المجالس السنية ـ الجزء الثاني 217

المدينة الى اليوم اذا ارادوا البكاء على ميت بدأوا بحمزة «يستفاد» من هذا وجحان البكاء على الشهداء لا سيما شهيد كربلا ابي عبد الله الحسين «ع» الذي لو كان رسول الله (ص) حياً لكان هو المعزى به والباكي عليه وقد قال الحسين «ع» أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن الا استعبر .
تبكيك عيني لا لأجل مثوبة لكنما عيني لأجلك باكيـة
تبتل منكـم كربلا بدم ولا تبتل مني بالدموع الجارية

ولما رجع رسول الله (ص) الى المدينة لقيته حمنة إبنة جحش وكان قد قتل زوجها وأخوها وخالها مع رسول الله (ص) فنعى لها اخاها عبد الله فاسترجعت واستغفرت له ثم نعى لها خالها حمزة بن عبد المطلب فاستغفرت له ثم نعى لها زوجها مصعب بن عمير فولولت وصاحت فقال ان زوج المرأة منها لبمكان «اذا» لا لوم على رباب زوجة ابي عبد الله الحسين «ع» التي لم تستظل بعده بسقف الى ان ماتت بعد سنة حزناً وكمداً عليه .
فخذلك مني عهد الصدق شهوده الـ ـملائـك والله الشهيـد حسيب
بأنـي بعـد البيـن لا آلف الكـرى ولا السن مني ان ضحكت شنيب

المجلس التاسع عشر بعد المائة

لما كانت وقعة الخندق وتسمى وقعة الأحزاب لتحزب القبائل فيها على حرب رسول الله (ص) اقبلت قريش وقائدها ابو سفيان واقبلت كنانة واهل تمامة

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 218

وغطفان ومن تبعها من اهل نجد واتفق المشركون مع اليهود وجاءوا كما قال تعالى «واذ جاءوكم من فوقكم ومن اسفل منكم واذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً واذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله الا غرور» الى قوله «وكفى الله المؤمنينن القتال وكان الله قوياً عزيزاً»فتوجه اللوم والتقريع والعتاب الى الناس ولم ينج منه الا علي بن ابي طالب فأشار سلمان الفارسي بحفر خندق حول المدينة فحفر وعمل فيه رسول الله (ص) بيده فكان يحفر وعلي ينقل التراب وفرغ رسول الله (ص) من حفر الخندق قبل مجيء قريش بثلاثة أيام واقبلت الأحزاب وكانوا عشرة آلاف فهال المسلمين امرهم ونزلوا بجانب الخندق وكان المسلمون ثلاثة آلاف (قال) الواقدي وغيره وخرج عمرو بن عبد ود ومعه جماعة شاهراً نفسه معلماً مدلاً بشجاعته وبأسه وقد كان شهد وقعة بدر وجرح ونجا هارباً على قدميه فلما رأوا الخندق قالوا ان هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها ونظنها من الفارسي الذي معه يعنون سلمان ثم اتوا الى مكان ضيق من الخندق فضربوا خيلهم واقتحموه ورسول الله (ص) جالس واصحابه قيام على رأسه فتقدم عمرو ودعا الى البراز فقال رسول الله (ص) من لعمرو واضمن له على الله الجنة فقام علي «ع» فقال أنا له يا رسول الله قال اجلس حتى قالها ثلاث وفي كل مرة يقوم علي «ع» والقوم ناكسوا رؤوسهم كأن على رؤوسهم الطير فقال عمرو ايها الناس انكم تزعمون ان قتلاكم في الجنة وقتلانا في النار افما يحب أحدكم ان يقدم على الجنة أو يقدم عدواً له الى النار فلم يقم اليه احد إلا علي «ع» فقال له النبي (ص) يا علي هذا عمرو بن عبد ود فارس يليل (وهو اسم واد كانت له فيه وقعة مشهورة) فقال وانا علي بن ابي طالب فجعل عمرو يجول بفرسه مقبلاً ومدبرا وجاءت عظماء الأحزاب فوقفت من وراء الخندق ومدت أعناقها تنظر فلما رأى عمرو ان أحدا لا يجيبه قال :
ولقد بححت من الندا ء بجمعكم هل من مبارز


المجالس السنية ـ الجزء الثاني 219

ووقفت مذ جبن المشيـ ـع موقف القرن المناجز
انـي كـذلك لـم أزل متسرعا نحو الهـزاهـز
ان الشجاعة فـي الفتى والجود من خير الغرائـز

فقام علي «ع» وقال يا رسول الله ائذن لي في مبارزته فأذن له ثم قال ادن مني يا علي فدنا منه فنزع عمامته وعممه بها ودفع اليه سيفه ذا الفقار وقال اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه و من تحته ومازال رافع يديه وراسه نحو السماء داعياً ربه قائلاً اللهم انك أخذت مني عبيدة يوم بدر وحمزة يوم احد فاحفظ علي اليوم علياً . رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين (وقال) برز الايمان كله الى الشرك كله فمر أمير المؤمنين «ع» يهرول في مشيه وهو يقول مجيباً لعمرو :
لا تعجـلـن فقـد اتـا ك مجيب صوتك غير عاجز
ذو نيـة وبـصـيـرة يرجـو بذاك نجـاة فـائـز
إنـي لآمـل ان اقـيـ ـم عليـك نائحـة الجنـائز
من ضربـة فوهاء يبـ ـقى ذكرها عند الهـزاهـز

فقال له عمرو من أنت قال أنا علي بن ابي طالب قال ان أباك كان لي نديما وصديقا وانا اكره ان اقتلك قال علي «ع» ولكنني أحب أن أقتلك ما دمت آبياً للحق فقال عمرو يا ابن اخي اني لأكره ان اقتل الرجل الكريم مثلك فارجع وراءك خير لك (قال) ابن ابي الحديد كان شيخنا ابو الخير يقول والله ما امره بالرجوع ابقاء عليه بل خوفاً منه فقد عرف قتلاه ببدر واحد وعلم انه ان ناهضه قتله فاستحيا ان يظهر الفشل فأظهر الابقاء والارعاء وانه لكاذب (وفي رواية) انه قال : ما خاف ابن عمك حين بعثك الي ان اختطفك برمحي فاتركك شائلا بين السماء والأرض لا حياً ولا ميتاً فقال له علي «ع» قد علم ابن عمي انك ان قتلتني

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 220

فأنا في الجنة وأنت في النار وان قتلتك فانت في النار وانا في الجنة فقال عمرو وكلتاهما لك تلك إذاً قسمة ضيزى فقال علي «ع» دع هذا يا عمرو انك كنت تقول لا يعرض علي احد ثلاث خصال الا اجبته ولو الى واحدة وانا اعرض عليك ثلاث خصال قال هات قال الأولى ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال نح عن هذا وما الثانية قال ان ترد هذا الجيش عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فان يك صادقا فانتم اعلى به عينا وان يك كاذبا كفاكم الناس امره قال إذاً تتحدث نساء قريش أني جبنت وخذلت قوماً رأسوني عليهم وما الثالثة قال ان تنزل الي فأنت راكب وانا راجل فنزل عن فرسه وعقره وقال هذه خصلة ما ظننت ان أحداً من العرب يسومني عليها ثم تجاولا فثارت لهما غبرة وارتهما عن العيون الى ان سمع الناس التكبير عالياً من تحت الغبرة فعلموا ان علياً قتله وانجلت الغبرة فاذا امير المؤمنين قد قتله وهو ينشد :
ان ابن عبد المطلب الموت خير للفتى من الهرب

وفر أصحابه فعبروا الخندق الا رجلا منهم يسمى نوفلا لحقه علي «ع» فقتله في الخندق ثم وضع الرأس بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم اليوم نغزوهم ولا يغزوننا وقال صلى الله عليه وآله وسلم ضربة علي يوم الخندق تعدل عمل الثقلين الى يوم القيامة وانهزم المشركون بقتل عمرو وكفى الله المؤمنين القتال بعلي «ع» (وقال) ابو بكر بن عياش لقد ضرب علي «ع» ضربة ما كان في الاسلام ايمن منها يعني ضربة عمرو بن عبدود ولقد ضرب عليه السلام ضربة ما كان في الاسلام اشأم منها يعني ضربة ابن ملجم لعنه الله فضربة علي يوم الخندق قد اعزت الاسلام وأرست قواعد الدين وردت الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله بها المؤمنين القتال وضربة ابن ملجم رأس علي «ع» اذلت الاسلام وهدمت قواعد الدين ومهدت ملك بني امية الذين جرعوا آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الغصص ودسوا السم الى الحسن بن علي «ع» حتى تقياً كبده في الطست قطعة قطعة وجهزوا

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 221

الجيوش لقتال الحسين «ع» حتى قتل غريبا عطشان ظاميا وحيدا فريدا بأرض كرب وبلاء .
وجرعـت السبـطـيـن بعد ابيهما كؤوس شجى افصحن عن كامن النصب
واظمت على الماء الحسين واوردت دماء وريـديـه سيـوف بنـي حـرب

المجلس العشرون بعد المائة

لما قتل علي «ع» عمرو بن عبد ود يوم الخندق اقبل نحو رسول الله (ص) ووجهه يتهلل فقال له عمر بن الخطاب هلا سلبته درعه فانه ليس في العرب درع مثلها فقال أمير المؤمنين اني استحييت ان اكشف سوأة ابن عمي (قاتل) الله اهل الكوفة فانهم لم يستحوا من الله ورسوله واهل بيته يوم كربلا فسلبوا الحسين «ع» درعه وثيابه وتركوه مجردا على وجه الصعيد .
عريان يكسوه الصعيد ملابسا افديه مسلوب الردا مسربلا

* * *


متوسدا حر الصعيد مجردا يكسى بثوب جلالة وبهاء

ولما نعي عمرو بن عبد ود الى اخته قالت من ذا الذي اجترأ عليه فقالوا علي ابن ابي طالب فقالت لا رقأت دمعتي ان هرقتها عليه قتل الأبطال وبارز الأقران وكانت منيته على يد كفو كريم من قومه ما سمعت بأفخر من هذا يا بن عامر ثم نشأت تقول :

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 222

لو كـان قاتـل عمرو غير قاتله لكنت ابكـي عليـه آخر الأبد
لكن قاتلـه مـن لا يعـاب بـه من كان يدعى ابوه بيضة البلد
من هاشم في ذراها وهي صاعدة الى السماء تميت الناس بالحسد
قوم أبـى الله إلا بأن يكـون لهم كرامة الدين والدنيـا بـلا لدد

وقالت أيضاً في قتل اخيها وذكر علي بن ابي طالب «ع» :
اسدان في ضيق المجال تصاولا وكلاهما كفـو كـريم باسل
فتخالسـا مهـج النفوس كلاهما وسط المجال مخاتل ومقاتل
وكلاهما حضر القـراع حفيظة لم يثنه عن ذاك شغل شاغل
فاذهب علي فما ظفـرت بمثله قول سديـد ليس فيه تحامل
والثار عندي يا علـي فليتنـي ادركته والعقـل مني كامل
ذلت قريش بعد مقتـل فارس فالذل مهلكها وخزي شامل

ولا تلام اخت عمر إذا لم تبكي على اخيها إذا كان القاتل مثل علي بن ابي طالب كما لا تلام زينب بنت أمير المؤمنين «ع» اذا بكت على أخيها مدى الليالي والأيام اذا كان القاتل مثل شمر بن ذي الجوشن .
قل للمقادير قد ابدعت حادثة غريبة الشكل ما كانت ولم تكن
امثل شمـر أذل الله جبهتـه يلقى حسينا بذاك الملتقى الخشن

المجلس الواحد والعشرون بعد المائة

لما كانت غزاة بني قريظة وهم قوم من اليهود كان بينهم وبين المسلمين مهادنة

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 223

واتفق يوم الخندق جماعة من يهود بني النضير مع قريش على حرب النبي (ص) وجاء منهم حيي بن اخطب إلى كعب بن أسد سيد بني قريظة فطلب منه نقض العهد مع النبي ومعاونته على حربه فأبى فلم يزل به حتى رضي فجاء نعيم بن مسعود الى النبي (ص) فقال اني اسلمت ولم يعلم بي قومي فمرني بما شئت قال خذل عنا فانا الحرب خدعة فجاء إلى بني قريظة وكانوا ندماءه في الجاهلية فقال قد عرفتم حبي لكم قالوا لست عندنا بمتهم قال قد ظاهرتم قريشا على حرب محمد ولستم مثلهم انتم اهل هذه البلاد وهم غرباء فان غلبهم محمد لحقوا ببلادهم وتركوكم فلا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهينة ثم جاء إلى قريش وقال بلغني ان بني قريظة ندموا وبعثوا إلى محمد هل يرضيك ان نأخذ من قريش رجالا وندفعهم اليك فتضرب اعناقهم فان طلبت قريظة رهنا فلا تعطوها فلما طلبت قريظة منهن الرهن قالوا صدق نعيم واجابوهم لا ندفع اليكم رجلا واحدا فقالت قريظة الذي قاله نعيم حق (فلما) دخل النبي (ص) المدينة بعد الخندق نزل عليه جبرائيل وقال له ان الملائكة لم تضع السلاح والله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة فأمر فنودي ان لا يصلي أحد العصر إلا في بني قريظة وقدم علياً «ع» برايته في ثلاثين رجلا وتلاحق به الناس فلما رأوه جعلوا يقولون جاءكم قاتل عمرو أقبل اليكم قاتل عمرو والقى الله الرعب في قلوبهم وحاصرهم النبي (ص) خمسا وعشرين ليلة فطلبوا النزول على حكم سعد بن معاذ وكان سعد جاءه سهم يوم الخندق فقطع اكحله وهو عرق مخصوص إذا قطع لا يمكن أن يعيش صاحبه فدعا الله تعالى أن لا يميته حتى يقر عينه من بني قريظة فانقطع الدم فحكم فيهم بقتل الرجال وسبي الذراري والنساء وقسمة الأموال فقال النبي (ص) لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات ثم خرج منه الدم حتى مات فقتلوا بالمدينة وكانوا تسعمائة وكان منهم حيي بن اخطب فلما رأى ان أميرالمؤمنين قاتله قال: قتلة شريفة بيد شريف (مما) يهون القتل على النفس أن يكون القاتل رجلا شريفاً فلذلك قال حيي بن اخطب قتلة شريفة بيد شريف وكما انه يزيد في المصيبة ان

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 224

يكون القاتل للرجل العظيم الشريف رجل حقير خسيس كشمر بن ذي الجوشن الضباني قاتل مولانا الحسين «ع» .
واني أرى الأيام شتى صروفها واعظمها تحكيم عبد بسيد

وقال حيي بن اخطب لعلي «ع» لما اراد قتله لا تسلبني حلتي قال هي أهون علي من ذلك (كان) القتيل يحافظ كثيراً على ان لا تسلب منه ثيابه بعد قتله ولذلك لما ايقن مولانا الحسين «ع» بالقتل طلب ثوباً عتيقاً لا يرغب فيه أحد فخرقه ولبسه تحت ثيابه لئلا يجرد منه فلما قتل «ع» جردوه منه وتركوه عريان على وجه الصعيد .
لله ملقى على الرمضاء غص به فم الردى بعد اقـدام وتشمير
تحنو عليه الربـى ظلا وتستره عن النواظير اذيال الأعاصير
تهابه الوحش أن تدنوا لمصرعه وقـد أقام ثلاثاً غير مقبـور

المجلس الثاني والعشرون بعد المائة

لما كانت وقعة خيبر بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلا من المهاجرين ثم رجع منهزما يؤنب من معه ويؤنبونه فلما كان الغد اعطاها رجلاً آخر فسار بها غير بعيد ثم رجع يجبن اصحابه ويجبنونه فغضب النبي (ص) وقال لأعطين الراية غدا رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار يأخذها بحقها لا يرجع حتى يفتح الله على يديه فتطاولت اليها الأعناق فلما اصبح قال ادعوا لي عليا فجاء علي ابن ابي طالب .

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 225

وقال سأعطي الراية اليوم صارما كميا محبـا للرسـول مواليا
يـحـب إلـهـي والاله يحـبـه به يفتح الله الحصون الأوابيا
فأصفـى بهـا دون البريـة كلها علياً وسماه الوزير المـؤاخيا

ثم اعطاه الراية فخرج علي «ع» يهرول بها هرولة حتى ركزها في أصل الحصن فخرج اليه مرحب في عامة اليهود وهو يرتجز ويقول :
قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
اطعن احيانا وحينا أضرب اذا الليـوث اقبلـت تلتهب

فاجابه أمير المؤمنين «ع» يقول :
انا الـذي سمتنـي أمـي حيـدره كليث غابـات شديد قسورة
على الأعادي مثل ريح صرصره اكيلكم بالسيف كيل السندره
اضرب بالسيف رقاب الكفرة

فاختلفا ضربتين فضربه علي «ع» فخر صريعا وانهزمت اليهود ودخلوا الحصن واغلقوا الباب فجاء أمير المؤمنين «ع» فاجتذب الباب حتى قلعه فألقاه إلى ورائه ثم جعله جسرا على الخندق حتى عبر عليه الناس ثم دحا به اذرعا من الأرض (وقال) ابن الأثير فلما دنا علي «ع» من الحصن خرج اليه اهله فقاتلهم فضربه يهودي فطرح ترسه من يده فتناول علي «ع» بابا كان عند الحصن فتترس به عن نفسه فلم يزل يقاتل حتى فتح الله على يده ثم القاه من يده (قال) ابو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلقد رأيتني في سبعة نفر أنا ثامنهم بجهد ان نقلب ذلك الباب فما نقلبه (وأسر) أميرالمؤمنين «ع» صفية بنت حيي بن اخطب وامرأة معها وارسلهما مع بلال إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمر بهما بلال على قتلى اليهود فلما رأتهم التي

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 226

مع صفية صرخت وصكت وجهها وحثت التراب على رأسها فقال رسول الله (ص) لبلال انزعت منك الرحمة جئت بهما على قتلاهما (ماهان) على رسول الله (ص) ان يمر بلال بامرأتين يهوديتين على قتلاهما واهل الكوفة مروا ببنات رسول الله(ص) يوم كربلاء على مصارع الشهداء فلما نظر النسوة إلى الحسين واصحابه مطروحين على الرمضاء صحن وضربن وجوههن (قال) الراوي فوالله لا أنسى زينب بنت علي وهي تندب الحسين «ع» وتنادي بصوت حزين وقلب كئيب يا محمداه صلى عليك مليك السما هذا حسينك مرمل بالدما مقطع الأعضا وامحمداه بناتك سبايا وذريتك مقتلة تسفي عليهم ريح الصبا وهذا حسين محزوز الرأس من القفا مسلوب العمامة والردا بأبي من لا هو غائب فيرتجى ولا جريح فيداوى بأبي المهموم حتى قضى بأبي العطشان حتى مضى بأبي من شيبته تقطر بالدما فأبكت والله كل عدو وصديق .
ان تنـع اعطـت كل قلب حسرة او تدع صدعت الجبال الميدا
عبراتها تحيـي الثرى لو لم تكن زفراتها تدع الرياض همودا
نادت فقطعـت القلـوب بشجوها لكنما انتظـم البيـان فريـدا
إنسان عينـي يا حسيـن أخي أيا املي وعقد جماني المنضودا
مالي دعوت فلا تجيـب ولم تكن عودتني من قبل ذاك صدودا

المجلس الثالث والعشرون بعد المائة

كان رسول الله (ص) أرسل رسولاً إلى ملك بصرى من بلاد الشام فلما نزل مؤتة من أرض البلقاء قتله شرحبيل بن عمرو الغساني ولم يقتل لرسول الله (ص)

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 227

رسول غيره فلما بلغه ذلك عظم عليه وارسل جيشا إلى مؤتة وكانوا ثلاثة آلاف وأمر عليهم جعفر بن ابي طالب فان قتل فزيد بن حارثة فان قتل فعبد الله بن رواحه وقيل بل أمر عليهم أولاً زيد بن حارثة فساروا حتى نزلوا معان فبلغهم ان هرقل ملك الروم سار اليهم في مائة الف من الروم والعرب وقيل في مائة الف من الروم ومثلها من العرب فقالوا نكتب إلى رسول الله فاما ان يردنا او يزيدنا فشجعهم اميرهم وقال ما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي اكرمنا الله به وما هي إلا احدى الحسنيين إما النصر أو الشهادة فساروا والتقوا بجموع الروم والعرب بقرية من البلقاء تسمى مشارف وانحاز المسلمون الى قرية تسمى مؤتة فاقتتلوا قتالا شديدا فأخذ الراية جعفر بن ابي طالب فقاتل وهو يقول :
يا حبـذ الجنـة واقترابها طيبة وبارد شرابها
والروم روم قد دنا عذابها كافرة بعيدة انسابها
علي اذ لاقيتها ضرابها

فلما اشتد القتال نزل عن فرس له شقراء فعقرها وكان اول من عقر فرسه في الاسلام ثم قاتل حتى قتل فوجدوا به بعضا وثمانين مابين رمية وضربة وطعنة (وهي) جراحات كثيرة تدل على شجاعة عظيمة وثبات شديد ولكنها لا تبلغ جراحات ابن أخيه الحسين يوم كربلا فقد وجد في قميصه مائة وبضع عشرة ما بين رمية وطعنة وضربة (وقيل) وجد في ثيابه مائة وعشرون رمية بسهم وفي جسده الشريف ثلاث وثلاثون طعنة برمح واربع وثلاثون ضربة بسيف (وقال) الباقر (ع) وجد بالحسين ثلاثمائة وبضعة وعشرون جراحة (وفي رواية) ثلاثمائة وستون جراحة .
ومجـرح ما غيـرت منـه القـنا حسناً ولا اخلقن منه جديدا
قد كان بدراً فاغتدى شمس الضحى مذ البسته قـد الدماء لبودا


المجالس السنية ـ الجزء الثاني 228

ثم اخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل حتى شاط في رماح القوم فأخذ الراية عبد الله بن رواحة فتردد بعض التردد ثم قال يخاطب نفسه :
اقسمـت يا نفـس لتنـزلنه طائعـة اولا لتكـرهنـه
ان اجاب الناس وشدوا الرنة مالـي ارك تكرهين الجنة
قد طالما قد كنـت مطمئنـة هل انت إلا نظفة في شنه

وقال أيضاً :
يا نفس ان لم تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيـت فقد اعطيت ان تفعلي فعلهمـا هديـت
وان تأخرت فقد شقيت

ثم نزل عن فرسه وأتاه ابن عم له بعرق لحم فأكل منه ثم سمع الحطمة في ناحية العسكر فقال لنفسه وانت في الدنيا ثم القاه وأخذ سيفه فقاتل حتى قتل ثم اخذ الراية خالد بن الوليد ورجع بالناس (قالت) اسماء بنت عميس زوجة جعفر أتاني رسول الله (ص) في اليوم الذي اصيب فيه جعفر وقد فرغت على اشغالي وغسلت اولاد جعفر ودهنتهم فضمهم وشمهم وجعل يمسح على رؤوسهم وذرفت عيناه بالدموع فبكى فقلت يا رسول الله بلغك عن جعفر شيء قال نعم قتل اليوم فصحت واجتمع الي النساء فقال الا ابشرك قلت بلى بأبي انت وامي قال ان الله جعل لجعفر جناحين يطير بهما في الجنة وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى دخل على فاطمة «ع» وهي تقول واعماه فقال على مثل جعفر فلتبكي الباكية ثم قال اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد شغلوا عن انفسهم اليوم (بأبي) انت وامي يا رسول الله اخذتك الرقة والشفقة على يتامى ابن عمك جعفر وبكيت لقتله وحق لك ذلك لما جعفر من الفضل العظيم والمكانة عند الله تعالى فياليتك لا غبت عن يتامى ولدك الحسين شهيد كربلا حين باتوا جياعى عطاشى ليلة الحادي عشر من

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 229

المحرم بعد قتل ولدك الحسين فكنت تمسح على رؤوسهم وتأمر لهم بالطعام وتسلي بناتك ونساء ولدك الحسين كما سليت زوجة ابن عمك جعفر .
فليت الذي احنى على ولد جعفر برقة احشـاء ودمـع مدفـق
يرى بين ايدي القوم ابناء سبطه سبايا تهادى من شقي إلى شقي

المجلس الرابع والعشرون بعد المائة

لما اراد النبي (ص) فتح مكة سأل الله جل اسمه ان يعمي اخباره على قريش سيدخلها بغتة وبنى امره على السر فكتب حاطب بن أبي بلتعة الى اهل مكة يخبرهم بعزم رسول الله (ص) على فتحها واعطى الكتاب امرأة سوداء كانت وردت المدينة تستميح بها الناس وتستبرهم وجعل لها جعلا على ان توصله الى قوم سماهم لها من اهل مكة وامرها ان تأخذ على غير الطريق فنزل الوحي على رسول الله (ص) بذلك فاستدعى أمير المؤمنين «ع» وقال له ان بعض اصحابي قد كتب الى اهل مكة يخبرهم بخبرنا وقد كنت سألت الله عزوجل ان يعمي اخبارنا عليهم والكتاب مع امرأة سوداء قد اخذت على غير الطريق فخذ سيفك والحقهما وانتزع الكتاب منها وخلها وسر به الي ثم استدعى الزبير بن العوام فقال له امض مع علي بن ابي طالب في هذا الوجه فمضيا واخذا على غير الطريق فأدركا المرأة فسبق اليها الزبير فسألها عن الكتاب الذي معها فأنكرته وحلفت انه لا شيء معها وبكت فقال الزبير ما ارى يا ابا الحسن معها كتابا فارجع بنا الى رسول الله (ص) لنخبره ببراءة ساحتها فقال له امير المؤمنين «ع» يخبرنا رسول الله ان معها كتابا ويأمرني بأخذه منها وتقول انت انه لا كتاب معها ثم اخترط السيف وتقدم

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 230

اليها فقال اما والله لئن لم تخرجي الكتاب لأكشفنك ثم لأضربن عنقك فقالت له إذا كان لا بد من ذلك فاعرض يا ابن ابي طالب بوجهك عني فأعرض بوجهه عنها فكشفت قناعها واخرجت الكتاب من عقيصتها فأخذه أمير المؤمنين «ع» وسار به الى النبي (ص) فأمر ان ينادى بالصلاة جامعة فنودي في الناس فاجتمعوا الى المسجد حتى صلى بهم ثم صعد النبي (ص) المنبر وأخذ الكتاب بيده وقال أيها الناس اني كنت سألت الله عزوجل أن يخفي أخبارنا عن قريش وان رجلا منكم كتب الى أهل مكة يخبرهم بخبرنا فليقم صاحب الكتاب وإلا فضحه الوحي فلم يقم أحد فاعاد رسول الله (ص) مقالته ثانية وقال ليقم صاحب الكتاب وإلا فضحه الوحي فقام حاطب بن ابي بلتعة وهو يرعد كالعصفة في يوم الريح العاصف فقال أنا يا رسول الله صاحب الكتاب وما احدثت نفاقا بعد إسلامي ولا شكا بعد يقيني فقال له النبي (ص) فما الذي حملك على أن كتبت هذا الكتاب قال يا رسول الله ان لي أهلاً بمكة وليس لي بها عشيرة فأشفقت أن تكون الدائرة لهم علينا فيكون كتابي هذا كفا لهم عن أهلي ويدأ لي عندهم ولم أفعل ذلك لشك مني في الدين فقال عمر يا رسول الله امرني بقتله فانه منافق فقال رسول الله (ص) إنه من أهل بدر ولعل الله اطلع عليهم فغفر لهم اخرجوه من المسجد قال فجعل الناس يدفعون في ظهره حتى أخرجوه وهو يلتفت إلى النبي (ص) ليرق عليه فأمر رسول الله (ص) برده وقال له لقد عفوت عنك فاستغفر ربك ولا تعد لمثل ما جنيت (وهذه) كانت سجية رسول الله (ص) في العفو عن المذنبين فطالما عفا عن مذنب استحق القتل كما عفا عن أهل مكة حين فتحها مع أنهم كذبوه وطردوه وحاربوه فقال اذهبوا فأنتم الطلقاء وعفا عن ألد أعدائه ابي سفيان الذي طالما بغى الاسلام الغوائل حينما تشفع به العباس عم النبي (ص) وجعل له ميزة بها إجابة لطلب العباس رضي الله عنه فقال من دخل دار ابي سفيان فهو آمن «ولكن» ذرية أبي سفيان لم تراع حرمة رسول الله (ص) في آله وذريته ولم تجازه بالجميل على فعله «أما» ابن ابي سفيان فقد نازع مولانا أمير

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 231

المؤمنين حقه وبغى عليه وحاربه وأغار على أعماله وسبه على منابر الاسلام ولم يدع من حرمة لله الا انتهكها ودس السم الى ولده الحسن سبط رسول الله (ص) فقتله بعد أن بغى عليه وحاربه ونقض عهده ولم يف له بالشروط التي صالحه عليها (وأما) ولده يزيد فقد غصب الحسين سبط رسول الله (ص) حقه وسير اليه الرجال ليقتله في الحرم حتى خرج من مكة خائفاً يترقب فجيش له ابن زياد بأمره الجيوش حتى قتله بأرض كربلاء غريباً وحيداً ظامياً وساق نساءه وأهل بيته سبايا من كربلاء إلى الكوفة ومن الكوفة إلى الشام أبهذا يجازى رسول الله (ص) على عفوه عن ابي سفيان وقوله من دخل دار ابي سفيان فهو آمن .
ليـس هذا لرسـول الله يـا أمة الطغيان والبغي جزا
جزروا جزر الأضاحي نسله ثم ساقوا أهله سوق الاما

المجلس الخامس والعشرون بعد المائة

كان رسول الله (ص) قد هادن قريشاً في عام الحديبية عشر سنين ودخلت خزاعة معه وكان بين خزاعة وعبد المطلب حلف قبل الاسلام وجعلت قريش بني بكر داخلة معها وكانت بين خزاعة وبني بكر أحقاد في الجاهلية فعدت بنو بكر على خزاعة بموضع يقال له الوتير وقتلوا منهم وعاونتهم قريش سرا بالمال والرجال فجاءت خزاعة تستصرخ النبي (ص) وانشد قائلهم :
لا هـم انـي ناشد محمداً حلف أبينا وابيك الاتلدا
إن قريشاً اخلفوك الموعدا ونقضوا ميثاقك المؤكدا


المجالس السنية ـ الجزء الثاني 232

هم بيتونا بالوتير هجدا نتلوا القرآن ركعاً وسجدا

فقام «ص» مغضباً يجر رداءه وقال لا نصرت ان لم أنصر خزاعة مما أنصر منه نفسي وندمت قريش على ما صنعت فأرسلت ابا سفيان ليجدد الحلف مع النبي «ص» فقال رسول الله «ص» هل حدث عندكم شيء قال لا قال فانا على صلحنا لا نغير ولا نبدل فدخل أبو سفيان على ابنته ام حبيبة زوجة النبي «ص» فلما أراد الجلوس على فراش رسول الله «ص» طوته فقال ارغبت بي عنه أم رغبت به عني فقالت هو فراش رسول الله «ص» وانت مشرك نجس فقال لقد أصابك بعدي شر فقالت بل هداني الله للاسلام ورجع ابو سفيان وتجهز رسول الله (ص) لفتح مكة في عشرة آلاف وخرج بالجيش فلقيه عمه العباس مهاجراً فأرجعه معه فلما كانوا قريبا من مكة امرهم ان يوقد كل واحد منهم نارا فأوقدوا عشرة آلاف نار وقال العباس لئن بغت رسول الله (ص) قريشاً إنه لهلاكها فركب بغلة رسول الله (ص) وخرج لعله يرى احدا يرسل معه خبر الى مكة وكان ابو سفيان قد خرج يتجسس الاخبار فرآه العباس واخبره وقال اذهب معي لاخذ لك امانا فو الله ان ظفر بك رسول الله ليضربن عنقك فاردفه خلفه حتى ادخله على رسول الله (ص) فقال له أما آن لك ان تعلم ان لا إله الا الله فقال بأبي أنت وأمي لو كان مع الله غيره لقد اغنى شيئاً فقال الم يأن لك ان تعلم أني رسول الله فقال أما هذه ففي النفس منها شيء فقال له العباس ويحك اشهد شهادة الحق قبل ان تقتل فتشهد فقال النبي (ص) للعباس اذهب فاحبس أبا سفيان بمضيق الوادي حتى تمر عليه جنود الله فقال رسول يا رسول الله انه يحب الفخر فاجعل له شيئا فقال من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن اغلق بابه فهو آمن فمرت عليه القبائل فيقول للعباس من هؤلاء فيقول بنو فلان حتى مر رسول الله (ص) في كتيبته الخضراء من المهاجرين والأنصار فقال من هؤلاء فقال العباس هذا رسول الله (ص) في المهاجرين والأنصار فقال لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما فقال العباس ويحك إنها النبوة

المجالس السنية ـ الجزء الثاني 233

فقال نعم وامر رسول الله (ص) سعد بن عبادة أن يدخل مكة بالراية فدخل وهو يقول :
اليوم يوم الملحمه اليوم تسبى الحرمه

فسمعه العباس فاخبر النبي (ص) فأمر علياً ان يلحقه ويأخذ الراية منه فأخذها علي «ع» ودخل بها «سمعتم» ان رسول الله (ص) اكرم ابا سفيان مع عداوته له ومحاربته اياه بكرامة لم يجعلها لغيره فقال من دخل دار ابي سفيان فهو آمن فلم تحفظ ذرية أبي سفيان كرامة رسول الله (ص) في ذرية ولم يأمن الحسين ابن بنت رسول الله (ص) على نفسه حين خرج من المدينة إلى مكة هاربا من طواغيت بني أمية فدس اليه يزيد بن معاوية ثلاثين رجلا من شياطين بني أمية وأمرهم بقتل الحسين «ع» على أي حال اتفق فاضطر الحسين «ع» ان يخرج من مكة لما علم بذلك وكان قد أ حرم بالحج فطاف وسعى وقصر وأحل من احرام الحج وجعلها عمرة مفردة لأنه لم يتمكن من اتمام الحج مخافة ان يقبض عليه وخرج من مكة يوم التروية لثمان مضين من ذي الحجة فكان الناس يخرجون إلى منى والحسين «ع» خارج إلى العراق حكى ابن صباغ المالكي في الفصول المهمة عن بعض الثقات قال رأيت علي بن ابي طالب «ع» في المنام فقلت يا أمير المؤمنين تقولون يوم فتح مكة من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ثم يتم لولدك الحسين «ع» يوم كربلاء منهم ما تم فقال لي أما سمعت أبيات ابن الصيفي التميمي في هذا المعنى فقلت لا فقال اذهب اليه واسمعها فاستيقظت من نومي مفكرا ثم اني ذهبت الى دار ابن الصيفي وهو الحيص بيص الملقب بشهاب الدين فطرقت عليه الباب فخرج الي فقصصت عليه الرؤيا فأنشد :
ملكنا فكان العفـو منا سجية فلمـا ملكتـم سال بـالدم ابطـح
وحللتم قتل الأسارى وطالما غدونا عن الأسرى نعف ونصفح


السابق السابق الفهرس التالي التالي