المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 566

المجلس الخامس عشر

في انتقام الله تعالى من قتلة الإمام الحسين (عليه السلام)

روي عن عطاء بن مسلم ، قال : قال السدّي : أتيت كربلاء أبيع البرَّ بها ، فعمل لنا شيخ من طيّء طعاماً ، فتعشَّينا عنده ، فذكرنا قتل الحسين ( عليه السلام ) ، قلت : ما شرك في قتله أحد إلاَّ مات بأسوأ ميتة ، فقال : ما أكذبكم يا أهل العراق! فأنا ممن شرك في ذلك ، فلم نبرح حتى دنا من المصباح ليصلحه وهو يتّقد ، فذهب يخرج الفتيلة بإصبعه ، فأخذت النار فيها ، فأخذ يُطفئُها بريقه ، فأخذت النار لحيته ، فعدا فألقى نفسه في الماء ، فرأيته كأنه فحمة (1).
وروى المدائني عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة ، قال : رأيت رجلا من بني أبان ابن دارم أسود الوجه ، وكنت أعرفه جميلا شديد البياض ، فقلت له : ما كدت أعرفك ، قال : إني قتلت شاباً أمرد مع الحسين ، بين عينيه أثر السجود ، فما نمت ليلة منذ قتلته إلاَّ أتاني ، فيأخذ بتلابيبي حتى يأتي جهنَّم فيدفعني فيها ، فأصيح ، فما يبقى أحد في الحيّ إلاَّ سمع صياحي ، قال : والمقتول العباس بن علي ( عليه السلام ) (2).
وقال موسى بن عامر : وبعث ( أي المختار ) معاذ بن هانىء بن عدي الكندي ابن أخي حجر ، وبعث أبا عمرة صاحب حرسه ، فساروا حتى أحاطوا بدار خولي بن يزيد الأصبحي ، وهو صاحب رأس الحسين ( عليه السلام ) الذي جاء به ، فاختبأ في مخرجه ، فأمر معاذ أبا عمرة أن يطلبه في الدار ، فخرجت امرأته إليهم ، فقالوا لها : أين زوجك ؟ فقالت : لا أدري أين هو ؟ وأشارت بيدها إلى المخرج ، فدخلوا

(1) تذكرة الحفاظ ، الذهبي : 3/909 ، ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) من كتاب بغية الطلب في تأريخ حلب ، ابن العديم : 180 ـ 181 ح 163.
(2) مقاتل الطالبيين ، أبو الفرج الإصفهاني : 78 ـ 79.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 567

فوجدوه قد وضع على رأسه قوصرة ، فأخرجوه ، وكان المختار يسير بالكوفة ، ثمَّ إنَّه أقبل في أثر أصحابه ، وقد بعث أبو عمرة إليه رسولا ، فاستقبل المختار الرسول ، عند دار أبي بلال ومعه ابن كامل ، فأخبره الخبر.
فأقبل المختار نحوهم ، فاستقبل به فردَّده حتى قتله إلى جانب أهله ، ثمَّ دعا بنار فحرقه بها ، ثُمَ لم يبرح حتى عاد رماداً ، ثمَّ انصرف عنه ، وكانت امرأته من حضرموت ، يقال لها : العيوف بنت مالك بن نهار بن عقرب ، وكانت نصبت له العداوة حين جاء برأس الحسين ( عليه السلام ) (1).
ومما جاء في سوء عاقبة بحر بن كعب لعنه الله تعالى ـ وهو الذي سلب ثوب الحسين ( عليه السلام ) ـ قال بعض الرواة في ذلك : ولمَّا بقي الحسين ( عليه السلام ) في ثلاثة رهط أو أربعة دعا بسراويل محقّقة ، يلمع فيها البصر ، يمانيّ محقّق ، ففزره ونكثه لكيلا يسلبه ، فقال له بعض أصحابه : لو لبست تحته تبَّاناً ، قال ( عليه السلام ) : ذلك ثوب مذلّة ولا ينبغي لي أن ألبسه ، قال : فلمَّا قُتل أقبل بحر بن كعب فسلبه إياه فتركه مجرَّداً ، قال محمد بن عبد الرحمن : إن يدي بحر بن كعب كانتا في الشتاء ينضحان الماء ، وفي الصيف كأنهما عود (2).
وقال عمارة بن عمير : لما جيء برأس عبيد الله بن زياد وأصحابه ، فنصبت في المسجد في الرحبة ، فانتهيت إليهم وهم يقولون : قد جاءت ، فإذا حيَّة قد جاءت تتخلَّل الرؤوس حتى دخلت في منخري عبيد الله بن زياد ، فمكثت هنيهة ثمَّ خرجت ، فذهبت حتى تغيب ، ثمَّ قالوا : قد جاءت ، قد جاءت ، ففعلت ذلك مرَّتين أو ثلاثاً (3).

(1) تاريخ الطبري : 4/531.
(2) تاريخ الطبري : 4/345.
(3) سنن الترمذي : 5/325 ـ 326 ح 3869 ، البداية والنهاية ، ابن كثير : 8/208 ، المعجم الكبير ، الطبراني : 3/112 ح 2832 ، سير أعلام النبلاء : 3/548 ـ 549 ، تأريخ دمشق : 37/461.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 568

وروي عن زرارة ، قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) ـ في حديث له ـ : يا زرارة! وما اختضبت منّا امرأة ، ولا ادّهنت ، ولا اكتحلت ولا رجَّلت حتى أتانا رأس عبيد الله بن زياد لعنه الله ، وما زلنا في عبرة بعده ، وكان جدّي إذا ذكره بكى حتى تملأ عيناه لحيته ، وحتى يبكي لبكائه رحمةً له مَنْ رآه (1).
وروى اليعقوبي ، قال : وجَّه المختار برأس عبيد الله بن زياد إلى علي بن الحسين ( عليهما السلام ) في المدينة مع رجل من قومه ، وقال له : قف بباب علي بن الحسين ، فإذا رأيت أبوابه قد فُتحت ودخل الناس فذلك الذي فيه طعامه ، فادخل إليه ، فجاء الرسول إلى باب علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ، فلمَّا فُتحت أبوابه ، ودخل الناس للطعام ، دخل ونادى بأعلى صوته : يا أهل بيت النبوّة ، ومعدن الرسالة ، ومهبط الملائكة ، ومنزل الوحي ، أنا رسول المختار بن أبي عبيد ، معي رأس عبيد الله بن زياد ، فلم تبق في شيء من دور بني هاشم امرأة إلاَّ صرخت ، ودخل الرسول فأخرج الرأس ، فلمَّا رآه علي بن الحسين ( عليه السلام ) قال : أبعده الله إلى النار.
وروى بعضهم قال : إن عليَّ بن الحسين ( عليه السلام ) لم ير ضاحكاً قطّ منذ قُتل أبوه إلاّ في ذلك اليوم ، وإنَّه كان له إبل تحمل الفاكهة من الشام ، فلمَّا أُتي برأس عبيد الله بن زياد أمر بتلك الفاكهة فَفُرِّقت بين أهل المدينة ، وامتشطت نساء آل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، واختضبن ، وما امتشطت امرأة ولا اختضبت مُنذ قُتل الحسين بن علي ( عليهما السلام ) (2).
وممَّا جاء في انتقام الله تعالى من شمر بن ذي الجوشن لعنه الله : قال أبو مخنف : فحدَّثني مسلم بن عبدالله ، قال : وأنا والله مع شمر تلك الليلة ، فقلنا : لو أنك ارتحلت بنا من هذا المكان فإنّا نتخوَّف به ، فقال : أو كل ذا فَرَقاً من هذا الكذّاب ،

(1) بحار الأنوار ، العلامة المجلسي : 45/206 ح 13.
(2) تاريخ اليعقوبي : 2/259.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 569

والله لا أتحوَّل منه ثلاثة أيام ، ملأ الله قلوبكم رعباً ، قال : وكان بذلك المكان الذي كنَّا فيه دبا كثير ، فوالله إني لبين اليقظان والنائم إذ سمعت وقع حوافر الخيل ، فقلت في نفسي : هذا صوت الدبا ، ثم إني سمعته أشد ذلك ، فانتبهت ومسحت عيني وقلت : لا والله ما هذا بالدبا ، قال : وذهبت لأقوم فإذا أنا بهم قد أشرفوا علينا من التل فكبَّروا ، ثم أحاطوا بأبياتنا ، وخرجنا نشتدّ على أرجلنا ، وتركنا خيلنا.
قال : فأمرُّ على شمر وإنه لمتّزرٌ ببرد محقّق ، وكان أبرص فكأني أنظر إلى بياض كشحيه من فوق البرد ، فإنه ليطاعنهم بالرمح قد أعجلوه أن يلبس سلاحه وثيابه فمضينا وتركناه ، قال : فما هو إلاَّ أن أمعنت ساعة إذ سمعت : الله أكبر قُتل الخبيث (1).
وقال القندوزي الحنفي في قصة المختار وانتقامه من قتلة الحسين ( عليه السلام ) : فتبعوا المختار ، فملكوا الكوفة ، وقتلوا الستة آلاف الذين قاتلوا الحسين ( عليه السلام ) ، وقُتل رئيسهم عمر بن سعد ، وخصَّ شمر بمزيد نكال ، وأوطأ الخيل صدره وظهره لأنه فعل ذلك بالحسين ( عليه السلام ) (2).
وعن ابن عياش ، عن الكلبي قال : رأيت سنان بن أنس الذي قتل الحسين ( عليه السلام ) يَحدِث في المسجد ، شيخ كبير قد ذهب عقله (3) ، وفي سنان لعنه الله يقول الشاعر :
وأيُّ رزيَّة عَدَلَتْ حُسيناً غَدَاةَ تبيرُهُ كفّا سِنَانِ (4)

قال أبو مخنف : وإن رجلا من كندة ـ يقال له : مالك بن النسر من بني بداء ـ أتى الحسين ( عليه السلام ) فضربه على رأسه بالسيف ، وعليه برنس له ، فقطع البرنس

(1) تاريخ الطبري : 4/525 ـ 526 ، تأريخ دمشق ، ابن عساكر : 23/191 ـ 192.
(2) ينابيع المودة ، القندوزي : 3/28.
(3) ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) من كتاب بغية الطلب في تأريخ حلب ، ابن العديم : 182 ح 166.
(4) الجوهرة في نسب الإمام علي وآله ( عليهم السلام ) ، البري : 45 ، الاستيعاب ، ابن عبد البر : 1/395.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 570

وأصاب السيف رأسه ، فأدمى رأسه ، فامتلأ البرنس دماً ، فقال له الحسين ( عليه السلام ) : لا أكلت بها ولا شربت ، وحشرك الله مع الظالمين ، قال : فألقى ذلك البرنس ، ثمَّ دعا بقلنسوة فلبسها ، واعتمَّ وقد أعيى وبلد ، وجاء الكندي حتى أخذ البرنس ، وكان من خز ، فلمَّا قدم به بعد ذلك على امرأته أمِّ عبدالله ـ ابنة الحر أخت حسين بن الحرّ البدي ـ أقبل يغسل البرنس من الدم ، فقالت له امرأته : أسلب ابن بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تُدخل بيتي ؟ أخرجه عنّي ، فذكر أصحابه أنه لم يزل فقيراً بشرٍّ حتى مات (1).
قال أبو مخنف : لمَّا أخذ الكندي عمامة الحسين ( عليه السلام ) قالت زوجة الكندي : ويلك ، قتلت الحسين وسلبت ثيابه ، فوالله لا جمعت معك في بيت واحد ، فأراد أن يلطمها فأصاب مسمارٌ يدَه ، فقُطعت يده من المرفق ولم يزل كان فقيراً (2).
وروى أحمد بن حنبل في العلل ، عن عثمان بن أبي سليمان قال : لما بعث المختار برأس عمر بن سعد بن أبي وقاص إلى المدينة ألقي بين يدي علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ، فخرَّ ساجداً (3).
وروى ابن عساكر ، عن سليمان بن مسلم صاحب السقط ، عن أبيه قال : كان أول من طعن في سرادق الحسين ( عليه السلام ) عمر بن سعد ، قال : فرأيته هو وابنيه ضربت أعناقهم ، ثمَّ عُلِّقوا على الخشب ، وألهب فيهم النيران.
وعن أبي المُعلى العجلي قال : سمعت أبي أن الحسين ( عليه السلام ) لمَّا نزل كربلاء فأوَّل من طعن في سرادقه عمر بن سعد ، فرأيت عمر بن سعد وابنيه قد ضربت أعناقهم ، ثمَّ علِّقوا على الخشب ، ثمَّ ألهب فيهم النار ، وقال غيره : بعث المختار بن

(1) تاريخ الطبري : 4/342.
(2) ينابيع المودة ، القندوزي : 3/82.
(3) العلل ، أحمد بن حنبل : 1/133 ح 11.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 571

أبي عبيد إلى عمر بن سعد مولاه أبا عمر فقتله  ، وقتل حفص بن عمر بن سعد (1).
وعن رباح بن مسلم  ، عن أبيه قال : قال ابن مطيع لعمر بن سعد بن أبي وقاص : اخترت همذان والريّ على قتل ابن عمِّك ؟ فقال عمر : كانت أمور قضيت من السماء  ، وقد أعذرت إلى ابن عمي قبل الوقعة فأبى إلاَّ ما أتى  ، فلمَّا خرج ابن مطيع وهرب من المختار سار المختار بأصحابه إلى منزل عمر بن سعد فقتله في داره  ، وقتل ابنه أسوأ قتلة (2).
وروى ابن عساكر عن عمران بن ميثم قال : كنت جالساً عند المختار عن يمينه  ، والهيثم بن الأسود عن يساره  ، فقال : والله لأقتلن غداً رجلا يرضي قتله أهل السماء وأهل الأرض  ، قال : وقد كان أعطى عمر بن سعد أماناً على أن لا يخرج من الكوفة إلاَّ بإذنه.
قال : فأتى عمر بن سعد رجل  ، فقال : إن المختار حلف ليقتلن غداً رجلا  ، والله ما أحسبه يعني غيرك  ، قال : فخرج حتى نزل حمام عمر  ، فقيل له : أترى هذا يخفى على المختار ؟ فرجع فدخل داره  ، فلمَّا كان من الغد غدوت فدخلت على المختار  ، وجاء الهيثم بن الأسود فقعد  ، قال : فجاء حفص بن عمر  ، فقال للمختار : يقول لك أبو حفص : أتفي لنا بالذي كان بيننا وبينك ؟ قال : اجلس  ، قال : فجلس  ، ودعا المختار أبا عمرة  ، فجاء رجل قصير يتخشخش في الحديد فسارَّه  ، ثمَّ دعا رجلين  ، فقال : اذهبا معه  ، قال : فذهب  ، فوالله ما أحسبه بلغ دار عمر حتى جاء برأسه  ، فقال حفص : إنّا لله وإنّا إليه راجعون  ، فقال المختار : اضرب عنقه  ، وقال : عمر بالحسين ( عليه السلام )   ، وحفص بعلي بن الحسين ( عليهما السلام )   ، ولا سواء (3).

(1) تاريخ مدينة دمشق  ، ابن عساكر : 45/54.
(2) تاريخ مدينة دمشق  ، ابن عساكر : 45/54 ـ 55  ، الطبقات الكبرى  ، ابن سعد : 5/148.
(3) تاريخ مدينة دمشق  ، ابن عساكر : 45/55 ـ 56.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 572

وعن موسى بن عامر أن المختار قال ذات يوم وهو يحدِّث جلساءه : لأقتلن غداً رجلا عظيم القدمين  ، غائر العينين  ، مشرف الحاجبين  ، يسرُّ قتله المؤمنين والملائكة المقربين.
قال : وكان الهيثم بن الأسود النخعي عند المختار حين سمع هذه المقالة  ، فوقع في نفسه أن الذي يريد عمر بن سعد بن أبي وقاص  ، فلمَّا رجع إلى منزله دعا ابنه العريان فقال : الق ابن سعد الليلة  ، فخبِّره بكذا وكذا  ، وقل له : خذ حذرك  ، فإنه لا يريد غيرك  ، قال : فأتاه فاستخلاه  ، ثمَّ خبَّره الخبر  ، فقال له ابن سعد : جز الله بالإخاء أباك خيراً  ، كيف يريد هذا بي بعد الذي أعطاني من العهود والمواثيق ؟
وكان المختار أول ما ظهر أحسن شيء سيرةً وتألُّفاً للناس  ، وكان عبدالله بن جعدة بن هبيرة أكرم خلق الله على المختار لقرابته بعليّ  ، فكلَّم عمر بن سعد عبدالله بن جعدة وقال له : إني لا آمن هذا الرجل ـ يعني المختار ـ فخذ لي منه أماناً  ، ففعل  ، قال : فأنا رأيت أمانه وقرأته وهو :
بسم الله الرحمن الرحيم  ، هذا أمان من المختار بن أبي عبيد لعمر بن سعد بن أبي وقاص  ، إنك آمن بأمان الله على نفسك وأهلك ومالك وأهل بيتك وولدك  ، لا تؤاخذ بحدث كان منك قديماً ما سمعت وأطعت ولزمت رحلك وأهلك ومصرك  ، فمن لقي عمر بن سعد من شرطة الله وشيعة آل محمد ( صلى الله عليه وآله ) وغيرهم من الناس فلا يعرض له إلاَّ بخير  ، شهد السائب بن مالك  ، وأحمر بن شميط  ، وعبدالله بن شدَّاد  ، وعبدالله بن كامل وجعل المختار على نفسه عهد الله وميثاقه ليفين لعمر بن سعد بما أعطاه من الأمان إلاَّ أن يحدث حدثاً  ، وأشهد الله على نفسه وكفى بالله شهيداً.
قال : وكان أبو جعفر محمد بن علي ( عليهما السلام ) يقول : أمَّا أمان المختار لعمر بن سعد إلاَّ أن يحدث حدثاً فإنه كان يريد به إذا دخل الخلاء فأحدث.
قال : فلمَّا جاءه العريان بهذا خرج من تحت ليلته حتى أتى حمَّامه  ، ثمَّ قال في

المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 573

نفسه : أنزل داري  ، فرجع فعبر الروحاء  ، ثمَّ أتى داره غدوة  ، وقد أتى حمَّامه  ، فأخبر مولى له بما كان من أمانه وبما أريد منه  ، فقال له مولاه : وأيُّ حدث أعظم مما صنعت  ، إنك تركت رحلك وأهلك  ، وأقبلت إلى ها هنا  ، ارجع إلى رحلك ولا تجعل للرجل عليك سبيلا  ، فرجع إلى منزله فأُتي المختار بانطلاقه  ، فقال : كلا  ، إن في عنقه سلسلة ستردّه  ، لو جهد أن ينطلق ما استطاع.
قال : وأصبح المختار فبعث إليه أبا عمرة  ، وأمره أن يأتيه به  ، فجاءه حتى دخل عليه  ، فقال : أجب  ، فقام عمر فعثر في جبّة له  ، ويضربه أبو عمرة بسيفه  ، فقتله  ، وجاء برأسه في أسفل قبائه حتى وضعه بين يدي المختار  ، فقال المختار لابنه حفص بن عمر بن سعد ـ وهو جالس عنده ـ أتعرف هذا الرأس ؟ فاسترجع  ، وقال : نعم  ، ولا خير في العيش بعده  ، قال له المختار : صدقت فإنك لا تعيش بعده  ، فأمر به فقُتل فإذا رأسه مع رأس أبيه.
ثمَّ إن المختار قال : هذا بحسين  ، وهذا بعلي بن حسين رحمهما الله  ، ولا سواء  ، والله لو قتلت ثلاثة أرباع قريش ما وفوا بأنملة من أنامله  ، فلمَّا قتل المختار عمر بن سعد وابنه بعث برأسيهما مع مسافر بن سعيد بن نمران الناعطي  ، وظبيان بن عمارة التميمي حتى قدما به على محمد بن الحنفية  ، وكتب إلى ابن الحنفية في ذلك كتاباً (1).
وأمَّا حرملة بن كاهل فقد انتقم الله تعالى منه شرَّ انتقام  ، فهو قاتل عبدالله الرضيع  ، وهو الذي رمى العباس بن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بسهم فأصاب عينه  ، وهو الذي حمل رأس الحسين ( عليه السلام )   ، وقد انتقم الله منه على يد المختار الثقفي  ، روى الشيخ الطوسي عليه الرحمة  ، عن المنهال بن عمرو قال : دخلت على علي بن الحسين ( عليهما السلام ) منصرفي من مكة  ، فقال لي : يا منهال  ، ما صنع حرملة بن كاهلة الأسدي ؟ فقلت : تركته حيّاً بالكوفة  ، قال : فرفع يديه جميعاً  ، فقال : اللهمَّ أذقه حرَّ الحديد  ، اللهمَّ

(1) تاريخ مدينة دمشق  ، ابن عساكر : 45/56 ـ 58  ، تاريخ الطبري : 4/531 ـ 532.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 574

أذقه حرَّ الحديد  ، اللهمَّ أذقه حرَّ النار. قال المنهال : فقدمت الكوفة  ، وقد ظهر المختار بن أبي عبيد  ، وكان لي صديقاً  ، قال : فكنت في منزلي أياماً حتى انقطع الناس عنّي  ، وركبت إليه فلقيته خارجاً من داره  ، فقال : يا منهال  ، لم تأتنا في ولايتنا هذه  ، ولم تهنِّنا بها  ، ولم تُشركنا فيها ؟ فأعلمته أني كنت بمكة  ، وأني قد جئتك الآن  ، وسايرته ونحن نتحدَّث حتى أتى الكناس  ، فوقف وقوفاً كأنه ينتظر شيئاً  ، وقد كان أُخبر بمكان حرملة ابن كاهلة  ، فوجَّه في طلبه  ، فلم نلبث أن جاء قوم يركضون  ، وقوم يشتدّون حتى قالوا : أيُّها الأمير  ، البشارة  ، قد أُخذ حرملة بن كاهلة  ، فما لبثنا أن جيء به  ، فلما نظر إليه المختار قال لحرملة : الحمد لله الذي مكَّنني منك  ، ثمَّ قال الجزّار الجزّار  ، فأتي بجزّار  ، فقال له : اقطع يديه  ، فقُطعتا  ، ثمَّ قال له : اقطع رجليه  ، فقُطعتا  ، ثم قال : النار النار  ، فأتي بنار وقصب فأُلقي عليه واشتعلت فيه النار.
فقلت : سبحان الله! فقال لي : يا منهال  ، إن التسبيح لحَسن  ، ففيم سبَّحت ؟ فقلت : أيُّها الأمير  ، دخلت في سفرتي هذه منصرفي من مكة على علي بن الحسين ( عليهما السلام ) فقال لي : يا منهال  ، ما فعل حرملة بن كاهلة الأسدي ؟ فقلت : تركته حيَّاً بالكوفة  ، فرفع يديه جميعاً فقال : اللهم أذقه حرَّ الحديد  ، اللهم أذقه حرَّ الحديد  ، اللهم أذقه حرَّ النار.
فقال لي المختار : أسمعت علي بن الحسين ( عليهما السلام ) يقول هذا ؟ فقلت : والله لقد سمعته  ، قال : فنزل عن دابته  ، وصلَّى ركعتين فأطال السجود  ، ثمَّ قام فركب  ، وقد احترق حرملة  ، وركبت معه وسرنا  ، فحاذيت داري  ، فقلت : أيُّها الأمير  ، إن رأيت أن تُشرِّفني وتُكرمني وتنزل عندي وتحرم بطعامي  ، فقال : يا منهال  ، تعلمني أن علي بن الحسين ( عليه السلام ) دعا بأربع دعوات فأجابه الله على يدي  ، ثمَّ تأمرني أن آكل! هذا يومُ صوم شكراً لله عزَّ وجلَّ على ما فعلته بتوفيقه (1)

(1) الآمالي  ، الطوسي : 238 ـ 239 ح 15.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 575

فلعنة الله على حرملة بن كاهل الذي فجع أهل البيت ( عليهم السلام ) بقتله عبدالله الرضيع  ، فلم تكن في قلبه شفقة ولا رحمة على رضيع الحسين ( عليه السلام ) فبأي ذنب قتله  ، ولله درّ السيد حيدر الحلي عليه الرحمة إذ يقول في مقتل عبدالله الرضيع ومصيبة الفاطميات في السبا :
وَمُنْعَطِف أهوى لتقبيلِ طِفْلِهِ فَقَبَّلَ منه قَبْلَه السَّهْمُ مَنْحَرا
لقد وُلِدَا في سَاعَة هو والرَّدَى وَمِنْ قَبْلِهِ في نَحْرِه السَّهْمُ كبَّرا
وفي السَّبْيِ مما يصطفي الخِدْرُ نِسْوَةٌ يعزُّ على فتيانِها أن تُسَيَّرا
حَمَتْ خِدْرَها يَقْظَى وودَّت بنومِهَا تَرُدُّ عليها جَفْنَها لا على الكَرَى
فَأَضْحَتْ ولا من قَوْمِها ذو حفيظة يقومُ وَرَاءَ الخِدْرِ عنها مُشَمِّرا
مشى الدَّهْرُ يومَ الطفِّ أعمى فلم يَدَعْ عِمَاداً لها إلاَّ وفيه تَعَثَّرا
وَجَشَّمَها الْمَسْرَى بِبَيْدَاءَ قَفْرَة وَلَمْ تَدْرِ قَبْلَ الطفِّ ما البيدُ والسُّرَى
وَلَمْ تَرَ حتَّى عينُها ظِلَّ شَخْصِها إِلَى أَنْ بَدَت في الغاضريَّةِ حُسَّرَا (1)

المجلس السادس عشر

ظلامات أهل البيت ( عليهم السلام ) واضطهادهم
وما جرى عليهم من القتل والتشريد

جاء في بعض زيارات أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) : وأنتم بين صريع في المحراب قد فلق السيف هامته  ، وشهيد فوق الجنازة قد شُكَّت بالسهام أكفانه  ، وقتيل بالعراء قد رُفع فوق القناة رأسه  ، ومكبَّل في السجن رُضَّت بالحديد أعضاؤه  ، ومسموم قد قُطِّعت بجرع السمِّ أمعاؤه  ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون  ، ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله العليِّ

(1) رياض المدح والرثاء  ، الشيخ حسين القديحي : 63.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 576

العظيم  ، ولله درّ السيد حيدر الحلي عليه الرحمة إذ يقول :
مَا ذَنْبُ أَهْلِ البيتِ حتَّـ ـى مِنْهُمُ أَخْلَوا رُبُوعَهْ
تركوهُمُ شتَّى مصائبُهُمْ وأجمعُهَا فظيعَهْ
فَمُغَيَّبٌ كالبدرِ ترتقبُ الـ وَرَى شَوْقاً طُلُوعَه
ومُكََابِدٌ للسمِّ قَدْ سُقِيَتْ حُشَاشَتُهُ نَقِيعَه
وَمُضَرَّجٌ بالسيفِ آ ثَرَ عِزَّهُ وأبى خُضُوعَه

وقد أخبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) هذه الأمّة بما يجري على أهل بيته ( عليهم السلام ) من القتل والتشريد والإضطهاد  ، وما يقع عليهم من الظلم والعدوان. روي عن عبدالله بن مسعود قال : أتينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فخرج إلينا مستبشراً  ، يُعرف السرور في وجهه  ، فما سألناه عن شيء إلاَّ أخبرنا به  ، ولا سكتنا إلاّ ابتدأنا  ، حتى مرَّت فتية من بني هاشم فيهم الحسن والحسين ( عليهما السلام )   ، فلمَّا رآهم التزمهم وانهملت عيناه  ، فقلنا : يا رسول الله! ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه ؟
فقال ( صلى الله عليه وآله ) : إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا  ، وإنه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريداً  ، وتشريداً في البلاد  ، حتى ترتفع رايات سود من المشرق فيسألون الحق فلا يُعطونه  ، ثمَّ يسألونه فلا يُعطونه  ، ثمَّ يسألونه فلا يُعطونه  ، فيقاتلون فيُنصرون  ، فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت إمام أهل بيتي ولو حبواً على الثلج  ، فإنها رايات هدى  ، يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي.. فيملك الأرض  ، فيملأها قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً (1).
وروي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : إن أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلا وتشريداً  ، وإن أشدَّ قومنا لنا بغضاً بنو أمية  ، وبنو المغيرة ،

(1) المستدرك على الصحيحين  ، الحاكم : 4/511  ، المعجم الكبير  ، الطبراني : 10/85.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 577

وبنو مخزوم (1).
قال المناوي : وروي في الحديث : من آل بيتي مسموم  ، ومقتول  ، ومحروق  ، قال : وفُسِّر الأول بالحسن ( عليه السلام )   ، والثاني بالحسين ( عليه السلام )   ، والثالث بزيد بن علي ( عليه السلام ) (2).
وقد أوصى المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) هذه الأمَّة بحفظ عترته وأهل بيته ( عليهم السلام ) ، ولكن هذه الأمة لم ترع حقَّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في عترته  ، فانظر أُيها الموالي ماذا فعلوا بهم  ، وما جرى عليهم من قتلهم  ، وسفك دمائهم  ، وتشريدهم عن أوطانهم  ، وحبسهم في المطامير  ، وغير ذلك من ألوان العذاب والتنكيل  ، من ولاة الجور والظلمة  ، فتناسوا كلَّ وصايا النبي ( صلى الله عليه وآله ) وكأنهم لم يسمعوا شيئاً من وصاياه في حقّ عترته وأبنائه الطاهرين ( عليهم السلام ).
قال الباري تعالى عن اليتيمين في القرآن الكريم : « وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً » (3). وجاء في تفسير هذه الآية عن ابن عباس وجابر وأبي عبدالله الصادق ( عليه السلام ) : إن الله يصلح بصلاح الرجل ولده وولد ولده  ، ويحفظه في ذرّيّته  ، وكان السابع (4) من آبائهما (5).
وقال المقريزي : فإذا صحَّ أن الله سبحانه قد حفظ غلامين لصلاح أبيهما فيكون قد حفظ الأعقاب برعاية الأسلاف  ، وإن طالت الأحقاب  ، ومن ذلك ما جاء في الأثر أن حمام الحرم من حمامتين عشَّشتا على فم الغار الذي اختفى فيه

(1) المستدرك على الصحيحين : 4/534 ح 8500  ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه  ، الفتن  ، نعيم بن حماد : 1/131 ح 319.
(2) الكواكب الدرية  ، المناوي : 4/303.
(3) سورة الكهف  ، الآية : 82.
(4) وقيل التاسع  ، وقيل العاشر  ، راجع فتح القدير  ، الشوكاني 3/304 مورد الآية.
(5) راجع : الدر المنثور  ، السيوطي : 4/235  ، فتح القدير  ، الشوكاني : 3/306 وص 304 مورد الآية.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 578

رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) (1) فلذلك حَرُمَ حَمامُ الحرم  ، وإذا كان كذلك فمحمد ( صلى الله عليه وآله ) أحرى وأولى وأحقّ وأجدر أن يحفظ الله تعالى ذرّيّته  ، فإنه إمام الصلحاء  ، وما أصلح الله فسادَ خَلقِه إلاَّ به (2).
وروي عن الإمام الحسن ( عليه السلام ) أنه قال لبعض الخوراج : بمَ حفظ الله مال الغلامين ؟ قال : بصلاح أبيهما  ، قال : فأبي وجدّي خيرٌ منه!! (3).
وروي عن الإمام علي بن الحسين ( عليهما السلام ) قال : ألا إن الله ذكر أقواماً بآبائهم فحفظ الأبناء للآباء  ، قال تعالى : «وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً» ولقد حدَّثني أبي عن آبائه أنه التاسع من ولده  ، ونحن عترة رسول الله احفظوها لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) (4).
وروي عن الإمام الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) قال : احفظوا فينا ما حفظ العبد الصالح في اليتيمين (5). وجاء عن ابن عباس ( رضي الله عنه ) ، في قوله تعالى : «وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً» قال : حُفظا لصلاح أبيهما  ، وما ذكر عنهما صلاحاً (6).
وقال الكاتب عبد الحليم الجندي : فليس في تأريخ البشرية كلِّها أسرةٌ شُرِّدت وجُرِّدت  ، وذاقت العذاب والاسترهاب  ، مثل أهل بيت النبي ( صلى الله عليه وآله )   ، بدأ بهم تأريخ الإسلام مجده  ، واستمر فيهم بعبرته وعظمتهم  ، قدَّم أبوهم للبشريَّة أسباب خلاصها بكتاب الله وسنة الرسول ( صلى الله عليه وآله )   ، وقدَّم أهل بيته أرواحهم في سبيل القيم التي نزل بها القرآن  ، وجاءت بها السنَّة  ، كانت مصابيحُهم تتحطَّم  ، لكنَّ

(1) راجع الصواعق المحرقة : 242 ط. مصر  ، و 361 ط. بيروت ـ خاتمة في ذكر أمور مهمة.
(2)فضل آل البيت  ، المقريزي : 110.
(3) تفسير الرازي : 21/162 مورد الآية.
(4) رشفة الصادي  ، ابن شهاب الشافعي : 91 باب 9.
(5)الصواعق المحرقة  ، ابن حجر : 175 ط. مصر  ، 266 ط. بيروت  ، المقصد الثالث من الآية الرابعة  ، فضائل آل البيت  ، المقريزي : 109.
(6)المستدرك  ، الحاكم : 2/369  ، فضل آل البيت  ، المقريزي : 109.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 579

شعلتهم لا تنطفىء  ، لتخلِّد الجهاد والاستشهاد والإرشاد  ، بالمثل العالي الذي كانوه  ، والضوء الذي لم تمنع الموانع من انتشاره  ، وعلَّم فيه أبناءُ النبي ( صلى الله عليه وآله ) أمتَه بعض علومه : أن الاستشهاد حياة للمستشهدين وللأحياء جيمعاً (1).
وناهيك ـ أيُّها الموالي ـ لو سمعت كلمات أهل البيت ( عليهم السلام ) فيما جرى عليهم من الظلمة من الجور والعدوان والظلم والاستبداد  ، فاستمع إلى كلماتهم التي خرجت من صدور مكلومة بالألم  ، طفح بها الكيل حتى أصبحت مما عانته من ولاة الجور وملؤها حسرةٌ وألم  ، فأصبحوا في الأُمة التي خلَّفهم فيها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون  ، يذبِّحون أنباءهم ويستحيون نساءهم.
روي عن زيد بن علي بن الحسين  ، عن أبيه  ، عن جده ( عليهم السلام ) ، قال : قال علي ( عليه السلام ) : كنت مع الأنصار لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على السمع والطاعة له في المحبوب والمكروه  ، فلمَّا عزَّ الإسلام  ، وكثُر أهله  ، قال ( صلى الله عليه وآله ) : يا علي  ، زد فيها : على أن تمنعوا رسول الله وأهل بيته مما تمنعون منه أنفسكم وذراريكم  ، قال : فحملها على ظهور القوم  ، فوفى بها من وفى  ، وهلك من هلك (2).
وروي أنه قيل لعلي بن الحسين ( عليه السلام ) : كيف أصبحت ؟ فقال ( عليه السلام ) : أصبحنا خائفين برسول الله ( صلى الله عليه وآله )   ، وأصبح جميع أهل الإسلام آمنين به (3).
وروي عن الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام ) هذه الأبيات الشريفة :
نحن بنو المصطفى ذوو غُصَص يَجْرَعُها في الأنامِ كَاظِمُنا
عظيمةٌ في الأنامِ مِحْنَتُنا أوَّلُنا مُبْتَلىً وآخِرُنا
يَفْرَحُ هذا الوَرَى بعيدِهِمُ ونحن أعيادُنا مآتِمُنا


(1) الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام )   ، عبد الحليم الجندي : 111.
(2) شرح نهج البلاغة  ، ابن أبي الحديد : 6/44 ـ 45.
(3) التذكرة الحمدونية  ، ابن حمدون : 9/224 رقم : 443.

السابق السابق الفهرس التالي التالي