مِنْ ثَاكِل حَرَّى الفُؤَادِ مَرُوعة |
|
أضحت تُجَاذِبُها العِدَى حِبْرَاتِها |
ويتيمة فَزِعَتْ لِجَسْمِ كفيلِها |
|
حَسْرَى القَنَاعَ تَعُجُّ في أَصْوَاتِها |
أَهْوَتْ على جِسْمِ الحسينِ وقَلْبُها الـ |
|
مَصْدُوعُ كاد يذوبُ من حَسْرَاتِها |
وَقَعَتْ عليه تَشمُّ مَوْضِعَ نَحْرِهِ |
|
وَعُيُونُها تَنْهَلُّ في عَبْرَاتِها |
تَرْتَاعُ مِنْ ضَرْبِ السِّيَاطِ فتنثني |
|
تدعو سَرَايا قَوْمِها وَحُمَاتِها (1) |
شَكَتْ وَارْعَوَتْ إذْ لَمْ تَجِدْ مَنْ يُجيبُها |
|
وَمَا في الحَشَى مَا في الحَشَى غيرُ لاَهِبِ |
وَمَدَّتْ إلى نَحْوِ الغَرِيَّيْنِ طَرْفَها |
|
وَنَادَتْ أباها خَيْرَ مَاش وَرَاكِبِ |
أَبَا حَسَن إِنَّ الذين نَمَاهُمُ |
|
أبو طَالِب في الطفِّ ثَارٌ لِطَالِبِ |
تَعَاوَتْ عليهم مِنْ بني صَخْرِ عُصْبَةٌ |
|
لِثَاراتِ يَوْمِ الفَتْحِ حَرَّى الجَوَانِبِ |
فَسَامُوهُمُ إمَّا الحَيَاةَ بِذِلَّة |
|
أوِ الموتَ فاختاروا أعَزَّ المَرَاتِبِ |
فَهَاهُمْ عَلَى الرَّمْضَاءِ مَالَتْ رِقَابُهُمْ |
|
وَلمَّا تَمِلْ مِنْ ذِلَّة في الشَّوَاغِبِ |
سُجُودٌ عَلَى حَرِّ الصَّعيدِ كأنَّما |
|
لَهَا بِمَحَاني الطفِّ بَعْضُ الَمحَارِبِ |
وممّا عَلَيْكَ اليومَ هَوَّنَ مَا جَرَى |
|
ثَوَوا لاَ كَمَثْوَى خَائِفِ المَوْتِ نَاكِبِ |
أُصِيبُوا ولكنْ مُقْبِلِيْنَ دِمَاؤُهُمْ |
|
تَسِيلُ عَلَى الأَقْدَامِ دُوْنَ العَرَاقِبِ (1) |
وَلِصَدْرِهِ تَطَأُ الخُيُولُ وَطَالما |
|
بِسَرِيرِهِ جِبْريلُ كان مُوَكَّلا |
عُقِرَتْ أَمَا عَلِمَتْ لأيِّ مُعَظَّم |
|
وَطَأَتْ وَصَدْر غَادَرَتْه مُفَصَّلا |
وَلِثَغْرِه يَعْلُو القَضِيبُ وطالما |
|
شَرَفاً له كان النبيُّ مُقَبِّلا |
وبنوه في أَسْرِ الطُّغَاةِ صَوَارِخٌ |
|
وَلْهَاءُ مُعْوِلَةٌ تُجَاوِبُ مُعْوِلا |
وَنِسَاؤُهُ مِنْ حَوْلِهِ يَنْدُبْنَه |
|
بأبي النِّسَاءَ النَّادِبَاتِ الثُّكَّلا |
يَنْدُبْنَ أَكْرَمَ سيِّد من سَادَة |
|
هَجَرُوا القُصُورَ وآنَسُوا وَحْشَ الفَلاَ |
بأبي بُدُوراً في المدينةِ طُلَّعاً |
|
أَمْسَتْ بِأَرْضِ الغاضريَّةِ أُفَّلاَ (2) |
لَقَدْ هَجَمَتْ حَرْبٌ عليها خِبَاءَهَا |
|
فكم بُرْقُع عنها يُمَاطُ وَيُنْزَعُ |
وكم حُرَّة كالشَّمْسِ تُدْمَى بِوَكْزِها |
|
وَكَمْ طِفْلَة كالبَدْرِ بالضَّرْبِ تُوْجَعُ |
وكم ثَاكِل عَزَّت ثَكُولا وَرُضَّع |
|
لها انتحبت عن بَلَّةِ الثَّدْيِ أَدْمُعُ |
وكم مِنْ خِبَاً أَمْسَى إلى النَّارِ مَوْقِداً |
|
بحيثُ غَدَتْ في وَجْهِ عِزِّكَ تَسْفَعُ |
وكم مِنْ حَصان لَمْ تَرَ الشَّمْسَ قد غَدَتْ |
|
وَلاَ مَرْجِعٌ تَأْوي إليه وتَرْجِعُ |
وَعَاطِشَة وَدَّتْ بأنَّ دُمُوعَها |
|
تَبُلُّ بها حَرَّ الغليلِ وَتنقعُ |
وَمُزْعَجَة من هَجْمَةِ الخَيْلِ خِدْرَها |
|
تَضُمُّ الحَشَى بالرَّاحَتَيْنِ وَتَجْمَعُ |
وَبَاكية تُخْفِي الَمخَافَةُ صَوْتَها |
|
وَيُظْهِرُهُ منها الشَّجَاءُ فَتْفَزَعُ |
وَمُوْحَشَة بَاتَتْ عَلَى فَقْدِ قَوْمِهَا |
|
تَنُوحُ كَمَا نَاحَ الحَمَامُ وَتَسْجَعُ (1) |
أُصْوَاتُها بُحَّت وهنَّ نَوائحٌ |
|
يَنْدُبْنَ قَتْلاَهُنَّ بالإيماءِ |
أنَّى الْتَفَتْنَ رَأَيْنَ ما يُدْمي الحَشَى |
|
من نَهْبِ أبيات وَحَرْقِ خِبَاءِ |
تَشْكُو الهَوَانَ لِنَدْبِهَا وكأنَّه |
|
مُغْض وَمَا فيه من الإغْضَاءِ |
وتقولُ عَاتِبةً عليه وَمَا عَسَى |
|
يُجْدِي عِتَابُ مُوَزَّعِ الأَشْلاَءِ |
قَدْ كُنْتَ لِلْبُعَدَاءِ أَقْرَبَ مُنْجِد |
|
واليومَ أَبْعَدَهُمْ عن القُرَبَاءِ |
أُسْبَى وَمِثْلُكَ مَنْ يَحُوطُ سُرَادِقي |
|
هذا لَعَمْرُكَ أَعْظَمُ البُرَحَاءِ |
قد كنتُ في الحَرَمِ المنيعِ خبيئةً |
|
واليومَ نَقْعُ الْيَعْمُلاَتِ خِبَائي |
ماذا أقولُ إذا التقيتُ بشامت |
|
إنّي سُبِيْتُ وإِخوتي بِإزَائي |
ما كنتُ أَحْسَبُ أَنْ يَهُونَ عليكُمُ |
|
ذُلِّي وتسييري إلى الطُّلَقَاءِ |
حَكَمَ المَنُونُ عليكُمُ أَنْ تُعْرِضُوا |
|
عنّي وَإنْ طَرَقَ الْهَوَانُ فِنَائي |
هذي يَتَامَاكُم تَلُوذُ ببعضِها |
|
ولكم نِسَاءٌ تلتجي بِنِسَاءِ (1) |