تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 50

الثالث عشر ، حينما بدأت مرحلة أخرى غير عادية في ساحة العلم والفضيلة بكربلاء ، يمكن وصفها بأنها ، مرحلة حاسمة تفوق وتبّزُ كل المراحل السابقة التي شهدتها هذه الساحة عبر القرون الماضية.
وفي الحقيقة أن الحركة العلمية والتدريسية في كربلاء مرت بفترات مختلفة كانت بعضها فاترة وراكدة وفي بعضها ألآخر مزدهرة ومنتعشة، غير أن فترة زهوها وأوج عطائها بدأت حينما لمع في سماء العلم والفضيلة بكربلاء، نجم المعلم الكبير والمربي العظيم ، العالم المتتبع والفقيه المحقق والمجتهد المدقق وألأستاذ المتفوق ، الشيخ الجليل، ألآغا محمد باقر الوحيد البهبهاني ، الذي فاق الجميع بغزارة علمه وطول باعه وسعة معرفته بدقائق وظرائف الفقه ألإسلامي الشيعي، وأصوله وفروعه.
وفي عهد هذا العالم العبقري الفذ، كانت الحركة العلمية في كربلاء في ذروتها وأوج إزدهارها إلى الحد الذي لم يسبق له مثيل من قبل ، إذ تحولت هذه المدينة المقدسة إلى مركز هام للدراسات والبحوث الفلسفية ، والعلوم العقلية والنقلية ، ولذلك توجه إليها العديد من العلماء والمجتهدين، الذين ساهموا وشاركوا في تطوير حركتها العلمية والتدريسية ، وأدوا دورا تاريخيا بارزا على هذا الصعيد.
وبالرغم من أن الرئاسة العلمية والدينية ألأولى إنتقلت بعد فترة من وفاة العلامة الوحيد البهبهاني، وعلى الخصوص بعد وفاة المربي العظيم، وألأستاذ البارع ، الفاخر ، رائد المجتهدين المحققين، الشيخ شريف العلماء المازندراني المتوفى سنة 1245 هـ إلى النجف الأشرف، وذلك بفضل تواجد رعيل الصفوة من تلاميذ الوحيد البهبهاني، وشريف العلماء المازندراني على رأس حركتها العلمية والتدريسية في حينه، أمثال : السيد محمد مهدي بحر العلوم المولود في كربلاء سنة 1155 هـ والمتوفى في النجف سنة 1212 هـ ، والشيخ جعفر صاحب «كشف الغطاء» ، والشيخ محمد حسن النجفي صاحب «جواهر الكلام» ، الذي كان قد أدرك درس الوحيد البهبهاني ، وهو لا يزال في مقتبل العمر (حسب رأي العلامة المحقق الشيخ محمد رضا

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 51

المظفر العميد ألأسبق لمنتدى النشر في النجف)، والشيخ مرتضى ألأنصاري تلميذ شريف العلماء المازندراني، غير أن الساحة العلمية في كربلاء ظلت تعج وتزخر بمجاميع من خيرة العلماء والفقهاء ، أمثال: العالم النحرير والفقيه المحقق وألأستاذ المربي والرئيس الشهير ، المير السيد علي الطباطبائي صاحب كتاب «الرياض» المتوفى سنة 1231 هـ ، ونجله السيد محمد الطباطبائي المعروف بالمجاهد ، والذي تبوأ مكانة شامخة في الحركة العلمية والتدريسية بكربلاء وتخرج عليه العديد من العلماء ، وكذا أمثال:
ـ السيد علي الكبير بن منصور بن أبي المعالي، من ذرية زيد الشهيد إبن ألإمام السجاد زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام، كان من مشاهير علماء وفقهاء زمانه، تتلمذ على الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق والوحيد البهبهاني ، والسيد نصر ألله الفائزي الحائري ، ترجمه صاحب «أعيان الشيعة» فقال: توفى في كربلاء سنة 1207 هـ ودفن عند أبيه السيد منصور ، بين منارة العبد والرواق الشريف، وهو غير السيد مير علي الصغير صاحب الرياض، وإن كان كل منهما إبن أخت ألآغا باقر البهبهاني ، لكن الثاني حسني طباطبائي وألأول حُسيني، ذكره ألآغا أحمد سبط ألآغا البهبهاني في رسالته «جهان نما» وأثنى عليه ووصفه بغاية التقديس والصلاح، رأى له عدة تصانيف لم تخرج إلى المبيضة ، ولم يمكث بعد خاله «ألآغا البهبهاني» إلا قليلا، فلذا لم يشتهر إسمه وإشتهر إسم صاحب الرياض ـ السيد المير علي الطباطبائيـ لمكثه كثيرا بعد خاله، هكذا يقال والله أعلم بحقيقة الحال . . . إلخ. ومن ذريته العالم الشهير السيد محمد علي هبة الدين الحسيني وأولاده المعروفون بآل الشهرستاني.
ـ السيد مهدي الشهرستاني الموسوي المتوفى بكربلاء سنة 1216 هـ ، والذي إشتهر بدروسه القيمة في التفسير ، والحديث ، والفقه ، واللغة.
ـ السيد حسن الطباطبائي الملقب بالحاج آغا إبن السيد محمد المجاهد إبن السيد علي الطبااطبائي الحائري صاحب الرياض ، كان عالما، فقيها، ذكره صاحب «الكرام البررة» فقال: كان المترجم واخوه السيد حسين

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 52

سبطي السيد مهدي بحر العلوم، والثاني منهما صهر السلطان فتح علي شاه القاجاري كما يأتي ، وكان المترجم من ألأعلام في كربلاء المشرفة، وقام مقامه بعده السيد الميرزا علي نقي المتوفى سنة 1289 هـ ، والسيد ميرزا أبو القاسم الحجة المتوفى سنة 1309 هـ وهو من بيت علم جليل، وآباؤه وأولاده وأحفاده مراجع ورؤساء في كربلاء قضوا بها أدوارا مهمة.
ـ الشيخ المولى محمد حسن الحائري، كان من تلاميذ السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض وولده السيد محمد المجاهد الطبابطبائي، له عدة رسائل فقهية وأصولية تدل على تبحره وتعمقه في العلوم منها: رسالة في حجية ألإستصحاب، ورسالة في مسألة تزويج الولي الصبي لإمرأة منقطعة لغاية شهر، ورسالة في مسألة موت الزوج قبل الدخول في المنقطعة.
ـ الشيخ خلف بن عسكر الحائري المتوفى سنة 1246 هـ ، والذي حظي بسمعة جيدة ومكانة مرموقة في العلم والفضيلة.
ـ الشيخ حسن سلطان الحائري ، كان من العلماء ألأعلام المعاصرين للشيخ خلف بن عسكر ، له شرح لرسالة الطهارة والصلاة لوالده الشيخ محمد علي سلطان، وقد عده المولى حسين المحيط في جواب بعض مسائله من أصحاب الشيخ أحمد ألإحسائي.
ـالشيخ محمد حسين ألأصفهاني صاحب «الفصول الغروية» كان عالما ، حصيفا وفقيها نحريرا، توفى بأرض الحائر الشريف سنة 1254 هـ.
ـ الشيخ محمد حسين الطهراني، كان من فقهاء كربلاء المعروفين وأجلاء العلماء في عصره ، له رسالة فتوائية عملية فارسية في الطهارة والصلاة وهي تشمل على المسائل ألإتفاقية ، دوّنها بعد وفاة السيد المير علي الطباطبائي «صاحب الرياض» ، وفي حياة نجله السيد محمد المجاهد الطباطبائي وفي مقدمة هذه الرسالة ، ذكر أنه مجاور للحائر الحسيني الشريف ، وأنه الف قبل ذلك «رسالة النجاة» من فتاوى أستاذه صاحب «الرياض»، كما ألف رسالة «قوت لا يموت»، ورسالة «أقل الواجب» من فتاوي

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 53

الميرزا القمي ، ورسالة «لب اللباب» من فتاوي السيد محمد المجاهد الطباطبائي، ورسالة أخرى في المسائل ألإتفاقية بين العلماء من ألأموات وألأحياء، ويبدو من رسائله هذه أنه كان تلميذا للميرزا القمي والسيد محمد المجاهد، إلى جانب أستاذه ألأكبر علي الطباطبائي صاحب الرياض.
ـ الشيخ المولى حسن القراجه داغيمن العلماء ألأعلام في كربلاء ، كان من تلامذة الشيخ أحمد الإحسائي ، وتلميذه السيد كاظم الرشتي الحائري ، وكان من المتشرعة متأكدا من موافقة أستاه الشيخ ألإحسائي للعلماء المتشرعين في مسألتي المعاد والمعراج ، كما صرح هو في كتابه «البراهين الساطعة في المبدأ والمعاد»، له كتاب في شرح خطبة ألإمام الرضا عليه السلام المروية في «عيون ألأخبار» وشرح «حياة ألأرواح في المبدأ والمعاد» للمولى محمد جعفر شريعتمدار ألإسترآبادي ،وفيه جواب لإعتراضات ألإسترابادي على الشيخ أحمد ألإحسائي، وله «لمعات أنوار الهداية» وعليه تقريض من أستاذيه ألإحسائي والرشتي، وقد وصفه الشيخ أحمد ألإحسائي بقوله: ألإبن ألعز العالم الفاضل المؤتمن الوفي، وقال عنه السيد كاظم الرشتي : العالم المتقن ، والفاضل المؤتمن ، وله رسالة في إثبات ضلالة الحاج كريم خان الكرماني، وكان تاريخ وفاته سنة 1261 هـ .
ـ السيد إبراهيم القزويني صاحب «الضوابط» المتوفى سنة 1262 هـ ، كان فقيها بارعا ، ضليعا بالعلوم العقلية ، ومحيطا بالعلوم النقلية، وأستاذا قديرا في تربية العلماء.
ـ الشيخ المولى محمد حسين اليزدي الحائري ، عالم جليل كان معاصرا للسيد إبراهيم القزويني صاحب الضوابط، له من المؤلفات : حاشية على «القوانين» للميرزا القمي المتوفى سنة 1231 هـ إلى بحث «الحقيقة الشرعية» ، قام بتدوينها تلميذه وتلميذ صاحب «الضوابط» المولى محمد سميع بن محمد علي اليزدي، وفيها اشاد بأستاذه «المولى محمد سميع اليزدي» وقال عنه : العالم الفاضل الكامل النابه، فخر المحققين وزبدة المدققين ، رأس العلماء ورئيس الفقهاء زين ألإسلام ، وركن ألإيمان وعضد

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 54

ألأعلام الوحيد الفريد . . . الخ، وإن هذه ألأوصاف لا بد وأن تدل على مكانته العلمية المتميزة.
ـ الشيخ ألآغا محمد حسين ألأردستاني اليزدي الحائري المعروف بـ «باشنه طلائي» ، كان من أعاظم العلماء في عصره ، ولد ونشأ في مدينة يزد ، ثم سافر إلى اصفهان ، فقرأ على الحاج محمد إبراهيم الكلباسي صاحب «ألإشارات» ، وهاجر إلى العراق فحضر في النجف ألأشرف درس عند الشيخ محمد حسن النجفي صاحب «جواهر الكلام»، والشيخ مرتضى ألأنصاري حتى حاز مرتبة عالية في العلوم ، ثم هبط في مدينة كربلاء مجاورا الحائر الشريف ومشتغلا بالتدريس وتعظيم شعائر الدين، تخرج عليه جماعة من العلماء ، بينهم السيد هاشم القزويني الحائري (المتوفى سنة 1327 هـ) والشيخ علي البفروئي(المتوفى سنة 1324 هـ) توفى في سنة 1273 هـ ودفن بمقبرة ركن الدولة في الصحن الصغير للروضة الحسينية الشريفة ، ترك مؤلفات عديدة منها: «الكلمة الباقية» في ألأخلاق، و «القسطاس المستقيم» في المنطق ، و «الفلك المشحون» في ألأصول ، و «مقاليد ألأحكام» في الفقه.
ـ الشيخ المولى حسن بن علي الكثنوي اليزدي الحائري، كان من العلماء وأئمة الجماعة في كربلاء، يقيمها في مدرسة حسن خان العلمية الدينية إلى أن توفى سنة 1297 هـ ، له تصانيف عديدة منها : « أنوار الشهادة» و «أنوار الهداية» و «موائد الفوائد» و رسالة في العصمة، وأخرى في حقوق آل محمد على الشيعة، وثاثة في رد العامة وُجدت نسخة منها في مكتبة الشيخ علي اكبر النهاوندي بمدينة مشهد في خراسان.
ـ الشيخ محمد حسين القزويني المتوفى سنة 1281 هـ ، من فحول العلماء وكبار الفقهاء ومشايخ التدريس في كربلاء، ذكره صاحب «الكرام البررة» فقال: كان في كربلاء من تلاميذ شريف العلماء المازندراني ، وكان في النجف من أكابر تلاميذ صاحب الجواهر ، بل من معاصريه ومعاصري صاحب الفصول ـ الشيخ محمد حسين ألأصفهاني ـ جاور كربلاء فكان رئيسا مقدما ، ومدرسا كبيرا وخطيبا جليلا، ومفتيا يُرجع غليه في احطام الشرع،

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 55

وكان له تبحر غريب في الفقه وألأصول تنطق به آثاره وتشهد مآثره، توفى في 4 محرم سنة 1281 هـ وهي السنة التي توفى فيها الشيخ المرتضى ، عن ثلاث وستين سنة، فولادته في سنة 1218 هـ ودفن بمقبرة ركن الدولة في الصحن الصغير المهدوم فعلا وله من ألآثار: «نتائج البدائع في شرح الشرائع» خرّج منه أكثر أبواب الفقه و «نتيجة البديعة في علم فروع الشريعة» عندي المجلد الثاني من طهارته، وهو من الدماء إلى ىخر احكام الموت بخطه الشريف . . . الخ، وذكره السيد محمد مهدي الموسوي ألأصفهاني الكاظمي في كتابه « أحسن الوديعة» فقال: العالم الفاضل والفقيه الكامل الشيخ محمد حسين القزويني ألأصل الحائري المسكن، كان من أكابر المجتهدين ورؤساء الدين، له مؤلفات في الفقه وألأصول، تدل على كثرة تبحره في العلوم العقلية والنقلية ، وقفت على بعضها عند بعض المعاصرين بخط بعضهم، وكان عمدة تلمذه على شيخ مشايخنا صاحب الجواهر وعليه تخرج، ذكره في الصفحة 156 ـ السطر 18 من كتابه «ألمآثر وألآثار» واشار إلى أنه كان من فحول المجتهدين وفقهاء زمانه وله منزلة رفيعة وجاه عظيم.
ـ الشيخ عبدالحسين الطهراني المتوفى سنة 1286 هـ ، وكان من مشاهير العلماء والمجتهدين في عصره توفرت له الزعامة والمرجعية في ألأحكام الشرعية في كربلاء، ذكره الشيخ الميرزا حسين الوري في كتابه «مستدرك الوسائل» فقال عنه: شيخي واستاذي، ومن إليه في العلوم الشرعية أستنادي ، أفقه الفقهاء وافضل العلماء ، العالم الرباني الشيخ عبدالحسين بن علي الطهراني أسكنه الله بحبوبة جناته، كان نادرة الدهر، وأعجوبة الزمان في الدقة والتحقيق ، وجودة الفهم، وسرعة ألإنتقال، وحسن الضبط وألإتقان، وكثرة الحفظ في الفقه والحديث، والرجال والتفسير، حامي الدين ودافع شبه الملحدين . . . الخ، وترجمه صاحب «أعيان الشيعة» بقوله: وكان عالما ، فقيها ، أصوليا، رجاليا، أديبا، حافظا للشعر العربي، حاويا لجملة من الفنون ، هاجر أبان الطلب (عندما كان طالبا) من طهران إلى النجف ألأشرف، واخذ عن الشيخ مشكور الحولاوي ، والشبخ عيسى زاهد ، وصاحب الجواهر،

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 56

ورجع بعد إجازته إلى طهران فرأس وتصدر فيها ، وتقدم عند الشاه ووزرائه وحصل له القبول عند الخاصة والعامة ، ثم خرج منها بأهله وسكن كربلاء سنة 1280 هـ ، وفوّض إليه الشاه عمارة المشاهد في كربلاء والكاظمية وسامراء وأقام على تذهيب القبة في سامراء وبناء الصحن وزخرفته وتوسعة الحرم الحائري وكان جامعا لكتب خصوصا المخطوطة منها وله من ذلك مكتبة نفيسة أوقفها ، وقد تلف جملة منها وتفرق باقيها أيدي سبأ، وكان فيها مجلدات من رياض العلماء ، وقد سألنا عنها في زيارتنا للعراق سنة 1352 هـ في كربلاء ، فأخبرنا بتلفها وإحتراق بعض أجزاء رياض العلماء الذي كان فيها ، وهكذا تذهب آثارنا النفيسة ضحية ألإهمال والفوضى ، وله مدرسة غربي المشهد الشريف ملاصقة له تنسب إليه . . . الخ.
ـ الشيخ محمد صالح آل كداعلي المتوفى سنة 1288 هـ ، وكان من مراجع التقليد في عصره ومن أهل الصلاح والورع، ترجمه الشيخ آغا برزك الطهراني في «الكرام البررة» ومما قال فيه ما يلي: وكان المترجم له من أجلاء تلاميذ السيد إبراهيم القزويني صاحب «الضوابط» ، وغيره من علماء كربلاء ألأعلام في عصره، وقد كتب بخطه في حياة أستاذه كتابه المذكور ـ الضوابطـ ـ وفرغ منه في محرم سنة 1252 هـ ، وامضاؤه اقل الطلبة محمد صالح بن محمد مهدي المدعو بـ «كداعلي بيك» رأيت النسخة عند العلامة المرحوم الشيخ علي القمي في النجف ألشرف ، ونبغ في العلم والفضل ، وتقدم في الفقه وألأصول، وإشتهر بين مختلف طبقات أهل كربلاء ، وعرف بالبراعة والكمال والصلاح والتقوى وأصبح من العلماء ألأعلام والمراجع ألأفاضل وغلب عليه الورع والنسك والزهد وعرف بذلك بين الجميع، وصار محل ثقة الخاصة والعامة ، وكان يقيم الجماعة في الصحن الشريف فتصلي وراءه ألألوف المؤلفة لا سيما في مواسم الزيارات ، فكانت جماعته تتضاعف بشكل لم يتفق لأحد من العلماء في كربلاء حيث كان يقف في الزاوية الجنوبية الغربية عند باب الزينبية وتمتد جماعته إلى الزاوية الشمالية الشرقية عند باب مدرسة حسن خان ، ترك مؤلفات تعالج أبواب الفقه

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 57

الجعفري ،وهي محفوظة لدى أحفاده المتأخرين الذين لا يزالون موجودين في كربلاء ، وكان يسكن في زقاق يتفرع عن شارع الحسين ، عرف بإسمه «كداعلي».
ـ المولى محمد صالح البرغاني، هو إبن المولى محمد تقي البرغاني القزويني، كان عالما فحلا ، وفقيها مبرزا يشار له بالبنان، إشتهر في حوزة كربلاء، وتصدر شؤون الفتيا والتدريس بها، ترجمه صاحب «الكرام البررة» فأطرى به واشاد بعلمه وفضله ، وقال عنه: هو الشيخ المولى محمد صالح بن ألآغا محمد البرغاني القزويني من مشاهير العلماء ، ومن أسرة البرغانيين الكبيرة التي ظهر فيها غير واحد من أعاظم الفقهاء واساطين الدين، كان من رجال العلم ألأكابر وحجج ألإسلام ألأفاضل ،و فقهاء ألأمة ألأعلام ، وهو شقيق الحجة المولى محمد تقي البرغاني، الشهيد على يد البابية سنة 1264 هـ ، أدرك السيد علي الطباطبائي في كربلاء ، وتلمذ على ولده السيد محمد المجاهد وأُجيز منه ومن السيد عبدالله الشبر وغيرهما ، وتوفى في الحائر الشريف فجاة سنة 1283 كما رأيته بخط بعض أولاده في آخر (مفتاح البكاء) له، ودفن في رواق الحسين عليه السلام في طرف الرأس الشريف ، له ترجمة في «قصص العلماء» و «التكملة» وغيرهما، وجاء شرحه في «معجم المؤلفين» بما يلي: محمد صالح بن محمد القزويني الكربلائي فاضل من آثاره: «بحر العرفان في تفسير مفتاح الجنان» و «مفتاح البكاء في مصيبة خامس آل العباء» فرغ من تأليفه سنة 1270 هـ ، كما ترجمه صاحب «أعيان الشيعة» ومما قال عنه : كان من أجلاء العلماء ، تتلمذ في إيران على الميرزا القمي ثم إنتقل إلى كربلاء وتوفي فيها ، له من المصنفات : 1 ـ غنيمة المعاد، 2 ـ مسالك الراشدين، 3 ـ بحر العرفان ، 4 ـ كنز ألأخبار في أحوال النبي وألأئمة، 5 ـ كنز ألأبرار في أحوال ألأئمة ألأطهار، 6 ـ مجمع الدرر في اللطائف والحكايات، 7 ـ ذخيرة المعاد في أصول الدين، 8 ـ كتاب في أصول افقه، 9 ـ مفتاح البكاء في مصيبة سيد الشهداء، 10 ـ معدن البكاء،

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 58

11 ـ كنز المصائب . . . الخ.
ـ السيد محمد باقر بن زين العابدين اليزيدي الحائري ، عالم وفقيه متبحر ومصنف مكثر ، كان من تلاميذ السيد إبراهيم القزويني صاحب «الضوابط» وتلمذ على السيد الميرزا علي نقي الطباطبائي المتوفى سنة 1289 هـ ، وغيرهما من فقهاء كربلاء ومدرسيها يومذاك ، له آثار هامة ومتنوعة منها : «مصابيح ألأنوار» في شرح كتاب « نتائج ألأفكار» لأستاذه السيد إبراهيم القزويني ، و «مقاليد ألإفهام» في شرح «شرائع ألإسلام» كتبه من تقريرات أستاذه الطباطبائي في مبحثي القضاء والنكاح، و «مقاليد ألأصول وموازين العقول» ، أجازه الميرزا علي نقي المذكور وأجازه خاله الشيخ محمد حسين الطالقاني القزويني المتوفى سنة 1281 هـ ، كما أجازه الشيخ أبو تراب القزويني الشهير بميرزا آغا ، توفى قبل سنة 1300 هـ .
ـ الشيخ حسين البلوجي، هو الشيخ حسين بن الشيخ إسماعيل الفارسي الحائري البلوجي، وسبب لقبه «البلوجي» ، أنه كان يسكن في محلة بمدينة كربلاء تسمى بمحالة البلوج، عالم فيه كان من أجلاء العلماء ألأعلام في كربلاء في عصره ، له من المؤلفات : «إجناعيات الفقه» في ثلاث مجلدات فرغ من تأليفها في سنة 1288 هـ ، وقد وجدت نسخ منها في مكتبة الخطيب ألأديب الشيخ محمد علي اليعقوبي في النجف ألأشرف ، توفى بعد سنة 1288 هـ .
ـ المولى الشيخ حسين ألأردكاني المتوفى سنة 1305 هـ ، كان عالما جليلا ، وفلقيها متبحرا ، وزاهدا ورعا، وأستاذا مربيا للمجتهدين ، هاجر من بلدته في إيران إلى كربلاء فأدرك درس ,ابحاث شريف العلماء المازندراني، وكتب من تقريرات أستاذه الكبير مبحث البيع الفضولي في باب التجارة، وشارك أيضا درس السيد إبراهيم القزويني صاحب «الضوابط» ، تخرج من حلقة درسه وابحاثه الفقهية وألأصولية جمع من كبار العلماء المجتهدين أمثال: السيد الميرزا محمد حسين المرعشي الشهرستاني، والميرزا محمد تقي الشيرازي، والسيد محمد ألأصفهاني، والسيد حسن الكشميري، والشيخ

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 59

علي البفروئي،والميرزا محمد الهمداني وغيرهم ، وقد نشطت الحوزة العلمية في كربلاء على عهده وإزدهرت وعادت إليها نضارة عصر الوحيد البهبهاني إلى حد ما ، وتوفرت له رئاسة دينية يكاد لا ينازعه عليها أحد ، أطرى على شخصيته العلمية المتميزة الكثير من مؤلفي كتب الرجال والمعاجم منهم: ألأصفهاني الكاظمي في كتابه «أحسن الوديعة» ومحمد خان إعتماد السلطنة في كتابه «المآثر وألآثار».
ـ السيد صالح الداماد، عالم محقق وفقيه متتبع ولد ونشأ في كربلاء، وإشتهرت أسرته في هذه المدينة بالداماد، نظرا لأن والده السيد حسن صاهر المير السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض، قرأ على خاله السيد مهدي بن السيد علي الطباطبائي ، وتلمذ على السيد إبراهيم القزويني وغيره، إشتغل بالتدريس فتخرج من تحت منبره جمع من العلماء ألأفاضل، إنتهت إليه الرئاسة الدينية والزعمة العلمية في كربلاء، توفى سنة 1303 هـ ودفن في رواق الحضرة الحسينية الشريفة ، من أهم مؤلفاته: «زهر الرياض» و «حاشية على الروضة البهية» و «المهذب في ألأصول» و «التجزي وألإجتهاد» ذكره صاحب «معجم المؤلفين» بقوله: محمد صالح عرب بن حسين الكربلائي الشيعي ألإمامي الشهير بعرب ، فقيه أصولي من تصانيفه «زهر الرياض» و «المهذب في ألأصول».
ـ السيد زين العابدين بن السيد حسين بن السيد محمد المجاهد الطباطبائي الحائري، كان عالما عاملا وفقيها صالحا ، ترجمه صاحب «الكرام البررة في القرن الثالث بعد العشرة» بقوله : كان من مشاهير علماء كربلاء وأكابر مراجع الدين بها، ومن أهل الزهد والنسك والصلاح ، ورص الزعامة الدينية عن أبيه وجده لكنه كان سخيا بها لم يقم لها وزنا، ولم يحتفل بها ابدا ، وقد رأس رئاية محترمة وأقبلت عليه الجموع بشكل نادر، لكنه كان مشغولا بوظائفه الدينية لم تشغله عنها العناوين الفارغة، فقد إستمر على وضعه السابق وهو منطو على نفسه إلى أن إنتقل إلى رحمة ربه في الثامن من ذي القعدة سنة 1292 هـ ، ودفن في مقبرة خاصةبه مقابل مقبرة

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 60

جده السيد المجاهد المشهورة بكربلاء، وقد كان من أجلاء تلاميذ الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر ، ومن في عصره من ألأبطال ، وقال السيد الصدر في كتابه «التكملة» : رأيت له مصنفات في الفقه وألأصول بخطه في عدة مجلدات . . . الخ.
ـ الشيخ زين العابدين المازندراني الحائري، كان شبخ الفقهاء والمجتهدين ، وأحد مراجع المسلمين في عصره ، إشتهر أمره في التقليد لا سيما بين الشيعة في بلاد الهند وذاع صيته وشهرته ، درس في حوزة كربلاء على المولى محمد سعيد المازندراني المعروف بسعيد العلماء، المتوفى سنة 1270 هـ ، والسيد إبراهيم القزويني صاحب الضوابط، كما درس في النجف على الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر،والشيخ مرتضى ألأنصاري ، ذكره خير الدين الزركلي في كتابه «ألأعلام» فقال: زين العابدين (1227 ـ 1309 هـ) إبن كربلائي مسلم الماظندراني الحائري ، فقيه إمامي جاور الحائر إلى أن توفي، له «ذخيرة المعاد» في الفقه و «مناسك الحج» وترجمه العلامة السيد محسن العاملي في «أعيان الشيعة» ومما قال عنه: ولما عاد إلى كربلاء إشتغل بالتدريس والتصنيف وألإمامة والإفتاء ونال حظا عظيما وجاها كبيرا في كربلاء، وتفذت أحكامه وهابه الحكام واطاعوه ، رأيته بكربلاء وقد طعن في السن ولم يترك التريس في أيام شيخوخته ونسخ عدة من الكتب بخطه فإنه في أول عمره كان يستنسخ كل كتاب يقرأه حتى القوانين، إنتهت إليه الرئاسة العلمية بكربلاء كان مرجعا للمؤمنين وملاذا للمسلمين وكان مرجع شيعة الهند وكثير من بلاد إيران وبخارى والعراق. توفى في شهر ذي القعدة سنة 1309 هـ عن 82 سنة ، ودفن في باب الصحن الحسيني الشريف الخارج إلى سوق البزازين العرب المسمى بباب قاضي الحاجات.
ـ السيد محمد حسين المرعشي الشهرستاني المتوفى سنة 1315 هـ ، نشأ وترعرع في كربلاء ، درس على والده السيد الميرزا محمد علي المرعشي والمولى الشيخ حسين ألأردكاني ، مباحث الفقه وألأصول ، وله إجازات عديدة من أساتذته، وكان ملما أيضا بعلوم الرياضات ، والهيئة ،

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 61

والفلك والفلسفة والكلام والحكمة ، ترك مؤلفات تزيد على ثمانين كتابا بضمنها رسائل فارسية وعربية ظلت مخطوطة غير مطبوعة ، وردت ترجمته في العديد من كتب الرجال منها: «ريحانة ألأدب» و «الكنى والألقاب» و «أعبان الشيعة» و «الكرام البررة» ، وكان السيد محمد حسين المرعشي الشهرستاني من كبار المجتهدين وفحول العلماء في زمانه، ولمعرفته الدقيقة والجيدة بعلوم الحساب والهيئة والنجوم وألأسطرلاب والهندسة إلى جانب ضلوعه بالفقه وألأصول ، عُرف بالشيخ البهائي العاملي في عصره.
وخلال النصف ألأول من القرن الرابع عشر الهجري ، ظلت مدينة كربلاء مسرحا لصولة العشرات بل المئات من كبار العلماء وأعاظم الفقهاء المحققين الذين حافظوا على مسيرة العلم والمعرفة والفضيلة فيها، بينما كانت النهضة التجديدية في النجف ألأشرف تمر بفترة إزدهار غير عادية، بحيث يمكن وصفها بأنه فترة تاريخية حاسمة بالنسبة لبلورة وترسيخ الفقه ألإجتهادي الأصولي، ثم عادت مدينة كربلاء لتمسك من جديد برئاسة الحركة العلمية ، وذلك حينما إنتقلت المرجعية الدينية الكبرى إلى العالم المتبحر والفقيه المحقق والزعيم المجاهد الشيخ الميرزا محمد تقي الشيرازي، الذي قاد بجدارة وأهلية مدهشتين حركة المسلمين الثوريين في العراق ضد ألإحتلال البريطاني لأرض هذه البلاد ألإسلامية.
ومن أبرز أعلام كربلاء المشاهير في النصف ألأول من القرن الرابع عشر الهجري إضافة إلى أؤلئك الذين وردت أسماؤهم من قبل ، أذكر منهم ما يلي:
ـ السيد عبدالوهاب الزحيكي ، هو اليد عبدالوهاب بن السيد علي بن السيد سايمان الوهاب الزحيكي الحائري ، كان من أهل الفضل في كربلاء، برع في الفقه وألأصول والنحو واللغة وألأدب والشعر وكانت له اليد العليا في العلوم العقلية وخاصة الرياضيات والجفر والرمل وألأوفاق ، قرأ على الشيخ جعفر الهر ، ثم على السيد محمد باقر الحجة الطباطبائي ، فصرح هذا ألأخير بإجتهاده ، وكان والده من كبار الرؤساء في كربلاء ، ولبيتهم سمعة

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 62

ووجاهة ، توفى سنة 1322 هـ ، عن عمر يناهز إحدى وثلاثين سنة ودفن بجنب مرقد السيد علي الطبابطبائي صاحب الرياض، له شعر جيد في رثاء الحسين عليه السلام ، يقرأ في المناسبات بكربلاء.
ـ السيد هاشم القزويني الذي كان من مشاهير العلماء والفقهاء في كربلاء، إهتم بالتدريس ونشر العلوم الدينية ، وغـصف بالورع والصلاح والفضيلة ، درس في النجف على الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر والشيخ مرتضى ألأنصاري، ثم عاد إلى كربلاء وساهم بشك فاعل ومؤثر في الحركة التدريسية بها، ذكره صاحب «أمل ألآمل» بقوله: هو عالم اصولي فقيه من تلامذة الشيخ ألأنصاري والسيد محمد القزويني ، وصفه العالم الرجالي الميرزا حسن النوري بالعالم الفاضل الورع التقي، كانت له رياسة ووجاهة في كربلاء، وألإمامة في الجماعة في صحن مشهد أبي الفضل العباس عليه السلام، وكان معروفا بالصلاح والتقوى والوثاقة في كربلاء، وهو نجل السيد محمد علي القزويني وإبن عم السيد إبراهيم القزويني صاحب الضوابط، توفى في كربلاء سنة 1327 هـ ، ودفن إلى جانب إبن عمه صاحب الضوابط.
ـ السيد الميرزا جعفر الطباطبائي، من أحفاد السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض ، كان فقيها متتبعا لفروع الفقه ، ومتبحرا بقواعد علم ألأصول ورئيسا مطاعا متبصرا بألأمور والقضايا ، درس على والده السيد علي نقي الطباطبائي والميرزا عبدالرحيم النهاوندي وكذا خاله السيد علي الطباطبائي صاحب «البرهان القاطع» والسيد حسن الكوهكمري، كما تتلمذ على فحول العلماء والمشاهير في النجف وحاز على إجازات من كبار علماء عصره ، عاد إلى كربلاء حيث تقلد منصب ألإفتاء وألإمامة والمرجعية الدينية ، توفى سنة 1321 هـ ، له مصنفات فقهية واصولية ، وقد عدها صاحب «أعيان الشيعة» ، ومعظمها على شكل رسائل خطية.
ـ الشيخ عباس ألأخفش المتوفى سنة 1329 هـ ، ذكره العالم النسابة الشيخ آغا بزرك الطهراني في كتابه «نقباء البشر» فقال: هو الشيخ المولى عباس بن رضا بن احمد ألأبرندآبادي اليزدي الحائري الشهير بألأخفش، عالم

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 63

بارع ، وأديب جليل ، كان من علماء كربلاء وأئمة الجماعة وألأتقياء الموئقين ، له في العلم قد راسخة ، وكان من أهل الورع والصلاح المعروفين ، تلمذ في أوائل أمره على الفاضل المولى حسين ألأردكاني ، قم على الشيخ علي اليزدي الحائري المدرس، وقد تقدم في علوم ألأدب ولا سيما النحو نبغ في ذلك نبوغا باهرا، حتى لقب بألأخفش وعرف به، وكان يدرس في سطوح الفقه وألأصول وغيرها ، ولكن تدريسه في علوم ألأدب أكثر وقد قلل منه في أواخر عمره، وإتجه إلى تدريس علوم الشريعة أكثر من السابق، توفى في 13 شهر رمضان 1329 هـ ، وخلف ولديه الجليلين الشيخ علي أكبر والشيخ محمد علي (الملقبين بسيبويه) وهما من أهل الفضل وأجلاء الخطباء وأهل المنبر ، وله شعر رأيت منه بخطه قوله مخمسا لبيت من قصيدة في مدح ألإمام علي عليه السلام:
يا عليا علت بك العلياء وتناهى في وصفك ألإطراء
كل شيء سوى ولاك هباء كنت نورا تجلى به الظلماء
حين لا آدم ولا حواء

ـ الشيخ علي سيبويه الحائري المتوفى سنة 1320 هـ ، كان من رجال العلم والفضل شهيرا بمقدرته ألأدبية والنحوية ، والتصدي لتدريس علوم اللغة العربية وخاصة علو النحو والقواعد ، ولذلك لقب بسيبويه، وكان ورعا تقيا خيرا إتسم بالنسك والتقى والفضيلة والصبر ومات بلا عقب.
ـ السيد محمد باقر الحجة الطبابطبائي المتوفى سنة 1331 هـ ، كان عالما مبرزا كثير التصانيف منها: كتاب «الزكاة» و «الشهاب الثاقب» و منظومة «مصباح الظلام في أصول الدين وعلم الكلام» وكتاب «النكاح» و «ألطعمة وألأشربة» و كتاب «الحج» و «تكملة الدرة» تقلد الرئاسة الدينية في كربلاء ، فكان مرجعا للقضاء والتريس والفتيا، وكانت داره منتدى للعلماء وألأدباء ،ورواد الفكر والثقافة ، كان من أجلاء تلامذة الشيخ محمد حسين ألأردكاني في كربلاء ، والميرزا حبيب ألله الرشتي في النجف، طفحت صفحات كتب التراجم والرجال بترجمة حياته العلمية والرئاسية في كربلاء،

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 64

بضمنها «اعيان الشيعة» و «نقباء البشر».
ـ السيد إسماعيل الصدر، كان من مراجع التقليد والفتيا في كربلاء، وهو نجل السيد صدر الدين العاملي ألصفهاني ، ينتهي نسبه إلى إبراهيم المرتضى «ألأصغر»إبن ألإمام موسى الكاظم عليه السلام ، ذكره صاحب «الذريعة» بقوله: تتلمذ في الفقه على العلامة الشيخ محمد باقر ألأصفهاني ، وتشرف إلى النجف سنة 1271 هـ ، وحج البيت بها أيضا ورجع فلازم بحث العلامة الفقيه ألأوحد الشيخ مهدي بن علي إبن الشيخ ألأكبر كاشف الغطاء المتوفى سنة 1289 هـ ، ثم إختص بالمجدد الشيرازي (السيد الميرزا محمد حسن) مدة حياته ، وهاجر بعد هجرته إلى سامراء بقليل ، فكان في سامراء إلى سنة 1314 هـ ، ثم هاجر إلى الحائر الشريف (كربلاء) مروجا للدين ، وحافظا للعلماء ، ومساعدا للمشتغلين وهونا للضعفاء والمساكين ، توفى سنة 1338 هـ .
ـ السيد محمد صادق الحجة الطباطبائي، هو السيد محمد صادق بن محمد بن باقر أبي القاسم بن حسن بن السيد محمد المجاهد الطباطبائي الحائري، فقيه فاضل وعالم بارع، قرأ مقدمات العلوم وأتقن علوم ألأدب، وحضر على والده وسواه من العلماء في الفقه ,ألأصول والكلام والفلسفة وغيرها حتى برع وبرز في المعقول والمنقول ، وبلغ مرتبة ألإجتهاد وهو حديث السن، وحضر في النجف درس المولى الشيخ محمد كاظم الخراساني، وكتب أكثر تقريرات دروسه في مختلف المواضيع ، نبغ في النظم والنثر وبرع في عدة علوم ، توفى والده في سنة 1331 هـ ، فإنتقلت إليه رئاسة أبيه ، ونهض بألأمر وقام بألإمامة وغيرها نم الوظائف، توفى سنة 1337 هـ عن إثنين وثلاثين عاما تقريبا، له من المؤلفات : رسائل في الطهارة والخمس والوقف والطلاق والرضاع وكتب ورسائل عديدة أخرى بضمنها : كتاب الرهن وكتاب في التقية وتقريرات في قاعدة «لا ضرر» إلى غير ذلك.
ـ السيد محمد رضا القزويني، ذكره صاحب «نقباء البشر» فقال في ترجمته: هو السيد محمد رضا بن السيد هاشم الموسوي القزويني الحائري،

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 65

عالم جليل كان من علماء كربلاء وأجلاء أهل الفضل فيها، وكان من تلاميذ والده العلامة (السيد هاشم) والمجازين منه ومن غيره، قام مقامه بعد وفاته في إمامة الجماعة وغيرها من الوظائف ، إلى أن توفى في 20 شعبان سنة 1348 هـ .
ـ الشيخ علي بن محمد الشاهرودي، كانعالما محققا وفقيها فحلا وأستاذا بارعا، ترأس الحركة التدريسية في كربلاء ، وساهم في تربية جيل من العلماء والفقهاء لفترة خمس عشرة سنة ، وكان مرجعا كبيرا للتقليد والفتيا توفى سنة 1351 هـ .
ـ الشيخ محمد سعيد الحائري، ترجمه العالم النسابة الشيخ آغا بزرك الطهراني بقوله: هو الشيخ محمد سعيد بن الشيخ محمد حسين الفارسي الحائري، عالم جليل ومدرس فاضل، ذكره لنا تلميذه الفاضل الشيخ جعفر بن الميرزا علي رضا بن محمد حسن منأحفاد الميرزا لطف علي خان تاش الرشتي، المدرس والمدير في «المدرسة الهندية» بكربلاء قال: إنه كان من تلاميذ الشيخ المولى محمد كاظم الخراساني في النجف فقد حضر بحثه من المدرسين في كربلاء ، إلى أن توفى في حدود سنة 1350 هـ .

الحركة العلمية في كربلاء بالنصف الثاني للقرن الرابع عشر:

في أعقاب وفاة العالم المجاهد والفقيه الورع الشيخ الميرزا محمد تقي الشيرازي، إنتقلت الرئاسة والزعامة الدينية ألأولى إلى النجف ألأشرف، غير أن فترة ما بعد الزعيم الشيرازي إمتدادا إلى آخر النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري ، إلا ما أستثني منه عقده ألأخير ، كانت في الحقيقة فترة إزدهار حقيقية بالنسبة للحركة العلمية والتدريسية والدعوة ألإسلامية والوعي الثقافي الديني في مدينة كربلاء ، إذ لمع في سماء العلم والفضيلة بها نجم العالم الكبير والفقيه التقي السيد الحاج آقا حسين القمي المتوفى سنة 1366 هـ ، فقد كانت حلقة درسه وأبحاثه بمثابة عامل جذب وشد قوي

السابق السابق الفهرس التالي التالي