المجالس السنية ـ الجزء الخامس 97

موثولها (1) وانار في الفكر (الفكر خ ل) معقولها (2) ، الممتنع من الابصار رؤيته ، ومن الألسن صفته ، ومن الاوهام كيفيته ، ( الاحاطة به خ ل ) ابتدع الاشياء لا من شيء كان قبلها وانشاها بلا احتذاء (3) امثلة امتثلها (4) ، كونها بقدرته ، وذراها (5) بمشيته ، من غير حاجة منه الى تكوينها ، ولا فائدة له في تصويرها ، الا تثبيتا لحكمته ، وتنبيها على طاعته (6) واظهارا لقدرته ، وتعبدا لبريته (7) ، واعزازا لدعوته(8)ثم جعل الثواب على طاعته ، ووضع العقاب على معصيته ، ذيادة لعباده عن نقمته ، وحياشة لهم الى جنته واشهد ان ابي محمدا صلى الله عليه وآله وسلم عبده ورسوله ، اختاره

(1) الموصول ضد المقطوع ولعل المراد به ما اتصل برضاه تعالى او اوصل اليه لمطابقة اللسان فيه الجنان وتضمين القلوب اما من الضمان اي جعلها ضامنة لانه اوجب عليها الاعتقاد به او من الضمن لانه اودع فيها ما تستدل به على ذلك
(2) اي اوضح ما يعقل من تلك الكلمة بسبب التفكر اوحال التفكر او اوضح في الاذهان ما يعقل منها
(3) احتذى امثلته اقتدى به
(4) اتبعها
(5)خلقها
(6) لان العقلاء يتنبهون بمشاهدة مصنوعاته الى وجوب شكره وعبادته وطاعته
(7) اي خلقهم ليتعبدهم بالطاعات او خلق الاشياء ليتعبدهم بمعرفته والاستدلال بها عليه .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 98

وانتخبه قبل ان ارسله ، وسماه قبل ان اجتباه (اجتبله (1) خ ل) ، واصطفاه قبل ان ابتعثه ، اذ الخلائق بالغيب مكنونة ، وبستر الاهاويل (2) مصونة ، وبنهاية العدم مقرونة علما من الله تعالى بمآل (بمايل خ ل ) الامور ، واحاطة بحوادث الدهور ، ومعرفة بمواقع المقدور ، ابتعثه الله تعالى اتماما لامره ، وعزيمة على امضاء حكمه ، وانفاذا لمقادير حتمه فرأى الامم فرقا في اديانها ، عكفا على نيرانها ، عابدة لاوثانها ، منكرة لله مع عرفانها ، فانار الله تعالى بابي محمد صلى الله عليه واله وسلم ظلمها ، وكشف عن القلوب بهمها ، وجلى عن الابصار غممها ، وقام في الناس بالهداية ، وانقذهم من الغواية ، وبصرهم من العماية ، وهداهم الى الدين القويم ، ودعاهم الى الصراط المستقيم ، ثم قبضه الله اليه قبض رافة واختيار ، ورغبة وايثار فمحمد صلى الله عليه واله وسلم عن تعب هذه الدار في راحة قد حف بالملائكة الابرار ، ورضوان الرب الغفار ، ومجاورة الملك الجبار ، صلى الله على ابي نبيه ، وامينه على وحيه وصفيه ، وخيرته من الخلق ورضيه ، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته . (ثم التفتت الى اهل المجلس وقالت) انتم عباد الله نصب امره ونهيه ، وحماة دينه ووحيه ، وامناء الله على انفسكم ، وبلغاؤه الى الامم ،

(1) خلقه
(2) لعل المراد بالستر ستر العدم ونسبته الى الاهاويل لما يلحق في تلك الاحوال من موانع الوجود .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 99

وزعيم (1) حق له فيكم ، وعهد قدمه اليكم ، (زعمتم حق لكم (2) لله فيكم عهد خ ل) وبقية استخلفها عليكم كتاب الله الناطق ، والقران الصادق ، والنور الساطع ، والضياء اللامع ، بينة بصائره ، منكشفة سرائره ، متجلية ظواهره ، مغتبط به اشياعه ، قائد الى الرضوان اتباعه ، مؤد الى النجاة استماعه ، به تنال حجج الله المنورة ، وعزائمه المفسرة ، ومحارمه المحذرة ، وبيناته الجالية ، وبراهينه ( وجمله خ ل ) الكافية ، وفضائله المندوبة ، ورخصه الموهوبة ، وشرائعه المكتوبه (3) ، فجعل الله الايمان تطهيرا لكم من الشرك ، والصلاة تنزيهاً لكم عن الكبر ، والزكاة تزكية للنفس (4) ونماء في الرزق (5) والصيام تثبيتا للاخلاص (6)

(1)الزعيم الكفيل وكان المراد الجنس والا فالظاهر ان يقال وزعماء
(2) لعل الصواب وحق لكم اي تزعمون انكم بهذه الصفات وحق لكم ان تكونوا كذلك لو لم تقصروا واعلم ان النسخ في هاتين الجملتين مضطربة جدا واكثرها لا ترجع الى محصل واوضحها ما اوردناه
(3)المفروضة فالمحارم للمحرمات والمندوبة للمستحبات والرخص للمباحات والمكروهات والمكتوبة للواجبات
(4) من دنس الذنوب او من رذيلة البخل كما قال تعلى تطهرهم وتزكيهم بها
(5) فان من معاني الزكاة النمو وبه سميت الزكاة المفروضة لأنها تنمي الرزق .
(6) لبعده عن الرياء بكونه تركا لا فعلا وبذلك فسر الحديث المشهور الصوم لي وانا اجزي به .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 100

والحج تشييدا للدين (1) والعدل تنسيقا للقلوب ، وطاعتنا نظاما للملة ، وامامتنا امانا من الفرقة ، والجهاد عزا للاسلام ، وذلا لأهل الكفر والنفاق والصبر معونة على استيجاب الاجر ، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر مصلحة للعامة ، وبر الوالدين وقاية من السخط وصلة الأرحام منساة (2)في العمر (منماة (3)للعدل خ ل) ، والقصاص حقنا للدماء ، والوفاء بالنذر تعرضا للمغفرة ، وتوفية المكاييل والموازين تغييرا للبخس ، والنهي عن شرب الخمر تنزيها عن الرجس ، واجتناب القذف حجابا عن اللعنة (4)وترك السرقة ايجابا للعفة ، وحرم الله الشرك اخلاصا له بالربوبية (فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون) واطيعوا الله فيما امركم به ونهاكم عنه فانما يخشى الله من عباده العلماء ثم قالت «ع» : ايها الناس اعلموا اني فاطمة وابي محمد صلى الله عليه واله اقول عودا وبدءا ولا اقول ما اقول غلطا ، ولا افعل ما افعل شططا (6) ( ما اقول

(1) لما فيه من الامور التي لا توجد في غيره من العبادات ومن المشاق وبذل النفس والمال
(2) تاخيرا لان صلة الارحام تطيل العمر وقطيعتها تقصره
(3) زيادة بسبب انها تطيل العمر وعدمها يقصره
(4) اشارة الى قوله تعالى في حق من يرمون المحصنات : لعنوا في الدنيا والاخرة
(5) اولا واخرا
(6) الشطط البعد عن الحق ومجاوزة الحد في كل شيء .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 101

ذلك سرفا ولا شططا خ ل) « لقد جاءكم رسول من انفسكم (1) عزيـز عليـه مـا عنتـم (2) حريص بالمؤمين رؤوف رحيم » فان تعزُوه (3) وتعرفوه تجدوه ابي دون نساءكم ، واخا ابن عمي دون رجالكم ولنعم المعزي اليه ، فبلغ الرسالة ، صادعا (4) بالنذارة (5) مائلا عن مدرجة (ناكبا عن سنن مدرجة خ ل) (6) المشركين ضاربا ثبجهم (7) اخذا بكظمهم (8)( باكظامهم خ ل) داعيا الى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة يكسر (يجذ (9) خ ل) الاصنام ، وينكت (10) الهام حتى انهزم (هزم خ ل) الجمع وولوا الدبر ، حتى تفرى (11) الليل عن صبحه ، واسفـر الـحق عـن محضـه (12) ونطق زعيم (13) الدين ، وخرست شقاشق (14) الشياطين ، وطـاح (15) وشيظ النفاق ،

(1)من جنسكم
(2) شديد عليه تعبكم وضرركم
(3) تنسبوه
(4) ناطقا بها جهارا
(5) الانذار
(6) المدرجة المسلك
(7) الثبج بالتحريك وسط الشيء ومعظمه
(8) الكظم مخرج النفس من الحلق
(9) الجذ الكسر ومنه جعلهم جذاذا
(10) النكت بالمثناة من فوق اخر الحروف القاء الرجل على راسه
(11) انشق
(12) خالصه
(13) الزعيم الكفيل وزعيم القوم رئيسهم والمتكلم عنهم
(14) جمع شقشقة بالكسر وهي شيء كالرية يخرجه البعير من فيه اذا هاج
(15) هلك
(16) الوشيظ بمعجمتين الرذل والسفلة من الناس .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 102

وانحلت عقدة الكفر والشقاق وفهتم بكلمة الاخلاص في نفر مـن البيـض (1) الخمـاص (2) ،« وكنتم على شفا حفرة من النار» ، مذقة الشارب (3) ونهزة (4) الطامع ، وُقبسة العجلان (5) وموطيء الاقدام (6) تشربون الطرق (7) وتقتاتـون القـد (8)( الورق (9) خ ل) اذلة خاسئين (خاشعين خ ل) تخافون ان يتخطفكم الناس من حولكم ، فانقذكم الله تبارك وتعالى بابي محمد صلى الله عليه واله وسلم بعد اللتيا والتي (10) وبعد ان (ما خ ل) مني (11) ببُهم (12) الرجال وذؤبان العرب (13) ومردة اهل الكتاب « كلما اوقدوا نارا للحرب اطفاها الله » او نجم (14) قرن للشيطان او فغرت (15) فاغرة من المشركين (كلما حشوا (16)

(1) جمع ابيض وهو النقي العرض
(2) ضامري البطون كناية عن العفة عن المال الحرام او عن قلة الاكل او عن الصوم
(3) اي شربته
(4) النهزة بالضم الفرصة اي محل نهزته
(5) القبسة بالضم شعلة من نار تقتبس من معظمها والاضافة الى العجلان لبيان القلة والحقارة
(6) مثل يضرب للمغلوبية والمذلة
(7) بالفتح ماء السماء الذي تبول فيه الابل وتبعر
(8) سير يقد من جلد غير مدبوغ
(9) ورق الشجر
(10) كنايتان عن الداهية الصغيرة والكبيرة واللتا تصغير التي
(11) ابتلي
(12) جمع بهمة كغرف وغرفة اي الشجعان
(13) لصوصهم وصعاليكهم
(14) طلع كناية عن القوة
(15) فغر فاه فتحه والفاغرة الطائفة تشبيها بالحية او السبع
(16) اوقدوا .
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 103

نارا للحرب ونجم قرن للضلال وفغرت فاغرة من المشركين خ ل) قذف اخاه (باخيه خ ل) في لهواتها (1) فلا ينكفئ (2) حتى يطأ صماخها (3) باخمصه (4) ويخمد لهبها بسيفه (بحده خ ل) مكدودا (5) في ذات الله ، مجتهدا في امر الله ، قريبا من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، سيدا في اولياء الله (سيد اولياء الله خ ل) مشمرا ناصحا ، مجدا كادحا (6) وانتم في رفاهية (بلهنية (7)خ ل) من العيش ، وادعون (8) فاكهون (9) آمنون ، تتربصون بنا الدوائر (10) وتتوكفون الأخبار (11) وتنكصون عند النزال ، وتفرون من (عند خ ل) القتال فلما (حتى اذا خ ل) اختار الله لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم دار انبيائه ومأوى اصفيائه ظهرت فيكم حسيكة (12) النفاق ، وسمل (13) جلباب الدين (وشمل جلباب الرين (14) خ ل) ونطق كاظم (15) الغاوين ، ونبغ خامل الاقلين ، وهدر فنيق (16) المبطلين ، فخطر (17) (يخطر خ ل)

(1) جمع لهاة وهي اللحمة في اقصى سقف الفم
(2) يرجع
(3) الصماخ بالكسر ثقب الاذن
(4) ما لا يصيب الارض من القدم
(5) متعبا
(6) الكدح العمل والسعي
(7) رخاء وسعة
(8) ساكنون مطمئنون
(9) في فكاهة ونعمة
(10) تنتظرون نزول البلايا
(11) تتوقعون اخبار السوء
(12) عداوة
(13) بلي وخلق
(14) ما غطى على القلب
(15) ساكت
(16) الفنيق الفحل المكرم
(17) رفع ذنبه مرة بعد اخرى .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 104

في عرصاتكم ، واطلع الشيطان راسه من مغرزه (1) هاتفا بكم ، فالفاكم لدعوته (لدعائه خ ل) مستجيبين ، وللغرة (2) فيه ملاحظين ، ثم استنهضكم فوجدكم خفافا ، واحمشكم (3)فالفاكم غضابا ، فوسمتم غير ابلكم ، واوردتم (واوردتموها خ ل) غير شربكم (4) هذا والعهد قريب ، والكلم (5) رحيب (6) والجرح لما يندمل (7) والرسول لما يقبر ابتدارا (بدارا خ ل) زعمتم خوف الفتنة « الا في الفتنة سقطوا وان جهنم لمحيطة بالكافرين » فهيهات منكم (8) وكيف بكم وانى تؤفكون ، وهذا كتاب الله بين اظهركم اموره ظاهرة واحكامه زاهرة ، واعلامة باهرة ، وزواجره لائحة ، (زوارجره بينة وشواهده لائحة خ ل) واوامره واضحة ، قد خلفتموه وراء ظهوركم ، ارغبة عنه تدبرون ، ام بغيره تحكمون « بئس للظالمين بدلا ، ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين » ثم لم تلبثوا الا ريثما تسكن نفرتها ، ويسلس قيادها ثم اخذتم تورون وقدتها وتهيجون جمرتها (9) وتستجيبون لهتاف الشيطان الغوي، واطفاء نور (انوار خ ل) الدين الجلي ، واهماد

(1) محل اختفائه
(2) الاغترار والانخداع
(3) اغضبكم
(4) موردكم
(5) الجرح
(6) واسع
(7) يبرا
(8) هيهات مضمنة هنا معنى التعجب
(9) الضمائر كلها راجعة الى فتنة وفاة النبي صلى الله عليه واله وسلم .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 105

سنن النبي الصفي ، تسرون حسوا في ارتغاء (1) وتمشون لاهله وولده في الخمر (2) والضراء (3) ونصبر منكم على مثل حز المدى (4) ووخز السنان في الحشى ، وانتم الان تزعمون ان لا ارث لي « افحكم الجاهلية يبغون ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون » افلا تعلمون بلى قد تجلى لكم كـالشمس الضاحيـة (5) اني ابنته ، ايها (6) ايها المسلمون ااغلب على ارثي (ارثيه خ ل) (ويها (7) يا معشر المهاجرة ابتز ارث ابيه خ ل) يا ابن ابي قحافة ، افي كتاب الله ان ترث اباك ولا ارث ابي (ابيه خ ل) لقد جئت شيئا فريا ، افعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم اذ يقول « وورث سليمان داود » وقال فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا عليهما السلام اذ يقول « رب هب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من ال يعقوب»

(1) الحسو الشرب شيئا بعد شيء والارتغاء شرب الرغوة مثل يضرب لمن يظهر امرا وهو يريد غيره اصله الرجل ياتي باللبن فيظهر انه يريد الرغوة خاصة فيشربها وهو في ذلك ينال من اللبن
(2) بالتحريك ما واراك من شجر وغيره
(3) بالضاد المعجمة المفتوحة والراء المهملة المخففة الشجر الملتف في الوادي
(4) بالضم جمع مدية وهي السكين
(5) البارزة
(6) بالفتح والتنوين اسم فعل كهيهات معناه الحث والتحريض وبالكسر للاسكات والكف
(7) كلمة اغراء وتحريض واستحثاث .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 106

وقال « واولو الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله » وقال « يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين »وقال « ان ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين » وزعمتم ان لا حظوة لي ولا ارث من ابي ولا رحم بيننا ، افخصكم الله باية اخرج منها ابي صلى الله عليه واله وسلم ام تقولون اهل ملتين لا يتوارثان ، اولست انا وابي من اهل ملة واحدة ، ام انتم اعلم بخصوص القران وعمومه من ابي وابن عمي ، فدونكما (1) مخطومة مرحولة (2) تلقاك يوم حشرك ، فنعم الحكم الله ، والزعيم (3) ( والغريم خ ل) محمد ، والموعد القيامة ، وعند الساعة يخسر المبطلون ، ولا ينفعكم اذ تندمون « ولكل نبا مستقر وسوف تعلمون من ياتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم » ثم رنت (رمت خ ل) بطرفها نحو الانصار (فقالت) يا معشر الفتية (البقية خ ل) واعضاد الملة وحصنة (وحصون خ ل وانصار خ ل) الاسلام ، ما هذه الغميزة (4) ( الفترة خ ل) في حقي ، والسنة (5) عن ظلامتي ، اما كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ابي يقول (المرء يحفظ في ولده) سرعان ما

(1) الضمير لفدك المفهومة من المقام
(2) الخطام المقود والرجل للبعير كالسرج للفرس شبهتها بالناقة المنقادة المهياة للركوب كناية عن عدم معارضة احد فيها
(3) الكفيل وزعيم القوم المتكلم عنهم
(4) الغميزة ضعف في العمل
(5) الغفلة
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 107

احدثتم «سرعان ما اجدبتم (1) فاكديتم (2) خ ل» وعجلان ذا اهالة (3) ولكم طاقة بما احاول ، وقوة على ما اطلب وازاول ، اتقولون مات محمد فخطب جليل ، استوسع وهنه (وهيه (4) خ ل) واستنهر (5) فتقه وانفتق رتقه (6) ( وفقد راتقه خ ل) واظلمت الارض لغيبته ، واكتأبت خيرة الله لمصيبته ، وكسفت الشمس والقمر وانثترت النجوم «وكسفت النجوم خ ل» لمصيبته ، واكدت الامال ، وخشعت الجبال ، واضيع الحريم (7) وازيلت «واديلت (8) خ ل» الحرمة (9) « الرحمة خ ل» عند مماته ، فتلك والله النازلة الكبرى والمصيبة العظمى التي لا مثلها نازلة ولا بائقة (10) عاجلة اعلن بها

(1) اصابكم الجدب
(2) اكدى بخل او قل خيره او لم يظفر بحاجته واصله من قولهم اكدى الحافر اذ بلغ الكدية وهي الصخرة فلم يمكنه الحفر
(3) مثل يضرب لمن يخبر بكينونة الشيء قبل وقته والمشهور سرعان ذا اهالة والاهالة بكسر الهمزة الدسم اصله ان رجلا كانت له نعجة عجفاء وكان مخاطها يسيل فقيل له ما هذا فقال ودكها اي دسمها فقال السائل سرعان ذا نهالة وذا اشارة الى الودك واهالة حال او تمييز
(4) شقه وخرقه
(5) من النهر بالتحريك بمعنى السعة
(6) ضد الفتق
(7) حريم الرجل ما يحميه ويقاتل عنه
(8) غلبت
(9) ما لا يحل انتهاكه
(10) داهية .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 108

كتاب الله جل ثناؤه في افنيتكم (1) في ممساكم ومصبحكم هتافا (2) وصراخا وتلاوة والحانا (3) ولقبله ما حلت بانبياء الله ورسله حكم فصل وقضاء حتم « وما محمد الا رسول الله قد خلت من قبله الرسل افإن مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين » ايها بني قيله (4) ااهضم (5) تراث ابي (ابيه خ ل) وانتم بمرأى مني (منه خ ل) ومسمع ومنتدى (6) ومجمع ، تلبسكم الدعوة ، وتشملكم الخبرة (ويشملكم الخبر خ ل) وانتم ذوو العدد والعدة ، والاذاة والقوة ، وعندكم السلاح والجنة ، توافيكم الدعوة فلا تجيبون ، وتاتيكم الصرخة فلا تغيثون ، وانتم موصوفون بالكفاح معروفون بالخير والصلاح ، والنخبة التي انتخبت ، والخيرة التي اختيرت لنا اهل البيت، قاتلتم العرب (فناواتم (7) وبادهتم(8) الامور خ ل) ، وتحملتم الكد والتعب ، وناطحتم الامم ، وكافحتم البهم (9) فلا نبرح وتبرحون ، نامركم فتاتمرون ، حتى اذا دارت بنا رحى الاسلام (10)

(1) جمع فناء وهو ما اتسع امام البيت
(2) صياحا
(3) بكسر الهمزة اي افهاما او لفتحها جمع لحن بمعنى الغناء
(4) هم الانصار من الاوس والخزرج وقيلة اسم ام قديمة لهم
(5) اظلم
(6) مجلس
(7) فعاديتم
(8) فاجاتم
(9) جمع بهمة وهوالشجاع كغرف وغرقة
(10) كناية عن انتظام امره
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 109

ودر حلب (1) الايام (البلاد خ ل) وخضعت نعرة (2) ( ثغرة (3) خ ل) الشرك وسكنت فورة الافك ، وخمدت نيران الكفر ، (وباخت (4) «وخبت خ ل» نيران الحرب خ ل) وهدات دعوة الهرج (5) واستوسق (6) نظام الدين (7) فانى حرتم بعد البيان ، واسررتم بعد الاعلان (8) ونكصتم بعد الاقدام ، واشركتم بعد الايمان بؤسا لقوم «الا تقاتلون قوما خ ل» نكثوا ايمانهم وهموا باخراج الرسول وهم بدؤوكم اول مرة اتخشونهم فالله احق ان تخشوه ان كنتم مؤمنين ، الا قد ارى ان قد اخلدتم الى الخفض (9) وابعدتم من هو احق بالبسط والقبض وركنتم الى الدعة (10) « وخلوتم بالدعة خ ل» ونجوتم من الضيق بالسعة فمججتم (11) ما وعيتم ودسعتم (12) الذي تسوغتم (13) «فان تكفروا انتم ومن في الارض جميعاً فان الله لغني حميد» الى وقد قلت ما قلت على

(1) بالتحريك اللبن المحلوب
(2) كهمزة وخشبة الكبر
(3) الثغرة نقرة النحر كانه شبه بالحيوان الساقط على الارض
(4) فترت
(5) الفتنة والاختلاط
(6) انتظم
(7) جواب الشرط في قوله حتى اذا دارت محذوف دل عليه قوله فانى حرتم الخ
(8) اي سكتم عن نصر الحق بعد ما كنتم تعلنون بنصره
(9) سعة العيش
(10) الراحة واسكون
(11) مج الشراب من فيه رمى به
(12) تقياتم
(13) شربتموه بسهولة .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 110

معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم (1) والغدرة التي استشعرتها قلوبكم ، ولكنها فيضة النفس (2) وبثة (3) الصدر ونفثة (4) الغيظ ، وتقدمة الحجة ، فدونكموها فاحتقبـوها (5) دبرة الظهر ، نقبة الخف ، باقية العار موسومة بغضب الله وشنار (6) الابد ، موصولة بنارالله الموقدة ، التي تطلع على الافئدة ، فبعين الله ، ما تفعلون ، «وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون » وانـا ابنة نذيـر لكم بيـن يدي عـذاب شديد . « فاعملوا انا عاملون وانتظروا انا منتظرون » فاجابها ابو بكر عبد الله بن عثمان فقال :

« جواب ابي بكر لفاطمة الزهراء »


با ابنة رسول الله لقد كان ابوك بالمؤمنين عطوفا كريما رؤوفا رحيما وعلى ش الكافرين عذابا اليما وعقابا عظيما فان عزوناه وجدناه اباك دون النساء واخا الفك «واخا لبعلك خ ل» دون الاخلاء اثره على كل حميم وساعده في كل امر جسيم لا يحبكم الا كل سعيد

(1) خالطتكم
(2) اي ظهور ما فيها لغلبة الهم حتى لا تستطيع كتمه كما يفيض الاناء لكثرة ورود الماء عليه
(3) البث اظهار ما في النفس واشد الحزن
(4) شدة التنفس
(5) الضمير للنحلة وهي فدك والحقب بالتحريك حبل يشد به الرجل الى بطن البعير يقال احقبت البعير اذا شددته به واحتقب الشيء ادخره وكل ما شد في مؤخر رحل او قتب فقد احتقب
(6) الشنار العيب والعار .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 111

ولا يبغضكم الا كل شقي فانتم عترة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الطيبون والخيرة المنتجبون على الخير ادلتنا والى الجنة مسالكنا وانت يا خيرة النساء وابنة خير الانبياء صادقة في قولك سابقة في وفور عقلك غير مردودة عن حقك ولا مصدودة عن صدقك والله ما عدوت راي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولا عملت الا باذنه وان الرائد (1) لا يكذب اهله فاني اشهد الله وكفى به شهيدا اني سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول نحن معاشر الانبياء لا نورث ذهبا ولا فضة ولا دارا ولا عقارا وانما نورث الكتاب «الكتب خ ل » والحكمة والعلم والنبوة وما لنا من ُطعمة فلو لي الامر بعدنا ان يحكم فيه بحكمه وقد جعلنا ما حاولته في الكراع والسلاح يقاتل بها المسلمون ويجاهدون الكفار ويجالدون المردة الفجار وذلك باجماع من المسلمين لم انفرد به وحدي ولم استبد بما كان الراي فيه عندي وهذه حالي ومالي هي لك وبين يديك لا ُتزوى عنك ولا تدخر دونك وانت سيدة امة ابيك والشجرة الطيبة شلبنيك لا يدفع مالك من فضلك ولا يوضع فرعك واصلك (2) وحكمك نافذ فيما ملكت يداي فها ترين اني اخالف في ذلك اباك صلى الله عليه واله وسلم فقالت عليها السلام :

(1) الرائد من يتقدم القوم يبصر لهم الكلا ومساقط الغيث وهذا مثل استشهد به لصدقه فيما اخبر به .
(2) لا يحط من قدرهم .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 112

« جواب فاطمة الزهراء لأبي بكر »


سبحان الله ما كان ابي رسول الله صلى الله عليـه واله وسلم عن كتاب الله صادفا(1) ولا لاحكامه مخالفا ، بل كان يتبع اثره ، ويقتفي (ويقفو خ ل) سوره ، افتجمعون على الغدر اعتلالا عليه بالزور ، وهذا بعد وفاته ، شبيه بما بغي له من الغوائل في حياته، هذا كتاب الله حكما عدلا ، وناطقا فصلا ، يقول ( يرثني ويرث مـن ال يعقوب) ويقول (وورث سليمان داود) فبين عز وجل فيما وزع من الاقساط وشرع من الفرائض والميراث ، واباح من حظ الذكران والاناث ما ازاح علة المبطلين ، وازال التظني (2) والشبهات في الغابرين ، كل (بل سولت لكم انفسكم امرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون) .فقال ابو بكر :

« جواب ابي بكر لفاطمة ثانيا »


صدق الله وصدق رسوله وصدقت ابنته انت معدن الحكمة وموطن الهدى والرحمة وركن الدين لا ابعد صوابك ولا انكر خطابك هؤلاء المسلمون بيني وبينك قلدوني ما تقلدت وباتفاق منهم اخذت ما اخذت غير مكابر ولا مستبد ولا مستاثر وهم بذلك شهود .فالتفتت فاطمة «ع» الى الناس وقالت :

(1) معرضا
(2) اعمال الظن .
ـ المؤلف ـ
المجالس السنية ـ الجزء الخامس 113

«خطاب فاطمة الزهراء «ع» لعامة الناس »

معاشر الناس المسرعة الى قيل الباطل المغضية على الفعل القبيح الخاسر «افلا يتدبرون القران ام على قلوبهم اقفالها» كلا بل ران على قلوبكم ما اساتم من اعمالكم فاخذ بسمعكم وابصاركم لبئس ما تاولتم وساء ما به اشرتم وشر ما منه اعتضتم لتجدن والله محمله ثقيلا وغبه (1) وبيلا اذا كشف لكم الغطاء وبان ما وراء الضراء (2) وبدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون وخسر هنالك المبطلون ثم عطفت على قبر النبي صلى الله عليه واله وسلم وقالت :
قد كان بعدك انباء وهنبئة (3) لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
انا فقدناك فقد الارض وابلها واختل قومك فاشهدهم فقد نكبوا


(1) عاقبته
(2) الشجر الملتف
(3) اختلاط في القول
(4) نكب عن الطريق كنصر وفرح عدل ومال ( واورد ) ابن الاثير في نهابته وصاحب تاج العروس وغيرهما البيتين الاولين فقط واخر الثاني فاشهدهم ولا تغب على الاقواء المعروف عند العرب ( واوردهما ) بعضهم كما هنا والظاهر انه اصلاح من الناسخ ( واورد ) ابن عبد ربه في العقد الفريد بيت انا فقناك على النسخة الثانية وبيت فليت قبلك ( والذي ) في كشف الغمة ثم التفتت الى قبر ابيها متمثلة بقول هند ابنة اثاثة وذكر الابيات والظاهر ان الذي قالته الزهراء «ع» هو البيتان الاولان اللذان لهند والباقي مقول عن لسانها «ع» .
ـ المؤلف ـ

السابق السابق الفهرس التالي التالي