كربلاء في الذاكرة 303

18 ـ المساحي :

جمع مسحاة ، وتستعمل لرفاس الارض . وهي عبارة عن حديدة توضع لها (دوسة) وهي خشبة ، وتعرف الخشبة الطويلة بالربد .

19 ـ المحاريث :

جمع محراث ويعرف بالفدان أيضاً ويصنع من الخشب والحديد ، وفيه آلة حادة هي التي تحرث الارض ويجر بواسطة الثور .

20 ـ المناجل :

جمع منجل ويصنع من الحديد ويستعمل لحصد الحنطة والقمح والسمسم والرز ، وهناك نوع يشبهه وهو أصغر حجما وأقل تقوساً ويفيد في قطع الجت والنعناع وسائر النباتات العشبية الاخرى .

21 ـ الكتاتيب :

كان قسم من الكتاتيب يختص بتعليم الاطفال القرآن الكريم والزيارة فقط . والقسم الآخر منهم يعلمون الاطفال القراءة والكتابة التي تعرف بـ (المشق) أما ان يكون ذلك على لوحة (التنك) لغرض التعلم ومن ثم يمسح حبرها لتجديد الكتابة عليها وأما ان يكون على لوحة السبورة .
أما الحساب فأن المعلم (الكتّاب) لم يعرف منه سوى الجمع والطرح والضرب والتنصيف (الذي نطلق على تسميته اليوم بالتقسيم) .

كربلاء في الذاكرة 304

وكان الآباء يرسلون أبناءهم الى هذه الكتاتيب بقصد التعلم وهي منتشرة في الصحنين المقدسين أو في بعض البيوت . ومن أشهر المعلمين الذين كانوا يزاولون هذه المهنة في صحن العباس الشيخ علي بن عبد علي الصيقل الشاعر المعمر المتوفي في حدود سنة 1315هـ والشيخ فليح بن حسون بن رحيم الشاعر الخطاط المتوفى سنة 1296هـ والشيخ علي أبو كفانه والشاعر الشعبي المعروف الشيخ عبد الكريم الكربلائي (ابو محفوظ) .
أما في صحن الحسين فكان منهم الشيخ حمد الذي يجيد النقش والخط الى جانب مهنته في الكتّاب والشيخ علي العاملي والشاعر الشعبي الشيخ محمد السراج الشهير (ابو خمره) والشيخ حسن كوسه وغيرهم . وكان للكتاتيب مراسيم(1) خاصة في قبول الطالب وختمه للقرآن ، كما ان هناك هدايا خاصة في مناسبات معينة تقدم لشيخ الكتّاب .

22 ـ البرنج :

وهي صناعة معروفة تكاد تنفرد بها كربلاء دون غيرها من المدن .. يتركب البرنج من الصفر والرصاص ، وكان يستورد البرنج قديماً على شكل صفائح كورق المقوى أصفر اللون . ويستعمل للسماورات والمناقل والدواليب والصواني الكبيرة والصغيرة ، وتزين بالصور والنقوش المختلفة كصور الملوك المعروفين وصور المنائر والقباب المقدسة أو يكتب عليها بعض الادعية والسور القرآنية القصيرة ، وعاملها يعرف بـ (الدواتكر) أي صانع الدواة ، أما الدواة وهي مستودع تصنع من البرنج

(1) مجلة التراث الشعبي ـ العددان 4 و5 (حزيران 1965) مقالة هادي الشربتي (من المفكرة الشعبية) .
كربلاء في الذاكرة 305

سابقاً واستعمل هذا الاصطلاح لكل من يعمل أدوات البرنج . وهناك معامل تقوم بمختلف أعمال البرنج .
أما التكمچي فيعتمد عمله على (الصب) حيث يصب (الهواوين) وبعض الادوات الخاصة بالصناعات الاخرى .

23 ـ الكاشي :

وهو نوعان قديم وحديث . فالقديم يستعمل لغرض جدران العتبات المقدسة في الصحنين المطهرين والمساجد . وعليه نقوش وكتابات بديعة الصنع يتفننون بها في الريازات والزخارف اللطيفة ، والكتابة القرآنية التي تزين واجهات المساجد بصورة خاصة بالوان مختلفة ويعرف بالقاشاني . وفي كربلاء عدة معامل للكاشاني أحدها يعود للحاج مجيد أبو الكاشي ، وكان موقعه في محلة المخيم ـ خلف السور ـ وما يزال يعمل بجد يديره عمال مهرة . والمعمل الآخر يعود للسيد ابراهيم النقاش ويقع في شارع الامام الحسن قرب مغتسل العلقمي وهو يقوم بتجهيز المساجد والمراقد وشواهد المقابر وغيرها(1) .
أما النوع الحديث فهو يستعمل لفرش أرضية الدور والغرف بشكل بديع وزخرفة جميلة ويعرف بـ (الموزائيك) وهذا النوع لا يحتاج الى فن وصناعة دقيقين .

24 ـ الحرمل

الحرمل من المواد العطارية المعروفة التي تستخرج من حشائش البادية ، وهو حب شبيه بالسمسم يعرف قديماً بالسنداب

(1) مجلة التراث الشعبي ـ العدد 5 (كانون الثاني 1970) مقالة عزي الوهاب (النقش على الكاشي) .
كربلاء في الذاكرة 306

البري أو (خنّاگ الدجاج) يبخره الاهلون في نار المنقلة ويعتقد ان دخانه يدفع الشر . وتوضع كمية من الحرمل الاخضر داخل خيط ويعلق في واجهة الدار والمكروهات . والنساء عندنا يستعملنه لطرد الحسد والشر .

25 ـ صناعة الحلويات :

وهي ما تزال منتشرة في محلات خاصة بكربلاء . وأغلب هذه الحلويات تستعمل من السكر والطحين . ومن هذه الحلويات البقلاوة والزلابية وشعر بنات والحلقوم ومنّ السما وكعب الغزال وبيض اللقق والآب نبات والكليچة التي تستعمل من الطحين المغموس بالدهن والسكر وأحياناً تحشى بالتمر وغالباً ما تستعمل في الدور في مناسبات الافراح والاعياد خاصة في عيد دخول السنة . ثم توضع هذه المواد بعد عجنها في فرن خاص معد لذلك لغرض النضج ، ومن ثم تباع في الاسواق ويستعمل الرگاگ من العجين . ويوضع في البقلاوة الجوز أحياناً .

26 ـ الدبس والراشي :

الدبس عصير التمر ، مادة سائلة عسلية . والراشي يستخرج من السمسم ويخلط مع الدبس . وتقوم (البزّارة) التي تشبه الكهف بمنظرها بأداء عملية استخراج الدبس والراشي وبعض الحلويات من التمر الزهدي كالحلاوة والسمسمية التي يقبل على شرائها بعض نساء وأولاد الفلاحين . وهذه المعامل تنتشر في الشارع المحاذي لبستان ضوي وكذلك في الاماكن المجاورة لحمام السيد سعيد الشروفي بمحلة باب السلالمة وغيرها من الاماكن . ويستخرج هذا السائل في صفائح من النحاس التي يقوم بها بعض العمال لقاء أجور معينة . وان العمل عادة يكون في الليل بسبب

كربلاء في الذاكرة 307

تجنب الاصوات العالية التي تزعج المارّين خلال النهار .
أما المعمل الحديث الذي جاء بتطوراته الجديدة فهو معمل الشركة العامة للتعليب في كربلاء الذي يقع في شارع ابي ذر الغفاري ، وهو ويقوم بعمل الدبس بواسطة المكائن والآلات الحديثة التي يديرها عمال مهرة واخصائيون . وكذلك يجري العمل فيه لانتاج معجون الطماطه . وقد اتخذ معمل كامل لصنع المعجون مزود بأجهزة حديثة .

27 ـ الفحم :

وكان يستعمل في البيوت والمقاهي والمطاعم والمحلات الاخرى ، حيث كان يُتخذ كوقود للتدفئة وطهي المواد الغذائية وتخدير الشاي وذلك لعدم وجود الطباخات الغازية والكهربائية والنفطية .
وكانت سيقان الاشجار تقص وترمى في مواضع خاصة من البساتين البعيدة عن البلدة لوجود المواد السامة ، حيث يهيء لها حُفَر ، وبعد اشعالها مدة من الزمن تغطى الحفرة بغطاء ويستخرج الفحم فيكون على شكل سيقان طويلة سوداء اللون ثم تقلّم الى أشكال مختلفة . وهناك الفحم الايراني والفحم الذي يستورد من كراچي . وهناك فحم الشوك والرمث . ولا تزال في كربلاء حوانيت خاصة لبيع الفحم .. والمواد الاولية الرئيسة في صناعة الفحم هي أغصان نبات الشوك والرمثة والطرفة وغيرها .
ونستطيع القول بأن عشيرة (العبودة) في كربلاء هي المحتكرة الاولى لصناعة الفحم .

كربلاء في الذاكرة 308


28 ـ صناعة الخزف والفخار :

وهي من الصناعات المشهورة في كربلاء وتتمثل فيها البراعة في الفن .

29 ـ اليشماغ :

وتاريخ اليشماغ قديم ، وقد تطورت هذه الحرفة بمرور الزمن . وكانت صناعته سابقاً تتم بطريقة الحياكة في الجومة على شكل قوالب بصم في قوالب محفورة . ويستفاد منه كثيراً في مجال اقتصادي واجتماعي . أما تأثيره النفسي فهو كزي شعبي يعتز به العرب قديماً وحديثاً . وهو على أنواع مختلفة منه الابيض ويلبسه البدو ويعرف بـ (الغُترة) والنوع الآخر الأحمر للبدو أيضاً ، والنوع الثالث (المرقط) ولونه أبيض مرقط بالسواد وهو زي سكان الريف .
وكان اليشماغ يستورد من بريطانيا ويدعى بـ (اللندني) وانقطع استيراده في الآونة الاخيرة نظراً للحماية التي منحتها الحكومة العراقية لليشماغ الوطني المصنوع في كربلاء .

30 ـ الطرشي :

لصناعة الطرشي في كربلاء مظهران فهو هواية لدى البعض يصنعونه في البيوت لغرض الاستهلاك الشخصي أو للهدايا ، وصناعته تكون موردا للرزق عند محترفي صناعته . ولتصنيعه توضع الخضروات كالجزر وثوم العجم والشلغم واللهانة والفلفل والزيتون والتفاح والخيار والباذنجان في ماء الملح حتى التخدير ، ومن ثم يسكب عليها الخل ويترك في قناني أو (حباب) أو (بساتيگ) وكلما مرّ الزمن على هذه الفواكه المخللة كان طعمها

كربلاء في الذاكرة 309

ألذ ونكهتها أطيب . وقد يحشى الباذنجان المخلل بالكرفس والخضروات الاخرى ، ويربط بخوص حتى لا ينفرط الحشو .

31 ـ مكائن الطحين والثلج :

بعد ان كان الناس يطحنون الحبوب في البيوت على الطريقة القديمة بواسطة (الرحى) فقد أصبحوا اليوم يطحنون بواسطة المكائن وذلك مقابل دفع أجور زهيدة . ومن أشهر هذه المكائن هي : ماكنة السيد هاشم فتح الله وماكنة السيد سعيد الشروفي وماكنة الحاج محمد أبو طحين وماكنة الجوهر وماكنة أم الورد . وكان الكربلائيون قديماً يلاقون عناءً كبيراً في تبريد الماء ، حيث يضعون الماء في ظروف نحاسية ثم تدلى في البئر وتجلب وقت الحاجة . وكان بعض المتمولين يجلبون الثلج بواسطة عربات الخيل من بغداد ويضعونه في صناديق التبن وكان ذلك يكلفهم مبالغ باهضة .
أما تبريد (الرقي) فكانت ترمى الرقية في البئر ومن ثم تتناول بعد أن تبرد .

32 ـ العشائر والعادات :

العادات مجموعة قوانين تحظى باتفاق الجميع حتى تغدو اعرافا وتحدد العلاقات بين أفراد العشيرة الواحدة وبينها وبين العشائر الاخرى . فلكل عشيرة من العشائر العربية في كربلاء تقاليد خاصة واعتبارات معينة تدعى بـ (السانية) وكان نظام دعاوي العشائر سابقا يعتمد على النظام القبلي ويرجع الى الادارة التي تحسم المشاكل عن طريق المحكمين . بيد ان ثورة الرابع عشر من تموز الغت ذلك النظام ، ولكن رغم ذلك فلا تزال (السواني) الموجودة لدى العشائر هي فصل الخطاب في المنازعات الناشبة فيما

كربلاء في الذاكرة 310

بينها حتى يومنا هذا . وتشمل أحكام النهوة والدية وفجران الدم وسائر الوقائع التي تحدث في حياة الافراد اليومية . ويكون (الشيخ) مرجعاً في هذه الامور ، فهو لسان القبيلة المدافع عنها وهو الحلال الوحيد لمشاكلها .

33 ـ المواكب الحسينية :

وهي تقاليد خاصة ينظمها الناس في المناسبات ، حيث تجمّع رؤساء المحلات والاطراف . وأهل المواكب في كل طرف يجمعون المبالغ لاجل وسائل النقل في الزيارات الخاصة والمواسم الدينية لزيارة الائمة الاطهار سيما أربعين الحسين المعروف بـ (مردّ الراس) ويمكثون ثلاثة أيام في كربلاء . والمواكب الخاصة بالمدينة لها أوقات معينة حيث تخرج مواكب الاصناف عصرا في أيام العشرة الاولى من محرم الحرام ، بينما تبدأ مواكب المحلات مساء من بعد العشاء وحتى ساعة متأخرة من الليل .
ومن ابرز الرواديد في كربلاء الذين يلقون القصائد لتلك المواكب هم المرحوم الحاج حمزة الزغيّر والمرحوم حمزة السماك والمرحوم الشيخ حسين فروخي والمرحوم الشيخ محمد العاقل والمرحوم عبد الرزاق العطار والمرحوم السيد موسى أبو المعالي والمرحوم الشيخ عبد الكريم الكربلائي والمرحوم الشيخ مرتضى قاو الكشوان ، والحاج عبد الامير الترجمان ومحمد حمزه الرادود والمرحوم السيد عبد الامير الشروفي آل طعمة والحاج مهدي الاموي والحاج عزيز الگلگاوي وغيرهم .
وبعد هذا عندما يكتب المرء عن حياة رجل أو تراث مدينة أو تاريخ شعب يجدر به ان لا يقتفي أثر المؤرخين الذين كان همهم ان يكتبوا تواريخ السلاطين ارضاء لهم وطمعاً في هداياهم تاركين

كربلاء في الذاكرة 311

مظاهر حياة شعوبهم ولكن اولئك معذورون ، فالناس ليس لديهم المال الجم ولا الكساء الحسن حتى يغدقوه على أولئك ، غير اننا نرى ان للناس حقا علينا فكل من ساهم في بناء مجد مدينتنا له حق يجب ان نوفيه اليه ، فكما للعلماء والشعراء وذوي الفكر والرأي حق فان هناك حقا لمن مدّ أولئك بأسباب الحياة ووفر لهم وسائل العيش ، وكان سببا في نقل سيرهم وأخبارهم . فلذلك آثرنا ان نتطرق في هذا البحث لمظاهر الحياة الشعبية فرأينا ان للفلاح وللحرفي وللكاسب دوراً في بناء تراث مدينتنا المقدسة فذكرناهم غير غامضين لحقهم وغير تاركين لاثرهم خاصة وقد برز من بينهم أدباء وفضلاء . فعبود ابو حبال كان مواطناً بسيطاً والشيخ عبد الكريم الكربلائي كان صاحب كتاب والشيخ كاظم المنظور ينتمي الى صنف الكسبة وعباس القصاب الشاعر والسيد عبد الأمير القندرچي وغيرهم وغيرهم .. ان هؤلاء الافذاذ الذين انبثقوا عن مظاهر حياة تلك الطبقات . ولم نشأ ان نكون من يدون عن مظاهر حياة تلك الطبقات . ولم نشأ ان نكون من العاقين في حق هؤلاء فسردنا مظاهر حياتهم وسبل معيشتهم واثبتنا ان اولئك برزوا من بين تلك الطبقات غير اننا غير منكرين للعلماء أفضالهم وما اسدوه من خدمة تذكر على مر الزمن .

كربلاء في الذاكرة 312

الأسواق الشعبية

احتفظت مدينة كربلاء بعدد من الاسواق الشعبية الشهيرة ، التي تباع وتصنع فيها بعض الصنائع القديمة ، رغم انتشار الادوات الآلية (الميكانيكية) التي حلت محل الآلات اليدوية . وان كانت صناعتها بدائية بسيطة وبطيئة ، الا انها توفر بجملتها للاقتصاد الوطني ارباحاً لا بأس بها . ويمكن تقدير المشتغلين في هذه الاسواق بأكثر من الفي شخص . يجد القارئ هنا صورة لأسواق كربلاء الشعبية قديمها وحديثها مما يبرز طابعها بما ينفعها في كل مجالات الحياة . وهذه الاسواق بطبيعة الحال تمون سكان المدينة بما يحتاجونه من وسائل العيش والراحة من مأكل وملبس ومتطلبات الحياة الاخرى ، وهي كما يلي :

1 ـ سوق المخضر (سوق النسوان) :

يتناول بيع المخضرات من قبل مختلف الجنسين رجالا ونساءً . وتشمل كل ما تنتجه المنطقة من فواكه ومخضرات ، حيث تجلس النساء على الارض ، وهن يفترشن الحصران ، ويقمن باستعمال الموازين القديمة ذات الخيوط . وقد يكون الوزن عن طريق الحجارة والحصى . ويكون البيع من قبل النساء بثمن أقل مما يبيعه الرجال ، لأنهن يقنعن بأقل الارباح . ولم تكن تكاليف الحياة عليهن باهضة كما على الرجال . وعند حلول الظهر أو الغروب تبيع النساء الفواكه والاثمار (بالكوم) تخلصاً من أعبائها ، حتى ولو كان أقل من سعر الكلفة وأرخص ثمناً وبدون وزن ، ويُطلق على هذا البيع (الگوتره) .

كربلاء في الذاكرة 313

وقد كن ينتشرن في سوقين كبيرين أحدهما يقع في محلة باب السلالمة مبتدئاً بحمام المالح ومنتهياً بالشواكة (محل بيع الحطب) . تتخلل هذا السوق خانات لبيع المخضرات أيضا كخان عصفور وخان مهدي الجواد وخان السيد حسن نصر الله وخان السيد مرزه الوكيل . أما السوق الآخر فانه يعرف بعگد السيد جواد الكليدار ، ويقع مقابل طاق الزعفراني(1) . وفي الآونة الأخيرة خصصت بلدية كربلاء خان المخضر القديم الواقع في محلة باب الخان مجمعاً لبائعات المخضرات . أما الرجال فيستأجرون الحوانيت ، ويستعملون الوسائل الحديثة في الوزن والمكيال والدقة في الاسعار ، وبطبيعة الحال تكون المخضرات غالية الثمن . فترى صاحب الدكان (البقال) منتصباً وسط حانوته مناديا بأسعار المواد الرخيصة بصوت مرتفع أمام الجمهور لجلب الزبائن ، وليتمكن من بيع الحاصلات الشتوية والصيفية على اختلاف أنواعها .
وهذه الفواكه والاثمار والمخضرات تسد حاجة سكان البلد بسبب وفرة البساتين .

2 ـ سوق النجارين :

والنجارون يقسمون الى قسمين ، منهم ما يخص الحضر (وهم سكان المدينة) وتشمل صناعتهم الموبليات (الكناتير والكراسي والبوفيات) وصناعة الاخشاب على اختلاف أنواعها ،

(1) طاق الزعفراني ، من آثار كربلاء الشعبية ، شيده السيد ابراهيم الزعفراني أحد رجالات حادثة المناخور سنة 1241هـ ، ولا يزال ماثلا للعيان
كربلاء في الذاكرة 314

وغيرها من الوسائل الحديثة التي يتطلبها العصر الحديث . وان مقر هذا الصنف هو سوق خاص يعرف باسمهم ، حيث تتجمع حوانيتهم فيه ابتداء من الميدان القديم وانتهاءً بجامع العباسية . وأصبح سوق النجارين هذا معروفاً لدى سكان المدينة بكاملها ، حيث توجد فيه أيضاً معامل مجهزة بكافة الوسائل لقص الخشب ونجارته .
أما القسم الثاني من النجارين فانهم يصنعون ما يحتاجه الفلاحون في عملهم من وسائل زراعية ، وينتج هذا الصنف الفدان ، المربط ، الفأس ، المنجل ، وغير ذلك . وحوانيتهم تقع في نهاية سوق العلاوي المؤدي الى شارع العباس . وهناك صنف آخر من النجارين يختصون بانتاج الجاون والميجنة وربود المساحي ، وحوانيتهم تقع في محلة باب بغداد .

3 ـ سوق الهرج (الميدان) :

كان موقعه قديماً في ساحة الشهداء وينتهي بسوق الصفارين ، ثم انتقل الى موضع خزان الماء الحالي ، وبعدها انتقل الى ساحة واسعة تقع خلف دار السيد عبد الحسين الكليدار ، يتجمع فيها الدلالون لبيع السلع المستعملة وغير المستعملة ، وتباع هذه في الاعم الاغلب بثمن بخس . والدلال يتوسط الجمهور واقفاً في مكان مرتفع رافعاً البضاعة بيده منادياً بأعلى صوته (مازاد . أول مازاد .. هرج) تستمر الحاجة بالتزايد فينادي (راح ابيع .. ماكو زايد ؟) . وعندئذ تباع الحاجة ، ثم يستلم البائع أجوره وينصرف ، علماً بأن الدلال له نصيب 10% من قيمة المباع . ومع مرور الزمن ظهرت في الميدان حوانيت شعبية لبيع

كربلاء في الذاكرة 315

السلع المختلفة المستعملة . ويجلس الباعة المتجولون الى جانب بسطاتهم الصغيرة يعرضون بضاعتهم الرخيصة على أرصفة الشارع الضيق ، ويبيعون أكلات شعبية في عرباتهم كبائع الشلغم والشوندر والباقلاء واللبلبي وغيرها .

4 ـ سوق الصفارين :

هناك سوقان للصفارين ، أحدهما قديم يشرف على ساحة الشهداء في قلب المدينة . والآخر يقع باتجاه طريق الحلة ، وهو مواز لسوق الجللچية . وحوانيته تقوم بعمل أدوات الطبخ والطعام من مادة الصفر أو الفافون . ويوجد في هذا السوق الربابون (مبيضو القدور) الذين يقومون بطلاء النحاس بمادة الرصاص الابيض حفظاً على القدور ووقاية من تسمم الانسان بالمواد السامة ، قد تسبب الوفاة في بعض الاحيان . ولذلك فان الناس يتلافون هذه الظاهرة بسرعة .

5 ـ سوق الجللچية :

الجل أو الجل للدابة كالثوب للانسان ، تصان به . جمعها : جلال وأجلال(1) . هناك سوق خاص لعمل وخياطة الجلال ، حيث يقوم العامل باستعمال الفرش القديمة مثل البسط العتيقة والسجاد البالي وحشوها بالليف ، ثم تخيط ، فتصنع منها الجلال . وتوضع على ظهر الدابة لسهولة الركوب عليها وحماية الحيوان من الاذى خلال تحميله المواد الصلبة كالطابوق والاثقال الاخرى . وهذه الحوانيت تزدحم في الفرع المؤدي الى الهندية ابتداء من

(1) راجع (المنجد) ـ لويس معلوف ج 1 ص 92 (بيروت 1956) .
كربلاء في الذاكرة 316

شارع العباس .

6 ـ سوق الصاغة :

وتكون مراكز محلاتهم في سوق العباس وعگد الداماد وعگد الاخباري . والصاغة ينقسمون الى ثلاثة أقسام :
1 ـ صاغة الميناء والفضة :


برع الكربلائيون في النقش على الفضة بالميناء ، وتكاد تنقرض هذه الصناعة لولا احتياج القرويين اليها .
2 ـ صاغة الذهب :


وتشتهر بدقة الصناعة ، وتشمل الاقراط والحجول والاساور والقلائد وما الى ذلك مما تستعمله النساء لزينتهن .
3 ـ صاغة المعدن الاصفر (الشبه) :


وهو الذهب المزيف ، وتستعمل هذه المجوهرات والحلي للزينة بدلا عن الذهب .

7 ـ سوق البزازين :

تنحصر مهنة بيع الاقمشة بأنواعها المختلفة في سوقين كبيرين يتوسطان المدينة هما : سوق العرب وسوق التجار الكبير ، وتجلب الاقمشة المتنوعة من بغداد . وهناك تجار مفرد وتجار جملة يجلبون البضائع المحلية والاجنبية من قماش والبسة رجالية ونسائية من تجار الجملة ببغداد ، او من المؤسسات الحكومية حالياً . وتباع الاقمشة في حوانيتهم بأسعار محدودة . وقد أطلقت تسمية سوق العرب عليه لانه قائم على الاعراب (البدو الرحل) الذين يأتون من البادية لشراء ما يحتاجونه من

كربلاء في الذاكرة 317

ملابس خاصة بهم كالفراء (التي تصنع من جلد الخروف وصوفه) حيث تقيهم من البرد الشديد . وعلاوة على ذلك فان كربلاء اشتهرت بنسج الحرير الذي تنسج منه الاقمشة الحريرية .

8 ـ سوق العلاوي :

يشتهر هذا السوق ببيع الرز والحنطة والشعير والحبوب بأنواعها كالدخن والذرة والهرطمان والسمسم والماش والباقلاء . ويضم هذا السوق العلاوي الكبيرة ، وهي في المكان المعروف باسمها ، ابتداء من سوق الميدان منتهياً بشارع العباس ولا يزال قائماً حتى يومنا هذا .وكانت هناك علاوي صغيرة في سوق المخضر (النسوان) بباب السلالمة ، وقد اندثرت بمرور الزمن ، ولم نجد لها اليوم أثراً يذكر .

9 ـ سوق النعلچية :

يقع قرب صحن الحسين ويكون موازياً لسوق العرب . تشتهر حوانيته ببيع الاحذية المصنوعة محلياً (النعل) وهي على أنواع مختلفة . وقد يكون النعال جاهزاً أو يعمل كتوصاه . وأغلب هذه النعل تصنع من جلود الحيوانات ، وكعوبها تصنع من الاطارات المستهلكة للسيارات . ومن ابرز المختصين في هذه المهنة الحاج رضا ابو گنيص وهو من المعمرين اليوم .

10 ـ سوق القندرچيه :

تتزاحم حوانيت الخفافين (القندرچيه) في شارع علي الاكبر ، حيث تباع في هذا السوق مختلف الاحذية النسائية والرجالية وأحذية الاطفال . وتصنع هذه الاحذية من الجلود ، وتتسم

كربلاء في الذاكرة 318

صناعتها بالجودة في الانتاج ، ويصدر منتجوها بكمية كبيرة الى المدن المجاورة . وقد سعى بعض المتمولين من الأهلين لتأسيس المعامل لصنع الاحذية البلاستيكية .

11 ـ سوق السماكين :

كان هذا السوق قديماً يقع في فرع من شارع العباس مجاوراً لعمارة فيض حسيني ، وكان ضيقاً تنقصه الوسائل الصحية ، مما دعا الحكومة الى تشييد بناء واسع لهذا السوق توفرت فيه الوسائل الصحية كاملة ، وموقعه قرب الدباغية ومجاور لخان المخضرات حالياً . تباع في حوانيته الاسماك بأشكالها المختلفة ، وهي تجلب من بحيرة الرزازة أو سدة الهندية وكذلك من المدن الجنوبية . ويكون بيعها بأسعار مختلفة حسب نوعيتها ، وتباع بكميات كبيرة تسد حاجة سكان المدينة .

12 ـ سوق القصابين :

وكان هذا من أنجح أسواق كربلاء ، ويعرف بـ «القصابخانه» موقعه في شارع الامام علي ، غير انه أهمل بسبب ضيقه . وقد تطور هذا السوق فأصبحت هناك عدة أسواق للقصابين تنتشر في جهات شتى من المدينة كسوق الحسين وسق الميدان وغيرها . حيث يباع في حوانيتها لحم الغنم والبعير والبقر بأسعار متفاوتة .

13 ـ سوق السراجين :

وهو مواز لشارع علي الاكبر حيث تجد حوانيته متلاصقة بعضها ببعض ، تصنع فيها السروج والاحزمة والاخراج والحقائب بأشكالها وأغلفة بعض الاسلحة النارية والجارحة من

السابق السابق الفهرس التالي التالي