المجالس السنية ـ الجزء الثاني 234

وحسبكم هذا التفاوت بيننا وكل إناء بالذي فيه ينضح

ولم يزالوا بالحسين «ع» بعد ما اخافوه واخرجوه من حرم الله وحرم جده رسول الله (ص) حتى قتلوه غريباً شهيداً عطشان ظامياً وقتلوا أولاده وأهل بيته وانصاره وسبوا نساءه واطفاله وداروا برأسه في البلدان .
وقد انجلى عن مكة وهو ابنها وبه تشرفت الحطيم وزمزم
لم يدر اين يريح بـدن ركابه فكأنما المأوى عليـه محرم
فمشت تؤم به العراق نجائب مثل النعام به تخب وترسم

المجلس السادس والعشرون بعد المائة

لما كانت غزاة حنين وذلك بعد فتح مكة خرج رسول الله «ص» في عشرة آلاف وقيل في اثني عشر الفا الفان ممن أسلم يوم الفتح وعشرة آلاف من اصحابه فقال بعض اصحابه من المهاجرين لن نغلب اليوم من قلة فلما اتوا إلى وادي حنين وكان ذلك قبل الفجر وكان المشركون قد سبقوهم إلى الوادي وكمنوا فيه حمل عليهم المشركون وانهزم المسلمون بأجمعهم ولم يثبت مع النبي (ص) غير عشرة أنفس تسعة من بني هاشم والعاشر أيمن بن أم أيمن فقتل أيمن وثبتت التسعة منهم العباس بن عبد المطلب عن يمين رسول الله (ص) وابنه الفضل عن يساره وابو سفيان بن الحارث ممسك بسرجه عند نفور بغلته وأمير المؤمنين «ع» بين يديه يضرب بالسيف والباقون حوله وذلك قوله تعالى «ويوم حنين إذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين» يعني علياً «ع» ومن ثبت معه من بني هاشم

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 235

وأمر النبي (ص) عمه العباس وكان صيتاً جهورياً أن ينادي الناس ويذكرهم العهد ففعل فلم يرجعوا ثم نادى أين ما عاهدتم الله عليه فرجعوا أولا فأولا (وأقبل) رجل من هوازن يسمى أبا جرول على جمل له بيده راية في رأس رمح طويل أمام الناس إذا أدرك أحداً طعنه وإذا فاته الناس رفع رايته لمن وراءه من المشركين فاتبعوه فصمد له أمير المؤمنين «ع» فضرب عجز بعيره فصرعه ثم ضربه فقتله فكانت هزيمة المشركين بقتل ابي جرول ولما راى النبي (ص) شدة القتال قام في ركابي سرجه حتى أشرف على جماعة الناس ثم قال الآن حمي الوطيس آنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب فما كان بأسرع من أن ولى القوم على أدبارهم ولحقهم المسلمون أمامهم علي «ع» يقتلون ويأسرن حتى قتل علي «ع» أربعين رجلا (ومن) هذه الشجاعة ورث ولده الحسين «ع» وعلى نهجها نهج وفي سبيلها درج فهو ابن رسول الله وابن بضعته .
وهو ابن حيدرة البطين الأنزع الـ ـمفني الألوف بحومة الهيجاء
له من علي في الحـروب شجاعة ومن أحمد عند الخطـابة قيل

قال بعض الرواة والله ما رأيت مكثوراً قد قتل ولده وأهل بيته وأنصاره أربط جأشاً من الحسين «ع» وإن كانت الرجالة لتشد عليه فيشد عليها بسيفه فتنكشف عنه انكشاف المعزى اذا شد فيها الذئب ولقد كان يحمل فيهم وقد تكملوا ثلاثون ألفاً فينهزمون من بين يديه كأنهم الجراد المنتشر ثم يرجع إلى مركزه وهو يقول لا حول ولا قوة إلا بالله ولم يزل يقاتل حتى حالوا بينه وبين رحله فصاح ويلكم يا شيعة آل أبي سفيان ان لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم هذه وارجعوا إلى أحسابكم ان كنتم عربا كما تزعمون فناداه شمر ما تقول يا ابن فاطمة قال أقول اني أقاتلكم وتقاتلونني والنساء ليس عليهن جناح فامنعوا عتاتكم وجهالكم وطغاتكم من التعرض لحرمي ما دمت

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 236

حياً قال شمر لك ذلك يا ابن فاطمة فقصدوه بالحرب فجعل يحمل عليهم ويحملون عليه وهو في ذلك يطلب شربة من ماء فلا يجد .
منعـوه مـن مـاء الفـرات وورده وأبوه ساقي الحوض يوم جزاء
حتى قضى عطشاً كما اشتهت العدى بأكف لا صيـد ولا اكـفـاء

المجلس السابع والعشرون بعد المائة

كان السبب في غزاة تبوك وهي آخر غزواته (ص) ان النبي (ص) بلغه أن هرقل ملك الروم ومن معه من نصارى العرب قد عزموا على قصده فتجهز للقائهم وكانت الناس في عسرة فسمي ذلك الجيش جيش العسرة فأمر رسول الله (ص) أهل الغنى ان يعينوا الفقراء وكان المسلمون خمسة وعشرين الفاً عدا العبيد والأتباع وكان (ص) اذا أراد الغزو لا يخبر أحداً إلا في هذه الغزاة فاخبرهم لبعد المسافة ليستعدوا ولم يقع في هذه الغزاة قتال وانما ارسل بعض السرايا فحصلت منواشات يسيرة وصالح كثير منهم على الجزية ورجع (ولما) خرج رسول الله (ص) إلى غزاة تبوك خلف علياً «ع» على المدينة لأنه خاف عليها من المنافقين لبعد المسافة ولأن الله تعالى أخبره انه لا يكون قتال فقال المنافقون إنما خلفه استثقالاً له فلما بلغ ذلك أمير المؤمنين «ع» أخذ سلاحه ولحق بالنبي (ص) فاخبره بقول المنافقين فقال كذبوا انما خلفتك لما ورائي فارجع فاخلفني في أهلي واهلك فان المدينة لا تصلح الا بي أو بك فانت خليفتي في أهل بيتي ودار هجرتي أما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي فرجع (وتخلف) عنه (ص) في هذه الغزاة كثير من المنافقين وجماعة من المؤمنين

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 237

منهم كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية من غير شك ولا نفاق كانوا يقولون نخرج غداً أو بعد غد حتى رجع رسول الله (ص) فنهى عن كلامهم فلم يكلمهم أحد حتى نساؤهم فكانت تاتيهم بالطعام ولا تكلمهم فخرجوا الى جبل بالمدينة ثم قالوا ان النبي (ص) نهى عن كلامنا فلماذا يكلم بعضنا بعضاً فتفرقوا وحلفوا ان لا يكلم أحد صاحبه حتى يموتوا أو يتوب الله عليهم فبقوا على ذلك خمسين ليلة وفيهم أنزل الله تعالى «وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى اذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت» الى قوله « ثم تاب عليهم» (وكان) ممن تخلف عن النبي (ص) ابو خيثمة ومراده ان يلحق به وكانت له زوجتان وعريشان ففرشت زوجتاه عريشيه وبردتا له الماء وهيأتا له طعاماً فلما نظر اليهما قال لا والله ما هذا بانصاف رسول الله (ص) قد خرج في الحر والريح يجاهد في سبيل الله وابو خيثمة قاعد في عريشه فلحق برسول الله (ص) فنظر الناس الى راكب فأخبروا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال كن أبا خيثمة فاقبل وأخبر النبي بما كان فجزاه خيرا ودعا له (وكان) ممن تخلف ابو ذر لأن جمله كان اعجف فلحق به بعد ثلاثة أيام ووقف عليه جمله في الطريق فتركه وحمل ثيابه على ظهره فلما ارتفع النهار نظر المسلمون الى شخص مقبل فقال رسول الله (ص) كن اباذر فقالوا هو ابوذر فقال رسول الله (ص) ادركوه بالماء فانه عطشان فادركوه بالماء (هكذا) جرت العادة ان كل من يقبل وهو عطشان يؤتى له بالماء خصوصاً في حال الحرب الا علي الأكبر فانه لما رجع من الحرب الى أبيه الحسين وهو عطشان جعل يقول يا ابت العطش قتلني وثقل الحديد أجهدني فلم يؤت له بالماء لماذا ألم يكن عزيزا على الحسين فيامر له بالماء بلى والله قد كان عزيزاً عليه وفلذة من كبده ولكن الماء قد كان ممنوعاً عن الحسين «ع» وأطفاله من قبل ثلاثة ايام وتدل الرواية أنه قد تكرر من علي الأكبر طلب الماء من ابيه يقول الراوي فجعل علي الأكبر يشد على القوم ثم يرجع الى أبيه فيقول يا ابت العطش فيقول له الحسين «ع» اصبر حبيبي فانك لا تمسي حتى يسقيك رسول الله (ص) بكأسه .

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 238

قضوا عطشاً يا للرجال ودونهم شرائع لكـن ما ابيـح ورودها
يعز على المختار أحمد أن يرى عداها عن الورد المباح تذودها
تموت ظمـا شبانهـا وكهولها ويفحص من حر الأوام وليدها

ووافى ابو ذر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه أداوة فيها ماء فقال رسول الله (ص) يا ابا ذر معك ماء وعطشت فقال نعم يا رسول الله بأبي أنت وأمي انتهيت الى صخرة وعليها ماء السماء قذفته فاذا هو عذب بارد فقلت لا اشربه حتى يشربه حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (لنعم) الايثار ايثار ابي ذر رضي الله عنه لرسول الله (ص) بالماء على نفسه وهو عطشان ولكن اين هو من ايثار ابي الفضل العباس لأخيه الحسين «ع» بالماء ويوم عاشوراء وذلك لما جاء إلى أخيه الحسين واستأذنه في القتال فقال له الحسين «ع» أنت حامل لوائي فقال لقد ضاق صدري وسئمت الحياة فقال له الحسين «ع» ان عزمت فاستسق لنا ماء فأخذ قربته وحمل على القوم حتى ملأ القربة واغترف من الماء غرفة ثم ذكر عطش اخيه الحسين فرمى بها وقال :
يا نفس من بعد الحسين هوني وبعده لا كنت أن تكوني
هذا الحسـيـن وارد المنـون وتشربيـن بـارد المعين

ثم عاد فأخذوا عليه الطريق فجعل يضربهم بسيفه وهو يقول :
لا ارهب الموت اذا الموت رقى حتى اوارى في المصاليت لقى
اني أنا العبـاس اغـدوا بالسقا ولا أهاب الموت يـوم الملتقى

فضربه حكيم بن الطفيل الطائي السنبسي على يمينه فبراها فأخذ اللواء بشماله وهو يقول :
والله ان قطعتم يميني اني احامي ابدا عن ديني


المجالس السنية ـ الجزء الثاني 239

فضربه زيد بن ورقاء الجهني على شماله فبراها فضم اللواء الى صدره (كمافعل عمه جعفر اذ قطعوا يمينه ويساره في حرب مؤتة فضم اللواء إلى صدره) وجعل العباس يقول :
ألا ترون معشر الفجار قد قطعوا ببغيهم يساري

فحمل عليه رجل تميمي من ابناء ابان بن دارم فضربه بعمود على رأسه فخر صريعاً الى الأرض ونادى بأعلى صوته ادركني يا اخي فانقض عليه ابو عبد الله كالصقر فرآه مقطوع اليمين واليسار مرضوخ الجبين مشكوك العين بسهم مرتثا بالجراحة فوقف عليه منحنياً وجلس عند رأسه يبكي حتى فاضت نفسه ثم حمل على القوم فجعل يضرب فيهم يميناً وشمالاً فيفرون من بين يديه كما تفر المعزى إذا شد فيها الذئب وهو يقول اين تفرون وقد قتلتم اخي اين تفرون وقد فتتم في عضدي ثم عاد الى موقفه منفرداً .
فهنا لكم ملك الشـريعـة واتكـى من فـوق قائـم سيفـه فمقامها
فأبـت نقيبـتـه الزكيـة ريهـا وحشا ابن فاطمة يشـب ضرامها
وكذلكـم مـلأ المزاد وزمـهـا وانصـاع يرفل بالحديـد همامها
حسمت يديه يد القضـاء بمبـرم ويد القضا لم ينتفـض ابـرامها
واعتاقة شرك الردى دون السرى ان المنايا لا تطيـش سهـامهـا

المجلس الثامن والعشرون بعد المائة

لما اراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخروج الى غزاة تبوك خطب الناس فقال بعد حمد

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 240

الله والثناء عليه ايها الناس ان أصدق الحديث كتاب الله وأولى القول كلمة التقوى وخير الملل ملة ابراهيم وخير السنن سنة محمد (ص) وأشرف الحديث ذكر الله واحسن القصص هذا القرآن وخير الامور اوسطها وشر الامور محدثاتها واحسن الهدى هدى الأنبياء وأشرف القتل قتل الشهداء وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى وخير الأعمال ما نفع وخير الهدى ما اتبع وشر العمى عمى القلب واليد العليا خير من اليد السفلى وما قل وكفى خير مما كثر والهى وشر المعذرة حين يحضر الموت وشر الندامة يوم القيامة ومن اعظم خطايا اللسان الكذب وخير الغنى غنى النفس وخير الزاد التقوى ورأس الحكمة مخافة الله والتباعد من عمل الجاهلية والسكر حجر النار والحمر جماع الاثم والنساء حبائل ابليس والشباب شعبة من الجنون وشر المكاسب كسب الربا وشر المآكل أكل مال اليتيم والسعيد من وعظ بغيره والشقي من شقي في بطن امه وانما يصير احدكم الى موضع أربعة اذرع والأمر الى آخره وملاك العمل خواتيمه وكل ما هو آت قريب وسباب المؤمن فسق وقتال المؤمن كفر واكل لحمه من معصية الله وحرمة ماله كحرمة دمه ومن توكل على الله كفاه ومن صبر ظفر ومن يعف يعف الله عنه ومن كظم الغيظ يأجره الله ومن يصبر على الرزية يعوضه الله (سمعتم) قول النبي (ص) اشرف القتل قتل الشهداء وأي شهيد اشرف وافضل من شهيد كربلاء ابي عبد الله الحسين «ع» ولد رسول الله (ص) واحد سبطيه وريحانتيه وأي قتل أشرف من قتله وهو الذي فدى دين جده بنفسه وأعلى منار الايمان وأظهر فضائح المنافقين وهدم ما بناه بنو أمية لهدم هذا الدين فكان سيد لشهداء وإمام أهل الشرف والاباء حتى قضى بسيوف الاعداء مع اهل بيته وانصاره عطشان غريباً وحيداً فريداً وسبيت نساؤه وعياله وذبحت اطفاله وداروا برأسه في البلدان من فوق عالي السنان .
تداركتم بالأنفس الدين لم يقـم لواه بكم الا وأنتـم ذبـائحـه
غداة تشفى الكفر منكم بموقف اذلت رقاب المسلمين فضائحه


المجالس السنية ـ الجزء الثاني 241

المجلس التاسع والعشرون بعد المائة

لما كانت غزاة تبوك ظهر من أقوال المنافقين وأفعالهم ما لم يظهر في غيرها (منها) انه تخلف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كثير من المنافقين ونزل فيهم آيات كثيرة مثل قوله تعالى «لو كان عرضاً قريباً وسفراً قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم انهم لكاذبون » (وقوله تعالى) « لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وان جهنم لمحيطة بالكافرين » (وقوله تعالى) « فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله» الى قوله «وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا» الى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي في سورة براءة (ومنها) قولهم ان رسول اله (ص) انما خلف علياً على المدينة استثقالاً له فكذبهم الله تعالى على لسان نبيه فقال له ان المدينة لا تصلح الا بي أو بك أما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي (ومنها) انها ضلت ناقة النبي (ص) فقال بعض المنافقين ان محمدا يخبركم الخبر من السماء ولا يدري أين ناقته فقال (ص) إني والله لا أعلم إلا ما علمني الله عزوجل وهي في الوادي في شعب كذا قد حبستها شجرة بزمامها فوجدوها كما قال .
وقدم رسول الله (ص) المدينة وكان اذا قدم من سفر استقبل بالحسن والحسين عليهما السلام وحف به المسلمون حتى يدخل على فاطمة ويقعدون بالباب فاذا

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 242

خرج مشوا معه حتى يدخل منزله فيتفرقون عنه (بأبي) أنت وأمي يا رسول الله كنت اذا قدمت من سفر استقبلك المسلمون بولديك الحسنين وما ذاك إلا لعلم المسلمين بأن ولديك الحسنين أحب الخلق اليك وأشرفهم منزلة عند الله وكنت أول من تبدأ بزيارته بضعتك فاطمة الزهراء لأنها أحب الناس اليك وأعزهم عليك اخبرك يا رسول الله بما جرى بعدك على بضعتك الزهراء وريحانتك الحسنين أما بضعتك الزهراء فلم تزل بعدك ناحلة الجسم معصبة الرأس حزينة كئيبة باكية حتى تأذى ببكائها أهل المدينة فبنى لها علي «ع» بيتاً في البقيع يسمى بيت الأحزان فكانت تخرج اليه وتقضي وطرها من البكاء حتى لحقت بربها وأما ولدك الحسن فجرعوه الغصص حتى جرحوه في فخذه بمعول في ساباط المدائن حينما كان متوجهاً إلى حرب معاوية وكاتبوا عدوه سراً وخلوه حتى اضطر أن يصالح معاوية حفظاً لدمه وابقاء على شيعته وكانت عاقبة أمره ان مات شهيدا بالسم حتى تقياً كبده قطعة قطعة وأما ولدك الحسين فغصبوه حقه وأخافوه حتى خرج من حرمك خائفاً يترقب إلى حرم الله ثم من حرم الله إلى الكوفة وجهز ابن زياد اليه الجيوش بأمر يزيد فأحاطوا به ومنعوه التوجه في بلاد الله العريضة ومنعوه من شرب الماء هو وعياله وأطفاله حتى قتلوه عطشان غريبا وحيدا فريداً لا ناصر له ولا معين وليتهم اكتفوا بذلك لا والله لم يكتفوا بهذا حتى أمر ابن سعد تنفيذا لأمر ابن زياد ان يداس بدنه الشريف بحوافر الخيل وحمل رأسه ورؤوس أصحابه على الرماح وطاف بها في البلدان وساق بناتك ونساء أولادك كما تساق السبايا من كربلا إلى الكوفة ومن الكوفة الى يزيد بالشام .
تتهادى بهـا النيـاق بلا حا م ولا عين كافل تـرعاها
لابن مرجانة الدعي وطورا لابن هند تهدى بذل سباها

* * *



المجالس السنية ـ الجزء الثاني 243

المجلس الثلاثون بعد المائة

كان أبو ذر الغفاري واسمه جندب بن جنادة من خيار أصحاب رسول الله (ص) الموالين لأمير المؤمنين «ع» والهاتفين بفضائله (وفي الاستيعاب) كان من كبار الصحابة قديم الاسلام (وقال علي ع) وعى ابو ذر علما عجز الناس عنه ثم أوكأ عليه فلم يخرج شيئاً منه وقال النبي (ص) أبو ذر في امتي على زهد عيسى ابن مريم «ع» وقال النبي (ص) ما اظلت الخضراء ولا اقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر روي ذلك كله في الاستيعاب وغيره (قال) الصادق «ع» أرسل عثمان الى أبي ذر موليين له ومعهما مائتا دينار فقال لهما انطلقا بها الى أبي ذر فقولا له عثمان يقرؤك السلام ويقول لك هذه مائتا دينار فاستعن بها على ما نابك فقال أبو ذر فهل أعطى أحدا من المسلمين مثلما اعطاني فقالا لا قال فأنا رجل من المسلمين يسعني ما يسع المسلمين فقالا انه يقول هذا من صلب مالي و بالله الذي لا اله الا هو ما خالطها حرام ولا بعثت اليك الا من حلال فقال لا حاجة لي فيها وقد أصبحت يومي هذا وأنا من اغنى الناس فقالا له عافاك الله واصلحك ما نرى في بيتك قليلا ولا كثيرا مما تستمتع به فقال بلى تحت هذا الأكاف (1) الذي ترونه رغيف شعير قد اتى عليه ايام فما أصنع بهذه الدنانير لا والله حتى يعلم الله اني لا اقدر على قليل ولا كثير ولقد اصبحت غنيا بولاية علي بن ابي طالب وعترته الهادين المهديين الراضين المرضيين الذين يهدون بالحق وبه يعدلون فكذلك سمعت رسول الله (ص) يقول انه لقبيح بالشيخ ان يكون كذابا فرداها عليه واعلماه انه لا حاجة لي فيها ولا فيما عنده حتى القى الله ربي فيكون هو الحاكم فيما بينه وبيني

(1) الأكاف الجلال الذي يوضع على الحمار .
المجالس السنية ـ الجزء الثاني 244

(ونفي) أبو ذر اولا إلى الشام فجعل يحدث الناس بفضائل علي وأهل بيته وينتقد أعمال بني أمية فرد إلى المدينة وقيل له أي البلاد ابغض اليك ان تكون فيها قال الربذة التي كنت فيها على غير دين الاسلام فنفي الى الربذة وقال له رسول الله (ص) في غزاة تبوك يا ابا ذر تعيش وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك (ودخل) عليه قوم من أهل الربذة يعودونه فقالوا ما تشتكي قال ذنوبي قالوا فما تشتهي قال رحمة ربي قالوا فهل لك بطبيب قال الطبيب أمرضني (ولما) نفي الى الربذة ماتت بها زوجته (1) ومات بها ولده فوقف على قبره فقال) رحمك الله يا بني لقد كنت كريم الخلق باراً بالوالدين وما علي في موتك من غضاضة وما بي الى غير الله من حاجة وقد شغلني الاهتمام لك عن الاعتماد بك ثم قال اللهم انك فرضت لك عليه حقوقاً وفرضت لي عليه حقوقاً فاني قد وهبت له ما فرضت عليه من حقوقي فهب له ما فرضت عليه من حقوقك فانك اولى بالحق والكرم مني (أين) وقوف أبي ذر على ولده بعد موته من وقوف أبي عبد الله الحسين «ع» على ولده علي الأكبر يوم كربلاء وذلك حين حمل على أهل الكوفة وجعل يشد على الناس فاعترضه مرة بن منقذ وطعنه بالرمح وقيل بل رماه بسهم فصرعه فنادى يا ابتاه عليك السلام هذا جدي رسول الله يقرؤك السلام ويقول لك عجل القدوم علينا واعتوره الناس فقطعوه بأسيافهم فجاء الحسين «ع» حتى وقف عليه وقال قتل الله قوماً قتلوك يا بني ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول على الدنيا بعدك العفا وخرجت زينب بنت علي «ع» وهي تنادي يا حبيباه ويا ابن اخاه وجاءت فأكبت عليه فجاء الحسين «ع» فأخذ بيدها وردها الى الفسطاط وأقبل بفتيانه وقال احملوا أخاكم فحملوه من مصرعه حتى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه .
واعضاء مجد ما توزعت الظبا بتوزيعهـا الا النـدى والمعاليا
لئن فرقتهـا آل حرب فلم تكن لتجمع حتى الحشر إلا المخاريا


(1) وقيل زوجته بقيت بعد وفاته .
المجالس السنية ـ الجزء الثاني 245

المجلس الواحد والثلاثون بعد المائة

قال ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة ان عثمان لما أعطى مروان بن الحكم وغيره بيوت الأموال واختص زيد بن ثابت بشيء منها جعل أبو ذر يقول بين الناس وفي الطرقات والشوارع بشر الكافرين بعذاب اليم ويرفع بذلك صوته ويتلو قوله تعالى «والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم» فرفع ذلك إلى عثمان مرارا وهو ساكت ثم انه ارسل اليه ان انته عما بلغني عنك فقال أبو ذر اينهاني عن قراءة كتاب الله تعالى وعيب من ترك أمر الله فوالله لأن أرضي الله بسخط عثمان أحب الي وخير لي من ان اسخط الله برضى عثمان فاغضب عثمان ذلك فتصابر إلى ان قال عثمان يوما والناس حوله ايجوز للامام ان يأخذ من المال شيئاً قرضا فاذا أيسر قضى فقال كعب الاحبار لا بأس بذلك فقال أبو ذر يا ابن اليهوديين اتعلمنا ديننا فقال عثمان قد كثر اذاك لي وتولعك بأصحابي إلحق بالشام فأخرجه اليها (وكان معاوية يومئذ بالشام والياً عليها من قبل عثمان) فكان أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها فبعث اليه معاوية يوما ثلاثمائة دينار فقال أبو ذر لرسوله ان كانت من عطائي الذي حرمتمونيه من عامي هذا اقبلها وان كانت صلة لا حاجة لي فيها وردها عليه ثم بنى معاوية الخضراء بدمشق فقال أبو ذر يا معاوية ان كانت هذه من مال الله فهي الخيانة وان كانت من مالك فهي الاسراف (وكان) أبو ذر يقول بالشام والله لقد حدثت أعمال ما اعرفها والله ما هي في كتاب الله ولا سنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم والله اني لأرى حقاً يطفأ وباطلا يحيى وصادقاً مكذبا وأثرة بغير تقى وصالحاً مستأثرا عليه (وروي) عن ابن جندل الغفاري قال جئت يوماً إلى معاوية فسمعت صارخا على باب داره يقول انتكم القطار بحمل النار اللهم العن الآمرين بالمعروف التاركين

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 246

له اللهم العن الناهضين عن المنكر المرتكين له فازبأر معاوية وتغير لونه وقال لي اتعرف الصارخ فقلت لا قال من عذيري من جندب بن جنادة يأتينا كل يوم فيصرخ على باب قصرنا بما سمعت ثم قال ادخلوه علي فجيء بأبي ذر بين قوم يقودونه حتى وقف بين يديه فقال له معاوية يا عدو الله وعدو رسوله تأتينا في كل يوم فتصنع ما تصنع اما اني لو كنت قاتل رجل من اصحاب محمد من غير اذن أمير المؤمنين عثمان لقتلتك ولكني استأذن فيك فقال أبو ذر ما أنا بعدو لله ولا لرسوله بل أنت وأبوك عدوان لله ولرسوله اظهرتما الاسلام وابطنتما الكفر ولقد لعنك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ودعا عليك مرات ان لا تشبع فأمر معاوية بحبسه وكتب الى عثمان فيه فكتب عثمان الى معاوية احمل جندباً الي على أغلظ مركب واوعره فوجه به مع من سار به الليل والنهار وحمله على شارف (أي ناقة صغيرة صعبة) ليس عليها الا قتب حتى قدم به المدينة وقد سقط لحم فخذيه من الجهد (ولما) ادخل ابو ذر على عثمان قال له انت الذي فعلت وفعلت فقال ابو ذر نصحتك فاستغششتني ونصحت صاحبك فاستغشني قال عثمان كذبت ولكنك تريد الفتنة وتحبها قال ابو ذر والله ما وجدت لي عذرا الا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فغضب عثمان وقال اشيرو علي في هذا الشيخ الكذاب اما ان اضربه أو احبسه او اقتله او انفيه من ارض الاسلام فتكلم علي «ع» وكان حاضراً فقال اشير عليك بما قال مؤمن آل فرعون (فان يك كاذبا فعليه كذبه وان يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم ان الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) فغضب عثمان (قال) ومنع عثمان الناس ان يجالسوا ابا ذر ويكلموه فمكث كذلك اياما ثم اتي به فوقف بين يديه فقال عثمان اخرج عنا من بلادنا فقال ابو ذر ما ابغض الي جوارك فالى أين اخرج قال الى البادية قال اصير بعد الهجرة اعرابياً قال ابوذر فأخرج الى بادية نجد قال عثمان بل الى الشرق الأبعد اقصى فأقصى امض على وجهك هذا فلا تعدون الربذة فخرج اليها (فلما) حضرته الوفاة قال لامرأته او ابنته اذبحي شاة من غنمك واصنعيها فاذا نضجت فاقعدي على قارعة الطريق فأول ركب ترينهم

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 247

قولي يا عباد الله الصالحين هذا ابو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد قضى نحبه ولقي ربه فأعينوني فأجنوه (1) .
(قال) محمد بن علقمة خرجت في رهط اريد الحج منهم مالك ابن الحارث الأشتر حتى قدمنا الربذة فاذا امرأة على قارعة الطريق تقول عباد الله المسلمين هذا ابو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد هلك غريباً وليس لي احد يعينني عليه قال فنظر بعضنا الى بعض فحمدنا الله على ما ساق الينا واسترجعنا لعظيم المصيبة ثم اقبلنا معها فجهزناه وتنافسنا في كفنه حتى اخرج من بيننا بالسواء ثم تعاونا على غسله حتى فرغنا منه ثم قدمنا مالك الأشتر فصلى بنا عليه ثم دفناه فقام الأشتر على قبره ثم قال اللهم ان هذا ابو ذر صاحب رسولك عبدك في العابدين وجاهد فيك المشركين لم يغير ولم يبدل لكنه رأى منكراً فغيره بلسانه وقلبه حتى جفي ونفي وحرم واحتقر ثم مات وحيداً غريباً اللهم فاقصم من حرمه ونفاه من مهاجره وحرم رسولك قال فرفعنا ايدينا جميعاً وقلنا آمين ثم قدمت الشاة التي صنعت فقالت ايها الصالحون قد اقسم عليكم ان لا تبرحوا حتى تتغدوا فتغدينا وارتحلنا (افما) كان يوجد يوم عاشوراء من يقف على قارعة طريق كربلا لما بقي الحسين «ع» ثلاثة ايام بلا دفن فينادي ايها المسلمون هذا إمامكم وابن بنت نبيكم الحسين قد قتل غريبا وترك على وجه الصعيد عريان سليبا لم يصل عليه ولم يدفن فهلموا الى مواراته ودفنه لقد تعس اولئك المسلمون وخسروا وخابوا وما ظفروا خذلوا ابن بنت نبيهم وقتلوه واطاعوا ابن مرجانة ونصروه .
لله ملقى على الرمضاء غص به فم الـردى بعد اقدام وتشمير
تحنـو عليه الربى ظلا وتستره عن النواظر أذيال الأعاصير
تهابه الوحش ان تدنو لمصرعه وقد اقـام ثلاثـا غير مقبور


(1) اي واروه في التراب .
المجالس السنية ـ الجزء الثاني 248

المجلس الثاني والثلاثون بعد المائة

روى ابن ابي الحديد عن ابن عباس قال لما اخرج ابو ذر الى الربذة امر عثمان فنودي في الناس ان لا يكلم احد ابا ذر ولا يشيعه وامر مروان بن الحكم ان يخرج به فخرج به وتحاماه الناس (اي اجتنبوه) الا علياً «ع» وعقيلا اخا علي وحسناً وحسيناً «ع» وعماراً فانهم خرجوا معه يشيعونه فجعل الحسن «ع»يكلم ابا ذر فقال له مروان بن الحكم ايها يا حسن الا تعلم ان أمير المؤمنين عثمان قد نهى عن كلام هذا الرجل فان كنت لا تعلم فاعلم ذلك فحمل علي «ع» على مروان فضرب بالسوط بين اذني راحلته وقال تنح لحاك الله الى النار فرجع مروان مغضباً الى عثمان فاخبره الخبر فتلظى على علي «ع» ووقف ابو ذر فودعه القوم ومعه ذكوان مولى ام هاني بنت ابي قال ذكوان فحفظت كلام القوم وكان حافظاً (فقال علي) «ع» يا ابا ذر انك غضبت لله فارج من غضبت له ان القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك فاترك في ايديهم ما خافوك عليه واهرب بما خفتهم عليه فما احوجهم الى ما منعتهم وما اغناك عما منعوك وستعلم من الرابح غداً والأكثر حسداً ولو ان السماوات والأرض كانتا على عبد رتقا ثم اتقى الله لجعل الله له منها مخرجا لا يؤنسنك الا الحق ولا يوحشنك الا الباطل فلو قبلت دنياهم لأحبوك ولو قرضت منها لأمنوك ثم قال لأصحابه ودعوا عمكم وقال لعقيل ودع اخاك فتكلم عقيل (فقال) ما عسى ان نقول يا ابا ذر وانت تعلم انا نحبك وانت تحبنا فاتق فان التقوى نجاة واصبر فان الصبر كرم واعلم ان استثقالك الصبر من الجزع واستبطاءك العافية من اليأس فدع اليأس والجزع (ثم) تكلم الحسن «ع» فقال يا عماه لو لا انه لا ينبغي للمودع ان يسكت وللمشيع الا ان ينصرف لقصر الكلام وان طال الأسف وقد اتى القوم اليك ما ترى فضع

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 249

عنك الدنيا بتذكر فراغها وشدة ما اشتد منها برجاء ما بعدها واصبر حتى تلقى نبيك صلى الله عليه وآله وسلم وهو عنك راض (ثم) تكلم الحسين «ع» فقال يا عماه ان الله تعالى قادر ان يغير ما قد ترى والله كل يوم هو في شأن وقد منعك القوم دنياهم ومنعتهم دينك فما عما اغناك منعوك واحوجهم الى ما منعتهم فاسأل الله الصبر والنصر واستعذ به من الجشع والجزع فان الصبر من الدين والكرم وان الجشع لا يقدم رزقاً والجزع لا يؤخر اجلا ثم تكلم عمار رحمه الله مغضبا (فقال) لا آنس الله من اوحشك ولا آمن من اخافك اما والله لو أردت دنياهم لأمنوك ولو رضيت أعمالهم لأحبوك وما منع الناس ان يقولوا بقولك الا الرضا بالدنيا والجزع من الموت ومالوا إلى ما سلطان جماعتهم عليه والملك لمن غلب فوهبوا لهم دينهم ومنحهم القوم دنياهم فخسروا الدنيا والآخرة ألا ذلك هو الخسران المبين فبكى ابو ذر رحمه الله وكان شيخا كبيراً (وقال) رحمكم الله يا اهل بيت الرحمة إذا رأيتكم ذكرت بكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مالي بالمدينة سكن ولا شجن غيركم اني ثقلت على عثمان بالحجاز كما ثقلت على معاوية بالشام فسيرني الى بلد ليس لي به ناصر ولا دافع الا الله والله ما اريد الا الله صاحبا وما اخشى مع الله وحشة (ولما) نفي ابو ذر الى الربذة حضره الموت قيل له يا ابا ذر ما مالك قال عملي قالوا انما نسألك عن الذهب والفضة قال ما اصبح فلا امسى وما امسى فلا اصبح لنا كندوج فيه حر متاعنا سمعت خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول كندوج المرء قبره (والكندوج شبه المخزن) «وقيل» كانت لأبي ذر غنيمات يعيش بها فأصابها داء فماتت فأصاب ابا ذر وابنته الجوع وماتت اهله قالت ابنته اصابنا الجوع وبقينا ثلاثة ايام لم نأكل شيئاً فقال لي ابي يا بنية قومي بنا الى الرمل نطلب القت وهو نبت له حب فصرنا الى الرمل فلم نجد شيئاً فجمع ابي رملا ووضع رأسه عليه ورأيت عينيه قد انقلبتا فبكيت وقلت له يا ابت كيف اصنع بك وانا وحيدة (وفي رواية) ان التي كانت معه هي زوجته فبكت فقال لها وما يبكيك فقالت ومالي لا ابكي وانت تموت بفلاة من الأرض وليس عندي ثوب

السابق السابق الفهرس التالي التالي