كربلاء في الذاكرة 249

السگاير

ينذر توزيع السگاير في المآتم الحسينية مجاناً وذلك من أجل تحقيق نذر الناذر .

الشلة والزردة

وهذا النذر خاص بمناسبتين هي ذكرى وفاة الرسول الاعظم محمد (صلى الله عليه وآله) المصادف يوم 28 صفر كل عام ، وذكرى وفاة الامام زين العابدين (عليه السلام) المصادف يوم 25 محرم كل عام ، حيث توزع البيوتات الكربلائية الشلّة والزردة على الجيران والاقارب .

چاي علي الشرجي

تتبرع به الناذرة وتدعو الجيران والاقارب وتحضر الملّة ، وتلقي بعض الاشعار وتشرب الشاي المنذور لعلي الشرقي(1) وتوزع الكليجة والخبز والآب نبات والكعك والچرك .

سفرة رقية

تجتمع النساء في المخيم صباح يوم ثالث الامام (13 محرم) وتفرش سفرة سوداء توضع عليها طابوقة فوقها شمعة مضيئة . ويوزع التمر والخبز على الجالسات . وهذا النذر يقدمنه طلباً لقضاء حاجة .

(1) علي الشرقي : من أولياء الله الصالحين يعتقد به عامة الناس ، وله مرقد ومزار مشهور في اطراف لواء العمارة .
كربلاء في الذاكرة 250

سفرة الأيمّه

وهو أحد النذور الخاص بالنساء أيضا وتشمل هذه السفرة المواد التالية : المشكل كشاه واللبن والشلة (الرشته) والعصيدة وأنواع الفواكه والشاي والكليجة والمأكولات الاخرى حسب حاجة الانسان ومدى استطاعته ويقدمن النذر أما للشفاء من مرض أو طلبا للرزق .

صينية العباس

تعمل الناذرات صينية فيها شربة تحوي على الماء وكيس حناء وراس قند وخبز وخضروات وشمعة موقدة وملبس ، ثم تأتي الملّة فتقرأ (القراية) التي تخص العباس بن علي (عليه السلام) على مسمع الجالسات .

عشاء الزهره

تعمل الناذرات عشاء باسم الزهراء والدة الامامين الحسن والحسين (عليهما السلام) حيث تطبخ التمن والمرق فأما ان توزعه على الجيران او توجه الدعوة لقريباتهن واصدقائهن لتناول الطعام في دورهن .

خبز العباس

وهو نذر تقدمه الناذرة حيث يشمل الخبز الذي يحوي على الكرفس والكراث والرشاد والنعناع واللبن والكباب وخبز اللحم ، وتوزعه على الناس وذلك في صحن العباس (عليه السلام) .

كربلاء في الذاكرة 251

مشكل گشاه

ويعني بها في العربية (حلال المشاكل) وهو من النذور المشتركة بين الرجال والنساء ، حيث ينذرون للامام علي (عليه السلام) لقضاء الحاجات في مطلع كل شهر وهذا النذر يتكون من الفستق واللوز والبندق والجوز والكشمش الزبيب وينذر أيضاً الآب نبات لأم البنين وهي أم العباس بن علي (عليه السلام) .

صوم سبوته

وهو نذر تقوم به الأم وذلك تقوم لعدة أسابيع في كل سبت يوماً لكي يعيش طفلها .

مجلس

تعمل الجالية الهندية المقيمة في كربلاء (مجلس) مأتماً للعزاء تعقده في الروضة الحسينية والعباسية في مناسبات خاصة . ولهذه الجالية خطيب معين وخطيبة معينة ، وبعد ذلك توزع على الناس الحلوى والخبز والحليب والمربى والفستق والنقود الصغيرة قدر الامكان .

الپردات

هنالك من ينذر شراء بعض الاقمشة بأغلى الاثمان وتصنع منها الپردات بأشكال مختلفة لتعلق على أبواب الروضة الشريفة ويكتب عليها اسم الناذر .

لبس حجل حديدي

نذر تعمله المرأة التي لا يعيش لها مولود ، فاذا ما عاش لها طفل فانها تقطع من كل جسر مسمارا حتى يكون مجموعها

كربلاء في الذاكرة 252

سبعة مسامير وتعطيها للصائغ فيذوبها ويعمل منها (فردة حجل) حديدي تلبسه في رجلها .

الاستجداء

وهو نذر تقوم به المرأة ، حيث تستجدي (الفلوس) النقود من دار تعود للسادة العلويين ما استطاعت من الجمع وتضيف عليها هي وتشتري مقدارا من اللحم ثم تطبخه وتضعه في قدر وتحمله مع رغيف خبز الى سجينها طلبا في اطلاق سراحه .
شمعة كافور وطاسة حنه

وهو نذر تتبرع به الناذرة الى حضرة العباس (عليه السلام) أما الحناء فتلطخ به الباب المعروفة بأم البنين ، وتقع الى الجهة الشمالية من الرضوة المطهرة .

ايقاد الشموع وتطويفها في النهر

وهو نذر مكون من شموع توضع على كربة وهي موقدة في عصر يوم الجمعة حيث تلقى في نهر الحسينية نذرا لصاحب الزمان الامام المهدي المنتظر (عليه السلام) ثم تقدم (عريضة) خاصة لصاحب الزمان وتلف بالطين وترمى بالماء ، ويعمل الناذرون المحلبي وذلك طلبا للحاجة .

أرباح السيارات

من نذور الرجال فقط . حيث يشتري الاهالي سيارة باسم (سيارة الحسين) تحمل المسافرين من كربلاء الى بغداد عند فجر كل يوم . ويخصص ايرادها لمصروفات المآتم الحسينية من قبل سائقي السيارات .

كربلاء في الذاكرة 253

المجالس (المآتم) الحسينية

وهو من النذور المشتركة بين الرجال والنساء ، حيث تعقد المآتم الحسينية في الحسينيات والدور والحوانيت الكبيرة وهي على نوعين :
1 ـ قراية (الزلم) الرجال
2 ـ قراية (النسوان) النساء
وهذه المجالس تعقد في مدة يعينها الناذر وتمتد من يومين الى عشرة أيام لاجل قضاء الحاجة .

مجمع الملالي

تجتمع الملالي (جمع الملّة) في المخيم يوم 7 محرم الحرام بعد الظهر وهو يصادف يوم سابع الامام ، ويبقون حتى غروب الشمس وكل واحدة منهن تقرأ مجلسا للعزاء (القراية) ثم توزع النذور المجلوبة من قبلهن وتشمل خبز العباس ، خبز اللحم ، الدولمة ، النقود ، بساط قطني (يهدى الى الروضة) الشموع ، وأنواع المأكولات التي توزع على الحاضرات وهذا النذر يقدمنه تحقيقا للرغبات .

كربلاء في الذاكرة 254

طقوس رمضان في كربلاء

رمضان بالتحريك هو الشهر التاسع من الشهور القمرية بين شعبان وشوال سمي به لأن وصفه وافق الرمض واسمه من أسماء الله(1) .
يتسم هذا الشهر بالطابع الديني والفولكلوري المتميز في هذه المدينة . ونحن لا نهدف في هذا البحث غير ابراز معالم صورته للافادة والاستمتاع ، فهو شهر الصيام والقيام والاطعام والتسبيح والمروءة والفتوة وقيل بأن رمضان في الأيام كالنبي صلى الله عليه وسلم في الأنام .
وقبل شهر رمضان بأيام معدودات يستعد الناس لشراء المواد الغذائية الخاصة بالشهر كالطحين والتمن والدهن والهيل وغيرها وتعرف بـ (الكيل) ويزداد عليها الشراء والطلب في رمضان ، والى ذلك يُضرب المثل المعروف (چد الدهر واكله ابشهر) وقد تكون الحاجات التقليدية اليومية لايام رمضان ولياليه قد وصلت الى حوانيت العطارين والبقالين والشكرچية ، فتنتعش حركة السوق في الأيام الأخيرة من شهر شعبان انتعاشاً يخالف الأيام الأخرى . وفي هذه الايام بالذات نسمع من على مآذن الروضتين الحسينية والعباسية عبارات تهليلية للسيد حسن الجهرمي والشيخ جواد المؤذن والسيد أمين يرحبون بمقدم الشهر بعد اذان المغرب وأذان الفجر ومنها (مرحباً بك يا شهر رمضان مرحباً بك يا شهر الطاعة والغفران .. مرحباً يا شهر الخير والبركة ... الخ) .

(1) دائرة المعارف / محمد حسين بن سليمان الاعلمي ج 18 ص 278 .
كربلاء في الذاكرة 255

وهناك عادة متوارثة تقوم بها معظم العوائل الكربلائية وهي (التسابيگ) أي الصوم ليوم واحد أو ثلاثة أيام في أواخر شهر شعبان استعداداً للشهر المبارك . وفي مساء يوم 30 شعبان يصعد الناس على سطوح المنازل والمساجد والمرتفعات العالية لمراقبة هلال رمضان ، وبعد التأكد من ظهوره يعلنون البشرى ببدء الصوم . وفي الليالي الاولى من هذا الشهر ترى الباعة على امتداد الأرصفة والاماكن العامة يعرضون المعروضات (البسطات) وفي مقدمتهم باعة البقلاوة والزلابية وشعر البنات والباميا السكرية ومَنَّ السما والحلقوم وكعب الغزال والملبّس والرگاك وتاج الملك والمحلّبي . وتسمع من المتجول (البسته) التي يرددها الاطفال في الأزقة والحارات :
زلابية وبقلاوة وشعر بنات
وين أولّي وين أبات
أبات بالدربونة
لمن تجي الخاتونة
وتعد الموائد وعليها صحون الحلويات بأشكالها المختلفة وصحون المحلّبي على امتداد أرصفة الشوارع او دكات الدكاكين المغلقة ، وقد تكون في جانب بعض المقاهي لانها تغلق في النهار وبالليل يباع المحلبي .
وخلال الحرب العالمية الثانية وما بعدها قلّ وجود السكر في الأسواق ، وكاد ينعدم ، مما اضطر أصحاب الحوانيت عمل الزلابية والبقلاوة بواسطة الدبس أي شيرة الدبس . ولابد من الاشارة ان الزلابية كانت تعمل على نوعين : 1 ـ ذات الدهن الحر وكان سعر الكيلو منها 64 فلساً 2 ـ ذات دهن السمسم وسعر الكيلو منها 50 فلساً ، كان ذلك في حدود سنة 1948 وحتى بداية

كربلاء في الذاكرة 256

الخمسينات . وقبيل وقت السحور بفترة أمدها ساعة واحدة أو أكثر ، يطوف (المسحراتي) أي الطبال ليدق على صفيحة فارغة (تنكه) منبهاً النائمين وموقظاً اياهم ، ثم تطورت هذه العملية بالضرب على الطبل بدلاً من الصفيحة ، وذلك استعداداً للسحور في كل ليلة من ليالي رمضان ، وهذا التقليد من العادات القديمة المتوارثة حتى يومنا هذا ، وضربات المسحراتي بطبله يدوي في سكون الليل منادياً (اكعدوا يالصايمين اكعدوا اتسحروا) وفي هذا الوقت نسمع التمجيد من على المآذن ، وهو دعاء يتلوه المؤذن بأطوار مختلفة والحان شجية مؤثرة داعياً ومذكراً ومحرضاً على السحور ، فتستعد النسوة لطبخ التمن والمرق ، ومنهن من اعدت طبخ الطعام منذ الافطار اختصاراً للوقت .
وبعد أن ينهض افراد العائلة جميعاً ـ عدا الاطفال الذين لم يبلغوا الحلم ـ يجلسون حول المائدة لتناول التمن والمرق والخبز ، أو يشربون الشاي ، ويتناولون الفواكه . بعدها يقرأون دعاء البهاء وأوله : (اللهم اني اسألك من بهائك بابهاه) والأدعية الخاصة بالسحور الأخرى . وقبيل اذان الفجر بعشرين دقيقة ، نسمع مناجاة المؤذن ، وكانت تؤلف ابياتاً من القريض خصيصاً لهذه المناسبة ، وهي :
اشـرب المـاء هنيئاً يا محب واجر دمع العين حزناً وانتحب
لحسين السبط في جنب الفرات مات عطشـاناً شهيدًا محتسب
اشرب الماء هنيئاً انه ماء مباح

كربلاء في الذاكرة 257

اشـرب المـاء هنيئـاً بـسـلام واذكـر المقـتـول من جور اللئـام
سبط طه المصطفـى خير الأنـام قد بقـى ثـاوٍ علـى وجـه الـرغام
ايها المذنب تب لله ان شئت النجاة حيث يعطيك جنان الخلد أعلى الدرجات
فهنيئاً لك يا صائم نلت الحسنـات يتقبل منك هـذا الصـوم رب الكائنـات

ثم يكررها عدة مرات ، أو يتلو غير هذه الأبيات ، ثم يسرع أفراد العائلة الى شرب الماء قبل أن يعلن عن الامساك ، وقبل أذان الفجر بدقائق يمتنع الجميع عن تناول الطعام والشراب ، بينما نسمع المؤذن ينادي : (امساك .. امساك .. غفر الله لكم يا صائمين) . وهنا يشرع المؤذن بالاذان ، وينهض الصائمون لتأدية صلاة الصبح سواء في البيت أو في مسجد قريب من الدار ، كما يقصد البعض احدى الروضتين للحصول على الأجر والثواب ، وخاصة الذين لا يستطيعون النوم في ذلك الوقت ، ومنهم من يخرج الى عمله مبكراً .
تصطف على مائدة الافطار قبل أذان المغرب بربع ساعة الأكلات الشعبية التالية : شوربة العدس . حلاوة طحين حنطه . حلاوة طحين تمن . حلاوة نشه . دولمه . كباب شامي . كباب مشوي . باذنجان مشوي . كبّة حلب . المصقعة(1) .
وفي الوقت الحاضر اضيفت الاكلات الجديدة وهي :

(1) المصقعة : أكلة مكونة من الباذنجان (درع) يضاف اليه بصل صحيح وقطع من اللحم والطماطم داخل الشيشي ويوضع في التنور بشكل عمودي ثم يحمس بالدهن .
كربلاء في الذاكرة 258

چل فراي . المخلمة . حلاوة شعرية . اضافة الى ذلك فهنالك بعض الشرابت منها شربت تمر هند ، وشربت ماء الرمان وشربت السكنجبيل ، وكذلك الخيار واللبن . وعندما يبدأ المؤذن بالأذان ، يشرع الصائم بالفطور أولاً بشرب ماءٍ ساخن يسمى (قنداغ) ، وقليل من الحساء (الشوربه) أو قليل من التمر . وقبل تناول أي نوع من الأطعمة يقرأ دعاء الافطار المشهور (اللهم لك صمت وعلى رزقك افطرت وعليك توكلت لصوم غد نويت) . ومن الظواهر التي كانت في كربلاء ان التمن والمرق لا يؤكلان وقت الافطار ، وان اكلهما وقت السحور . وبعض الناس يتناولون فطوراً خفيفاً ويجعلون السحور الوجبة الرئيسية . ومن بين الاكلات التي لا تؤكل الا قليلاً جداً في هذا الشهر السمك لانه يسبب العطش ، وكذلك الهريسة(1) .
وهناك يقرأ الصائم دعاء (الافتتاح) ويطلق على تسميته أيضا دعاء العشاء ، حيث يقرأ في كل ليلة في المساجد والمشاهد المقدسة عن طريق مكبرات الصوت في الوقت الحاضر وأوله (اللهم اني افتتح الثناء بحمدك ...) كما يتلى القرآن أيضاً . وتظل المساجد الصغيرة والكبيرة في رمضان مفتوحة الى السحور ، وتضاء داخلها كما تضاء المآذن أيضاً . وفي أماسي هذا الشهر تعقد مجالس الوعظ والارشاد ، وتفتح أبواب الدواوين ، ويزداد التزاور ، فالزائرون لم يكتفوا بزيارة دواوين محلاتهم في حاراتهم فحسب ، بل يتزاورون من بيت الى بيت .

(1) الهريسة : أكلة شعبية مكونة من الحنطة المعرضة للتسخين ثم يصفى ويمزج العصير باللحم ويعرض للتسخين ثانية وتحرك خشبة المجذاف داخل القدر لغرض تماسك اللحم مع العصير للحصول على شبه سائل يشبه اللبن الرائب ثم يضاف للناتج دهن حر وسكر يتناولها الكربلائيون في الشتاء صباحا .
كربلاء في الذاكرة 259

وقد جرت العادة في تلك الايام ان يتبادل الأهالي الدعوات على طعام الافطار بغية الحصول على الأجر والثواب . أما أهل البساتين فانّ الغالب منهم يتبادلون الزيارات من بستان الى أخرى لزيارة الاقارب والمعارف في المدينة . اما اليوم فقد أخذت تلك العادة تنقرض لأسباب عدة . ومن الناس من يزور الأضرحة المقدسة ثم يعود الى مقر عمله . وتدور في هذه المجالس احاديث وحكايات وقصص وقضايا الساعة والمجتمع . فهناك مجالس تتكلم في الأدب والفكر وأخرى في الدين والتاريخ وفي شؤون الحياة المختلفة ، ومحور الحديث في كل هذه المجالس أهمية الصوم وأبعاده وفوائده ، فهو من الناحية الاجتماعية يعود الصائم على ترك العادات الضارة التي تفكك الاخلاق والمجتمع . فالصائم لا ينظر الى عورات الناس ويتودد الى ذوي القربى ويتصدق على اليتامى وأبناء السبيل ، ويساعد المعوزين ويعطف عليهم ، ويتفقد المرضى والايتام والارامل وغيرها من أنواع البر والصدقات مما يرفه عن الفقير ويدخل السرور الى قلبه . وهذه الواجبات فرضها الاسلام على الصائمين . كما انها تعزز الروابط الاجتماعية بين أفراد الناس ، وبذا تتحقق الوحدة الاجتماعية بالمحبة والمودة وتبادل المنافع .
وهناك مجالس أفراح ومسرات ومجالس للعزاء تقيمها الاسر والبيوتات الكربلائية في الدواوين ، فلا تخلو محلة من المحلات والاماكن المقدسة منها . ومن اشهر تلك المجالس هي التي تعقد في ديوان السادة آل النقيب وديوان السادة آل الرشدي وديوان السيد صالح السيد سليمان آل طعمة وديوان السيد علي الاحمد آل نصر الله وديوان السيد عبد الوهاب آل طعمة حاكم كربلاء وسادن الروضتين وديوان السيد محمد مهدي بحر

كربلاء في الذاكرة 260

العلوم وزير المعارف الأسبق وديوان السيد عبد الحسين الدده وديوان السادة آل طعمة سدنة الروضة الحسينية وديوان السادة آل ضياء الدين سدنة الروضة العباسية وديوان السادة آل ثابت وديوان السيد مصطفى الشروفي آل طعمة نائب سادن الروضة الحسينية وولده السيد سعيد الشروفي . ديوان السيد عبد الحسين السر خدمة آل طعمة مدير الاوقاف وديوان الحاج محمد رشيد الصافي وديوان آل عواد وديوان الحاج علوان الجار الله رئيس عشيرة بني سعد وديوان عشيرة الوزون برئاسة الشيخ عمر العلوان وشقيقه عثمان العلوان وديوان الحاج حسن الشهيب وولده اليشخ محمد والد الوجيه الحاج ابراهيم الشهيب وديوان الشاعر السياسي الحاج عبد المهدي الحافظ وديوان الشيخ طليفح الحسون رئيس عشيرة النصاروه وديوان الشيخ گمر النايف رئيس عشيرة السلالمة وديوان السادة آل الشهرستاني وغيرها . وهناك مجالس للعلماء الأعلام لا تخلو من الفوائد والفرائد هي محافل عامرة بأطرف الاحاديث وامتع المناقشات ، حيث تلقى الخطب الرنانة في فضائل الشهر المبارك .
ومن بين تلك المجالس الكبيرة التي تعقد في المدينة المجلس المقام في ساحة الامام علي (ساحة البلوش قديماً) من قبل سواق سيارات الاجرة ، ومجلس باب قبلة العباس والمجلس المنعقد في الصحن الحسيني والمجلس المنعقد في الصحن العباسي . بالاضافة الى المجالس الادبية التي تعقد في منتديات كربلاء ، وتدور بين روادها الاحاديث الرمضانية الشيقة والقاء الشعر فيها ، حيث ان النوادر النثرية والنكات الشعرية يكون مجالها أوسع وشذاها أضوع .

كربلاء في الذاكرة 261

وتقام مجالس التعزية (القرايات) وهي ذات أعمال صالحة تمهد للناس العمل بموجبها والالتزام بها والغاية منها الحصول على الثواب . وفي المجالس المذكورة أيضاً ينظم الشعر ارتجالاً ويتبارى الشعراء بالمطارحات الشعرية ، فنسمع شعراً مطبوعاً وادباً رقيقاً وعواطف ملتهبة وشعوراً سامياً ، ونلمس نفساً عربية وثابة وروحاً طموحة . وتدور المداعبات والطرف والتندر ويتم تسجيل الحوادث التاريخية والادبية وتتناشد الاشعار الرقيقة وفيها جمام النفس وغذاء الروح ، لما لهذه اللقاءات الفكرية من أثر في التوجيه والاصلاح الذي نحن بأمس الحاجة اليه .
ومن طريف ما حدث ان المرحوم الشيخ موسى الاصفر المتوفى سنة 1289هـ وهو من شعراء كربلاء المعمرين المعروفين بعمق التفكير وسرعة البديهة وكان في مجلس العالم الفاضل السيد علي نقي الطباطبائي النادرة التالية مخاطباً السيد بأبيات يستفتيه بأنه هل يصوم المفلس في رمضان أم لا ؟ فقال :
مسـألة أتعبـنـي حلـهـا وأنت فيها سيـدي أخبرُ
رمضان شهر جاءنا مسرعاً يصومه المفلس أم يفطر ؟

وكان مجلس السيد حاشداً بعلية القوم من الادباء وأهل الفضل يحتضن نخبة صالحة من رجال العلم والادب وغواة الشعر ، وكان من جملة من يرتاده الشيخ محسن الخضري المتوفى سنة 1245هـ فارتجل مجيباً الشيخ موسى نيابة عن السيد قائلاً :
رمضان شهر واجب صومه وغير ذات العذر لا يعذر
الصوم امساك وكـفٌ مـن افلس في احـرازه اجـدر

كربلاء في الذاكرة 262

ومن المساجلات الأدبية والطرائف الواردة في شهر رمضان انه كتب بعضهم هذين البيتين الى الخطيب الشاعر السيد جواد الهندي :
تحمل شهر الصوم عنا فأفطرنا فما بالنا عن نيل وصلكم صمنا
وكنا به في عيشـة ذات بهجة وانا لنرجو ان نعـود كمـا كنا

فأجابه السيد جواد :
أأحبابنا تهتم بمـا نحـن اضمرنا وهجتـم لما فـي لبـة القلب اسكنا
فلا تزعمـوا أنا نسينا عهودكـم ومجمعنا للأنس مـذ نحـن افطرنا
ولكنمـا الايـام لازال شـأنهـا تقرب مـا يشجـي وتبعـد ما يهني
اما وليالي الوصل فالقلب لم يصم ولو اننا والطرف من وصلكم صُمنا
فلا يبعدن الله سـاعات وصلكـم فمهمـا أتانا أمركـم نحـوكم سرنا
نفوز بكم في عيشـة ذات بهـجة وانتم كما كنتـم ونحـن كمـا كنـّا

ومن المميزات التي تتسم بها هذه المجالس ما كان يدور بين رجال الدين من سادة وشيوخ الذين يتربعون في طوارم الصحن الشريف الحسيني . وكانت عملية نقد للسلطة الحاكمة آنذاك . وكان أحد (المكشّدين) جاسوساً يوصل أخبار العلماء بحلوها ومرّها الى المسؤولين ، وهي عملية نقدية وصريحة للسياسة القائمة في حينها . ومن الطريف انه كان يجهر بذلك على ايصال

كربلاء في الذاكرة 263

تلك المعلومات اليهم ويقول لهم مفتخراً (كل ما يدور في مجالسكم من نقد وعري للسلطة سأوصله بأذن الله) وكانت تشجع تلك الحلقات النقاش الجدلي في أواوين الصحن والمساجد كما كانت تقام الصلاة في المساجد وفي البيوت ثم ترتفع اصوات القراء وتلاوة القرآن الكريم بتلاوة شجية جليلة . حتى الشباب والأطفال يجمعهم شهر رمضان على الوئام والمحبة ، فالأطفال يجتمعون في الساحات العامة للعب بعض الألعاب المسلية ، والشباب يختلفون الى مجالس لعبة (المحيبس) التي تمارس في الحارات والازقة والمقاهي وفي البيوت أيضاً . وتجري المراهنات على تلك اللعبة بين لاعب وآخر أو بين شباب محلة مع شباب محلة أخرى . والفريق الفائز يحصل على البقلاوة أو (التمتوعة) التي تشمل الدولمة والكباب المجهز من البيوت . ومن ابرز لاعبي المحيبس مهدي حمه ، فقد كان له تكهن وممارسة واطلاع بهذه اللعبة وكثيراً ما يفوز بصواني البقلاوة والزلابية عندما يتصدر اللعب مع جماعات أخر .
حتى أن البعض من أهالي الهندية والنجف يقصدون كربلاء لغرض المباراة في تلك اللعبة . وما دمنا بصدد الحديث عن الوقت الذي يمضيه الشباب ، فان قسماً منهم كان يرتاد (الزورخانة )(1) للقيام بالألعاب الرياضية . وفي ليلة الخامس عشر من شهر رمضان التي تصادف مولد الامام الحسن تعقد المحافل في معظم المساجد والبيوت وفي الصحنين المطهرين ، كما تقام معالم الزينة في شوارع المدينة وأسواقها . أما الكسبة وكثير من أهل الأصناف وأصحاب المعامل وخاصة (القندرچيه) صانعوا الأحذية ، فأن

(1) مجلة (التراث الشعبي) مقالة (الزورخانه) لضياء النصار ع 1 ، 1971م .
كربلاء في الذاكرة 264

معظمهم كان يشتغل في الليل لينام في النهار . ومن الصائمين من كان يمارس اعمالاً دينية نذكر منها زيارة العتبات المقدسة ، واعطاء الخيرات والمبرات في كل ليلة من ليالي رمضان وخاصة في ليالي القدر والجمع . فقد كانت الصواني الحافلة بأطايب الطعام تحمل الى دور الفقراء وتوزع على ابناء السبيل . ويتم (حمل القرائين) في مرقد الامام الحسين ومرقد اخيه العباس وفي المساجد والبيوت . ويتم اعطاء ختمات قرآن من قبل الأسر على أرواح الوالدين والفقيد العزيز لقاء اجور معينة يتفق بشأنها مع خاتم القرآن ما بين ثلاثة دنانير أو دينارين لكل ختمة واحدة . أما مجالس التجويد فهي كثيرة وتعقد في الغالب في المقابر المحيطة بالصحن وابرز المساجد ، وهي حلقات لقراءة القرآن وتعليم التجويد وقواعده . ومن المختصين بعلم التجويد وقواعده . ومن المختصين بعلم التجويد الحاج عبد الله والحاج محمد حسين الكاتب والسيد محمد حسن السيف والملا حمود النجار وغيرهم وهم يستمعون لكل قارئ ويصلحون اخطاءه . وفي كل ليلة تقرأ سورة كاملة من قبل الجالسين ، ثم يختم القرآن ليلة العيد ، فيوزع ماء الورد والبقلاوة والزلابية والشربت ، وتجلب من البيوت الصواني التي تحتوي على البخور والشموع الموقدة نذراً لخاتمي القرآن وذلك من أصحاب المحافل . كما توزع كتب خاصة بالمناسبة كالقرآن الكريم والصحيفة السجادية وهداية المستفيد في علم التجويد وغيرها .
وتقوم محافل ختمة القرآن الخاصة بالنساء في أيام شهر رمضان نهاراً ، وتكون المراسيم نفسها التي تطبق في مجالس الرجال عدا الأكل .
وفي رمضان تكون حركة المرور في النهار بطيئة مقابل

كربلاء في الذاكرة 265

الحركة الشديدة في الليل . وهناك عادة استحدثت في السنوات الأخيرة ، وهي السفر الى سامراء بعد صلاة الظهر من كل يوم من أيام رمضان والعودة الى كربلاء في منتصف الليل أي قبل السحور بساعة تقريباً . وهناك مجالس خاصة للافطار تقيمها بعض الأسر الموسرة بمثابة خيرات . ومن المميزات الخاصة بليالي القدر ان الناس يسهرون حتى الصباح ، وفيها يتوافد الزوار على المدينة لزيارة العتبات المقدسة ، ثم يتوجهون الى النجف ، حيث تصادف ذكرى استشهاد الامام أمير المؤمنين علي عليه السلام(1) . ولهذه الليلة طقوس خاصة منها ان التجار يوزعون كيلوين لحم وكيلوين تمن وكيلوين دهن على الفقراء . كما يوزع البعض نقوداً ، وتوزع كميات كبيرة من الأطعمة والفواكه ، وذلك في الصحنين المطهرين والمساجد او ترسل الى بيوت بعض الأسر الفقيرة أو في أي مكان آخر . وغالباً ما توزع بطاقات خاصة تعرف بـ (التكتات) على الفقراء كيما يستطيع هؤلاء شراء الخبز بواسطتها ، ولعلهم استندوا الى الحديث النبوي الشريف : ايها الناس من أفطر منكم صائماً في هذا الشهر كان له عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه . وبذلك يكسب المتبرع أجراً كبيراً . وفي ليالي القدر يتلو الناس القرآن ويدعو الله كثيراً . كما يُعقد مجلس حاشد في دار الأميرة الهندية تاج دار باهو في محلة باب الطاق بعد الافطار يتناول فيه الناس الشاي والحليب ، ويقرأ بعض أفراد الجالية الهندية مجلس تعزية واشعاراً بلغتهم . وفي الليلة الأخيرة التي تصادف وفاة الامام علي (عليه السلام) يخرج موكب للعزاء يحمل نعش الامام المغطى بالعمة الخضراء ثم

(1) تاريخ كربلاء وحائر الحسين / للدكتور عبد الجواد الكليدار آل طعمة ط 2 ص 148 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي