تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 214




تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 215


الفصل الثالث
ألأُسـرُ العلميــة في كربــلاء


تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 216




تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 217

من الثابت تاريخيا أن أغلب الذين سكنوا مدينة كربلاء منذ مراحل نشأتها ألأولى وحتى يومنا هذا ، كانت لهم دوافع روحية أو علمية أو كليهما ، فجذبتهم وشدتهم لهذه المدينة المقدسة ، وربطتهم بكيانها الثقافي والحضاري والمعنوي ليصبحوا بالتالي جزءا من تراثها الخالد.
كما يمكن القول بأن جلّ الناس الذين قصدوا قبر الحسين الشريف لمجاورته على مر التاريخ ، إنما كانوا يهدفون لنقلة دينية أو علمية أ, ألإثنين معا وكان لا بد والحالة هذه أن تظهر على الساحة العلمية الدينية بها، منذ تحولها الحضاري ألأول وإمتدادا في تعاقب القرون وألأعصار ، أسر علمية بقي أفرادها بهذه المدينة جيلا بعد جيل ، ينقلون معهم التراث الفكري والعطاء العلمي وألأدبي للآباء وألأجداد ، ويحافظون على طابع أسرهم العلمي ومسلكها الروحي عقبا بعد عقب.
ويذكر المؤرخون أن السادة الموسويين من ذرية ألإمام موسى الكاظم عليه السلام كانو أول من إنتقل إلى كربلاء لغاية دينية ونقلة علمية ، وأن ألسر العلمية العريقة التي لا تزال أعقابها موجودين في كربلاء حتى العصر الحاضر إنما تشكلت في البداية من هؤلاء السادة ، ثم تفرعت وتشعبت إلى أسر شتى.
ويتفق المؤرخون أيضا على القول بأن السيد إبراهيم المجاب إبن السيد

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 218

محمد العابد إبن الإمام موسى الكاظم عليه السلام كان أول فاطمي إنتقل إلى الحائر الحسيني الشريف وإختار الإستيطان فيه ، بعد مقتل الخليفة العباسي «المتوكل» وفي أيام إبنه المنتصر سنة 247 هـ ، وقد لقب إبنه الأكبر بمحمد الحائري ، وذلك نسبة إلى الحائر الحسيني ومجاورته لأرض كربلاء، وأن العقب من ولد محمد الحائري في الحائر الحسيني كثيرون ، منهم آل فايز المعروفين اليوم بآل طعمة ، ولا خلاف في أن آل فايز هم من سكنة الحائر الحسيني حتى يومنا هذا ، ولهم قصب السبق في سكناهم كربلاء.
ويقول أرباب التاريخ أنه عندما جاءالعالم الفاضل محمد الحسيني بن علي الشيباني المعروف بألشتاني ، إلى كربلاء بعد مقتل المتوكل مباشرة ورفع تلك العلامات التي كان وضعها لتشخيص موضع القبر الشريف لكثرة ما مخر وحرث من حوله في عهد المتوكل، كان قد خرج معه جماعة من آل أبي طالب ، وبضمنهم كان السيد إبراهيم الضرير الكوفي إبن محمد بن ألإمام موسى بن جعفر عليهما السلام وصاهر بني اسد من سكان الغاضرية.
وجاء في كتاب «نزهة الحرمين في عمارة المشهدين» للعلامة السيد حسن الصدر : إن أول من سكن الحائر في كربلاء هو إبراهيم المجاب بن محمد العابد بن ألإمام موسى الكاظم عليه السلام وهو المدفون في الرواق الغربي من الحائر الحسيني المقدس ، وقبره ظاهر معروف يزار.
وقال محمد حمزة بن زهرة نقيب حلب في كتابه «غاية ألإختصار في البيوتات العلوية السالمة من الغبار» : السبب في تسمية إبراهيم بن محمد العابد بالمجاب هو أن إبراهيم دخل على قبر جده الحسين وقال السلام عليك يا جداه ، فسمع له جواب من القبر فلقب بالمجاب . . . الخ.
وذكر السيد محمد مهدي بحر العلوم في كتابه «الرجال» : أما سبب تلقيبه إبراهيم المجاب فهو يقال إنه سلّم على الحسين عليه السلام فأجيب من القبر وألله أعلم بصحة . . . الخ.
وعلى أي حال فإن الهجرة المتتابعة للأسر العلوية والفاطمية نحو كربلاء

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 219

ومجاورتها لأرض الحائر الشريف أوجدتا لهذه المدينة المقدسة عوامل جذب روحية إضافية ، إلى جانب عوامل النماء وألإزدهار وتعمير وتوسعة المشاهد المشرفة بها، وخاصة الروضتين الحسينية والعباسية المباركتين ،لأن من بين السادة العلويين ، الذين إستوطنوا أرض الحائر من نهض للعلم والفضيلة وممن نهض لتولي سادنية الروضات المشرفة ونقابة الأشراف ورئاسة ألأعيان ومن نهض للتعمير وألإنشاء وتوفير الخدمات ألإجتماعية والخيرية ، وبذلك مهّدوا السبل لهجرات متتابعة أخرى إنطوت على غايو علمية أو نقلة دينية ، وهكذا برز في ساحة الدين والفضيلة بكربلاء علماء وفضلاء أجلاء منهم تشكلت أسر علمية بقي بعضها متحفظا بطابعه العلمية الأصيل فيما البعض ألاخر فقد هذا ألأغلب ، وليحتفظ بطابعه العلمي ومسلكه الروحي في ذات الوقت ، وفيما يلي نسرد أهم وأشهر ألسر العلمية الدينية في كربلاء ماضيا وحاضرا.

أسرة آل طعمة :

من أقدم ألأسر العلوية التي نزحت إلى كربلاء وقطعتها إبتداءا من منتصف القرن الثالث الهجري ، يرجع نسبتها إلى السيد إبراهيم المجاب إبن السيد محمد العابد إبن ألإمام موسى الكاظم عليه السلام.
وقد أنجبت هذه ألسرة العلوية علماء وخطباء وأدباء ونقباء وكتاب قديرين من مشاهيرهم : السيد طعمة علم الدين الحائري الموسوي ، ومن أبرز المتأخرين في ذريتها : السيد عبدالحسين الكليدار آل طعمة سادن الروضة الحسينية الشريفة والمتوفى سنة 1380 هـ ، والذي ترك العشرات من المؤلفات والمصنفات التي تعلج مواضيع تاريخية وثقافية إسلامية كثيرة جدا ، ومن بين ما انجبته من كتّاب ومؤرخين : الدكتور عبدالجواد الكليدار آل طعمة صاحب كتاب «تاريخ كربلاء» ، ومحمد حسن الكليدار آل طعمة صاحب كتاب «مدينة الحسين» ، وسلمان هادي طعمة صاحب كتاب «تراث كربلاء» .
ويشأن أسرة آل طعمة ، قال العالم النسابة الشيخ آغا بزرك الطهراني في

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 220

كتابه «نقباء البشر» : آل طعمة من أسر المجد المعروفة في كربلاء ، ومن بيوت العلويين ألأشراف القديمة ، فقد عرفوا في كربلاء منذ قرون طويلة ، وهم من آل فائز وفيهم سدانة الروضة الحسينية والروضة العباسية من قديم . . . الخ.وقال بشأنها شعرا العلامة الشيخ محمد السماوي في إرجوزته «مجالي اللطف بأرض الطف»:
وآل طعمــة ذوي ألأنسـاب في الفضل والعلوم وألآداب


أسـرة النقـيب :

وهي أيضا من ألأسر العلوية العريقة التي قطنت كربلاء منذ مطلع القرن الخامس الهجري ، وكانت تُعرف في الماضي بـ (آل درّاج) المتفرعة عن قبيلة (آل زحيك) المنتسبة إلى السيد إبراهيم المرتضى (ألأصغر) نجل ألإمام موسى الكاظم عليه السلام.
برز فيها أعلام كبار تولوا المناصب الهامة في كربلاء مثل نقابةألأشراف وسادنية الروضةالحسينية المشرفة ، مثلما إشتهر فيها علماء أفاضل كالسيد مصطفى بن حسين آل دراج وكان عالما تقيا ، ورعا وصاحا ، ألّف كتابا بإسم «أصول الدين» فرغ من تأليفه في سنة 1175 هـ ، والسيد فاضل بن السيد عباس النقيب المتوفى سنة 1361 هـ ، وكان مشتغلا بدوره في طلب العلم والتحلي بالورع والتقى ، كتب بخط يده كتاب «اللمعة الدمشقية» في الفقه للشهيد ألأول ، والخطيب الفاضل السيد كاظم بن السيد فاضل ، الذي له مؤلفات ومصنفات تاريخية وإجتماعية مها : «نحن واليهود» و «مجتمعنا وعوامل الهدم والبناء» و «الدعوة والعقبات» كما يملك خزانة كتب قيمة جدا.

أسرة الفتوني:

أسرة علمية عريقة ، نزحت من جبل عامل في لبنان وأقامت بكربلاء في أوائل القرن الثاني عشر الهجري ، وهي تنتسب في ألصل إلى العالم الكبير

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 221

الشيخ بهاء الدين العاملي المتوفى سنة 1031 هـ ، والذي كان بدوره قد هاجر لبنان وإستوطن مدينة أصفهان عاصمة إيران في حينه ، وذلك على عهد الشاه عباس أحد أبرز وأشهر سلاطين ألأسرة الصفوية في إيران ، فأغنى بعلمه وسعة معلوماته في شتى العلوم العقلية والنقلية وفي الحساب والهندسة والرياضيات والهيئة وألأفلاك ، الحوزة العلمية العيرقة فيها (أي مدينة أصفهان ) .
برز وإشتهر في اسرة الفتوني بكربلاء : العلامة الشيخ محمد تقي بن بهاء الدين الفتوني الحائري ، المتوفى سنة 1183 هـ ، ويُظن أنه شقيقٌ للشيخ مهدي بن بهاء الدين الفتوني سبط العلامة الكبير السيد محمد مهدي بحر العلوم الطباطبائي المتوفى سنة 1212 هـ .
والشيخ علي بن محمد بن علي بن محمد تقي بن بهاء الدين الفتوني ، والشيخ حسين بن علي بن محمد بن علي بن محمد تقي بن بهاء الدين الفتوني المتوفى بعد سنة 1278 هـ ، وبشأن هذا ألأخير قال صاحب «الكرام البررة» : عالم اديب ولد بكربلاء ونشأ فيها ، وله من ألآثار «الدوحة المهدية» في تواريخ المعصومين (عليهم السلام) وهي أرجوزة تتألف من 1278 بيتا، وجدت في مكتبة الشيخ محمد السماوي في النجف.
ولا يزال أفراد من هذه ألأسرة يسكنون مدينة كربلاء حتى ألآن.

أسرة البحــرانــي:

إستوطنت هذه ألأسرة كربلاء منذ مطلع القرن الثاني عشر الهجري ، تنتسب إلى العالم الجليل والفقيه الكبير السيد عبدالله البلادي البحراني الذي يتنهي نسبه إلى السيد إبراهيم المجاب بن محمد العابد بن ألإمام موسى الكاظم عليه السلام.
ومن مشاهير أعلام هذه ألسرة في كربلاء : السيد عبدالله بن السيد محمد البحراني المتوفى في الحائر الحسيني سنة 1210 هـ ، وهو أستاذ الشيخ

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 222

خلف بن عسكر الزوبعي الحائري المتوفى بالطاعون الجارف سنة 1246 هـ ، والسيد محسن بن السيد عبدالله بن السيد محمد البحراني المتوفى سنة 1306 هـ ، وهو صهر العلامة الشيخ خلف بن عسكر الحائري ، والسيد محمد بن اليد محسن بن السيد عبدالله بن السيد محمد البحراني المتوفى سنة 1355 هـ ، وأعقب هذا ألأخير نجله العالم الفاضل السيد محمد طاهر البحراني المتوفى سنة 1384 هـ ، وقدد إتسم بالورع والتقوى ، وحظي بمكانة سامية في قلوب الكربلائيين، وقد أدركته حينما كان يقيم الجماعة في صحن الروضة الحسينية الشريفة ، خلف أنجالا سلكوا دروب الدين والفضل ، أذكرهم على التوالي : السيد محمد علي والسيد عماد الدين والسيد علاء والسيد محمد وألأولان منهم كانا يقيمان الجماعة في الصحن الحسيني الشريف ، حتى لوقت قريب.

أسـرة آل عصــفور:

من مشاهير ألأسر العلمية المتوغلة في بطون العلم وبحور المعرفة بكربلاء ، نزحت عن بلاد البحرين وقطنت كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري ، ونبغ في أفرادها الفقيه النحرير والمحقق الفحل والزاهد الورع الشيخ يوسف بن أحمد البحراني صاحب كتاب «الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة » المتوفى سنة 1186 هـ ، والمدفون في داخل الروضة الحسينية المشرفة.
ومن أعلام هذه ألأسرة أيضا : الشيخ أحمد بن محمد بن إبراهيم بن صالح بن عظية بن عصفور الدرازي البحراني الذي كتب بخط يده رسالة أستاذه الشيخ خلف بن عبد علي الدرازي في «ولاية الوصي على تزويج الصغير والصغيرة والمجنون وعدمها» وفرغ من كتابتها سنة 1177 هـ ، وكانت هذه النسخة موجودة عند العالم الجليل والمرجع الكبير السيد شهاب الدين المرعشي ـ نزيل مدينة قم ـ بحسب ماذكره الشيخ آغا بزرك الطهراني في كتابه «الكواكب المنتثرة في القرن الثاني بعد العشرة» ومن آل

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 223

عصفور: الشيخ حسين بن محمد بن أحمد البحراني ، إبن أخ الشيخ يوسف صاحب الحدائق المتوفى سنة 1216 هـ ، ذكره الشيخ علي البلادي البحراني في كتابه «أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف وألأحساء والبحرين» فقال: كان يضرب به المثل قوة الحافظة ملازما للتدريس والتصنيف والمطالعة والتاليف مواطبا على تعزية الحسين عليه السلام في بيته في كل وقت منيف . . . الخ ، وقال عنه صاحب «ريحانة ألأدب» : آل عصفور منهم الشيخ حسين بن محمد بن أحمد بن إبراهيم ، إبن أخ صاحب الحدائق ، من أجلاء علماء ألإمامية ، توفى ليلة ألأحد 21 شوال 1216 هـ ، ومن مؤلفاته : كتاب «باهرة العقول في نسب آل الرسول».

أسـرة الشهرستــاني:

إحدى ألأسر العلمية العريقة التي حظيت بشهرة واسعة تخطت مدينة كربلاء وحدود العراق ، إذ برز فيها علماء ورؤساء وسياسيون إحتلوا مكانة مرموقة في الوسط الإجتماعي والديني والعلمي ورأس هذه ألأسرة هو السيد الميرزا محمد مهدي الموسوي الشهرستاني ، الذي كان من مشاهير العلماء والفقهاء ومراجع التقليد في زمانه ، وكان أحد المهادي ألربعة (مهدي الشهرستاني ـ مهدي بحر العلوم ـ مهدي النراقي ـ مهدي الطوسي ) الذين كانوا من أجل واشهر وأنبه تلامذة العالم ألأصولي المؤسس الوحيد البهبهاني في كربلاء ، هاجر مع أسرته إلى كربلاء في اواسط القرن الثاني عشر الهجري ، وإستوطنها وإمتلك فيها عقارات ودورا تقع أكثرها في حي «باب السدرة» ، وتوفى بالحائر الشريف في شهر صفر سنة 1216 هـ .
ومن أعلام هذه ألأسرة السيد الميرزا أبوالقاسم بن الميرزا محمد مهدي الشهرستاني ، الذي لم تدم حياته بعد وفاة أبيه ففارق الحياة بعد فترة وجيزة ، والسيد الميرزا محمد حسين بن الميرزا محمد مهدي الشهرستاني المعروف بآغا بزرك والمتوفى سنة 1247 هـ ، كان مثل والده من فطاحل العلماء ومرجعا للفتيا وكان جيد الخط للغاية ، بقيت منه معلقات بخطه تحتوي على أدعية وآيات قرآنية ، صاهر العلامة ألآغا محمد علي

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 224

الكرمنشاهي نجل الوحيد البهبهاني على إبنته ، وقد وقع وثيقة العقد الوحيد البهبهاني والميرزا محمد مهدي الشهرستاني بشخصيهما . ومن أعلام هذه ألأسرة ايضا : السيد الميرزا محمد جعفر بن الميرزا محمد حسين الموسوي الشهرستاني المتوفى سنة 1260 هـ ، كان من أعلام الفقه في كربلاء بزمانه ، له عدة رسائل في جواز البقاء على تقليد الميت ، وفي الغيبة ، وفي العصير ، وفي نجاسة المرق الواقعة عليه قطرة من الدم حين غليانه ، ورسالة أخرى في دفع شبهة برزت بشأن موقوفة الميرزا فضل ألله الشهرستاني في مدينة أصفهان ، وله كتاب في انساب الوحيد البهبهاني وذريته وإتصالهم بالسلسلة المجلسية في اصفهان (المقصود ذرية العلامة المجلسي صاحب بحار ألأنوار) .
وينتمي لأسرة الشهرستاني في كربلاء السيد الميرزا صالح الشهرستاني ، كان عالما مبرزا حظي بإحترام وتقدير المرجع الديني ألأكبر في عصره المجدد الشيرازي السيد الحاج الميرزا محمد حسن المتوفى سنة 1312 هـ ، وحينما توفى السيد الشهرستاني في كربلاء سنة 1309 هـ ، أقام المجدد الشيرازي مجلس الفاتحة على روحه في مدينة سامراء لمدة أربعة أيام متتالية ، رثاه عدد من الشعراء بضمنهم الشيخ حمادي بن نوح الحلي ، الذي نظم قصيدة ختمها بهذين البيتين:
فجعت به ألأحكـام وإنصدعت له شم ألآكـام وزلزت أرجاء
جلل أصاب الغاضرية وقعه متفاقما فأذاب سامراء

ومن هذه ألأسرة أيضا : السيد خليل بن السيد إبراهيم الشهرستاني ، والباحث ألإجتماعي السيد صالح الشهرستاني المتوفى سنة 1395 هـ .
والشهرستانيون سادة موسويون ، ينتهي نسبهم إلى السيد إبراهيم المرتضى إبن الإمام موسى الكاظم عليه السلام.

أسـرة الطباطبائــي:

أسرة علمية متألقة بنور العلم والمعرفة ، خدم أفرادها من جيل

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 225

لآخر مسيرة العلم بحوزة كربلاء ، وأسهموا بدور كبير وفاعل في تطوير آفاق الثقافة الشيعية وإغناء التراث ألإسلامي.
وإن أول من برز في هذه ألسرة وحظي بالشهرة في كربلاء ، وهو السيد محمد علي بن السيد محمد بن السيد عبدالكريم بن السيد مراد ، والذي سافر من بلده في إيران إلى كربلاء وإستوطنها في القرن الثاني عشر الهجري طلبا للعلم والمعرفة .
وقد لمعت في آل الطباطبائي من بعده أسماء عدد من كبار العلماء والمحدثين ومراجع التقليد والفتيا ، من أشهرهم جميعا هو المير السيد علي الطباطبائي صاحب «الرياض» ، نجل السيد محمد علي المتوفى سنة 1231 هـ ، ونجله العالم الشهير السيد محمد بن علي الطباطبائي الملقب بالمجاهد والمتوفى سنة 1242 هـ ، والسيد محمد مهدي بن السيد علي الطباطبائي المتوفى في نفس سنة وفاة والده صاحب «الرياض» أي سنة 1231 هـ ، والسيد حسين الطباطبائي الحائري بن السيد محمد المجاهد وسبط السيد محمد مهدي بحر العلوم وصهر السلطان فتح علي شاه القاجاري على إبنة ألأمير علي ميرزا ، توفى بحدود سنة 1250 هـ .
ترجمه الشيخ آغا بزرك الطهراني في كتابه «الكرام البررة» ، ومما قال عنه: وكان أجل تلاميذ والده «السيد محمد المجاهد» ولما توفى والده قام مقامه ، لكن لم تطل حياته بل توفى في حدود سنة 1250 هـ ، و قالم مقامه ولده الميرزا زين العابدين إلى أن توفى في سنة 1292 هـ ، قال سيدنا ( السيد الصدر ) في «التكملة» :رأيت بعض مؤلفاته عند بعض أحفاده ، وهي تدل على فضل غزير وتبحر في الفقه والحديث . . . الخ ، والسيد حسن بن السيد محمد المجاهد الملقب بالحاج آغا كان من أجلاء العلماء في حوزة كربلاء وقام مقامه بعد وفاته نجله السيد علي نقي بن السيد حسن المتوفى سنة 1289 هـ ، ثم نجله ألاخر السيد الميرزا أبو القاسم بن السيد حسن المتوفى سنة 1309 هـ ، والذي إشتهر هو وأبناؤه واحفاده بالحجة الطباطبائي ، والسيد علي الطباطبائي بن الميرزا أبو القاسم الحجة ، والذي قام مقام والده في التدريس

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 226

وإمامة الجماعة ، لكنه توفىبعد وفاة والده بسبعة أشهر وخلفه أخوه السيد محمد باقر بن الميرزا ابي القاسم الحجة المتوفى سنة 1221 هـ ، والسيد محمد صادق بن السيد محمد باقر الحجة المتوفى سنة 1337 هـ ، وأخوه العالم الفاضل السيد حسن بن السيد محمد باقر الحجة المتوفى سنة 1354 هـ .
ومن مشاهير أعلام هذه ألأسرة في النصف الثاني ن القرن الرابع عشر الهجري : السيد عبدالحسين بن السيد علي بن الميرزا أبي القاسم الحجة المتوفى سنة 1363 هـ ، والسيد محمد تقي الطباطبائي المتوفى سنة 1379 هـ وكان يقيم الجماعة في صحن الروضة الحسينية الشريفة وعُرف بنسكه وتقواه ، والسيد محمد علي بن السيد مهدي الطباطبائي المتوفى سنة 1381 هـ ، والسيد مرتضى بن السيد مهدي الطباطبائي المتوفى سنة 1389 هـ .
وآل الطباطبائي هم سادة حسنيون من سلالة الحسن المثنى إبن ألإمام الحسن بن علي (عليهما السلام) تجمعهم صلة النسب من جانب ألأب بالسادة آل بحر العلوم في النجف ألشرف ، إذ يشتركون في النسب بجدهم ألأعلى السيد عبدالكريم بن السيد مراد.

أسرة آل سلـطــان:

أسرة علمية نزحت من مدينة الحلة وإستوطنت مدينة كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري ، وعميدها ألأكبر هو الحاج حسن (سلطان) ، تتسب لفخذ من عشيرة (زبيد) يقال له (ألأكرع) ، برز فيها علماء وفضلاء حظوا بقسط كبير من العلوم الدينية من مشاهيرهم:
ـ العالم الفاضل الشيخ محمد علي بن الحاج حسن سلطان الحائري ، الذي تولى غسل جثمان الفقيه الكبير الشيخ يوسف صاحب الحدائق المتوفى سنة 1186 هـ ، له رسالة في الطهارة والصلاة ، قام نجله الشيخ حسن بالشرح عليها ، وكان هذا ألأخير وأعني به الشيخ حسن بن الشيخ محمد علي مشهودا له بالتقوى والورع والتبحر في العلوم معاصرا للشيخ خلف بن عسكر

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 227

الزوبعي المتوفى سنة 1246 هـ، وقد إعتبره المولى حسين المحيط في جوانب بعض مسائله من أعوان الشيخ ألأحسائي.
ـ الشيخ أحمد بن الشيخ محمد علي سلطان ، عالم فاضل توفى سنة1251 هـ، ترك بخط يده كتاب «أساس ألأصول» للعلامة السيد دلدار علي النقوي المتوفى سنة 1235 هـ .
ـ الشيخ خلف بن الشيخ حسن بن الشيخ محمد علي سلطان ، من أجلاء الفقهاء في عصره.
ـ الشيخ راضي بن محسن بن الشيخ محمد علي سلطان ، درس على السيد علي الكبير الحسيني المتوفى سنة 1217 هـ ، وكانت وفاته بعد عام 1250 هـ .
ـ الشيخ جواد بن الشيخ راضي بن محسن بن الشيخ محمد علي المتوفى سنة 1284 هـ ، إشتهر بوصفه عاملا فاضلا ذا سمعة حسنة ، ترك بخط يده كتاب (منهاج الكرامة في إثبات ألإمامة) للعلامة الحلي ، فرغ من كتابته سنة 1253 هـ .
ـ الشيخ حسين راضي بن محسن ، وكان بدوره رجل دين فاضلا نابها في العلوم.

أسـرة القزويـنـي:

أسرة علمية أصلية حظي أفرادها جيلا بعد جيل بقسط وافر من العلم والثقافة ، ورأس هذه ألأسرة في كربلاء هو السيد محمد باقر الموسوي القزويني الملقب بمعلم السلطان، لأنه كان معلما لوالي كرمنشاه في إيارن ألمير محمد علي ميرزا إبن السلطان فتح علي شاه القاجار ، هاجر من بلدته في إيران إلى النجف ألأشرف سنة 1185 هـ ، ومنها إلى كربلاء المعلى سنة 1198 هـ ، وذلك بصحبة أخيه السيد محمد علي بن السيد عبدالكريم الموسوي القزويني الحائري.

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 228

من مشاهير ألأعلام في هذه ألأسرة في كربلاء : السيد إبراهيم بن السيد محمد باقر القزويني صاحب «الضوابط» المتوفى سنة 1262 هـ ، والذي إهتم إلى جانب إنشغاله بالتدريس والتحقيق في الفقه ، وأصوله بألأعمال الخيرية وألإنشائية منها بناء سور لمدينة سامراء وتذهيب إيوان روضة سيدنا العباس عليه السلام في كربلاء ، خلفه نجله السيد محمد باقر بن السيد إبراهيم القزويني المعروف بآغا يزرك.
والسيد محمد طاهر بن الميرزا مهدي بن محمد باقر الموسوي القزويني ، كان من علماء كربلاء وأهل الفضل والتقى بها ، له آثار منها: «هداية المصنفين» في ألإمامة توفى سنة 1329 هـ .
والسيد هاشم بن السيد محمد علي بن السيد عبدالكريم القزويني الحائري ، ذكره صاحب «أعيان الشيعة» بقوله : تخرج بصاحب الجواهر فقها، وبالشيخ مرتضى ألأنصاري أصولا ، ثم عاد إلى كربلاء وتصدر للدرس ، وفي «تتمة أمل ألآمل» : هو عالم فاضل أصولي فقيه، من تلامذة الشيخ مرتضى ألأنصاري والسيد محمد القزويني ، ووصفه الميرزا حسين النوري بالعالم الفاضل ، الورع التقي ، كانت له رياسة ووجاهة في كربلاء وألإمامة في الجماعة في صحن مشهد أبي الفضل العباس عليه السلام، وكان معروفا بالصلاح والوثاقة في كربلاء ، وهو إبن عم السيد إبراهيم صاحب الضوابط ، خلف ولدين هما : السيد محمد رضا والسيد إبراهيم ، توفى سنة 1327 هـ ودفن إلى جانب إبن عمه صاحب الضوابط في الصحن الشريف.
والسيد محمد رضا بن السيد هاشم القزويني ، كان من علماء كربلاء ومن المجازين من أبيه السيد هاشم ، قام مقامه بعد وفاته في إمامة الجماعة وغيرها من الوظائف الشرعية إلى أن توفى سنة 1348 هـ ، خلفه أخوه السيد إبراهيم بن السيد هاشم في إقامة الجماعة بصحن روضة سيدنا العباس عليه السلام ، إلى أن توفى سنة 1360 هـ .
والسيد حسين بن السيد محمد باقر بنالسيد إبراهيم القزويني المتوفى

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 229

سنة 1367 هـ ، كان من تلامذة المولى الشيخ محمد كاظم الخراساني ، وغيره من فطاحل العلماء في النجف ، عاد إلى كربلاء فعلا شأنه وكانت بيده موقوفات جده السيد إبراهيم صاحب الضوابط ، له مصنفات وُجدت عند نجله السيد إبراهيم شمس الدين القزويني صاحب كتاب « البويات العلوية في كربلاء» منها كتاب «مدينة فاضله إسلام» فارسي طبع سنة 1348 هـ ، و «ألأجوبة الحائرية عن ألأسئلة البغدادية» ومؤلفات أخرى.
والعالم الشاعر السيد مهدي بنالسيد محمد طاهر بن السيد مهدي بن السيد محمد باقر القزويني المتوفى سنة 1351 هـ ، ونجله الخطيب الشاعر السيد محمد صالح بن السيد مهدي المتوفى سنة 1275 هـ .
والسيد محمد حسن بن ابي المعالي محمد باقر بن السيد مهدي بن السيد محمد باقر القزويني الشهير بآغامير صاحب كتاب «ألإمامة الكبرى» والمتوفى في الحائر الشريف سنة سنة 1380 هـ .
والسيد محمد حسين بن السيد محمد طاهر بن السيد مهدي بن السيد محمد باقر القزويني المتوفى سنة 1385 هـ ، وكان يقيم الجماعة في صحن روضة سيدنا العباس عليه السلام.
ومن علماء وفضلاء هذه ألأسرة في عهدنا الحاضر : السيد محمد صادق بن السيد محمد رضا بن السيد هاشم القزويني المولود سنة 1325 هـ ، والسيد محمد كاظم بن السيد محمد إبراهيم بن السيد هاشم القزويني المولود سنة 1348 هـ ، صاحب المؤلفات المفيدة في أحوال ألأئمة (عليهم السلام) والسيد هاشم بن السيد محمد صادق بن السيد محمد رضا القزويني ، والخطيبان الفاضلان السيد مرتضى والسيد عبدالحسين نجلا السيد محمد صادق القزويني ، والشاعر المجيد السيد رضا بن السيد محمد صادق القزويني ـ نزيل مدينة مشهد بخراسان ـ ولهذا ألأخير أشعار وقصائد في مديح آل بيت رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم والرثاء لمصابهم.
كما ينتسب لهذه ألأسرة الخطيب الفاضل السيد مهدي بن السيد محمد

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 230

صالح بن السيد مهدي القزويني المتوفى سنة 1409 هـ ، والسيد جواد بن السيد محمد صالح بن اليد مهدي القزويني ، وألأخير هو ألآن نزيل مدينة مشهد.

أسـرة المرعشــي الشهـرسـتاني:

آل المرعشي هم سادة حسينيون إرتبطوا بنسبة المصاهرة بأسرةالشهرستاني ، وهم سادة موسويون فغلبت عليهم شهرة الشهرستاني ، إستوطنت هذه ألأسرة مدينة كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري ، وبرز بين أفرادها علماء وفقهاء كبار منهم:
السيد محمد حسين بن محمد علي بن محمد إسماعيل الحسيني المرعشي المتوفى سنة 1247 هـ ، والذي كان قد صاهر العالم والمرجع الديني الكبير السيد الميرزا محمد مهدي الشهرستاني رأس ألأسر الشهرستانية على إبنته ، فعُرف هو وأبناؤه وأحفاده بلقب الشهرستاني ، ونجله اليسد محمد علي بن السيد محمد حسين المرعشي الشهرستاني المتوفى سنة 1287 هـ ، ونجله ألآخر اليسد محمد تقي بن السيد محمد حسين المرعشي الشهرستاني ، والذي ترجمه صاحب «نقباء البشر» بقوله : هو السيد محمد تقي بن ألأمير السيد محمد حسين بن ألأمير محمد علي بن محمد إسماعيل الحسيني المرعشي الحائري الشهير بالشهرستاني، لأنه كان سبط العلامة السيد الميرزا محمد مهدي الشهرستاني الموسوي ، فإن السادة المرعشيين لما صاهروا الشهرستانيين عرفوا بإسمهم وذلك لنبوغ هذا البيت الجليل وإشتهاره في الحائر المقدس ـ وإلا فالمرعشيون حسينيون والشهرستانيون موسويون ـ عالم فقيه معمروورع تقي صالح ، كان من تلاميذ العلامتين مؤلف «الجواهر» (الشيخ محمد حسن النجفي) ، وألأنصاري وله مؤلفات في الفقه وألأصول لم تخرج إلى البياض ، وله كتاب كبير في ألأدعية وألأعمال سماه «ذخيرة المعاد» ، وكان معمرا بلغ من العمر أربعا وتسعين سنة ، ربى إبن خيه العلامة الشهير الميرزا محمد حسين الشهرستاني (بن السيد محمد علي بن

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 231

السيد محمد حسين) ، وزوجه إبنته وتوفى في 28 ذي الحجة سنة 1307 هـ ، وولداه هما : السيد آغا علي (كان من أهل العلم والتقوى والفضل والصلاح ومن العلماء البارزين والموجهين عند العامة والخاصة في كربلاء ، توفى سنة 1353 هـ ) والسيد علي أصغر (وكان بدوره من رجال الفضل المعروفين ومن حضار درس الشيخ محمد كاظم الخراساني وغيره في النجف ، توفي في كربلاء سنة 1360 هـ ) . . . الخ.
ومن أعلام هذه ألأسرة أيضا: السيد الميرزا علي بن السيد محمد حسين بن محمد علي المتوفى ستة 1344 هـ ، وكان قد خلف والده في إمامة الجماعة وألإنشغال بالتدريس والتحقيق ، والسيد زين العابدين بن السيد محمد حسين بن السيد محمد علي بن السيد محمد حسين المتوفى سنة 1356ف هـ .
ولمشاهير العلماء في هذه ألأسرة العلمية الدينية مؤلفات وآثار علمية وثقافية مطبوعة ومخطوطة ذكرها العالم النسابة الشيخ آغا بزرك الطهراني في أجزاء من موسوعته «الذريعة إلى تصانيف الشيعة».
ويبقى القول أخيرا: أن عميد أسرة المرعشي الشهرستاني في الوقت الحاضر هو العلامة الشهير السيد أحمد الشهرستاني ـ نزيل مدينة طهران ـ ترجمه صاحب «نقباء البشر» بقوله: كان من أفاضل المشتغلين في النجف برع في الفقه وألأصول ، وعمدة نلمذه على العلامة الشيخ أبي الحسن المشكيني ، وقد كتب من تقريرات درسه كثيرا ورأيت جملة من كراريسها عنده بخطه ، هبط طهران قعد وفاة والده وهو اليوم من القائمين بالوظائف الشرعية هناك ، والسيد أحمد الشهرستاني هو نجل السيد علي أصغر بن السيد محمد تقي بن السيد محمد حسين بن السيد محمد علي بن السيد محمد إسماعيل الحسيني المرعشي.
وينتمي لهذه ألأسرة أيضا رجل الدين الفاضل والمحقق السيد عبدالرضا الشهرستاني ـ نزيل مدينة المشهد الرضوي بخراسان حاليا ـ وقد ألف

السابق السابق الفهرس التالي التالي