اول ائمة المسلمين وخلفاء الله في العالمين بعد سيدنا محمد خاتم النبيين صلوات الله عليه وعلى آله الطاهرين اخوه وابن عمه ووارث علمه ووزيره على امره وصهره على ابنته فاطمة البتول سيدة نساء العالمين امير المؤمين وسيد الوصيين ابو الحسن علي ابن ابي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف . ولد عليه
السلام بمكة في الكعبة المشرفة ذكره ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة والمفيد في الارشاد وصاحب السيرة الحلبية وغيرهم واتفقت عليه الامامية ولم يولد في البيت الحرام قبله ولا بعده احد سواه وهذه فضيلة خصه الله تعالى بها اجلالا لمحله ومنزلته واعلاء لقدره قال عبد الباقي العمري البغدادي :
وكان مولده الشريف يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب على اكثر الاقوال وفي الفصول المهمة ليلة الاحد الثالث والعشرين منه (وفي رواية) يوم الاحد سابع شعبان بعد عام الفيل بثلاثين سنة (وقيل) بتسع وعشرين بعد مولد النبي صلى الله عليه واله وسلم بثلاثين سنة (وقيل) بثمان وعشرين ، قبل النبوة باثنتي عشر سنة (وقيل) وعشر سنين قبل الهجرة بثلاث وعشرين سنة (وقيل) بخمس وعشرين (واسم ابيه) عبد مناف وابو طالب كنيته وهو اخو عبد الله ابي النبي صلى الله عليه واله وسلم لامه وابيه (وامه) فاطمة بنت اسد بن هاشم كانت لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم بمنزلة الام ربي في حجرها وكان شاكرا لبرها وكان يسميها امي وكانت تفضله على اولادها في البر سبقت الى الاسلام وهاجرت مع النبي صلى الله عليه واله وسلم ولما توفيت كفنها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في قميصه وامر من يحفر قبرها فلما بلغوا لحدها حفره بيده واضطجع فيه وقال اللهم اغفر لامي فاطمة بنت اسد ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها فقيل يا رسول الله رايناك صنعت شيئا لم تكن تصنعه باحد قبلها فقال البستها قميصي لتلبس من
ثياب الجنة او قال هو امان لها يوم القيامة او قال ليدرأ عنها هوام الارض واضطجعت في قبرها ليوسعه الله عليها وتامن ضغطة القبر انها كانت من احسن خلق الله صنعا الي بعد ابي طالب ثم لقنها الاقرار بولاية ابنها (ولدت) طالبا ولا عقب له وعقيلا وجعفرا وعليا وكل واحد اسن من الاخر بعشر سنين وام هاني واسمها فاخنة وهو واخوته اول هاشمي ولد من هاشميين (ويقال) انه لما ولد كان ابوه غائبا فسمته امه حيدرة باسم ابيها لان حيدرة من اسماء الاسد فلما جاء ابوه سماه عليا وقال :
وقال عبد الباقي العمري البغدادي :
وقال علي عليه السلام يوم خيبر :
ويكنى با الحسن وابا الحسين وكان الحسن في حياة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يدعوه ابا الحسين والحسين يدعوه ابا الحسن ويدعو ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اباهما فلما توفي النبي صلى الله عليه واله وسلم دعوا عليا عليه السلام اباهما (وكان) يكنى ايضا بابي تراب كناه به رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لما دخل على فاطمة فقال اين ابن عمك قالت هو ذاك مضطجع في المسجد فوجده قد سقط رداؤه عن ظهره وخلص التراب الى ظهره فجعل يمسح التراب عن ظهره
ويقول اجلس ابا تراب (وقيل) لما رآه ساجدا معفرا وجهه في التراب او كان يعفر خديه وهو ساجد فكان اذا رآه والتراب بوجهه يقول يا ابا تراب افعل كذا (وقيل ) كني به لان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال : يا علي اول من ينفض التراب عن راسه انت (وكانت) هذه الكنية احب كناه اليه لكون النبي صلى الله عليه واله وسلم كناه بها (وكان) اعداؤه من بني امية واتباعهم لا يطلقون عليه غيرها كانهم يعيرونه بها مع انها محل الفخر ودعوا خطباءهم ان يسبوه بها على المنابر وجعلوها نقيصة له فكانما كسوه بها الحلي والحلل كما قال الحسن البصري (كما) انهم كانوا لا يطلقون على شيعته واتباعه الا الترابي والترابية حتى صار ذلك علما لهم ، قال الكميت رحمه الله :
(ولقبه) المرتضى وحيدر وامير المؤمنين والانزع البطين والوصي (وبوابه) سلمان الفارسي (ونقش خاتمه) الملك لله الواحد القهار وقيل غير ذلك (وكاتبه) عبيد الله بن ابي رافع (وشاعره) حسان والنجاشي . ونشأ امير المؤمنين «ع» في حجر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وتادب بادابه وربي بتربيته وذلك انه لما ولد احبه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حبا شديدا وقال لامه اجعلي مهده بقرب فراشي وكان يلي اكثر تربيته ويطهره في وقت غسله ويوجره اللبن عند شربه ويحرك مهده عند نومه ويناغيه في يقضته ويحمله على صدره ويقول اخي
ووليي وناصري وصفيي وذخري وكهفي وظهري وظهيري ووصيي وزوج كريمتي واميني على وصيتي وخليفتي وكان يحمله دائما ويطوف به جبال مكة وشعابها واوديتها (ولما) بلغ علي «ع» سن التمييز اصاب اهل مكة جدب شديد فاخذ النبي صلى الله عليه واله وسلم عليا من ابيه واخذ حمزة جعفرا واخذ العباس طالبا ليخففوا عن ابي طالب وابقى ابو طالب عنده عقيلا لميله اليه وقال لهم اذا تركتم لي عقيلا فاصنعوا ما شئتم فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اخترت من اختار الله لي عليكم عليا قال عبد الباقي :
فلم يزل علي «ع» مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حتى بعثه الله بالنبوة فكان اول من آمن به واتبعه وصدقه ، بعث النبي صلى الله عليه واله وسلم يوم الإثنين واسلم علي «ع» يوم الثلاثاء ثم اسلمت خديجة (وكان) عمر علي «ع» يوم اسلم عشر سنين (وقيل) احدى عشرة سنة (1) واقام مع النبي صلى الله عليه واله وسلم بعد البعثة ثلاثا وعشرين سنة منها ثلاث عشرة سنة بمكة قبل الهجرة مشاركا له في محنه كلها متحملا عنه اكثر اثقاله وعشر سنين بالمدينة بعد الهجرة يكافح عنه المشركين ويجاهد دونه الكافرين ويقيه بنفسه من اعدائه في الدين وقتل الابطال
وضرب بالسيف بين يدي النبي صلى الله عليه واله وسلم وهو ابن ثلاث وعشرين سنة او خمس وعشرين وتدل خطبته حين بلغه غارة الغامدي على الانبار انه باشر الحرب وهو ابن عشرين سنة (وعاش) بعد ما قبض النبي صلى الله عليه واله وسلم ثلاثين سنة الا خمسة اشهر واياما (وقيل) ثلاثين فيكون عمره الشريف ثلاثا وستين سنة كعمر رسول الله «ص» او قريبا من ذلك وهو المشهور ومروي عن الباقر «ع» ايضا (وقيل) خمسا وستين سنة وهو مروي عن الباقر«ع» ايضا (وقيل) سبعا وستين (وقيل) ثمانيا وستين (وقيل) ثمانيا وخمسين (وقيل) تسعا وخمسين (وقيل) سبعا وخمسين (وكان) له «ع» من الاولاد سبعة وعشرون وقيل ثمانية وعشرون ما بين ذكر وانثى وهم الحسن والحسين وزينب الكبرى وزينب الصغرى المكناة بام كلثوم والمحسن السقط امهم فاطمة الزهراء (ع) . ومحمد امه خولة بنت جعفرابن قيس الحنفية . وعمر ورقية كانا توأمين امهما ام حبيب بنت ربيعة . والعباس وجعفر وعثمان وعبد الله الشهداء بكربلا امهم ام البنين بنت حزام بن خالد بن دارم. ومحمد الاصغر المكنى بابي بكر وعبد الله الشهيدان بكربلا امهما ليلى بنت مسعود الدارمية . ويحيى امه اسماء بنت عميس الخثعمية (رض) . وام الحسن ورملة امهما ام سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي . ونفيسة وزينب الصغرى ورقية الصغرى وام هاني وام الكرام وجمانة المكناة ام جعفر وامامة وام سلمة وميمونة وخديجة وفاطمة لامهات شتى (وكانت) مدة امامته وخلافته
ثلاثين سنة او الا خمسة اشهر واياما (قال المفيد) منها اربع وعشرون سنة وستة اشهر ممنوعا من التصرف في احكامها مستعملا للتقية والمداراة ومنها خمس سنين وستة اشهر ممتحنا بجهاد الناكثين والقاسطين والمارقين ومضطهدا بفتن الضالين كما كان رسول الله (ص) ثلاث عشرة سنة من نبوته ممنوعا من احكامها خائفا ومحبوسا وهاربا ومطرودا لا يتمكن من جهاد الكافرين ولا يستطيع دفعا عن المؤمنين ثم هاجر واقام بعد الهجرة عشر سنين مجاهدا للمشركين ممتحنا بالمنافقين (اما) خلافة امير المؤمنين «ع» الظاهرية اي من يوم بويع له بالخلافة بعد قتل عثمان الى ان قبض فكانت خمس سنين وستة اشهر على قول المفيد واربع سنين وتسعة اشهر وثلاثة ايام على ما ذكره الواقدي وغيره بناء على انه بويع له لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين واستشهد في الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة اربعين (وقيل) في الايام الزائدة على التسعة الاشهر انها ستة او تسعة او اربعة عشر لمكان الخلاف في تاريخ البيعة والوفاة والله اعلم (قبض) عليه السلام سنة اربعين من الهجرة ليلة الجمعة وقيل ليلة الثلاثاء بالكوفة قتيلا شهيدا بسيف عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله كمن له في المسجد الاعظم فضربه على راسه الشريف وقد جاء الى صلاة الصبح ليلة التاسع عشر من شهر رمضان ليلة الاربعاء وقيل ليلة الاحد وكان السيف مسموما واعانه على ذلك شبيب بن بجرة ووردان بن مجالد والاشعث بن
قيس وقطام بنت الاخضر وبقي الى ليلة احدى وعشرين الى نحو ثلث الليل ثم قبض (وقيل) ضرب ليلة سبع عشرة وقبض ليلة تسع عشرة (وقيل) ضرب ليلة احدى وعشرين وقبض ليلة ثلاث وعشرين والاول هو المشهور فلما قبض غسله الحسن والحسين عليهما السلام ومحمد يصب الماء ثم كفن بثلاثة اثواب بيض غير القميص والعمامة وحنط بفاضل حنوط رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وصلى عليه ابنه الحسن «ع» وكبر خمسا او ستا او سبعا او تسعا ثم حمله الحسنان ومحمد بن الحنفية وعبد الله بن جعفر وخواصه بامر منه الى الغريين من نجف الكوفة ودفنوه هناك ليلا وعفوا موضع قبرة بوصية منه خوفا من بني امية لما كان يعلمه من عداوتهم له (ويقال) انهم عملوا عدة قبور مزورة في عدة اماكن من الكوفة تعمية للامر (كما) دفنت ليلا زوجته الزهراء بضعة المصطفى وعفي قبرها بوصية منها وعمل في البقيع عدة قبور مزورة لئلا يعلم قبرها (فانظر) رحمك الله الى ما اصاب آل بيت المصطفى من امته بعده من عظيم المصائب حتى ادى الحال الى ان تدفن بضعته وحبيبته وام ريحانتيه سرا ويعفى قبرها ويدفن اخوه ووصيه وخليفته على امته سرا ويعفى قبره خوفا من اعدائه ولله در ابي تمام حيث يقول :
ولم يزل قبره مخفيا لا يعلمه احد غير بنيه وخواص شيعته حتى دل عليه الامام جعفر الصادق عليه السلام وزاره عند
وروده الى المنصور وهو بالحيرة ثم عرفه واظهره الرشيد العباسي وبنى عليه . واخذ الناس في زيارته ودفن موتاهم حوله :
ثم ان محمد بن زيد الحسني وهو الملقب بالداعي (1) صاحب بلاد الديلم وطبرستان امر بعمارته وعمارة الحائر بكربلا والبناء عليهما وبعد ذلك زيد فيه ثم عمرهما عضد الدولة (2) بن بويه الديلمي وبلغ الغاية في تعظيمهما والاوقاف عليهما ثم جدد عمارته
الشاه عباس الصفوي وجعل القبة خضراء بعد ما كانت بيضاء ثم جدد عمارة الصفوية السلطان نادر شاه وزاد عليها وزخرف القبة الشريفة ومنارتي المشهد وايوانه بالذهب الابريز كما هي عليه اليوم وعمر فيه السلطان ناصر الدين شاه القاجاري بعد ذلك وفي قبره الشريف يقول بعض بني عبد المطلب:
مما جاء في صفة امير المؤمنين «ع» ما ذكره في كشف الغمة قال طلب بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل من بعض العلماء ان يخرج احاديث صحاحا وشيئاً مما ورد في فضائل امير المؤمنين عليه السلام وصفاته وكتبت على الانوار الشمع الاثني عشر التي حملت الى مشهده قال وانا رايتها . ومما جاء في صفته ايضا ما نقل عن كتاب صفين وعن جابر وابن الحنفية وغيرهم ونحن نذكر صفته المنفية مقتبسة من مجموع تلك الروايات (فنقول) : كان «ع» ربعة (1) من الرجال (وفي رواية) الى القصر اقرب ادعج العينين (2) انجل (3) في عينيه لين (4) ازج الحاجبين (5) حسن الوجه (وفي رواية) من احسن الناس وجهاً كان وجهه القمر ليلة البدر ُحسناً يميل الى السمرة كثير التبسم اصلع (6) ناتئ الجبهة له حفاف (7) من خلفه كانة اكليل (8) وكأن عنقه ابريق فضة (9) كث اللحية (10)
له لحية قد زانت صدره ارقب (1) عريض ما بين المنكبين لمنكبيه مشاش كمشاش السبع الضاري (2) (وفي رواية) عظيم المشاشين (3) كمشاش السبع الضاري لا يبين عضده من ساعده قد ادمجت ادماجا عبل الذراعين شثن الكفين (4) (وفي رواية) دقيق الاصابع شديد الساعد واليد ان امسك بذراع رجل امسك بنفسه فلم يستطع ان يتنفس ضخم البطن اقرى (5) الظهر عريض الصدر ضخم الكسور (6) (وفي رواية) عظيم الكراديس (7) غليظ العضلات حمش (8) الساقين (وفي رواية) ضخم عضلة الذراع دقيق مستدقتها ضخم عضلة الساق دقيق مستدقتها اذا مشى تكفأ (9) واذا مشى الى الحرب هرول قوي شجاع منصور على من لاقاه (قال المغيرة) كان
علي عليه السلام على هيأة الاسد غليظا منه ما استغلظ دقيقا منه ما استدق (وروى) ابن عبد البر المالكي في الاستيعاب بسنده وغيره ان معاوية قال لضرار بن ضمرة صف لي عليا قال اعفني قال لتصفنه قال اما اذا كان لا بد من وصفه فانه : كان والله بعيد المدى شديد القوى يقول فصلا ويحكم عدلا يتفجر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها ويأنس (ويستانس خ ل) بالليل ووحشته وكان غزير الدمعة (العبرة خ ل) طويل الفكرة يعجبه من اللباس ما خشن ومن الطعام ما جشب (من اللباس ما قصر ومن الطعام ما خشن خ ل) وكان فينا كاحدنا يجيبنا اذا سألناه وياتينا اذا دعوناه (وينبئنا اذا استنبأناه خ ل) ونحن والله مع تقريبه ايانا وقربه منا لا نكاد نكلمه هيبة له يعظم اهل الدين ويقرب المساكين لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله واشهد لقد رايته في بعض مواقفه وقد ارخى الليل سدوله وغارت نجومه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم (1) ويبكي بكاء الحزين وهو يقول يا دنيا غري غيري الي تعرضت ام الي تشوقت هيهات هيهات قد بنتك (باينتك خ ل) ثلاثا لا رجعة فيها فعمرك قصير وخطرك كبير (حقير خ ل) وعيشك حقير آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق ، فبكى معاوية وقال رحم الله ابا الحسن كان والله
كذلك فكيف حزنك عليه يا ضرار قال حزن من ذبح ولدها بحجرها فهي لا ترقأ عبرتها ولا يسكن حزنها (وفي الاستيعاب) سئل الحسن البصري عن علي بن ابي طالب فقال كان علي والله سهما صائبا من مرامي الله على عدوه رباني هذه الامة وذا فضلها وذا سابقتها وذا قرابتها من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولم يكن بالنؤمة عن امر الله ولا بالملومة في دين الله ولا بالسروقة لمال الله أعطى القرآن عزائمه ففاز منه برياض مونقة ثم قال للسائل ذاك علي بن ابي طالب يالكع (وفيه بسنده) ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال لعلي من اشقى الاولين قال الذي عقر الناقة يعني ناقة صالح قال صدقت فمن اشقى الاخرين قال لا ادري قال الذي يضربك على هذا يعني يافوخه ويخضب هذه يعني لحيته (وفيه) بطرق كثيرة منها عن النسائي والطبري وابن اسحاق في السير وغيرهم عن النبي صلى الله عليه واله وسلم انه قال لعلي عليه السلام اشقى الناس الذي عقر الناقة والذي يضربك على هذا ووضع يده على رأسه حتى يخضب هذه يعني لحيته (وبسنده) عمن سمع علي بن ابي طالب «ع» يقول والذي فلق الحبة وبرا النسمة لتخضبن هذه يعني لحيته من دم هذا يعني رأسه (قال) وكان علي «ع» كثيرا ما يقول ما يمنع اشقاها او ما ينتظر اشقاها ان يخضب هذه من دم هذا ويشير الى لحيته وراسه خضاب دم لا خضاب عطر ولا عبير (قال) وكان قتادة يقول قتل علي «ع» على غير مال احتجبه ولا دنيا اصابها (وبسنده)
قال جاء عبد الرحمن بن ملجم يستحمل عليا «ع» فحمله ثم قال
اما ان هذا قاتلي قيل فما يمنعك منه قال انه لم يقتلني بعد (قال) وقيل له ان ابن ملجم يسم سيفه ويقول انه سيفتك بك فتكة تتحدث بها العرب فبعث اليه فقال لم تسم سيفك قال لعدوي وعدوك فخلى عنه وقال ما قتلتني بعد فلما كانت الليلة التي ضرب فيها جاء مؤذنه يؤذنه بالصلاة فخرج فاعتوره الرجلان (شبيب بن بجرة وعبد الرحمن بن ملجم ) فاما شبيب فوقعت ضربته في الطاق واما عبد الرحمن فضربه في رأسه وقال الحكم لله يا علي لا لك ولا لاصحابك فقال علي «ع» فزت ورب الكعبة لا يفوتنكم الكلب فشد الناس عليه من كل جانب فاخذوه وهرب شبيب خارجا من باب كندة .
وهذا باب واسع يحتاج استقصاءما ورد فيه الى مجلدات
كبيرة وقد جمع الامدي في قصاره كتابا كبيرا والطبرسي صاحب مجمع البيان كتابا اصغر منه وابن ابي الحديد الف كلمة منه والجاحظ مائة كلمة والشريف الرضي في آخرج نهج البلاغة قسما وافيا ونحن نذكر هنا من هذا الباب نموذجا بدون استقصاء . اجعل نفسك ميزانا فيما بينك وبين غيرك فاحب لغيرك ما تحب لنفسك واكره له ما تكره لنفسك . ولا تظلم كما لا تحب ان تظلم . واحسن كما تحب ان يحسن اليك . واستقبح من نفسك ما تستقبح من غيرك وارض من الناس لك ما ترضى به لهم منك ولا تقل بما لا تعلم بل لا تقل كل ما تعلم ولا تقل ما لا تحب ان يقال لك . واعلم ان امامك طريقا ذا مشقة بعيدة واهوال شديدة فلا تحملن على ظهرك فوق بلاغك فيكون ثقلا ووبالا عليك واذا وجدت من اهل الحاجة من يحمل لك زادك فيوافيك به حيث تحتاج اليه فاغتنمه واغتنم من استقرضه في حال غناك واجعل وقت قضائك في يوم عسرتك . اكرم نفسك عن كل دنية وان سافتك الى الرغبة فانك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضا ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا . وان استطعت ان لا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل . في الصمت السلامة من الندامة وتلافيك ما فرط من صمتك ايسر من ادراكك ما فات
من منطقك . حسن التدبير مع الكفاف اكفى لك من الكثير مع الاسراف وحسن الياس خير من الطلب الى الناس . والمرء احفظ لسره ورب ساع فيما يضره ومن خير حظ امرئ قرين صالح ولا يغلبن عليك سوء الظن فانه لا يدع بين وبين خليل صلحا وقد يقال من الحزم سوء الظن واياك والاتكال على المنى فانها بضائع النوكى .كفر النعمة لوم وصحبة الجاهل شوم والعقل حفظ التجارب . وخير ما جربت ما وعظك . بادر الفرصة قبل ان تكون غصة . من سبب الحرمان التواني . ُرب يسير انمى من كثير . لا تخن من ائتمنك وان خانك . ولا تذع سره وان اذاع سرك ولا تخاطر بشيء رجاء اكثر منه . احمل نفسك مع اخيك عند صرمه على الصلة . وعند صدوده على اللطف وعند جموده على البذل وعند تباعده على الدنو وعند شدته على اللين وعند جرمه على الاقتدار حتى كانك له عبد وكانه ذو نعمة عليك واياك ان تضع ذلك في غير موضعه لا تتخذن عدو صديقك صديقا فتعادي صديقك . ولا تعمل بالخديعة فانها خلق اللئيم . وامحض اخاك النصيحة حسنة كانت او قبيحة وساعده على كل حال ولا تطلب مجازاة اخيك ولو حثا التراب بفيك وخذ على عدوك بالفضل فانه احرى بالظفر واسلم من الناس بحسن الخلق وتجرع الغيظ فاني لم ار جرعة احلى منها عاقبة ولا تصرم اخاك على ارتياب ولا تقطعه دون استعتاب ولن لمن غالظك فانه يوشك ان يلين لك فان انت غلبتك قطيعة اخيك
فاستبق لها من نفسك بقية ترجع اليها ان بدا ذلك له يوما ومن ظن بك خيرا فصدق ظنه . ولا تضيعن حق اخيك اتكالا على ما بينك وبينه من المودة فانه ليس باح لك من ضيعت حقه ولا يكن اهلك اشقى الخلق بك . ولا ترغبن فيمن زهد فيك ولا تزهدن فيمن رغب اليك اذا كان للخلطة موضعا .واقبل العذر اعرف الحق لمن عرفه لك رفيعا كان او وضيعا . من شر ما صحب المرء الحسد . الشح يجلب الملامة . عاقبة الكذب الذم . الافراط في الملامة يشب نيران اللجاج . اخر الشر فانك اذا شئت تعجلته واحسن ان احببت ان يحسن اليك . لا تكثر العتاب فانه يورث الضغينة . لا خير في لذة تعقب ندما والعاقل من وعظته التجارب . لسانك ترجمان عقلك . المزاح يورث الضغائن خير المقال ما صدقه الفعال . سل عن الرفيق قبل الطريق وعن الجار قبل الدار . عود نفسك السماح وتخير لها من كل شيء احسنه فان الخير عادة . اوصيك بتقوى الله وكلمة الحق في الرضا والغضب والقصد في الغنى والفقر والعدل على الصديق والعدو والعمل في النشاط والكسل والرضا عن الله في الشدة والرخاء . ما شر بعده الجنة بشر ولا خير بعده النار بخير . وكل نعيم دون الجنة محقور .
وكل بلاء دون النار عافية . من ابصر عيب نفسه شغل عن عيب غيره . ومن رضي بقسم الله لم يحزن ما فاته . ومن سل سيف البغي قتل به ومن حفر بئرأ لاخيه وقع فيها . ومن اعجب برايه ضل . ومن استغنى بعقله زل . ومن تكبر على الناس ذل . ومن خالط العلماء وقر . ومن خالط الانذال حقر . ومن سفه على الناس شتم . ومن دخل مداخل السوء اتهم . ومن مرح استخف به . ومن اكثر من شيء عرف به . من نظر في عيوب الناس ورضي لنفسه بها فذاك الاحمق بعينه . من ترك الحسد كانت له المحبة عند الناس . عز المؤمن غناه عن الناس . القناعة مال لاينفد . الادب خير ميراث . حسن الخلق خير قرين . ليس مع قطيعة الرحم نماء . من كنوز الايمان الصبر على المصائب . العفاف زينة الفقر . الشكر زينة الغنى . الطمأنينة قبل الخبرة ضد الحزم اعجاب المرء بنفسه يدل على ضعف عقله . من تورط في الامور بغير نظر في العواقب فقد تعرض للنوائب . التدبير قبل العمل يؤمنك الندم . من استقبل وجوه الاراء عرف مواقع الخطأ . من لانت كلمته وجبت محبته . من استطاع ان يمنع نفسه من اربعة اشياء فهو خليق بان لا ينزل به مكروه ابدا . العجلة واللجاجة والعجب والتواني . وقال عامر الشعبي تكلم امير المؤمنين علي بتسع كلمات ارتجلهن ارتجالا فقأن عيون البلاغة وايتمن جواهر الحكمة وقطعن جميع الانام عن اللحاق بواحدة منهن ثلاث منها في
|