بغية النبلاء في تاريخ كربلاء 135

من حواش القضية في محلة آل فائز (1) من محلات قصبة كربلا . . والحدود . . . والحد الرابع طريق بغداد وفيه الباب [ .
(7)
السيد طعمة الثالث

العالم الكامل كما في ورقة وقفية الفدان . [ خلاصة وقفية الفدان : يستفاد من الورقة انه في ملكية سيد طعمة ( الثالث ) بن سيد علم الديم مملكة الى الشيخ أحمد بن الشيخ علي النحوي حتى يوقفه الشيخ أحمد النحوي على المولى العالم الكامل السيد طعمة بن المرحوم المبرور السيد علم دام فضله وأفضاله ( عين ما في الوقفية ) . وتأريخ الوقفية : 15 شهر رمضان سنة 1025 ألف وخمسة وعشرون . ومن فدان السادة فدان يختص بالسيد خليفة بن السيد نعمة بن السيد طعمة الواقف للفدان ] .

(8)
السيد نعمة الله

وقفت على فرمان ـ والفرمان عند السيد مجيد بن المرحوم السيد سلمان ، والسيد نعمة الله الحلقة السابعة منه ـ صادر من السلطان مصطفى

(1) كانت كربلاء قديما تقسيم الى ثلاثة أطراف . يدعى الطرف الاول منها بمحلة آل فائز . والطرف الثاني بمحلة آل زحيك . والطرف الثالث بمحلة آل عيسى نسبة الى الاقوام العلويين الذين كانوا يسكنون هذه الاطراف . وعندما أتم صاحب الرياض بناء السور ، استبدل أسماء تلك الأطراف بأسماء أبواب السور ( أنظر مدينة الحسين ج 1 ص 15 ) . ( عادل )
بغية النبلاء في تاريخ كربلاء 136

الثالث العثماني في الخامس من شهر ربيع الآخر سنة 1187 سبعة وثمانين وألف من أسلامبول يبحث عن شؤون مزرعة وعوائد خطية للسيد عباس بن السيد نعمة الله يعبر عن نعمة الله وآله السيد عباس بهذه العبارة ( نقيب الاشراف نعمة الله أو علي سيد عباس ) .

(9)
السيد يحيى الثاني ضياء الدين ( نقيب الاشراف )

وقفت في النجف الاشرف على نسخة من عمدة الطالب (1) بخط حسين ابن مساعد بن حسن بن مخزوم بن أبي القسم بن عيسى الحسيني الحائري ، فرغ من نسخة تاسع عشر ربيع الاول سنة 893 ثلاث وتسعين وثمانمائة ويظهر في ـ الصفحة الاولى مدرج سواد شهادة بصحة نسب السادة الحجوج ، من الشهود : (ضياء الدين يحي طعمة الحسيني النقيب الحائري ) والتاريخ التحريري لعقد عشر وألف ومئة سنة 1109 . وعند ذكر عقب وآل أحمد بن الامام موسى بن جعفر ( سلم ) ، في الهامش الايسر يقول ما هذا لفظه : ( وقد ذكر صاحب الشجرة القديمة التي هي الآن عند بعض سادات آلأ طعمة في مشهد كربلاء التاريخ سنة 1164 أربعة وستين بعد المائة والالف ، التي انتخب منها شيخنا أبو الحسن مدرس الغري قدس الله رمسه مشجره ) . أقول : من الممكن على سياق التاريخ سنة 1109 . وسنة وفاة المنتخب سنة 1138 . ان أصل المشجر القديم كان في حيازة ضياء الدين يحي الثاني النقيب ـ أو عند ولده الذي خلفه

(1) توجد هذه النسخة في مكتبة الشيخ عبد الرضا آل الشيخ راضي ـ النجف ـ ، وقد طبعة في النجف الاشرف سنة 1918 .
بغية النبلاء في تاريخ كربلاء 137

في النقابة السيد نعمة الله (1) ، أو عند أعقابه الآخرين انتقل منه اليهم .
وقفت قبل أعوام مضت وأظنني في الغري الأقدس على نسخة هذا المختصر : مشجر مجرد من كل تعليق ، بسيط للغاية ، يكاد لا يستفاد منه سوى تسلسل الأسماء المدرجة فيه ، مع صغر حجم . والظاهر الشيخ هو المتغمد بالرحمة محمد مهدي (2) الفتوني المتوفي سنة 1138 . مؤلف كتاب ( ضياء العالمين ) في أجزاء بقطع كبير وهو من أوقاف مكتبة المرحوم

(1) آخبرني المرحوم السيد سلمان السيد محمد علي السيد وهاب بأنه جرى بينه وبين المرحوم السيد محسن بن السيد عباس بن السيد محسن من آل دراج نقباء الحائر كلام في النقابة . نفى السيد محسن تخصيصها في كربلاء لأحد غير سلالتهم . قال السيد سلمان : ( أنكرت عليه زعمه ولاثبات صحة انكاري أتيته بنفس الفرمان الصادر من ملوك آل عثمان في توديع النقابة لعهدة السيد يحي ضياء الدين ) . ولم أتقصى عندئذ لرؤية هذا الفرمان حيث لم يدر بخلدي تدوين شأن سلالة آل طعمة . وبعد وفاة المرحوم بالفرمان لا ثبت صورته هنا بعد مراجعته قال انه لم يعثر عليه .
(2) لم ينسب كتاب ( ضياء العالمين ) هذا الى محمد مهدي الفتوني العاملي المتوفي سنة 1183 هـ . بل ينسب الى عالم آخر يحمل نفس اللقب هو أبي الحسن بن محمد طاهر الفتوني النباطي العاملي المتوفي سنة 1138 هـ . كما في مستدرك الوسائل للعلامة الأجل النوري ( ج 3 ص 385 ) والذريعة الى تصانيف الشيعة للعلامة المحقق أغا بزرك الطهراني المجلد الخامس . وما أكده لي شفويا صاحب الذريعة مد الله في عمره . والاغلب ان المؤلف قد اشتبه في ذكر الاسم لتطابق اللقبين والذي يرجع هذا انه قد ذكر سنة وفاة أبي الحسن الفتوني . وعليه يكون مؤلف المشجر المذكور هو أبي الحسن الفتوني . ولعل اللمشجر هو ( حدائق الألباب في معرفة الأنساب ) رآه السيد حسن الصدر الكاظمي في مربلاء وفيه مشجرات أغا بزرك الطهراني في الذريعة ج 2 ص 371 . وذكر ان الوصول الى المراد منه غير يسير فطلب البعض من الشيخ أبي الحسن ان يؤلف فيه كتابا يسهل الوصول اليه . فألف كتاب ( الأنساب ) . ( عادل )
بغية النبلاء في تاريخ كربلاء 138

الشيخ عبد الحسين الطهراني . اطلعت على صفحات جزء من هذا المؤلف الجليل . فبان لي ما يتمتع به المؤلف من منيع مكانة في النقد والتحليل بأسلوب غاية في المتانة . مؤيدة بحجج قوية دامغة . ويعول ويستند على مؤلفات فريدة قيمة تفصح بما كان لمكتبة الروضة العلوية من النفائس والذخائر الاثرية النادرية . كانت المكتبة آنذاك تضاهي خزانتها اليوم بما تحويه من الاعلاق النفسية والاحجار الثمينة ، ما حدث عنه ولا حرج .

(10)
السيد درويش (1)

كان السيد درويش واخوته السيد مصطفى والسيد محمد والسيد جواد (2) وابن عمهم السيد محمد علي الكليدار أحياء في سنة ألف ومائتين واثنين وأربعين أيام ولاية داود باشا لبغداد خلال سني محاصرة كربلاء بأمر داود باشا بزعامة المناخور . التي ابتدأت من سنة ألف ومائتين وأربعين الى سنة أربع وأربعين والمحاصرة بينها فترات .
(11)
السيد علي الثالث (3)

كان رحمه الله برا تقيا ، عابدا زاهدا . قد سمعت منه طاب ثراه ،

(1) جاء في مناهل الضرب في أنساب العرب ( مخطوط ص 565 في مكتبة العلامة أغا بزرك الطهراني ) عن السيد درويش ما نصه : وأما السيد درويش بن أحمد بن يحيى فكان سيدا جليلا دينا حج بيت الله الحرام ماشيا . وكان في أغلب أوقاته لا يفارق الروضة المقدسة لا ليلا ولا نهارا . وكان لا يفتر عن العبادة . ( عادل )
(2) أسماء هؤلاء الاخوة تطلق اليوم على أفخاذ آل طعمة ، خلا السيد محمد اذ يعرفون سلالته بـ ( آل شروفي ) .
(3) في الحقيقة ان هذه الترجمة لم تنسق هكذا ، وانما قد جمعتها مما كتبه المؤلف عن والده .
بغية النبلاء في تاريخ كربلاء 139

انه ولد سنة جلوس ناصر الدين شاه على العرش الفارسي وذلك سنة 1264هجري .
وكان قد تقلد مقام أبيه في سنة 1309 هـ . وقد طالت أيام سدانته للروضة الحسينية تسعة أعوام قضى معظمها داخل الحضرة الزاكية مشغولا بالصلاة والدعاء .
وكان كثيرا ما يتصدق على الفقراء والايتام . وتوفي يوم الخميس ثالث محرم الحرام سنة 1318 هجري . وكان يوم وفاته حسن الاحوال ، وقد التف حوله أعمامه ينقلون له الاخبار . وكنت في الصحن الشريف وقتئذ ولما خرج أعمامه أراد أن يدخل الحرم فوقع مغشيا عليه فما قام بعد ذلك أبدا . ودفن عند قدمي عمه العباس (ع) في حجرة من حجر الرواق . ولاستشهاره بالاعمال الخيرية والاحسان للفقراء صار ملاذ الشعراء ومدار البلغاء بذكرونه في كل مناسبة تدعو لذاك . وللمرحوم الشيخ محمد سعيد خلف الشيخ محمود سعيد نائب كليدار الروضة الحيدرية الأسبق ( وكان من سكنة كربلاء وأحد شعرائها ) مهنئا المغفور له والدي السيد علي عند قدومه من حج بيت الله الحرام لسنة احدى وثلثمائة بعد الألف الهجرية 1301 هـ :
بشرا فقمري التهاني غردا وعندليب البشر بالشر شدا
بشر في مقدم مقدام وطأت أقدام علياه السهى والفرقدا
ذلك العلي ذو العلى من لم يزل يرقى من العيليا الى أعلى مدى
خير سري قد سرى بعزمه يفرى الاكام حدها والفدفدا
نودي من ام القرى الى القرى فأمها ملبيا ذاك الندى
قل ردى أحرامه أهل درى أي فتى أحرم من ذاك الردى
أحرم في ذاك الردى طود تقي في التقي أحرم من بالنسك ارتدى
وهل درى البيت بأي ناسك طاف به وساق للهدى الفدى

بغية النبلاء في تاريخ كربلاء 140

لقد زهت مناسك البيت بمن بنسكه ذو النسك والتقوى اقتدى
سليل من قواعد البيت بهم قامت وفيهم ركنه قد شيدا
كم وثن للشرك فيه نكثوا وقوموا للدين فيه عمدا
وبيت ربي قسما لولا هموا ما كان رب البيت يوما عبدا
ومذ أتم الحج فرضا سنه أكده بما به قد أكدا
فطاف من طيبه في مراقد في مهدها سر الوجود الحدا
بأشرف الرسل استطالت شرفا وآله الاشراف أعلام الهدى
عليهم الصلاة تترى ما سرى للبيت ركب وبه الحادي حدا
فلتهنأ الاشراف في أسنى هنا بخير فذ قد تزكى محتدا
للناسك الأواه عبد الله كم رعى زمام عهد ود عقدا
ببره الابرار راحت تقتني أثرا له قد اتخذ البر ردا
وخص منها بالنها خير آب لقد أبى الا العلى والسؤددا
ذاك الجواد من يجود كفه صير اجراد البرايا أعبدا
ساد قبيل مجده وقد غدى فيهم بأقليد العلى مقلدا
طويل باع في العلى قد قصرت عنه ذوو العليا وان طال اليدا
لا غرو ان ألقت له قيادها فالدهر قد ألقى اليه المقودا
قلد في اقليد أسنى روضة يود رضوان به لو قلدا
فكان خير سادن مؤتمن لكعبة الكعبة كعبة الهدى
الكعبة القدس التي تفضلها قدما على الكعبة رضا وردا
كعبة قدس في ثرى أعتابها ترى الملوك الصيد خروا سجدا
مختلف الاملاك أن يهبط بها فوج فمنها مثله قد صعدا
تضمنت سبط النبي المصطفى من قد دعى للشهداء سيدا
ريحانة الهادي فكم قد روحت بروحها للطهر طه كبدا
وليهن منه خير عم علم عم الورى فضلا وذكرا وندا
أحدهم خلائقا فحق أن سمي باسم خير جد أحمدا

بغية النبلاء في تاريخ كربلاء 141

شقيق مجد قد زهت رياضه حيث به خد للمعالي وردا
أوفى أخ ما زال في صدق الاخا يحفظ منه عهده المؤكدا
ما عد بطش عاضد كف أخ حيث غدا ساعدها والعضدا
ما زال ما يقفو في المعالي اثره مقتديا منه نعم المقتدى
ذو راحة بم يحك سحب جودها جون السحاب مبرقا ومرعدا
فذاك يهمي وابلا اذا همى وتلك يوم الجود تهمي عسجدا
ولتهن منه خير اسرة سرى لها الفخار متهما ومنجدا
من تلق منهم تلق شهما باسلا موطدا لفخرها ما أصيدا
غيث الندى ان امحل العام وان عرى ملم تلقه غيث الندا
قل لأمرئ يمم غير يمهم هل في السراب يرتجة برد الصدا
يا سادة ما برحت تسموا الى شم المعالي سيدا فسيدا
لا زلتموا تأوون في ظل حمى أبى علي محتمي مدى المدى
محمد فرقد افقه الذي طاول في افق السماء الفرقدا
دونكمو غراء نظم نضدت تزرى بنظم العقد مهما نضدا
ولا يزال في بيوتات العلى بيوتكم لحن الهنا مرددا
وفي تاريخ الحجة يقول :
حج علي للبيت مبرور والاجر عند الاله موفور
قد شكر الله سعي منتسك للنسك برد عليه مزور
لذلك منشى الثناء أرخه مسعى علي للبيت مشكور

بغية النبلاء في تاريخ كربلاء 142

أخبار عن الحائر وزائريه

في العصر العباسي (1)

الأمالي للطوسي

كرب الرشيد لقبر الحسين

عن علي بن محمد بن مخلد الجعفي الدهان بالكوفة ، قال حدثما أحمد بن ميثم بن أبي نعيم (2)، قال حدثنا يحيى بن عبد الحميد الجماني (3) أملاه علي في منزله ، قال : خرجت أيام ولايت موسى بن عيسى الهاشمي في الكوفة (4) من منزلي ، فلقيني أبو بكر بن عياش (5) ، فقال لي امضي بنا يا يحيى ، فلم أدر من يعني ، وكنت أجل أبا بكر عن مراجعته ، وكان راكبا حماراً له ، فجعل يسير عليه وأنا أمشي مع ركابه . فلما صرنا عند الدار ، المعروفة بدار عبد الله بن حازم ، التفت الي فقال لي ، يا ابن الجماني

(1) ثبت المؤلف هنا بعض الاخبار والحكايات النادرة عن المشهد الحسيني وزائريه في العصر العباسي ، وقد ضرب صفحا عن ذكر الاخبار المعروفة والتي سبق أن تعرض لها غيره . ويعتبر هذا الفصل ذيلا ومكملا لتأريخ الحائر الحسيني ، وتفصيل لبعض النصوص التي وردت فيه بصورة مقتضبة .
(2) وصفه الطوسي في الفهرست ص 25 . بقوله : كان من ثقات أصحابنا الكوفيين وفقهائهم وله مصنفات . ثم عدد أسماء مصنفاته .
(3) ذكره الشيخ الطوسي في الفهرست ص 177 .
(4) كانت ولاية موسى بن عيسى العباسي للكوفة ، من سنة 169 هـ الى سنة 171 هـ ( برواية الطبري أبو جعفر ) .
(5) ترجمته في معجم الادباء لياقوت الحمودي ج 7 ص 90 . وقد توفى في سنة ثلاث وتسعين ومائة ، في السنة التي مات فيها الرشيد . وهو من طبقة الفقهاء الادباء .
بغية النبلاء في تاريخ كربلاء 143

انما جررتك معي وحشمتك مع أن تمشي خلفي ، لأسمعك ما أقول لهذا الطاغية ، قال فقلت به : من هو يا أبا بكر ، قال : هذا الفاجر الكافر موسى بن عيسى . فسكت عنه . ومضى وأنا أتبعه ، حتى اذا صرنا على باب موسى بن عيسى وبصر به الحاجب ، وكان الناس ينزلون عند الرحبة فلم ينزل أبوبكر هناك ، وكان عليه يومئذ قميص وازار ، وهو محلول الازرار . قال : فدخل على حماره وناداني : تعال يا ابن الجماني ، فمنعني الحاجب ، فزجره أبوبكر ، وقال له : أتمنعه يا فاعل وهو معي ، فتركني . فما زال يسير على حماره حتى دخل الابواب ، فبصر بنا موسى وهو قاعد في صدر الايوان على سريره ، وبجنبي السرير رجال مسلحون وكذلك كانوا يصنعون . فلما رآه موسى رحب به وأقعده على سريره ، ومنعت أنا حين وصلت الى الايوان أن أتجتوزه فلما استقر أبو بكر على السرير التفت فرآني حيث أنا واقف ، فناداني : تعال ويحك ، فصرت اليه ونعلي في رجلي وعلي قميص وازار ، فأجلسني بين يديه فالتفت اليه موسى فقال : هذا رجل تكلمنا فيه ، قال : لا ولكن جئت به شاهدا عليك . قال : في ماذا ، قال : اني رأيتك وما صنعت بهذا القبر ، قال : أي قبر ، قال : قبر الحسين بن علي بن فاطمة بنت رسول الله (ص) .
وكان موسى قد وجه اليه من كربه وكرب جميع أرض الحاير ، وحرثها وزرع الزرع فيها . فانتفخ موسى حتى كان أن يتقد ، ثم قال : وما أنت وذا ، قال : اسمع حتى أخبرك ، اعلم اني رأيت في منامي كأني خرجت الى قومي بني غاضره ، فلما صرت بقنطرة الكوفة أعرضني خنازير عشرة ، فأعانني الله برجل كنت أعرفه من بني أسد ، فدفعهم عني . فمضيت لوجهي فلما صرت الى شاهي (1) ظللت الطريق فرأيت هناك عجوزا

(1) شاهي : موضع قرب القادسية مما سب ( معجم البلدان ج 5 ص 224 ) . وقد جاء في مقاتل الطالبيين ص 218 ان يحيى بن عمر بن =
بغية النبلاء في تاريخ كربلاء 144

فقال لي : اين تريد أيها الشيخ ؟ قلت : أريد الغاضرية (1) ، قال لي : تنظر هذا الوادي ، فانك اذا أتيت آخره اتضح لك الطريق . فمضيت فلما صرت الى نينوا (2) اذ أنا بشيخ كبير جالس هناك ، فقلت من أين أنت أيها الشيخ ، فقال لي :أنا من أهل هذا القرية . فقلت : كم تعد من السنين . فقال : ما أحفظ ما مضى من سني عمري ، ولكن أبعد ذكرى اني رأيت الحسين بن علي عليهما السلام ، ومن كان معه من أهله ، ومن تبعه يمنعون الماء الذي تراه ، ولا يمنع الكلب ولا الوحوش شربه . فاستعظمت ذلك ، وقلت له : ويحك أنت رأيت هذا . قال : اي والذي سمك السماء ، لقد رأيت هذا أيها الشيخ وعاينته ، وانك وأصحابك هم الذين يعينون على ما قد رأينا مما أقرح عيون المسلمين ، ان كان في الدنيا مسلم .
فقلت ويحك وما هو ، قال : حيث لم تنكروا ما أجرى سلطانكم اليه ، قال : أيكرب قبر ابن النبي ، ويحرث أرضه . قلت : وأين القبر قال : ها هوذا ، أنت واقف . فأما القبر ، فقد عمي عن أن يعرف موضعه . قال أبوبكر بن عياش وما كنت رأيت القبر قبل ذلك الوقت قط ، ولا أتيته في طول عمري . فقلت : من لي بمعرفته ، فمضى معي الشيخ حتى وقف

= يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين (ع) ، عندما أراد الخروج بدء فزار قبر الحسين (ع) وأظهر لمن حضره من الزوار ما أراده ، فاجتمعت اليه جميعة من الاعراب ومضى فقصد ( شاهي ) فأقام بها الليل ، ثم دخل الكوفة ليلا وذلك في خلافة المستعين بالله العباسي .
(1) الغاضرية : من نواحي الكوفة قريبة من كربلاء ( مراصد الإكطلاع لابن عبد الحق الحنبلي ) . راجع 2 106 من الكتاب .
(2) نينوى : بالكسر ثم السكون ، وفتح النون والواو بوزن طيطوى . . . وبسواد الكوفة ناحية يقال لها نينوى . منها كربلاء التي قتل فيها الحسين ( مراصد الاطلاع ) . راجع ص 106 من الكتاب .
بغية النبلاء في تاريخ كربلاء 145

على (1)حير له باب وآذن . واذا بجماعة كثيرة على الباب ، فقلت للآذن : أريد الدخول على ابن رسول الله (ص) ، فقال : لا تقدر على الوصول في هذا الوقت . قلت ولم ؟ ، قال : هذا وقت زيارة ابراهيم خليل الله ومحمد رسول الله ، ومعهما جبرائيل وميكائيل في رعيل من الملائكة كثير . قال أبوبكر بن عياش : فانتبهت وقد دخلني روع شديد وحزن وكآبة .
ومضت بي الأيام حتى كدت أن أنسى المنام ، ثم اضطررت الى الخروج الى بني غاضرة لدين كان لي على رجل منهم . فخرجت وأنا لا أذكر الحديث حتى صرت بقنطرة الكوفة ، لقيتني عشرة من اللصوص ، فحين رأيتهم ذكرت الحديث ورعبت من خشيتي لهم . فقالوا لي : الق ما معك وانج بنفسك . وكانت معي ئفيفة ، فقلت : ويحكم أنا أبوبكر بن عياش ، وانما خرجت في طلب دين لي ، والله الله لا تقطعوني عن طلب ديني ، وتضروني في نفقتي فاني شديد الاضافة . فنادى رجل منهم : مولاي ورب الكعبة لا تعرض له . ثم قال لبعض فتيانهم كن معه حتى تصير به الى الطريق الايمن .
قال أبوبكر : فجعلت أتذكر ما رأيته في المنام وأتعجب من تأويل الخنازير . حتى صرت الى نينوا ، فرأيت والله لا اله الا هو الشيخ الذي كنت رأيته في منامي بصورته وهيئته ، رأيته في اليقظة كما رأيته في المنام سواء . فحين رأيته ذكرت الأمر والرؤيا ، فقلت لا اله الا الله ما كان الا

(1) جاء في تاج العروس للزبيدي ( ج 3 ص 164 ) عن الحير ما لفظه : ( الحير مخففة من ) الحائر بطرح الالف كما عليه أكثر الناس ، وعامتهم ، كما يقولون لعائشة : عيشه . قيل هو خطأ وأنكره أبو حنيفة أيضاً . وجاء في ج 3 ص 166 منه : والحير بفتح فسكون . . ومنه مشهد الحسين بكربلاء . كما في الصحاح واللسان . ومنه المثل من اعتمد على حير جاره . أورده الميداني .
بغية النبلاء في تاريخ كربلاء 146

هذا الا وحيا . ثم سألته كمسألتي اياه في المنام ، فأجابني ثم قال لي : امضي بنا ، فمضيت فوقفت معه على الموضع وهو مكروب ، فلم يفتني شيء في منامي ، الا الآذن والحير ، فاني لم أر حيرا ولم أر آذنا .
فائق الله أيها الرجل ، فاني قد آليت على نفسي ألا أدع اذاعة هذا الحديث ولا زيارة ذلك الموضع وقصده واعظامه ، فان موضعا يأتيه ابراهيم ومحمد وجبرائيل وميكائيل لحقيق بأن يرغب في اتيانه وزيارته . فان أبا حصين حدثني ، ان رسول الله (ص) ، قال : من رآني في المنام فاياي رأى . فان الشيطان لا يشتبه به . فقال له موسى : انما أمسكت عن اجابة كلامك لأستوفي هذه الحمقة التي ظهرت منك ، وبالله لئن بلغني بعد هذا الوقت انك تتحدث بهذا لأضربن عنقك وعنق هذا الذي جئت به شاهدا علي . فقال أبوبكر : اذا يمنعني والله واياه منك ، فاني انما أردت الله بما كلمتك به ، فقال له أتراجعني يا عاض وشتمه . فقال له : اسكت أخزاك الله وقطع لسانك ، فأرعد موسى على سريره ثم قال خذوه ، فأخذ الشيخ عن السرير ، فاخذت أنا فوالله لقد مربنا من السحب والجر والضرب ما ظننت اننا لانكثر الاحياء أبدا . وكان أشد ما مربي من ذلك ، ان رأسي كان يجر على الصخرة ، وكان بعض مواليه يأتيني فينتف لحيتي ، وموسى يقول اقتلوهما بني كذا وكذا لا يكني ، وأبوبكر يقول له : امسك قطع الله لسانك وانتقم منك ، اللهم اياك أردنا ، ولولد وليك غضبنا ، وعليك توكلنا . فصيرنا جميعا في الحبس فما لبثنا الا قليلا ، فالتفت أبوبكر ورآى ثيابي قد خرقت وسالت دمائي ، فقال يا جماني قد قضينا لله حقا واكتسبنا في يومنا هذا أجرا ، ولن يضيع ذلك عند الله ولا عند رسوله . فما لبثنا الا مقدار غذائه ونومه ، حتى جاءنا رسوله فأخرجنا اليه وطلب حمار أبي بكر ، فلم يوجد فدخلنا عليه فاذا هو في سرداب له يشبه الدور سعة وكبرا فتعبنا في المشي اليه تعبا شديدا . وكان أبوبكر اذا تعب في مشيه جلس

بغية النبلاء في تاريخ كربلاء 147

يسيرا ، ثم يقول اللهم ان هذافيك فلا تنسه ، فلما دخلنا على موسى ، واذا هو على سرير له فحين بصر بنا قال لا حيا الله ولا قرب من جاهل أحمق يتعرض لما يكره . ويلك يا دعي ما دخولك فيما بيننا معشر بني هاشم . فقال له أبوبكر : سمعت كلامك والله حسبك . فقال له : اخرج قبحك الله ، والله لئن بلغني ان هذا الحديث شاع أو ذكر عنك لأضربن عنقك . ثم التفت الي فقال : يا كلب ، وشتمني وقال اياك أن تظهر هذا فانه انما خيل لهذا الشيخ الأحمق شيطان يلعب به في منامه . اخرجا عليكما لعنة الله وغضبه . فخرجنا ، وقد يئسنا من الحياة . فلما وصلنا الى منزل الشيخ ابي بكر وهو يمشي وقد ذهب حماره ، فلما أراد أن يدخل منزله ، التفت الي وقال : احفظ هذا الحديث واثبته عندك ، ولا تحدثن هؤلاء الرعاع ، ولكن حدث به أهل العقول والدين .

بغية النبلاء في تاريخ كربلاء 148

زهر الآداب للحصري

زيارة منصور النمري

وأخبرني من رأى منصور النمري (1) على قبر الحسين بن علي (رض) ينشد قصيدته ، التي يقول فيها :
فما وجدت على الاكتاف منهم ولا الأقفاء آثار النصول
ولكن الوجوه فها كلوم وفوق حجورهم مجرى السيول
اريق دم الحسين ولم يراعوا وفي الاحياء أموات العقول
فدت نفسي جبينك من جبين جرى دمه على خد أسيل
أيخلوا قلب ذي ورع ودين من الأحزان والألم الطويل
وقد رشقت رماح بني زياد بري من دماء بني الرسول
بيثرب كربلاء لهم ديار نيام الأهل دارسة الطلول
بأوصال الحسين ببطن قاع ملاعب للدبور وللقبول
تحيات ومغفرة وروح على تلك المحلة والحلول
برئنا يا رسول الله ممن أصابك بالأذية والذحول (2)

ذكر الخطيب في تاريخ بغداد ( ج 3 ص 68 ) عن محمد البيذق ، وكان أحسن الناس انشادا ، وكان انشاده أحسن من الغناء . قال : دعاني الرشيد في عشى يوم وبين يديه طبق وهو يأكل مما فيه ومعه الفضل بن الربيع ،

(1) ترجمته في نسمة السحر في ذكر من تشيع وشعر لضياء الدين يوسف الصنعاني المتوفى سنة 1121 هـ ( ص 162 ، ج 2 . مخطوط في خزانة كتب المؤلف ) .
(2) زهر الآداب للحصري ، هامش العقد الفريد ج 2 ص 272 .
بغية النبلاء في تاريخ كربلاء 149

فقال الفضل : يا محمد انشد أمير المؤمنين ما يستحسن من مديحه فأنشدته ( للنمري ) ، فلما بلغت الى هذا الموضع :
أي امرء بات من هارون في سخط فليس بالصلوات الخمس ينتفع
ان المكارم والمعروف أودية أحلك الله منها حيث تجتمع
اذا رفعت امرءا فالله رافعه ومن وضعت من الأقوام متضع
نفسي فداؤك والابطال معلمة يوم الوغا والمنايا بينهم قرع

قال : فأمر فرفع الطعام وصاح وقال هذا والله أطيب من أكل الطعام ومن كل شيء . وأجاز النمري بجائزة سنية . قال محمد البيذق : فأتيت النمري فعرفته اني كنت سبب الجائزة ، فلم يعطني شيئا ، وشخص الى رأس عين . فأحفظني وأغاظني ، ثم دعاني الرشيد يوما آخرا ، فقال انشدني يا محمد ، فأنشدته :
شاء من الناس راتع هامل يعللون النفس بالباطل
فلما بلغت الى قوله :
الا مساعير يغضبون لها بسلة البيض والقنا الذابل

قال : أراه يحرض علي ، ابعثوا اليه من يجيئني برأسه ، فكلمه الفضل بن الربيع فلم يغن كلامه شيئا ، فوجه الرسول اليه فوافاه في اليوم الذي مات فيه ، وقد دفن . فأراد نشره وصلبه ، فكلم في ذلك ، فأمسلك عنه . ( ثم ذكر في سبب غضب الرشيد عليه وجه آخر ) .

بغية النبلاء في تاريخ كربلاء 150

تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي

زيارة ابن الهبارية

أنشدنا أبو عبد الله محمد البندنجي البغدادي ، قال أنشدنا بعض مشايخنا ان ابن الهباريه (1) الشاعر ، اجتاز بكربلاء فجلس يبكي على الحسين (ع) وأهله ، وقال بديها :
أحسين والمبعوث جدك بالهدى قسما يكون الحق عنه مسائلي (2)
لو كنت شاهد كربلا لبذلت في تنفيس كربك جهد بذل الباذل
وسقيت حد السيف من أعدائكم عللا وحد السمهري الذابل
لكنني اخرت عنك لشقوتي فبلابلي بين الغري وبابل
هبني حرمت النصر من أعدائكم فاقل من حزن ودمع سايل (3)
ثم نام مكانه فرأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، في المنام ، فقال له : يا فلان جزاك الله عني خيرا ، ابشر فان الله قد كتبك ممن جاهد بين يدي الحسين (ع) (4) . انتهى

(1) ابن الهباريه بفتح الهاء وتشديد الموحده وبعد الألف راء وهذه النسبة الى هبار وهو جد أبي يعلي محمد بن محمد بن صالح الهاشمي من سلالة الامير عيسى بن موسى ، ولد في بغداد حوالي منتصف القرن الخامس الهجري . وقد توفي سنة 509 هـ ـ برواية سبط ابن الجوزي ـ بكرمان وقال السمعاني في ( الأنساب ) توفي بعد سنة ستين وأربعمائة . راجع ترجمته في دائرة المعارف الاسلامية لجماعة من المستشرقين ج 1 ص 291 .
(2) نسب الحموي في معجم البلدان ج 6 ، ص 51 . هذا البيت والقصيدة الى أبو دهبل الجمحي في رثائه للحسين .
(3) الشطر الاول في البحار ( ج 45 ص 265 ) : اذ لم أفز بالنصر من أعدائكم .
قد أورد المجلسي هذه الابيات أيضا في بحار الانوار ( ج 45 ص 256 ، الطبعة الاخيرة ) نقلا عن مناقب ابن شهر اشوب ، لكنه نسب هذه الابيات الى أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي .
(4) تذكرة خواص الأمة في معرفة الأئمة تأليف يوسف سبط أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي ص 154 طبعة طهران سنة 1285 هـ .

السابق السابق الفهرس التالي التالي