تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 66

لطلاب العلم والفضيلة نحو كربلاء ، كما برز وتجلى خلال الفترة ذاتها صفوة منتقاة من كبار العلماء والفقهاء ألأصوليين امثال:
السيد الميرزا مهدي الحسيني الشيرازي، الذي إنتعشت الحركة العلمية والتبليغ الديني في عهد رئاسته العلمية والدينية بكربلاء، والذي أسهم بشكل فاعل ومؤثر في تربية وتخريج جيل متميز من العلماء والفقهاء والمبلغين ألإسلاميين الذين إنتشروا في أرجاء العالم ألإسلامي مروجين للدين الحنيف ومبلغين لرسالته السامية ومبادئه الروحية السمحاء.
والعالم ألأصولي السيد هادي الميلاني الذي أغنى الحوزة العلمية في كربلاءبدروسه وابحاثه الموسعة في الفقه وألأصول، فتخرج عليه العشرات من الفقهاء والعلماء، لكنه هاجر فيما بعد إلى مدينة مشهد المقسة حيث ترأس الحوزة العلمية فيها لفترة تربو على عقدين من الزمن إلى أن وافاه ألأجل المحتوم سنة 1395 هـ ، وجدتُ ترجمة لحياته في كتاب صدر أخيرا. فقد ترجمه : ـ جرفادقاني صاحب كتاب «أكابر علماء الشيعة من الكليني إلى الخميني» ـ فارسي ـ فقال: آية الله الميلاني إبن العلامة السيد جعفر الميلاني، احدمشايخ الفقهاء والمراجع العظام في مشهد في القرن ألأخير، كان فقيها كاملا ومجتهدا أصوليا وحكيما عارفا ومتكلما صادقا وعالما جامعا للعلوم العقلية والنقلية ، ولد سنة 1313 هـ بمدينة النجف في بيت علم وسيادة ، وكان أن جده من أمه ـ الفاضل المامقاني ـ وخاله الحاج الشيخ عبدالله، كانا من العلماء والمراجع في عصرهما ، تلقى في عنفوان شبابه مقدمات العلوم ودروس السطح في الفقه وألأصول ، وتتلمذ على السيد جعفر ألأردبيلي والحاج ميرزا علي ألإيرواني والشيخ أبي القاسم المامقاني والشيخ غلام علي القمي ، (إلى هنا إنتهى).
وقبل رئاسة هذين العالمين وأعني بهما السيد الميرزا مهدي الشيرازي والسيد هادي الميلاني، للحركة العلمية والتدريسية في كربلاء، كانت آفاق

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 67

العلم والفضيلة بهذه المدينة المقدسة ، موهجة ومشرقة بنجوم لامعة، ومضيئة بنور العلم والمعرفة والتقىوالصلاح أمثال:
ـ العالم والمرجع الديني السيد الميرزا هادي الخراساني الحائري ، احد أساطين الفقه وعلم ألصول في عصره.
ـ السيد عبدالحسين الحجة الطباطبائي ، كان عالما فحلا ، إنتهت إليه رئاسة شؤون الفتيا والقضاء ألإسلامي وزعامة بيت الحجة الطباطبائي في كربلاء.
ـ الشيخ علي أكبر الحائري، عالم محقق وفاضل نابه، ترجمه صاحب «نقباء البشر» فقال: هو الشيخ علي أكبر بن المولى عباس الشهير بسيبويه بن محمد رضا اليزدي الحائري، فاضل متتبع ، وباحث بارع كان من أهل الفضل النابهين في كربلاء ومن أهل المعرفة والكمال وألإطلاع، ولع بالتأليف فأنتج عدة آثار مفيدة للخطباء وأهل المنبر منها: «مفجع القلوب» و «مقرح ألأكباد» و «نخبة الحكم» و «تحفة المتقين» و «مطلوب الطالبين» و «غاية المطلوب» و «جمال الواعظين» و «مصباح المصلين» و «القمر المنير في قضية الغدير» ومجاميع أخرى مختصرة ، توفى يوم الخميس ثالث جمادى ألأولى سنة 1363 هـ ، وكانت ولادته في سنة 1291 هـ كما حدثني رحمه ألله ، وهو أكبر من أخيه العلامة المعاصر الشيخ محمد علي (سيبويه) المدرس والمقيم للجماعة في صحن أبي الفضل العباس عليه السلام.
ـ الشيخ الميرزا يحيى زرندي ، كان من علماء كربلاء ألأجلاء ، حظي بمكانة علمية مرموقة تبجله ألأوساط العلمية والحوزوية الدينية ، وكان زاهدا، عابدا، ورعا، تقيا، إشتغل بالتدريس في حوزة كربلاء لسنين طويلة، وكان يقيم الجماعة في مسجد الترك، توفى فجأة قبل سنة 1365 هـ ، ودفن في رواق الحضرة الحسينية المقدسة.
كما لمع فيما بعد ، نجم العالم المحقق والفقيه المجتهد الشيخ يوسف الخراساني البيازجمندي ، الذي إشتهرت حلقة درسه وأبحاثه ألأصولية

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 68

والفقهية ، لكونها ضمت نخبة منأفاضل وأجلاء طلاب العلوم الدينية ، الذين برزوا بدورهم على الساحة العلمية في كربلاء فيما بعد ، وكان من أهم دعامات وركائز الحوزة العلمية ، وقد أفتقدته الساحة العلمية بكربلاء حينما إضطر إلى مغادرتها والهجرة إلى مدينة مشهد المقدسة بحدود سنة 1390 هـ ، وقد توفى بهذه المدينة سنة 1397 هـ .
كما برز على ساحة العلم والفضيلة بكربلاء خلال النصف الثاني من القرن الرابع عشر:
ـ العلامة والفيلسوف الإسلامي المحقق الشيخ محمد رضا ألأصفهاني الذي كان بحق مفخرة علمية ، فقد إشتهر بغزارة علمه ، وسعة إطلاعه، وأحاطته وإلمامه بالمدارس الفلسفية ألإشرافية منها وغير الإشراقية، إلى جانب تحليه بأسمى السجايا والفضائل ألإنسانية ، نال صيتا ذائعا في البلدان ألإسلامية ، وكان كبار علماء المسلمين من سائر البلدان يقصدونه في كربلاء لمعرفة آراءه ألإسلامية ونظرياته الفلسفية ، والتباحث معه بشكل جدلي متعمق وموضوعي حول بعض أوجه الخلاف بين المذاهب ألإسلامية ، وقد اسهم بدوره في إغناء الحوزة العلمية بكربلاء وتربية جيل من العلماء المتفقهين توفى ودفن في كربلاء سنة 1393 هـ وكذا:
ـ السيد أسد ألله ألأصفهاني ، عالم مجتهد ، إشتغل بالتدريس في كربلاء فترة طويلة ، تتلمذ على الشيخ علي الشاهرودي وحصل على إجازته منه، إتسم بالزهد والتقوى والورع والتهجد، له رسالة علمية لمقلديه، هاجر إلى مدينة آبادان في جنوب إيران بطلب من أهاليها حيث تولى شؤون الفتيا وإمامة الجماعة ، إلى حين وافاه ألجل سنة 1392 هـ .
ـ العلامة المفضال آية الله الحاج الشيخ محمد الشاهرودي الحائري، عالم متبحر وفقيه محقق وأستاذ بارع ، تفرغ للتدريس والتحقيق في حوزة كربلاء العلمية ، لفترة تناهز نصف قرن، وكانت حلقة دروسه وتقريراته الفقهية وألأصولية من أهم الحلقات التدريسية في حينه خصوصا عندما شرع بإلقاء درس الخارج ، تخرج عليه العشرات من الطلاب في دروس السطح ودرس

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 69

الخارج ممن أصبحوا فيما بعد علماء وفضلاء أجلاء في مدنهم وبلدانهم وكان يقيم الجماعة في صحن الروضة الحسينية المقدسة لأكثر من ثلاثين عاما، هاجر كربلاء بحدود سنة 1392 هـ ، وقد إلى إيران وإستقر في مدينة طهران توفى صبيحة يوم الخميس الثالث عشر من شهر ربيع الثاني سنة 1409 هـ ، ودفن في روضة سيدنا الشاه عبدالعظيم الحسني بمدينة ري القريبة من طهران ، وقد أرخ وفاته الشاعر والخطيب النجفي الشيخ محمد باقر ألإيرواني في قصيدة منها هذه ألأبيات:
وبفقه أهل البيت أفنى عمره وهو الوفي بعهده المعهود
وبقلبه حب الولاية ثابت وهو السعيد بطاعة المعبود
وإذا فقدنا شخصه فمثاله وسط القلوب وليس بالمفقود
صوت الولا والعلم قـال مؤرخا: «بالخلد فوز محمد الشاهرودي»

ـ 1409 ـ


ـ العلامة الكبير آية ألله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي ، خلف والده المرجع الديني الكبير السيد الميرزا مهدي الشيرازي في شؤون الفتيا وألإمامة والتدريس بحوزة كربلاء مهتما بشؤون التوعية ألإسلامية والتبليغ الديني وتشجيع حركة التأليف والنشر لحين مغادرته العراق في سنة 1391 هـ .
ـ الشيخ محمد حسين المازندراني الحائري ، فقيه فهوم ومدرس قدير إشتغل بالتدريس والتحقيق في حوزة كربلاء لفترة طويلة ، مخلفا والده المرحوم الشيخ علي المازندراني الحائري الذي كان من أجلاء العلماء والفقهاء في كربلاء ، وهو ألآن نزيل مدينة قم المقدسة حيث ينشط في مجال التدريس والتحقيق بحوزتها الدينية.
وهناك وجوه علمية كثيرة أخرى برزت وتجلت على ساحة العلم والفضيلة في كربلاء ، وبألأخص في النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري ، وأسهم كل منها في دفع عجلة العلم والمعرفة إلى ألأمام بهذه المدينة المقدسة ، وفي إثراء ودعم التراث الفقهي ألإمامي ، سوف نتطرق لبعضها ألآخر في أبحاثنا القادمة بإذن الله.

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 70




تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 71


الـفصل الثـانـي


تاريخ الحوزة العلمية في كربلاء


تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 72




تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 73

قبل الحديث عن تاريخ تكوين الحوزة العلمية العريقة في كربلاء، والتطورات المتلاحقة التي شهدتها في حقب زمنية مختلفة ، من المستحسن بنا أن نتفهم جيدا في البداية بعض المفردات والمصطلحات الشائعة والرائجة كثيرا في ألأوساط العلمية الدينية، والتي بمدلولاتها التفصيلية والدقيقة مفهومة وواضحة تماما لكل عالم ديني أو طالب العلوم الدينية ، لكنها قد لاة تكون واضحة المعنى على الوجه ألأكمل بالنسبة لأفراد كثيرين ممن لا تربطهم صلة مبائرة بالمحافل والجهات العلمية الدينية ، ومن بين هذه المفردات والمصطلحات ، الحوزة العلمية بالذات ، والتي كثيرا ما تتردد على أفواه الناس ، وكذا ألإجتهاد ، والشخص المجتهد، مبدأ التقليد ، وغيرها.

ماذا تعني الحوزة العلمية؟

إن مسمى الحوزة ، هو أوسع بكثير من مسمى الجامعة أو المعهد العلمي، أو أية مؤسسة تعليمية أو علمية ، فالحوزة العلمية هي عبارة عن مجموعة من المدارس ، وفصول الدرس ، وحلقات البحث والناقشة والتي تقام وتنتظم عادة في الجوامع ، والمساجد ، وألأماكن المقدسة ، والزوايا الدينية ، والمدارس العلمية أو في بيوت العلماء وألأساتذة أنفسهم، وبعبارة أخرى يمكن أن يصبح أي مكان في ذات المدينة التي توجد فيها حوزة

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 74

علمية، مدرسا يتجمع فيه العشرات والمئات من الطلاب وألأساتذة ، بهدف إلقاء درس أو محاضرة أو مباحثة علمية (النقاش الجدلي العلمي) ، وليس هناك من ضوابط محددة ، أو لوائح منهاجية تقيد الطالب أو ألأستاذ بمكان، أو زمان أو تصرف معين، بدليل أن الدارس شخص هاوي مندفع من تلقاء نفسه لتلقي العلوم الدينية ، كما أن المدرس نفسه هاوي أيضا ، فهو راغب ومتحمس لتعليم وتثقيف عدد من الطلاب ، لآنه غير مأجور أو موظف مفروض عليه إلقاء الدرس لواجب إداري أو وظيفي.
صحيح أن هناك واجبا يمتثل له الطالب وألأستاذ معا، وهو واجب تلقي العلوم ألإلهية من جهة وواجب تربية جيل من العلماء الدينيين من جهة أخرى ، بيد أن لهذا الواجب حوافز روحية تتفاعل في باطن الشخص ، إذ أن العلوم الحديثة التي يندفع لتعلمها وتلقيها الطالب في عصرنا الراهن لها جاذب مادي مغري، حيث أن طالبها سوف يصبح على سبيل المثال طبيبا أو مهندسا أو تقنيا أو خبيرا في ألإدارة والمحاسبات وغيرها ، لكي يعيش بعد ذلك عيشة مريحة ، وليحظى بموقع إجتماعي متميز ، وليحصل على ألأموال الطائلة ، غير أن طالي العلوم الدينية تنتفي عنده مثل هذه الحوافز والمغريات المادية ، فهو مندفع بحافز روحي ورغبة نفسية لتلقي هذه العلوم ، ليكون بعد ذلك في خدمة الناس المؤمنين ولتدبير قضاياهم الروحية ، وتسيير شؤونهم الدينية ، وليعيش في ذات الوقت على الكفاف، زاهدا بمباهج الدنيا، ومبتعدا عن زينتها وبريقها، حتى يصبح القدوة وألأمثولة ، وليضرب من نفسه المثل الحميد، فيقتدي به الناس ويحذوا حذوه، وفي غير ذلك يفقد مصداقيته بوصفه رجل دين وحامل قيم السماء.
وفي الحقيقة أن رجل الدين الحقيقي ، هو كالطبيب يداوي الناس روحيا فيرشدهم ويهديهم إلى ما يهدى من روعهم ، وما يمنحهم السكينة والرضا، وما فيه خيرهم وصلاحهم ، ليس في هذه الدنيا التي نعيشها فحسب ، بل وفي الدنيا ألآخرة كذلك، فطبيب ألأمراض يجعل جسد ألإنسان معافى من غارات الجراثيم والفيروسات، لكن عالم الدين يجعل روح ألإنسان معافى من هجمة

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 75

ألآثام والموبقات ،وهكذا إذا إنتظمت الروح ، إنتظم الجسم معها.
إذن فالحوزة العلمية مسمى مطاطي يمكن أن يمتد فتصبح المدينة التي توجد فيها مدرسا بأرجاءها المختلفة والمتمثلة ببيت أو جامع أو مسجد أو مكان مقدس أو ارض فضاء او قاعة عامة أو خاصة أو مقبرة او حسينية أو زاوية دينية إلى جانب المدارس الدينية ذاتها ، أو أن ينكمش هذا المسمى فيتحدد بمدرسة واحدة أو حسينية أو جامع واحد على سبيل المثال، فتصبح هي وحدها دون غيرها الحوزة العلمية في تلك المدينة المعينة.
وهنا يبرز دور ألأفراد ومكانة ألأستاذ أو المرجع الديني ، فإذا ما لمع في سماء العلم والفكر بمدينة ما نجم مرجع ديني كبير أو أستاذ بارع متبحر وفهام في العلوم الدينية ، تتوسع وتقوى الحوزة العلمية تبعا له، ويدب النشاط والحركة في أوصالها ،وتتعدد حلقات الدرس ، وتتنوع مجالس البحث والمناقشة ألإستدلالية.
وعلى سبيل المثال لا الحصر ، نجد أنه عندما نقل المرحوم العالم الكبير والفقيه المجدد والزعيم الديني ألأوحد السيد الميرزا محمد حسن الشيرازي صاحب فتوى حرمة تدخين التبغ في إيارن ، حلقة درسه ومقر زعامته الدينية من النجف إلى مدينة سامراء لأسباب خاصة ، رأى فيها الصلاح والفلاح ، أصبحت الحوزة العلمية في هذه المدينة تحظى بأهمية كبيرة جدا، إذ بات لها عامل جذب قوي لكثير من العلماء والطلاب المبتدئين والمنتهين، الذين توجهوا نحوها من كل حدب وصوب، فتعددت وتنوعت بهم حلقات الدرس والبحث حتى أصبحت سامراء كتلة من النشاط والحركة والحيوية على صعيد العلم والفضيلة وإحتفظت بقوة هذا ألإندفاع العلمي لفترة عقد أو عقدين، حتى بعد وفاة المجدد الشيرازي الكبير رحمه ألله سنة 1312 هـ.
وإلى جانب ذلك ، فإن نطاق مرجعية العلماء له تأثيره الكمي والكيفي في تطوير الحركة العلمية والتدريسية داخل حوزة ما ، وكلما توسع هذا النطاق كلما إنتعشت الحركة العلمية بالنسبة ذاتها ، ففي عهد المرحوم السيد

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 76

أبو الحسن ألصفهاني مرت الحوزة اعلمية في النجف بمرحلة الذروة ، نظرا لأن النجف كانت قد تحولت إلى مركز إسلامي دولي يشد إنتباه الجميع في العالم ، كما أن الحوزة العلمية في مدينة قم، لم تزدهر على نطاق واسع، إلا على عهد المرحوم السيد البروجردي رحمه ألله.
ثم أن الحوزة العلمية في كربلاء مرت خلال القرنين الهجريين ألأخيرين بثلاث مراحل الذروة من النشاط العلمي والتدريسي ، كان أولاها: في عهد المربي العظيم والفقيه الفحل ، ألاغا الوحيد البهبهاني ، والثانية: في عهد الزعيم الروحي المجاهد ، الشيخ الميرزا محمد تقي الشيرازي، والثالثة : في عهد الزعامة الدينية للعالم الورع، السيد ميرزا مهدي الشيرازي الحسيني الذي كان إمتدادا لعهد السيد القمي.
وهذا يعني أن ظهور الشخصيات العلمية الكبيرة في حوزة ما له تاثيره المباشر في توسيع وتطوير هذه الحوزة ، وبغياب مثل هذه الشخصيات تنكمش الحوزة على نفسها بشكل أو بآخر.
ولكن ما هي نوعية ألأفراد المتخرجين من الحوزات العلمية؟ إذ أننا نعرف أن الجامعات والمعاهد العلمية الحديثة ، تخرج سنويا أفواجا من ألطباء والمهندسين والتقنيين وألإداريين وألأدباء والفنيين والكوادر التي يحتاج لها المجتمع البشري في حركته ألإجتماعية وألإقتصادية والسياسية والتقنية ولكن ما هو نتاج الحوزات العلمية ؟ الجواب على ذلك، هو ان العلماء المجتهدين هم هذا النتاج، ولكن من هو العالم المجتهد ؟ وما هي ضرورة ألإجتهاد؟.
* * *

ألإجتهـــاد:

إن معنى ألإجتهاد هو أوسع من معنى ألإبداع، وكما أن قوة ألإبداع لا تتأتى بالجد والكدح وحدهما ، لكونها قوة ذاتية غير مكتسبة ، فإن ألإجتهاد

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 77

أيضا هو موهبة ربانية ومكرمة قدسية ومرحلة من مراحل ألإلهام لا ينالها إلا ذو حظ عظيم، وقد ورد في الحديث : «إن العلم ليس بكثرة التعلم وإنما هو نور يقذفه ألله في قلب من يشاء».
إذن ألإجتهاد هو في الحقيقة ، تلك القوة الخارقة التي يتمكن بها العالم المجتهد من فهم حقائق وظرائف ألأحكام الشرعية فهما دقيقا ومتعمقا ، بحيث تتسنى له المقدرة الكاملة على إرجاع فروع الفقه إلى أصوله التي تتفرع عنها، وإستنباط ألأحكام الشرعية في ألحداث الكبيرة والصغيرة.
وبعبارة أخرى تمرس الشخص العالم في معرفة وفهم أصول وفروع الفقه، والإحاطة الشاملة بها ، ألإلمام بتفاصيلها، وما يرتبط منها بهذا الحديث أو ذاك، وبهذه الرواية أو تلك، إلى الحد الذي تتوفر له معه ملكة (السليقة) الربط والخلط بينها ربطا عقليا وشرعيا بما يؤدي إلى غستنباط ألأحكام الشرعية في القضايا والمسائل الطارئة.
وقد أوصى ألأئمة ألطهار (عليهم السلام) بالسعي المتواصل والجهد الدؤوب، والترويض المستمر، لنيل هذه الغاية المتسامية ، داعين لطالبيها والساعين إليها الهداية والتوفيق والصلاح من الباري سبحانه وتعالى.
وهذا يعني أنألإجتهاد بالرغم من أنه قوة ذاتية، لا يتم تحصيلها بالجد والكدح وحدهما ، فإنه يمكن التوفر عليه بالسعي المتواصل الدؤوب والعمل الجاد المخلص على تهذيب النفس وتصفيتها من شوائب الأكدار وألأقذار، وتنقية الجوهر، وتطهير القلب، عبر ألإلتزام القوي بأوامر الله ونواهيه، وألإبتعاد عن ملذات الدنيا ، وكبح هوى النفس ، إلى جانب التفقه المستمر والمتعمق في العلم والفضيلة.
وحينما يصل ألإنسان إلى هذه المرتبة من علو النفس وغزارة العلم فإنه سيصبح مؤهلا وجديرا بأن يمن عليه الله بتلك القوة الخارقة المتمثلة في ملكة أفجتهاد ، وبذلك يمكن أن يكون مجتهدا مقلدا ، بفتح اللام ، يأخذ عنه الناس العاديون أحكامهم الشرعية بحسب إجتهاده.

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 78

شـروط المجتهـد المُـقَلَّـد:

من اجل تمييز المجتهد الحقيقي من مدعي ألإجتهاد ، توجد قواعد ثابتة ومحددة ، إذ من الواجب في الشخص العالم بعد أن يكون ألله سبحانه وتعالى قد منحه تلك القوة الخارقة ألآنفة الذكر ، أن تتوفر فيه شروط ضرورية، حتى يكون جديرا ومؤهلا للإجتهاد ، ومقلَّدا من جانب ألاخرين ،وأهم هذه الشروط هي كما يلي:
1 ـ أن يكون ذا ذوق سليم يمكنه من معرفة مضمين ودلالات ألآيات الكريمة وألأحاديث النبوية الشريفة وألأخبار المنقولة عن ألأئمة (عليهم السلام) ، وهذا ما يعرف عند العلماء بالملكة أو السليقة المستقيمة ، وهي ى تحصل بالكسب وحده وإنما تنبع من الطبع أيضا.
2 ـ أن يكون عادلا ،والعدالة هنا تعني القيام بالفرائض الدينية ، وترك المحرمات وألإنصراف عن مباهج الدنيا ، وتجنب لذاتها المحرمة ، وكذا صون النفس أمام شهواتها ورغباتها وميولها ونزواتها وبهذا الخصوص فقد ورد عن ألإمام الحسن العسكري عليه السلام قوله: «أما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لأمر موله فللعوام أن يقلدوه».
3 ـ أن يكون متحليا بالعقل السليم.
4 ـ وبالذكورة.
5 ـ وألإيمان.
6 ـ وطهراة المولد (وهذا الشرط إجماعي بين العلماء) .
7 ـ ان يكون اعلم المكوجودين وأفضلهم (على المشهور) أما إذا تساوى مجتهدان في العلم ، تخير بينهما إلا إذا كان أحدهما أعدل أو اكثر ورعا فالأولى تقليده.
8 ـ أن يكون عالما ملما بتفسير القرآن الكريم ، إذا ان من مستلزمات العالم المجتهد الذي رجعت إليه مقاليد ألأمور ، ودانت له البلاد والعباد،

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 79

واسندت إليه الرئاسة العامة ونيابة ألإمام الغائب ، أن يأمر وينهى، ويحكم بالقسط والعدل، فالمفتي يحتاج بالضرورة إلى تفهم ومعرفة حقائق القرآن والسنة، ومواطن ألإشارات ، والإجماع وألإختلاف وألإحاطة بألأصول التي إجتمعوا عليها أو ما اختلفوا حوله ، وغلى حسن ألإختيار والتصرف السليم والتحلي بالحكمة والتقوى.
وقد جاء في ألأخبار أن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام قال لقاض: هل تعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا ، قال عليه السلام: فهل اشرفت على مراد ألله عز وجل في أمثال القرآن؟ قال : لا ، قال عليه السلام : إذن هلكت وأهلكت.
هذا هو العالم المجتهد عند الشيعة الإمامية ، إنه نائب للإمام والمرجع العام، وبنظرة على تاريخ الشيعة من بعد غيبة ألإمام الثاني عشر «المهدي المنتظر» عليه السلام إلى وقتنا هذا ، يتبين لنا بوضوح أن الشيعة قد درجوا على هذا الطريق، فقد هيأ ألله تعالى لهم مراجع للتقليد يستقون منهم أحكامهم ويعرفون بواسطتهم حلالهم وحرامهم ، ولكن ما هي ضرورة التقليد؟

التقليـد عنـد ألإمـاميـة:

قال الله العلي القدير في كتابه الكريم :« فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون»، وقال سبحانه : «فلولا نفرٌ من كل فرقة طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون.»
وقال الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم : «الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا»، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية» ، وقال صلى ألله عليه وىله وسلم : «يحمل هذا العالم من كل خلف عدول ، ينفون عنه تحريف الجاهلين، وإنتحال المبطلين وتأويل الغالين».
وروي عن ألإمام علي عليه السلام أنه قال: «مجاري ألأمور وألأحكام على يد العلماء بألله ألأمناء على حلاله وحرامه».
وجاء في كتاب الكافي ، عن احمد بن إسحاق القمي أنه قال : سألتُ

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 80

أبا الحسن ألإمام الهادي عليه السلام وقلتله: من أعامل، وعن من آخذ ، وقول من أقبل؟ قال عليه السلام : العمري (1)تقة، فما أدى إليك فعنا يؤدي، وما قال لك فعنا يقول، فاسمع له واطع فإنه الثقة المأمون.
وقال الصادق عليه السلام : «ولاية اهل العدل الذين أمر الله بولايتهم وتوليتهم وقبولها والعمل لهم ، فرضٌ من الله وطاعتهم واجبة ، ولا يحل لمن أمروه بالعمل لهم أن يتخلف عن أمرهم».
وقال الصادق عليه السلام ايضا: «أنظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا ، ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا ، فارضوا به حاكما فإني قد جعلته عليكم حاكما ، فإذا حكم بحكم فلم يقبل منه، فإنه بحكم ألله إستخف وعلينا رد والراد علينا كافر راد على ألله وهو على حد من اشرك بألله».
وقال ألإمام علي إبن موسى الرضا عليه السلام : « . . . ويقال للفقيه يوم القيامة ، ياأيها الكافل لأيتام آل محمد (عليهم السلام) الهادي لضعفاء محبهم ومواليهم ، قف حتى تشفع لمن أخذ عنك أو تعلم منك ، فيقف ويدخل الجنة معه فئاما وفئاما . . . (حتى قالها عشرا) ، وهم الذين اخذوا عنه علومه. . . «الخ.
وقال ألإمام الحسن العسكري عليه السلام : حدثني أبي عن آبائه (عليهم السلام) قال: «أشد من يتم اليتيم الذي إنقطع عن أبيه ، يتم يتيم إنقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه ، ولا يدري حكمه فيما يبتلى به من شرايع دينه ، الا فمن كان من شيعتنا عالما بعلومنا ، وهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره ، ألا فمن هداه وأرشده وعلمه بشريعتنا كان معنا في الرفيق ألأعلى».
وقال الحجة ألإمام المهدي المنتظر عليه السلام : «وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا ، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة ألله».

(1) العمري ـ ابو عمرو بن سعيد ألسدي ، النائب ألأول للإمام الغائب.
تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 81

مما تقدم ينوضح بجلاء أن المسلمين في ألإلتزام بشرعة دينهم الحنيف ، عليهم أن يعرفوا حكم ألله في الحالات الطارئة التي لم يرد بشأنها حكم شرعي محدد، ونظرا لأن هذه المعرفة لا تتأتى لعامة الناس، لذا يجب عليهم أن يقبلوا بالحكم الذي يصدره الفقيه المجتهد الذي قلنا عنه سلفا أن له المقدرة التامة على ربط فروع الفقه بأصوله عن وعي وبصيرة ودراية، ومن ثم إستنتاج الأحكام الشرعية منها بما يتصل بألحالات المستجدة التي تحتاج بالضرورة لحكم شرعي محدد.
وبناءً عليه فالعالم المجتهد يصبح المرجع الذي يصدر ألأحكام الشرعية فهو مطاع في حكمه ، بينما الشخص الذي يأخذ منه ألأحكام مطيع له، أو أنه تابع والمجتهد متبوع، ونظرا لأن المجتهد متبوع في تصرفاته فهو مقلَّد (بفتح اللام) ، واما الشخص الذي يتبعه في تصرفاته فهو مقلِّد (بكسر اللام) إذن فالتقليد معناه اللغوي عو التشبه والتشبيه، أي أن يعمل شخص بما يشبه عمل شخص آخر.
وطبيعي أن الشخص المجتهد يتصرف في مسلكه الديني والشرعي بوحي من إجتاهادته، لآنه قد وصل في إستنباطه للأحكام الشرعية إلى مرحلة القناعة التامة ، أو اليقين الحقيقي أو التنزيلي، بإستثناء المسائل الشرعية ألإحتياطية ، ومن هنا فهو أول من يطبق هذه ألإستنباطات إو بألأحرى ألإجتهادات ، وعندما يتابع الناس فيها يصبحون مقلِّدين له، أي أنهم يتصرفون بما يشبه تماما تصرف المجتهد ، فهو إذن مقلَّد (بفتح اللام) ، وتابعوه مقلِّدون (بكسر اللام).

دراسة أخرى في مسألة التقليد:

لقد فرض ألله سبحانه وتعالى لكل شيء حكما تتوجب على كل فرد من ألأفراد معرفته ، ثم أن هذه المعرفة لا تتيسر ما لم يكن هناك ترابط بين الرب وخلقه ، ومن هنا بعث عز وجل ألأنبياء والرسل ، الذين نهضوا في العباد هادين ومبشرين ومبلغين أوامر الله لعباده، وسعوا لنشر القسط والعدل بين الناس،

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 82

حتى أخرجوهم من الظلمات إلى النور.
وكان آخر وخاتم هؤلاء ألأنبياء والرسل هو سيدنا محمد صلى ألله عليه وآله وسلم ، الذي بلغ رسالة ربه على أكمل وجه، ولم يرحل عن هذه الدنيا إلا وقد أدى آخر فرض من فروض شرعته، بأن أكمل الدين للناس وأتم النعمة ، إذ خلف فيهم ما أن تمسكوا به لن يضلوا أبدا: كتاب ألله وعترته أهل بيته (عليهم السلام) ، فكتاب ألله طافح بألأوامر والنواهي وألإرشادات والعبادات والمعاملات ، وهؤلاء العترة معبِّرون ومفسرون وشارحون له، اي لكتاب ألله ، فكان الناس بعد النبي محمد صلى الله عليه وىله وسلم يرجعون إليهم ويأخذون عنهم ، إما بالحضور إليهم والسماع منهم بصورة مباشرة ووجها لوجه، او عن طريق وكلائهم ونوابهم بصورة غير مباشرة ، وكانت أمور الناس جارية على هذا المنوال ، إلى أن جاء دور ألإمام الثاني عشر «ألمهدي المنتظر» عليه السلام فحصلت غيبته الصغرى عن أنظتر الناس بإرادة ألله جل وتعالى ، وفي هذه المرحلة أيضا ، ظلت ألأمور مستقرة وجارية بطريق السفارة بينه وبين شيعته ، إذ كانت البلاغات والتعليمات وألأوامر تصدر عنه إلى نوابه ألأربعة ، الذين تعاقبوا على السفارة والوكالة واحدا بعد ألآخر وهم:
أولا: الشيخ الجليل والعالم الثقة أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري(بفتح العين) ويقال له ألأسدي لأنه من بني أسد، والعسكري لأنه من عسكر سامراء، إختاره ألإمام العاشر «الهادي» عليه السلام ومن ثم إبنه أفمام الحسن العسكري عليه السلام وكيلا على الشيعة ، وهو الذي حضر غسل ألإمام العسكري عليه السلام وتولى تكفينه وتحنيطه ودفنه وكانت البلاغات الموقعة من جانب ألإمام المنتظر عليه السلام تخرج على يديه إلى شيعته ومواليه.
ثانيا: أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد ، أي أنه نجل السفير ألأول، قام بأمر الشيعة مقام أبيه بنص منه قبيل وفاته وبتوقيع من ألإمام المنتظر عليه السلام الخارج إليه بعد وفاة أبيه.
ثالثا: ابو القاسم الحسين بن روح إبن ابي بُختر النوبختي، الذي نهض

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 83

هو ألاخر بأمر الشيعة بوصية أبي جعفر ألآنف الذكر ، وقد خرجت على يده تواقيع كثيرة من جانب ألإمام المنتظر عليه السلام ، وكان جليل القدر مبجلا عند العامة كما هو عند الخاصة.
رابعا: ابو الحسن علي بن محمد السيمري ، الذي قام بألأمر بوصية أبي القاسم المتقدم الذكر ، وقبل أن يتوفى ألأخير ويلقى وجه ربه ، أخرج للناس نصا موقعا من جانب ألإمام المنتظر عليه السلام جاء فيه: «بسم ألله الرحمن الرحيم ، يا علي إبن محمد السيمري عظم ألله اجر إخوتك فيك ، فإنك ميت ما بينك وبينهم غير ستة أيام ، فإجمع امرك ولا توصي إلى احد يقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة ولا ظهور إلا بعد إذن ألله تعالى ذكره، وذلك بعد طول ألأمد وقسوة القلوب ، وإمتلاء ألأرض جورا . . . . » إلى آخره، وكانت وفاته سنة 329 هـ.
وكان هؤلاء النواب والوكلاء ، كل في عهده ، يقومون بتسيير أمور الناس ويعدلون الزيغ، ويلمون الشعث ويرشدون للتي هي أقوم، حتى حصلت الغيبة الكبرى وإنقطعت السفارة ووقعت الحيرة.
وفي هذه الحالة ، كان يتعين على الناس أن يراجعوا بأنفسهم إلى كتاب ألله وسنة نبيه، ليتفهموا بأنفسهم أحكامهم ويعرفوا حلالهم وحرامهم، وفي هذا صعوبة وإرتباك وحيرة وجهالة وتخبط ، إذ أن الشارع المقدس قد صرخ بالأحكام الكلية ولم يصرح بالجزئية منها، علاوة على أن المصرّح منها عام وخاص ومجمل ومقيد ، ثم أن الصحابة الذين تناقلوا ألأحاديث لم يكونوا متساوين في ألأذواق ، وفي تفهم أسرار ألأحكام ودقائقها ، فقد إختلفوا في تأدية بعض ألفاظها ألأمر الذي سبب عرقلة وصعوبة في التطابق بينها، فتبدو في الظاهر متعارضة حتى وإن كانت موافقة في واقع ألأمر ، اضف إلى ذلك تباعد العهد وطول الزمن ، فلم يعد من السهل والميسور على كل فرد أن يتفهم القرآن ويميز بين ناسخه ومنسوخه وبين محكمه ومتشابهه ، ومجمله ومبينه ، ومطلقه ومقيده، ولا من السنة حقيقتها ومجازها ، وإستعارتها وكنايتها، ولا ن ألأحكام واجبها وحرامها، ومكروهها ومباحها، إذ ليست

السابق السابق الفهرس التالي التالي