أحكام المرأة والأسرة 205

(هذه طالق) وما أشبه ذلك من الألفاظ الدالّة على تعيين المطلّقة والمشتملة على لفظة (طالق)، فلا يقع الطلاق بقوله: (أنتِ أو هي مطلّقة، أو طلاق، أو الطلاق، أو طلّقت فلانه أو طلقتك)، فضلا عن الكنايات كقوله: (أنتِ خليّة أو بريّة، أو حبلك على غاربك، أو إلحقي بأهلك) وغير ذلك، فإنّه لا يقع به الطلاق وإن نواه حتى قوله: (اعتدّي) المَنْويّ به الطلاق على الأقوى.
2 ـ يجوز إيقاع طلاق أكثر من زوجة واحدة بصيغة واحدة، فلو كانت عنده زوجتان أو ثلاث فقال: (زوجتاي طالقان أو زوجاتي طوالق) صح طلاق الجميع.
3 ـ لا يقع الطلاق بما يرادف الصيغة المذكورة من سائر اللغات مع القدرة على إيقاعه بتلك الصيغة، وأمّا مع العجز عنه وعدم تيسّر التوكيل أيضاً فيجزىء إيقاعه بما يرادفها بأيّة لغة كانت.
4 ـ لا يقع الطلاق بالإشارة ولا بالكتابة مع القدرة على النطق، وأمّا مع العجز عنه ـ كما في الأخرس ـ فيصح منه إيقاعه بالكتابة وبالإشارة المفهمة على نحو يبرز سائر مقاصده، والأحوط الأولى ـ أي استحباباً ـ تقديم الكتابة لمن يعرفها على الإشارة.
5 ـ إذا خيّر زوجته وقصد تفويض الطلاق إليها فاختارت نفسها بقصد الطلاق لم يقع به الطلاق على الأظهر، وكذا لو قيل له: هل طلّقت زوجتك فلانة؟ فقال: نعم، بقصد إنشاء الطلاق فإنّه لا يقع به الطلاق على الأقوى.
6 ـ يجوز للزوج أن يوكّل غيره في تطليق زوجته بالمباشرة أو بتوكيل غيره، سواء أكان الزوج غائباً أم حاضراً، بل وكذا له أن يوكّل الزوجة في تطليق نفسها بنفسها أو بتوكيل غيرها.
7 ـ يجوز أن يوكّلها في طلاق نفسها مطلقاً ـ أي في كلّ وقت وعلى أي حال، أو في حالات خاصة ـ أي في حال سفره وغيبته مثلا ـ ولا يشترط فيها أن يكون

أحكام المرأة والأسرة 206

الشرط قيداً للموكَّل فيه ـ أي لا يشترط أن تقول الزوجة للزوج في عقد نكاحها معه: أقبلتَ أن أزوجك نفسي بشرط أن تجعلني وكيلةً عنك في طلاقي منك؟ بل يجوز أن يكون تعليقاً لأصل الوكالة(1).
الأمر الثاني:التنجيز، فلو علّق الطلاق على أمر مستقبلي ـ أي يحصل في المستقبل ـ معلوم الحصول أو متوقّع الحصول، أوامر حالي ـ أي أمر يتحقّق في الوقت الحاضر ـ محتمل الحصول مع عدم كونه مقوّماً لصحة الطلاق ـ كتعليقه على كونها زوجته ـ بطل، فلوقال: إذا طلعت الشمس فأنت طالق، أو: إذا جاء زيد فأنت طالق، بطل. وإذا علّقه على أمر حالي معلوم الحصول كما إذا اشار الى يده وقال: إن كانت هذه يدي فانت طالق، أو علّقة على أمر حالي مجهول الحصول ولكنّه كان مقوِّماً لصحة الطلاق كما إذا قال: إن كنتِ زوجتي فأنت طالق صح.
الأمر الثالث:الإشهاد، بمعنى إيقاع الطلاق بحضور رجلين عدلين يسمعان الإنشاء، سواء قال لهما: اشهدا، أولم يقل.
ويعتبر اجتماعهما حين سماع الانشاء، فلو شهد أحدهما وسمع في مجلس ثم كرّر ـ أي المطلِّق ـ اللفظ وسمع الآخر ـ أي الشاهد الآخر ـ في مجلس آخر بانفراده لم يقع الطلاق، نعم لو شهدا ـ أي لو شهدا ـ أي كلاهما ـ بإقراره بالطلاق لم يعتبر

(1) أي يجوز أن يجعل المرأة وكيلةً له في طلاق نفسها في حال سفره أو حبسه من دون ذكر أداة الشرط في ضمن الوكالة فيقول مثلا (أنتِ وكيلتي في طلاق نفسك في حالة حبسي او سفري).
أحكام المرأة والأسرة 207

اجتماعهما ـ أي لا يشترط أن يكونا معاً ـ لا في تحمل الشهادة ـ أي حينما سمعا إقراره ولا في أدائها حينما شهدا بإقراره. ولا اعتبار بشهادة النساء ـ أي لا يعتمد على شهادتهن ـ وسماعهنّ، لا منفردات ولا منضمّات إلى الرجال.
8 ـ لا يعتبر في الشاهدين معرفة المرأة بعينها بحيث تصح الشهادة عليها، فلو قال: (زوجتي هند طالق) بمسمع الشاهدين صحّ وإن لم يكونا يعرفان هنداً بعينها، بل وإن اعتقدا غيرها.
9 ـ إذا طلّق الوكيل عن الزوج لايكتفى به مع عدل آخر في الشاهدين ـ أي لا بدّ من وجود شاهدين غير الوكيل في إجراء الصيغة ـ كما أنّه لا يكتفى بالموكَّل مع عدل آخر، ويكتفى بالوكيل عن الزوج في توكيل الغير مع عدل آخر.
10 ـ المقصود بالعدل هنا ماهو المقصود به في سائر الموارد ممّا رتّب عليه بعض الأحكام، وهو من كان مستقيماً في جادّة الشريعة المقدّسة لا ينحرف عنها بترك واجب أو فعل حرام من دون مؤَمِّن ـ كفتوى مرجعه أو جهله القصوري أو اضطراره ونحو ذلك ـ وهذه الاستقامة تنشأ غالباً من خوف راسخ في النفس، ويكفي في الكشف عنها حسن الظاهر، أي حسن المعاشرة والسلوك الديني.
11 ـ إذا كان الشاهدان فاسقين ـ في الواقع ـ بطل الطلاق واقعاً وإن اعتقد الزوج أو وكيله أو هما معاً عدالتهما حين وقوع الطلاق، ولو انعكس الحال بأن كانا عدلين في الواقع صحّ الطلاق واقعاً وإن اعتقد الزوج أو وكيله أو هما معاً فسقمها، فمن اطّلع على واقع الحال عمل بمقتضاه، وأمّا الشاكّ فيكفيه احتمال إحراز عدالتهما عند المطلِّق، فيبني على صحة الطلاق مالم يثبت عنده الخلاف، ولا يجب عليه الفحص عن حالهما، أي عن عدالتهما.
12 ـ لا يعتبر في صحة الطلاق اطّلاع الزوجة عليه فضلا عن رضاها به.

أحكام المرأة والأسرة 208

في أقسام الطلاق

الطلاق على قسمين:
القسم الأوّل:الطلاق البدعي، وهو: الطلاق غير الجامع للشرائط المتقدّمة: كطلاق الحائض الحائل ـ أي غير الحامل ـ أو النفساء حال حضور الزوج مع إمكان معرفة حالها أو مع غيبته، كذلك.
والطلاق في طهر المواقعة مع عدم كون المطلَّقة يائسة أو صغيرة أو مستبينة الحمل.
والطلاق المعلّق، أي الطلاق يعلّقه على أمر ما لو حصل تكون الزوجة طالقاً.
وطلاق المسترابة ـ وهي المرأة التي لا تحيض وكانت في سنّ من تحيض ـ قبل انتهاء ثلاثة أشهر من انعزالها.
والطلاق بلا إشهاد عدلين.
وطلاق المُكْرَه.
وطلاق الثلاث، أي يقول: طلقتك ثلاثاً، أو يقول: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، وغير ذلك.
والجميع باطل عند الإمامية، إلاّ طلاق الثلاث على تفصيل يأتي فيه، ولكن غيرهم من أصحاب المذاهب الإسلامية يرون صحتها كلاّ أو بعضاً، أي يرون صحة كلّ هذه الأنواع من الطلاق أو بعضها.
1 ـ من أقسام الطلاق البدعي ـ كما مرّ ـ طلاق الثلاث، إمّا مرسلا بأن يقول: (هي طالق ثلاثاً)، وإمّا ولاءً بأن يكرّر صيغة الطلاق ثلاث مرّات كأن يقول: (هي


أحكام المرأة والأسرة 209

طالق، هي طالق، هي طالق) من دون تخلّل رجعة في البين قاصداً تعدّد الطلاق.
وفي النحو الثاني يقع الطلاق واحداً ويلغي الآخران، وأمّا في النحو الأوّل فإن أراد به ماهو ظاهره من إيقاع ثلاث طلقات أي قصد طلاقها ثلاث مرّات واقعاً ـ فالأظهر بطلانه وعدم وقوع طلاق به أصلا، وكذا إذا قصد به إيقاع البينونة ـ أي الانفصال والفرقة ـ الحاصلة بالطلاق ثلاث مرّات ـ أي الموجبة للحرمة حتى تنكح زوجاً غيره، وأمّا إذا أراد إيقاع الطلاق بقوله: (هي طالق) أوّلا ثمّ اعتبره بمثابة ثلاث طلقات بقوله: (ثلاثاً) ثانياً ـ بأن احتوت هذه الكلمة إنشاءً مستقلاّ عن إنشاء الطلاق قبلها بقوله: (هي طالق) ـ فالظاهر وقوع طلاق واحد به.
2 ـ إذا طلّق غير الإمامي زوجته بطلاق صحيح على مذهبه، فاسد حسب مذهبنا جاز للإمامي ـ إقراراً له على مذهبه ـ أن يتزوّج مطلَّقته بعد انقضاء عدّتها إذا كانت ممّن تجب عليها العدّة في مذهبه، كما يجوز للمطلَّقة نفسها إذا كانت من الإماميّة أن تتزوّج من غيره كذلك.
وهكذا إذا طلّق غير الإمامي زوجته ثلاثاً، وهو يرى وقوعه ثلاثاً وحرمتها عليه حتى تنكح زوجاً غيره، اُقِرَّ على مذهبه ـ أي لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره ـ فلو رجع إليها حُكِمَ ببطلان رجوعه، فيجوز للإمامي أن يتزوّج مطلَّقته ـ بعد انقضاء عدّتها إذا كانت ممّن تجب عليها العدّة في مذهبه، كما يجوز لمطلّقته الإماميّة أن تتزوّج من غيره كذلك.
3 ـ إذا طلّق غير الإمامي زوجته بطلاق صحيح على مذهبه فاسد عندنا، ثمّ رجع إلى مذهبنا، يلزمه ترتيب آثار الصحة على طلاقه السابق، وكذا زوجته غير الإماميّة ترتّب عليه آثار الطلاق الصحيح، وإن رجعت إلى مذهبنا، فلو كان الطلاق رجعيّاً على تقدير وجدانه للشرائط المعتبرة عندنا جاز له الرجوع إليها في العدّة، ولا يجوز له ذلك بعدها إلاّ بعقد جديد.

أحكام المرأة والأسرة 210

4 ـ إذا طلّق غير الإمامي زوجته طلاق الثلاث بأحد الأنواع الثلاثة المتقدّمة معتقداً تحقّق البينونة الحاصلة بطلاق الثلاث به ـ أي الموجبة للحرمة المؤقتة حتى تنكح زوجاً غيره ـ ثمّ رجع إلى مذهبنا، فالظاهر أنّه لا يلزمه عندئذ إلاّ ترتيب آثار طلاق واحد صحيح عليه، ولا يلزمه حكم طلاق الثلاث الواجد للشرائط عندنا لكي لا يسعه الرجوع إليها إلاّ بمحلّل.
القسم الثاني:الطلاق السنّي بالمعنى الأعمّ، وهو: الطلاق الجامع للشرائط المتقدّمة، وهو على قسمين: بائن، ورجعي.
والأوّل: ما ليس للزوج الرجوع إلى المطلّقة بعده، سواء أكانت لها عدّة أم لا.
والثاني: مايكون للزوج الرجوع إليها في العدّة، سواء رجع إليها أم لا.
وسواء أكانت العدّة بالأقراء ـ أي تحسب المرأة عدّتها بالقروء ـ وهي ثلاث أطهار، أم بالشهور، أمّ بوضع الحمل.
وهناك قسم ثالث يسمّى بـ (الطلاق العدّي) وهو مركّب من القسمين الأوّلين على ما سيأتي تفصيله.
كما أنّ هناك مصطلحين آخرين للطلاق السنّي غير ما تقدّم:
أحدهما: الطلاق السنّي، في مقابل الطلاق العدّي، ويراد به: أن يطلّق الزوجة ثمّ يراجعها في العدّة من دون جماع.
والثاني: الطلاق السنّي بالمعنى الأخصّ، ويقصد به أن يطلّق الزوجة ولا يراجعها حتى تنقضي عدّتها، ثمّ يتزوّجها من جديد.

أحكام المرأة والأسرة 211

الطلاق البائن

(1) طلاق الصغيرة التي لم تبلغ التسع وإن دخل بها عمداً أو اشتباهاً.
(2) طلاق اليائسة.
(3) الطلاق قبل الدخول، وهذه الثلاث ليس لها عدّة كما سيأتي.
(4) الطلاق الذي سبقه طلاقان إذا وقع منه رجوعان ـ أو ما بحكمها(1) ـ في البين دون ما لو وقعت الثلاث ـ أي الرجوعات الثلاث ـ متوالية كما تقدّم.
(5) طلاق الخلع والمباراة ـ وسيأتي بيان حقيقتها ـ مع عدم رجوع الزوجة فيما بذلت، وإلاّ كانت له الرجعة.
(6) طلاق الحاكم الشرعي زوجة الممتنع عن الطلاق وعن الإنفاق عليها.
هذه أقسام الطلاق البائن، وأمّا غيرها فهو طلاق رجعي يحقّ للمطلّق أن يراجع المطلّقة مادامت في العدة.
1 ـ إذا طلّق زوجته غير المدخول بها ولكنّها كانت حاملا منه بدخول مائه في قبلها بعلاج أو بدونه، كان طلاقها رجعيّاً وتعتّد منه عدّة الحامل.
2 ـ المطلّقة بائناً بمنزلة الأجنبيّة من مطلّقها; لانقطاع العصمة بينهما تماماً بمجرّد الطلاق، فلا يجب عليها إطاعته أثناء العدّة، ولايحرم عليها الخروج من بيتها بغير إذنه، ولا تستحقّ عليه النفقة، نعم إذا كانت حاملا منه استحقّت النفقة عليه حتى تضع حملها.

(1) العقد الجديد بحكم الرجوع في الطلاق.
أحكام المرأة والأسرة 212

الطلاق الرجعي

المطلّقة رجعيّاً زوجة حقيقة أو حكماً ـ أي حكمها حكم الزوجة الحقيقة ـ مادامت في العدّة، فيجب عليها تمكينه من نفسها فيما يستحقّ من الاستمتاعات الزوجيّة، ويجوز بل يستحب لها إظهار زينتها له، ولايجوز لها الخروج من بيته بغير إذنه، وتستحقّ عليه النفقة إذا لم تكن ناشزة ـ أي خارجة عن حدّ الطاعة ـ ويكون كفنها وفطرتها(1) عليه، ولايجوز له النكاح من اُختها أو من الخامسة ـ أي يتزوّج زوجة خامسة ـ قبل انقضاء عدّتها، ويتوارثان إذا مات أحدهما أثناءها ـ أي أثناء العدّة ـ وغير ذلك من الأحكام الثابتة للزوجة أو عليها.
3 ـ لايجوز لمن طلّق زوجته رجعيّاً أن يخرجها من دار سكناها عند الطلاق حتى تنقضي عدّتها، إلاّ أن تأتي بفاحشة مبيّنة وأبرزها الزنا، وكذا لايجوز لها الخروج منها بدون إذنه إلاّ لضرورة أو لأداء واجب مضيّق.
4 ـ قد ظهر ممّا تقدّم أنّه لاتوارث بين الزوجين في الطلاق البائن مطلقاً، وفي الطلاق الرجعي بعد انقضاء العدّة، ولكنّه إذا كان الطلاق في حال مرض الزوج ومات وهو على هذا الحال قبل انقضاء السنة ـ أي اثنا عشر شهراً هلالياً ـ من حين الطلاق ورثت الزوجة منه على تفصيل سيأتي في كتاب الإرث إن شاء الله تعالى.
5 ـ إذا طلّق الرجل زوجته ثلاثاً مع تخلّل رجعتين أو ما بحكمهما(2) حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره، سواء واقعها بعد كلّ رجعة وطلّقها في طهر آخر غير طهر المواقعة ـ أي غير الطهر الذي واقعها فيه أم لم يواقعها، وسواء وقع كلّ طلاق في

(1) أي يجب عليه أن يعطي زكاة فطرتها، لأنّه معيل بها وهي واجبة النفقة عليه.
(2) وهو العقد الجديد كما مرّ.
أحكام المرأة والأسرة 213

طهر أم وقع الجميع في طهر واحد، فلو طلّقها مع الشرائط، ثم راجعها ثمّ طلّقها، ثمّ راجعها ثمّ طلقها في مجلس واحد حرمت عليه، فضلا عما إذا طلّقها ثمّ راجعها ثمّ تركها حتى حاضت وطهرت، ثمّ طلّقها وراجعها، ثمّ تركها حتى حاضت وطهرت ثم طلّقها.
6 ـ العقد الجديد بحكم الرجوع في الطلاق، فلو طلّقها ثلاثاً بينها عقدان مستأنفان حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره، سواء لم تكن لها عدّة ـ كما إذا طلّقها قبل الدخول ثمّ عقد عليها ثمّ طلقها ثمّ عقد عليها ثمّ طلّقها ـ أم كانت ذات عدّة وعقد عليها بعد انقضاء العدّة.
7 ـ الطلقات الثلاث إنّما توجب التحريم إذا لم تتزوّج المطلَّقة في أثنائها من رجل آخر، وإلاّ انهدم حكم الطلاق السابق عليه، وتكون كأنّها غير مطلّقة.فلو طلّق مرّة أو مرّتين فتزوّجت المطلّقة زوجاً آخر ثمّ فارقته فتزوّجها الأوّل لم تحرم عليه إذا طلّقها الثالثة، بل يتوقّف التحريم على ثلاث تطليقات مستأنفة.
8 ـ إذا طلّقها ثلاثاً وانقضت مدّة فادّعت أنّها تزوّجت، وفارقها الزوج الثاني ومضت العدّة، فإن لم تكن متّهمة في دعواها صُدّقت ـ أي يؤخذ بكلامها إن اطمئن من صدقها ـ فيجوز للزوج الأوّل أن ينكحها بعقد جديد من غير فحص وتفتيش، وإن كانت متّهمة فيما تدّعي فالأحوط لزوماً عدم العقد عليها قبل الفحص عن حالها.
9 ـ إذا دخل المحلّل ـ وهو المقصود في قوله تعالى « فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ »(1) ـ فادّعت الدخول ولم يكذّبها صُدّقت وحَلّت للزوج الأوّل، وإن كذّبها فيحتمل قبول قولها أيضاً، ولكن الأحوط الاقتصار على صورة حصول الأطمئنان بصدقها.

(1) البقرة 2:230.
أحكام المرأة والأسرة 214

ولو ادّعت الإصابة(1) ثمّ رجعت عن قولها، فإن كان قبل أن يعقد الأوّل عليها لم تحل له، وإن كان بعد العقد عليها لم يقبل رجوعها.
10 ـ لا فرق في الوطء المعتبر في المحلِّل(2) بين المحرَّم والمحلَّل ـ أي بين الوطء المحلّل أو المحرّم ـ فلو وطئها محرَّماً، كالوطء في حال الإحرام، أو في الصوم الواجب، أو في الحيض ونحو ذلك كفى في حصول التحليل للزوج الأوّل.
17 ـ لو شكّ الزوج في إيقاع أصل الطلاق على زوجته لم يلزمه الطلاق، بل يحكم ظاهراً ببقاء علقة النكاح، ولو علم بأصل الطلاق وشكّ في عدده بنى على الأقلّ، سواء أكان الطرف الأكثر الثلاث أم التسع ـ أي شكّ بين التسع ومادونها أو الثلاث وما أقلّ منها ـ أم غيرهما، فلا يحكم مع الشكّ بالحرمة غير المؤبّدة في الأوّل ـ أي حالة الشكّ بين الثلاث وما دونها ـ ولا بالحرمة الأبديّة في الثاني أي حالة الشكّ بين التسع ودونها ـ ولوشكّ بين الثلاث والتسع فالأظهر البناء على الأوّل فتحلّ له بالمحلِّل.
18 ـ إذا ادّعت الزوجة أنّ زوجها طلّقها وأنكر هو كان القول قوله بيمنه، وإن انعكس الأمر بأن ادّعى الزوج أنّه طلّقها وأنكرت فالأظهر أنّ القول قولها بيمينها، ولو كان نزاعهما في زمان وقوع الطلاق بعد ثبوته، أو اتفاقهما عليه بأن ادّعى أنّه طلّقها قبل سنة مثلا حتى لا تستحقّ عليه النفقة وغيرها من حقوق الزوجيّة في تلك المدّة، وادّعت هي تأخّره، فالظاهر أنّه لا إشكال في تقديم قولها بيمينها.

(1) أي إصابة قولها للواقع، وصدّق مدّعاها.
(2) الوط المحلِّل هو الذي تحل به المرأة لزوجها السابق الذي طلّقها.
أحكام المرأة والأسرة 215

ثمّ إنّ تقديم قول الزوج أو الزوجة مع اليمين في هذه الموارد منوط بعد كونه مخالفاً للظاهر، وإلاّ قدّم قول خصمه بيمينه إذا لم يكن كذلك كما مرّ في نظائرها.


في أحكام الرجعة

تتحقّق الرجعة بأحد أمرين:
الأوّل:أن يتكلّم بكلام دالّ على إنشاء الرجوع كقوله: (راجعتُكِ أو رجعتُكِ أو ارتجَعتُكِ إلى نكاحي) ونحو ذلك، ولايعتبر فيه العربية، بل تقع بكلّ لغة إذا كان بلفظ يفيد المعنى المقصود في تلك اللغة.
الثاني:أن يأتي بفعل يقصد به الرجوع إليها، فلا تتحقّق بالفعل الخالي عن قصد الرجوع حتى مثل النظر بشهوة على الأظهر، نعم في تحقّقه باللمس والتقبيل بشهوة من دون قصد الرجوع إشكال، وأمّا الوطء فالظاهر تحقّق الرجوع به مطلقاً وإن لم يقصد به ذلك، بل يحتمل قوياً تحقّق الرجوع به وإن قصد العدم.
نعم، لا عبرة بفعل الغافل والساهي والنائم ونحوهم ممّن لم يقصد الفعل، كما لاعبرة بالفعل المقصود به غير المطلّقة، كما لو واقعها باعتقاد أنّها غيرها.
1 ـ لا يعتبر الإشهاد ـ أي الإتيان بالشهود ـ في الرجعة، فتصحّ بدونه وإن كان الإشهاد أفضل; حذراً عن وقوع التخاصم والنزاع، وكذا لايعتبر فيها اطّلاع الزوجة عليها ـ أي على الرجعة ـ فلو راجعها عند نفسه من دون اطلاع أحد صحت الرجعة.
2 ـ يصح التوكيل في الرجعة، فإذا قال الوكيل: (أرجعتُكِ إلى نكاح موكّلي) أو (رَجَعتُ بك) قاصداً ذلك صحّ.
3 ـ لو أنكر الزوج أصل الطلاق وهي في العدّة كان ذلك رجوعاً وإن علم كذبه.
4 ـ يثبت الرجوع بمجرّد ادّعاء الزوج وإخباره به إذا كان في أثناء العدّة، ولو

أحكام المرأة والأسرة 216

ادّعاه بعد انقضائها ولم تصدّقة الزوجة لم تقبل دعواه إلاّ بالبيّنة، غاية الأمر أنّ له استحلافها ـ أي يطلب منها أن تحلف ـ على نفي الرجوع في العدّة لوأنكرته، ولو قالت: لا أدري، فله أن يستحلفها على نفي العلم، أي يطالبها بأن تخلف على أنّها لا تعلم بالرجعة.
5 ـ تثبت دعوى الرجوع بعد انقضاء العدّة بشهادة رجلين عادلين، والأقرب ثبوتها بشهادة رجل عادل وامرأتين عادلتين، ولا تثبت بشهادة رجل عادل ويمين الزوج على الأظهر.
6 ـ إذا رجع الزوج فادّعت الزوجة انقضاء عدّتها وأنكر كان القول قولها بيمينها مالم تكن متّهمة ـ أي مالم يشكّ بصدقها في دعواها ـ كما إذا ادّعت أنّها حاضت في شهر واحد ثلاث مرّات فانقضت عدّتها ـ فإنّه لايقبل قولها حينئذ إلاّ بالبيّنة.
7 ـ إذا اتفقا على الرجوع وانقضاء العدّة واختلفا في المتقدّم منهما، فادّعى الزوج أنّ المتقدّم هو الرجوع، وادّعت هي أنّ المتقدّم انقضاء العدّة، فالأقرب أنّ القول قول الزوجة بيمينها مالم تكن متّهمة، سواء أكان تاريخ انقضاء العدّة معلوماً وتاريخ الرجوع مجهولا، أم كان الأمر بالعكس، أم كانا مجهولي التاريخ.
8 ـ إذا طلّق وراجع فأنكرت الدخول بها قبل الطلاق; لئلا تكون عليها عدّة ولاتكون له الرجعة، وادّعى هو الدخول، كان القول قولها مع يمينها إلاّ إذا كان مخالفاً للظاهر، كما إذا عاشا معاشرة من دون وجود مانع شرعي أو غيره لأيّ منهما عن الدخول.
9 ـ الظاهر أنّ جواز الرجوع في الطلاق الرجعي حكم شرعي غير قابل للإسقاط، وليس حقّاً قابلا للإسقاط كالخيار في البيع الخياري، فلو قال الزوج:

أحكام المرأة والأسرة 217

(أسقطت ما كان لي من حقّ الرجوع) لم يسقط وكان له الرجوع بعد ذلك، وكذلك إذا صالح عنه بعوض أو غير عوض.



أحكام المرأة والأسرة 218

العُدد

عدّة الطلاق

1 ـ الصغيرة التي لم تكمل تسع سنوات، فإنّه لاعدّة عليها وإن دخل بها زوجها اشتباهاً أو على وجه محرّم.
2 ـ اليائسة، لا تجب عليها العدّة وإن كانت مدخولا بها، ويتحقّق اليأس بعد انقطاع دم الحيض وعدم رجاء عوده لكبر سنّ المرأة ببلوغها خمسين سنة قمريّة، سواء في ذلك القرشيّة(1) وغيرها على الأظهر.
3 ـ إذا طُلّقت ذات الإقراء ـ أي التي تكون عدّتها بالقروء ـ قبل بلوغ سنّ اليأس ورأت الدم مرّة أو مرّتين ثمّ يئست أكملت العدّة بشهر أو شهرين، وكذلك ذات الشهور إذا اعتدّت شهراً أو شهرين ثمّ يئست أتمّت ثلاثة.
4 ـ إذا ادّعت المرأة أنّها بلغت سنّ اليأس لم يقبل قولها إلاّ بالبيّنة على الأظهر.
5 ـ المطلّقة التي تجب عليها العدّة على أقسام:
القسم الأوّل:المطلّقة غير الحامل التي يكون الطهر الفاصل بين حيضتين منها أقلّ من ثلاثة أشهر، وعدّتها ثلاثة قروء، سواء أكانت مستقيمة الحيض بأن كانت تحيض في كلّ شهر مرّة كما هو المتعارف في أغلب النساء، أم كانت تحيض في كلّ شهر أزيد من مرّة، أو كانت تحيض في كلّ شهرين مرّة، وسواء أكانت معتادة

(1) ـ القرشية: هي التي تنتسب إلى قريش من طرف الأب، والتي تسمّى في عرفنا بالعلوية.
أحكام المرأة والأسرة 219

بأقسامها ـ أي سواء كانت وقتية، أم عدديّة، أم وقتية وعدديّة، مضطربة ـ أم لا.
6 ـ المراد بالقروء الأطهار، ويكفي في الطهر الأوّل مسمّاه ولوكان قليلا، فلو طلّقها فحاضت بحيث لم يتخلّل زمان طهر بين إجراء صيغة الطلاق والحيض، لم يحسب ذلك الطهر الذي وقع فيه الطلاق من الأطهار الثلاثة، واحتاجت في انتهاء عدّتها إلى أطهار ثلاثة اُخرى، فتنتهي عدّتها برؤية الحيضة الرابعة، ولو تخلّل زمان طهر بين الطلاق والحيض ولوكان لحظة احتسب ذلك الطهر اليسير من الأطهار الثلاثة وانتهت عدّتها برؤية الحيضة الثالثة، والظاهر أنّه لافرق بين الحيض الطبيعي وماكان بعلاج، وكذا الحال في الطهر.
7 ـ بناءً على ما تقدّم من كفاية مسمّى الطهر في الطهر الأوّل ولو لحظة، وإمكان أن تحيض المرأة في شهر واحد أزيد من مرّة، فأقلّ زمان يتمكّن أن تنقضي به العدّة ستّة وعشرون يوماً ولحظتان، بان كان طهرها الأوّل لحظة ثمّ تحيض ثلاثة أيام، ثمّ ترى أقلّ الطهر عشرة أيام، ثمّ تحيض ثلاثة أيام، ثمّ تحيض، فبمجرّد رؤية الدم الأخير لحظة من أوّله تنقضي العدّة، وهذه اللحظة الأخيرة خارجة عن العدّة، وإنّما يتوقّف عليها تماميّة الطهر الثالث.
القسم الثاني:المطلّقة غير الحامل التي يكون الطهر الفاصل بين حيضتين منها ثلاثة أشهر أو أزيد، وعدّتها ثلاثة أشهر.
القسم الثالث:المطلّقة غير الحامل التي تكون مسترابة، وهي من لا تحيض مع كونها في سنّ من تحيض، إمّا لكونها صغيرة السنّ لم تبلغ الحدّ الذي ترى الحيض فيه غالب النساء، وإمّا لانقطاع حيضتها لمرض أو رضاع أو استعمال دواء ونحو ذلك، وعدّتها ثلاثة أشهر أيضاً.

أحكام المرأة والأسرة 220

8 ـ المدار في الشهور على الشهر الهلالي ـ أي الهجري القمري ـ فإذا طلّقها في أوّل الشهر اعتدّت إلى ثلاثة أشهر هلاليّة، وإذا طلّقها في أثناء الشهر اعتدّت بقيّة شهرها وشهرين هلاليّين آخرين، ومقداراً من الشهر الرابع تكمل به نقص الشهر الأوّل ثلاثين يوماً على الأحوط وجوباً، فمن طلّقت في غروب يوم العشرين من شهر رجب مثلا، وكان الشهر تسعة وعشرين يوماً، وجب عليها أن تكمل نقص شهر رجب بالاعتداد إلى غروب اليوم الحادي والعشرين من شوال ليكتمل بضمّ ما اعتدّت به من شوال إلى أيّام العدّة من رجب ثلاثين يوماً.
9 ـ قد عُلم ممّا تقدم أنّ المرأة إذا كانت تحيض بعد كلّ ثلاثة أشهر مرّة، فطلّقها زوجها في أوّل الطهر ومرّت عليها ثلاثة أشهر بيض، فقد خرجت من العدّة وكانت عدّتها الشهور لا الأطهار، وأنّه إذا كانت تحيض في كلّ ثلاثة أشهر مرّة بحيث لا تمرّ عليها ثلاثة أشهر بيض لاحيض فيها فهذه عدّتها الأطهار لا الشهور، وأمّا إذا اختلف حالها فكانت تحيض في الحَرّ مثلا في أقلّ من ثلاثة أشهر مرّة وفي البرد تحيض بعد كلّ ثلاثة أشهر مرّة اعتدّت بالسابق من الشهور والأطهار. فإن سبق لها ثلاثة أشهر بيض كانت عدّتها ـ أي كانت عدّتها بالشهور ـ وإن سبق لها ثلاثة أطهار كانت عدّتها أيضاً، أي كانت عدّتها بالأطهار.
نعم إذا كانت مستقيمة الحيض، فطلَّقها زوجها ورأت الدم مرّة، ثمّ ارتفع على خلاف عادتها وجهل سببه وأنّه حَمْل أو سبب آخر، فالمشهور أنّها تنتظر تسعة أشهر من يوم طلاقها، فإن لم تضع اعتدّت بعد ذلك بثلاثة أشهر وخرجت بذلك عن العدّة، ولكنّ هذا لايخلو عن إشكال وإن كان هو الأحوط(1).

(1) الاحتياط هنا وجوبي.
أحكام المرأة والأسرة 221

القسم الرابع:المطلّقة الحامل، وعدّتها مدّة حملها وإن كان حملها بإراقة ماء زوجها في فرجها من دون دخول، وتنقضي عدّتها بأن تضع حملها ولو بعد الطلاق بساعة.
10 ـ الحمل الذي يكون وضعه منتهى عدّة الحامل، شامل لما كان سقطاً تامّاً وغير تامّ حتى لوكان مضغة أو علقة.
11 ـ إذا كانت المطلّقة حاملا باثنين أو أزيد لم تخرج من العدّة بوضع أحدهما، بل لا بدّ من وضع الجميع.
12 ـ لا بدّ من العلم بوضع الحمل أو الاطمئنان به، فلا يكفي الظنّ ـ وهو ماكان بدرجة 80% به فضلا عن الشكّ، نعم يكفي قيام الحجّة ـ أي الدليل ـ على ذلك كالبيّنة ـ أي شهادة عدلين ـ وإن لم تفد الظنّ.
13 ـ إنّما تنقضي العدّة بالوضع إذا كان الحمل ملحقاً بمن له العدّة ـ فلا عبرة بوضع من لم يلحق به في انقضاء عدّته، فلوكانت حاملا من الزنا قبل الطلاق ـ أي الطلاق الذي انفصلت به عن زوجها الشرعي لا الزاني بها ـ أو بعده لم تخرج من العدّة بالوضع، بل يكون انقضاؤها بالإقراء والشهور كغير الحامل، فوضع هذا الحمل لا أثر له أصلا لا بالنسبة إلى الزاني لأنّه لا عدّة له ـ كما سيأتي ـ ولا بالنسبة إلى المطلِّق لأن الولد ليس له.
نعم، إذا حملت من وطء الشبهة قبل الطلاق أو بعده بحيث يلحق الولد بالواطيء لا بالزوج، فوضعه موجب لانقضاء العدّة بالنسبة إلى الواطىء، لا بالنسبة إلى الزوج المطلِّق.
14 ـ لو وُطئت شبهةً ـ أي وطأها غير الزوج اشتباهاً ـ فحملت واُلحق الولد

أحكام المرأة والأسرة 222

بالواطىء ـ لبُعد الزوج عنها، أو لغير ذلك ـ ثمّ طلّقها الزوج، أو طلّقها ثمّ وطئت شبهة على نحو اُلحق الولد بالواطيء، فعليها الاعتداد منهما جميعاً، فتعتدّ أوّلا لوطء الشبهة وتنقضي بالوضع ـ أي وضع الحمل ـ وتعتدّ بعده للطلاق ويكون مبدؤها بعد انقضاء نفاسها.
15 ـ إذا ادّعت المطلَّقة الحامل أنها وضعت فانقضت عدّتها وأنكر الزوج، أو انعكس فادّعى الوضع وأنكرت هي، أو ادّعت الحمل وأنكر، أو ادّعت الحمل والوضع معاً وأنكرهما، يقدّم قولها بيمينها في جميع ذلك من حيث بقاء العدّة وانقضائها، لامن حيث سائر آثار الحمل، ويشترط في تقديم قولها أن لاتكون متّهمة في دعواها، وإلاّ لم تقبل إلاّ بالبيّنة.
16 ـ إذا اتفق الزوجان على إيقاع الطلاق ووضع الحمل، واختلفا في المتقدّم والمتأخّر منهما، فقال الزوج مثلا: (وضعتِ بعد الطلاق فانقضت عدتك)، وقالت الزوجة: (وضعتُ قبل الطلاق فأنا بعدُ في العدّة)، أو انعكس فقال الزوج: (وضعتِ قبل الطلاق فأنت بعدُ في العدّة) وأراد الرجوع إليها، وادّعت الزوجة خلافة، فالظاهر أنّه يقدّم قولها بيمينها في بقاء العدّة وانقضائها مالم تكن متّهمة، بلا فرق في ذلك بين مالم يتفقا على زمان أحدهما وما اتفقا عليه.
17 ـ مبدأ عدّة الطلاق من حين وقوعه، حاضراً كان الزوج أو غائباً، بلغ الزوجة الخبر أم لا، فلو طلّقها غائباً ولم يبلغها إلاّ بعد مضيّ مدّة بمقدار العدّة، فقد انقضت عدّتها وليس عليها عدّة بعد بلوغ الخبر إليها.
18 ـ لو علمت بالطلاق ولم تعلم وقت وقوعه حتى تحسب العدّة من ذلك الوقت، اعتدّت من الوقت الذي تعلم بعدم تأخّره عنه، والأحوط أن تعتّد من حين

أحكام المرأة والأسرة 223

بلوغ الخبر إليها، بل هذا الاحتياط لايترك(1).
19 ـ تقدّم آنفاً أنّ المطلّقة غير المدخول بها لا تثبت عليها العدّة، فإذا طلّق الرجل زوجته رجعيّاً بعد الدخول ثمّ رجع، ثمّ طلّقها قبل الدخول، فربّما يقال: إنّه لا عدّة عليها; لأنّه طلاق قبل الدخول، ولكنّه غير صحيح بل يجب عليها العدّة من حين الطلاق الثاني، ولا فرق في ذلك بين كون الطلاق الثاني رجعيّاً أو بائناً.
ولو طلّقها بائناً بعد الدخول، ثمّ جدّد نكاحها في أثناء العدّة، ثمّ طلّقها قبل الدخول، ففي جريان حكم الطلاق قبل الدخول عليه ـ في عدم ثبوت العدّة; لأنّ الطلاق قبل الدخول لا عدّة فيه ـ وعدمه وجهان، أقواهما الثاني ـ أي لا تجب العدّة ـ ولكنّه لايجب عليها استئناف(2) العدّة، بل اللازم إكمال عدّتها من الطلاق الأوّل.
20 ـ لو اختلفا في انقضاء العدّة وعدمه قُدّم قولها بيمينها، سواء ادّعت الانقضاء أو عدمه ـ أي انقضاء العدّة وعدم انقضائها ـ وسواء أكانت عدّتها بالإقراء أو بالشهور، نعم إذا كانت متّهمة(3) ـ كما لو ادّعت أنّها حاضت في شهر واحد ثلاث مرّات فانقضت عدّتها ـ لم يقبل قولها إلاّ بالبيّنة.


عدّة الفسخ والانفساخ

1 ـ إذا فسخ الزوج أو الزوجة عقد النكاح لعيب أو نحوه، أو انفسخ العقد

(1) الاحتياط هنا وجوبي.
(2) أي لا يجب عليها إعادة العدّة مرة اُخرى من بدء.
(3) أي يُشك في صدق ادّعائها.

السابق السابق الفهرس التالي التالي