| أنكرتَ ليلةَ إِذْ صار الوصيُّ |
|
أرضِ المدائنِ لمَّا أَنْ لَهَا طَلَبَا |
| وَغَسَّلَ الطُّهْرَ سَلْماناً وَعَادَ إلى |
|
عِرَاصِ يَثْرِبَ والإِصباحُ مَا وَجَبَا |
| وقلتَ : ذلك من قولِ الغُلاَةِ وَمَا |
|
ذَنْبُ الغُلاَةِ إذَا لَمْ يُورِدوا كَذِبا ؟ |
| فَآصِفٌ قَبْلَ رَدِّ الطَّرْفِ من سَبَأ |
|
بِعَرْشِ بلقيسَ وَافَى يَخْرُقُ الحُجُبا |
| فأنت في آصف لَمْ تَغْلُ فيه بلى |
|
في ( حَيْدَر ) أَنَا غَال إِنَّ ذَا عجبا |
| يَا مَنْ إِذَا عُدَّت مَنَاقِبُ غيرِهِ |
|
رجحت مَنَاقِبُه وكان الأفضلا |
| إنّي لأَعْذُرُ حاسديك عَلَى الذي |
|
أَوْلاَكَ ربُّك ذو الجَلاَلِ وفضَّلا |
| إنْ يَحْسُدُوك على عُلاَك فإنَّما |
|
مُتَسَافِلُ الدَّرَجَاتِ يَحْسُدُ مَنْ عَلا |
| إحياؤُك الموتى وَنُطْقُكَ مُخْبِراً |
|
بِالغائباتِ عَذَرْتُ فيك لمن غَلاَ |
| وَبَرَدِّكَ الشَّمْسَ المنيرةَ بَعْدَ مَا |
|
أَفَلَتْ وقد شَهِدَتْ بِرَجْعَتِها المَلاَ |
| وَنُفُوذُ أَمْرِكَ في الفُرَاتِ وَقَدْ طَمَا |
|
مَدّاً فأَصبحَ مَاؤُه مُسْتَسْفِلا |
| وبليلة نَحْوَ المدائنِ قاصداً |
|
فيها لسلمان بُعِثْتَ مُغَسِّلا |
| وَقَضيَّةُ الثُّعْبَانِ حين أتاكَ في |
|
إيضاحِ كَشْفِ قضيَّة لن تُعْقَلا |
| فَحَلَلْتَ مُشْكِلَها فَآبَ لِعِلْمِهِ |
|
فَرِحاً وقد فَصَّلْتَ فيها الُمجْمَلا |
| والليثُ يومَ أتاكَ حينَ دَعَوْتَ في |
|
عُسْرِ الَمخَاضِ لِعُرْسِه فَتَسَهَّلا |
| وعلوتَ من فَوْقِ البِسَاطِ مُخَاطِباً |
|
أَهْلَ الرقيمِ فخاطبوكَ معجَّلا |
| أمُخَاطِبَ الأذْيَابِ في فَلَوَاتِها |
|
وَمُكلِّمَ الأمواتِ في رَمْسِ البِلَى |
| يا ليتَ في الأحياءِ شَخْصَكَ حَاضِرٌ |
|
وحسينُ مطروحٌ بعَرْصَةِ كربلا |
| عُرْيَانُ يكسوه الصعيدُ مَلاَبِساً |
|
أفديه مَسْلُوبَ اللِّبَاسِ مُسَرْبَلا |
| مُتَوسِّداً حَرَّ الصُّخُورِ مُعَفَّراً |
|
بِدِمَائِهِ تَرِبَ الجبينِ مُرَمَّلا |
| ظَمْآنَ مَجْرُوحَ الجَوَارِحِ لم يَجِدْ |
|
مما سِوى دَمِه المبدَّدِ مَنْهَلا |
| وَلِصَدْرِهِ تَطَأُ الخُيُولُ وَطَالَما |
|
بسريرِهِ جبريلُ كان موكَّلا (2) |