من بعدي (وعن البيهقي) في فضائل الصحابة بسنده الى النبي «ص» انه قال من اراد ان ينظر الى ادم في علمه والى نوح في تقواه والى ابراهيم في حلمه والى موسى في هيبته والى عيسى في عبادته فلينظر الى علي بن ابي طالب (اقول) وفضائل امير المؤمنين «ع» ومناقبه كثيرة لا يحيط بها بيان ولا يحصيها لسان ولا تدرك بعد ولا توصف بحد .
مناقب لجـت فـي علو كـأنما تحاول ثارا عند بعض الكواكب
محاسن من مجد متى يقرنوا بها مـحاسن اقـوام تعد كالمعائب

وروى المفيد في الارشاد بسنده عمن سمع اشياخ كندة اكثر من عشرين مرة يقولون سمعنا عليا «ع» على المنبر يقول ما يمنع اشقاها ان يخضبها من فوقها بدم ويضع يده على لحيته (قال) وعن الاصبغ بن نباته قال خطبنا امير المؤمنين «ع» في الشهر الذي قتل فيه فقال اتاكم شهر رمضان وهو سيد الشهور واول السنة (1) وفيه تدور رحى السلطان الا وانكم حاجو العام صفا

(1) وردت عدة روايات عن اهل البيت عليهم السلام تدل على ان شهر رمضان اول السنة (منها) هذه الرواية (ومنها) ما رواه علي بن رئاب عن العبد الصالح قال ادع بهذا الدعاء في شهر رمضان مستقبل دخول السنة وذكر الدعاء (ومنها) ما في الصحيفة الثالثة السجادية عن ابن طاووس في كتاب زوائد الفوائد قال

=

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 182

واحداً وآية ذلك اني لست فيكم قال فهو ينعى نفسه «ع» ونحن لا ندري (وروى) المفيد ايضا في الارشاد ان عليا «ع» قال لابنته ام كلثوم يا بنية اني اراني قل ما اصحبكم قالت وكيف ذاك يا ابتاه قال اني رايت رسول الله «ص» في منامي وهو يمسح الغبار عن وجهي ويقول يا علي لا عليك قد قضيت ما عليك قالت فما مكثنا الا ثلاثا حتى ضرب تلك الضربة فصاحت ام كلثوم فقال يا بنية لا تفعلي فاني ارى ما لا ترين .
لقد صرع الاسـلام سـاعة قـتله فيا مصرع الاسلام عظمت مصرعا
فكيف ودار الوحي اضحت ربوعها خـلاء وامـسى منـزل الدين بلقعا


المجلس السابع

قال رسول الله «ص» انا مدينة العلم وعلي بابها فمن اراد المدينة

= وكان من دعائه «ع» في اول كل سنة وهو اول يوم من شهر رمضان ولا ينافي ذلك ما هو معروف من ان اول السنة الهجرية هو المحرم فان ذلك اصطلاح مخصوص وجعل شهر رمضان اول السنة اما لانه اشرف شهور السنة وافضلها او لامر علموه صلوات الله عليهم ولم نطلع عليه والله اعلم .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 183

فليأت الباب (او) فمن اراد العلم فليات الباب (او) فلياته من بابه (او) من اراد بابها فليات عليا (او) ولا تؤتى البيوت الا من ابوابها (او) وهل تدخل المدينة (او) تؤتى المدينة الا من بابها (او) كذب من زعم انه يصل الى المدينة الا من الباب (وفي رواية) انا مدينة الحكمة وعلي بابها (وقال ص ) اقاضاكم علي (وقال) علي «ع» وهو على المنبر سلوني قبل ان تفقدوني فما من آية الا وانا اعلم بليل انزلت او نهار او سهل او جبل (وروى) احمد ابن حنبل انه لم يكن احد من اصحاب رسول الله «ص» يقول سلوني غير علي بن ابي طالب وقال «ع» لو ثنيت لي وسادة فجلست عليها لافتيت اهل التوراة بتوراتهم واهل الانجيل بانجيلهم وكان «ع» مرجعا لجميع الصحابة في مشكلاتهم ولم يرجع الى احد (وقال) رسول الله صلى الله عليه واله وسلم علي مع الحق والحق مع علي (وقال صلى الله عليه واله وسلم لعلي «ع» لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق (وامر) رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بسد الابواب من المسجد الا باب علي وقال والله ما سددت شيئا ولا فتحته ولكني امرت بشيء فاتبعته رواه احمد ابن حنبل (وهو) صهر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وزوج ابنته وبضعته سيدة نساء العالمين التي لم يكن لها كفؤ سواه وابو ولديه الحسنين سيدي شباب اهل الجنة اللذين انحصر نسله فيهما (وهو) الذي لم يسبقه سابق ولم يلحقه لاحق في سعة علمه وغزارة فضله وفصاحته وشجاعته وعدله وسياسته وعبادته وجمعه لانواع الفضائل ومتضاداتها (وهو) الذي صعد على منكب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ورمى

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 184

الاصنام من فوق الكعبة (وهو) حامل لواء الحمد والساقي على الحوض وقسيم النار يقول هذا لي وهذا لك (وفي رواية) قسيم الجنة والنار قال الشاعر :
عـلـي حـبـه جنة قسيـم النـار و الجنـة
وصي المصطفى حقا امـام الانـس والجنـة

(وقال) رسول الله صلى الله عليه واله وسلم علي مني وانا من علي (ولما) نزلت سورة براءة بعث النبي «ص» بعض اصحابه ليقرأها على المشركين في الموسم فنزل عليه جبرئيل فقال يا محمد لا يبلغ عنك الا انت او رجل منك فبعث عليا «ع» فاخذها منه (وقال) «ص» يوم غدير خم من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وادر الحق معه حيثما دار (وقال) له انت ولي كل مؤمن من بعدي رواه ابن حجر في الاصابة (وهو) اول من آمن بالله وجاهد بين يدي رسول الله «ص» . ونام على فراشه ليلة الغار ووقاه بنفسه . وبسيفه ثبت اساس الدين وارتفعت دعائم الاسلام وكان معه لواء رسول الله «ص» في المواقف كلها وثبت معه في كل موقف ولم يهرب في موقف قط ولا بارز احدا فسلم منه كانت ضرباته وترا اذا علا قد واذا اعترض قط . وقتل في يوم بدر صناديد قريش فقتل وحده نصف المقتولين من المشركين وقيل ازيد من النصف بواحد وقتل وقتل باقي المسلمين وثلاثة الاف من الملائكة المسومين النصف الاخر وشرك علي «ع» في قتل البعض من النصف الاخر وثبت مع

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 185

رسول الله «ص» يوم احد بعد ان انهزم الناس عنه حتى نزل جبرئيل وقال يا رسول الله هذه هي المواساة فقال انه مني وانا منه فقال جبرئيل وانا منكما وقال جبرئيل في ذلك اليوم :
لا سيف الا ذو الفقا ر ولا فتى الا علي

وقتل عمرو بن عبد ود يوم الخندق بعد ما جبن عنه الناس وهزم الله بقتله الاحزاب وكفى الله المؤمنين القتال بعلي «ع» (وقال) رسول الله «ص» ضربة علي يوم الخندق تعدل عمل الثقلين الى يوم القيامة وذلك لانه لولا ضربة علي «ع» لغلب المسلمون وحصل اعظم ذل ووهن على الاسلام (وقال) رسول الله «ص» يوم خيبر لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار ياخذها بحقها لا يرجع حتى يفتح الله على يديه وكان علي «ع» ارمد فتفل في عينيه فبرئ وزحف بالراية واستقبله مرحب فضربه على هامته ضربة وصلت الى اضراسه وسمع اهل العسكر صوت ضربته وانهزمت اليهود واغلقت الحصن فاجتذب بابه فالقاه واجتمع عليه سبعون رجلا حتى اعادوه (وثبت) في يوم حنين بعدما انهزم الناس عن رسول الله «ص» وحامى عنه حتى رجع الناس بثباته وثبات تسعة معه ثمانية من بني هاشم والتاسع ايمن بن ام ايمن وثبتت التسعة ثم قتل علي «ع» ابا جرول وانهزم المشركون بقتله (وهو) الذي جعل نفس رسول الله «ص» في قوله تعالى في آية المباهلة «فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم» فدعا «ص» عليا

المجالس السنية ـ الجزء الخامس 186

وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام (وآخاه) النبي «ص» لما اخى بين اصحابه وهذا دليل على انه لم يكن له كفؤ بين اصحاب النبي «ص» وانه افضلهم قال صفي الدين الحلي رحمه الله تعالى :
انت سر النبي والصنو وابن الـ ـعم والصهر والاخ المستجاد
لـو راى مثـلـك النبي لآخـا ه والا فـاخطـأ الانـتـقـاد

(واخذ) النبي «ص» كساء فوضعه على علي وفاطمة والحسن والحسين وقال «انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا» وذلك في بيت ام سلمة فارادت ان تدخل معهم فمنعها رسول الله «ص» وقال انت الى خير (وعن) الترمذي في صحيحه ان رسول الله «ص» كان من وقت نزول هذه الاية الى قريب من ستة اشهر اذا خرج الى الصلاة يمر بباب فاطمة ثم يقول «انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا» (وهو) الذي طلق الدنيا ثلاثا وكان طعامه خبز الشعير ولباسه الكرابيس الغليظ ومات ولم يخلف صفراء ولا بيضاء وكانت الدنيا كلها بيده عدا الشام وكان يكنس بيت المال ويصلي فيه ويقول :
هذا جناي وخياره فيه اذ كل جان يده الى فيه

(وفيه) انزل الله تعالى حين تصدق بخاتمه في صلاته «انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون» والزكاة الصدقة (واهدي) الى النبي «ص» طائر مشوي

السابق السابق الفهرس التالي التالي