كربلاء في الذاكرة 179

7 ـ مسجد السيد علي نقي الطباطبائي . شيده العالم السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض سنة 1220هـ واشتهر باسم حفيده العالم السيد علي نقي . ويقع قرب سوق التجار الكبير .
8ـ مسجد كبيس : يقع في محلة باب الطاق مقابل حمام كبيس . وكان قد أسس منذ هجرة عشيرة (الكبيسات) الى كربلاء واستيطانهم بها في القرن العاشر الهجري . وكان يقيم الجماعة في المسجد المذكور السيد منصور بن محمد ابن المعالي الحائري والد الأمير السيد علي الكبير وذلك حدود سنة 1180هـ(5) .
9 ـ مسجد الشيخ يوسف البحراني : يقع في محلة باب الطاق المدرسة الهندية . أسسه العالم الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق المتوفى سنة 1186هـ .
10 ـ مسجد الاغا باقر : يقع في محلة باب الطاق مقابل مسجد الشيخ يوسف البحراني وجوار المدرسة الهندية . أسسه العالم المؤسس الوحيد الاغا باقر الببهاني زعيم الحوزة الدينية المتوفى سنة 1208هـ .
11 ـ مسجد الشيخ خلف : يقع في محلة باب السلالمة . انشأه العالم الشيخ خلف بن عسكر الزوبعي المتوفى في طاعون سنة 1246هـ . وقد تهدم اثر توسيع شارع السدره .
12 ـ جامع الحاج نصر الله : يقع في محل العباسية الشرقية على شارع العباس . شيده الحاج نصر الله عبد الكريم سنة

(1) اعيان الشيعة / محسن الامين العاملي ج 48 ص 116 .
كربلاء في الذاكرة 180

1343هـ ثم جدد بناؤه المتولي كاظم الحاج حسن سنة 1382هـ .
وهناك مساجد كثيرة في كربلاء افردنا لها كتاباً خاصاً باسم (تاريخ مساجد كربلاء) لم يطبع بعد .

(الحسينيات) :

هناك عدة حسينيات منتشرة في ارجاء المدينة يأوي اليها الزوار ، وبعض هذه الحسينيات في طريقها الى الانشاء ، ومن أبرز هذه الحسينيات :
1 ـ الحسينية الحيدرية : تقع في شارع الحائر الحسيني ، أقيمت على أنقاض خان الباشا ، وهي ذات مساحة واسعة ، بنيت بالرخام ولها أعمدة مرتفعة وتتخللها زخرفة . تقام فيها احتفالات مدينة كربلاء ابتهاجاً بميلاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) .
2 ـ حسينية السيد محمد صالح : تقع في شارع المخيم . انشأها المرحوم السيد محمد صالح بن السيد مهدي بن السيد مرتضى نائب كليدار الروضة الحسينية المتوفى يوم الاربعاء 4 صفر سنة 1354هـ .
3 ـ حسينية ربيعة : تقع في بستان شمس الدولة خلف مرقد العلامة ابن فهد الحلي . وهي لا تختلف عن غيرها من الحسينيات .
4 ـ حسينية المشاهدة : وهي العائدة لأهالي النجف . تقع في محلة العباسية الغربية .
5 ـ حسينية أولاد عامر : وهي العائدة لأهالي البصرة . تقع في

كربلاء في الذاكرة 181

محلة العباسية الغربية في شارع الامام الحسين . وهي ذات مساحة واسعة تحوي على عدد كثير من الغرف ، وقد تأسست سنة 1375هـ .
6 ـ حسينية الكرادة الشرقية : وهي تقع في شارع الوحدة العربية المؤدي الى بغداد . وقد شيدت على أحدث طراز .

السبيل (السقاية)

كانت كربلاء ولا تزال محجاً لزوار قبر الحسين (عليه السلام) يؤمها الآلاف من المسلمين خلال مواسم الزيارات والمناسبات طوال أشهر السنة . ولا يخفى بأنّ صيف العراق حار يحتاج فيه الانسان الى الماء ، وقبيل خمسين عاماً أو يزيد ما كانت المياه متوفرة كما هي عليه اليوم ، فقد كان الماء يحمل في قرب على الدواب ويباع على المحتاجين . ولأجل توفير المياه للزوار في فصل الصيف ، سعى أهل البر والاحسان من المقيمين في كربلاء ، إلى بناء محلات خاصة لشرب الماء وتشييد مخازن للمياه المعدة له ، أطلق عليها (السبيل) . وقد جهزت بعض المساجد بالسبيل ، كما اخرج البعض من داره محلاً لسقاية الناس يشرب منه السابلة ، وكانت تملأ عن طريق (السقّاء) جالب الماء وبائعه .
وحينما وجدت اسالة الماء استعاض الناس بالأنابيب عن (السقاء) وعطلت مهنة السقاية الى الأبد . وعلى الأثر تغيرت محلات السبيل من عملية بناء الى صناديق يوضع فيها الثلج وتزود بالماء النقي ، ولما تطورت الحال ووصلت البرادات سعى بعض المحسنين الموصرين بوضع براد ماء كهربائي لسقاية السابلة والمستطرقين .

كربلاء في الذاكرة 182

ويمكن أن نقسم موضع الماء من أجل السبيل الى نوعين . النوع الثابت أو الدائم ، وهو السبيل المبني مع البناية والمعد لسقي الماء وشربه . والنوع الثاني يمكن ان نقول عنه المتنقل أي الذي ينقل من مكان لآخر ويغير موضعه او يوضع في فصل الصيف فقط وفي موسم عاشوراء وصفر وايام الزيارات .
هناك خزانات تصنع من الاستيل أو النحاس وتجهز بحنفية ينزل منها الماء ، ويشرب بواسطة أواني نحاسية ، وهذه تكون صحيّة .
ومعظم الأواني كتبت عليها آيات قرآني أو أبيات من الشعر تدعو الى شرب الماء وثواب اسقائه وتذكر حالة عطش الحسين واصحابه يوم عاشوراء .
وأماكن السبيل الموقته أكثر ما توجد في صحن الحسين والعباس وفي شهري محرم وصفر ، كما توجد في الشوارع والأسواق .
أما أشهر هذه الخزانات هي :
1 ـ سبيل الروضة الحسينية : يقع في الركن الجنوبي الشرقي من صحن الحسين ، وهو الذي أمرت بتشييده والدة السلطان عبد المجيد العثماني سنة 1282هـ . وارخ عام تشييده الشاعر عباس القصاب الكربلائي :
سلسبيل قد أتى تاريخه (اشرب الماء ولا تنسى الحسين)
1282هـ

2 ـ سبيل الروضة الحسينية : ويقع مقابل ذلك السبيل ، تولى انشاءه المرحوم الحاج حبيب الحافظ ، واوقف بعض الأطيان لهذا الخزان .

كربلاء في الذاكرة 183

3 ـ سبيل الروضة الحسينية : يقع في الجهة الجنوبية من الصحن عند مدخل باب القبلة انشأه الوزير أحمد شكري أفندي ابن المشير نجيب باشا والى بغداد سنة 1264هـ وقد أرخ عام بنائه الشاعر الاديب عبد الباقي افندي العمري بقصيدة تاريخها :
ورق لما راق تاريخه (لأحمد الحوض مع السلسبيل)
1264هـ

4 ـ سبيل الروضة الحسينية : يقع مقابل باب قاضي الحاجات . انشأه الحاج فيض .
5 ـ سبيل الروضة الحسينية : يقع قرب مئذنة العبد ، مقابل ادارة الحفارين . يديرها فراش الصحن .
6 ـ سبيل الروضة العباسية : يقع في الجهة اليمنى من الصحن الشريف عند باب العلقمي .
7 ـ سبيل الروضة العباسية : يقع على يسار الداخل الى الصحن من باب سوق العباس .
8 ـ سبيل الروضة العباسية : يقع الى الشمال الغربي من الصحن ، انشيء حديثاً . وبسبب التغييرات التي طرأت على الصحنين .
9 ـ سبيل حاج علي شاه : يقع في محلة باب النجف بعگد الدجاج وهو الخارج من دار الحاج علي شاه ، انشيء سنة 1324هـ وبعد مضي سنوات على تأسيسه أرخه الشاعر المعاصر المرحوم السيد مرتضى الوهاب بهذه الأبيات وقد نقشت على الكاشي :

كربلاء في الذاكرة 184

أنشا علـي شـاه من مآثره سقايـة وردهـا من العسـل
يجري بها الماء بارداً عذباً من منهـل بالرحيـق متصل
باسم الحسين استهل تاريخاً (يفيض بالطف سلسبيل علي)
1324هـ

وكان يُزود سكان المنطقة بالماء البارد العذب وخاصة أيام الزيارات في موسم الصيف .
10 ـ سبيل الحجة : يقع في سوق التجار وهو خارج من دار العالم الكبير السيد محمد باقر الحجة الطباطبائي .
11 ـ سبيل صبابيغ الآل : وهو خارج حسينية صبابيغ الآل التي تقع في شارع الامام علي مقابل الحديقة العامة . انشيء للمرحوم محمد علي غفوري سنة 1959م/1379هـ .
12 ـ سبيل تاج دار باهو : يقع في محلة باب الطاق خارج من دار الأميرة الهندية تاج دار باهو صاحبة المبرات والخيرات .
13 ـ سبيل باب الشهداء : يقع مقابل باب الشهداء للصحن الشريف الحسيني . وقد أرخ عام بنائه الشاعر المرحوم السيد مرتضى الوهاب بأبيات نقشت على الكاشي :
عين ماء سلسبيل بالطفوف انبجست نبعه يجري من الفردوس عذباً كوثرا

كربلاء في الذاكرة 185

ليروي أرض قوم نصروا الدين بها وقضوا فيها ظماء فوق بوغاء الثرى
من روى التسنيم بالحاير في تاريخه (سلسبيل لعطاشى كربلا شهداً جرى)
1388هـ

14 ـ سبيل باب صاحب الزمان : يقع عند باب صاحب الزمان الخارج من صحن العباس ، وهو مكسو بالكاشي الجميل ، تعلوه الآية الكريمة «وجعلنا من الماء كل شيء حي» يليه بيت للشاعر الكربلائي الشيخ محسن ابو الحب المتوفى سنة 1305هـ .
اذا كان ساقي الناس في الحشر حيدر فساقي عطاشى كربلاء ابو الفضل

وقد تهدم هذا السبيل اليوم بسبب توسيع الصحن الشريف العباسي .
15 ـ سبيل الزينبية : يقع في سوق الزينبية بمحلة المخيم قريباً من مقام السيدة زينب . وقد تهدم اليوم بسبب فتح شارع الحائر المحيط بالصحن الحسيني .
16 ـ سبيل خان الشرطة : يقع في محلة باب الخان وهو خارج من خان الشرطة .
17 ـ سبيل مغتسل العلقمي : يقع في محلة باب الخان . وهو ما يزال ماثلاً للعيان .

كربلاء في الذاكرة 186

18 ـ سبيل المخيم : يقع في الساحة المقابلة لمدرسة المخيم ، شيدته بلدية كربلاء . وتوجد حوله من الجهة العليا ابيات للشاعر الكربلائي المرحوم السيد مرتضى الوهاب نقشت بالكاشي أرخ فيها السبيل :
اشرب الماء من معيـن مسنّم وفـرات مـروّق وتنـعـم
واذكر الفارس الـذي ثار للد ين وللتضحـيات فيه تقـدم
لم ينالوا من بأسـه فاستعانوا بسلاح الظمـا فـروّي بالدم
بعد يوم الطفوف بالطف أرخ (سلسبيلاً صفا بقرب المخيم)
1389هـ

19 ـ سبيل سوق المخيم : وهو الخارج من مسجد المخيم
وهناك مواضع أخرى لسقي الماء خارج مدينة كربلاء في الطريق المؤدية للبستان .
وقد أزيلت معظم هذه السقايات اليوم بسبب التوسع العمراني .

كربلاء في الذاكرة 187

الفصل الخامس

الاجتماع


عادات وتقاليد المجتمع الكربلائي

كربلاء المدينة التاريخية المقدسة التي تضم مرقدي الامام الشهيد الحسين بن علي وأخيه العباس (عليهما السلام) ، ويؤمها آلاف مؤلفة من المسلمين وغير المسلمين في مشارق الارض ومغاربها لزيارة العتبات المقدسة .
وكربلاء مدينة قديمة لها ماض مشرف حافل بالأعمال الخيرة والطيبة الموروثة . والمجتمع الكربلائي الذي عرف بحرصه على حفظ تقاليده وعاداته التي توارثها السلف عن الخلف ، ليعتز في الحفاظ عليها ، لانها أساس العلاقات الاجتماعية ، حيث هناك كثير من هذه العادات والتقاليد تكاد تكون غير معروفة لدى معظم ابناء الوطن من غير أهالي كربلاء .
ونحن هنا في هذا البحث نود أن نلقي ضوءاً كشافاً على جانب من هذه العادات :
1 ـ عيد الدخول (تحويلة السنة)

مناسبة يقوم الناس فيها بتبادل الزيارات فيما بينهم ويزورون مراقد الاولياء الصالحين والخروج الى البساتين والتنزه وهن يحملن الابسطة والشاي والسماورات ابتداء من صباح اليوم الباكر حتى اليوم الثالث عشر .

كربلاء في الذاكرة 188

وقبل ان تبتدأ السنة الجديدة وتنتهي السنة السالفة ، وخلال تلك الساعات يقمن بتلاوة الادعية لفتح أبواب الرزق وتحقيق الآمال متضرعين متبركين أن يحفظهن . ومن الطريف ان هناك اعتقادا يتداولنه هو ان البيضة سرعان ما تتحرك من تلقاء نفسها وتتخذ لها من المرآة مستقراً ويعرف هذا العيد عندهم بالنوروز(1) .
أما العرب أهالي كربلاء الاقحاح ، فيطبخون في ذلك اليوم الزردة والحليب وليضعون معها في الصينية السمسم والسكر والكليجة والسمك والدجاج والبيض ، ويزينون المائدة بالشموع على عدد أفراد العائلة . ويعتقد هؤلاء ان السنة القابلة ستدور على شيء معين ، فمثلا يقولون ان السنة تدور على الكلب فتجدهم يتشائمون ويعتقدون ان هذه السنة ستكون وبالا عليهم ، حيث يتقاتل الاخوة أو ستدور السنة على خنزير ، حيث ينعون الشفقة والرحمة وهكذا .. ويسمى هذا التحول بـ (دورة السنة) وتزين النسوة باطن اكفهن بالحناء ويرتدين الحلي المزركشة ابتهاجاً بهذا اليوم الجديد مشاركة لغيرهن من أهالي المدينة .

2 ـ صوم زكريا

في أول يوم من شهر شعبان كل عام يصوم الرجال والنساء يوماً واحداً يسمى بـ (صوم زكريا) لاجل تطمين رغبات واحتياجات يعمل الفرد في تحقيقها . فالنساء الحوامل في الغالب يرغبن أن ينجبن أولاداً ذكوراً ، فيصمن هذا اليوم نذرا وهن يتقربن الى الله في تحقيق الاماني والغايات ، ثم يفطرن على

(1) النوروز أو النيروز أول يوم من السنة الشمسية (يوم الفرح عموما) وفيه يتساوى الليل والنهار .
كربلاء في الذاكرة 189

ماء جلب من بئر وقطعة من خبز شعير ويخلطن اللبن بالدبس ، ويعلمن الدولمة والخضروات ، وتجلب هذه المواد الى صحن العباس (عليه السلام) لتوضع على (سفرة) ويوقدن الشموع ويؤدين الصلاة ركعتين ثم يفطرن ، وبعدها تعود النسوة الى منازلهن .

3 ـ الدباغية :

في آخر يوم أربعاء من شهر صفر يذهب الرجال والنساء الى الدباغية(1) ، حيث يحوي المكان أحواضاً لغسل جلود الغنم والابقار والجاموس والجمال .
ومن الطبيعي ان يكون الماء المستعمل ذا رائحة نتنة . ومن المعتاد ان يعبر هؤلاء سبعة أحواض ، ويملأون دواليكهم أو سطولهم أو قنانينهم أو صراحياتهم أو صفائحهم من هذا الماء النتن فيجلبونه الى دورهم . ويعتقد هؤلاء أن كل من سحر لهم ، فان هذا الماء الذي يسكبونه في زوايا الدار يبطل أثر السحر . وتخلط المرأة المتزوجة من الماء المجلوب مع الماء الصافي وتسكبه على الفتاة التي تحلم بالزواج .
ومما هو طريف ان عدد الرجال والنساء الذين يترددون على الدباغية يبلغ قرابة الاربعة آلاف ، حيث يتوافدون من المحافظات الجنوبية ، وغالباً ما تكون تلك الزيارة يوم الاربعاء من كل أسبوع .

(1) الدباغية : خان كبير يقع في نهاية زقاق يبعد حوالي نصف كيلومتر عن مدرسة العزة الابتدائية في كربلاء على الطريق العام المؤدي الى الهندية (طويريج) .
كربلاء في الذاكرة 190

4 ـ المشية :

تذهب بعض النسوة الى دار الفتاة فيشاهدن الفتاة ويفاوضن والدتها ، ثم تعرض والدتها الامر على والدها ، فان وافق فيحدد اليوم الموعود . فينبه أهل الفتى عائلة الفتاة استعداداً لمجيئهم .فيذهبون ويصطحبون من اصدقاء كلا الطرفين ويحضرون في دار الفتاة ، ويتحدث الشخص المرموق فيهم فيقول :
(ابختنه) أي اعطنا عهداً بأنك لا ترد طلبنا . فاذا رد عليهم ولي أمر الفتاة بقوله : (مبخوتين) فانهم ، يشربون الشاي ويتحدثون عن المهر وما يمت للزواج بصلة .
والمشية تأتي لعدد من المناسبات كالقتل والصلح والزفاف وغير ذلك .

5 ـ الخطبة :

يذهب جمع من قريبات الفتى الى دار الفتاة ، ويقدمن الخاتم او السوار وبعض الهدايا الى الفتاة ، ويتم الاتفاق بحضور رجل الدين الذي يقوم بمهمة عقد القران في وسط من الاهازيج والزغاريد .

6 ـ الجلوة في الاعراس :

تحضر (الملة)(1) المعروفة في الحي الى دار الزوج ليلة الزفاف ، وعندما يقدم الزوج تضع يده بيد الزوجة وتضيء

(1) الملّة : لفظة تطلق في كربلاء على المرأة فقط وهي التي تقوم بتعليم الاطفال . أما الرجال فيسمى واحدهم بالشيخ .
كربلاء في الذاكرة 191

الشمعة الكبيرة التي اعدتها أمامهما فيمنحها الزوج نقوداً ، وهي تقرأ بعض الادعية . كما ان القابلة التي تسكن الحي والتي اعتادت توليد النساء ، تحضر وتغسل ايدي الزوجين بابريق من ماء الورد كانت قد اعدته منذ حين لاجل هذه المهمة فتمنح لها الهدايا من الزوجين تكريما لها .

7 ـ الشوباش:

عندما يتزوج الرجل تأتي قارعات الطبول من نساء العبيد في اليوم التالي فيضربن بدفوفهن وينشدن بعض الاغاني لتهنئة الزوجين بهذه المناسبة السارة ، وتفرش عباءة في ساحة الدار ويهرع الناس من اصدقاء وجيران وأقارب وكل من يشعر أن للزوج أو الزوجة حقاً عليه فيرمي بمبلغ مناسب في العباءة هدية منه . بعد ذلك يجمعن المبالغ المتوفرة فيتقاسمنها بينهن . كما ان أهل المحتفى بزواجه يقومون باكرامهن مالا وملابس وسكرا ، ثم يبرحن الدار وهن داعيات للزوج الخير والبركة والبنوة الصالحة .
وفي خارج المدينة تختلف الامور ، حيث الحياة القبلية والعشائرية ، فيأتي عدد من الاشخاص ممن لهم صلة بالعائلة ويطلقون العيارات النارية مشاركة لهذه الفرحة ، فيرد عليهم أهل الدار باطلاقات أخرى وهم يعلنون عن فرحتهم بزيارتهم ، ويستضيفونهم . ثم يفرش صاحب الدار عباءته في الساحة المعدة لهم ، ويعد لذلك يشماغاً لمن يقف بالقرب من العباءة وينادي بالشوباش ، ويبتعد صاحب الدار مسافة قصيرة ، بحيث يسمع المنادي وهو يردد «شوباش .. حجي (...) انعم الله عليك .. الله يبيض وجهك» ثم يحصي بذلك صاحب الدعوة المبالغ المتجمعة

كربلاء في الذاكرة 192

عن طريق عدد خرزات المسبحة ، لان ما يدفعه كل شخص يعادل ما يدفعه الآخر ، حتى لا يضيع عليه الحساب ، واذا تعذر ان يكون هناك من المبلغ المحدد بينهم ، يأتي فيهمس باذن العريس معتذراً ان ذات اليد مقصرة معه في دفع المبلغ الكلي المتفق عليه آنياً ، فيقبل صاحب الدعوة عذره وهو يعطيه فرصة أخرى لسد ما تبقى عليه من دين ادبي .

8 ـ صوم اليتيمة :

تروي الاساطير بأن هذه التسمية تعود الى ان هناك فتاة يتيمة الام ، لها أب وزوجة أب ، تنال من زوجة أبيها سوء العذاب ... ذات يوم شكت همها الى الجيران ، وقيل لها «ان هناك صوماً لليتيمات ، ويمكنك صوم ذلك اليوم واتجهي الى بيوت ثلاث في كل منها فتاة اسمها فاطمة وخذي من الاولى سكراً ومن الثانية طحيناً ومن الثالثة دهناً لعمل العصيدة وصومي ذلك النهار ، واستعدي للفطور» . امتثلت البنت لقول جارتها وعملت العصيدة وفطرت بها ، بعد ان صامت ذلك النهار لطلب مرادها . كل ذلك جرى دون علم أهلها . وتقول الاساطير ان هذه البنت قد نالت مرادها ، وتزوجت من ابن السلطان . وفي العام الثاني من زواجها ، وبعد ان أدت الواجب الملقى على عاتقها بصومها دون علم أهل الزوج ، وخلال فطورها ، دخل عليها زوجها ابن السلطان الى المطبخ ونهرها ومن ثم رفس الطاوة برجله ، وقال لها : «هل انت مازلت فقيرة كما كنت في دار أهلك ؟» وكان ملك(1) الدولة المجاورة قد أرسل اليه يرجوه للمقابلة ، فنفذ ابن السلطان الامر ، وقبل ان يودع زوجته قال لها : استعدي وهيأي لي المتاع ،

(1) الملك ـ ورد في الماثور انه السلطان أيضا . ولكي لا يشتبه مرجع الضمير ، استعملت كلمة (الملك) لقب السلطان البلد المجاور للتفريق .
كربلاء في الذاكرة 193

فوضعت له في الخُرج ثلاث بطيخات وبعدها سافر ، وحال وصوله الى الملك للسلام عليه ، وجد الخرج يقطر دماً ، وعندما فتح له الخرج ، وجد فيه ثلاثة رؤوس بشرية وقال له الملك : نحن رجوناك لمهمة ، فكيف تتسبب بقتل ثلاثة أشخاص ؟ وحجزوه هناك فترة من الزمن تقارب السنة وارسل خبراً الى زوجته ملتمساً ان تقوم بالصوم وتأدية ما عليها من الواجبات الدينية التي كانت تعملها في دار أهلها حتى يفرج الله عنه الكرب ويعود اليها سالماً . وفي ذلك اليوم الذي صامت فيه من السنة التالية كانت محاكمة زوجها ، وقد أدت ما عليها وأكلت العصيدة . وفي مجلس الملك سئل ابن السلطان عن سبب قتله لهؤلاء الثلاثة ، أجاب بالنفي واوتي بالخُرج ، وعندما فتحه الملك ذهل حين وجد ان هذه الرؤوس قد انقلبت الى ثلاث بطيخات .
ومن خلال تلك الاسطورة تصوم الفتيات عندنا آخر يوم ثلاثاء شهر رجب من كل عام لاجل الحصول على المراد .

9 ـ ليلة المحية :

اعتاد الناس التهيؤ والاستعداد المسبق بالابتهاج بهذه الليلة المباركة فهي ليلة ميلاد المهدي المنتظر (عليه السلام) . وتصادف النصف من شعبان حيث تكون الليلة بهيجة ومفرحة ، يتوافد الناس الى كربلاء زرافات ووحدانا لزيارة قبر الشهيد الحسين (عليه السلام) . كما يسهر الناس حتى الصباح وهم في أبهى حلة من الفرح والسعادة ، اذ تجدهم يسهرون في أماكن يحددونها ، وتقوم النسوة خلال تلك الليلة بتهيئة الطعام الذي يتكون من الدولمة والخضروات والحلاوة واللبن والكباب والدبس ، كل هذا يوضع في سفرة شعبية تحطيها الشموع الموقدة ،

كربلاء في الذاكرة 194

وبعد ذلك تأكل العائلة تلك الاطعمة المتنوعة ، وما ان يفرغوا من غسل الايدي حتى تهيأ دلال القهوة والدارسين . وبعدها يصلي افراد العائلة عند انبثاق الفجر .
ولا ننسى ان الاطفال والصبيان يستقبلون تلك الليلة مبكرين بهزجة شعبية هي (الماجينة) وهم يتنقلون من بيت الى بيت في الحي الذي يقطنونه .

10 ـ أربع سبوتة رجب :

انطلقت عادة جديدة في أواخر الستينات ، اذ تقوم النسوة بالصيام 4 أيام سبت من شهر رجب تبركاً وطلباً لنذر او مراد ، حيث يخرجن قبيل الفجر صائمات فيقصدن زيارة العباس (عليه السلام) ومن ثم يزرن الحسين (عليه السلام) وهن لا يكلمن أحداً ، وعندما ينهين الزيارة والدعاء بطلب المراد يعدن الى بيوتهن للافطار .

11 ـ زيارة احمد بن هاشم :

اعتاد أهالي كربلاء ومجاوروها زيارة مرقد السيد أحمد ابو هاشم(1) المعروف عند العوام باحمد بن هاشم وذلك في موسم جني التمور في شهر تشرين الاول من كل عام(2) ، وذلك وفق

(1) هو السيد أحمد بن ابي الفائز محمد من ذرية السيد ابراهيم المجاب ابن محمد العابد بن الامام موسى الكاظم (عليه السلام) . وهو الناظر لرأس العين المكنى بأبي ضراس والمدفون خارج شفاثة على ثلاثة مراحل غربي كربلاء ، وقبره يزار وله كرامات كثيرة . انظر كتاب (بغية النبلاء في تاريخ كربلاء) للسيد عبد الحسين الكليدار آل طعمة ص 132 .
(2) انظر كتاب (عين التمر) للاستاذ طالب علي الشرقي ص 152 .
كربلاء في الذاكرة 195

برنامج معين . فيجلبون الماء في صفائح وبراميل خاصة لعدم وجوده هناك ، كما يقوم الآخرون بجلب الحطب الذي يطبخون به الطعام ، كل ذلك لاجل التبرك وقضاء الحوائج . فتقدم النذور والقرابين وهي عبارة عن ذبائح لكل من في ذمته نذر وينحرونها هناك ، ويتجمهر الزوار في كل حارة بسيارات تحمل علماً أخضر اللون تعلقاً بأهل البيت ، ويمكثون هناك ثلاثة أيام .

12 ـ ليلة آخر صفر :

عندما ينتهي شهر صفر ، وهو من الشهور الحزينة في السنة الهجرية ، اعتاد الناس رمي الكوز من أعلى السطوح ، بعد ان يضعوا في كل واحدة منها قطعة صغيرة من الفحم وقليلا من الماء وذرات من الملح وعدداً قليلاً من النقود الصغيرة التي لا تتجاوز الخمسة فلوس . وتقوم النسوة برمي تلك الكوز في الطرقات دفعاً للشر والسوء ، وهن يرددن : «فلوس الخير بجرّة صفر» ويتم هذا بعد رؤية هلال شهر ربيع مباشرة ، حيث يقوم الصبيان بايقاد النيران في الطرق والازقة ابتهاجاً وفرحاً بانبثاق فجر الربيع وهم ينشدون في مظاهرة شعبية : (راح صفر جانه ربيع .. يا محمد .. يا شفيع) . ولا يتوانى الرجال من اطلاق الرصاص مشاركة في هذه الفرحة . وتلك عادة توارثوها عن أسلافهم .

كربلاء في الذاكرة 196

من الأعياد الشعبية
(1)

قنبر علي

كان عيداً خاصاً بالعبيد الساكنين في محلة باب الخان قرب باب طويريج . وكان العبيد السود يجتمعون عصر كل يوم جمعة ، حيث يأتون بحبٍ مقلوب يغطونه بالقماش الأحمر وينصبون فوقه علماً أحمر ، وكانت تأتي (سعادة) رئيسة الوصايف وهي تنشد اهزوجتها :
(يا هيوه .. قنبر علي) وبعد وفاتها خلفتها (سعيده) وحذت حذو سابقتها . والعبيد كانوا يجلسون في حلقة دائرية يحيط بهم ثلة من الشباب الذين يهرعون للاستماع الى تلك الاغاني والدبكات الشعبية . وكانت تواصل الغناء وترديد الطقوس المألوفة بانفعال يشتد مع استمرارها في الغناء ، حتى يغمى عليها .
أما مساكن اولئك العبيد فهي تقع قرب مرقد ابن الحمزة . ولابد من الاشارة الى ان سبب تسمية (قنبر) فهو عبد أسود مملوك للامام علي (عليه السلام) ، وكان العبيد يحتفون به ويعتقدون ويتخذونه رمزاً لهم وكانوا يستمدون منه العزم والقوة .

(1) حدثني بهذا اليوم المشهود كل من العم السيد محمد رضا والسيد ابراهيم شمس الدين القزويني واحمد مرتضى قاو الكشوان رحمهم الله جميعا .

السابق السابق الفهرس التالي التالي