تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 262

وبأهلي من قد غدا رأسه للشام يهدى على رؤوس الصعاد
ونساء تطارح الورق نوحا فوق عجف النياق حسرى بوادي


الشيخ نظر علي الحائري:

كان من الواعظين والخطباء المعروفين في كربلاء بالنصف ألأول من القرن الرابع عشر الهجري ، وكان جل قراءاته في مصاب سيدنا الحسين عليه السلام باللغة الفارسية ، وإلى جانب إمتهانه الوعظ والخطابة ، إنشغل بالتأليف والتصنيف ، فله عدة كتب مخطوطة ومطبوعة.
تطرق لترجمته صاحب «أعيان الشيعة» فذكره بقوله: الشيخ نظر علي إبن الحاج إسماعيل الكرماني الحائري ، توفى بكربلاء سنة 1348 هـ ، له كتاب «جامع الشتات» شبه الكشكول ، وله «جليس الواعظين وأنيس الذاكرين في قصص ألأنبياء والمرسلين» ـ فارسي ـ ، وله «جمال ألأمة في فضل الصلاة على النبي وألأئمة» ـ فارسي ـ أيضا.

الخطيب السيد هاشم المعروف بـ (القاري) :

ولد في كربلاء سنة 1285 هـ ، قرأ مقدمات العلوم الدينية لدى والده «السيد محمد بن السيد هاشم آل قفطون الموسوي»، وأخذ الفقه والتفسير والحديث من أساتذة وشيوخ الحوزة العلمية بالحائر الشريف ، مثلما تلقى فنون الخطابة وأسلوب الرثاء لمصاب الحسين عليه السلام ، من خطيب كربلاء الشهير السيد جواد الهندي المتوفى سنة 1333 هـ ، ولازمه لفترة من الوقت.
وبعد وفاة هذا ألأخير «السيد جواد الهندي» سار على نهجه وتولى إدارة مجالسه لفترة طويلة حتى برز بوصفه خطيبا ورثائيا مخضرما ، إحتل مكانة مرموقة في ألأوساط الدينية وألإجتماعية.
توفى سنة 150 هـ وأعقب ولدين إمتهنا مثله بالخطابة ، وهما السيد

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 263

كاظم والسيد محمد ، وقد عرف بيته بـ «القصير»، وهناك في كربلاء بيت آخر مشهور يعرف ببيت الطويل.

الخطيب السيد حسن ألأسترابادي:

كان معالما فاضلا ، بليغا في الخطابة والوعظ ، وخبيرا مخضرما في ذكر مصاب الحسين عليه السلام ، وكان صاحب قريحة وقادة في النظم والشعر، وهو حفيد السيد مصطفى ألأسترابادي الجد ألكبر للسادة ألأستراباديين في كربلاء ونجل السيد علي ألأسترابادي.
ولد بكربلاء سنة 1283 هـ وتوفى فيها سنة 1366 هـ ، وقد أرخ الخطيب السيد علي بن الحسين الهاشمي فقال شعرا بمايلي:
محافل الطف وأعوادها تنعى خطيبا كان فرد الزمن
وتنشد ألأعلام تارخه ـ بيومه نذكر فقد الحسن ـ

وأعقب الخطيب السيد حسن ألسترابادي ثلاثة أبناء ، إختار إثنان منهم سلوك درب ألأب ، فإمتهنا الخطابة والوعظ وإشتهرا بكربلاء كذاكرين لمصاب الحسين عليه السلام ، وهما السيد محمد علي المتوفى سنة 1375 هـ ، وكان ذكيا فطنا ، قوي الحافظة ، فصيحا وبليغا في الخطابة ، والسيد محمد مهدي وكان بدوره خطيبا مبرزا واسع العلم عالي الهمة.

الخطيب الشيخ محسن بن الشيخ محمد حسن أبو الحب:

خطيب مفوه بليغ جدا، ذاع صيته في العراق وخارجه ، ونال شهرة واسعة جدا وإحتضنته مينة كربلاء ، وإعتبرته خطيبها ألأول ، وعرف بقصائده الحسينية ، ولد في الحائر الشريف سنة 1305 هـ ، وهي السنة التي مات فيها جده الخطيب والشاعر الشيخ محسن بن الحاج محمد أبو الحب، ونشأ بتوجيه والده ودرس المقدنات وتخصص بالخطابة حتى أصبح خطيبا مخضرما يشار له بالبنان ، وكانت له مواقف أدبية وسياسية ، وطبع له ديوان بعد وفاته ، والديوان يضم طائفة كبيرة من النتف والقصائد في أغراض شتى قد قالها في

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 264

مناسبات مختلفة ، وكان نشر هذا الديوان بسعي وتحقيق ألأديب والمؤرخ الكربلائي المعروف السيد سلمان هادي الطعمة ، توفى فجأة صباح اليوم الخامس من ربيع ألأول سنة 1369 ÷ـ ، ودفن في مقبرة خاصة له في روضة أبي الفضل العباس عليه السلام ، وأقيم له حفل تأبيني في الصحن الشريف يوم أربعينه ساهم فيه ثلة من ألأدباء ورجال الفكر.
من قصائده الحسينية:
سبط النبي أبو ألأئمة من الخلائق جاء رحمه
هذا الحسين ومن بساق العرش خط ألله إسمه
وبقلب كل موحد قد صوّر الرحمن رسمه
هذا سليل محمد لبني الولا كهف وعصمه
هذا إبن بنت المصطفى مولى له شأن وحرمه
من أهل بيت زانهم كرم ومعروف وحشمه
في شهر شعبان علينا الخير خالقنا أتمه
وُلِد الحسين ونوره مذ شع أذهب كل ظلمه
جبريل هنأ جده واباه والزهراء أمه
كان النبي إذا رآه إليه أدناه وضمه
غذاه من إبهامه لبنا وقبله وشمه
فيه تبرك فطرس وبه محا الرحمن جرمه
وكذاك دردائيل أعتقـ ــه وأذهب عنه إثمه
وله اجل مناقب وفضائل في الدهر جمه
كم قد أفاض على الورى من جوده فضلا ونعمه
وإذا أتاه لاجئ يوما كفاه ما أهمه
وله ضريح طالما تتعاهد الزوار لثمه
قد شع نور جبينه فجلى الليالي المدلهمه
رام العدى إطفاءه وألله شاء بأن يتمه
بشراكم بولادة السـ ـبط الحسين أبي ألأئمة


تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 265

لهفي عليه لقد غدى جثمانــه للبيض طُعمه
ما راقبوا لمحمد في آله إلاً وذمه

ومن شعره في رثاء الحسين عليه السلام أيضا:
لاقى الصلاة بأرض الطف منفردا وما له من معين ولا ولي
أصحابه جاهدوا عنه وما نكلوا حتى قضوا بين منحـور ومنجدل
وألله منهم شرى قدما نفوسهم فقدموها له طوعا بلا مهل
عُبّاد ليلٍ فهم لا يهجعون به فمن مصل ومن داع ومنتفل
أماجد كان يوم الحرب عبدهم والمـوت عندهم أحلى من العسل
شدوا على زمر ألأعداء كأنهم اسد تشد على جمع من الهمل


الخطيب السيد عبدالرزاق بن السيد كاظم آل زيني:

كان عالما فاضلا ، إشتهر أمره بالخطابة والرثاء لمصاب سيدنا الحسين عليه السلام ، وبرز بوصفه أحد خطباء المنبر الحسيني المعروفين في العراق.
ترجمه الشيخ حيدر صالح المرجاني في كتابه «خطباء المنبر الحسيني» وأطرى بشخصيته وضلوعه في فن الخطابة والقراءة لمصاب الشهيد بكربلاء.
ينتمي لأسرة أدبية وعلمية معروفة في كربلاء ، كان رأسها العالم الفاضل السيد زين الدين بن السيد علي بن السيد سيف الدين من سلالة ألإمام الحسن بن علي عليهما السلام ، والذي إختار السكن في الحائر الشريف في أواخر القرن الثاني عشر الهجري ، وتوفى في كربلاء سنة 1373 هـ .

الخطيب الشاعر السيد محمد صالح القزويني:

هو نجل العالم الشاعر السيد محمد مهدي بن السيد محمد طاهر بن السيد محمد مهدي بن السيد باقر الموسوي القزويني ، وهذا ألأخير وأعني به السيد باقر هو والد السيد إبراهيم القزويني صاحب «الضوابط».

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 266

كان الخطيب ذاكرا لمصاب الشهيد في كربلاء ، إشتهر بعلمه وقلمه وخطبه في ألوساط الدينية والعلمية وألأدبية بكربلاء في النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري ، ينتمي لأسرة القزويني المعروفة بعلم وفضل أفرادها جيلا بعد جيل ، أدركته حينما كان في ذروة نشاطه ألأدبي والخطابي ، فوجدت فيه رجل الدين المهذب الخلوق الذي يثير إحترام ألآخرين له ، وكان ذا وجه بشوش ونفسية أريحية منفتحة.
نهض للرد على المتشككين والشامتين برجال الدين وإشتهر بكتابه المعروف «الموعظة الحسنة» ، والذي رد فيه على ما جاء في كتاب الدكتور علي الوردي الكاتب ألإجتماعي العراقي المعروف والمسمى بـ «وعاظ السلاطين» ، وقد إعترف الدكتور علي الوردي نفسه بأن رد السيد محمد صالح القزويني هو أحسن رد تلقاه على كتابه الذي هاجم فيه على رجال الدين وشكك في مصداقيتهم وإلتزامهم الديني السليم ، كون أن السيد القزويني جادله بالتي هي الحسنى وبالمنطق الرصين والعقل السليم ، بعيدا عن التشنج الكلامي لاغاضب الذي غالبا ما تتحكم فيه المشاعر دون العقل.
توفى في كربلاء سنة 1375 هـ ، وحلف أنجالا سلكوا درب والدهم الجليل.

الخطيب الشيخ محمد مهدي المازندراني الحائري:

إشتهر بوصفه شيخ الخطباء الحسينيين في كربلاء ، لكرة مؤلفاته وقراءاته في رثاء ألأئمة ألأطهار (عليهم السلام) وشروح حياتهم ، والتي أصبحت فيما بعد مصادر قيمة لسائر الخطباء والذاكرين لمصاب الحسين عليه السلام.
ولد في كربلاء سنة 1293 هـ ، ونشأ وترعرع في بيت علم وفضل وزهد وتقوى ، فهو حفيد المولى الشيخ أبي الحسن بن شاه محمد بن عبدالهادي الهزارجريبي المازندراني ، من كبار علماء الشيعة في القرن الثالث عشر الهجري ، والذي كانقد إختار السكن في كربلاء بالنصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري ، وتوفى فيها سنة 1306 هـ .

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 267

درس الفقه وألأصول على والده المولى الشيخ عبدالهادي المازندراني الحائري المتوفى سنة 1353 هـ ودرس أيضا على المولى الشيخ الميرزا علي نقي البرغاني الحائري المتوفى سنة 1320 هـ ، ثم إمتهن الخطابة وبرز فيها حتى أصبح من أكابر الخطباء الحسينيين في العراق ، وكان يرقى المنبر إلى ىخر أيام حياته ، وكان متفننا وبيرا في ذكر مصاب الحسين عليه السلام ،ألأمر الذي جعل منه قدوة لسائر الذاكرين.
له مؤلفات عديدة مطبوعة منها: «شجرة طوبى» في مجلدين يعالج فيهما أحوال بعض الصحابة والتابعين وبعض الملوك ، وكذا أحوال النبي وفاطمة وعلي والحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام وبعض المواعظ والنصائح الخلقية و «فوائد الروحانيين وعوائد الرحمانية» في ثلاثة مجلدات و «الكوكب الدري» في ثلاثة مجلدات في أحوال النبي وفاطمة وعلي و «معالي السبطين في أحوال السيدين ألإمامين الحسن والحسين» و «نور ألبصار في أحوال ألأئمة التسعة ألأبرار» .
ومن آثاره الخيرية الباقية في مدينة كربلاء ، حسينية كبيرة تقع في محلة المخيم ، تشتمل على مدرسة دينية ومكتبة ومصلى ومقبرة دفن بها سنة 1384 هـ .

الخطيب الشهير الشيخ هادي الخفاجي الكربلائي:

برز و تألق نجمه في ألأوساط الدينية والمحافل والمجالس الحسينية بكربلاء، خاصة خلال الجيل ألأخير من القرن الرابع عشر الهجري وذلك بوصفه خطيبا بليغا وفصيحا ومجليا للغاية في فن الخطابة والقراءة لمصاب الشهيد بكربلاء ، أخذ فنون الخطابة من الشيخ محسن بنالشيخ محمد حسن ابي الحب الحائري المتوفى سنة 1369 هـ ، ولازمه فترة من الوقت مستفيدا من تجاربه وقدراته الخطابية الهائلة ، ثم إستقل في المنبر الحسيني وبدأ يشتهر ويعلو شأنه ن وكثرت مجالسه بشكل غي عادي ، حتى أصبح الخطيب الكربلائي ألأكثر شهرة وألأوفر حظا وأصبح له تلامذة وأصحاب ومعجبون

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 268

كثيرون يلازمونه في مجالسه الحسينية الكثيرة ، وكانت مجالسه هذه مكتظة بالمستمعين أكثر من غيره.
ويقول بعض الخطباء الذين يعرفونه عن كثب : إن ميزته الرئيسية تكمن بالدرجة ألأولى في بلاغته وفصاحته ومقدرته العجيبة في تطبيق خطابته مع الجو السائد في مجالسه وحالة مستمعيه من أي فئة أو طبقة أو إنتماء كانوا ، ولذلك كانت خطاباته جاذبة وملفتة لإنتباه مستمعيه دون أن يدعهم يدخل الملل والضجر في نفوسهم ، إضافة إلى مقدرته في معالجة أي موضوع يختاره لخطابته بتدرج سليم ومنطقي وموزون من البداية حتى النهاية ، أي أنه يدخل في صلب الموضوع ويخرج منه بخط مستقيم دون إلتواءات أو إنشعابات تبعده عن موضوع الخطابة ، مما يدل على مقدرته الكلامية ورصانة أسلوبه المنطقي ، كما أن له مقدرة فائقة في إبكاء مستمعيه لمصاب الحسين عليه السلام خاصة ، وأن له صوتا جهوريا حزينا .

الخطيب والعالم الفاضل السيد محمد كاظم القزويني:

ولد في كربلاء سنة 1348 هـ ونشأ في بيت علم وفضيلة ، فهو نجل العالم السيد محمد إبراهيم ، وحفيد المرجع الديني السيد هاشم القزويني المتوفى سنة 1327 هـ ، درس مقدمات العلوم الدينية في حوزة كربلاء ، وأخذ الفقه وألأصول من مشايخها وكبار مدرسيها وإمتهن الخطابة والوعظ في سن الشباب ، فشرع بأسفاره إلى خارجد العراق من أجل التبليغ الديني ، وذكر مناقب وفضائل ألأئمة ألأطهار (عليهم السلام) والقراءة لمصابهم الجلل، فقد سافر لمرات إلى بلاد الهند وباكستان ومصر والمغرب ألأقصى وتايلند وإستراليا ، وكان يدرس كتب السطح في مدرسة الهندي أولا ، ثم في مدرسة إبن فهد الحلي بكربلاء ، وتولى ألإشراف على مكتب رابطة النشر ألإسلامي فيها ، وإهتم كذلك بالتأليف والتصنيف ، وله آثار مطبوعة منها : كتاب «شرح نهج البلاغة» في ثلاثة مجلدات و «واقعة الطف» في كتيب صغير يتضمن

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 269

رواية يوم عاشوراء ومصاب الحسين فيه و «الإمام علي من المهد إلى اللحد» و «فاطمة من المهد إلى اللحد» و «ألإمام الجواد من المهد إلى اللحد» و «ألإمام الهادي من المهد إلى اللحد» و «المهدي من المهد إلى الظهور» ، صاهر العالم والمرجع الكبير السد الميرزا مهدي الشيرازي المتوفى سنة 1380 هـ على إبنته ، وله أنجال يسلكون دربه الروحي والديني ، وهو ألآن نزيل مدنة قم المقدسة ، حيث يتفرغ للتأليف ومواصلة تدوين شروح حياة باقي ألأئمة ألأطهار (عليهم السلام) وإرتقاء منبر الوعظ والخطابة بين فترة وأخرى ، وقبل أن يرحل عن كربلاء قادما إلى غيران تصدى لإمامة الجماعة في الصحن الحسيني الشريف نائبا لسماحة آية ألله العظمى السيد محمد الشيرازي «دام ظله» لقترة من الوقت.

الخطيب الشيخ عبدالزهراء الكعبي:

كان خطيبا بارعا وذاكرا رثائيا لمصاب سيدنا الحسين عليه السلام إشتهرت قراءاته في يوم عاشوراء ،وعرفت في حينه بقراءة المقتل ،وكان مجلسه أعظم مجلس يعتقد لعزاء شهيد كربلاء في يوم عاشوراء من كل عام ، وكان يقرأ سفر المقتل بصوته الحزين ، ولحنه النغمي الجميل ، ويسرد واقعة عاشوراء المفجعة متدرجا من أولها إلى آخرها ، وقد تم تسجيل هذه القراءة صوتيا وتبث من بعض ألإذاعات ألإسلامية في ايام شهري محرم وصفر من كل عام حتى يومنا هذا.
كان إسلوبه المتميز في رثاء ألإمام الحسين عليه السلام قلده فيه الكثير من خطباء كربلاء الشبان الذين برزوا وإشتهروا فيما بعد ، وإلى جانب إمتهانه الخطابة وإعتلاء المنبر الحسيني كان عالما فاضلا ، إذ كان يدرس العلوم الدينية في مدرسة «الميرزا كريم الشيرازي» ، وكان من أصحاب المرجع الكبير السيد الميرزا مهدي الحسيني الشريازي ، ولازم بعده نجله آية ألله السيد محمد الشيرازي ، كان خلوقا عفيفا ، صافي الطوية ، وقف حياته ونذر نفسه لخدمة سيدنا الحسين والتبليغ لمظلوميته ، توفى سنة 1394 هـ ودفن بالحائر

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 270

الحسيني الشريف ، ولم يكن قد أنهى الستينيات من عمره.
ترك كتابا عن مقتل عن الحسين وفيه الرواية الكاملة عن أحداث يوم عاشوراء من البداية حتى النهاية بقتل الحسين وأصحابه وذويه (عليهم السلام) .
وكان إلى جانب فضله وبراعته في الخطابة شاعرا مطبوعا ، وقد نقل لي أحد تلامذته الشبان وهو الشيخ علي حيدر نماذج من أشعاره ، فمن شعره في مديح ألإمام الصادق عليه السلام قوله:
لأبي الكاظم ألإمام أيادٍ سابغات تعم كل البرية
أظهر ألله فيه شرعة طه بعد إخفاءها فعادت بهية
رويت عنه للأنام علوم هي كانت من قبل ذاك خفية
محفظـا تلك العلـوم ومن ذا قد عرفنا بالفرقة الجعفرية

ومن شعره في هيئة دينية تشكلت في مدينة كربلاء بإسم «الهيئة المحسنية»:
يا محسنا لو أمهلته يد الشقا زمنا لَعُيِّنَ ثالث ألأسباط
لك هيئة بالمحسنية سميت قامت بها فئة من ألأوساط


الخطيب الشهير السيد مرتضى القزويني الحائري:

هو نجل العلامة السيد محمد صادق بن السيد محمد رضا بن السيد هاشم القزويني الموسوي ، ولد في كربلاء المقدسة سنة 1351 هـ ونشأ في أسرة دينية ملتزمة ، وبعد إكماله الدراسة الثانوية إهتم بتحصيل العلوم الدينية في حوزة كربلاء العلمية فقرأ المقدمات على المرحوم الشيخ جعفر الرشتي ودرس الفقه لدى العلامة الشيخ محمد الخطيب وأصول الفقه لدى العلامة المحقق السيد محمد حسن القزويني المعروف بـ «آغامير» والفقيه المدقق الشيخ يوسف الخراساني وحضر أبحاث العالم ألأصولي الكبير المرحوم السيد محمد هادي الميلاني في خارج أصول الفقه وحصل منه على إجازة في

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 271

الرواية مثلما أجازه في الرواية العالم الشهير السيد عبدالحسين شرف الدين وكذا النسابة المعروف الشيخ آغا بزرك الطهراني صاحب موسوعة «الذريعة» ، كما حضر أبحاث الفقه وألأصول وعلم الكلام لعلماء كبار في حوزة كربلاء أمثال:المرحوم الشيخ محمد رضا ألأصفهاني والسيد محمد الشيرازي والشيخ محمد حسين المازندراني ، سافر لمعظم البلدان ألإسلامية وبعض الدول ألأوروبية وأمريكا مبلغا ومرشدا إسلاميا ، وكانت له نشاطات ثقافية إسلامية في كربلاء مثل إشرافه على مدرسة ألإمام الصادق ألأهلية وإسهامه في إصدار مجلات «صوت المبلغين» و «أجوبة المسائل الدينية» و «ألآداب وألأخلاق» وغيرها ، وله مؤلفات من أهمها : «إلى الشباب» ـ «الزواج وألأسرة» ـ «المهدي المنتظر» ـ «أعلام الشيعة» ، هاجر إلى الكويت سنة 1391 هـ حيث إشتغل بالتدريس والخطابة وإمامة الجماعة ، وبعد تسع سنوات من إقامته في هذه البلاد ألإسلامية هاجر إلى إيران حيث تصدى لشؤون دينية وقضائية إسلامية ، وهو لا يزال حتى يومنا هذا ناشطا في الخطابة والوعظ والتبليغ ألإسلامي.

الخطيب اسيد أحمد الخاتمي:

هاجر إلى كربلاء من مشهد الرضا أيام زعامة آية ألله العظمى السيد حسين القمي ، وإلتزم صحبة هذا العالم الجليل ،وبدأ دروسه وتدرج فيها ثم إلتزم صحبة سماحة آية اللله العظمى السيد ميرزا مهدي الشيرازي ، وبزغ نجمه في الخطابة الفارسية ، وربى جيلا من شابب كربلاء وكسبتها وأسس مجالس دورية وأسبوعية ،وأصبح وكيلا لسماحة آية الله العظمى السيد ميرزا عبدالهادي الشيرازي ، ثم وكيلا لسماحة آيو الله العظمى السيد أحمد الخوانساري في كربلاء ، ثم هاجر إلى إيران حيث إستقر في قم المقدسة ، ويرقى المنبر الحسيني في الكويت ، له مؤلفات في الوعظ وألإرشاد.

الخطيب الشيخ مرتضى الشاهرودي الحائري:

ولد في كربلاء سنة 1365 هـ ونشأ وترعرع في بيت علم وفضيلة،

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 272

فهو حفيد الفقيه والمجتهد ألأكبر العلامة الشيخ علي الشاهرودي المتوفى سنة 1351 هـ ، درس مقدمات العلوم الدينية في الحوزة العلمية بكربلاء، وأخذ الفقه من عمه العالم المحقق والفقيه النحرير الشيخ محمد بن علي الشاهرودي الحائري المتوفى سنة 1409 هـ ، تلقى فن الخطابة وأسلوب الرثاء لمصاب الحسين وألأئمة ألأطهار (عليهم السلام) من خطيب كربلاء المعروف في حينه الشيخ عبدالزهراء الكعبي المتوفى سنة 1394 هـ ، ومن قبله شيخ الخطباء الطربلائيين محمد مهدي بن الشيخ عبدالهادي المازندراني المتوفى سنة 1984 م ، كما لازم فترة من الزمن الخطيب الكربلائي المعاصر الشيخ هادي الخفاجي ، ثم إستقل في المنبر الحسيني وبدأ يشتهر رويدا رويدا خاصة منذ أن بدأ أسفاره الموفقة إلى بعض البلدان ألإسلامية في مهمة الوعظ والخطابة في المواسم والمناسبات الدينية الخاصة ، فعلا أمره ، وتوسعت شهرته ، وأصبح وجيها عند العامة والخاصة ، وذا مكانة محترمة عند المؤمنين والمحبين لآل بيت رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم صاهر عمه الراحل العلامة الشيخ محمد الشاهرودي (قدس سره) على إبنته ، ولازمه لسنوات طويلة مستفيدا من آرائه وتوجيهاته وإرشاداته فتوطدت بين ألإثنين صلة روحية قوية جدا ، له إسلوب جيد في الخطابة وقدرة فائقة في القراءة والرثاء لمصاب سيدنا الحسين وذكر فضائل ومناقب ألئمة ألأطهار (عليهم السلام).

الخطيب الشيخ عبدالحميد المهاجر:

خطيب شاب و متألق ، لمع نجمه في ألأوساط الدينية والمجالس الحسينية بالعراق في أواخر القرن الرابع عشر الهجري ، كان من تلامذة الخطيب الكربلائي المعروف الشيخ عبدالزهراء الكعبي المتوفى سنة 1394 هـ ولازمه لعدة سنوات مستفيدا من أسلوب قراءاته في مصاب سيدنا الحسين عليه السلام ، يحظى بقدر كبير من الثقافة الدينية ، وله إلمام واسع بألأحاديث والروايات وألأخبار ، ويتقن فن الخطابة ويتسم بالبلاغة والفصاحة والنطق

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 273

الجيد، والصوت الجهوري ألأخاذ ، إشتهر وحظي بمكانة مرموقة من خلال أسفاره الكثيرة لمختلف البلدان العربية وألإسلامية وألإفريقية والغربية مبلغا وداعية إسلاميا جريئا ، ولا يزال يتدرج في سلم الشهرة والصيت الواسع ، ويتنبأ له بمستقبل أفضل خاصة وأنه يمتلئ حيوية ونشاطا مما يجعله في الصورة وتحت ألأضواء دائما ، له معجبون كثيرون في كل البلاد ألإسلامية وعند الجاليات الإسلامية في العالم.

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 274




تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 275


الفصل الخامس

المدارس العلمية في كربلاء


تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 276




تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 277

إشتهرت مدينة كربلاء المقدسة بمدارسها الدينية معاهدها العلمية المنتشرة في أرجاءها المختلفة ، مما يعطي دليلا إضافيا على تقدم وتطور حركتها العلمية الدينية العريقة ، ن حيث أن أهم مؤشر للمستوى الثقافي والنهوض العلمي لأية مدينة إنما يكمن في تنوع وتعدد مدارسها ومعاهدها وحلقات الدرس والبحث المنتشرة بأرجاءها المختلفة.
وكان طلاب العلوم الدينيةوهواة البحث والتحقيق وعشاق الفضيلة والتهذيب الخلقي من المجاورين ،والوافدين على كربلاء من مختلف المدن والبلدان من الكثرة العددية ما دفع باعديد من ألأثرياء ألأخيار وألأمراء الصلحاء والحكام من ذوي النفوس الكريمة والمنطلقات الدينية السليمة إلى التبرع ببناء المدارس العلمية الدينية وتشييد الزوايا والحسينيات التي يمكن توظيفها أيضا في مجال التدريس والبحث العلميين.
والجدير بالذكر أن أروقة الروضة الحسينية المقدسة كانت في بدايات الحركة العلمية بكربلاء وعلى وجه التحديد في القرن السادس الهجري ملتقى للعلماء واساطين الفكر وطلاب العلم والفضيلة ، حيث منها إنبعثت وإنتشرت أنوار العلم والمعرفة لأماكن أخرى.
غير أن المدارس العلمية الدينية في هذه المدينة المقدسة ، إتخذت

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 278

صورة محددة أكثر فأكثر إبتداءا من القرن الثاني عشر الهجري ، أي أن المدارس الدينية في صورتها الجديدة إنتشرت في أرجاء كربلاء منذ بداية هذا القرن تقريبا ، وذلك نظرا لأن الدراسة قبله كانت تتم داخل الجوامع والزوايا الدينية ,وأروقة الروضة الحسينية المقدسة وحدها ، كما قلنا آنفا ولم يكن هناك عادة مساكن لطلبة العلم والفضيلة مثلما هو موجود ألآن.
هذا وإن أقدم مدرسة علمية دينية لا تزال آثارها باقية حتى يومنا هذا هي مدرسة «حسن خان» التي يرجع تاريخ بناءها إلى سنة 1180 هـ ، والتي تخرج منها أو درس فيها أكابر العلماء وفطاحل الفقهاء الذين إزدهرت بهم الحركة العلمية والتدريسية في كربلاء خلال القرنين ألأخيرين.
وفيما يلي شرح موجز لأهم وأشهر المدارس العلمية الدينية في هذه المدينة المقدسة ، والتي لا يزال البعض منها قائما وفعالا ، فيما البعض ألآخر قد إندثر أو طالته مشاريع التوسعات في الشوارع والساحات التي تحيط بالروضتين الحسينية والعباسية المشرفتين.

مدرسة «السردار» حسن خان:

أُنشئت هذه المدرسة العلمية سنة 1180 هـ ، وكانت في حينها أكبر مؤئئة علمية دينية في كربلاء ،قلما توجد نظيرتها في العتبات المقدسة بالعراق ، كانت تقع في الزاوية اشمالية الشرقية من صحن روضة ألإمام الحسين عليه السلام ، قبل أن يتم هدمها بتاريخ 16 محرم الحرام سنة 1368 هـ في مشروع إيجاد الشارع الدائري حول الحضرة الحسينية الشريفة.
تخرج منها جيل النخبة من كبار العلماء والفقهاء الثقاة ، والمفكرين ألإسلاميين العظام ، أمثال المصلح ألإسلامي الكبير السيد جمال الدين ألأسدآبادي المعروف (بألأفغاني) ، والفقيه المربي والعالم الكبير الشيخ شريف العلماء المازندراني ، مثلما درس فيها كبار العلماء والمراجع المعروفين خلال القرنين الأخيرين ،وكانت مدرسة واسعة وكبيرة جدا إحتوت على 70 غرفة وعدة صالات على شكل مدريس ، ولا تزال آثارها قائمة حتى يومنا هذا,

السابق السابق الفهرس التالي التالي