المجالس السنية ـ الجزء الثاني 250

يسعك كفنا فقال لها لا تخافي فاني اذا مت جاءك من اهل العراق من يكفيك امري فاذا انا مت فمدي الكساء على وجهي ثم اقعدي على طريق العراق فاذا اقبل ركب فقومي اليهم وقولي هذا ابو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد توفي قالت ابنته فلما مات مددت الكساء على وجهه ثم قعدت على طريق العراق فجاء نفر فيهم مالك الأشتر فقلت لهم يا معشر المسلمين هذا ابوذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد توفي فنزلوا ومشوا يبكون فجاءوا فغسلوه وكفنه الأشتر في حلة قيمتها أربعة آلاف درهم وصلوا عليه ودفنوه (اقول) لم لا وقفت سكينة يوم العاشر من المحرم على قارعة طريق كربلا حين بقي الحسين «ع» ثلاثة ايام بلا دفن ونادت يا معشر المسلمين هذا إمامكم وابن بنت نبيكم الحسين سيد شباب أهل الجنة قد قتل غريباً وترك على وجه الأرض عريان سليباً لم يصل عليه ولم يدفن فهلموا الى مواراته ودفنه (بلى) لما اطعنه صالح بن وهب على خاصرته فسقط إلى الأرض على خده الأيمن خرجت اخته زينب بدل سكينة ونادت وا اخاه وا سيداه وا أهل بيتاه ليت السماء اطبقت على الأرض وليت الجبال تدكدكت على السهل ثم قالت لعمر بن سعد ايقتل ابو عبد الله وانت تنظر اليه فدمعت عيناه حتى سالت دموعه على خديه ولحيته المشومة وصرف وجهه عنها ولم يجبها بشيء فنادى ويلكم أما فيكم مسلم فلم يجبها أحد لقد تعس اولئك المسلمون وما ينفعهم إسلامهم وقد فعلوا بذرية نبيهم ما فعلوا .
لم أنس زينب وهي تدعو بينهم يا قوم ما في جمعكم من مسلم
انا بنات المصطفـى ووصـيه ومخدرات بني الحطيـم وزمزم

* * *



المجالس السنية ـ الجزء الثاني 251

المجلس الثالث والثلاثون بعد المائة

ذكر المفيد عليه الرحمة في ارشاده من جملة غزوات أمير المؤمنين علي «ع» غزاه ذات السلاسل (قال) وإنما سميت بذلك لأنه اتي بالأسرى مكتفين بالحبال كأنهم في السلاسل وكان السبب في هذه الغزاة ان اعرابياً اتى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله ان جماعة من العرب اجتمعوا بوادي الرمل على ان يبيتوك في المدينة فامر بالصلاة جماعة فاجتمعوا وعرفهم ذلك وقال من لهم فابتدرت جماعة من أهل الصفة (1) وغيرهم وعدتهم ثمانون رجلا وقالوا نحن فول علينا من شئت فاستدعى رجلا من المهاجرين وقال له امض فمضى فاتبعهم القوم فهزموهم وقتلوا جماعة كثيرة من المسلمين وانهزم ذلك الرجل وجاء الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبعث آخر من المهاجرين فهزموه فساء ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال عمرو بن العاص ابعثني يا رسول الله فان الحرب خدعة ولعلي اخدعهم فانفذه مع جماعة فلما صاروا الى الوادي خرجوا اليه فهزموه وقتلوا من أصحابه جماعة ثم دعا أمير المؤمنين «ع» وبعثه وقال ارسلته كرارا غير فرار ودعا له وخرج معه مشيعاً الى مسجد الأحزاب وعلي على فرس أشقر عليه بردان يمانيان وفي يده قناة خطية فانفذ معه جماعة منهم المرسلان أولا وعمرو بن العاص فسار بهم نحو العراق متنكباً للطريق حتى ظنوا أنه يريد غير ذلك الوجه ثم أخذ بهم على طريق غامضة واستقبل الوادي من فمه وكان يسير الليل ويكمن النهار فلما قرب من الوادي أمرأصحابه

(1) الصفة سقيفة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانت مسكن الغرباء والفقراء . وأهل الصفة من المهاجرين لم يكن لهم منازل ولا أموال فكانوا يسكنونها
المجالس السنية ـ الجزء الثاني 252

ان يخفوا أصواتهم وأوقفهم في مكان وتقدم أمامهم ناحية فلما رأى عمرو بن العاص فعله لم يشك في كون الفتح له فقال للمرسل أولاً ان هذه أرض ذات سباع كثيرة الحجارة وهي أشد علينا من بني سليم والمصلحة ان نعلو الوادي واراد فساد الحال على أمير المؤمنين «ع» فأمره أن يقول ذلك لأمير المؤمنين فقال له ذلك فلم يجبه أمير المؤمنين «ع» بحرف فرجع الى عمرو وقال لم يجبني فقال عمرو ابن العاص للمرسل ثانيا امض انت فخاطبه بذلك ففعل فلم يجبه أمير المؤمنين بشيء فقال عمرو انضيع أنفسنا انطلقوا بنا نعلو الوادي فقال المسلمون ان النبي أمرنا ان نطيع علياً ولا نخالفه فكيف تريد منا ان نخالفه وما زالوا حتى طلع الفجر فكبس المسلمون القوم وهم غافلون فامكنهم الله منهم ونزلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سورة« والعاديات ضبحا » الى آخر السورة قسماً بخيل أمير المؤمنين «ع» وعرف النبي الحال ففرح وبشر أصحابه بالفتح وأمرهم بالاستقبال لأمير المؤمنين فخرجوا والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يتقدمهم فلما رأى أمير المؤمنين النبي صلى الله عليه وآله وسلم ترجل عن فرسه فوقف بين يديه فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لو لا اني اشفق ان تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في المسيح لقلت فيك اليوم مقالا لا تمر بملأ الا اخذوا التراب من تحت قدميك فان الله ورسوله راضيان عنك (فياليت) أمير المؤمنين «ع» كان حاضرا يوم عاشوراء وقد احاطت الأعداء بولده الحسين «ع» وأهل بيته من كل جانب ومكان وهو بينهم وحيد فريد لا ناصر له ولا معين يستغيث فلا يغاث الا بضرب السيوف وطعن الرماح ورشق السهام وهو يطلب جرعة من الماء فلا يجد الى ذلك سبيلا .
أبا حسـن أبنـاؤك اليـوم حلقـت بقادمة الاسيـاف عن خطة الخسـف
سل الطف عنهم أين بالامس طنبوا واين استقلوا اليوم عن عرصة الطف

* * *



المجالس السنية ـ الجزء الثاني 253

المجلس الرابع والثلاثون بعد المائة

قال الله تعالى في سورة آل عمران «ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك فل اتكونن من الممترين فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين» نزلت في وفد نجران ونجران بلد بنواحي اليمن كان أهله نصارى فارسلوا وفدا منهم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحضر وقت صلاتهم اقبلوا يضربون بالناقوس وصلوا إلى المشرق فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا رسول الله هذا في مسجدك فقال دعوهم فلما فرغوا قالوا يا محمد الى ما تدعو قال الى شهادة ان لا اله الا الله واني رسول الله وان عيسى عبد مخلوق فقالوا هل رأيت ولدا من غير ذكر فنزلت هذه الآيات فرد الله عليهم قولهم في المسيح انه ابن الله فقال ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم في خلقه اياه من غير اب ولا ام فقرأها عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ودعاهم الى المباهلة فاستنظروه الى صبيحة غد فقال لهم الأسقف انظروا محمدا في غد فان جاء بولده وأهله فاحذروا مباهلته وان غدا باصحابه فباهلوه فانه على غير شيء فلما كان الغد وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم آخذا بيد علي بن ابي طالب والحسن والحسين بين يديه وفاطمة خلفه وخرج النصارى يقدمهم اسقفهم ولم يباهلوه وصالحوه على الفي حلة وعلى ان يضيفوا رسله وعلى عارية ثلاثين درعا وثلاثين رمحا وثلاثين فرسا عند الحرب وان لا يأكلوا الربا ثم ان السيد والعاقب رجعا فاسلما (والمراد) بابنائنا في هذه الآية الحسن والحسين وبنسائنا فاطمة وبانفسنا علي «ع» ولا يجوز ان يراد بانفسنا

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 254

النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنه هو الداعي ولا يجوز ان يدعو الانسان نفسه بل يدعو غيره فيدل على ان علياً «ع» افضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث جعله نفس الرسول وصح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما في البحار انه سئل عن بعض اصحابه فقال له قائل فعلي قال انما سألتني عن الناس ولم تسألني عن نفسي .
(وروى) مسلم في صحيحه عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج غداة وعليه مرط (1) مرجل (2) من شعر اسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطم فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا» ورواه الزمخشري وغيره (اعلمت) يا رسول الله ما جرى على هذه الوجوه التي اردت المباهلة بها والتي لو دعت الله على جبل لأزاله اما أخوك ونفسك علي بن ابي طالب فقد ضربوه وهو في محرابه يصلي بسيف مسموم فلق هامته إلى محل سجوده حتى قضى شهيدا واما ابنتك الزهراء فما برحت بعدك معصبة الرأس ناحلة الجسم باكية حزينة حتى الحقت بربها ودفنت سراً لم يشهد أحد جنازتها وأما ولدك الحسن فقد قضى شهيدا بالسم ومنع من دفنه عندك وإلى جانبك واما ولدك الحسين فقد قضى شهيداً بالسيف غريباً عطشان وحيداً فريداً يستجير فلا يجار ويستغيث فلا يغاث وقتلت اطفاله وسبيت عياله وداروا برأسه في البلدان من فوق عالي السنان .
جاشت على آله ما ارتاح واحدهم من قهر اعـداه حتـى مات مقهورا
قضى اخوه خضيب الرأس وابنته غضبى وسبطـاه مسموماً ومنحورا

* * *



(1) المرط بالكسر كساء من صوف او خز .
(2) فيه ألوان تخالف لونه .
المجالس السنية ـ الجزء الثاني 255

المجلس الخامس والثلاثون بعد المائة

لما كانت حجة الوداع وهي آخر حجة حجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان معه سبعون الفاً وقيل تسعون ألفاً وقيل مائة الف وقيل اكثر ولعل الذين خرجوا معه من المدينة واطرافها كانوا سبعين الفاً وبلغوا مع الذي انضموا اليه في الطريق تسعين الفاً وبلغوا في عرفات مع اهل مكة وأطرافها ومن جاءوا مع علي «ع» من اليمن مائة الف او أزيد وخطبهم خطبة طويلة وعرفهم مناسكهم واحكام دينهم وكان قد ارسل علياً «ع» الى اليمن ليخمس أموالها ويقبض ما صالح عليه اهل نجران من الحلل وغيرها وان يوافيه الى الحج فأحرم النبي (ص) وعقد احرامه بسياق الهدي واحرم علي «ع» كاحرام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وساق الهدي ولم يكن يعلم كيف احرم رسول الله (ص) وكان الذين خرجوا مع النبي (ص) منهم من ساق الهدي ومنهم لم يسق فانزل الله تعالى « واتمو الحج والعمرة لله » فامر النبي(ص) من لم يسق الهدي ان يحل احرامه ويجعلها عمرة ومن ساق الهدي ان يبقى على إحرامه وكان علي ممن ساق الهدي فبقي على احرامه أما الذين لم يسوقوا الهدي فمنهم من اطاع ومنهم من خالف وقالوا رسول الله (ص) اغبر اشعث ونحن نلبس الثياب ونقرب النساء وندهن فانكر عليهم رسول الله (ص) فرجع قوم وأصر قوم (ولما) رجع رسول الله (ص) من حجة الوداع ووصل إلى محل يقال له غدير خم انزل الله تعالى عليه «يا أيها النبي بلغ ما انزل اليك من ربك «يعني في علي» وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس» وكان ذلك يوم الثامن عشر من ذي الحجة وكان يوماً شديد الحر فأمر بدوحات هناك (والدوحة الشجرة العظيمة) فكنس ما تحتها ووضعت له الاحمال بعضها فوق بعض شبه المنبر وأمر مناديه فنادى الصلاة جامعة فاجتمع الناس فصعد على تلك الأحمال

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 256

واصعد علياً معه ثم خطب الناس ووعظهم ونعى اليهم نفسه وقال إني مخلف فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا من بعدي كتاب الله وعترتي اهل بيتي فانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ثم نادى بأعلى صوته الست أولى بكم من أنفسكم قالوا اللهم بلى فقال وقد اخذ بعضدي علي فرفعهما حتى بان بياض ابطيهما فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ثم نزل فصلى ركعتين ثم زالت الشمس فصلى بهم الظهر وجلس في خيمته وأمر علياً أن يجلس في خيمة له بازائه ثم أمر المسلمين ان يدخلوا عليه فيهنؤوه ويسلموا عليه بامرة المؤمنين ثم أمر أزواجه ونساء المسلمين بذلك وقال له بعض الصحابة بخ بخ لك يا علي اصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة وانزل الله تعالى عليه في ذلك المكان «اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً» وجاء حسان بن ثابت شاعر النبي «ص» فاستأذنه ان يقول في ذلك شعراً فأذن له فوقف على مكان مرتفع وقال :
يناديهـم يـوم الغدير نبيهم بخم واسمـع بالنبـي منـاديا
فقال فمـن مولاكم ووليكم فقالوا ولم يبدوا هنـاك التعاميا
الهك مولانا وانـت ولينـا ولن تجدن منا لك اليوم عاصيا
فقال له قم يا علي فاننـي رضيتك من بعدي إماماً وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه فكونوا له اتباع صـدق مواليا
هناك دعا الله موال وليـه وكن للذي عادى عليـاً معاديا

فهل درى رسول الله «ص» بما جرى على وصيه وابن عمه من بعده حتى آل الأمر إلى أن تجرأ عليه أشقى الأشقياء عبد الرحمن بن ملجم المرادي وضربه على رأسه في محرابه ضربة فلق بها هامته الى موضع سجوده ضربة هدمت أركان الدين وفتت في عضد المسلمين وقرحت قلوب المؤمنين وفرحت قلوب المنافقين .

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 257

يا لقـوم إذ يقتـلـون عليـا وهو للمحـل بينهـم قتـال
ويسرون بغضه وهو لا تقـ ـبل إلا بحـبـه الأعمـال
ولسبطيـن تابعيـن فمسمـو م عليه ثرى البقيـع يهـال
وشهيد بالطف أبكى السمـاوا ت وكادت له تـزول الجبال
يا غليلي له وقـد حـرم الما ء عليه وهو الشراب الحلال
قطعت وصلت النبي بأن تقـ ـطع من آل بيته الأوصال
لم ينج الكهول سن ولا الشبـ ـان زهـد ولا نجا الأطفال
لهف نفسي يا آل طه عليكم لهفة كسبهـا جوى وخبـال

المجلس السادس والثلاثون بعد المائة

اتت اسماء بنت يزيد الأنصارية الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو بين اصحابه فقالت بأبي وامي انت يا رسول الله أنا وافدة النساء اليك ان الله عزوجل بعثك إلى الرجال والنساء كافة فآمنا بك وبالهك وانا معشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم وحاملات اولادكم وانكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج وافضل من ذلك الجهاد في سبيل الله عزوجل وان أحدكم اذا خرج حاجاً أو معتمراً أو مجاهداً حفظنا لكم اموالكم وغزلنا أثوابكم وربينا أولادكم أفما نشارككم في هذا الأجر والخير فالتفت النبي صلى الله عليه وآله وسلم الى اصحابه بوجهه كله ثم قال هل سمعتم مسألة امرأة قط أحسن من مسألتها هذه في أمر دينها فقالوا يا رسول الله اي امرأة تهتدي الى مثل هذا فالتفت

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 258

اليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال افهمي ايتها المرأة واعلمي من خلفك من النساء ان حسن تبعل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها امره يعدل ذلك كله فانصرفت وهي تهلل حتى وصلت الى نساء قومها من العرب وعرضت عليهن ما قاله رسول الله «ص» ففرحن وآمن جميعهن وسميت رسول نساء العرب إلى النبي «ص» (والنساء) فيهن كثير من العلاقات الكاملات اللواتي سبقن الرجال بكمالهن وعقلهن وحسن افعالهن فمنهن أم وهب بن حباب الكلبي وكان من اصحاب الحسين «ع» وكانت معه امه وزوجته فقالت أمه قم يا بني فانصر ابن بنت رسول الله «ص» فقال أفعل يا اماه ولا أقصر ثم حمل ولم يزل يقاتل حتى قتل جماعة ثم رجع وقال يا أماه ارضيت فقالت ما رضيت حتى تقتل بين يدي الحسين «ع» فقالت امرأته بالله عليك لا تفجعني بنفسك فقالت له أمه يا بني اعزب عن قولها وارجع فقاتل بين يدي ابن بنت نبيك تنل شفاعة جده يوم القيامة فرجع فلم يزل يقاتل حتى قطعت يداه واخذت امرأته عموداً واقبلت نحوه وهي تقول فداك أبي وأمي قاتل دون الطيبين حرم رسول الله «ص» فاقبل كي يردها الى النساء فاخذت بجانب ثوبه وقالت لن اعود دون أن أموت معك فقال الحسين «ع» جزيتم من أهلي بيت خيراً ارجعي الى النساء رحمك الله فانصرفت اليهن ولم يزل الكلبي يقاتل حتى قتل رضوان الله عليه .
فهبوا إلـى حـرب تقاعس اسدها تخالس طرفا للوغى غير ناعس
فخاضوا لظاها مستميتين لا ترى عيونهم الفرسـان غيـر فرائس
ضراغم غيل لم تهب رشق راجل بنبل ولا ترتاع من طعن فارس

* * *



المجالس السنية ـ الجزء الثاني 259

المجلس السابع والثلاثون بعد المائة

في شرح رسالة ابن زيدون وغيرها قال حكي عن علي بن ابي طالب «ع» انه قال يوما : سبحان الله ما أزهد كثيرا من الناس في خير عجبا لرجل يجيئه اخوه المسلم في حاجة فلا يرى نفسه للخير اهلا فلو كان لا يرجو ثواباً ولا يخلف عقاباً لكان ينبغي له ان يسارع إلى مكارم الأخلاق فانها تدل على سبيل النجاح فقام اليه رجل وقال يا أمير المؤمنين اسمعته من النبي «ص» قال نعم لم اتي بسبايا طيء وقفت جارية عيطاء لعساء فلما تكلمت انسيت جمالها بفصاحتها قالت يا محمد إن رأيت ان تخلي عني ولا تشمت بي أحياء العرب فانني ابنة سيد قومي وان ابي كان يفك العاني ويشبع الجائع ويكسو العاري ويحفظ الجار ويحمي الذمار ويفرج عن المكروب ويطعم الطعام ويفشي السلام ويعين على نوائب الدهر ولم يرد طالب حاجة قط انا ابنة حاتم الطائي (وكان اسمها سفانة) فقال النبي «ص» يا جارية هذه صفة المؤمن حقا ولو كان ابوك مسلما لترحمنا عليه خلوا عنها فان اباها كان يحب مكارم الأخلاق (وقال) فيها ارحموا عزيزا ذل وغنياً افتقر وعالما ضاع بين جهال فاطلقها ومن عليها بقومها فاستأذنته في الدعاء له فأذن لها وقال لأصحابه اسمعوا وعوا (فقالت) أصاب الله ببرك مواقعه ولا جعل لك الى لئيم حاجة ولا سلب نعمة عن كريم قوم الا وجعلك سبباً في ردها عليه (فلما) اطلقها اتت أخاها عدياً بدومة الجندل فقالت يا أخي إئت هذا الرجل قبل ان تعلقك حبائله فاني قد رأيت هديا ورأيا وسيغلب اهل الغلبة رأيت خصالا تعجبني رأيته يحب الفقير ويفك الأسير ويرحم الصغير ويعرف قدر الكبير وما رأيت اجود ولا اكرم منه واني ارى ان تلحق به فان يك نبياً فللسابق فضله وان يك ملكا فلن تزال في عز اليمن فقدم عدي الى النبي «ص» فأسلم

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 260

واسلمت اخته سفانة (لا عجب) اذا صدر مثل هذا ممن بعث ليتمم مكارم الاخلاق وقد قال الله تعالى في حقه «وانك لعلى خلق عظيم» ولكن العجب ممن يدعون الاسلام وقد حملوا الهاشميات من بنات رسول الله (ص) وبنات علي وفاطمة اسارى من بلد إلى بلد كأنهن سبايا الترك أو الديلم وقابلوهن من الجفاء الغلظة بما تقشعر منه الجلود وتنفطر له القلوب فمن ذلك لما ادخل نساء الحسين «ع» وصبيانه على ابن زياد بالكوفة وفي جملتهم زينب اخت الحسين «ع» وهي متنكرة وعليها ارذل ثيابها فمضت حتى جلست ناحية وحف بها إماؤها فقال ابن زياد من هذه فلم تجبه فاعاد القول ثانيا وثالثا يسأل عنها فقال له بعض امائها هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله (ص) فأقبل عليها ابن زياد فقال الحمد لله الذي قتلكم وفضحكم واكذب احدوثتكم فقالت الحمد لله الذي اكرمنا بنبيه محمد (ص) وطهرنا من الرجس تطهيرا انما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا فقال ابن زياد كيف رأيت صنع الله بأخيك الحسين واهل بيتك قالت ما رأيت الا جميلا هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك امك يا ابن مرجانة قال فغضب ابن زياد وكأنه هم بضربها فقال عمرو بن حريث يا امير انها امرأة والمرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها فقال لها ابن زياد لقد شفى الله قلبي من طاغيتك الحسين والعصاة المردة من اهل بيتك فرقت زينب وبكت وقالت لعمري يا ابن زياد لقد قتلت كهلي وقطعت فرعي واجتثثت أصلي فان كان هذا شفاؤك فقد اشتفيت فقال ابن زياد هذه سجاعة ولعمري لقد كان ابوها سجاعاً شاعراً .
تصان بنت الدعي فـي كلل الملـ ـك وبنت الرسول تبتذل
يرجى رضى المصطفى فوا عجبا تقتـل أولاده ويحتـمـل

* * *



المجالس السنية ـ الجزء الثاني 261

المجلس الثامن والثلاثون بعد المائة

قال الله تعالى مخاطباً لنبيه الكريم محمد «ص» «ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك» وقال تعالى «وانك لعلى خلق عظيم» وقال رسول الله «ص» حسن الخلق نصف الدين وقال «ص» ما من شيء اثقل في الميزان من حسن الخلق وقال «ص» عليكم بحسن الخلق فان حسن الخلق في الجنة لا محالة واياكم وسوء الخلق فان سوء الخلق في النار لا محالة وكان رسول الله «ص» يقول اللهم احسنت خلقي فاحسن خلقي وقال «ص» انكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم باخلاقكم وقال «ص» أفضل الناس ايمانا احسنهم خلقا واصلح الناس انصحهم للناس وخير الناس من انتفع به الناس وقال «ص» ان جبرائيل الروح الأمين نزل علي من عند رب العالمين فقال يا محمد عليك بحسن الخلق فانه ذهب بخير الدنيا والآخرة (وكان) رسول الله «ص» جامعاً لمكارم الأخلاق مستكملا فضائلها كان دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا عياب ولا مداح شديد الحياء والتواضع يأكل على الأرض ويجلس جلسة العبد ويخصف (1) نعله بيده ويرقع ثوبه بيده ويركب الحمار العاري ويردف خلفه ويحلب شاته ويخدم اهله ويجيب دعوة المملوك ويحب المساكين ويجلس معهم ويعود مرضاهم ويشيع جنائزه ولا يحقر فقيرا ويقبل المعذرة . (عن) ابي ذر رضي الله عنه قال كان رسول الله «ص» يجلس بين أصحابه كأنه أحدهم فيجيء الغريب فلا يدري ايهم هو حتى يسأل فطلبنا إلى النبي «ص» ان يجعل له مجلساً يعرفه الغريب إذا أتاه

(1) يخرز .
المجالس السنية ـ الجزء الثاني 262

فبنينا له دكة (1) من طين فكان يجلس عليها ونجلس بجانبيه . (عن انس بن مالك) قال كان رسول الله «ص» اذا فقد الرجل من اخوانه ثلاثة ايام سأل عنه فان كان غائباً دعا له وان كان شاهداً زاره وان كان مريضاً عاده . (روي) ان رسول الله «ص» كان لا يدع احداً يمشي معه اذا كان راكبا حتى يحمله معه فان ابي قال تقدم أمامي وادركني في المكان الذي تريد . (عن) علي بن أبي طالب «ع» قال ما صافح النبي «ص» احد قط فنزع «ص» يده من يده حتى يكون هو الذي ينزع يده وما فاوضه احد قط في حاجة او حديث فانصرف حتى يكون الرجل هو الذي ينصرف وما سئل شيئاً قط فقال لا وما رد سائلا حاجة قط إلا بها أو بميسور من القول وما رؤي مقدماً رجله بين يدي جليس له قط (عن) جابر بن عبد الله الأنصاري قال غزا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم احدى وعشرين غزوة شهدت منها تسع عشرة غزوة وغبت عن اثنتين فبينا انا معه في بعض غزواته إذ اعيى ناضحي (2)تحت الليل فبرك وكان رسول الله (ص) في اخريات الناس يزجي (3) الضعيف ويردفه ويدعو له فانتهى الي وانا أقول يا لهف أماه ما زال الناضح بسوء فقال من هذا فقلت أنا جابر بأبي انت وأمي يا رسول الله قال وما شأنك قلت اعيى ناضحي فقال امعك عصا قلت نعم فضربه ثم بعثه ثم اناخه ووطئ على ذراعه وقال اركب فركبت وسايرته فجعل جملي يسبقه فاستغفر لي تلك الليلة خمسا وعشرين مرة (عن) جرير بن عبد الله قال لما بعث النبي «ص» اتيته لابايعه فقال لي يا جرير لأي شيء جئت قلت لأسلم على يديك يا رسول الله فألقى لي كساءه ثم أقبل على أصحابه فقال إذا أتاكم كريم قوم فاكرموه (يا رسول الله) أي رجل أكرم من ولدك زين العابدين وسيد الساجدين ولما أتي

(1) الدكة ما يقعد عليه وهي التي تسمى مصطبة اليوم .
(2) الناضح البعير يستقى عليه .
(3) يدفع برفق ولين .
المجالس السنية ـ الجزء الثاني 263

به إلى يزيد بن معاوية لم يكرمه بشيء إلا انه قال له يا ابن الحسين أبوك قطع رحمي وجهل حقي ونازعني سلطاني فصنع الله به ما قد رأيت فقال علي بن الحسين «ع» ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في انفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ان ذلك على الله يسير .
الا يا ابن هند لا سقى الله تربة ثويت بمثواها ولا اخضر عودها

المجلس التاسع والثلاثون بعد المائة

لما كان يوم الجمل وهو الحرب التي وقعت بين علي «ع»وبين عائشة وطلحة والزبير وكان بالبصرة وانما سمي حرب الجمل لأن عائشة ركبت على جمل اسمه عسكر في هودج وضعت عليه الدروع وكان جملها لواء أهل البصرة وكان مع علي «ع» عشرون الفاً فيهم من الصحابة على بعض الروايات الف وخمسمائة ومن البدريين ثمانون وممن بايع تحت الشجرة مائتان وخمسون ومع عائشة ثلاثون القاً وقتل من الفريقين عشرون الفاً (وزحف) علي «ع» بالناس ثم أوقفهم من صلاة الغداة إلى صلاة الظهر يدعوهم ويناشدهم ويقول لعائشة ان الله أمرك ان تقري في بيتك فاتقي الله وارجعي ويقول لطلحة والزبير خبأتما نساءكما وابرزتما زوجة رسول الله «ص» فيقولا إنما جئنا نطلب بدم عثمان وان يرد الأمر شورى (ودعا) أمير المؤمنين «ع» الزبير فخرج اليه وعلي «ع» حاسر والزبير عليه السلاح فقال له «ع» أما تذكر يوم رآك رسول الله «ص» وأنت تتبسم إلي فقال لك اتحب علياً فقلت له كيف لا أحبه وبيني وبينه من النسب والمودة في الله ما ليس لغيره فقال إنك ستقاتله وانت ظالم له فقلت أعوذ بالله من ذلك قال اللهم نعم قال

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 264

افجئت تقاتلني قال اعوذ بالله من ذلك قال دع هذا فقال بايعتني طائعاً ثم جئت محاربا فما عدا مما بدا قال لا جرم والله قاتلتك ثم رجع فلقيه عبد الله ابنه فقال أجبناً يا أبت فقال يا بني قد علم الناس أني لست بجبان ولكن ذكرني علي شيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحلفت أن لا أقاتله فقال دونك غلامك مكحولاً فاعتقه كفارة ليمينك قالت عائشة لا والله بل خفت سيوف ابن أبي طالب اما انها طوال حداد تحملها سواعد فتية انجاد ولئن خفتها فلقد خافها الرجال من قبلك فحمي الزبير ونزع سنان رمحه وحمل على عسكر علي «ع» فقال علي «ع» دعوه فانه محول عليه فأفرجوا له فغاص فيهم حتى دخل من جانب وخرج من آخر ثم رجع فقال لهم اهذا فعل جبان فقالوا قد أعذرت ثم رجع الى المدينة فقتله ابن جرموز في الطريق ونظرت عائشة إلى علي «ع» يجول بين الصفين فقالت انظروا اليه كأن فعله فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر والله لا ينتظر بكم الا زوال الشمس ثم ان علياً «ع» دعا بمصحف وقال من يأخذه ويقرأ عليهم «وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما» ( الآية) فقال مسلم المجاشعي ها أنا ذا فقال له تقطع يمينك وشمالك وتقتل فقال لا عليك يا أمير المؤمنين فهذا قليل في ذات الله فأخذه ودعاهم إلى الله فقطعت يده اليمنى فأخذه باليسرى فقطعت فأخذه بأسنانه فقتل فقالت أمه :
يا رب ان مسلمـاً آتاهم بمحكم التنزيل اذ دعاهم
يتلو كتاب الله لا يخشاهم فرملوه رملـت لحاهـم

فقال «ع» الآن طاب الضراب (ذكرني) اجتهاد مسلم المجاشعي في نصرة أمير المؤمنين «ع» حتى قطعت يداه وقتل اجتهاد وهب بن حباب الكلبي في نصرة ولده الحسين «ع» حتى قطعت يداه وقتل وكانت معه أمه وزوجته فقالت أمه ثم يا بني وانصر ابن بنت رسول الله «ص» فقال أفعل يا أماه ولا أقصر فبرز وهو يقول :

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 265

ان تنكرونـي فأنا ابن الكلبي سوف تروني وتـرون ضـربي
وحملتي وصولتي في الحرب ادرك ثـاري بعد ثار صحبـي
وادفع الكرب أمـام الكـرب ليس جهـادي في الوغى باللعب

ثم حمل ولم يزل يقاتل حتى قتل جماعة ثم رجع الى امرأته وأمه وقال يا اماه ارضيت فقالت ما رضيت حتى تقتل بين يدي الحسين «ع» فقالت امرأته بالله عليك لا تفجعني بنفسك فقالت له أمه يا بني اعزب عن قولها وارجع وقاتل بين يدي ابن بنت نبيك تنل شفاعة جده يوم القيامة فرجع فلم يزل يقاتل حتى قطعت يداه واخذت امرأته عمودا واقبلت نحوه وهي تقول فداك أبي وامي قاتل دون الطيبين حرم رسول الله (ص) فأقبل كي يردها إلى النساء فأخذت بجانب ثوبه وقالت لن أعود دون ان أموت معك فقال الحسين «ع» جزيتم من أهل بيتي خيرا ارجعي إلى النساء رحمك الله فانصرفت اليهن ولم يزل الكلبي يقاتل حتى قتل رضوان الله عليه .
نصروا ابن بنت نبيهم طوبى لهم نالوا بنصرته مراتب ساميـه
قد جـاوروه هاهنـا بقبـورهم وقصورهم يوم الجزا متحاذيه

المجلس الاربعون بعد المائة

لما كانت حرب الجمل وهي من الحروب العظيمة ثبت فيها الفريقان واشرعوا الرماح بعضهم في صدور بعض كأنها آجام القصب ولو شاءت الرجال ان تمشي عليها لمشت كان يسمع لوقع السيف أصوات كأصوات القصارين وخرج رجل من

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 266

أهل البصرة يقال له عبد الله بن ابزى فتناول خطام الجمل وشد على عسكر علي «ع» وقال :
أضربهم ولا أرى ابا حسن ها ان هذا حزن من الحزن

فشد عليه أمير المؤمنين «ع» بالرمح فطعنه فقتله وقال رأيت ابا حسن فكيف رأيته وترك الرمح فيه وبرز عبد الله بن خف الخزاعي وكان رئيس اهل البصرة وطلب ان لا يخرج اليه الا علي «ع» وقال :
يا ابا تراب أدن مني فترا فانني دان اليك شبرا
وان في صدري عليك غمرا (1)

فخرج اليه «ع» فلم يمهله ان ضربه ففلق هامته ولما اشتد القتال وقامت الحرب على ساقها زحف علي «ع» نحو الجمل بنفسه في كتيبته الخضراء من المهاجرين والأنصار وحوله بنوه حسن وحسين ومحمد بن الحنفية ودفع الراية إلى محمد وقال اقدم بها حتى تركزها في عين الجمل فتقدم محمد فرشقته السهام فقال لأصحابه رويداً حتى تنفذ سهامهم فأنفذ علي «ع» يستحثه فلما ابطأ عليه جاء بنفسه من خلفه فوضع يده اليسرى على منكبه الأيمن وقال له اقدم لا أم لك فكان محمد رضي الله عنه إذا ذكر ذلك يبكي ويقول لكأني اجد ريح نفسه في قفاي والله لا انسى ذلك أبدا ثم أدركت علياً «ع» رقة على ولده فتناول الراية بيده اليسرى وذو الفقار مشهور في يده اليمنى وهو يقول :
اطعن بها طعن ابيك تحمد لا خير في الحرب إذا لم توقد
بالمشرفي والقنا المسدد

(1) كحقد وزناً ومعنى .

السابق السابق الفهرس التالي التالي