تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 279

أي أنها لا تزال مدرسة علمية ولكن بمساحة أقل حيث تضم 16 غرفة.
ومما يلفت النظر من معالم هذه المدرسة العلمية الرائدة ، جدرانها المغطاة ببلاطات مزخرفة ومنقوشة بأشكال هندسية بديعة ، تعلوها آيات قرآنية منقوشة بكل دقة وروعة وجمال.
وقدأنفق المرحوم السردار حسن خان القزويني أموالا كبيرة في إنشائها ، وتأسيس ألأوقاف لها كي تدر عليها ألأموال اللازمة لإدراتها وإعاشة الطلاب الدارسين بها.
وقد تولى إدراتها في أوقات مختلفة علماء أجلاء وكان آخر المتولين لها العالم الفاضل السيد عباس الطباطبائي.

مدرسة السيد المجاهد:

تشير وثيقة الوقف لهذه المدرسة إلى أنها بنيت وأنشئت بحدود سنة 1270 هـ ، وكانت تقع في سوق التجار الكبير بالقرب من مرقد السيد محمد المجاهد الطباطبائي ، نجل السيد المير علي الطباطبائي صاحب الرياض ، وكانت في حينها مأهولة برواد العلم ورجال الدين والفكر افسلامي وتخرج منها عدد كبير من أجلاء العلماء وأفاضل الفقهاء ، أمثال المرحوم العلامة السيد محمد باقر الطباطبائي ، والعلامة المرحوم السيد محمد علي الطباطبائي ، والمرحوم السيد مرتضى الطباطبائي الذين ينتسبون لبيت السيد المير علي «صاحب الرياض» ، ومن أشهر أساتذتها حتى لوقت قريب المرحوم العلامة الشيخ محمد علي سيبويه والشيخ عباس الحائري.

مدرسة صدر ألأعظم النوري :

كانت من المعاهد العلمية الدينية الرئيسية في كربلاء ، لكن يد الهدم والتخريب طالتها في مشروع شارع الحائر الدائري ، إذ كانت تقع في موقع

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 280

قريب إلى الغرب من الروضة الحسينية الشريفة ، تخرج منها جيل من جهابذة العلم والفكر ورواد الثقافة ألإسلامية والتراث الشيعي الإمامي ، ومن أشهر أساتذتها آنذاك العالم والفقيه المتبحر أبو القاسم الخوئي المتوفى سنة 1364 هـ والعالم الشاعر السيد عبدالوهاب المتوفى سنة 1322 هـ .
قام بإنشاءها الزعيم والمرجع الديني والعالم المتفوق في عصره العلامة الكبير الشيخ عبدالحسين الطهراني المتوفى سنة 1286 هـ ، والذي سكن كربلاء سنة 1280 هـ ، حيث أوكل إليه الملك القاجاري في إيران في زمانه مهمة تعمير وترميم الروضات الشريفة في كربلاء والكاظمية وسامراء.
وقد أنفق العلامة الشيخ الطهراني على بناء هذه المدرسة ن ثلث ألإرث المتبقي من ألأمير ألإيراني الميرزا تقي خان «الصدر ألأعظم» المقتول سنة 1268 هـ ، وكانت توليتها في النصف ألأول من القرن الرابع عشر الهجري بيد العالم والمجاهد ألإسلامي الكبير الشيخ محمد تقي الحائري الشيرازي المتوفى سنة 1338 هـ ، وإنتقلت من بعد وفاته إلى نجله العلامة الشيخ عبدالحسين الشيرازي المتوفى سنة 1381 هـ.

المدرسة الزينبية:

كانت هذه المدرسة بدورها من المعاهد العلمية المعروفة والمزدهرة في حينها ، وسميت بهذا ألإسم لوقوعها بجانب باب الزينبية ، أحد أبواب صحن روضة ألإمام الحسين عليه السلام ، وكانت هي ألأخرى مزدحمة بطلاب العلوم الدينية ، ومن بين الذين تولوا مهمة التدريس فيها العالم الشاعر الشيخ جعفر الهر المتوفى سنة 1347 هـ ، وتلميذه المبرز العالم والفقيه الكبير الشيخ محمد الخطيب المتوفى سنة 1380 هـ .
وكانت توليتها قبل أن تطالها يد الهدم في مشروع الشارع الدائري حول الحضرة الحسينية بيد العلامة الميرزا الشيخ عبدالحسين الشيرازي ، وقبله بيد والده الجليل الزعيم الروحي الشيخ محمد تقي الشيرازي قائد ثورة العشرين العراقية الكبرى.

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 281

المدرسة الهندية:

وهي من أهم المدارس العلمية الدينية في الوقت الحاضر ، أنشئت في أواخر القرن الثالث عشر الهجري ، كما تصرح بذلك وثيقة الوقف الخاصة بها ، تقع بالقرب من روضة ألإمام الحسين عليه السلام في زقاق الزعفراني ، وتتألف من دورين يضمان 22 غرفة ، وفيها ايضا مكتبة عامة تعرف بإسم (المكتبة الجعفرية) ، وكانت تصدر عنها النشرات والكراسات الدينية ألسبوعية والدورية ، من أهمها مجلة (أجوبة المسائل الدينية ) التي بدأت بالصدور والنشر سنة 1371 هـ ، وظلت تصدر بإنتظام لسنوات عديدة متواصلة ، قبل أن تتوقف عن الصدور نهائيا.
وفي هذه المدرسة تأسس سنة 1380 هـ «مكتب رابطة النشر ألإسلامي» ، لغرض طبع ونشر الكتب والكراسات الدينية التوعوية وتوزيعها بالمجان بينالمسلمين القاطنين في الدول ألإسلامية النائية ، حيث إستطاع هذا المكتب من طبع وتوزيع أكثر من ثلاثة آلاف نسخة من الكتب النفيسة القيمة جدا في دول أندونيسيا والمغرب العربي وليبيا وعدة بلدان عربية أخرى وبعض دول الخليج ، وإستمر هذا المكتب في نشاطه الثقافي ألإسلامي لسنوات طويلة وقد أشرف على شؤونه في حينه الخطيب الفاضل السيد محمد كاظم القزويني الحائري نزيل مدينة قم حاليا.
وقد تخرج من مدرسة الهندية عدة أجيال من العلماء والفقهاء والمبلغين ألإسلاميين ، ومن أشهر أساتذتها حتى أواخر القرن الرابع عشر الهجري المرحوم الشيخ جعفر الرشتي ، الذي كان بحق أيتاذا بارعا وقديرا في تدريس كتب السطح وقد تخرج عليه المئات من الطلاب ، والعالم الفقيه السيد محمد صادق القزويني و آيةألله العظمى السيد محمد الشيرازي والفقيه المجتهد السيد أسد ألله ألأصفهاني المتوفى سنة 1394 هـ والعالم الفاضل السيد عبدالرضا الشهرستاني ، والفاضل الورع السيد مصطفى ألإعتماد البهبهاني ، والعلامة الشيخ محمد تقي ألأصفهاني ،والشيخ مهدي الرشتي ، شقيق الشيخ

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 282

جعفر الرشتي الذي كان متوليا لهذه المدرسة حتى تاريخ وفاته قبل حوالي خمسة عشر عاما.
وتشير وثيقة وقفها إلى أنها تأسست خصيصا لتكون واحدة منأهم وأكبر المدارس الدينية العلمية في كربلاء قبل قرن ونصف قرن تقريبا.

مدرسة البادكوبة (الترك) :

وهي أيضا من المدارس الدينية المعروفة والقديمة جدا في مدينة كربلاء ، فقد تأسست سنة 1270 هـ كما تنص بذلك وثيقة الوقف الخاصة بها ، فيها ثلاثون غرفة ومكتبة زاخرة بالكتب والمخطوطات القيمة ، وكانت تصدر عنها منشورات إسلامية ثقافية ، بضمنها مسلسل (منابع الثقافة ألإسلامية) وهو عبارة عن مجموعات كتب لعدد من الكتاب والمؤلفين تصدر كل مجموعة منها في الشهر، وقد تخرج من هذه المدرسة العديد من العلماء والفضلاء والخطباء ، وكان يتولى مهمة التدريس فيها لفترة طويلة تناهز جيلا كاملا العالم المحقق والفقيه المتبحر الحاج الشيخ محمد الشاهرودي المتوفى سنة 1409 هـ ، والعالم الزاهد الورع الشيخ محمد الكلباسي المتوفى يحدود سنة 1404 هـ.

مدرسة البقعة :

أنشئت في منتصف القرن الثالث عشر الهجري بجانب مرقد السيد محمد المجاهد الطباطبائي بدورين (طابقين) يضمان عشرين غرفة ، وكان موقعها في شارع ألإمام علي عليه السلام ، تخرج منها صفوة من خيرة العلماء والفقهاء ، بينهم العلامة السيد محسن الكشميري ، والعلامة الشيخ عبدالرحيم القمي ، والعالم الورع السيد مرتضى الطباطبائي ، وكانت تصدر منها مجلة فكرية إسلامية رصينة بإسم (صوت المبلغين).

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 283

مدرسة السليمية:

مدرسة دينية ذات مساحة صغيرة ومؤلفة من دورين ،وفيها 13 غرفة وصالة للتدريس ، وهي كائنة في زقاق جامع الميرزاعلي نقي الطباطابئي، ومن أشهر وابرز ألأساتذة الذين واصلوا فيها مهمة التدريس وتربية جيل العلماء المجتهدين ، الفقيه المحقق والعالم المتتبع الشيخ يوسف الخراساني البيارجمندي المتوفى سنة 1297 هـ ، والعالم الفاضل السيد محمد طاهر البحراني المتوفى سنة 1384 هـ ، والمفكر ألإسلامي الراحل السيد حسن الحسيني الشيرازي.
أسسها المرحوم الحتج محمد سليم خان الشيرازي سنة 1250 هـ ،وكان قد خصص في وقته رواتب شهرية للطلاب الذين يواصلون الدراسة فيها بإنتظام ، وكانت ألأموال المخصصة من إرثه لهذه الغاية تنفق وتصرف تحت إشراف العالم والفقيه النحرير ، السيد حسن آغا مير القزويني ، صاحب كتاب «ألإمامة الكبرى» المتوفى سنة 1380 هـ .
وكانت تصدر عن هذه المدرسة مجلة إسلامية إجتماعية وفكرية بإسم (ألأخلاق وألآداب) إبتداءا من سنة 1377 هـ ، لكنها توقفت عن الصدور فيما بعد.

مدرسة الميرزا كريم الشيرازي:

تم إنشاؤها سنة 1287 هـ على مساحة كبيرة جدا ضمت مصلى كبيرا وفسيحا ، وهي كائنة في محلة العباسية الشرقية ، وقد جرت إعادة بناء مصلاها بفضل جهود السيد الميرزا علي محمد الشيرازي في سنة 1308 هـ ، وتولى إدارتها لفترة من الزمن الخطيب الحسيني الشهير المرحوم الشيخ عبدالزهراء الكعبي الذي كان يقوم بمهمة التدريس فيها أيضا.

مدرسة المهدية:

أنشأها الشيخ مهدي بن الشيخ علي بن الشيخ جعفر صاحب كتاب

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 284

«كشف الغطاء» في سنة 1284 هـ ، مثلما شيد مدرسة مماثلة لها في مدينة النجف ، وهي ذات دورين يسكنها عدد لا بأس به من طلاب العلوم الدينية ، بينهم طلاب ينتمون لبعض الدول الإسلامية ، وتقع في زقاق مجاور لديوان الشادة آل الرشدي ، ومن أساتذتها الشيخ حسين البيضاني والشيخ محمد شمس الدين والشيخ علي العيثان البحراني والشيخ عبدالحسين الدارمي والشيخ عبدالحميد الساعدي.

مدرسة الهندية الصغرى:

أنشئت سنة 1300 هـ ، وكانت تحوي علىسبع غرف كبيرة ، يسكنها طلاب العلم من ألأفغان والهنود ، ومن بين ألأساتذة الذين واصلوا مهمة التدريس فيها المرحوم السيد محمد حسين الكشميري ، والسيد مرتضى الطباطبائي ، والسيد مرتضى الواجدي.
وقد أوقفتها إمرأة هندية محسنة خيرة كانت تعرف بـ (تاج محل) ، على العلامة السيد علي نقي الطباطبائي ، كما جاء في نص الوقف الخاصة بها.

مدرسة شريف العلماء المازندراني:

تقع في زقاق (كدا علي) المتشعب من شارع الحسين الرئيسي ، وهي كائنة بجانب مرقد المربي العظيم والعالم النحرير وأستاذ المجتهدين وإمام المحققين الشيخ شريف العلماء المازندراني الحائري المتوفى سنة 1245 هـ . وهي من المدارس العلمية الدينية في كربلاء ، وتحوي على 22 غرفة في دورين ، يسكنها طلاب العلوم الدينية ، بينهم عدد من الطلاب ألأجانب.
وقد بادر بتأسيسها المجتهد ألأكبر والمرجع الديني السيد محسن الحكيم المتوفى سنة 1390 هـ ، وجعلها وقفا على طلاب العلوم الدينية في كربلاء والنجف في سنة 1284 هـ .

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 285

مدرسة إبن فهد الحلي:

تقع في إمتداد شارع الحسين ، إنطلاقا من باب القبلة لصحن الروضة الحسينية الشريفة ، بجانب مزار الفقيه العارف والعالم الزاهد الورعالشيخ أحمد بن فهد الحلي ألأسدي المتوفى سنة 841 هـ ، وقد تم إنشاؤها على مساحة كبيرة منألأرض وفي دورين يحويان على أربعين غرفة لسكن طلاب العلوم الدينية ، وبداخلها مسجد كبير للصلاة ، كما تحوي على مكتبة عامة بإسم (مكتبة الرسول ألأعظم) صلى ألله عليه وآله وسلم.
وقد جرت إعادة بناءها لمرتين ، أولاها في سنة 1358 هـ ، والثانية في سنة 1384 هـ ، وكانت ألأخيرة على نفقة عدد من ألأخيار المؤمنين ، بغجازة من المرجع الديني ألأكبر السيد محسن الحكيم.

مدرسة البروجردي:

بادر لإنشائها المرجع الديني والزعيم الروحي ألأكبر ، المرحوم الحاج السيد ألآغا حسين البروجردي المتوفى سنة 1380 هـ ، منفقا على بناءها مبالغ كبيرة حتى جاءت بنايتها في غاية من الجمال وألإبداع في الفن المعماري وألأسلوب الهندسي ، وهي تحوي على عشرين غرفة في دورين إثنين.
والمدرسة العلمية هذه يسكنها طلاب العلوم الدينية ويطالها النشاط التدريسي على أوسع نطاق.

مدرسة ألإمام الباقرعليه السلام:

تقع في محلة باب الخان ، قريبا من الفسحة وتضم العديد من غرف السكن والتدريس ، ويسكنها العديد من طلاب العلوم الدينية ، وفيها مكتبة عامة ، وكانت تصدر عنها الكتب والكراسات ذات الطابع التثقيفي ألإسلامي ، وتقام فيها الحفلات في بعض المناسبات وألأعياد الدينية .
وكانت هذه المدرسة من قبل حسينية خاصة بالزائرين القادمين من مدينة

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 286

الكاظمية في المواسم والمناسبات الدينية ، ثم تولى إدارتها السيد عماد الدين بن المرحوم السيد محمد طاهر البحراني فحولها إلى مدرسة دينية.

المدرسة الحسنية:

تقع بالقرب من الروضة العباسية الشريفة وإلى الشمال منها ، وقد أنشئت على أرض مساحتها 400 مترا ، وتضم 28 غرفة لسكن طلاب العلوم الدينية ، وينصب النشاط العلمي المكثف فيها على تدريس الفقه وألأصول وعلم المنطق وألأخلاق وتفسير القرآن وقواعد اللغة العربية من نحو وصرف ، كما تقام فيها المراسيم وألإحتفالات الدينية والطقوس المذهبية ، مثل مراسيم الحداد والرثاء لمصاب الحسين عليه السلام في العشرة ألأولى من شهر محرم الحرام وفي شهر رمضان الفضيل من كل عام.
وقدأقيمت هذه المدرسة بسعي الخطيب الشيخ النائيني ، ومن تبرعات المواطنين الكويتيين ألأخيار.

مدرسة الخطيب:

تم إنشاؤها في سنة 1357 هـ على يد العلامة الفقيه الفاضل ، الشيخ محمد الخطيب ، وهي كائنة في محلة المخيم ، ويتلقى الطلاب في فصولها مبادئ اللغة العربية والعلوم الدينية ، غير أنها مدرسة شبه رسمية ، حيث إنفترة الدراسة المنهجية فيها هي خمس سنوات.

مدرسة ألإمام الصادق عليه السلام:

وهي أيضا مدرسة دينية رسمية ، وفترة الدراسة فيها هي ست سنوات ، وقد تأسست بجهود نخبة من علماء طربلاء الأفاضل ، وتقع على إمتداد شارع الحسين في محلة العباسية الغربية.
وقد تولى عمادتها في بداية ألأمر الخطيب السيد مرتضى القزويني ، ثم تولاها السيد محمد بن السيد مرتضى الطباطبائي.

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 287

وأخيرا يجب التنويه بأن الدراسة في حوزة كربلاء سواء في مرحلة دروس السطح أو في مرحلة درس الخارج ، لم تكن حتى لوقت قريب تقتصر على هذه المدارس ،بل إن كثيرا من حلقات الدرس والبحث والمناظرات العلمية كانت تعقد وتنتظم في حجرات وصالات وصحن الروضة الحسينية الشريفة ، والروضة العباسية المباركة ، وفي الحسينيات والجوامع ، وفي بيوت العلماء والمراجع وألأسلتذة أنفسهم أيضا ، مما يمكن القول بأن مجموعة المباني داخل وخارج الروضتين الشريفتين الحسينية والعباسية كانت بمثابة مدرس كبير وضخم للغاية.

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 288




تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 289


الفصل السادس

الجوامع والحسينيات في كربلاء


تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 290




تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 291

بالرغم من أن المساجد تشيد اصلا لإقامة الصلوات وإداء فروض الطاعة والعبادة لله سبحانه وتعالى ، كما أن الحسينيات تقام خصيصا لإيواء الزوار وتنظيم الإجتماعات والحفلات الدينية إلا أنها ، أي المساجد والحسينيات معا إستخدمت في كربلاء لأغراض دراسية وبحثية وتثقيفية دينية وفقهية ، فالمساجد إستخدت في أوقات ما بين مواعيد الصلاة كمدرس وكمنتدى لإلقاء الدروس والتقريرات العلمية الدينية والمحاضرات الثقافية ألإسلامية ، كما أن الحينيات لا تخلو من قاعات وحجرات فسيحة تستخدم لهذه الغاية أيضا.
وقد قلنا من قبل أن المكان المقدس هو البيئة المناسبة جدا لإلقاء الدروس وعقد المناظرات العلمية ذات الطابع الديني والروحي الصرف ، وقد كان أئمة الجماعة في المساجد بكربلاء وهم في العادة من المدرسين والعلماء المخضرمين ، يستغلون أوقات ما قبل قيامهم بالجماعة أو ما بعدها لإلقاء دروسهم وأبحاثهم الفقهية وألأصولية على تلاميذهم ومريديهم الذين كانوا بدورهم يحضرون المساجد لغرض الدرس والعبادة معا.
ولذلك لا بد من النظر إلى المساجد والحينيات في مدن ذات حوزات علمية عريقة مثل النجف وكربلاء وقم ، على أنها معاهد دينية إلى جانب كونها

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 292

أماكن للعبادة أو الحفلات الدينية.
وإن مدينة كربلاء على صغرها في الماضي ضمت مساجد كثيرة ومتنوعة ، فعلماء الدين العظام ورؤساء الملة فيها كانوا سباقين لإقامتها وتشييدها بدافع من نوازعهم الدينية السليمة ، وميلهم الشديد نحو نشر الثقافة ألإسلامية والفقه المحمدي ، فكان يحذو حذوهم في ذلك ألأثرياء المحسنين والصلحاء من الناس.
وفيما يلي نتطرق لبعض المساجد والحسينيات في كربلاء المقدمة والمهدومة منها على حد سواء.

جامع إبن شاهين:

يعتبر من أقدم الجوامع في مدينة كربلاء ، وكان يستخدم على نطاق واسع ، لأغراض الدرس والبحث ، حتى إنه عرف لفترة طويلة على أنه معهد دراسي ديني رئيسي في الحائر الشريف ، وذلك قبل أن تؤسس المدارس العلمية الدينية على صورتها الحديثة.
شيده عمران بن شاهين أمير البطائح في القرن الثامن الهجري ، وكان ملحقا بمباني الروضة الحسينية المقدسة ،ذكره أبو عبدالله شرف الدين إبن بطوطة القاضي الطنجي في رحلته المسماة برحلة إبن بطوطة «تحفة النظار» قال: زرت كربلاء في أيام السلطان أبو سعيد بهادر خان بن خدابنده ، بعد أن تركت الكوفة في سنة 726 هـ قاصدا مدينة الحسين ، وهي مدينة صغيرة تحفها حدائق النخيل ويسقيها ماء الفرات ، والروضة المقدسة داخلها وعليها مدرسة عظيمة وزاوية كريمة فيها الطعام للوارد والصادر ،وعلى باب الروضة الحجاب والقومة «الخدمة» لا يدخل أحد إلا عن إذنهم فيُقبِّل العتبة الشريفة ،وهي من الفضة وعلى ألأبواب أستار الحرير ، وأهل هذه المدينة طائفتان : أولاد زحيك ، وأولاد فائز ، وبينهما القتال أبدا ، وهم جميعا إمامية يرجعون إلى أب واحد ، ولأجل فتنتهم تخربت هذه المدينة ثم سافرنا منها إلى بغداد.

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 293

إن المدرسة العظيمةالتي ذكرها السائح الطنجي «إبن بطوطة» ما هي إلا مسجد إبن شاهين ، فالنشاط العلمي الذي كان يجري فيه جعل منه مدرسة عظيمة قبل أن يكون مسجدا للعبادة لا غير.

مسجد رأس الحسين عليه السلام:

وهو أيضا من أقدم المساجد ألأثرية في كربلاء ، وكان يضم في وسطه مقام رأس الحسين عليه السلام فعرف بهذا ألإسم ، وموقعه بالقرب من باب السدرة «أحد أبواب صحن الروضة الحسينية الشريفة» ، وقد طاله الهدم في مشروع إيجاد الشارع الدائري حول الحضرة الحسينية.

جامع السردار حسن خان:

لم يعد لهذا الجامع أي اثر اليوم ، غير أنه كان يعتبر من روائع الفن المعماري ألإسلامي ، نظرا لأسلوب البناء البديع الذي إستخدم في تشييده ، متزامنا مع بناء مدرسة حسن خان العلمية ، إذ كان ملحقا بهذه المدرسة في حينه.

جامع الميرزا شفيع خان:

يرجع تاريخ بناءه إلى عهد الميرزا شفيع خان أحد رؤساء الوزارات فيإيران على عهد الملك ناصر الدين شاه القاجار ، فهو الذي أمر ببناءه خلال زيارته لكربلاء سنة 1309 هـ ، موقعه كائن على نهر الهندية ما بين كربلاء وخان النخيلة (خلف معمل اليشماغ حاليا) ، وقد جدد بناؤه سنة 1319 هـ ، على يد ألأخوين الحاج علي والحاج آغا جان.
وإلى جانب هذا الجامع ، تقوم مقبرة دفن فيها مؤسسه الميرزا شفيع خان ،والعالم الكبير السيد هاشم الحسيني الجهرمي الحائري ، كان من أفاضل العلماء والمدرسين في حوزة كربلاء ، توفى سنة 1322 هـ .

جامع ألآغا باقر البهبهاني:

اقامه العالم النحرير ، والفقيه العديم النظير ، ألآغا الوحيد البهبهاني في

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 294

اواخر القرن الثاني عشر الهجري ، وهو كائن بجوار المدرسة الهندية ، ولا يزال قائما حتى الوقت الحاضر.

جامع الشيخ يوسف صاحب الحدائق:

شيده العالم الجليل الشيخ يوسف البحراني ، مؤلف كتاب «الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة» المتوفى سنة 1186 هـ ، وموقعه في الجهة المقابلة للمدرسة الهندية ، وكذا في مقابل جامع ألآغا الوحيد البهبهاني.
ولا يزال قائما اليوم ، حيث جدد بناؤه مؤخرا.

جامع الشهرستاني:

قن ببناءه العالم والمرجع الكبير السيد الميرزا مهدي الموسوي الشهرستاني ، وذلك في سنة 1189 هـ ، وكان يعرف قديما باسم جامع الشيخ عبدالرحيم ، وموقعه قرب باب الشهداء لصحن الروضة الحسينية الشريفة ، وجرى تجديد بناءه في سنة 1356 هـ ، ولكن تم هدمه في سنة 1399 هـ ضمن أعمال توسيع الشوارع والساحات حول الحائر الحسيني الشريف.

جامع الشيخ خلف:

بناه العالم والفقيه ألإمامي الكبير الشيخ خلف بن عسكر الحائري المتوفى سنة 1246 هـ ، على قطعة أرض تقع بمحلة باب السلالمة في شارع السدرة ، وتم تجديد بناءه في سنة 1371 هـ ، إلا أن أعمال الهدم في مشروع توسعة الشوارع شملته أيضا ولم يبق له اثر يذكر اليوم.

جامع الميرزا علي نقي الطباطبائي:

تبرع ببناءه العالم والرئيس الديني العظيم الميرزا السيد علي الطباطبائي في سنة 1210 هـ ، وعرف بعد وفاته باسم حفيده الميرزا علي نقي

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 295

الطباطبائي ، موقعه في مواجهة مدرسة السليمية قريبا من سوق التجار الكبير أعيد بناؤه على طراز معماري بديع في سنة 1382 هـ ، بحيث أصبح يضم مصلى كبيرا وواسعا جدا.

جامع الشهيد الثاني:

أسس خصيصا لتخليد إسم العالم الكبير والشيخ زين الدين بن نور الدين العاملي الملقب ابلشهيد الثاني ، الذي قتل في سنة 965 هـ ، وهو من الجوامع القديمة في كربلاء ، يقع في زقاق بمحلة باب السلالمة ، إسمه العكسية.

الجامع الناصري:

لم يبق له أثر اليوم ، فقد طمست معالمه جملة وتفصيلا ، وكان من أهم الجوامع التي سعى لتشييدها في كربلاء اسلطان ناصر الدين شاه قاجار ، وذلك في سنة 1276 هـ ، وكان يقوم إلى الشمال من الروضة الحسينية الشريفة.

جامع ألأردبيلية :

موقعه على طريق يفضي إلى مقام إبن حمزة في ضاحية كربلاء ، وهو أيضا من الجوامع القديمة ، يشتمل على مصلى واسع رحب ، وغرف جانبية عديدة ، فيها مقابر عدد من العلماء ، بينهم العارف حسين علي شاه ، رئيس الطريقة الصوفية المتوفى سنة 1234 هـ .

جامع الطهراني:

شيده السيد صالح فوزي الطهراني في سنة 1243 هـ ، يقع في سوق النجارين ، ولا يزال قائما حتى اليوم ، وأصبح تابعا لإشراف هيئة ألأوقاف الحكومية منذ سنة 1361 هـ .

السابق السابق الفهرس التالي التالي