كربلاء ـ ألثورة وألمأساة 215


على المدينة «أن يأخذ البيعة من الحسين وإن أبى أن يضرب عنقه»(1)أو أن يأخذه أخذا شديدا ليست فيه رحمة حتى يبايع، (2)فيزيد ابن معاوية يسوم ألإمام الحسين عمدا وبغضا ، ويعامله معاملة السوقة ويتصرف بالمغصوب تصرف المالك ، ويريد من صاحب الحق أن ينسى حقه ، وأن يبارك للغاصب ما غصب !! يريد من ابن النبي وأهل بيت الطهارة أن يصفقوا للماجن على مجونه ، وللخليع على خلاعته ، وللفاسق على فسقه !!! وإن لم يفعلوا ذلك ، فلا داعي لأن يسمع الخليفة كلامهم ، فيزيدأقل وأذل من أن يرتقي إلى مستوى فرعون مصر ، ليعطي ألإمام الحسين وأهل بيته من الفرص وألأمان ما أعطاه فرعون لموسى ، فالطاغية لا يجد ولا يعرف أصلا لغة الحوار بالدين والمنطق . إنه وجنوده يعرفون ويجيدون لغة المخالب وألأنياب ، والإرهاب والبطش والقسوة ، فلو ظفر وجنوده بألإمام الحسين وأهل بيت النبوة لقطعوهم إربا إربا وبمنتهى الوحشية والهمجية ، ولما سمع بمقالتهم وحجتهم أحد ، ولأشاعت وسائل إعلام دولة الخلافة أن ألإمام وأهل بيت النبوة قد انتحروا ، أو أكلوا طعاما مسموما فماتوا ، وليس من المستبعد ان يتظاهر ألأمويين بالحزن على ألإمام الحسين وأهل بيته وأن يتظاهروا بالبراءة ويلبسون القفازات البيض وأيديهم ملطخة بدماء الجريمة ، وكل هذا يفرض على ألإمام الحسين وأهل بيت النبوة أن يخرجوا في جنح من ألليل ، وأن لا يمكنوا جيش الطاغية من إلقاء القبض عليهم .

طبيعة رحلة الشهادة :

عندما امتنع ألإمام ألحسين عن بيعة يزيد بن معاوية ، كان موقنا أن المواجهة قد بدأت بينه وبين يزيد ، تماما كما بدأت بين موسى وفرعون مصر ، وعندما خرج ألإمام الحسين من المدينة المنورة كان لديه الإحساس العميق بأنه يفر من يزيد وجنوده تماما كما فر موسى من فرعون مصر وجنوده ، كان ألإمام

(1) راجع كتاب الفتوح لإبن أعثم ج5 ص10 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص180ـ 185، واللهوف ص9ـ 10 ومثير ألأحزان ص14 ـ 15 .
(2) راجع تاريخ الطبري ج6 ص188 باب «بيعة يزيد بن معاوية» .
كربلاء ـ ألثورة وألمأساة 216


الحسين موقنا أنه وأهل بيته وأصحابه غرباء تماما، يسيرون في مملكة بني أمية بلا ناصر، ولا معين، بين قوم قلوبهم غلف، لا يعون ولا يرحمون وقد أثبتت الوقائع بالفعل في ما بعد لأن فرعون مصر وجنوده كانوا بمنتهى الرحمة والخلق إذا ما قيست أفعالهم بافعال جيش ألأمويين، فعندما غادر ألإمام المدينة المنورة تلا قوله تعالى : «فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين »(القصص /21)(1)وهو عين ما قاله موسى عندما فر من فرهون مصر وجنوده . وألإمام الحسين الذي اختاره ألله إماما ، وأعده وأهله ، لا يلقي الكلام على عواهنه ، إنما يبرز بكلامه ومقارنته أدق المخفيات بصيغة يفهمها المكلفون فهماً كاملا ، لتقوم الحجة عليهم وفق موازين الحق ومعاييره ، ولما وصل ألإمام الحسين إلى مكة ، تلا قوله تعالى :« ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل»(القصص /22)(2)وهو عين ما قاله موسى عندما ابتعد نسبيا عن الخطر وعندما أشرف على مدين !! فالتمثل بقول موسى في مكانين مختلفين ، وفي فترتين زمنيتين متباعدتين ، يعكس بوضوح وحدة المحنة بين النبي موسى (ع) وألإمام الحسين ، ووحدة الجو النفسي بينهما ، والتشابه بالحالتين ، والتطابق في طبيعة الخصمين ، ووحدة المعاناة ، وإبرازا لهذا فإن ألإمام الحسين يستعين بإعجاز القرآن ليضع ألأمة معه في موقفه وطبيعة معاناته ، وليستصرخ لا شعورها لنصرته .

الخارطة الجغرافية وألإعلامية لرحلة الشهادة :
من المدينة إلى مكة


قبل أن يخرج ألإمام الحسين من المدينة إلى مكة بادئاً رحلة الشهادة كتب الرسالة التي وجهها بني هاشم ، والتي تحدثت عن أمور غيبية لم تحدث بيقين

(1) راجع تاريخ الطبري ج3 ص272 والكامل لابن ألأثير ج2 ص531 والإرشاد ص202 ووقعة الطف ص85 والعوالم ج17 ص181، وينابيع المودة ص402 وأعيان الشيعة ج1 ص588 والموسوعة ص299 . .
(2) راجع ألإرشاد للمفيد 202 ، وبحار ألأنوار ج44 ص332 والعوالم ج17 ص181 والكامل لابن ألأثير ج2 ص531 وتاريخ الطبري ج3 ص272 والفتوح ج5 ص25 ، وأعيان الشيعة ج1 ص588 ووقعة الطف ص586 والموسوعة ص305 .
كربلاء ـ ألثورة وألمأساة 217


قاطع أثارت فضول أهل المدينة ، وعرفوا مضمونها وجاء فيها : «بسم ألله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي بن أبي طالب إلى بني هاشم ، أما بعد : فإن من لحق بي منكم إستشهد ، ومن تخلف لم يبلغ الفتح والسلام »(1)ثم إن ألإمام الحسين قد اجتمع مع نساء بني هاشم عندما اجتمعن للنياحة والبكاء لما سمعن بعزم ألإمام على الخروج ، وتكلمت النسوة مع عمته أم هانيء ، واجتمع معها ألإمام الحسين ، ومن خلال المعلومات التي وصلت إلينا يبدو واضحا أن ألإمام الحسين قد استشرف أمامهن رحلة الشهادة وأحاطهن علما بمآل هذه الرحلة ، وأم هانيء التي روت للإمام الحسين تفاصيل الهاتف الذي سمعته (2)ومن الطبيعي أن يكون حديث ألإمام الحسين مع الهاشميات قد انتشر بين نساء المدينة خلال يومين أو ثلاثة من اجتماع ألإمام بهن ، ثم هل يعقل أن تجتمع الهاشميات للنياح والبكاء ، وينحن ويبكين ، ولا تسأل نساء المدينة عن السبب !! .
وقد أفضى ألإمام الحسين بتصريحات أمام ابن الزبير، (3)والمسور بن مخرمة (4)وأبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام (5)وعبدألله العدوي (6)ثم إن ألإمام الحسين كتب لأخيه محمد بن الحنفية سماه «الوصية»بين فيه الغاية من خروجه جاء فيه : «وإني لم أخرج أشرا ً ولا بطرا ولا مفسداً ولا ظالماً ، وإنما خرجت لطلب ألإصلاح في أمة جدي ، اريد ان آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، وأسير بسيرة جدي ، وأبي علي بن أبي طالب ، فمن قبلني بقبول الحق ،

(1) بصائر الدرجات 481 ح5 واللهوف 28 والمناقب لابن شهر آشوب ج4 ص76 ومثير ألأحزان ص39 ، وبحار ألأنوار ج44 ص330 وج42 ص81 والعوالم ج17 ص179 .
(2) راجع بحار ألأنوار ج55 ص88 ، وأعيان الشيعة ج1 ص888 ومقتل الحسين للمقرم ص152 ومعالي السبطين ج1 ص214 والموسوعة ص295 ـ 296 .
(3) راجع الفتوح لابن أعثم ج5 ص11 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص182 ، وتاريخ الطبري ج3 ص270 والكامل لابن ألأثير ج2 ص530 ووقعة الطف ص80 .
(4) راجع تاريخ ابن عساكر ، ترجمة ألإمام الحسين ص202 والموسوعة ص288 .
(5) راجع تاريخ ابن عساكر، ترجمة ألإمام الحسين ص202 والموسوعة ص289 .
(6) أنساب ألأشراف ج3 ص155 والفتوح لابن أعثم ج5 ص25 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص189 .
كربلاء ـ ألثورة وألمأساة 218


فالله أولى بالحق ، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين . . . »(1)
ثم إن ألإمام الحسين قد أجرى حوارا موسعا مع أخيه محمد بن الحنفية ، وأذن له بالبقاء في المدينة ، وشاع بين سكان أهل المدينة أن ألإمام قد كتب وصيته ووسلمها لمحمد بن الحنفية ، فمن الطبيعي أم يسأل أهل المدينة ابن الحنفية عما جرى وعن مضمون الوصية ، بل ومن الطبيعي أن يسأله أمير المدينة واركان إمارته أن يبعثوا ليزيد بن معاوية بكل ما سمعوه من أخبار ألإمام الحسين . ولم يخرج ألإمام الحسين من المدينة إلا بعدما أقام الحجة كاملة على أهلها ، وبعدما يئس من نصرتهم له ، ولو كان عند ألإمام الحسين أي أمل بنصرة أهل المدينة وحمايتهم له ولأهل بيته لما خرج منها ، ولقد عبّر ألإمام عن شعوره بالمرارة وخيبة ألأمل فيهم ، وعن غضبه منهم باكثر من مناسبة ، فقد شكا أمام قبر جده قائلا : «أنا فرخك وابن فرختك ، وسبطك في الخلف الذي خلفت على أمتك ، فاشهد عليهم يا نبي الله أنهم قد خذلوني وضيعوني ، وأنهم لم يحفظوني ، وهذه شكواي إليك حتى ألقاك»(2)ومثل قول ألإمام : « . . . وقد سمعت رسول ألله يقول الخلافة محرمة على آل أبي سفيان وعلى الطلقاء أبناء الطلقاء ، فإذا رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه ، فوالله لقد رآه أهل المدينة على منبر جدي فلم يفعلوا ما أمروا به ، فأبتلاهم ألله بابنيه يزيد زاده ألله في النار عذابا».(3)
ومثل قول ألإمام مناجيا رسول ألله أمام قبره الشريف : «لقد خرجت من جوارك كرها ، وفرق بيني وبينك حيث إني لم أبايع ليزيد بن معاوية ، شارب الخمور ، وراكب الفجور ، وها أنا خارج من جوارك على الكراهة فعليك مني السلام»(4)وغاية ألإمام الحسين من الخروج منصبّة على البحث عن مأوى آمن

(1) بحار ألأنوار ج44 ص329، والمناقب لابن شهر آشوب ج4 ص89 والعوالم ج17 ص179 .
(2) راجع الفتوح ج5 ص19 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص186 والعوالم ج17 ص177
(3) الفتوح لابن أعثم ج5 ص17 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص184 والموسوعة ص285 .
(4) المنتخب للطريحي ص410 وناسخ التواريخ ج2 ص14 ، وينابيع المودة ص401 والموسوعة ص288 .
كربلاء ـ ألثورة وألمأساة 219


يأوي إليه وأهل بيته ، فلو كان ألإمام واثقا أن المدينة هي المأوى ألآمن ، وان اهلها سيمعونه ويحمونه لما كانت هنالك ضرورة لرحلة الشهادة ،فأهل المدينة أعرف بالإمام وبمكانته من غيرهم ويعرفون أنه المظلوم وصاحب الحق الشرعي ، مثلما يعرفون تاريخ يزيد ومعاوية وأبي سفيان وهوتاريخ أسود ، ومع هذا ومع سبق الترصد وألإصرار خذل أهل المدينة ألإمام الحسين خذلانا تاما ، وتجاهلوا خروج ألإمام ، وتجاهلوا العهد والموثق الذي قطعوه على أنفسهم أمام رسول ألله «بأن يحموه ويحموا أهله كما يحمون أنفسهم وذراريه».
والخلاصة ، أن ألإمام الحسين لم يغادر المدينة ، إلا بعدما كان موقنا بأن أهلها خاذلوه ، لا محالة ، ومع هذا لم يغادر المدينة إلا بعدما أسمع حجته لرجالها ونسائها ، ولشيوخها وشبابها ، وبعدما أقام الحجة كاملة عليهم ، وعلى أركان دولة الخلافة في المدينة المنورة ، ولما تيقن ألإمام أنه قد فعل ذلك كله غادر المدينة متوجها إلى مكة وكان ذلك في ليلة ألأحد ، ليومين بقيا من رجب من سنة ستين للهجرة ، خرج الإمام الحسين ببنيه وأخوته وجل أهل بيت النبوة إلا محمد بن الحنفية (1)من المدينة نهائيا إلى مكة المكرمة وهو يتلو قوله تعالى :« فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين »(القصص/21).(2)
وفي رواية ثانية أن ألإمام قد خرج من المدينة يريد مكة بجميع أهله وذلك لثلاث ليال مضين من شهر شعبان في سنة ستين للهجرة وهو يتلو الآية . . . (3) وأثناء مسيرته إلى مكة لزم الطريق ألأعظم ، وابى أن يحيد عنها ، وقال لمسلم بن عقيل الذي أشار عليه بالعدول عن الطريق : « وألله يا ابن عمي لا فارقت هذا الطريق أبدا أو أنظر إلى أبيات مكة أو يقضي ألله في ذلك ما يحب ويرضى»(4)

(1) الموسوعة ص299 .
(2) تلاوته للآية في تاريخ الطبري ج3 ص274 والكامل لابن ألأثير ج2 ص531 والعوالم ج17 ص181 وأعيان الشيعة ج1 ص888 .
(3) اللهوف ص 13 والفتوح لابن أعثم ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص181 .
(4) مقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص189 وينابيع المودة ص402 والموسوعة ص299 وتاريخ الطبري ج3 ص276 .
كربلاء ـ ألثورة وألمأساة 220


فالإمام الحسين لا يخفى خروجه على احد ، فهو يسلك الطريق العام علنا بل هو يجهد نفسه ليعلم كل المسلمين بخروجه ، ولتكون أسباب الخروج معروفة عند كل مسلم ومسلمة بمن فيهم يزيد وأركان دولته ، لأن ألإمام لا يطلب ملكا كأبن الزبير ، ولا يتلبد لملك كأبن عمر ، انما هو صاحب حق ، وصاحب رسالة معني من كل الوجوه بإبلاغ مضامين تلك الرسالة إلى كافة المكلفين من حاكمين ومحكومين على السواء .

في مكة المكرمة :

لو أخذنا بالرواية ألأولى التي تقول إن ألإمام الحسين قد خرج من المدينة المنورة متوجها إلى مكة المكرمة في اليوم الثالث من شهر شعبان لقدرنا أن ألإمام قد وصل إلى مكة المكرمة في منتصف شهر شعبان ، وإذا أخذنا بعين ألإعتبار أن ألإمام أدّى ألعمرة ، وخرج من مكة قبل إتمام الحج كراهية منه أن تستباح به حرمة البيت الحرام (1)فمعنى هذا أن ألإمام الحسين قد بقي في مكة قرابة أربعة أشهر تزيد قليلا أو تنقص قليلا ، هذه المدة الكافية أتاحت له فرصة للإجتماع مع أهل مكة ، ومع وفود الحجيج التي جاءت من مختلف البلاد الإسلامية ومن الطبيعي أن يطلعهم ألإمام على خروجه وعلى أسباب هذا الخروج ، وأن يبين لهم حاجته إلى مأوى آمن يأوي إليه ، وإلى قوم يمنعونه وأهل بيته بطريقة مهذبة لا تخدش كبرياء الحق الذي يمثله ، ومن الطبيعي أن يتوافد المسلمون عليه للإسلام ، وتقديم الإحترام لابن النبي الوحيد المتبقي على وجه ألأرض ، وطمعا بالبركة ، وتقربا للنبي ، ومن المؤكد أنهم أصغوا إليه وأنه قد ملكهم بحديثه المميز ، فقد أسر حديثه حتى خصومه ، وأخالهم قد استمعوا إليه بشغف بالغ ، وعزّ عليهم ما يعانيه ألإمام وأهل بيت النبوة في محنتهم تلك ، وأخالهم قد ودّعوه وقبلوا يده ، وعيونهم تفيض بالدمع وألسنتهم ترجوه الدعاء لهم ثم اختفوا ليمارسوا عادات العبادات ، وهكذا أقام عليهم الحجة كاملة غير منقوصة ، وشهدوا على أنفسهم من حيث لا يشعرون بان ابن النبي وأهل بيت النبوة قد استنصروا فلم ينصروا وطلبوا

(1) ابن نما ص89 وتاريخ الطبري ج6 ص177 ومقتل الحسين للمقرم .
كربلاء ـ ألثورة وألمأساة 221


الدعم فلم يدعموا ، واستحموا فلم يحمهم أحد ، وبينوا الحق وطلبوا من المسلمين اتباعه ، فاعرض المسلمون عنهم وهذا قمة ما هو مطلوب من ألإمام ، فالإمام ملزم ببذل عناية لا بتحقيق غاية ، مكلف بأن يبين الحق ويقيم الحجة على الناس ، لكنه ليس مكلفا بأن يجبر الناس إجبارا على اتباع الحق .
ويبدو مؤكدا أن ألإمام الحسين قد اجتمع في مكة مع عبدالله بن العباس وعبدالله بن عمر بن الخطاب (1)وقد حببا إليه البقاء والعودة معهما إلى المدينة وخوفاه من سيف يزيد بن معاوبة وجنده ، وقال له ابن عمر : «إرجع إلى المدينة وإن لم تحب أن تبايع فلا تبايع أبدا»فقال له ألإمام الحسين : «هيهات يا ابن عمر إن القوم لا يتركوني إن أصابوني ، وإن لم يصيبوني فلا يزالون حتى أبايع وأنا كاره أو يقتلوني ». وقال له ألإمام الحسين أيضا : «إتق الله يا ابا عبدالرحمن ولا تدعن نصرتي».
ثم أقبل ألإمام الحسين على عبدالله بن العباس فقال : «يا أبن عباس ! إنك ابن عم والدي . . . فإني مستوطن بهذا الحرم ومقيم فيه أبدا ما رأيت أهله يحبوني وينصروني فإذا هم خذلوني استبدلت بهم غيرهم . . . واستعصمت بالكلمة التي قالها ابراهيم عليه السلام يوم ألقي في النار : حسبي ألله ونعم الوكيل ، فبكى ابن عمر وابن عباس بكاءً شديدا والحسين يبكي معهما ساعة ثم ودّعهما وعاد ابن عمر وابن عباس إلى المدينة».(2)
ويبدو واضحا أن ألإمام قد قابل عبدألله بن الزبير ، ويبدو واضحا أن ابن الزبير قد شجع ألإمام على الخروج من مكة إلى الكوفة ، ومن المؤكد أن ألإمام يعرف ابن الزبير ومطامعه بدليل قول ألإمام : «ها إن هذا ليس شيئا يؤتاه من الدنيا أحب إليه من أن أخرج من الحجاز إلى العراق ، وقد علم أنه ليس له من ألأمر

(1) راجع تاريخ ابن عساكر ح645 و 646 وتهذيبه ج4 ص329 وأنساب ألأشراف ح21 ص163 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص192 ـ 193 والفتوح لابن أعثم ج5 ص42 ـ 43 ومثير ألأحزان ص29 وتاريخ الطبري ج6 ص216 .
(2) راجع الفتوح ج5 ص26 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص19 ومثير ألأحزان ص41 والموسوعة ص206 ـ 209 .
كربلاء ـ ألثورة وألمأساة 222


معي شيء ، وأن الناس لا يعدلوه بي ، فَوّد أني خرجت منها لتخلو له».(1)هذه نماذج من مقابلة ألإمام لبعض ملأ القوم في مكة .
ويبدو واضحا أن عبدالله بن عباس مشفق وناصح ، وصادق العاطفة نحو ألإمام الحسين ، ولكن شيخوخته وطعنه في السن إلى جانب مرضه وفقدانه لبصره قد منعاه من الخروج معه .
أما عبدالله بن عمر فهو يطمع بالخلافة ذات يوم ، ولم لا ؟فهو ابن عمر الذي قاد بطون قريش الـ 23 ، وواجه النبي نفسه ، وعين الخليفة الذي أراد ، ثم ورث دولة مستقرة بعد موت الخليفة ألأول ، وبقدرة قادر صار حبيب الجماهير وفاتنها ، لقد ورث ابن عمر تاريخا ، لكنه لا يريد أن يخرج كما خرج ألإمام الحسين ، فلو خرج مع ألإمام الحسين لكان خروجه لمصلحة غيره !! ولدخل في مقامرة قد تنجح ويأخذ ثمرتها غيره ، أو لا تنجح فيدفع ضريبة هو في غنى عنها ، وألأفضل له أن يصافح الخليفة وأركان دولته ، وأن يجاملهم بل ويساعدهم ويشجع الناس على بيعتهم تحت شعار الدخول في الصلح ووحدة المسلمين !!! فيتجنب شر الخليفة وأركان دولته وينال نصيبا وافرا مما في أيديهم ، فيبقى هو العلم بوصفه ابن الخليفة ، وهو الرقم الصحيح من رعية كلها أصفار أو كسور ، لذلك اختار ابن عمر أن يكون دائما مع أو الغالب وهو صاحب ألنظرية الشهيرة التي صارت في ما بعد مبدأ دستوريا من مباديء دولة الخلافة «نحن مع من غلب»(2)ومع هذا فإن ابن عمر لم يقطع صلته بالمعارضة فهو يبكي أمام ألإمام الحسين ، ويوحي له بأنه متعاطف معه ومشفق عليه ، ويرى ما لم يره ألإمام ، ويتمنى على ألإمام أن يدخل في صلح يزيد وأن يبايع يزيد ، وأن يعود إلى المدينة ليصبح مطيعا كرعية يزيد ، من الطبيعي أن يزيد وأركان دولته سيسمعون بكل ما قاله عبدالله بن عمر وسيرتاحون لموقفه ، ويغدقون عليه الصلات والعطايا باعتباره حكيما من حكماء دولة الخلافة ، وهكذا يقنع عبدالله بن عمر نفسه بأنه مع

(1) تاريخ الطبري ج3 ص294 والكامل لابن ألأثير ج2 ص546 والبداية والنهاية ج8 ص172 ، وأعيان الشيعة ج1 ص593 ، ووقعة الطف ص148 والموسوعة ص319 .
(2) راجع ألأحكام السلطانية لقاضي القضاة أبي يعلى المتوفي سنة 458 هـ ص7ـ 8 و ص20 ـ 23 .
كربلاء ـ ألثورة وألمأساة 223


الجميع ، وأنه حبيب الجميع ، وليس من المستبعد أن يعهد له احد الخلفاء في ما بعد بالخلافة وحتى تأتي تلك اللحظات السعيدة يعيش ابن عمر آمنا مرفهّا ونجما متألقا وعالما مشهورا من علماء دولة الخلافة ، يفتي بضرورة البيعة ، ويفتي بالصلاة خلف كل بر وفاجر ، وتقديم الطاعة لمن غلب كائنا من كان . . . الخ.أما عبدالله بن الزبير ، فقد صدق عمر بن الخطاب عندما وضع الزبير بوزن ألإمام علي ، ووضع أبناء أصحاب الشورى بوزن أبناء الرسول ، فهو في قرارة نفسه يعتقد أن أباه أولى بالخلافة من علي ، وأنه أولى بالخلافة من أولاد علي ولكن حجمه ووزنه يقصران به عن منافسة الإمام ، لكنه يتمنى كبقية أبناء الخمسة الذين اختارهم عمر لمنافسة ألإمام علي ، وإختار أبناءهم لمنافسة أبناء ألإمام علي، نعم ، يتمنى أن تبتلع ألأرض ذرية ألرسول ليخلو له وجه الخلافة ، وليتألق في غيابهم كما يحلو له .
فلو أن الثلاثة وقفوا مع ألإمام الحسين ونصروه ، لخلقوا تيارا هائلا من التأييد للإمام الحسين في المدينة ، ولوقف من تبقى من الصحابة ، وأبناء الصحابة وقفة واحدة خلف الإمام الحسين ولكان عسيرا على يزيد وأركان دولته أن يفعلوا ما فعلوا بعباد ألله ، لكن لكل واحد من الثلاثة ملف خاص ، وحسابه الخاص به .

قصة ألأمان والرغبة بإدانة ألإمام الحسين :

تتحدث بعض الروايات أن عبدالله بن جعفر قد كتب إلى ألإمام الحسين كتابا جاء فيه: «أما بعد فإني أسألك بالله لما انصرفت حين تنظر في كتابي فإني مشفق عليك . . . وإن هلكت اليوم طفىء نور ألأرض ، فإنك علم المهتدين ، ورجاء المؤمنين . . . »وانه قد طلب من عمرو بن سعيد بن العاص عامل يزيد على مكة أن يكتب أمانا للحسين ، وأن يمنيه البر والصلة ويبعثه إليه . . . وبالفعل كتب عمرو بن سعيد بن العاص ألأمان للحسين إلا أن ألإمام الحسين قد رفض هذا ألأمان (1)ونصحه الحكماء كعبدالله بن

(1) تاريخ ابن عساكر 653 ، وتقريب التهذيب ج2 ص601 ، وتاريخ الطبري ج6 ص219 وكامل ابن ألأثير ج4 ص17 ، والبداية والنهاية لابن ألأثير ج2 ص163 .
كربلاء ـ ألثورة وألمأساة 224


عمر (1)وعبدالله بن العباس(2)وعبدالله العدوي (3)والواقدي و زرارة (4)وحتى الحكيمات المسلمات كعمرة بنت عبدالرحمن كتبن إليه يعظمن ما يريد ألإمام أن يصنعه ، ويامرنه بالطاعة ولزوم الجماعة ، ويخبرنه أنه يساق إلى مصرعه !!(5) ويروي الرواة أن ابن عمر كان يقول : «غلبنا حسين بن علي بالخروج ، ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة ، وراى من الفتنة وخذلان الناس لهم ما كان ينبغي له أن لا يتحرك ما عاش ، وأن يدخل في صالح ما دخل فيه الناس ، فإن الجماعة خير».(6)
ويروي بعض المؤرخين أن عبدالله بن عمر قال للإمام الحسين : «لا تخرج فإن رسول الله خيره ألله بين الدنيا وألآخرة ، فاختار ألآخرة ، وإنك بضعة منه ، فلا تعاطها يعني الدنيا . . . فاعتنقه وودعه . . . »(7)وحتى مروان بن الحكم بن العاص الملعون بن الملعون على لسان رسول الله ينصح ألإمام الحسين قائلا : «يا أبا عبدالله إني ناصح ، فأطعني ترشد وتسدد ، فقال له ألإمام الحسين : وما ذلك قل حتى أسمع ، فيقول له مروان : «إني آمرك ببيعة أمير المؤمنين يزيد فإنه خير لك في دينك ودنياك »(8) ويذهب بعض من المؤرخين إلى أن ألإمام الحسين قد خرج من المدينة متوجها إلى العراق . . .
فطاعة الخليفة وفق هذه الثقافة فرض على كل مسلم ومسلمة ، لأنه قد خلق ليطاع !! والقبول بأفعال الخليفة ، واجب على كل مسلم ومسلمة ، ومعصية الخليفة جرم بحق الله وبحق رسوله ، قبل أن يكون جرما بحق الخليفة ، والخارج على الخليفة هو شاق لعصا الطاعة ، وخارج على الجماعة ، قبل أن يكون خارجا

(1) تاريخ الطبري ج3 ص249 والفتوح لابن أعثم ج5 ص72 .
(2) الفتوح لابن أعثم ج5 ص26 ، ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص19 .
(3) أنساب ألأشراف ج3 ص155 .
(4) دلائل ألإمامة ص74 ، ومثير ألأحزان ص39 ، وبحار ألأنوار ج44 ص364 .
(5) تاريخ ابن عساكر ، ح653 وما بعده وتقريب التهذيب ج2 ص607 .
(6) راجع الكامل في التاريخ لابن ألأثير ج2 ص531 والبداية والنهاية ج8 ص158.
(7) تاريخ ابن عساكر ، ترجمة ألإمام الحسين ص200 .
(8) راجع الفتوح لإبن أعثم ج5 ص17 ، ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص184 .
كربلاء ـ ألثورة وألمأساة 225


على الخليفة ، وبالتالي فإن الخروج على الخليفة حرام (باجماع المسلمين) وجريمة من جرائم الخيانة العظمى بغض النظر عن شخصية الخارج . لأن الخروج على الخليفة مهما كان دينه أو خلقه أو أفعاله حرام بإجماع أهل القبلة ، تلك هي الثقافة الفاسدة لدولة الخلافة ، فالإمام الحسين بالنسبة لقواميس هذه الثقافة خارج على الطاعة ، مفارق للجماعة ، ومتول لغير ما تولى المؤمنون !! ولكن نظرا لمكانة ألإمام الحسين ، وقربه من رسول ألله يتمايل إعلام دولة الخلافة ، وعلماء الخلفاء ويسلكون الطرق الملتوية لإفهام العامة بذلك وبطرق غير مباشرة !!! هم لا يقولون بصراحة ذلك عن ألإمام الحسين ، ولكنهم يصرحون بذلك عبر أساليب ملتوية وبطرق غير مباشرة ، قال يزيد بن معاوية لعلي ابن الحسين بعد مذبحة كربلاء : «أبوك ـ يعني ألإمام الحسين ـ الذي قطع رحمي ، وجهل حقي ، ونازعني سلطاني ، فصنع ألله به ما قد رأيت » ، كما قال الطبري ذلك في تاريخه ، فيزيد موقن وفق ثقافة دولة الخلافة أن ألإمام الحسين قد جهل حق يزيد بالطاعة ونازعه ساطانه الذي أعطاه الله له ، وبالتالي فإن العقوبة من جنس العمل وحجمه ، فالمؤرخون يتبنون النظرية الرسمية لدولة الخلافة والفتاوي الرسمية لعلماء دولة الخلافة المتعلقة بقضية الخروج ، ولكنهم يتمايلون لإيصال مضامين هذه النظرية بطرق غير مباشرة ، ومن وسائلهم الإختلاق وخلط ألأوراق ، وخلط المتناقضات ، خلطا يتعذر معه الوقوف على الحقائق الموضوعية المجردة !! .
ثم كيف يبرر علماء دولة الخلافة ومؤرخوها خذلان «حكماء القوم»ومن تبقى من المهاجرين وألأنصار للإمام الحسين ، وسماحهم بحدوث المذبحة وبالصورة البشعة التي حدثت بها !! بل وكيف تتفق واقعة المذبحة مع تفاصيل نظرية عدالة كل الصحابة التي اخترعها معاوية وأركان دولة الخلافة . لقد رأوا أنه من ألأنسب تخطئة ألإمام الحسين وأهل بيت النبوة على تخطئة حكماء القوم وأبناء المهاجرين وألأنصار !! وليضفوا على أنفسهم رداء الحياد والموضوعية ، أطالوا الطريق ، والتفوا حول الحقائق طمعا بطمسها وتزويرها أو التشكيك بها .
ثم هل يعقل أن تسمح دولة الخلافة للمؤرخين والعلماء بتاريخ أو بفتاوى تدينها ، !! فالدولة في كل عصر هي الرقيب الصارم على المطبوعات ، والنشر ،

كربلاء ـ ألثورة وألمأساة 226


والفتاوى ، وصاحبة السيطرة الكاملة على وسائل ألإعلام . ثم كيف تبرر دولة الخلافة وأشياعها عملا ببشاعة مذبحة كربلاء امام ألأمم ألأخرى ، ومعتنقي الرسالات ألأخرى ؟ ! فرأت أن التضحية بألإمام الحسين وبأهل بيت النبوة أولى من التضحية بالخليفة وأركان دولته وطواقم مؤيديه ، لهذا لكه دسوا من الروايات ما اعتقدوا بأنها تدين ألإمام وتشوه نهضته المباركة .
واست أدري بأي منطق صارت نصائح «حكماء القوم»وفتاوى علماء دولة الخلافة ، وخزعبلات اعلامها صوابا ، وصارت تصريحات ألإمام الحسين ، وفتاويه خطا ؟ ! ومن الذي شهد لهم بذلك ، فلماذا لا يكون ألإمام مصيبا ، وهم مخطئون مثلا ؟!! ثم من هو ألأولى بالإتباع ألإمام الحسين ، أم حكماء القوم وعلماء دولة الخلافة ؟ !!!.
فهل حكماء القوم ، وعلماء دولة الخلافة هم الثقل ألأصغر !! وهل هم اهل بيت النبوة المشهودة لهم بالطهارة !! وهل هم آل محمد ، أو ذوو القربى !!! بل هل هم ألأعلم !! فكل علم يدعونه ينتهي إلى الرسول ، فأيهما أولى بعلم الرسول وصوابه : أبنه المقيم وإياه تحت سقف واحد والمعد للإمامة إلهياً ، أم أولئك الذين لم يروا رسول الله إلا لماما ؟ !! .
فهل يعقل أن يعلم «حكماء القوم وعلماء دولة الخلافة »ويجهل إمام أهل بيت النبوة ، هذا أمر لا يكون بالفعل !!!.
وهل المطلوب حتى يكون ألإمام مصيبا أن يسلم عنقه ليزيد حتى يبايع أو يقتل !!! إن أوامره واضحة : «خذ البيعة من الحسين وإن أبى فاضرب عنقه ،(1) أو خذه أخذا شديدا ليست فيه رخصة حتى يبايع »(2)فإذا كنا لا نرى استهجانا في حكماء القوم ، وعلماء دولة الخلافة ليزيد بن معاوية أو لغيره من أئمة الجور ومن فراعنة ألأمة ، فلا يمكن لعاقل أن يصدق أن رجلا بعظمة ألإمام الحسين وبيقينه

(1) مثير ألأحزان ص14 ـ 15 واللهوف ص9 ـ 10 ،والفتوح لإبن أعثم ج5 ص10 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص180 ـ 185 .
(2) تاريخ الطبري ج6 ص188 باب «خلافة يزيد بن معاوية».
كربلاء ـ ألثورة وألمأساة 227


من ربه ، وفئة بعظمة أهل بيت النبوة يمكنها أن تبايع رجلا منحرفا فاسدا كيزيد بن معاوية ، فلا أنا ولا أنت ولا أي إنسان لديه إحساس بالكرامة وبالإنتماء لدين الإسلام يقبل ذلك !!!.
وقد جرت العادة في عالم الإجرام أن يتنصل المجرمون من جرائمهم فيحملون الضحية وزر الجريمة ، أو يطمسون ألأدلة التي تثبت الجريمة ، أو يقلبون الحقائق أو يزوّرونها في غياب الضحية ، لكن القتلة الذين نفذوا فصول الجريمة فصلا فصلا يعرفون وقائعها ، ويعيشون حياتهم ملاحقين بألأشباح ، غارقين بالدموية .

أمان عمرو بن سعيد بن العاص :

قال الواقدي في مغازيه : إن عمر بن الخطاب قال لسعيد بن العاص : «إني لأراك معرضا تظن أني قتلت أباك ، وألله ما قتلته»(1)فعمر بن الخطاب بهذه الطريقة الذكية يريد أن يذكر سعيد بن العاص بأن علي بن أبي طالب هو قاتل أبيه ، وعمرو هذا هو ابن سعيد ، ومعنى ذلك أن والد ألإمام الحسين قد قتل جد عمرو ابن سعيد ، وقتل أعمام عمرو !!! فكيف ينسى عمرو قاتل جده وأعمامه ، وكيف يتجاهل ذلك وهو الموتور ابن الموتور !! وكيف يتحول من حاقد على علي بن أبي طالب وذريته إلى محب ومشفق عليهم ، يتبرع بإعطاء صكوك ألأمان لهم !!! عندما قتل الحسين أرسل ابن زياد عبدالملك بن الحارث السلمي ، فقال له : انطلق حتى تقدم المدينة على عمرو بن سعيد بن العاص فبشره بمقتل الحسين ، وإن عمر هذا أمير المدينة يومئذ ، قال عبدالملك : فدخلت على عمرو بن سعيد ، فقال : ما وراءك ؟ فقلت : ما سر ألأمير ، قتل الحسين بن علي ، فقال : ناد بقتله فناديت ، فلم أسمع والله واعية قط مثل واعية نساء بني هاشم في دورهن على الحسين ، فقال عمرو بن سعيد ضاحكا :
عجت نساء بني زياد عجة كعجيج نسوتنا غداة ألأرنب


(1) راجع مغازي الواقدي ج1 ص92 وكتابنا الموجهة ص 169 ـ 171 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي