يا للشبابِ ذَوَتْ منه نَضَارَتُهُ |
|
وغاض مَاءُ الصِّبَا من وَجْهِهِ النَّضِرِ |
وَشُعْلَةٌ من لهيبِ الحقِّ قد طُفِئَتْ |
|
بِعَرْصَةِ الطفِّ بين البيضِ والسُّمُرِ |
له من الحسن الزاكي شَمَائِلُهُ |
|
فإنَّه ابنُ عليٍّ خيرةِ الخِيَرِ |
أصابه الغَادِرُ الأَزْدِي بِضَرْبَتِهِ |
|
فَخَرَّ منعفراً أَفديه من قَمَرِ |
للهِ قَلْبُ حُسَيْن حين عَايَنَهُ |
|
يجودُ بالنفسِ في حَرِّ الثرى الوَعِرِ (2) |
أقمارُ تَمٍّ من ذُؤَابةِ هَاشِم |
|
سُبَّاقُ فَضْل للعلى مِضْمَارُها |
كالبدرِ قد حَاطَتْهُ هَالَةُ أَنْجُم |
|
والشمسِ قَدْ حَفَّت بها أقمارُها |
هي كالأسودِ بل الأُسُودُ تَهَابُها |
|
تخشى الأسودُ فأين منه نجارُها |
أفعالُها طَابَتْ فطاب أريجُها |
|
وتعطَّرَتْ من عِطْرِه أقطارُها |
وَقَفُوا بيومِ الطفِّ أَكْرَمَ موقف |
|
فيه عُيُونُ المجدِ قرَّ قرارُها |
قد أوضحوا طُرُقَ الشريعةِ فاغتدى |
|
متجلِّياً للسالكين مَنَارُها |
خَطُّوا لأهلِ الحقِّ منهاجَ الإِبَا |
|
وبُني بفعلِهِمُ لهم أسوارُها |
هَدَمُوا حُصُونَ البغي قسراً عندما |
|
نهضوا فأمسى مُرْغَماً جَبَّارُها |
قد ذكَّروا أعداءَهم بدراً وما |
|
فَتَكَتْ بِأُوْلاَهُمْ هُنَاكَ شِفَارُها |
سَدُّوا رِحَابَ الطفِّ من أشلائِهِمْ |
|
والخيلُ صار على الجُسُومِ مَغَارُها |
لم يَبْرَحُوا الهيجاءَ حتى صُرِّعوا |
|
فوقَ الرغامِ ووِسَادُهُمْ أحجارُها |
نفسي الفِدَاءُ لسبطِ أحمدَ مُفْرَداً |
|
دارت عليه لدى الوغى فُجَّارُها |
أفديه فرداً لم يَجِدْ عوناً وقد |
|
سُدَّتْ عليه من العداةِ قِفَارُها (1) |
تلك الوُجُوهُ المُشْرِقاتُ كأنها الـ |
|
أقمارُ تَسْبَحُ في غديرِ دماءِ |
رَقَدُوا وما مرَّتْ بهم سِنَةُ الكَرَى |
|
وَغَفَتْ جُفُونُهُمُ بلا إغفاءِ |
متوسِّدين من الصعيدِ صُخُورَه |
|
متمهِّدين حَرَارَةَ الرَّمْضَاءِ |
مُدّثِّرينَ بكربلا سَلْبَ القَنَا |
|
مُزَّمِّلينَ على الرُّبَى بدِمَاءِ |
خَضَبوا وَمَا شابوا وكان خِضَابُهُمْ |
|
بدم من الأوداجِ لا الحنَّاءِ |
أطفالُهُمْ بَلَغوا الحُلُومَ بِقُرْبِهِمْ |
|
شوقاً إلى الهيجاءِ لا الحَسَناءِ |
وَمُغَسَّلين وَلاَ مِيَاهَ لهم سوى |
|
عَبَراتِ ثكلى حَرَّةِ الأحشاءِ (2) |
وَقَضَى غريباً نازحاً عن دَارِهِ |
|
نفسي فِدَا النَّائي الغريبِ القَاسِمِ |
يا ميِّتاً من هاشم مَا سَارَ مِنْ |
|
خَلْفِ السريرِ له يشيِّعُ هَاشِمي |
يا ثاوياً في أَرْضِ بَاخمرا سَقَى |
|
تلك المَرَابِعَ فيك صَوْبُ غَمَائِمِ |
ويتيمةُ النائي المشرَّدِ يَثْرِباً |
|
قَدِمَتْ ولكنْ لا ببهجةِ قَادِمِ |
أَتُسَرُّ فاقدةٌ تَؤُمُّ فَوَاقِداً |
|
مِنْ بَعْدِ عزٍّ لم تَجِدْ مِنْ رَاحِمِ |
مَحْنِيَّةُ الأضلاعِ داميةُ الحَشَى |
|
تسعى كعالمة لِدَارِ الكاظمِ |
وبأَدْمُع حُمْر بكت لمعالم |
|
مهجورة بينَ الديارِ قَوَاتِمِ |
لهفي على تلك المَعَالِمِ غُلِّقَتْ |
|
أبوابُها وبها غَنَاءُ الْعَادِمِ |
وَسَفَى على أَعْتَابِها السافي وَقَدْ |
|
كانت تُقَبِّلُها شِفَاهُ اللاَّثِمِ |
عَنْها نَأَتْ تلك الكِرَامُ فَمَا بِها |
|
إلاَّ أَرَامِلُ أو يتامى هاشمي (1) |