أحكام المرأة والأسرة 186

حملها، ولا تلحق بها المنقطعة ـ أي الزوجة المؤقتة ـ والحامل الموهوبة: وهي التي وهب لها الزوج المدّة قبل أوانها أو المنقضية مدّتها، وكذا الحامل المتوفّى عنها زوجها، فإنّه لا نفقة لها مدّة حملها، لا من تركة زوجها ولا من نصيب ولدها على الأقوى.
7 ـ إذا ادّعت المطلقة بائناً أنّها حامل، فإن حصل الوثوق بصحة دعواها استناداً إلى الأمارات التي يستدّل بها على الحمل عند النساء، أو تيسّر استكشاف حالها بإجراء الفحص الطبيّ عند الثقة من أهل الخبرة فهو، وإلاّ ففي وجوب قبول قولها والإنفاق عليها بمجرّد دعواها إشكال، بل منع، أي لا يقبل قولها اعتماداً على قولها فقط دون قرائن اُخرى.
ولو أنفق عليها ثمّ تبيّن عدم الحمل استُعيد منها ما دُفع إليها، ولو انعكس الأمر ـ أي لم يدفع إليها باعتقاد أنّها حائل ثمّ تبيّن بعد ذلك أنّها حامل ـ دفع إليها نفقتها أيام حملها.
8 ـ لاتقدير للنفقة شرعاً، بل الضابط القيام بما تحتاج اليه الزوجة في معيشتها من الطعام والادام، هو الشيء الذي يؤكل معه الخبز(1).
والكسوة والفراش والغطاء، والمسكن والخدم، وآلات التدفئة والتبريد وأثاث المنزل، وغير ذلك ممّا يليق بشأنها بالقياس إلى زوجها، ومن الواضح اختلاف ذلك نوعاً وكمّاً وكيفاً، بحسب اختلاف الأمكنة والأزمنة والحالات والأعراف والتقاليد اختلافاً فاحشاً أي كثيراً.

(1) الأُدْمُ والإدَام ما يؤتدم به، تقول منه: أدم الخبز باللحم بأدمه بالكسر، الصحاح 5:1859 "أدم".
أحكام المرأة والأسرة 187

فبالنسبة إلى المسكن مثلا ربّما يناسبها كوخ، أو بيت شعر في الريف أو البادية، وربّما لا بدّ لها من دار أو شقّة أو حجرة منفردة المرافق في المدينة، وكذا بالنسبة إلى الألبسة ربّما تكفيها ثياب بدنها من غير حاجة إلى ثياب اُخرى، وربّما لا بدّ من الزيادة عليها بثياب التجمّل والزينة.
نعم، ما تعارف عند بعض النساء من تكثير الألبسة النفيسة خارج عن النفقة الواجبة، فضلا عمّا تعارف عند جمع منهنّ من لبس بعض الألبسة مرّة أو مرّتين في بعض المناسبات، ثمّ استبداله بآخر مختلف عنه نوعاً أو هيئة في المناسبات الأُخرى.
9 ـ من النفقة الواجبة على الزوج اُجرة الحمّام عند حاجة الزوجة إليه، سواء أكان للاغتسال أو للتنظيف، إذا لم تتهيّأ لها مقدّمات الاستحمام في البيت، أو كان ذلك عسيراً عليها لبرد أو غيره، كما أنّ منها مصاريف الولادة واُجرة الطبيب والأدوية المتعارفة التي يكثر الاحتياج إليها عادة، بل لا يبعد أن يكون منها ما يصرف في سبيل علاج الأمراض الصعبة التي يتفق الابتلاء بها وإن احتاج إلى بذل مال كثير مالم يكن ذلك حرجيّاً على الزوج.
10 ـ النفقة الواجبة للزوجة على قسمين:
القسم الأوّل:ما يتوقّف الانتقاع به على ذهاب عينه ـ أي لاذهاب قيمته ـ كالطعام والشراب والدواء ونحوها، وفي هذا القسم تملك الزوجة عين المال بمقدار حاجتها عند حلول الوقت المتعارف لصرفه، فلها مطالبة الزوج بتمليكه إيّاها وتسليمه لها تفعل به ما تشاء، ولها الاجتزاء ـ كما هو المتعارف ـ بما يجعله تحت تصرّفها في بيته ويبيح لها الاستفادة منه، فتأكل وتشرب ممّا يوفّره في البيت من

أحكام المرأة والأسرة 188

الطعام والإدام والشراب حسب حاجتها إليه، وحينئذ يسقط مالها عليه من النفقة، فليس لها أن تطالبه بها بعدد ذلك.
11 ـ لا يحقّ للزوجة مطالبة الزوج بنفقة الزمان المستقبل، ولو دفع إليها نفقة أيام كاسبوع أو شهر مثلا وانقضت المدّة ولم تصرفها على نفسها، إمّا بأن أنفقت من غيرها، أو أنفق عليها أحد، كانت ملكاً لها، وليس للزوج استردادها، نعم لو خرجت عن الاستحقاق قبل انقضاء المدّة بموت أحدهما ـ أي أحد الزوجين ـ أو نشوزها أو طلاقها بائناً، يوزّع المدفوع على الأيام الماضية والآتية، ويستردّ منها بالنسبة إلى ما بقي من المدّة، بل الظاهر ذلك أيضاً فيما إذا دفع إليها نفقة يوم واحد وعرضت إحدى تلك العوارض في أثناء اليوم، فيستردّ الباقي من نفقة ذلك اليوم.
12 ـ يتخيّر الزوج بين أن يدفع إلى الزوجة عين المأكول كالخبز والطبيخ واللحم المطبوخ وما شاكل ذلك، وأن يدفع إليها موادها كالحنطة والدقيق والأُرز واللحم ونحو ذلك ممّا يحتاج في إعداده للأكل إلى علاج ومؤونة، فإذا اختار الثاني كانت مؤونة الإعداد ـ أي الطبخ ونحوه ممّا يجعل الطعام قابلا للأكل ـ على الزوج دون الزوجة.
13 ـ إذا تراضيا على بذل الثمن وقيمة الطعام والأدام وتسلّمته ملكته وسقط ما هو الواجب على الزوج، ولكن ليس للزوج إلزامها بقبول الثمن، وليس لها إلزامه ببذله، فالواجب ابتداءً هو العين، أي لا ثمنها.
القسم الثاني:ما ينتفع به مع بقاء عينه، وهذا إن كان مثل المسكن فلا إشكال في أنّ الزوجة لا تستحقّ على الزوج أن يدفعه إليها بعنوان التمليك ـ أي يكفي أن يدفعه إليها بعنوان الانتفاع به ـ والظاهر أنّ الفراش والغطاء وأثاث المنزل أيضاً كذلك، وأمّا الكسوة فلا يبعد كونها بحكم القسم الأوّل فتستحقّ على الزوج تمليكها

أحكام المرأة والأسرة 189

إيّاها، ولها الاجتزاء بالاستفادة بما هو ملكه أو بما استأجره أو استعاره، أي ممّا ليس بملك له، ولكن يحقّ له التصرّف فيه.
14 ـ إذا دفع إليها كسوة قد جرت العادة ببقائها مدّة، فلبستها فخلقت ـ أي استهلكت ـ قبل تلك المدّة أو سرقت لا بتقصير منها في الصورتين، وجب عليه دفع كسوة اُخرى إليها. ولو انقضت المدّة والكسوة باقية ليس لها مطالبة كسوة اُخرى، ولو خرجت في أثناء المدّة عن الاستحقاق لموت أو نشوز أو طلاق، فإن كان الدفع إليها على وجه الإمتاع والانتفاع ـ كما في البيت وأثاثه ـ جاز له استردادها إن كانت باقية، وأمّا إذا كان على وجه التمليك ـ كما في الطعام والشراب ـ فليس له ذلك.
15 ـ يجوز للزوجة أن تتصرّف فيما تملكه من النفقة كيفما تشاء، فتنقله إلى غيرها ببيع أو هبة أو إجارة أو غيرها، إلاّ إذا اشترط الزوج عليها ترك تصرّف معيّن فيلزمها ذلك، أي يكون هذا الشرط لازماً لا يجوز لها مخالفته للإمتاع والانتفاع به، فلا يجوز لها نقله إلى الغير ولا التصرّف فيه بغير الوجه المتعارف إلاّ بإذن من الزوج.
16 ـ النفقة الواجب بذلها للزوجة هو ما تقوّم به حياتها من طعام وشراب وكسوة ومسكن وأثاث ونحوها، دون ما تشتغل به ذمّتها ممّا تستدينه لغير نفقتها ـ أي أنّ الدين الذي في ذمّتها لا يحسب من نفقتها ـ وما تنفقه على من يجب نفقته عليها، وما يثبت عليها من فدية أو كفّارة أو أرش جناية ـ أي غرامة الجناية التي ارتكبتها ـ ونحو ذلك.
17 ـ إذا لم يكن عنده ما ينفقه على زوجته وجب عليه تحصيله بالتكسّب اللائق بشأنه وحاله، وإذا لم يكن متمكّناً منه أخذ من حقوق الفقراء من الأخماس والزكوات والكفّارات ونحوها بمقدار حاجته في الإنفاق عليها، وإذا لم يتيسّر له ذلك

أحكام المرأة والأسرة 190

تبقى نفقتها ديناً عليه، ولا يجب عليه تحصيلها بمثل الاستيهاب والسؤال.
وهل يجب عليه الاستدانة لها إذا أمكنه ذلك من دون حرج ومشقّة، وعلم بالتمكين من الوفاء فيما بعد؟ الظاهر ذلك، أي يجب عليه الاستدانة. وأمّا إذا احتمل عدم التمكّن من الوفاء احتمالا معتدّاً به ـ أي ليس احتمالا قليلا لا يؤخذ بعين الاعتبار ـ ففي وجوبها عليه إشكال، هذا في نفقة الزوجة؟
وأمّا نفقة النفس ـ أي نفقة نفسه لا غيرها ـ فليست بهذه المثابة، فلا يجب السعي لتحصيلها إلاّ بمقدار ما يتوقّف عليه حفظ النفس والعرض، والتوقّي عن الإصابة بضرر بليغ، وهذا المقدار يجب تحصيله بأيّة وسيلة حتى بالاستعطاف ـ أي بطلب العطف والاسترحام من الآخرين ـ والسؤال، فضلا عن الاكتساب والإستدانة.
18 ـ إذا كان الزوج عاجزاً عن تأمين نفقة زوجته، أو امتنع من الإنفاق عليها مع قدرته، جاز لها رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي كما تقدّم.
19 ـ إذا لم تحصل الزوجة على النفقة الواجبة لها كلاّ أو بعضاً، كمّاً أو كيفاً ـ أي من ناحية مقدارها أو نوعيّتها ـ لفقر الزوج أو امتناعه، بقي مالم تحصله منها ديناً في ذمّته كما تقدّمت الإشارة إليه، فلو مات اُخرج من أصل تركته كسائر ديونه، ولو ماتت انتقل إلى ورثتها كسائر تركتها، سواء طالبته بالنفقة في حينه أو سكتت عنها، وسواء قدّرها ـ أي النفقة ـ الحاكم وحكم بها أم لا، وسواء عاشت بالعسر ـ أي بالضيق ـ أو أنفقت هي على نفسها ـ باقتراض أو بدونه ـ أو أنفق الغير عليها تبرّعاً من نفسه، ولو أنفق الغير عليها ديناً على ذمّة زوجها مع الاستئذان في ذلك من الحاكم الشرعي اشتغلت له ذمّة الزوج ـ أي بقي ديناً في ذمّته ـ بما أنفق، ولو أنفق ـ أي الغير ـ عليها تبرّعاً عن زوجها لم تشتغل ذمّة الزوج له ولا للزوجة، أي لا يكون ذلك الإنفاق ديناً لا في ذمّتها ولا في ذمّة الزوج.

أحكام المرأة والأسرة 191

20 ـ لا يعتبر في استحقاق الزوجة النفقة على زوجها فقرها وحاجتها، بل تستحقّها على زوجها وإن كانت غنيّة غير محتاجة.
21 ـ نفقة النفس مقدّمة على نفقة الزوجة، فإذا لم يكن للزوج مال يفي بنفقة نفسه ونفقة زوجته أنفق على نفسه، فإن زاد شيء صرفه إليها.
22 ـ المقصود بنفقة النفس المقدّمة على نفقة الزوجة مقدار قوت يومه وليلته، وكسوته وفراشه وغطائه، وغير ذلك ممّا يحتاج إليه في معيشته، بحسب حاله وشأنه.
23 ـ إذا اختلف الزوجان في الإنفاق وعدمه مع اتفاقهما على استحقاق النفقة، فالقول قول الزوجة مع يمينها، إذا لم تكن للزوج بيّنة، أي شاهدين من الرجال.
24 ـ إذا كانت الزوجة حاملا ووضعت، وقد طُلّقت رجعيّاً، فادّعت الزوجة أنّ الطلاق كان بعد الوضع ـ أي وضع حملها ـ فتستحقّ عليه ـ أي على الزوج ـ وادّعى الزوج أنّه كان ـ أي استحقاقها للإنفاق ـ قبل الوضع وقد انقضت عدّتها فلا نفقة لها، فالقول قول الزوجة مع يمينها، فإن حلفت استحقّت النفقة، ولكن الزوج يلزم باعترافه ـ لأنّه اعترف بانقضاء عدّتها ـ فلا يجوز له الرجوع إليها.
25 ـ إذا اختلفا في الإعسار واليسار ـ أي في كون الزوج قادراً على الإنفاق أو غير قادر عليه لفقره ـ فادّعى الزوج الإعسار وأنّه لا يقدر على الإنفاق، وادّعت الزوجة يساره ـ أي قدرته عليه ـ كان القول قول الزوج مع يمينه. نعم إذا كان الزوج مؤسراً وادّعى تلف أمواله وأنّه صار معسراً فأنكرته الزوجة كان القول قولها مع يمينها.

أحكام المرأة والأسرة 192

القرابة

1 ـ يثبت للأبوين حقّ الإنفاق على ابنهما، كما يثبت للولد ـ ذكراً كان أو أُنثى ـ حقّ الإنفاق على أبيه.
2 ـ يشترط في وجوب الإنفاق على القريب فقره، بمعنى عدم وجدانه لما يحتاج إليه في معيشته فعلا، من طعام وأدام وكسوة وفراش وغطاء ومسكن ونحو ذلك، فلا يجب الإنفاق على الواجد لنفقته فعلا وإن كان فقيراً شرعاً، أي لا يملك مؤنة سنته.
وأمّا غير الواجد لها، فإن كان متمكّناً من تحصيلها بالاستعطاء أو السؤال لم يمنع ذلك من وجوب الإنفاق عليه بلا إشكال، نعم لو استعطى فاُعطي مقدار نفقته الفعليّة لم يجب على قريبه الإنفاق عليه، وهكذا الحال لوكان متمكّناً من تحصيلها بالأخذ من حقوق الفقراء من الأخماس والزكوات والصدقات وغيرها، أو كان متمكّناً من الاقتراض ولكن بحرج ومشقة، أو مع احتمال عدم التمكّن من وفائه فيما بعد احتمالا معتدّاً به، وأمّا مع عدم المشقّة في الاقتراض ووجود محلّ الإيفاء فالظاهر عدم وجوب الإنفاق عليه.
ولو كان متمكّناً من تحصيل نفقته بالاكتساب، فإن كان ذلك بالقدرة على تعلّم صنعة أو حرفة يفي مدخولها بنفقته ولكنّه ترك التعلّم فبقي بلا نفقة، وجب على قريبه الإنفاق عليه مالم يتعلّم، وهكذا الحال لو أمكنه الاكتساب بما يشقّ عليه تحمّله كحمل الأثقال، أو بما لا يناسب شأنه كبعض الأشغال المناسبة لبعض

أحكام المرأة والأسرة 193

الأشخاص ولم يكتسب لذلك، فإنّه يجب على قريبه الإنفاق عليه.
وإن كان قادراً على الاكتساب بما يناسب حاله وشأنه، كالقويّ القادر على حمل الأثقال، والوضيع اللائق بشأنه بعض الأشغال، ومن كان كسوباً وله بعض الأشغال والصنائع، وقد ترك ذلك طلباً للراحة، فالظاهر عدم وجوب الإنفاق عليه، نعم لو فات عنه زمان اكتسابه بحيث صار محتاجاً فعلا بالنسبة إلى يوم أو أيام، غير قادر على تحصيل نفقتها وجب الإنفاق عليه وإن كان ذلك العجز قد حصل باختياره، كما أنّه لو ترك الاشتغال بالاكتساب لا لطلب الراحة بل لاشتغاله بأمر دنيويّ أو دينيّ مهم كطلب العلم الواجب، لم يسقط بذلك التكليف بوجوب الإنفاق عليه.
3 ـ إذا أمكن المرأة التزويج بمن يليق بها ويقوم بنفقتها دائماً أو منقطعاً، فلا يجب على أبيها أو إبنها الانفاق عليها.
4 ـ لا يشترط في ثبوت حقّ الإنفاق كون المُنفِق أو المُنفَق عليه مسلماً أو عادلا، ولا في المنفَق عليه كونه ذا علّة من عمىً وغيره، نعم يعتبر فيه ـ فيما عدا الأبوين ـ أن لايكون كافراً حربيّاً ـ أي غير كتابيّ من أصناف الكفّار الذين لا ينتسبون إلى الاسلام ـ أو من بحكمه، أي الكتابيّ الذي بغى واعتدى على المسلمين، أو الذي أخلّ بشرائط الذمّة من اليهود والنصارى والمجوس، وغير ذلك من أقسام الكفّار، وكذلك الخوارج والغلاة والنواصب.
5 ـ هل يشترط في ثبوت حقّ الإنفاق كمال المنفِق بالبلوغ والعقل، أم لا؟
وجهان، أقربهما العدم، فيجب على الولي أن ينفق من مال الصبيّ والمجنون على من يثبت له حقّ الإنفاق عليهما.
6 ـ يشترط في وجوب الإنفاق على القريب قدرة المنفِق على نفقته بعد نفقة

أحكام المرأة والأسرة 194

نفسه وزوجته الدائمة، فلو حصل له قدر كفاية نفسه وزوجته خاصة لم يجب عليه الإنفاق على أقربائه، ولو زاد من نفقة نفسه وزوجته شيء صرفه في الإنفاق عليهم، والأقرب منهم مقدّم على الأبعد، فالولد مقدّم على ولد الولد، ولو تساووا وعجز عن الإنفاق عليهم جميعاً فالأظهر وجوب توزيع الميسور عليهم بالسويّة إذا كان ممّا يقبل التوزيع ويمكنهم الانتفاع به، والاّ فالأحوط الأولى أن يقترع بينهم وإن كان الأقرب أنّه يتخير في الانفاق على أيّهم شاء.
7 ـ إذا كان بحاجة إلى الزواج، وكان ما لديه من المال لا يفي بنفقة الزواج ونفقة قريبة معاً، جاز له أن يصرفه في زواجه وإن لم يبلغ حدّ الاضطرار إليه أو الحرج في تركه.
8 ـ إذا لم يكن عنده ما ينفقه على قريبه، وكان متمكّناً من تحصيله بالاكتساب اللائق بشأنه، وجب عليه ذلك، وإلاّ أخذ من حقوق الفقراء أو استدان لذلك.
9 ـ لا تقدير لنفقة القريب شرعاً، بل الواجب القيام بما يقيم حياته من طعام وأدام وكسوة ومسكن وغيرها، مع ملاحظة حاله وشأنه زماناً ومكاناً، حسبما مرّ في نفقة الزوجة.
10 ـ ليس من الإنفاق الواجب للقريب ـ ولداً كان أو والداً ـ بذل مصاريف زواجه من الصداق وغيره وإن كان ذلك أحوط ـ وجوباً ـ لا سيّما في الأب مع حاجته ـ أي مع حاجة الأب أو الابن ـ الى الزواج وعدم قدرته على نفقاته.
11 ـ ليس من الإنفاق الواجب للقريب أداء ديونه، ولا دفع ما ثبت عليه من فدية أو كفّارة أو أرش جناية ـ أي غرامة الجناية ـ ونحو ذلك.
12 ـ يجب على الولد نفقة والده دون أولاده ـ أي سواء كانوا إخوته من أبيه أو من اُمّه وأبيه ـ لأنّهم إخوته، ودون زوجته ـ أي زوجة الأب ـ ويجب على الوالد نفقة

أحكام المرأة والأسرة 195

ولده دون زوجته ـ أي زوجة الولد ـ ونفقة أولاد ولده ـ أي أحفاده ـ أيضاً بناءً على ما تقدّم من وجوب نفقة الولد على جدّه.
13 ـ يجزىء في الإنفاق على القريب بذل المال له على وجه الإمتاع ـ أي على نحو يمكنه الاستفادة منه ـ والانتفاع، ولا يجب تمليكه له، فإن بذله له من دون تمليك لم يكن له ـ أي لا يحقّ له ـ أن يملّكه أو يبيحه للغير، إلاّ إذا كان مأذوناً في ذلك من قبل المالك، ولو ارتزق بغيره وجبت عليه إعادته إليه ـ أي إلى المالك ـ ما لم يكن مأذوناً بالتصرّف فيه حتى على هذا التقدير.
14 ـ يجزىء في الإنفاق على القريب بذل الطعام والأدام ونحوهما له في دار المُنفِق، ولا يجب نقلها إليه في دار اُخرى، ولو طلب المنفَق عليه ذلك لم تجب إجابته، إلاّ إذا كان له عذر من استيفاء النفقة في بيت المنفِق من حرّ أو برد أو وجود من يؤذيه هناك أو نحو ذلك.
15 ـ نفقة الأقارب تقبل الإسقاط بالنسبة إلى الزمان الحاضر على الأظهر، ولا تقبل الإسقاط بالنسبة إلى الأزمنة المستقبلة.
16 ـ لا تُقضى ولا تُتدارك نفقة الأقارب لو فاتت في وقتها وزمانها ولو بتقصير من المُنفِق، ولا تستقرّ في ذمّته ـ أي في ذمّة المنفق ـ بخلاف نفقة الزوجة كما مرّ ـ أي لا تسقط وإن فات وقتها ـ نعم لو أخلّ بالإنفاق الواجب عليه ورفع من له الحقّ ـ أي الذي تجب نفقته ـ أمره إلى الحاكم الشرعي فأذن له في الاستدانة عليه ـ أي يستدين من شخص ويكون الوفاء على الذي يجب أن ينفِق ـ ففعل اشتغلت ذمّته بما استدانه ووجب عليه أداؤه.
17 ـ إذا دافع وامتنع من وجبت عليه نفقة قريبة عن بذلها جاز لمن له الحقّ

أحكام المرأة والأسرة 196

إجباره عليه، ولو باللجوء إلى الحاكم وإن كان جائراً. وإن لم يمكن إجباره، فإن كان له مال جاز له أن يأخذ منه بمقدار نفقته بإذن الحاكم الشرعي، وإلاّ ـ أي وإن لم يكن له مال ـ جاز له ـ أي لمن له الحقّ ـ أن يستدين على ذمّته بإذن الحاكم، فتشتغل ذمّته ـ أي ذمّة من وجب عليه الانفاق ـ بما استدانه ويجب عليه قضاؤه، وإن تعذّر عليه ـ أي على صاحب الحقّ ـ مراجعة الحاكم رجع إلى بعض عدول المؤمنين، واستدان عليه بإذنه، فيجب عليه أداؤه.

أحكام المرأة والأسرة 197

كتاب الطلاق

شروط المطلِّق

يشترط في المطلِّق أُمور:
الأمر الأوّل البلوغ:فلا يصح طلاق الصبيّ، لا مباشرة ولا بتوكيل الغير وإن كان مميّزاً ـ والمميِّز: هو الذي يدرك الطلاق ويعقله ـ وإن لم يبلغ عشر سنين، وأمّا طلاق من بلغها ـ أي العشر سنين ـ ففي صحته إشكال، فلا يترك مقتضى الاحتياط فيه(1).
2 ـ كما لا يصح طلاق الصبيّ بالمباشرة ولا بالتوكيل، لا يصح طلاق وليّه عنه، كأبيه وجدّه فضلا عن الوصي والحاكم الشرعي.
الأمر الثاني العقل:فلا يصح طلاق المجنون وإن كان جنونه أدواريّاً ـ أي غير مستغرق لجميع الوقت، بل يجنّ في بعض الأوقات ويرجع إلى عقله في الأوقات الاُخرى ـ إذا كان الطلاق في دور جنونه.
3 ـ يجوز للأب والجدّ للأب أن يطلّق عن المجنون المطبق ـ أي غير الإدواري ـ زوجته مع مراعاة مصلحته، سواء بلغ مجنوناً ـ أي وصل إلى سنّ البلوغ وهو مجنون ـ أو عرض عليه الجنون بعد البلوغ، فإن لم يكن له أب ولا جدّ كان الأمر إلى الحاكم الشرعي.
وأمّا المجنون الإدواري فلا يصح طلاق الولي عنه وإن طال دوره، بل يطلّق هو

(1) الاحتياط هنا وجوبي.
أحكام المرأة والأسرة 198

حال إفاقته، وكذا السكران والمغمى عليه فإنّه لا يصح طلاق الولي عنهما، بل يطلّقان حال إفاقتهما.
الأمر الثالث القصد:بأن يقصد الفراق حقيقةً، فلا يصح طلاق السكران ونحوه ممّن لا قصد له معتدّاً به، وكذا لو تلفّظ بصيغة الطلاق في حالة النوم، أو هزلا، سهواً أو غلطاً أو في حال الغضب الشديد الموجب لسلب القصد، فإنّه لا يؤثر في الفرقة، وكذا لو أتى بالصيغة للتعليم أو الحكاية أو التلقين، أو مداراةً لبعض نسائه مثلا ولم يردّ الطلاق جدّاً.
4 ـ إذا طلّق ثمّ ادّعى عدم القصد فيه، فإن صدّقته المرأة فهو ـ أي فلا يقع الطلاق ـ وإلاّ ـ أي وإن لم تصدّقه ـ لم يسمع منه، أي يقع الطلاق.
الأمر الرابع الاختيار:فلا يصح طلاق المكرَه ومن بحكمه، أي المضطرّ على الطلاق لسبب ما.
5 ـ الإكراه: وهو إلزام الغير بما يكرهه بالتوعيد على تركه بما يضرّ بحاله ممّا لا يستحقّه، مع حصول الخوف له من ترتّبه، أي من ترتّب الضرر، ويلحق به ـ موضوعاً أو حكماً ـ ما إذا أمره بإيجاد ما يكرهه مع خوف المأمور من إضراره به لو خالفه وإن لم يقع منه توعيد أو تهديد(1)، وكذا لو أمره بذلك وخاف المأمور من قيام الغير بالإضرار به على تقدير مخالفته، وهذا هو مثال ما يلحق به حكماً.
ولا يلحق به موضوعاً ولا حكماً ما إذا أوقع الفعل مخافة إضرار الغير به على تقدير تركه من دون إلزام منه إيّاه، كما لو تزوّج امرأة ثمّ رأى أنّها لو بقيت في عصمته

(1) الإلزام بما يكرهه موضوعاً: بمعنى أن الآمر يريد منه إيجاد شيء يكرههه ـ مع خوف المأمور من الضرر ـ حتى وإن لم يوعده أو يهدّده.
أحكام المرأة والأسرة 199

لوقعت عليه وقيعة من بعض أقربائها، فالتجأ إلى طلاقها فإنّه لا يضرّ ذلك بصحة الطلاق.
وهكذا الحال فيما إذا كان الضرر المتوّعد به ممّا يستحقّه، كما إذا قال وليّ الدم للقاتل: طلّق زوجتك وإلاّ قتلتك، أو قال الدائن للغريم: طلّق زوجتك وإلاّ طالبتك بالمال، فطلّق فإنّه يصح طلاقه في مثل ذلك.
6 ـ المقصود بالضرر الذي يخاف من ترتّبه ـ على تقدير عدم الإتيان بما اُلزم به ـ ما يعمّ الضرر الواقع على نفسه وعرضه وماله، وعلى بعض من يتعلّق به ممّن يهمّه أمره.
7 ـ يعتبر في تحقّق الإكراه أن يكون الضرر المتوعّد به ممّا لا يتعارف تحمّله لمثله تجنّباً عن مثل ذلك العمل المكروه، بحيث يعدّ عند العقلاء مُلجِأً إلى ارتكابه، وهذا أمر يختلف باختلاف الأشخاص في تحمّلهم للمكاره، وباختلاف العمل المكروه في شدّة كراهته وضعفها، فربّما يعدّ الإيعاد بضرر معيّن على ترك عمل مخصوص موجِباً ـ أي مؤدّياً ـ لإلجاء شخص إلى ارتكابه، ولا يعدّ موجِباً لإلجاء آخر إليه، وأيضاً ربّما يعدّ شخص مُلجأ إلى ارتكاب عمل يكرهه بإيعاده بضرر معيّن على تركه، ولا يعدّ ملجأً إلى ارتكاب عمل آخر مكروه له أيضاً بإيعاده بمثل ذلك الضرر، أي ربّما يكون شخص واحد يتحمّل مشقّة وضرر الإكراه على عمل دون عمل آخر.
8 ـ يعتبر في صدق الإكراه عدم إمكان التفصّي ـ أي التخلّص ـ عنه بغير التورية ممّا لا يضرّ بحاله كالفرار والاستعانة بالغير، ويعتبر فيه ـ أي في صدق عنوان الإكراه ـ عدم إمكان التفصّي بالتورية ولو من جهة الغفلة عنها ـ أي عن التورية ـ أو الجهل بها، أو حصول الاضطراب المانع من استعمالها، أو نحو ذلك.

أحكام المرأة والأسرة 200

9 ـ إذا أكرهه على طلاق إحدى زوجتيه ـ أي لا على وجه التعيين ـ فطلّق إحداهما المعيّنة تجنّباً من الضرر المتوعّد به بطل، ولو طلّقهما معاً بإنشاء واحد صحّ فيهما ـ وكذا لو أكرهه على طلاق كلتيهما بإنشاء واحد فطلّقهما تدريجاً ـ أي لادفعة واحدة ـ أو طلّق إحداهما فقط.
وأمّا لو أكرهه على طلاقهما ولو متعاقباً ـ أي واحدة بعد الأُخرى ـ وأوعده على ترك مجموع الطلاقين فطلّق إحداهما عازماً على طلاق الأُخرى أيضاً، ثمّ بدا له فيه وبنى على تحمّل الضرر المتوعّد به فالأظهر بطلان طلاقها، أي لا يقع طلاق واحدة منهما.
10 ـ لو أكرهه على أن يطلّق زوجته ثلاث طلقات بينها رجعتان، فطلّقها واحدة أو اثنتين، ففي بطلان ما أوقعه إشكال بل منع ـ أي لا يبطل الطلاق ـ إلاّ إذا كان متوعّداً بالضرر على ترك كلٍّ منها أو كان عازماً في حينه على الإتيان بالباقي ثمّ بدا له فيه وبنى على تحمّل الضرر المتوعّد به، أو أنّه احتمل قناعة المكره بما أوقعه وإغماضه عن الباقي فتركه ونحو ذلك.
11 ـ إذا أوقع الطلاق عن إكراه ثمّ رضي به لم يفد ذلك في صحته، وليسَ كالعقد المكره عليه الذي تعقّبه الرضى.
12 ـ لا حكم للإكراه إذا كان على حقّ، فلو وجب عليه أن يطلّق وامتنع منه فاُكره عليه فطلّق صحّ الطلاق.

أحكام المرأة والأسرة 201

شروط المطلَّقة


يشترط في المطلَّقة اُمور:
الأمر الأوّل:أن تكون زوجة دائمة، فلا يصحّ طلاق المتمتَع بها، بل فراقها يتحقّق بانقضاء المدّة أو بذلها لها بأن يقول الرجل: (وهبتك مدّة المتعة)، ولا يعتبر في صحة البذل الشروط المعتبرة في الطلاق من الإشهاد والخلوّ عن الحيض والنفاس وغيرهما.
الأمر الثاني:أن تكون طاهرة من الحيض والنفاس، فلا يصح طلاق الحائض ولا النفساء، والمراد بهما ذات الدمين ـ أي دم الحيض والنفاس ـ فعلا، فلو نقيتا من الدمين ولمّا تغتسلا ـ أي قبل أن تغتسلا ـ من الحدث صحّ طلاقهما. وأمّا الطلاق الواقع في النقاء المتخلّل بين دمين من حيض أو نفاس واحد، فلا يترك الاحتياط فيه بالاجتناب عنها، وتجديد طلاقها بعد تحقّق الطهر، أو مراجعتها ثمّ تطليقها.
وتستثنى من اعتبار الطهر ـ أي اشتراطه في طلاق المرأة ـ موارد:
أولا ـ أن لاتكون مدخولا بها، فيصح طلاقها وإن كانت حائضاً.
ثانياً ـ أن تكون مستبينة الحمل ـ أي قد ظهر حملها وصار معلوماً ـ فإنّه يصحّ طلاقها وإن كانت حائضاً بناءً على اجتماع الحيض والحمل، كما مرّ في كتاب الطهارة.
مسائل متفرقة في شروط المطلقة

1 ـ لو طلّق زوجته غير مستبينة الحمل وهي حائض، ثمّ علم أنّها كانت حاملا وقتئذ بطل طلاقها، وإن كان الأولى رعاية الاحتياط فيه ولو بتطليقها ثانياً، أي يطلّقها مرّة ثانية بعد ظهور حملها.
2 ـ أن يكون المطلِّق غائباً، فيصحّ منه طلاقها وإن صادف أيام حيضها، ولكن

أحكام المرأة والأسرة 202

مع توفير شرطين:
أحدهما: أن لا يتيسّر له استعلام حالها ولو من جهة الإطمئنان الحاصل من العلم بعادتها الوقتيّة، أو بغيره من الأمارات الشرعيّة.
ثانيهما: أن تمضي على انفصاله عنها مدّة شهر واحد على الأحوط وجوباً، وأحوط منه مضيّ ثلاثة أشهر، ولو طلّقها مع الإخلال بأحد الشرطين المذكورين وصادف أيام حيضها لم يحكم بصحة الطلاق.
3 ـ الظاهر أنّه لا فرق في صحة طلاق الغائب مع توفّر الشرطين المتقدّمين بين أن يكون المطلِّق هو الزوج، أو الوكيل الذي فوّض إليه أمر الطلاق.
4 ـ الاكتفاء بمضيّ المدّة المذكورة في طلاق الغائب يختص بمن كانت تحيض، فإذا كانت مسترابة ـ أي لا تحيض وهي في سنّ من تحيض ـ فلا بدّ من مضيّ ثلاثة أشهر من حين الدخول بها، وحينئذ يجوز له طلاقها وإن احتمل طروء الحيض عليها حال الطلاق.
5 ـ إذا كان المطلِّق حاضراً، لكن لا يصل الى الزوجة ليعلم حالها; لمرض أو خوف أو سجن أو غير ذلك، فهو بمنزلة الغائب، فالمناط انفصاله عنها بحيث لايعلم حالها من حيث الطهر والحيض، وفي حكمه ما إذا كانت المرأة تكتم حالها عنه وأراد طلاقها فإنّه يجوز له أنّ يطلّقها مع توفّر الشرطين المتقدّمين.
6 ـ إذا انفصل عنها وهي حائض لم يجز له طلاقها، إلاّ بعد مضيّ مدّة يقطع بانقطاع ذلك الحيض وعدم طروء حيض آخر، ولو طلّقها بعد ذلك في زمان لم يعلم بكونها حائضاً صح طلاقها مع توفّر الشرطين المذكورين آنفاً، وإن تبيّن وقوعه في

أحكام المرأة والأسرة 203

حال الحيض.
الأمر الثالث: أن تكون طاهراً طهراً لم يقاربها زوجها فيه ولو بغير انزال، فلو قاربها في طهر لزمه الانتظار حتى تحيض وتطهر، ثم يطلّقها من قبل أن يواقعها، وتستثنى من ذلك:
أولا ـ الصغيرة واليائسة، فإنّه يصحّ طلاقهما في طهر المواقعة.
ثانياً ـ الحامل المستبين حملها، فانّه يصح طلاقها في طهر المواقعة أيضاً، ولو طلّق غير المستبين حملها في طهر المجامعة، ثم ظهر أنّها كانت حاملا فالأظهر بطلان طلاقها، وان كان الأولى رعاية الاحتياط ـ الاستحبابي ـ في ذلك ولو بتطليقها ثانياً.
ثالثاً ـ المسترابة، أي التي لا تحيض وهي في سنّ من تحيض، سواء أكان لعارض إتفاقي، أم لعادة جارية في أمثالها، كما في أيام إرضاعها أو في أوائل بلوغها فإنّه إذا أراد تطليقها اعتزلها ثلاثة أشهر ثمّ طلّقها فيصحّ طلاقها حينئذ وإن كان في طهر المواقعة، وأمّا إن طلّقها قبل مضيّ المدّة المذكورة فلا يقع الطلاق.
7 ـ لا يشترط في تربّص ـ أي في انتظار ـ ثلاثة أشهر في المسترابة أن يكون اعتزاله عنها لأجل ذلك، وبقصد أن يطلّقها بعد ذلك، فلو واقعها ثمّ لم يتفق له المواقعة بسبب من الأسباب إلى أن مضى ثلاثة أشهر ثمّ بدا له أن يطلّقها صحّ طلاقها في الحال، ولم يحتج إلى تجديد الاعتزال.
8 ـ إذا انفصل الزوج عن زوجته في طهر واقعها فيه لم يجز له طلاقها مادام يعلم بعدم انتقالها من ذلك الطهر إلى طهر آخر، وأمّا مع الشكّ فيجوز له طلاقها بالشرطين المتقدّمين في شرطيّة عدم الحيض وعدم تيسّر استعلام حالها ومضيّ مدّة شهر واحد ولا يضرّ مع توفرهما ـ أي توفّر الشرطين ـ انكشاف وقوع الطلاق في طهر

أحكام المرأة والأسرة 204

المواقعة، ولو طلّقها مع الإخلال بأحد الشرطين المذكورين لم يحكم بصحة الطلاق إلاّ إذا تبيّن وقوعه في طهر لم يجامعها فيه.
9 ـ إذا واقعها في حال الحيض عمداً أو جهلا أو نسياناً لم يصح طلاقها في الطهر الذي بعد تلك الحيضة، بل لا بدّ من إيقاعه في طهر آخر بعد حيض آخر، لأنّ ما هو شرط في الحقيقة هو كونها مستبرأة بحيضة بعد المواقعة، لا مجرّد وقوع الطلاق في طهر غير طهر المواقعة.
10 ـ إذا طلّق زوجته اعتماداً على استصحاب الطهر أو استصحاب عدم الدخول صحّ الطلاق ظاهراً، وأمّا صحته واقعاً فتتّبع تحقّق الشرط واقعاً.
11 ـ إذا أخبرت الزوجة أنّها طاهرة فطلّقها الزوج أو وكيله، ثمّ أخبرت أنّها كانت حائضاً حال الطلاق لم يقبل خبرها إلاّ بالبيّنة ـ أي مع إقامة الشهادة من عدلين ـ ويكون العمل على خبرها الأوّل ـ أي كونها طاهرة ـ مالم يثبت خلافه.
12 ـ إذا طلَّقها ثمّ ادّعت بعده أنّ الطلاق وقع في حال الحيض، وأنكره الزوج، كان القول قوله مع يمينه مالم يكن مخالفاً للظاهر.
الأمر الرابع: تعيين المطلَّقة، بأن يقول: (فلانة طالق) أو يشير إليها بما يرفع الإبهام والإجمال، فلو كانت له زوجة واحدة فقال: (زوجتي طالق) صحّ، ولو كانت له زوجتان أو أكثر وقال: (زوجتي طالق)، فإن نوى معيّنة منهما أو منهنّ صحّ وقُبل تفسيرة من غير يمين، وإن نوى غير معيّنة بطل على الأقوى.


شروط الطلاق

1 ـ يشترط في صحة الطلاق أُمور:
الأمر الأوّل:الصيغة الخاصّة، وهي قوله: (أنتِ طالق)، أو (فلانة طالق)، أو

السابق السابق الفهرس التالي التالي