المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 621

أَبناءُ حَرْب ومروان وأُسْرَتُهُمْ بنو معيطَ وُلاَةُ الحِقْدِ والزّعَرِ
إرْبعْ بطُوس على قَبْرِ الزكيِّ بِهَا إنْ كُنْتَ تربعُ من دين على وَطَرِ
قبرانِ في طُوْسَ خيرُ الناسِ كُلِّهِمُ وَقَبْرُ شَرِّهِمُ هذا من العِبَرِ
مَا يَنْفَعُ الرِّجْسَ من قُرْبِ الزكيِّ وَلاَ عَلَى الزكيِّ بقُرْبِ الرِّجْسِ من ضَرَرِ
هيهات كلُّ امرىء رَهْنٌ بما كسبت لَهُ يَدَاهُ فَخُذْ مَا شِئْتَ أَوْ فَذَرِ

قال : فضرب المأمون بعمامته الأرض وقال : صدقت والله يا دعبل (1).
وقال أبو فراس الحمداني :
مَا نَالَ مِنْهُمْ بنو حَرْب وإنْ عَظُمَتْ تلك الجَرَائِرُ إلاَّ دُوْنَ نَيْلِكُمُ

قال المنصور يوماً لجلسائه بعد قتل محمد بن عبدالله بن الحسن ( النفس الزكية ) وأخيه إبراهيم : تالله ما رأيت رجلا أنصح من الحجاج لبني مروان ، فقام المسيَّب بن زهير الضبي فقال : يا أمير المؤمنين! ما سبقنا الحجاج بأمر تخلَّفنا عنه ، والله ، ما خلق الله على جديد الأرض خلقاً أعزَّ علينا من نبيِّنا ( صلى الله عليه وآله ) ، وقد أمرتنا بقتل أولاده ، فأطعناك ، وفعلنا ذلك ، فهل نصحناك أم لا ؟! فقال المنصور : اجلس لاجلست (2).
وقد كان عهد المنصور عهداً حافلا بالظلم ، متّسماً بالرعب والاستبداد ، فما كان ليجرأ أحد آنذاك على مخالطة أحد من العلويين ، ومن يفعل ذلك يعرِّض نفسه لخطر السجن إن لم يكن القتل ، وقد كان ذلك سببا كافياً للعقوبة عند المنصور في حكمه الظالم ، ولمَّا دخل إبراهيم بن هرثمة ، المعاصر للمنصور المدينة ، أتاه رجل من العلويين فسلَّم عليه ، فقال له إبراهيم : تنحَّ عني ، لا تشط بدمي (3).

(1) الغدير ، الشيخ الأميني : 2/375 ـ 376.
(2) مروج الذهب ، المسعودي : 3/298 ، تاريخ بغداد ، البغدادي : 6/129.
(3) تأريخ بغداد ، البغدادي : 6/127 ، تاريخ دمشق ، ابن عساكر : 72.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 622

وجاء في كتاب المأمون العباسي الذي أرسله إلى العباسيين ـ بعد ما ذكر حسن سياسة أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) مع ولد العباس ـ قال : حتى قضى الله بالأمر إلينا ، فأخفناهم ، وضيَّقنا عليهم ، وقتلناهم أكثر من قتل بني أمية إياهم ، وَيْحَكُمْ ، إن بني أميَّة قتلوا من سلَّ سيفاً ، وإنّا معشر بني العباس قتلناهم جُملا...
وقال الجلودي الذي أمره الرشيد بالإغارة على دور آل أبي طالب عندما جعل المأمون ولاية العهد للرضا صلوات الله عليه : أُعيذك بالله ـ يا أمير المؤمنين ـ أن تُخرج هذا الأمر الذي جعله الله لكم ، وخصَّكم به ، وتجعله في أيدي أعدائكم ، ومن كان آباؤك يقتلونهم ، ويشرِّدونهم في البلاد (1) ، وأمر الرشيد عامله على المدينة بأن يضمن العلويين بعضهم بعضاً (2).
وروى الشيخ الصدوق عليه الرحمة ، قال : قال أبو منصور المطرز : سمعت الحاكم أبا أحمد محمد بن محمد بن إسحاق الأنماطي النيسابوري يقول بإسناد متّصل ذكره محمد ، إنه لمَّا بنى المنصور الأبنية ببغداد جعل يطلب العلويّة طلباً شديداً ، ويجعل من ظفر به منهم في الإسطوانات المجوَّفة المبنيَّة من الجصّ والآجر ، فظفر ذات يوم بغلام منهم حسن الوجه ، عليه شعر أسود ، من ولد الحسن بن علي ابن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فسلَّمه إلى البنَّاء الذي كان يبني له ، وأمره أن يجعله في جوف إسطوانة ويبني عليه ، ووكلَّ به من ثقاته من يُراعي ذلك ، حتى يجعله في جوف إسطوانة بمشهده ، فجعله البنَّاء في جوف إسطوانة ، فدخلته رقّة عليه ورحمة له ، فترك في الإسطوانة فرجة يدخل منها الروح (3) ، وقال للغلام : لا بأس عليك ، فاصبر ، فإني سأخرجك من جوف هذه الإسطوانة إذا جنَّ الليل.

(1)عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ، الصدوق : 1/171.
(2) حياة الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، السيد جعفر مرتضى العاملي : 100 ، تاريخ ابن خلدون : 3/215.
(3) الروح : نسيم الريح.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 623

ولمَّا جنَّ الليل جاء البنَّاء في ظلمته ، وأخرج ذلك العلويَّ من جوف تلك الإسطوانة ، وقال له : اتقِ الله في دمي ودم الفعلة الذين معي ، وغيِّب شخصك ، فإني إنما أخرجتك في ظلمة هذه الليلة من جوف هذه الإسطوانة لأني خفت إن تركتك في جوفها أن يكون جدّك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوم القيامة خصمي بين يدي الله عزَّ وجلَّ ، ثمَّ أخذ شعره بآلات الجصَّاصين كما أمكن ، وقال له : غيِّب شخصك بنفسك ، ولا ترجع إلى أمك ، قال الغلام : فإن كان هذا هكذا فعرِّف أمي أنّي قد نجوت وهربت ، لتطيب نفسها ، ويقلَّ جزعها وبكاؤها ، إن لم يكن لعودي إليها وجه ، فهرب الغلام ، ولا يُدرى أين قصد من أرض الله ، ولا إلى أيِّ بلد وقع ؟ قال ذلك البنَّاء : وقد كان الغلام عرَّفني مكان أمه ، وأعطاني العلامة شعره ، فانتهيت إليها في الموضع الذي كان دلَّني عليه ، فسمعت دويّاً كدويِّ النحل من البكاء ، فعلمت أنها أمه ، فدنوت منها وعرَّفتُها خبرَ ابنها ، وأعطيتُها شَعرَه ، وانصرفت (1).
ويروى فيما جرى على العلويين من آل الحسن ( عليه السلام ) أيَّام المنصور أنهم أُخذوا فصفِّدوا في الحديد ، ثمَّ حُملوا في محامل أعراء لا وطاء فيها ، ووقفوا بالمصلى لكي يشتمهم الناس ، فكفَّ الناس عنهم ، ورقّوا لهم للحال التي هم فيها ، ثمَّ انطلقوا بهم حتى وقفوا عند باب مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وهو الباب الذي يقال له باب جبرئيل ( عليه السلام ) ، فاطّلع عليهم أبو عبدالله ( عليه السلام ) ، وعامّة ردائه مطروح بالأرض ، ثمَّ اطّلع من باب المسجد ، فقال : لعنكم الله يا معشر الأنصار ـ ثلاثاً ـ ما على هذا عاهدتم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولا بايعتموه ، ثمَّ قام وأخذ إحدى نعليه فأدخلها رجله ، والأخرى في يده ، وعامة ردائه يجرُّه في الأرض ، ثمَّ دخل في بيته فحمَّ عشرين ليلة ، لم يزل يبكي فيها الليل والنهار حتى خيف عليه.
وروي أنه لمَّا طلع بالقوم في المحامل قام أبو عبدالله ( عليه السلام ) من المسجد ، ثمَّ

(1)عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ، الصدوق : 2/102 ح 2 ، بحار الأنوار ، المجلسي : 47/306.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 624

أهوى إلى المحمل الذي فيه عبد الله بن الحسن يريد كلامه ، فمنع أشدَّ المنع وأهوى إليه الحرسيُّ فدفعه ، وقال : تنحَّ عن هذا ، فإن الله سيكفيك ويكفي غيرك ، ثمَّ دخل بهم الزقاق ، ورجع أبو عبدالله إلى منزله ، فلم يبلغ بهم البقيع حتى ابتُلي الحرسي بلاء شديداً ، رمحت ناقته فدقَّت وركه فمات (1).
وروى الطبري في تأريخه ، قال : وذكر أبو يعقوب بن سليمان ، قال : حدَّثتني جمرة العطارة عطارة أبي جعفر ، قالت : لما عزم المنصور على الحجّ دعا ريطة بنت أبي العباس امرأة المهدي ، وكان المهدي بالريّ قبل شخوص أبي جعفر ، فأوصاها بما أراد ، وعهد إليها ، ودفع إليها مفاتيح الخزائن ، وتقدَّم إليها ، وأحلفها ووكَّد الأيمان ، لا تفتح بعض تلك الخزائن وتُطْلِع عليها أحداً إلاَّ المهدي ، ولا هي إلاَّ أن يصحَّ عندها موته ، فإذا صحَّ ذلك اجتمعت هي والمهدي وليس معهما ثالث ، حتى يفتحا الخزانة ، فلمَّا قدم المهدي من الريِّ إلى مدينة السلام دفعت إليه المفاتيح ، وأخبرته عن المنصور أنه تقدَّم إليها فيه ألا يفتحه ، ولا يطلع عليه أحداً حتى يصحَّ عندها موته ، فلمَّا انتهى إلى المهدي موت المنصور وولي الخلافة فتح الباب ومعه ريطة ، فإذا أزجّ كبير فيه جماعة من قتلاء الطالبيين ، وفي آذانهم رقاع فيها أنسابهم ، وإذا فيهم أطفال ، ورجال شباب ، ومشايخ عدّة كثيرة ، فلمَّا رأى ذلك المهدي ارتاع لما رأى ، وأمر فحُفرت لهم حفيرة ، فدفنوا فيها ، وعُمل عليهم دكّان (2).
وروى الشيخ الصدوق عليه الرحمة ، عن عبيد الله البزاز النيسابوري ـ وكان مُسناً ـ قال : كان بيني وبين حميد بن قحطبة الطائي الطوسي معاملة ، فرحلت إليه في بعض الأيام ، فبلغه خبر قدومي ، فاستحضرني للوقت وعليَّ ثياب السفر لم

(1) بحار الأنوار ، المجلسي : 96/239.
(2) تاريخ الطبري : 6/343.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 625

أغيِّرها ، وذلك في شهر رمضان وقت صلاة الظهر ، فلمَّا دخلت إليه رأيته في بيت يجري فيه الماء ، فسلَّمت عليه وجلست ، فأُتي بطست وإبريق فغسل يديه ، ثمَّ أمرني فغسلت يدي ، وأُحضرت المائدة ، وذهب عنّي أني صائم ، وأني في شهر رمضان ، ثمَّ ذكرت فأمسكت يدي ، فقال لي حميد : مالك لا تأكل ؟ فقلت : أيُّها الأمير! هذا شهر رمضان ، ولست بمريض ، ولا بي علّة توجب الإفطار ، ولعل الأمير له عذر في ذلك ، أو علّة توجب الإفطار ، فقال : ما بي علّة توجب الإفطار ، وإني لصحيح البدن.
ثمَّ دمعت عيناه وبكى ، فقلت له بعد ما فرغ من طعامه : ما يُبكيك أيها الأمير ؟ فقال : أنفذ إليَّ هارون الرشيد وقت كونه بطوس في بعض الليل أن أجب ، فلمَّا دخلت عليه رأيت بين يديه شمعة تتّقد ، وسيفاً أخضر مسلولا ، وبين يديه خادم واقف ، فلمَّا قمت بين يديه رفع رأسه إليَّ فقال : كيف طاعتك لأمير المؤمنين ؟ فقلت : بالنفس والمال ، فأطرق ، ثمَّ أذن لي في الانصراف ، فلم ألبث في منزلي حتى عاد الرسول إليَّ وقال : أجب أمير المؤمنين ، فقلت في نفسي : إنّا لله ، أخاف أن يكون قد عزم على قتلي ، وأنه لمَّا رآني استحيى مني ، فعدت إلى بين يديه ، فرفع رأسه إليَّ فقال : كيف طاعتك لأمير المؤمنين ؟ فقلت : بالنفس والمال والأهل والولد ، فتبسَّم ضاحكاً ، ثمَّ أذن لي في الانصراف ، فلمَّا دخلت منزلي لم ألبث أن عاد الرسول إليَّ فقال : أجب أمير المؤمنين ، فحضرت بين يديه وهو على حاله ، فرفع رأسه إليَّ فقال : كيف طاعتك لأمير المؤمنين ؟ فقلت : بالنفس والمال والأهل والولد والدين ، فضحك ، ثمَّ قال لي : خذ هذا السيف وامتثل ما يأمرك به هذا الخادم.
قال : فتناول الخادم السيف وناولنيه ، وجاء بي إلى بيت بابه مغلق ، ففتحه فإذا فيه بئر في وسطه ، وثلاث بيوت أبوابها مغلقة ، ففتح باب بيت منها فإذا فيه

المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 626

عشرون نفساً ، عليهم الشعور والذوائب ، شيوخ وكهول وشبّان مُقيَّدون ، فقال لي : إن أمير المؤمنين يأمرك بقتل هؤلاء ، وكانوا كلّهم علويّة من ولد علي وفاطمة ( عليهما السلام ) فجعل يُخرج إليَّ واحداً بعد واحد فأضرب عنقه حتى أتيت على آخرهم ، ثمَّ رمى بأجسادهم ورؤوسهم في تلك البئر.
ثمَّ فتح باب بيت آخر فإذا فيه أيضاً عشرون نفساً من العلويّة ، من ولد علي وفاطمة ( عليهما السلام ) ، مُقيَّدون ، فقال لي : إن أمير المؤمنين يأمرك بقتل هؤلاء ، فجعل يُخرج إليَّ واحداً بعد واحد فأضرب عنقه ويرمي به في تلك البئر ، حتى أتيت على آخرهم ، ثمَّ فتح باب البيت الثالث فإذا فيه مثلهم عشرون نفساً ، من ولد علي وفاطمة ( عليهما السلام ) ، مُقيَّدون ، عليهم الشعور والذوائب ، فقال لي : إن أمير المؤمنين يأمرك أن تقتل هؤلاء أيضاً ، فجعل يُخرج إليَّ واحداً بعد واحد فأضرب عنقه فيرمي به في تلك البئر ، حتى أتيت على تسعة عشر نفساً منهم ، وبقي شيخ منهم عليه شعر ، فقال لي : تبّاً لك يا مشوم ، أيُّ عذر لك يوم القيامة إذا قدمت على جدّنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وقد قتلت من أولاده ستين نفساً ، قد ولدهم علي وفاطمة ( عليهما السلام ) ؟ فارتعشت يدي ، وارتعدت فرائصي ، فنظر إليَّ الخادم مغضباً وزبرني ، فأتيت على ذلك الشيخ أيضاً فقتلته ، ورمى به في تلك البئر ، فإذا كان فعلي هذا ، وقد قتلت ستين نفساً من ولد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فما ينفعني صومي وصلاتي ؟ وأنا لا أشكّ أنّي مخلَّد في النار (1).
وهكذا كان أيضاً حال العلويين في زمن المتوكل العباسي ، فقد عُرف هو الآخر بنصبه وعداوته لأهل البيت ( عليهم السلام ) ، قال أبو الفرج : واستعمل ( المتوكل ) على المدينة ومكة عمر بن الفرج الرخجي ، فمنع الناس من البرِّ بآل أبي طالب ، وكان لا يبلغه أن أحداً أبرَّ أحداً منهم بشيء وإن قلَّ إلاَّ أنهكه عقوبة ، وأثقله غرماً ، حتى

(1) عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ، الصدوق : 2/100 ـ 102 ح 2 ، بحار الأنوار ، المجلسي : 48/176 ح 20.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 627

كان القميص يكون بين جماعة من العلويَّات يُصلّين فيه واحدة بعد واحدة ، ثمَّ يرقّعنه ، ويجلسن على مغازلهن عواري حواسر ، إلى أن قُتل المتوكل ، فعطف المنتصر عليهم وأحسن إليهم ، ووجَّه بمال فرَّقه فيهم ، وكان يؤثر مخالفة أبيه في جميع أحواله ، ومضادّة مذهبه ، طعناً عليه ونصرة لفعله (1).
ولله درّ السيد حيدر الحلي عليه الرحمة إذ يقول :
اللهُ يَا حامي الشريعه أتقرُّ وهي كذا مَرُوعَه
بك تَسْتغيثُ وَقَلْبُهَا لَكَ عن جَوَىً يشكو صُدُوعَه
مات التصبُّرُ في انتظارِكَ أيُّها الُمحْيي الشريعه
فَانْهَضْ فَمَا أبقى التَّحَمُّلُ غيرَ أَحْشَاء جَزُوعَه
قد مَزَّقَتْ ثَوْبَ الأَسَى وَشَكَتْ لِوَاصِلِها القطيعه
فالسيفَ إنَّ به شِفَاءَ قُلُوبِ شيعتِكَ الوجيعه
فَسِوَاهُ مِنْهُمْ لَيْسَ يُنْعِشُ هذه النَّفْسِ الصريعه
كم ذَا القُعُودُ وَدِينُكُمْ هُدِمَتْ قَوَاعِدُه الرفيعه
تنعى الفُرُوعُ أُصُولَهُ وأصولُهُ تنعى فُرُوعَه
فيه تَحَكَّمَ مَنْ أَبَاحَ اليومَ حُرْمَتَهُ المنيعه
ماذا يُهِيْجُكَ إِنْ صَبَرْتَ لِوَقْعَةِ الطفِّ الفظيعَه
أَتَرى تَجيءُ فجيعةٌ بأَمَضَّ مِنْ تلك الفَجِيعه
حيثُ الحسينُ على الثَّرَى خَيْلُ العِدَى طَحَنَتْ ضُلُوعه
قَتَلَتْهُ آلُ أُميَّة ظَام إلى جَنْبِ الشَّرِيعه
وَرَضِيعُهُ بِدَمِ الْوَرِيدِ مُخَضَّبٌ فَاطْلُبْ رَضِيعَه


(1) مقاتل الطالبيين ، أبو الفرج الإصفهاني : 395 ـ 396.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 628

المجلس الرابع والعشرون

زواج خديجة ( عليها السلام ) من رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
ونبذة من فضلها وحياتها الشريفة

روى الشيخ الكليني عليه الرحمة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : لمَّا أراد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن يتزوَّج خديجة بنت خويلد أقبل أبو طالب في أهل بيته ، ومعه نفر من قريش حتى دخل على ورقة بن نوفل عمِّ خديجة ، فابتدأ أبو طالب بالكلام ، فقال : الحمد لربِّ هذا البيت ، الذي جعلنا من زرع إبراهيم ، وذرية إسماعيل ، وأنزلنا حرماً آمناً ، وجعلنا الحكَّام على الناس ، وبارك لنا في بلدنا الذي نحن فيه ، ثمَّ إن ابن أخي هذا ـ يعني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ـ ممن لا يوزن برجل من قريش إلاَّ رجح به ، ولا يقاس به رجل إلاَّ عظم عنه ، ولا عدل له في الخلق وإن كان مقلاًّ في المال ، فإن المال رفدٌ جار وظلٌّ زائل ، وله في خديجة رغبة ولها فيه رغبة ، وقد جئناك لنخطبها إليك برضاها وأمرها ، والمهر عليَّ في مالي الذي سألتموه ، عاجله وآجله ، وله ـ وربِّ هذا البيت ـ حظٌّ عظيم ، ودين شائع ، ورأي كامل.
ثمَّ سكت أبو طالب ، وتكلَّم عمُّها ، وتلجلج وقصر عن جواب أبي طالب ( عليه السلام ) ، وأدركه القطع والبهر ، وكان رجلا من القسيسين ، فقالت خديجة مبتدئة : يا عمَّاه! إنك وإن كنت أولى بنفسي منّي في الشهود ، فلست أولى بي من نفسي ، قد زوَّجتك ـ يا محمد ـ نفسي ، والمهر عليَّ في مالي ، فأمر عمَّك فلينحر ناقة فليولم بها ، وادخل على أهلك ، قال أبو طالب : اشهدوا عليها بقبولها محمداً ، وضمانها المهر في مالها ، فقال بعض قريش : يا عجباه! المهر على النساء للرجال ، فغضب أبو طالب غضباً شديداً ، وقام على قدميه ـ وكان ممن يهابه الرجال ويُكره

المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 629

غضبُه ـ فقال : إذا كانوا مثل ابن أخي هذا طُلبت الرجال بأغلى الأثمان وأعظم المهر ، وإذا كانوا أمثالكم لم يُزوَّجوا إلاَّ بالمهر الغالي ، ونحر أبو طالب ناقة ، ودخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بأهله ، وقال رجل من قريش يقال له : عبدالله بن غنم :
هنيئاً مريئاً يا خديجةُ قد جَرَتْ لك الطيرُ فيما كان مِنْكِ بأَسْعَدِ
تَزَوَّجْتِهِ خَيْرَ البريَّةِ كلِّها وَمَنْ ذا الذي في الناس مِثْلُ محمَّدِ
وبشر به البرّانِ عيسى بنُ مريم وموسى بنُ عمران فَيَا قُرْبَ مَوْعِدِ
أَقَرَّتْ به الكُتَّابُ قِدْماً بأنَّهُ رَسُولٌ من البطحاءِ هاد ومُهْتَدِ (1)

وجاء في كتاب شجرة طوبى : أن خديجة ( عليها السلام ) كانت من أحسن النساء جمالا ، وأكملهن عقلا ، وأتمهِّن رأياً ، وأكثرهن عفّةً وديناً وحياءً ومروّةً ومالا ، وروي أنه ( صلى الله عليه وآله ) قال : إن الله اختار من النساء أربعاً : مريم ، وآسية ، وخديجة ، وفاطمة. وروي أيضاً أنه ( صلى الله عليه وآله ) قال : اشتاقت الجنة إلى أربع من النساء : مريم ، وآسية ، وخديجة ، وفاطمة بنت محمد ( صلى الله عليه وآله ).
وروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ( صلى الله عليه وآله ).
وخديجة هي بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب فصلوات الله وسلامه على هذه المرأة الجليلة ، النبيلة الأصيلة ، العقيلة الكاملة ، العاقلة الباذلة ، العالمة الفاضلة ، العابدة الزاهدة ، المجاهدة الحازمة ، والحبيبة لله ولرسوله ولوليِّه ، المختارة من النساء ، والصفيَّة البيضاء ، حليلة الرسول ، وأمّ البتول ، صفوة النسوة الطاهرات ، وسيِّدة العفائف المطهَّرات ، أفضل أمَّهات المؤمنين ، وأشرف زوجات رسول الله الأمين ، وأول من آمنت من النساء ،

(1) الكافي ، الشيخ الكليني : 5/374 ح 9.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 630

وأسبقهنَّ بعبادة ربِّ الأرض والسماء ، سيِّدة النسوان ، وخاصَّة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وخلاصة الإيمان ، أصل العزَّ والمجد ، وشجرة الفخر والنجد ، السابقة إلى الإسلام والدين في العاجلة والأخرى ، مولاتنا وسيِّدتنا أم المؤمنين ، خديجة الكبرى ، وهي أميرة عشيرتها ، وسيِّدة قومها ، ووزيرة صدق لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ).
ولدت ( عليها السلام ) قبل عام الفيل بخمس عشرة سنة ، وتوفِّيت في شهر رمضان سنة عشر من البعثة ، في اليوم العاشر ، بعد وفاة أبي طالب بثلاثة أيام.
ومن جملة شؤونها أنها ( عليها السلام ) كانت أوَّل امرأة آمنت برسول الله ، وقد شيَّد الله دينه بمال خديجة كما قال ( صلى الله عليه وآله ) ، فيما روي عنه : ما قام ولا استقام ديني إلاَّ بشيئين : مال خديجة وسيف علي بن أبي طالب.
وروي عن ابن عباس في تفسير هذه الآية : « وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى » (1) يعني وجدك فقيراً فأغناك بمال خديجة.
وكان لخديجة ( عليها السلام ) مال كثير ، وحسنٌ وجمال ، ومن جملة مالها : من أواني الذهب مئة طشت ، ومن الفضة مثلها ، ومئة إبريق من ذهب ، ومن العبيد والجواري مئة وستون ، ومن البقر والغنم والإبل والحلي والحلل وغيرها ما شاء الله ، قيل : كان لها ثمانون ألف من الإبل ، بل كانت تؤجر وتكري من بلد إلى بلد ، فبذلت تلك الأموال والجواري والعبيد لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى بقيت تنام هي ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في كساء واحد لم يكن لها غيره.
ومن جملة شؤونها أن الله وجبرئيل بلَّغاها السلام ، كما قال ( صلى الله عليه وآله ) فيما روي عنه : لمَّا رجعت من السماء قلت : يا جبرئيل ، هل لك من حاجة ؟ قال : حاجتي أن تقرأ من الله ومنّي على خديجة السلام ، وبلَّغ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقالت : إن الله هو السلام ، ومنه السلام ، وإليه يعود السلام ، وعلى جبرئيل السلام.

(1) سورة الضحى ، الآية : 8.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 631

ومن جملة شؤونها أن الله جعل بطنها وعاء للإمامة  ، عن ابن شهر آشوب دخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على فاطمة ( عليها السلام ) فرآها منزعجة فقال لها : مالك ؟ أراك منزعجة  ، فقالت : أبتاه! إن الحميراء افتخرت على أمي بأنها لم تعرف رجلا قبلك  ، وأمي عرفتك وهي مسنّة  ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : لا تنزعجي  ، فإن بطن أمِّك كانت وعاء للإمامة (1).
وروي أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) دخل يوماً منزل عائشة  ، فإذا هي مقبلة على فاطمة ( عليها السلام ) تصايحها وتقول : يا بنت خديجة! ما ترين إلاَّ أن لأمِّك فضلا علينا  ، وأيُّ فضل كان لها علينا ؟ ما هي إلاَّ كبعضنا.
فسمع النبي ( صلى الله عليه وآله ) مقالتها لفاطمة  ، فلمَّا رأت فاطمة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بكت  ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ما يبكيك يا بنتاه ؟ قالت : إن الحميراء ذكرت أمي فتنقَّصتها فبكيت  ، فغضب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقال : يا حميراء! إن الله تبارك وتعالى بارك في الودود الولود  ، وإن خديجة ولدت منّي طاهراً وقاسماً وفاطمة ورقية وأم كلثوم وزينب  ، وأنت ممن أعقم الله رحمها فلم تلدي شيئاً (2).
وروي أنه دخلت أخت خديجة على رسول الله ( صلى الله عليه وآله )   ، ولمَّا استأذنت وسمع النبيُّ باسم خديجة سُرَّ سروراً عظيماً  ، فقالت عائشة : مالك تُكثر ذكر خديجة وتسرُّ باسمها  ، وهي عجوز حمراء الشدقين قد هلكت  ، وإن الله قد أعطاك ورزقك أحسن منها ؟ وكأنّها أرادت بذلك نفسها  ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : لا والله  ، ما رُزقت أحسن منها  ، ولقد آمنت حين كذَّبوني  ، وأنفقت مالها حين بخلوا عني.
وكان ( صلى الله عليه وآله ) في زمان حياتها إذا غلب عليه الحزن نظر إلى وجه خديجة  ، ويُسرُّ بذلك كما أنه يُسرُّ إذا سع اسمها  ، وكان أيضاً إذا اشتدَّ حزنه نظر إلى

(1) مناقب آل أبي طالب  ، ابن شهر آشوب : 3/114.
(2) الخصال  ، الصدوق : 405 ح 116.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 632

فاطمة ( عليها السلام ) ويُسرُّ سروراً عظيماً  ، ولمَّا توفِّيت خديجة اغتمَّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله )   ، وجلس في البيت  ، ثمَّ هاجر إلى الطائف.
ولمَّا مرضت خديجة المرضة التي توفِّيت فيها حضرتها أسماء بنت عميس  ، قالت أسماء : حضرت وفاة خديجة فبكت  ، فقلت : أتبكين وأنت سيِّدة نساء العالمين  ، وأنت زوجة النبي ( صلى الله عليه وآله )   ، مبشَّرة على لسانه بالجنَّة ؟ فقالت : ما لهذا بكيت  ، ولكنَّ المرأة ليلة زفافها لابدَّ لها من امرأة تفضي إليها بسرِّها  ، وتستعين بها على حوائجها  ، وفاطمة حديثة عهد بصبا  ، وأخاف أن لا يكون لها من يتولَّى أمرها  ، فقلت : يا سيدتي! لك عهد الله إن بقيت إلى ذلك الوقت أن أقوم مقامك في هذا الأمر  ، فلمَّا كانت ليلة زفاف فاطمة ( عليها السلام ) جاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأمر النساء فخرجن  ، فقالت أسماء : فبقيت أنا  ، فلمَّا رأى رسول الله سوادي قال : من أنت ؟ فقلت : أسماء بنت عميس  ، فقال : ألم آمرك أن تخرجي ؟ فقلت : بلى يا رسول الله  ، فداك أبي وأمي  ، وما قصدت خلافك  ، ولكنّي أعطيت خديجة عهداً هكذا  ، فبكى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقال : بالله لهذا وقفت ؟ فقلت : نعم والله  ، فدعا لي.
أيها المؤمنون  ، يعزّ على خديجة لو كانت حاضرة وتسمع أنين قرَّة عينها فاطمة بين الحائط والباب  ، حين عصروها  ، وكسروا ضلعها  ، وأسقطوا جنينها  ، وسوَّدوا متنها  ، ولطموا خدَّها  ، فإنا الله وإنا إليه راجعون.
قال الراوي : ولما اشتدَّ مرضها قالت : يا رسول الله! اسمع وصاياي أولا; فإني قاصرة في حقِّك  ، فأعفني يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله )   ، قال رسول الله : حاشا وكلا  ، ما رأيت منك تقصيراً  ، فقد بلغت جهدك  ، وتعبت في داري غاية التعب  ، ولقد بذلت أموالك وصرفت في سبيل الله جميع مالك  ، قالت : يا رسول الله! الوصية الثانية : أوصيك بهذه ـ وأشارت إلى فاطمة ـ فإنها غريبة من بعدي  ، فلا يؤذيها أحد من نساء قريش  ، ولا يلطمن خدَّها  ، ولا يصحن في وجهها  ، ولا يرينها مكروهاً.

المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 633

أقول : يعزّ على خديجة لو كانت حاضرة حين لطمها فلان حتى أثَّرت اللطمة في خدِّها  ، وتناثر قرطاها. ولله درّ الشيخ صالح الكواز عليه الرحمة إذ يقول :
الواثبينَ لِظُلْمِ آلِ محمَّد ومحمَّدٌ مُلْقَىً بلا تكفينِ
والقائلينَ لِفَاطِم آذَيْتِنَا في طُولِ نَوْح دَائم وَحنينِ
والقاطعين أَرَاكَةً كيما تُقِيْلُ بِظِلِّ أوراق لها وَغُصُونِ
ومُجَمِّعي حَطَب على البيتِ الذي لم يَجْتَمِعْ لولاه شَمْلُ الدينِ
والداخلينَ على البتولةِ بَيْتَها والمُسْقِطِينَ لها أَعَزَّ جَنِينِ
والقائدينَ إمَامَهُمْ بِنِجَادِهِ والطُّهْرُ تدعو خَلْفَهُمْ برنينِ
خَلُّوا ابنَ عَمِّي أَوْ لأَكْشُفُ للدُّعَا رأسي وأشكوا للإلَهِ شُجُوني
ما كان نَاقَةُ صَالح وَفَصِيلُهَا بالفَضْلِ عندَ اللهِ إلاَّ دُونِي
وَرَنَتْ إِلَى القبرِ الشريفِ بمُقْلَة عَبْرَى وقَلْب مُكْمَد محزونِ
أَبَتَاهُ هذا السامريُّ وَعِجْلُهُ تُبِعَا وَمَالَ النَّاسُ عن هَارونِ (1)

قالت خديجة ( عليها السلام ) : وأمَّا الوصية الثالثة فإني أقولها لابنتي فاطمة وهي تقول لك  ، فإني مستحية منك يا رسول الله  ، فقام النبي ( صلى الله عليه وآله ) وخرج من الحجرة  ، فدعت بفاطمة وقالت : يا حبيبتي وقرَّة عيني! قولي لأبيك : إن أمّي تقول : أنا خائفة من القبر  ، أريد منك رداءك الذي تلبسه حين نزول الوحي تكفّنني فيه  ، فخرجت فاطمة ( عليها السلام ) وقالت لأبيها ما قالت أمُّها خديجة  ، فقام النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأعطى الرداء إلى فاطمة ( عليها السلام )   ، وجاءت به إلى أمِّها  ، فسُرَّت به سروراً عظيماً.
وروي أنَّه لما توفِّيت خديجة ( عليها السلام ) أخذ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في تجهيزها  ، وغسَّلها وحنَّطها  ، فلمَّا أراد أن يكفِّنها هبط الأمين جبرئيل وقال : يا رسول الله! إن الله

(1) رياض المدح والرثاء  ، الشيخ حسين القديحي : 154 ـ 155.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 634

يقرؤك السلام  ، ويخصُّك بالتحية والإكرام  ، ويقول لك : يا محمد! إن كفن خديجة وهو من أكفان الجنة أهدى الله إليها  ، فكفَّنها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بردائه الشريف أولا  ، وبما جاء به جبرئيل ثانياً  ، فكان لها كفنان  ، كفن من الله  ، وكفن من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) (1).
وليت جبرئيل ( عليه السلام ) نزل يوم الطفِّ بكفن من الجنّة لسيِّد الشهداء ( عليه السلام ) الذي بقي على بوغاء كربلاء ثلاثة أيام بلا كفن ولا مواراة. ولله درّ الشيخ عبد الحسين الحياوي إذ يقول :
يَعُزُّ على الطُّهْرِ الْبَتُولِ بأَنْ تَرَى عزيزاً لها مُلْقىً وأكفانُهُ الْعَفْرُ
يَعُزُّ عليها أَنْ تَرَاه مَحَرَّماً عليه فُرَاتُ الْمَاءِ وهو لها مَهْرُ
يَعُزُّ على المختارِ أنَّ سليلَهُ يُرَضُّ بعَتْبِ العادياتِ له صَدْرُ
فَلاَ صَبْرَ محمودٌ بِقَتْلِ ابنِ فَاطِم وليس لِمَنْ لَمْ يَجْرِ مَدْمَعُهُ عُذْرُ (2)

وقال الشيخ صالح الكواز عليه الرحمة :
فَلْتَلْطِمِ الخيلُ خَدَّ الأرضِ عاديةً فَخَدُّ عَلْيَا نزَار للثَّرَى ضَرَعَا
وَلُْتمْلأ الأرضُ نَعْياً من صَوَارِمِكُمْ فإنَّ ناعي حُسَين في السَّمَاءِ نَعَى
وَلْتَذْهَلِ اليومَ فيكم كُلُّ مُرْضِعَة فَطِفْلُهُ من دِمَا أَوْدَاجِهِ رَضَعَا
نَسِيتُمُ أم تَنَاسَيْتُمْ كَرَائِمَكُمْ بَعْدَ الكِرَامِ عليها الذُّلُّ قد وَقَعَا (3)

(1) شجرة طوبى  ، الشيخ محمد مهدي الحائري : 2/232 ـ 235.
(2) مثير الأحزان  ، الجواهري : 146.
(3) مثير الأحزان  ، الجواهري : 158.

السابق السابق الفهرس التالي التالي